فريق منتدى الدي في دي العربي
05-05-2016, 04:41 PM
في النهي عن تبرج النساء
الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل
الحمد لله، معزِّ مَن أطاعَه واتَّقاه، ومذلِّ مَن خالَف أمرَه وعَصاه، وناصر مَن نصَرَه، وخاذِل مَن خذَلَه، أحمده - سبحانه - على نِعَمِه، وأشكره والشكر له من نعمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، المبعوث بمكارم الأخلاق، ومحاسن الآداب، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه دُعاة الفضل والرَّشاد، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعدُ:
فيا عباد الله، اتَّقوا الله - تعالى - وانتبهوا لما حلَّ بشبابكم من ذُكور وإناث، وما وصلت إليه حالتهم من انحِطاطٍ في السلوك والأخلاق، خرجت النساء وخُصوصًا الشابَّات منهنَّ إلى الأسواق والطُّرقات، كاسيات عاريات، كاسيات من نعم الله، عاريات من الحشمة والفضيلة والأخلاق الحميدة، يعرضن أنفسهن لمن يطمع فيهن ممَّن في قلبه مرض، ويعرضن أنفسهن لذئابهن، حتى صُوِّبت لهن الأنظار، وعسلت لهن الألسن، ومُدَّت لهن الأيدي دون خجل ولا حياء، ولا خوف من الطرفين.
كَثُرَ الحديث عن تعرُّض الشبَّان للشابَّات، وهذا ليس بعيدًا؛ لوجود أسبابه ومغرياته، فقد برزت الشابة، وعرضت نفسها في زيٍّ يحمل إلى التطلُّع إليها والطمع فيها، وفقدت الحصانة، وفرغ الشبَّان من أعباء الحياة، وهُيِّئت لهم وسائلُ الوُقوع في الرذائل، وأغدقت عليهم الأموالُ الطائلة، فظنُّوا أنَّ هذا شيء وُجِد لهم وخُلِقوا له، وإنه لم يبقَ عليهم إلا إشباع الرغبات الحيوانيَّة، وقد فُقِدت الغيرة على المحارم من كثيرٍ من الناس، وأصبح لا يبالي بما يحصل، ولا يهتمُّ بما يقع حتى ولو بإخبار المسؤولين عن ذلك، فوقع وحصل الصمت والتخاذُل، وأصبح الحديث بالتلاوم وكأنه لم يكن أحدٌ مسؤولاً، اللهم إلا أنْ يُقال قاضي، وأمير البلد، وهيئة الأمر، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كلمكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّته))[1].
وقال: ((مَن رأى منكم منكرًا فليغيِّره بيده، فإنْ لم يستطع فبلسانه، فإنْ لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان))[2]؛ رواه مسلم.
فالكلُّ مسؤولٌ بحسَبِه، ولا بُدَّ من الشعور بالمسؤوليَّة، ولا بُدَّ من التكاتُف والتآزُر وجمع الكلمة، فلو قام كلٌّ منَّا على مَن هو مسؤول عنه ولم يمكنه من وسائل الوُقوع في الرذيلة، ولو وجدت الغيرة على المحارم، واستنكر الانحراف والشذوذ في المجتمع، وعمل الجميع بالإصلاح والتوجيه - لسادت الفضيلة، وقلَّت الرذيلة، فلا بُدَّ من الغيرة والحزم، وقد قيل:
إِنَّ الرِّجَالَ النَّاظِرِينَ إِلَى النِّسَا <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
مِثْلُ الكِلاَبِ تَطُوفُ بِاللُّحْمَانِ <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
إِنْ لَمْ تَصُنْ تِلْكَ الأُسُودُ لُحُومَهَا <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
أُكِلَتْ بِلاَ عِوَضٍ وَلاَ أَثْمَانِ <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
فإنْ أُهمِلَ الشباب من الذكور والإناث على هذه الحال، وتُرِكَ للجميع الحبلُ على الغارب مع ما هم فيه من رغد عيش، وطفرة أموال، فإنَّ ذلك مُؤذِن بخرابه وانحطاطه، وعقوبة الجميع على السكوت والمداهنة، وعدم الغيرة على المحارم؛ ففي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مثَل القائم في حُدود الله والواقع فيها كمثَل قوم استهَمُوا على سفينةٍ، فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقَوْا من الماء مرُّوا على مَن فوقَهم فقالوا: لو أنَّا خرَقْنا في نصيبنا خرقًا ولم نُؤذِ مَن فوقنا؛ فإنْ ترَكُوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإنْ أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا))[3]؛ رواه البخاري.
فانظروا - عبادَ الله - فائدة قيام المصلحين على المفسِدين الجاهِلين بنجاة الجميع، ومضرَّة الإهمال والسكوت بهلاك الجميع.
عبادَ الله:
لقد ظهر التبرُّج والسفور، وقد نهى الله النساءَ عن التبرُّج، وأمرهنَّ بلُزُوم البيوت، فقال - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾ [الأحزاب: 33].
عبادَ الله:
لقد شُغِلتُم عمَّا خُلِقتم له، وأهملتم مَن سوف تُسأَلون عنه، يخرج الشاب من بيت أهله يمتَطِي سيَّارته التي سلَّمها له والده، فيغيب عنه طوال الليل و النهار أو أكثرهما فلا يسأل عنه: أين خرج؟ وأين دخل؟ وأين أقام؟ ومع مَن أقام؟
وتخرج المرأة إلى السوق، أو باسم المستشفى، مُتزيِّنة متعطرة، تتشرَّف للرجال، تدعو لنفسها بما هي عليه من حالٍ، فيطمع الذئاب والكلاب في الأغنام المسيَّبة دون راعٍ، فيقع ما يقع دون مُبالاةٍ أو خجلٍ، والأولياء في أعمالهم وتجاراتهم قد شُغِلوا عن فلذات أكبادهم ومحارمهم وعوراتهم، فلا يسألون ولا يستنكرون، اللهمَّ إلا أنْ يفقد شيئًا من المال، أو يخشى عليه الضياع، فعند ذلك يبرز الرجال، ويظهر الغضب، وتثور الثائرة، بئس والله حال وصلت برجال إلى هذه الحال، ولا بارَك الله في مالٍ وصل بالأمَّة إلى هذه الحال.
فيا عبادَ الله:
لا بُدَّ من الانتباه وتفقُّد الأحوال، دعوا عنكم الإهمالَ، وإلقاءَ اللوم على الآخَرين وتخلِّيكم عن المسؤوليَّة وأنتم مسؤولون، مهما قلتُم واعتذَرتُم فلن ينفعكم الاعتذار عن السؤال مع الإهمال، ولن يَحُول ما شغلكم من مال وأعمال دون العُقوبة على إهمالكم لفلذات أكبادكم، فاستَدرِكوا ما فات، وانتبهوا لحاضركم ومُستَقبلكم، فإنَّ الوضع خطيرٌ، وعاقبةُ الإهمال وخيمةٌ، ولا خيرَ في أمَّةٍ ومجتمع فَشَتْ فيه الرذيلة، وانحطَّتْ فيه الأخلاق، وانتُهِكت فيه المحارم، وتساكَتَ الجميع على ذلك.
فانتَبِهوا قبل أنْ يحلَّ بكم ما حَلَّ بالأمم قبلَكم، وما حَلَّ بمَن جاوَرَكُم، فالسعيد مَن وُعِظ بغيره.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
قال الله العظيم: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 78، 79].
بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وتابَ عليَّ وعليكم إنَّه هو التوَّاب الرحيم.
أقولُ هذا وأستغفرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنبٍ، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.
••••
واعلَمُوا أنَّ ممَّا غُزِِيتْ به هذه البلاد من وسائل الهدم والدمار إغراءَ المرأة على السفور والتبرُّج والاختلاط بالرجال الأجانب منها، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها فتنة؛ فقال - صلوات الله وسلامُه عليه -: ((ما تركتُ بعدي فتنةً هي أضرُّ على الرجال من النساء)).
وفي صحيح مسلم عن أبي سعيدٍ الخدري - رضِي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّ الدنيا حلوة خَضِرة، وإنَّ الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعلمون، فاتَّقوا الدنيا واتَّقوا النساء؛ فإنَّ أوَّل فتنة بني إسرائيل كانت في النساء))[4].
فاحذروا - يا عباد الله - أعداءكم وأعداء دينكم، حافظوا على نسائكم، واحفَظُوا محارمكم، احذَرُوا أنْ يُصِيبكم ما أصابَ غيركم ممَّن أضاعُوا محارمهم، واختلطَتْ نساؤهم برجالهم، وانتشرت الرذيلة بينهم، وأصبح الرجل لا يَدرِي عن زوجته وابنته ومَن له الولاية عليها أين ذهبت؟ وبمَن اجتمعت؟ وعلى أيِّ حالٍ تغيَّبت؟ فإنَّ في ذلك الهلاك والدمار، والعار والنار، والعقوبات العاجلة في الدنيا والآخرة، فهبُّوا من رقداتكم، وانتَبِهوا من غفلاتكم.
[1] البخاري: (2554) - الفتح: 5/ 211، مسلم [20- (1829)].
[2] مسلم: [78 - (49)].
[3] البخاري: (2493).
[4] مسلم: [99 - (2742)].
الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل
الحمد لله، معزِّ مَن أطاعَه واتَّقاه، ومذلِّ مَن خالَف أمرَه وعَصاه، وناصر مَن نصَرَه، وخاذِل مَن خذَلَه، أحمده - سبحانه - على نِعَمِه، وأشكره والشكر له من نعمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، المبعوث بمكارم الأخلاق، ومحاسن الآداب، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه دُعاة الفضل والرَّشاد، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعدُ:
فيا عباد الله، اتَّقوا الله - تعالى - وانتبهوا لما حلَّ بشبابكم من ذُكور وإناث، وما وصلت إليه حالتهم من انحِطاطٍ في السلوك والأخلاق، خرجت النساء وخُصوصًا الشابَّات منهنَّ إلى الأسواق والطُّرقات، كاسيات عاريات، كاسيات من نعم الله، عاريات من الحشمة والفضيلة والأخلاق الحميدة، يعرضن أنفسهن لمن يطمع فيهن ممَّن في قلبه مرض، ويعرضن أنفسهن لذئابهن، حتى صُوِّبت لهن الأنظار، وعسلت لهن الألسن، ومُدَّت لهن الأيدي دون خجل ولا حياء، ولا خوف من الطرفين.
كَثُرَ الحديث عن تعرُّض الشبَّان للشابَّات، وهذا ليس بعيدًا؛ لوجود أسبابه ومغرياته، فقد برزت الشابة، وعرضت نفسها في زيٍّ يحمل إلى التطلُّع إليها والطمع فيها، وفقدت الحصانة، وفرغ الشبَّان من أعباء الحياة، وهُيِّئت لهم وسائلُ الوُقوع في الرذائل، وأغدقت عليهم الأموالُ الطائلة، فظنُّوا أنَّ هذا شيء وُجِد لهم وخُلِقوا له، وإنه لم يبقَ عليهم إلا إشباع الرغبات الحيوانيَّة، وقد فُقِدت الغيرة على المحارم من كثيرٍ من الناس، وأصبح لا يبالي بما يحصل، ولا يهتمُّ بما يقع حتى ولو بإخبار المسؤولين عن ذلك، فوقع وحصل الصمت والتخاذُل، وأصبح الحديث بالتلاوم وكأنه لم يكن أحدٌ مسؤولاً، اللهم إلا أنْ يُقال قاضي، وأمير البلد، وهيئة الأمر، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كلمكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّته))[1].
وقال: ((مَن رأى منكم منكرًا فليغيِّره بيده، فإنْ لم يستطع فبلسانه، فإنْ لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان))[2]؛ رواه مسلم.
فالكلُّ مسؤولٌ بحسَبِه، ولا بُدَّ من الشعور بالمسؤوليَّة، ولا بُدَّ من التكاتُف والتآزُر وجمع الكلمة، فلو قام كلٌّ منَّا على مَن هو مسؤول عنه ولم يمكنه من وسائل الوُقوع في الرذيلة، ولو وجدت الغيرة على المحارم، واستنكر الانحراف والشذوذ في المجتمع، وعمل الجميع بالإصلاح والتوجيه - لسادت الفضيلة، وقلَّت الرذيلة، فلا بُدَّ من الغيرة والحزم، وقد قيل:
إِنَّ الرِّجَالَ النَّاظِرِينَ إِلَى النِّسَا <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
مِثْلُ الكِلاَبِ تَطُوفُ بِاللُّحْمَانِ <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
إِنْ لَمْ تَصُنْ تِلْكَ الأُسُودُ لُحُومَهَا <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
أُكِلَتْ بِلاَ عِوَضٍ وَلاَ أَثْمَانِ <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
فإنْ أُهمِلَ الشباب من الذكور والإناث على هذه الحال، وتُرِكَ للجميع الحبلُ على الغارب مع ما هم فيه من رغد عيش، وطفرة أموال، فإنَّ ذلك مُؤذِن بخرابه وانحطاطه، وعقوبة الجميع على السكوت والمداهنة، وعدم الغيرة على المحارم؛ ففي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مثَل القائم في حُدود الله والواقع فيها كمثَل قوم استهَمُوا على سفينةٍ، فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقَوْا من الماء مرُّوا على مَن فوقَهم فقالوا: لو أنَّا خرَقْنا في نصيبنا خرقًا ولم نُؤذِ مَن فوقنا؛ فإنْ ترَكُوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإنْ أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا))[3]؛ رواه البخاري.
فانظروا - عبادَ الله - فائدة قيام المصلحين على المفسِدين الجاهِلين بنجاة الجميع، ومضرَّة الإهمال والسكوت بهلاك الجميع.
عبادَ الله:
لقد ظهر التبرُّج والسفور، وقد نهى الله النساءَ عن التبرُّج، وأمرهنَّ بلُزُوم البيوت، فقال - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾ [الأحزاب: 33].
عبادَ الله:
لقد شُغِلتُم عمَّا خُلِقتم له، وأهملتم مَن سوف تُسأَلون عنه، يخرج الشاب من بيت أهله يمتَطِي سيَّارته التي سلَّمها له والده، فيغيب عنه طوال الليل و النهار أو أكثرهما فلا يسأل عنه: أين خرج؟ وأين دخل؟ وأين أقام؟ ومع مَن أقام؟
وتخرج المرأة إلى السوق، أو باسم المستشفى، مُتزيِّنة متعطرة، تتشرَّف للرجال، تدعو لنفسها بما هي عليه من حالٍ، فيطمع الذئاب والكلاب في الأغنام المسيَّبة دون راعٍ، فيقع ما يقع دون مُبالاةٍ أو خجلٍ، والأولياء في أعمالهم وتجاراتهم قد شُغِلوا عن فلذات أكبادهم ومحارمهم وعوراتهم، فلا يسألون ولا يستنكرون، اللهمَّ إلا أنْ يفقد شيئًا من المال، أو يخشى عليه الضياع، فعند ذلك يبرز الرجال، ويظهر الغضب، وتثور الثائرة، بئس والله حال وصلت برجال إلى هذه الحال، ولا بارَك الله في مالٍ وصل بالأمَّة إلى هذه الحال.
فيا عبادَ الله:
لا بُدَّ من الانتباه وتفقُّد الأحوال، دعوا عنكم الإهمالَ، وإلقاءَ اللوم على الآخَرين وتخلِّيكم عن المسؤوليَّة وأنتم مسؤولون، مهما قلتُم واعتذَرتُم فلن ينفعكم الاعتذار عن السؤال مع الإهمال، ولن يَحُول ما شغلكم من مال وأعمال دون العُقوبة على إهمالكم لفلذات أكبادكم، فاستَدرِكوا ما فات، وانتبهوا لحاضركم ومُستَقبلكم، فإنَّ الوضع خطيرٌ، وعاقبةُ الإهمال وخيمةٌ، ولا خيرَ في أمَّةٍ ومجتمع فَشَتْ فيه الرذيلة، وانحطَّتْ فيه الأخلاق، وانتُهِكت فيه المحارم، وتساكَتَ الجميع على ذلك.
فانتَبِهوا قبل أنْ يحلَّ بكم ما حَلَّ بالأمم قبلَكم، وما حَلَّ بمَن جاوَرَكُم، فالسعيد مَن وُعِظ بغيره.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
قال الله العظيم: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 78، 79].
بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وتابَ عليَّ وعليكم إنَّه هو التوَّاب الرحيم.
أقولُ هذا وأستغفرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنبٍ، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.
••••
واعلَمُوا أنَّ ممَّا غُزِِيتْ به هذه البلاد من وسائل الهدم والدمار إغراءَ المرأة على السفور والتبرُّج والاختلاط بالرجال الأجانب منها، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها فتنة؛ فقال - صلوات الله وسلامُه عليه -: ((ما تركتُ بعدي فتنةً هي أضرُّ على الرجال من النساء)).
وفي صحيح مسلم عن أبي سعيدٍ الخدري - رضِي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّ الدنيا حلوة خَضِرة، وإنَّ الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعلمون، فاتَّقوا الدنيا واتَّقوا النساء؛ فإنَّ أوَّل فتنة بني إسرائيل كانت في النساء))[4].
فاحذروا - يا عباد الله - أعداءكم وأعداء دينكم، حافظوا على نسائكم، واحفَظُوا محارمكم، احذَرُوا أنْ يُصِيبكم ما أصابَ غيركم ممَّن أضاعُوا محارمهم، واختلطَتْ نساؤهم برجالهم، وانتشرت الرذيلة بينهم، وأصبح الرجل لا يَدرِي عن زوجته وابنته ومَن له الولاية عليها أين ذهبت؟ وبمَن اجتمعت؟ وعلى أيِّ حالٍ تغيَّبت؟ فإنَّ في ذلك الهلاك والدمار، والعار والنار، والعقوبات العاجلة في الدنيا والآخرة، فهبُّوا من رقداتكم، وانتَبِهوا من غفلاتكم.
[1] البخاري: (2554) - الفتح: 5/ 211، مسلم [20- (1829)].
[2] مسلم: [78 - (49)].
[3] البخاري: (2493).
[4] مسلم: [99 - (2742)].