مشاهدة النسخة كاملة : شرح حديث: (أنا فرطكم على الحوض)


zoro1
11-11-2024, 10:33 AM
شرح حديث: (أنا فرطكم على الحوض)

فواز بن علي بن عباس السليماني

شرح حديث: "أنا فرطكم على الحوض"



قال المصَنِّفُ: ولهما[1] عن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، ولَيُرْفَعَنَّ إِلَيَّ رِجَالٌ مِنْ أُمَّتِي حَتَّى إِذَا أَهْوَيْتُ لِأُنَاوِلَهُمْ؛ اخْتُلِجُوا دُونِي، فَأَقُولُ: أَيْ رَبِّ[2] أَصْحَابِي، فيُقَالُ: إِنَّكَ لا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ».



تعريف الفَرَط:
قال العيني في "عمدة القاري" (24/ 176): الفرط ـ بفتح الفاء والراء وبالطاء المهملة ـ «أنا فرطكم» أي: أنا أتقدمكم.



والفرط: من يتقدم الواردين، فيهيئ لهم الإرشاء والدلاء، وعدد الحياض ويسقي لهم، وهو على وزن فعل بمعنى فاعل، كبيع بمعنى بائع؛ اهـ.



وقال في (23 / 137): الفرط الذي يتقدم الواردين؛ ليصلح لهم الحياض والدلاء ونحوها، يقال: فرطت القوم إذا تقدمتهم؛ لترداد لهم الماء وتهيئ لهم.



وفيه: بشارة لهذه الأمة، فهنيئا لمن كان رسول الله ق فرطه.



بعض ما يتعلق بالحوض:

قد سبق بعض الكلام في المطلب الرابع من (باب الكلام على البعث)، وقال العيني في "عمدة القاري" (23/ 137): الحوض مورد عظيم أعطاه الله لنبينا محمد ق في المحشر يرده هو وأمته، جاء وصفه في النصوص أنه أشد بياضًا من اللبن، وأبرد من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب ريحًا من المسك، وهو في غاية الاتساع، عرضه وطوله سواء، كل زاوية من زواياه مسيرة شهر، يمد ماؤه من الجنة، فيه ميزابان يمدانه من الجنة، أحدهما من ذهب والآخر من فضة، وآنيته كعدد نجوم السماء.



وقد دل على ثبوت الحوض، وأنه حق: كثير من الأحاديث الصحيحة، ذكر بعض المحققين أنها تبلغ حد التواتر، ورواها عن النبي ق بضعة وثلاثون صحابيًّا.



منها حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن قدر حوضي، كما بين أيلة إلى صنعاء من اليمن، وإن فيه من الأباريق كعدد نجوم السماء»، رواه البخاري (6580) ومسلم (2303).



وعن عبدالله بن عمرو مرفوعًا: «حوضي مسيرة شهر، وزواياه سواء ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء، من يشرب منها فلا يظمأ أبدًا»، رواه البخاري برقم (6579)، ومسلم (2292).



والحوض يكون في أرض المحشر، ويمد ماؤه من الكوثر، وهو نهر آخر أعطاه الله لنبينا صلى الله عليه وسلم في الجنة قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾ [الكوثر:1].



وأيهما قبل الميزان أم الحوض قيل: الميزان قبل، وقيل: الحوض، والصحيح: أن الحوض قبل؛ اهـ.



قوله: («وليرفعن إلي رجال من أمتي»)، قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (11/ 469): قوله: «وليُرفَعَن» ـ بضم أوله وفتح الفاء والعين ـ أي: يظهرهم الله لي حتى أراهم.



وروى أحمد (11345) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يزعمون أن قرابتي ورحمي لا تنفع، والله إن رحمي لموصولة في الدنيا والآخرة ـ ثم قال ـ: أيها الناس أنا فرطكم على الحوض يوم القيامة، وليرفعن لي قوم ممن صحبني، وليمرن بهم ذات اليسار، فينادي الرجل يا محمد: أنا فلان بن فلان، ويقول آخر: يا محمد: أنا فلان ابن فلان، فأقول: أما النسب فقد عرفته، ولكنكم أحدثتم بعدي وارتددتم على أعقابكم القهقرى»، قيل لشريك: يا أبا عبدالله، علام حملتم هذا الحديث؟ قال: على أهل الردة؛ اهـ.



قوله: (أهويت لأناولهم): قال العيني في "عمدة القاري" (24/ 176)؛ أي: مِلْتُ وامتددت؛ اهـ.



قوله: («اختلجوا دوني»): قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (11/ 469): قوله: «ثم لَيُختَلجُ» ـ بفتح اللام وضم التحتانية، وسكون الخاء المعجمة وفتح المثناة واللام وضم الجيم بعدها نون ثقيلة ـ أي: ينزعون أو يجذبون مني يقال: اختلجه منه: إذا نزعه منه أو جذبه بغير إرادته؛ اهـ.



قوله: (أصحابي): قال العلامة عبدالكريم الخضير - وفَّقه الله في شرحه لهذا الحديث من البخاري -: لأنه يعرفهم إما بأعيانهم أو بأوصافهم.



ولا يمنع أن يكون من هؤلاء من هو مسلم يختلج ويقتطع لما أحدث في الدين، ويدخل النار، ثم بعد ذلك إذا هذب ونقي بقدر ما اقترفه من جرائم يدخل الجنة؛ اهـ.



قوله: («ما أحدثوا بعدك»): قال العيني: في "عمدة القاري" (24/ 176) قوله: «ما أحدثوا»؛ أي: من الأمور التي لا يرضى الله بها، وجميع أهل البدع والظلم والجور داخلون في معنى هذا الحديث؛ اهـ.



وقال العلامة ابن باز في تعليقاته: وفي اللفظ الآخر: «إنهم لم يزالوا مرتدين على أدبارهم منذ فارقتهم»، ولهذا يُمْنَعُون من الحوض؛ لأنهم ارتدوا، والذين ارتدوا في عهد أبي بكر هؤلاء يمنعون من الحوض، أما من مات على إيمانه، فإنه يرد على الحوض؛ اهـ.



سُئل العلامة ابن باز عن معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: (أي رب أصحابي).



فأجاب بقوله:أصحابه الذين معه، ثم قال: ارتد ناسٌ بعدما دخلوا في الإسلام في عهده صلى الله عليه وسلم، وارتد ناس في عهد الصديق وقاتلهم الصديق والصحابة؛ اهـ بتصرف يسير.



وسئل عن الفاسق: هل يرد على الحوض؟

فأجاب قائلًا:ظاهر الحديث يعمُّه؛ لأنه ليس بمرتدٍّ، لكن عليه خطر، جاء في بعض الروايات بالوعيد، فينبغي الحذر.



الوعيد إنما هو في المرتدين أنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، أما العاصي فليس بمرتد، هو ناقص الإيمان ضعيف الإيمان، فيُخشى عليه، فينبغي له الحذر؛ اهـ.



وسئل عن أهل البدع: هل هم ممن يُذَادُون عن الحوض؟

فأجاب قائلًا: أهل البدع فيهم تفصيل، فيهم كافر وفيهم مسلم، أما المبتدع الكافر فلا يَرِد الحوض، نسأل الله العافية؛ اهـ.



وسئل عن الرافضة: هل هم من الاثنين والسبعين فرقة؟

فأجاب قائلًا: هم داخلون فيهم، لكن فيهم الكافر وفيهم المسلم، فالرافضة عُبَّاد غير الله كَفَرَة، والرافضة الذين يفضلون عليًّا على عثمان أو على الصديق، فهؤلاء ليسوا بكفار، لكنهم مبتدعون، أما من دعا عليًّا أو أهل البيت وغلا فيهم، فإنه يكون كافرًا، أو قال: إن النبوة لعلي لكن خان جبرائيل، هذا كافر مرتد نسأل الله العافية.



والثنتان والسبعون فرقة فيهم الكافر وفيهم العاصي، وفيهم المبتدع الضال والمبتدع الذي ليس بكافر، لكنهم كلهم يجتمعون في إجابة النبي صلى الله عليه وسلم، فهم من أمة الإجابة.



أما أمة الدعوة فكثيرون، اليهود والنصارى من أمة الدعوة لا قيمة لهم، فهم من أهل النار، لكن هذه الثلاث والسبعون الذين استجابوا الذين زعموا أنهم من أتباع النبي صلى الله عليه وسلم زعموا أنهم أجابوا دعوته.



الناجي منهم السالم: الفرقة الناجية الذين تابعوا النبي صلى الله عليه وسلم وساروا على نهجه، وأما الثنتان والسبعون، ففيهم الضال وفيهم الكافر وفيهم العاصي، وفيهم المبتدع الضال، على درجات متوعدون بالنار كلهم، نسأل الله العافية؛ اهـ.



وسئل: هل يفرَّق بين العالم والجاهل؟

فأجاب بقوله: تختلف الأمور، بعض الأمور يُعذَرُ فيها الجاهلُ، وبعض الأمور لا يُعذَرُ فيها الجاهل؛ اهـ.



وسئل عن الرافضة في العذر بالجهل؟

فأجاب: من دعا غير الله واستغاث بغير الله كافر مطلقًا؛ لأنهم بين المسلمين وقد بلغهم القرآن وبلغتهم السنة، الله جعل القرآن نذارة وبلاغ: ﴿ هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ ﴾ [إبراهيم: 52]، ﴿ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ﴾ [الأنعام: 19].



فمن كفر مع وجوده بين المسلمين واستغاث بغير الله، أو عبد البدوي أو غيره، سواء من الرافضة له حكم الكفر، نسأل الله العافية؛ اهـ.



وسئل عن بعض الناس الذين يقولون: إن أتباع الإباضية وأتباع الزيدية أفضل من كثير ممن ينتسبون للمذاهب الأربعة؟

فأجاب قائلًا: ما هو العبرة بالمذاهب الأربعة العبرة بالعقيدة، بقال الله قال رسوله، المذاهب الأربعة في أتباعها الضال وفي أتباعها المسلم، لكن المهم التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والسير على منهج الصحابة، واتباع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في عبادة الله وحده، والاستقامة على دينه وترك البدع، هؤلاء هم أهل السنة والجماعة؛ اهـ.


[1] أي: وللبخاري برقم (6576)، ومسلم (5978).

[2] في "الصحيحين" بلفظ: «يا رب»، ولعل المؤلف ساق من حفظه، والله أعلم.



الألوكة
................

۩◄عبد العزيز شلبى►۩
11-11-2024, 12:43 PM
<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>

<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>

اسلا م محمد
11-11-2024, 09:17 PM
تسلم ايدك مهندسنـــــا الغالي
الله ينور عليـــــك

Adsense Management by Losha