فريق منتدى الدي في دي العربي
05-05-2016, 04:41 PM
في تأثير المخالطة
الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل
الحمد لله الذي فضَّل بعضَ عِباده على بعضٍ، وجعَل فيهم الفاضل والمفضول، والصالح والفاسد، ووهبَهُم العقولَ ليُميِّزوا بين الطيِّب والخبيث، وأوضح لهم السبيل، فلم يبقَ لأحدٍ عُذرٌ، ففازَ والله مَن اختار لنفسه الفضائل ومجالسة الأخيار، وخابَ والله مَن رضي لنفسه بالرذائل ومصاحبة الأشرار.
أحمده - سبحانه - حمْد عبدٍ وفَّقه مولاه لما يحبُّه ويرضاه، وأشكره والشكر له من نعمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله المختار، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الأطهار، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعدُ: فيا عبادَ الله:
اتَّقوا الله - تعالى - وتفقَّدوا أحوالكم، واعرفوا ما أنتم عليه من حال، ولا تعيشوا كما تعيش البهائم، فقد أكرمَكُم الله، ووهبَكُم العقول، واعلَموا أنَّ المخالطة لها تأثيرٌ في المخالط، فانظروا مَن تخالطون، فعليكم بصُحبة الأطهار ومجالسة الأخيار؛ فإنَّ في ذلك الراحة والطمأنينة، والسلامة والفائدة في الدنيا والآخرة، واحذروا من مُصاحبة الأشرار، ومُرافقة الفُسَّاق؛ فإنَّ في ذلك الشر والهلاك والوباء الفتَّاك.
قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير؛ فحامل المسك إمَّا أنْ يحْذيك، وإمَّا أنْ تَبْتاع منه، وإمَّا أنْ تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إمَّا أنْ يحرق ثيابك، وإمَّا أنْ تجد منه ريحًا خبيثة)).
فانظروا يا ذوي العقول السليمة إلى الفرق بين الفريقين حتى في النطق؛ فاسم الصالح يرتاح له البال بمجرَّد النطق به، واسم السوء ينفر منه السمع والسامع بمجرَّد سماعه، ولا شكَّ أنَّ الجليس الصالح له أثره الطيب في مُجالِسه، فهو صالحٌ في نفسه، يحبُّ الخير لإخوانه كما يحبُّه لنفسه؛ لأنَّه عرف قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يؤمن أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّه لنفسه)).
قد ارتاح ضميره، واطمأنَّ قلبُه بحبِّ الخير لإخوانه كما يحبُّه لنفسه، قد أُمن جانبه فلا غشَّ ولا خِداع، ولا حِقد ولا حَسد، يُذَكِّر جليسه أنْ نسي، ويأمره بالخير إنْ غفل، ويُعِينه إنِ احتاجَ، فهو مأمونٌ ومُستفاد منه، كالعطَّار الذي تمرُّ به في دكانه، إمَّا أنْ يَمَسَّكَ بشيءٍ من طيبه، وإمَّا أنْ تشتري منه، وإمَّا أنْ تشمَّ الرائحة الطيبة، فلا بُدَّ لك منه من فائدة حتى ولو لم تدفع نقودًا، حتى ولو لم تقصد الشم، فلا بُدَّ أن تشمَّ ريحًا طبية بمجاورتك له، فلا بُدَّ أنْ تستفيد منه، وبدون كلفة، فهذا هو الجليس الصالح قد أمن شره، وتحقَّق خيره.
والجليس السوء ضرره على نفسه، وعلى مُجالِسه، حتى وعلى مَن مرَّ به، فهو كما وصفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كنافخ الكير، نار محرقة ودخان مُؤذٍ، فلا بُدَّ أنْ يلحق منه ضرر لمن جاوره ومرَّ به، فلا تُؤمن عاقبته، يُحسِّن الشرور ويُرغِّب فيها، ويُزهِّد في الخير ويبعد عنه، حقود وحسود وأناني، يعلو وجهه الظلام، لا سرور لديه ولا ارتياح، ولا مودَّة عنده ولا إخلاص.
فيا ذوي العقول السليمة والفِطَر المستقيمة، اختاروا لأنفسكم ولمن تحتَ أيديكم مجالسةَ الصالحين، ومُرافَقة المستقيمين - تستَفِيدوا الخير، وتسلَموا من الشر في عاجلكم وآجلكم، واحذَروا من مُخالطة الأشرار ومُرافقة أصحاب السوء؛ فإنَّ في ذلك الشرَّ والدمار في العاجل والآجل.
فيا عبادَ الله!
تخلَّقوا بأخلاق الإسلام، وتأدَّبوا بآداب سيِّد الأنام، وامتَثِلوا أوامره، واجتَنِبوا نواهيه، فإنَّ الخير كل الخير فيما دَعاكم إليه، ودلَّكم عليه، والشرَّ كل الشر فيما نهاكم عنه وحذَّركم منه، وقد وصف لكم الجليس الصالح بأطيب وصفٍ ورغَّبكم فيه، ووصف لكم الجليس السوء في أبشع صورة وحذَّركم منه، فلم يبقَ لكم عذرٌ.
فاتَّقوا الله عباد الله، واحذروا من والوقوع فيما يسخطه، فقد وضح لكم السبيل.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
قال الله العظيم: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28].
بارَك الله لي ولكُم في القُرآن العظيم، ونفعَني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وتابَ عليَّ وعليكم إنَّه هو التوَّاب الرحيم.
أقول هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.
••••
واعلَموا - رحمكم الله - أنَّ الكثير من الناس قد أهمل مَن تحت يده من الأهل والأولاد، يخرج ابنه من بيته، ويغيب عنه اليوم والليلة لا يدري أين ذهب، ولا أين جلس، ومع مَن جلس، قد وفَّر له وسيلة الانتقال إلى ما يريد، وتركه يضطر إلى الوقوع في الفساد؛ لينال بذلك شهواته ورغباته، فلا ينتبه له إلاَّ وقد وقع في الرذائل، وتجرَّأ على المحارم، كلُّ ذلك بسبب إهماله، وترك الحبل على الغارب، يذهب إلى ما يريد، ويخالط مَن يهوى ممَّن يزين له المفاسد.
فانتبهوا يا عبادَ الله إلى فلذات أكبادكم وتنبَّهوا إلى مَنْ تحت أيديكم، فإنَّكم مسؤولون عنهم ومحاسبون؛ ((كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّته)).
الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل
الحمد لله الذي فضَّل بعضَ عِباده على بعضٍ، وجعَل فيهم الفاضل والمفضول، والصالح والفاسد، ووهبَهُم العقولَ ليُميِّزوا بين الطيِّب والخبيث، وأوضح لهم السبيل، فلم يبقَ لأحدٍ عُذرٌ، ففازَ والله مَن اختار لنفسه الفضائل ومجالسة الأخيار، وخابَ والله مَن رضي لنفسه بالرذائل ومصاحبة الأشرار.
أحمده - سبحانه - حمْد عبدٍ وفَّقه مولاه لما يحبُّه ويرضاه، وأشكره والشكر له من نعمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله المختار، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الأطهار، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعدُ: فيا عبادَ الله:
اتَّقوا الله - تعالى - وتفقَّدوا أحوالكم، واعرفوا ما أنتم عليه من حال، ولا تعيشوا كما تعيش البهائم، فقد أكرمَكُم الله، ووهبَكُم العقول، واعلَموا أنَّ المخالطة لها تأثيرٌ في المخالط، فانظروا مَن تخالطون، فعليكم بصُحبة الأطهار ومجالسة الأخيار؛ فإنَّ في ذلك الراحة والطمأنينة، والسلامة والفائدة في الدنيا والآخرة، واحذروا من مُصاحبة الأشرار، ومُرافقة الفُسَّاق؛ فإنَّ في ذلك الشر والهلاك والوباء الفتَّاك.
قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير؛ فحامل المسك إمَّا أنْ يحْذيك، وإمَّا أنْ تَبْتاع منه، وإمَّا أنْ تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إمَّا أنْ يحرق ثيابك، وإمَّا أنْ تجد منه ريحًا خبيثة)).
فانظروا يا ذوي العقول السليمة إلى الفرق بين الفريقين حتى في النطق؛ فاسم الصالح يرتاح له البال بمجرَّد النطق به، واسم السوء ينفر منه السمع والسامع بمجرَّد سماعه، ولا شكَّ أنَّ الجليس الصالح له أثره الطيب في مُجالِسه، فهو صالحٌ في نفسه، يحبُّ الخير لإخوانه كما يحبُّه لنفسه؛ لأنَّه عرف قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يؤمن أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّه لنفسه)).
قد ارتاح ضميره، واطمأنَّ قلبُه بحبِّ الخير لإخوانه كما يحبُّه لنفسه، قد أُمن جانبه فلا غشَّ ولا خِداع، ولا حِقد ولا حَسد، يُذَكِّر جليسه أنْ نسي، ويأمره بالخير إنْ غفل، ويُعِينه إنِ احتاجَ، فهو مأمونٌ ومُستفاد منه، كالعطَّار الذي تمرُّ به في دكانه، إمَّا أنْ يَمَسَّكَ بشيءٍ من طيبه، وإمَّا أنْ تشتري منه، وإمَّا أنْ تشمَّ الرائحة الطيبة، فلا بُدَّ لك منه من فائدة حتى ولو لم تدفع نقودًا، حتى ولو لم تقصد الشم، فلا بُدَّ أن تشمَّ ريحًا طبية بمجاورتك له، فلا بُدَّ أنْ تستفيد منه، وبدون كلفة، فهذا هو الجليس الصالح قد أمن شره، وتحقَّق خيره.
والجليس السوء ضرره على نفسه، وعلى مُجالِسه، حتى وعلى مَن مرَّ به، فهو كما وصفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كنافخ الكير، نار محرقة ودخان مُؤذٍ، فلا بُدَّ أنْ يلحق منه ضرر لمن جاوره ومرَّ به، فلا تُؤمن عاقبته، يُحسِّن الشرور ويُرغِّب فيها، ويُزهِّد في الخير ويبعد عنه، حقود وحسود وأناني، يعلو وجهه الظلام، لا سرور لديه ولا ارتياح، ولا مودَّة عنده ولا إخلاص.
فيا ذوي العقول السليمة والفِطَر المستقيمة، اختاروا لأنفسكم ولمن تحتَ أيديكم مجالسةَ الصالحين، ومُرافَقة المستقيمين - تستَفِيدوا الخير، وتسلَموا من الشر في عاجلكم وآجلكم، واحذَروا من مُخالطة الأشرار ومُرافقة أصحاب السوء؛ فإنَّ في ذلك الشرَّ والدمار في العاجل والآجل.
فيا عبادَ الله!
تخلَّقوا بأخلاق الإسلام، وتأدَّبوا بآداب سيِّد الأنام، وامتَثِلوا أوامره، واجتَنِبوا نواهيه، فإنَّ الخير كل الخير فيما دَعاكم إليه، ودلَّكم عليه، والشرَّ كل الشر فيما نهاكم عنه وحذَّركم منه، وقد وصف لكم الجليس الصالح بأطيب وصفٍ ورغَّبكم فيه، ووصف لكم الجليس السوء في أبشع صورة وحذَّركم منه، فلم يبقَ لكم عذرٌ.
فاتَّقوا الله عباد الله، واحذروا من والوقوع فيما يسخطه، فقد وضح لكم السبيل.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
قال الله العظيم: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28].
بارَك الله لي ولكُم في القُرآن العظيم، ونفعَني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وتابَ عليَّ وعليكم إنَّه هو التوَّاب الرحيم.
أقول هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.
••••
واعلَموا - رحمكم الله - أنَّ الكثير من الناس قد أهمل مَن تحت يده من الأهل والأولاد، يخرج ابنه من بيته، ويغيب عنه اليوم والليلة لا يدري أين ذهب، ولا أين جلس، ومع مَن جلس، قد وفَّر له وسيلة الانتقال إلى ما يريد، وتركه يضطر إلى الوقوع في الفساد؛ لينال بذلك شهواته ورغباته، فلا ينتبه له إلاَّ وقد وقع في الرذائل، وتجرَّأ على المحارم، كلُّ ذلك بسبب إهماله، وترك الحبل على الغارب، يذهب إلى ما يريد، ويخالط مَن يهوى ممَّن يزين له المفاسد.
فانتبهوا يا عبادَ الله إلى فلذات أكبادكم وتنبَّهوا إلى مَنْ تحت أيديكم، فإنَّكم مسؤولون عنهم ومحاسبون؛ ((كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّته)).