مشاهدة النسخة كاملة : أكره أمي حتى إنني أدعو عليها، أخبروني ماذا أفعل؟!


فريق منتدى الدي في دي العربي
05-05-2016, 07:05 AM
أكره أمي حتى إنني أدعو عليها، أخبروني ماذا أفعل؟!


أ. أريج الطباع



السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية نشكركم على ما تقدِّمونه مِن خير، ونسأل الله أن يثقلَ بأعمالكم موازين الحسنات.

أنا فتاة جامعيَّة مطلَّقة، كنتُ صاحبة شخصيَّة هادئةً متَّزنة، مرتْ بي أمورٌ وضُغُوطٌ حولتْ نفسيتي وشخصيتي إلى العصبيَّة، وجعلتْني غير مستقرة وغير راضية عن نفسي.
أعاني الأمَرين من والدتي، تفرِّق في المعاملة بيني وبين إخوتي، وتدعو عليَّ كثيرًا، وكثيرًا ما تسبني، أصبحتُ أتحاشى الجلوس معها؛ حتى لا تدعو عليَّ، لا تتقبل مني أي كلمة!
أجرتْ عمليَّة جراحيَّة، وكنتُ خادمة لها، أقوم برعايتها، وعندما شُفيتْ اتهمتني أني أمُنُّ عليها بما فعلتُ، وظلَّت تدعو عليَّ كثيرًا بالمرض، ثم قاطعتني، مع أننا نعيش معًا في بيت واحدٍ! وقطعتْ عني المصروف، فعندما أدخل وألقي التحيَّة، لا ترد؛ فلم أعد ألقيها.
إخوتي يقفون في صفِّها، وقد وصلتُ لطريق مسدود، وتأثرَتْ نفسيتي كثيرًا، فأصبحتُ عدائيَّة مع الجميع، وأفكِّر في أمورٍ سلبيةٍ كثيرة؛ منها: القتل، أو الانتقام، أو حرق البيت بمن فيه!
لا أثق في أحد، قررتُ ألَّا أقدِّم معروفًا لأحد بقيَّة عمري، الآن أنا أعيش في غرفتي، ولا أملك شيئًا من المال، أخذتْ كلَّ مالي، بدأتُ أتحرَّى أوقات الإجابة للدعاء عليها! علمًا بأني لم أدعُ على إنسان في حياتي، ولكني متعبة جدًّا.


الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أعانكِ الله، يبدو حقًّا أنكِ متعبة جدًّا، خاصة إنْ وصل بكِ الحال لتمتلئي غضبًا وعزلة، وتغذي مشاعركِ بالمزيد مِن الصوَر التي تثير الرغبة في الانتقام، وتزيد الألم!
أمكِ من الصعب أن تختاريها أو تغَيِّريها، قد لا تكون جيدة، وقد تقسو عليكِ أو تظلمكِ، وقد تختلفين معها في كثير من الأمور، لكن المؤكَّدَ أنها تبقى أمكِ في النهاية، ويبقى برُّها يريحك أنتِ، وتبرئين به ذمتكِ أمام الله، احتسبي الأجر بالبرِّ الذي تقومين به لها، وبإحسانكِ، مهما أساءتْ لكِ أو ظلمتْكِ!
تحتاجين أن تُعيدي ترتيب أوراقكِ مجددًا؛ لتستعيدي نفسك، فحينما تقومين بعملٍ ما وتضحيةٍ، ذَكِّري نفسكِ دومًا بأنكِ لا تقومين بها مِن أجل شخص بعينِه، بل تقومين بها لله، وهو وحده مَن سيَتَولى مكافأتكِ عليها، قد لا تكون منَ الشخص نفسه الذي قدَّمتِ له العون، فالله يكافئنا على عملنا بطرُق لا نتوقعها ولا نحتسبها، لكن يكون ذلك فقط حينما نتقي الله فيما نقوم به، قد تجدين المقابل يومًا ما حينما تكبرينَ أو تمرضينَ وتحتاجين مَن يرعاكِ، وقتها رعايتكِ لأمكِ لن تضيع سُدًى، وسيسخر الله لكِ مَن يرعاكِ.
لا تُشعلي نار الحقد في قلبكِ، فروح الانتقامِ والغضب تحرق صاحبها قبْلَ غيره، وها أنتِ تلمسين الآن التعبَ الذي يملأ قلبكِ مِن عزلتكِ وآلامكِ، دُعاؤُكِ عليهم، وغضبك منهم لن يفيدكِ، حاولي أن تفرغيه، وأن تفكِّري بطريقة مختلفة.
في لحظات هدوءٍ أمسكي ورقةً وقلمًا، ورتِّبي ما بداخلكِ؛ فالفوضى تعجُّ مشاعركِ، وسيصعب علاجها بهذه الطريقة، أنتِ غاضبة؛ لأنك فعلتِ الكثير، وعانيتِ، ولم تشعري بتقديرٍ على ما قدمتِ، وفي المقابل أنتِ أيضًا صرختِ في والدتكِ، وناقشتِها حينما شعرتِ باتهامها لكِ، وهي غضبتْ، وظنتْ أنكِ تُعَيِّرينها على خدمتكِ لها، أنتِ ضبطت نفسكِ، لكنكِ جُرِحْتِ، وحاولتِ أن تُسَلِّمي عليها فتجاهلتْكِ، الآن أنتما في بيتٍ واحد، ولا تواصُل بينكما! الحقد والغضب والحزن يتعب قلبكِ! وتعيشين في عزلةٍ، بعيدًا عن جوِّ أسرتكِ وحضنهم!
هكذا هو تسلسُل الأحداث كما فهمتُه منكِ، إذًا فكِّري فيه ثانيةً، لو تكرَّر هل كان يمكنكِ أن تكسري الدائرة؛ حتى لا تصل لهذه المرحلة؟
والآن بعد أن حصل ما حصل - ولعله خيرٌ لو استطعتِ تجاوزه - فكيف ستتصرفين؟ وهل ستكونين ضحيَّة فحسب، لا يد لها في انتشال نفسها مِن دوامة لم تقصد الدخول إليها؟ أو أنكِ ستساعدين نفسكِ، وتنظرين للأمر بطريقةٍ مختلفة، تساعدكِ على تجاوُزِه والاستفادة منه؟

لو أردتِ حقًّا أن تُساعدي نفسكِ وقتها فقط يُمكنني مساعدتكِ بنصائحي:
- ابدئي بنفسكِ، واهتمي أن تقومي بتقويتها، تحتاجين أن تحصِّني نفسكِ من الصدمات! فالحياةُ لا تخلو، ولو مِن أقرب المقربين، لكن ذلك ليس نهاية العالم، ويبقى هناك الوجْهُ الآخر الذي ينتظر منكِ خَوْضه.
- بعلاقتكِ بأمكِ أو بأهلكِ عامة، أو حتى بالناس بشكلٍ عامٍّ، احرصي على أن تكونَ مُعاملتكِ معهم لله، دون أن تنتظري منهم مُقابلًا؛ فتحبطي حينما لا تجدينه، وثقي أنكِ كلما تعاليتِ عن ذلك، وتقرَّبْتِ مِن الله، حبَّب فيكِ خلْقَه وعوَّضكِ.
- اخرجي مِن أجواء البيت؛ حتى لا تفكِّري فيها كثيرًا، أنت بحاجة لأن يكون لك متنفسٌ خارجيٌّ تشعرين بقيمتكِ مِن خلاله، فكِّرِي في أن تعودي مجددًا للعمل، قد تشغلك أجواء العمل وهمومه عن نفسكِ ووضعكِ مع أهلكِ.
- كوني حاسمةً ومحبة لمن حولكِ، لتعرفي ما لكِ وما عليكِ، فلا تسمحي لأحد أن يستغلكِ، وفي نفس الوقت عامليهم بودٍّ!
- أكثري من قول: لا إله إلا أنت سبحانكَ، إنِّي كنتُ من الظالمين، فلا شيء يعدل هذه الدعوة براحة الصدر، وذهاب الضيق.

- ثقي في أن لكلِّ شيء في الدنيا عمرًا، المهم أن تعرفي كيف تتعاملينَ معه، وتثقين أنه لن يستمرَّ طويلًا، وبيدك - بإذن الله - أن تتجاوزيه، وتقفزي فوقه.

أعانكِ الله، وشرح صدركِ، وألَّف بين قلبكِ وقلب والدتكِ، وجمعكما دومًا على خير.

Adsense Management by Losha