فريق منتدى الدي في دي العربي
05-05-2016, 07:05 AM
أشعر بالموت في كل لحظة، وتوقفتْ حياتي، فماذا أفعل؟
د. ياسر بكار
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أستحلفكم بالله أن تردوا على استشارتي في أقرب وقت.
أنا شاب أبلغ من العمر 25 عامًا، توفِّي والدي وأنا رضيع، لا يوجد لي سوى والدتي، وليس لدي إخوة.
منذ سنوات توفِّيتْ جدتي - رحمها الله - ومنذ وفاتها وأنا في حالة يرثى لها، أصبحتُ أخاف الموت، وأخاف أن تموت أمي، إذا قابلتُ صديقًا لم أره من مدة وصافحني، أقول: إنه يودعني لأنني سأموت! إذا ذهبتُ للنوم أقول: إني سأموت، إذا وجدتُ مشهدًا في التلفاز يدور حول الموت، أقول: إنها علامة لموتي... وهكذا!
كنتُ أحيانًا أحدِّد لنفسي مواعيد وأيامًا وساعات لموتي!
يُقال: إنَّ الإنسان يعلم ميعاد موته قبل موته بأربعين يومًا، أو يشعر بموته، وإنَّ هناك شجرة عند الله عندما يسقط منها اسم الإنسان، يبدأ الشعور بالموت قبل الموت بأربعين يومًا، فأصبح كلُّ أربعين يومًا يمرون عليَّ أظن أني سأموت!
كلما سمعتُ صوت غراب أقول: إنه يُعلن عنْ وفاتي!
أصبحتُ أخاف أن أصلِّي، أخاف أن أدخل مسجدًا؛ حتى لا أموت، فقدتُ كلَّ طموحاتي وأهدافي بسبب ذلك الشعور والإحساس.
ذهبتُ للعلاج لدى طبيبٍ نفسيٍّ، فأخبرني أنَّ ذلك عبارة عن هواجس ووساوس، وقلق عصابي مَصحوب بهواجس اضطراريَّة، وأعطاني مجموعةً من العقاقير والأدوية؛ مثل: زانكس- سيبرالكس - دوجماتيل - بوسبار... وغيرها.
بعدها بفترة كان الإحساسُ يأتي، ولكن يأتي متقطعًا، وعلى فترات متباعدة.
الآن أريد أن أتزوج، وتراودني أفكار أنني سأتزوج ثم أنجب ثم أموت، فلمَن أترك أولادي وأمي وزوجتي؟! وبسبب ذلك الشعور لم يكتمل الزواج!
من عدة أيام توفِّي جار لنا، سنُّهُ صغير في مُقتبل الشباب، في حادث دراجة (موتوسكل)؛ فعاد الإحساسُ أكثر من الأول، وللعلم أنا أوقفتُ الدواء منذ مدة كبيرة بدون إذن الطبيب.
أنا مُقبل على تجربة زواج جديدة، ولا أعرف حلًّا لما أعانيه!
أرجوكم ساعدوني، في انتظار ردكم على أحرِّ من الجمر، وشكرًا جزيلًا لكم.
الجواب
الأخ الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مرحبًا بك في شبكة الألوكة، وأهلًا وسهلًا.
قرأتُ رسالتك، وأشعر بالمشاعر المؤلمة التي تعيشها، أسأل الله أن يفرجَ عنك، وأن يكتب لكَ الشفاء العاجل.
ما تصفه مِن أعراضٍ هو وصف دقيق لمرضٍ نفسي مشهور، هو: اضطراب القلق المعمم، في هذا المرض يُسيطر على الإنسان التوجُّس والخوف من المستقبل، أو الخوف من الموت؛ مما يعطِّل عليه حياته، ويشل تسييره لشؤونها.
من المعلوم أن الخوف من الموت هو غريزة طبيعيَّة تدفع الإنسان إلى الحذر والعمل والالتزام وحسن الأخلاق، لكن عندما يتحوَّل هذا الخوفُ إلى عائقٍ يشل حياة الإنسان، ويعطل مسيرتها، يصبح مرضًا يحتاج إلى علاج!
أعتقد أنكَ قمتَ بخطوةٍ مهمة بالذهاب إلى الطبيبِ النفسي، ويجب أن أقتطع من كلامك حيثُ قلتَ: إنه مع العلاج الدوائي كانتْ تأتي مثل هذه الأعراض بشكل متباعد ومتقطع، وهذا إنجازٌ، وهذا دليل على فاعلية الدواء الذي كنتَ تأخذه.
لا أدري ما سبب توقفك على الدواء، هل بسبب أعراض جانبية، أم أسباب مادية؟! لكن أفضل ما تقوم به هو العودة إلى العلاج؛ مثل (السيبرليكس) مع (الدجماتيل)، وستجد خلال شهر من تناول العلاج أن الأمور بدأتْ تعود إلى الوضع الطبيعي - بمشيئة الله، ومراجعة الطبيب أفضل لتحديد أي تغيير في الخطة إن لزم الأمر.
قد يكون من المفيد أيضًا أن نتحدث عن طرق العلاج النفسي لمثل هذه الأعراض، نحن نعلم أن المشاعر السلبيَّة لا تأتي بسبب الأحداث التي تمر بها أو مرت بكَ، بل المشاعر السلبية تأتي بسبب أسلوب التفكير؛ أي: نظام التفكير لديك، فعندما ينشغل الإنسانُ بالأفكار السلبية المثيرة للقلق؛ (التوجس من المستقبل - توقع الأسوأ - تضخيم النتائج المتوقعة) - ستؤدي بشكلٍ طبيعي إلى الخوف، ومن ثَمَّ إلى أعراض نفسية مؤلمة.
القاعدة هنا: ليست الأحداث هي التي تسبب المشاعر، بل طريقة رؤيتنا للأحداث، طريقة تعامُلنا مع هذه الأحداث هي التي تسبِّب المشاعر؛ ولهذا أود دائمًا أن تركِّز في حديثك مع نفسك وطريقة تفكيرك وطريقة رؤية هذا الحدث، فعندما طرأ أمر لجارك لاحِظ كيف بدأتَ تحدث نفسك، وتطوِّر التفكير والاستنتاجات التي وصلتَ إليها، في نفس الوقت يقوم الماهر في التعامل مع المشاعر بالتفكير بشكلٍ مختلف، وفي مثال الحادث الذي تعرض له مَن يقود دراجة، لو حدَّثتَ نفسك، وقلت: (كم شخص يقود الدراجة كل يوم، هناك آلاف الناس، إذا أُصيب أحدُهم أو مجموعة قليلة في حوادث فهذه نسبةٌ ضئيلة جدًّا من الذين يستخدمون الدَّراجة كل يوم، وهذا قضاء الله الذي لا رادَّ له، لكن يجب أخذ الحذر والوسائل الوقائيَّة المختلفة).
عندما تبدأ في رحلة العلاج، ستجد أن تعامُلك في هذه الأحداث يبدأ في التحسُّن، ويمكنك أن تَتَلَقَّى هذه الأخبار، وتتعامَل مع نفسك للتخفيف منها بشكلٍ مطمئن أكثر مما سبق.
أتمنى لكَ التوفيق وأهلًا وسهلًا.
د. ياسر بكار
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أستحلفكم بالله أن تردوا على استشارتي في أقرب وقت.
أنا شاب أبلغ من العمر 25 عامًا، توفِّي والدي وأنا رضيع، لا يوجد لي سوى والدتي، وليس لدي إخوة.
منذ سنوات توفِّيتْ جدتي - رحمها الله - ومنذ وفاتها وأنا في حالة يرثى لها، أصبحتُ أخاف الموت، وأخاف أن تموت أمي، إذا قابلتُ صديقًا لم أره من مدة وصافحني، أقول: إنه يودعني لأنني سأموت! إذا ذهبتُ للنوم أقول: إني سأموت، إذا وجدتُ مشهدًا في التلفاز يدور حول الموت، أقول: إنها علامة لموتي... وهكذا!
كنتُ أحيانًا أحدِّد لنفسي مواعيد وأيامًا وساعات لموتي!
يُقال: إنَّ الإنسان يعلم ميعاد موته قبل موته بأربعين يومًا، أو يشعر بموته، وإنَّ هناك شجرة عند الله عندما يسقط منها اسم الإنسان، يبدأ الشعور بالموت قبل الموت بأربعين يومًا، فأصبح كلُّ أربعين يومًا يمرون عليَّ أظن أني سأموت!
كلما سمعتُ صوت غراب أقول: إنه يُعلن عنْ وفاتي!
أصبحتُ أخاف أن أصلِّي، أخاف أن أدخل مسجدًا؛ حتى لا أموت، فقدتُ كلَّ طموحاتي وأهدافي بسبب ذلك الشعور والإحساس.
ذهبتُ للعلاج لدى طبيبٍ نفسيٍّ، فأخبرني أنَّ ذلك عبارة عن هواجس ووساوس، وقلق عصابي مَصحوب بهواجس اضطراريَّة، وأعطاني مجموعةً من العقاقير والأدوية؛ مثل: زانكس- سيبرالكس - دوجماتيل - بوسبار... وغيرها.
بعدها بفترة كان الإحساسُ يأتي، ولكن يأتي متقطعًا، وعلى فترات متباعدة.
الآن أريد أن أتزوج، وتراودني أفكار أنني سأتزوج ثم أنجب ثم أموت، فلمَن أترك أولادي وأمي وزوجتي؟! وبسبب ذلك الشعور لم يكتمل الزواج!
من عدة أيام توفِّي جار لنا، سنُّهُ صغير في مُقتبل الشباب، في حادث دراجة (موتوسكل)؛ فعاد الإحساسُ أكثر من الأول، وللعلم أنا أوقفتُ الدواء منذ مدة كبيرة بدون إذن الطبيب.
أنا مُقبل على تجربة زواج جديدة، ولا أعرف حلًّا لما أعانيه!
أرجوكم ساعدوني، في انتظار ردكم على أحرِّ من الجمر، وشكرًا جزيلًا لكم.
الجواب
الأخ الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مرحبًا بك في شبكة الألوكة، وأهلًا وسهلًا.
قرأتُ رسالتك، وأشعر بالمشاعر المؤلمة التي تعيشها، أسأل الله أن يفرجَ عنك، وأن يكتب لكَ الشفاء العاجل.
ما تصفه مِن أعراضٍ هو وصف دقيق لمرضٍ نفسي مشهور، هو: اضطراب القلق المعمم، في هذا المرض يُسيطر على الإنسان التوجُّس والخوف من المستقبل، أو الخوف من الموت؛ مما يعطِّل عليه حياته، ويشل تسييره لشؤونها.
من المعلوم أن الخوف من الموت هو غريزة طبيعيَّة تدفع الإنسان إلى الحذر والعمل والالتزام وحسن الأخلاق، لكن عندما يتحوَّل هذا الخوفُ إلى عائقٍ يشل حياة الإنسان، ويعطل مسيرتها، يصبح مرضًا يحتاج إلى علاج!
أعتقد أنكَ قمتَ بخطوةٍ مهمة بالذهاب إلى الطبيبِ النفسي، ويجب أن أقتطع من كلامك حيثُ قلتَ: إنه مع العلاج الدوائي كانتْ تأتي مثل هذه الأعراض بشكل متباعد ومتقطع، وهذا إنجازٌ، وهذا دليل على فاعلية الدواء الذي كنتَ تأخذه.
لا أدري ما سبب توقفك على الدواء، هل بسبب أعراض جانبية، أم أسباب مادية؟! لكن أفضل ما تقوم به هو العودة إلى العلاج؛ مثل (السيبرليكس) مع (الدجماتيل)، وستجد خلال شهر من تناول العلاج أن الأمور بدأتْ تعود إلى الوضع الطبيعي - بمشيئة الله، ومراجعة الطبيب أفضل لتحديد أي تغيير في الخطة إن لزم الأمر.
قد يكون من المفيد أيضًا أن نتحدث عن طرق العلاج النفسي لمثل هذه الأعراض، نحن نعلم أن المشاعر السلبيَّة لا تأتي بسبب الأحداث التي تمر بها أو مرت بكَ، بل المشاعر السلبية تأتي بسبب أسلوب التفكير؛ أي: نظام التفكير لديك، فعندما ينشغل الإنسانُ بالأفكار السلبية المثيرة للقلق؛ (التوجس من المستقبل - توقع الأسوأ - تضخيم النتائج المتوقعة) - ستؤدي بشكلٍ طبيعي إلى الخوف، ومن ثَمَّ إلى أعراض نفسية مؤلمة.
القاعدة هنا: ليست الأحداث هي التي تسبب المشاعر، بل طريقة رؤيتنا للأحداث، طريقة تعامُلنا مع هذه الأحداث هي التي تسبِّب المشاعر؛ ولهذا أود دائمًا أن تركِّز في حديثك مع نفسك وطريقة تفكيرك وطريقة رؤية هذا الحدث، فعندما طرأ أمر لجارك لاحِظ كيف بدأتَ تحدث نفسك، وتطوِّر التفكير والاستنتاجات التي وصلتَ إليها، في نفس الوقت يقوم الماهر في التعامل مع المشاعر بالتفكير بشكلٍ مختلف، وفي مثال الحادث الذي تعرض له مَن يقود دراجة، لو حدَّثتَ نفسك، وقلت: (كم شخص يقود الدراجة كل يوم، هناك آلاف الناس، إذا أُصيب أحدُهم أو مجموعة قليلة في حوادث فهذه نسبةٌ ضئيلة جدًّا من الذين يستخدمون الدَّراجة كل يوم، وهذا قضاء الله الذي لا رادَّ له، لكن يجب أخذ الحذر والوسائل الوقائيَّة المختلفة).
عندما تبدأ في رحلة العلاج، ستجد أن تعامُلك في هذه الأحداث يبدأ في التحسُّن، ويمكنك أن تَتَلَقَّى هذه الأخبار، وتتعامَل مع نفسك للتخفيف منها بشكلٍ مطمئن أكثر مما سبق.
أتمنى لكَ التوفيق وأهلًا وسهلًا.