فريق منتدى الدي في دي العربي
05-05-2016, 04:41 PM
الحياة الحقيقية
معيض محمد آل زرعه
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين...... أما بعد:
عباد الله:
اتقوا الله تعالى، واعترفوا بذنوبكم، وتبصروا في عيوبكم، توبوا إلى الله توبة نصوحا مادام بابها مفتوحا، حافظوا على أوامر الله بالامتثال وعلى نواهيه بالاجتناب، وعليكم بالعمل بتقوى الله حقيقة، فإنه من يتق الله يجعل له مخرجا - أي مخرجا من كل شدة.
عباد الله: حديثي إليكم في هذا اليوم المبارك عن (وظيفة العمر) ألا وهي التوبة والإنابة.
الأمة في هذا الزمان وخصوصاً في هذه الفترة تعيش قلة في البركة وانتشار الفساد وكثرة الفتن وجدب السماء وقحط الأرض وفشو الربا وكثرة الأمراض والأوجاع التي لم تكن في أسلافنا، والسبيل الوحيد والطريق الصحيح لحل هذه المشاكل هو طريق التوبة والاستغفار والإنابة إلى الله تعالى... لذلك التوبة هي وظيفة العمر وهي بداية الحياة الحقيقية وهي أعلى منازل العبودية.
يقول الله تعالى ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31] نزلت هذه الآية في الصحابة بعد الهجرة وبعد التعذيب والتنكيل بهم. ويقول الله تعالى ﴿ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11] وقال تعالى ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41].
روى أحمد والحاكم وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم (يا محمد أدع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهباً، فإن اصبح ذهباً اتبعناك) فدعا صلى الله عليه وسلم ربه، فأتاه جبريل عليه السلام فقال (يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول لك: إن شئت أصبح لهم الصفا ذهباً فمن كفر منهم عذبته عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين وإن شئت فتحت لهم باب التوبة والرحمة) قال صلى الله عليه وسلم (بل باب التوبة والرحمة).
ومن نعم الله تعالى علينا أن الله تعالى فتح باب التوبة وأمرنا بها ووعدنا بالقبول مهما عظمت الذنوب والمعاصي ولذلك يقول الله تعالى في حق أصحاب الأخدود الذي أحرقوا المسلمين ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ﴾ [البروج: 10] يقول الحسن البصري رحمه الله (انظروا إلى هذا الكرم والجود قتلوا أولياء الله وهو مع ذلك يدعوهم إلى التوبة والمغفرة).
يا ترى ما هي التوبة؟؟
يقول الحسن البصري رحمه الله (التوبة هي ندمٌ بالقلب واستغفارٌ باللسان وتركٌ بالجوارح).
ويقول الراغب رحمه الله (هي ترك الذنب لقبحه والندم على فعله والعزيمة على تركه).
وقال الجرجاني (هي الرجوع إلى الله والقيام بكل حقوقه سبحانه وتعالى).
وقال آخر (هي تدارك ما يمكن تداركه من الأعمال وأن يكون ذلك قبل الغرغرة وقبل طلوع الشمس من مغربها).
أيها المؤمنون: اسأل نفسي وإياكم (لماذا نتحدث عن التوية؟) نتحدث عنها للأسباب التالية:
1) لأن الله تعالى أمرنا بالتوبة ووجب علينا الامتثال لذلك لقوله تعالى ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].
2) لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا بالتوبة لقوله صلى الله عليه وسلم (أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب إلى الله في اليوم الواحد سبعين مرة) والله سبحانه وتعالى قد زكاه ورفع مقامه وعصمه من الذنوب والمعاصي.
3) لأن ذنوبنا كثيرة لا تحصى ولا تعد، لا نقول في الليل والنهار بل ربما في كل ساعة.
4) لأن ذنوبنا دائمة ومتنوعة.
5) لأن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها لقوله صلى الله عليه وسلم (للجنة ثمانية أبواب سبعةٌ مغلقة وبابٌ مفتوح للتوبة حتى تطلع الشمس من مغربها) وكما جاء ان مسيرة هذا الباب سبعون سنة.
6) لأن الشيطان واقف بالمرصاد ويجري من ابن آدم مجرى الدم يأتيه من باب المباحات ثم من باب الآداب ثم النوافل ثم الفرائض ثم العقيدة حتى يسيطر الشيطان على العبد.
7) لأن أصحاب الشر والفساد كُثُر - لا كثرهم الله.
8) كثرة الشبهات والشهوات في هذا الزمن مع خطورة الغفلة التي يعيشونها كثيرٌ من الناس.
عباد الله: نأتي وإياكم إلى ثمرات التوبة التي تتمثل فيما يأتي:
1) التوبة فيها امتثال لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم لحديث (كل أمتي يدخل الجنة إلا من أبى) قالوا ومن يأبى يا رسول الله قال (من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ).
2) التوبة سببٌ في صلاح النفس وبالتالي البيت ثم صلاح المجتمع، لذلك مجتمع الصحابة رضي الله عنهم كان من أسعد المجتمعات وهو لا يجد لقمة العيش ولا يجدون ما يسترون به عوراتهم وكان الواحد منهم يربط على بطنه الحجر والحجران من شدة الجوع.
3) مغفرة الذنوب والسيئات وتقلب السيئات إلى حسنات: أتى أعرابي قد كبُر سنه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: ما تركت من ذنبٍ إلا فعلته ولو وزعت ذنوبي على أمةٍ لوسعتهم فهل لي من توبة؟ فقال صلى الله عليه وسلم (تعمل الحسنات وتترك السيئات فيجعلهن الله لك حسنات) قال وغدراتي وفجراتي قال صلى الله عليه وسلم (وغدراتك وفجراتك) فأخذ الرجل يهلل ويكبّر حتى توارى عن القوم.
وأتى رجلٌ الرسول صلى الله عليه وسلم فقال له: يارسول الله والله ما تركت من حاجة ولا داجّة ولا شاردة ولا واردة ولا كبيرة ولا صغيرة إلا فعلتها فهل لي من توبة؟؟ فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم (يا فلان قل: اللهم عن مغفرتك أوسع من ذنوبي ورحمتك أرجى عندي من عملي فأغفر لي) فقالها الرجل ثلاثاً فقال الرسول صلى الله عليه وسلم (يا فلان قم فقد غفر الله لك) فأخذ يهلل ويكبر حتى توارى عن أنظار القوم.
4) أن الله تعالى يفرح بتوبة التائب لقوله تعالى ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222] هذا ابن مسعود رضي الله عنه لقي رجل يقال له زاذان وكان له صوت جميل في الغناء والطرب والحرام فقال ابن عباس رضي الله عنهما (ما أجمل الصوت لو كان في قراءة كتاب الله تعالى) فتاب زاذان فأحبه ابن مسعود لن الله يحب هذا التائب.
5) التوبة عملٌ صالحٌ له بياضٌ في الوجه ونورٌ في القلب وقوةٌ في البدن وسعةٌ في الرزق ومحبةٌ في قلوب الخلق.
أيها المسلمون: تتحقق التوبة بإتباع شروطها وهي على النحو التالي:
1) الإنابة والعودة والفرار إلى الله بإخلاصٍ ومتابعة.
2) الاستسلام لله تعالى بفعل ما أمر الله به وترك ما نهى الله عنه وتصديق الحق وتطبيق الحكم
3) الإكثار من الأعمال الصالحة فهي خيرُ زادٍ وأفضلُ لباس.
4) مداومة العمل والتوبة لأن الذنوب والمعاصي كثيرةٌ ومستمرة.
5) استعجال التوبة لأن الأجل مجهول فلا ندري متى يكون الرحيل ولأن الأعمال بالخواتيم، ومعالجة المرض قبل استفحاله أفضل من معالجة المرض بعد استفحاله.
6) إصلاح الماضي بالندم على فعل الذنب والحزن على ذلك وفي الحديث (الندم توبة).
7) إصلاح الحاضر بالإقلاع عن الذنب، وعلامة ذلك المفارقة الفورية والإقلاع النهائي.
8) إصلاح المستقبل بالعزم على عدم العودة إلى الذنب، وإذا عاد لفعل الذنب فهذا دليل ان التوبة كاذبة وباطلة وغير صحيحة.
9) رد المظالم إلى أهلها سواءٌ مظالم عينية أو مالية أو أخلاقية والتحلل من هذه المظالم.
عباد الله قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه فيا فوز المستغفرين
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
قد يسأل سائل ما هو واجبنا تجاه من سلك طريق التوبة والرجوع الصادق إلى الله تعالى.
عباد الله: يجب علينا تجاه التائب ما يلي:
• محبة التائب لأن الله يحبه.
• الدعاء له بالثبات.
• زيارته وتعاهده والقرب منه.
• لا نعيّر التائب بماضيه لأن الله تعالى ستره فيلزم ستره.
وهناك عوائق للتوبة وأخطاء في باب التوبة وهي:
1) التأجيل والتسويف في التوبة.
2) ترك التوبة مخافة الرجوع للذنب والمعصية.
3) ترك التوبة مخافة سخرية الناس ولمزهم.
4) توبة الكذابين وهم الذين يهجرون الذنوب هجراً مؤقتاً لمرض أو مناسبة او عارض او خوف فإذا انتهى السبب رجع إلى الذنوب والمعاصي والعياذ بالله.
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه فقال ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
نسال الله تعالى أن يمنن علينا وعليكم بالتوبة والاستغفار والرجوع إلى الله تعالى.
اللهم انصر الإسلام والمسلمين في كل مكان اللهم كن لهم عوناً ونصيراً ومؤيداً وظهيراً يوم قل المعين والناصر اللهم اسقنا وأغثنا (ثلاث).
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنامن القانطين.
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.
اللهم اسقناالغيث ولا تجعلنا من القانطين.
اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين اللهم اجعل لهم من كل همٍ فرجا ومن كل ضيقٍ مخرجا ومن كل بلاء عافية يا أكرم الأكرمين.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينامحمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
عباد الله... أذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون
معيض محمد آل زرعه
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين...... أما بعد:
عباد الله:
اتقوا الله تعالى، واعترفوا بذنوبكم، وتبصروا في عيوبكم، توبوا إلى الله توبة نصوحا مادام بابها مفتوحا، حافظوا على أوامر الله بالامتثال وعلى نواهيه بالاجتناب، وعليكم بالعمل بتقوى الله حقيقة، فإنه من يتق الله يجعل له مخرجا - أي مخرجا من كل شدة.
عباد الله: حديثي إليكم في هذا اليوم المبارك عن (وظيفة العمر) ألا وهي التوبة والإنابة.
الأمة في هذا الزمان وخصوصاً في هذه الفترة تعيش قلة في البركة وانتشار الفساد وكثرة الفتن وجدب السماء وقحط الأرض وفشو الربا وكثرة الأمراض والأوجاع التي لم تكن في أسلافنا، والسبيل الوحيد والطريق الصحيح لحل هذه المشاكل هو طريق التوبة والاستغفار والإنابة إلى الله تعالى... لذلك التوبة هي وظيفة العمر وهي بداية الحياة الحقيقية وهي أعلى منازل العبودية.
يقول الله تعالى ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31] نزلت هذه الآية في الصحابة بعد الهجرة وبعد التعذيب والتنكيل بهم. ويقول الله تعالى ﴿ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11] وقال تعالى ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41].
روى أحمد والحاكم وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم (يا محمد أدع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهباً، فإن اصبح ذهباً اتبعناك) فدعا صلى الله عليه وسلم ربه، فأتاه جبريل عليه السلام فقال (يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول لك: إن شئت أصبح لهم الصفا ذهباً فمن كفر منهم عذبته عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين وإن شئت فتحت لهم باب التوبة والرحمة) قال صلى الله عليه وسلم (بل باب التوبة والرحمة).
ومن نعم الله تعالى علينا أن الله تعالى فتح باب التوبة وأمرنا بها ووعدنا بالقبول مهما عظمت الذنوب والمعاصي ولذلك يقول الله تعالى في حق أصحاب الأخدود الذي أحرقوا المسلمين ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ﴾ [البروج: 10] يقول الحسن البصري رحمه الله (انظروا إلى هذا الكرم والجود قتلوا أولياء الله وهو مع ذلك يدعوهم إلى التوبة والمغفرة).
يا ترى ما هي التوبة؟؟
يقول الحسن البصري رحمه الله (التوبة هي ندمٌ بالقلب واستغفارٌ باللسان وتركٌ بالجوارح).
ويقول الراغب رحمه الله (هي ترك الذنب لقبحه والندم على فعله والعزيمة على تركه).
وقال الجرجاني (هي الرجوع إلى الله والقيام بكل حقوقه سبحانه وتعالى).
وقال آخر (هي تدارك ما يمكن تداركه من الأعمال وأن يكون ذلك قبل الغرغرة وقبل طلوع الشمس من مغربها).
أيها المؤمنون: اسأل نفسي وإياكم (لماذا نتحدث عن التوية؟) نتحدث عنها للأسباب التالية:
1) لأن الله تعالى أمرنا بالتوبة ووجب علينا الامتثال لذلك لقوله تعالى ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].
2) لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا بالتوبة لقوله صلى الله عليه وسلم (أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب إلى الله في اليوم الواحد سبعين مرة) والله سبحانه وتعالى قد زكاه ورفع مقامه وعصمه من الذنوب والمعاصي.
3) لأن ذنوبنا كثيرة لا تحصى ولا تعد، لا نقول في الليل والنهار بل ربما في كل ساعة.
4) لأن ذنوبنا دائمة ومتنوعة.
5) لأن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها لقوله صلى الله عليه وسلم (للجنة ثمانية أبواب سبعةٌ مغلقة وبابٌ مفتوح للتوبة حتى تطلع الشمس من مغربها) وكما جاء ان مسيرة هذا الباب سبعون سنة.
6) لأن الشيطان واقف بالمرصاد ويجري من ابن آدم مجرى الدم يأتيه من باب المباحات ثم من باب الآداب ثم النوافل ثم الفرائض ثم العقيدة حتى يسيطر الشيطان على العبد.
7) لأن أصحاب الشر والفساد كُثُر - لا كثرهم الله.
8) كثرة الشبهات والشهوات في هذا الزمن مع خطورة الغفلة التي يعيشونها كثيرٌ من الناس.
عباد الله: نأتي وإياكم إلى ثمرات التوبة التي تتمثل فيما يأتي:
1) التوبة فيها امتثال لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم لحديث (كل أمتي يدخل الجنة إلا من أبى) قالوا ومن يأبى يا رسول الله قال (من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ).
2) التوبة سببٌ في صلاح النفس وبالتالي البيت ثم صلاح المجتمع، لذلك مجتمع الصحابة رضي الله عنهم كان من أسعد المجتمعات وهو لا يجد لقمة العيش ولا يجدون ما يسترون به عوراتهم وكان الواحد منهم يربط على بطنه الحجر والحجران من شدة الجوع.
3) مغفرة الذنوب والسيئات وتقلب السيئات إلى حسنات: أتى أعرابي قد كبُر سنه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: ما تركت من ذنبٍ إلا فعلته ولو وزعت ذنوبي على أمةٍ لوسعتهم فهل لي من توبة؟ فقال صلى الله عليه وسلم (تعمل الحسنات وتترك السيئات فيجعلهن الله لك حسنات) قال وغدراتي وفجراتي قال صلى الله عليه وسلم (وغدراتك وفجراتك) فأخذ الرجل يهلل ويكبّر حتى توارى عن القوم.
وأتى رجلٌ الرسول صلى الله عليه وسلم فقال له: يارسول الله والله ما تركت من حاجة ولا داجّة ولا شاردة ولا واردة ولا كبيرة ولا صغيرة إلا فعلتها فهل لي من توبة؟؟ فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم (يا فلان قل: اللهم عن مغفرتك أوسع من ذنوبي ورحمتك أرجى عندي من عملي فأغفر لي) فقالها الرجل ثلاثاً فقال الرسول صلى الله عليه وسلم (يا فلان قم فقد غفر الله لك) فأخذ يهلل ويكبر حتى توارى عن أنظار القوم.
4) أن الله تعالى يفرح بتوبة التائب لقوله تعالى ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222] هذا ابن مسعود رضي الله عنه لقي رجل يقال له زاذان وكان له صوت جميل في الغناء والطرب والحرام فقال ابن عباس رضي الله عنهما (ما أجمل الصوت لو كان في قراءة كتاب الله تعالى) فتاب زاذان فأحبه ابن مسعود لن الله يحب هذا التائب.
5) التوبة عملٌ صالحٌ له بياضٌ في الوجه ونورٌ في القلب وقوةٌ في البدن وسعةٌ في الرزق ومحبةٌ في قلوب الخلق.
أيها المسلمون: تتحقق التوبة بإتباع شروطها وهي على النحو التالي:
1) الإنابة والعودة والفرار إلى الله بإخلاصٍ ومتابعة.
2) الاستسلام لله تعالى بفعل ما أمر الله به وترك ما نهى الله عنه وتصديق الحق وتطبيق الحكم
3) الإكثار من الأعمال الصالحة فهي خيرُ زادٍ وأفضلُ لباس.
4) مداومة العمل والتوبة لأن الذنوب والمعاصي كثيرةٌ ومستمرة.
5) استعجال التوبة لأن الأجل مجهول فلا ندري متى يكون الرحيل ولأن الأعمال بالخواتيم، ومعالجة المرض قبل استفحاله أفضل من معالجة المرض بعد استفحاله.
6) إصلاح الماضي بالندم على فعل الذنب والحزن على ذلك وفي الحديث (الندم توبة).
7) إصلاح الحاضر بالإقلاع عن الذنب، وعلامة ذلك المفارقة الفورية والإقلاع النهائي.
8) إصلاح المستقبل بالعزم على عدم العودة إلى الذنب، وإذا عاد لفعل الذنب فهذا دليل ان التوبة كاذبة وباطلة وغير صحيحة.
9) رد المظالم إلى أهلها سواءٌ مظالم عينية أو مالية أو أخلاقية والتحلل من هذه المظالم.
عباد الله قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه فيا فوز المستغفرين
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
قد يسأل سائل ما هو واجبنا تجاه من سلك طريق التوبة والرجوع الصادق إلى الله تعالى.
عباد الله: يجب علينا تجاه التائب ما يلي:
• محبة التائب لأن الله يحبه.
• الدعاء له بالثبات.
• زيارته وتعاهده والقرب منه.
• لا نعيّر التائب بماضيه لأن الله تعالى ستره فيلزم ستره.
وهناك عوائق للتوبة وأخطاء في باب التوبة وهي:
1) التأجيل والتسويف في التوبة.
2) ترك التوبة مخافة الرجوع للذنب والمعصية.
3) ترك التوبة مخافة سخرية الناس ولمزهم.
4) توبة الكذابين وهم الذين يهجرون الذنوب هجراً مؤقتاً لمرض أو مناسبة او عارض او خوف فإذا انتهى السبب رجع إلى الذنوب والمعاصي والعياذ بالله.
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه فقال ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
نسال الله تعالى أن يمنن علينا وعليكم بالتوبة والاستغفار والرجوع إلى الله تعالى.
اللهم انصر الإسلام والمسلمين في كل مكان اللهم كن لهم عوناً ونصيراً ومؤيداً وظهيراً يوم قل المعين والناصر اللهم اسقنا وأغثنا (ثلاث).
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنامن القانطين.
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.
اللهم اسقناالغيث ولا تجعلنا من القانطين.
اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين اللهم اجعل لهم من كل همٍ فرجا ومن كل ضيقٍ مخرجا ومن كل بلاء عافية يا أكرم الأكرمين.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينامحمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
عباد الله... أذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون