فريق منتدى الدي في دي العربي
05-06-2016, 01:34 PM
تهذيب النفس وأثرها في تهذيب الغير!!
محمد محمود عبد الخالق
لقد أمرنا الله - تبارك وتعالى - بأن نهذب أنفسنا ونزكيها، ونطهرها من المعايب فقال - جل وعلا - في كتابه الكريم: (قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها)، فالفلاح في تزكية النفس، والخسران في إهمالها وتركها بدون تزكية وتهذيب، فيُترك لها العنان في أن تقترف من الذنوب ما تشاء، وتُحصل من المباحات ما تهوى دون محاسبة ومعاتبة، وانظر إلى كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - حين يقول: ((الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني))، ولهذا نبه الكثير من الصالحين على ضرورة محاسبة النفس فقال ميمون بن مهران: "إن التقي أشد محاسبة لنفسه من سلطان عاص، ومن شريك شحيح"، وقال أيضاً: "لا يكون العبد تقياً حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه".
ولهذا قيل: "النفس كالشريك الخوان، إن لم تحاسبه ذهب بمالك"، وقال الحسن البصري: "إن المؤمن والله ما تراه إلا يلوم نفسه على كل حالاته، يستقصرها فيندم، ويلوم نفسه، وإن الفاجر ليمضي قدماً لا يعاتب نفسه".
إن المسلم يحتاج في حياته إلى تهذيب النفس حتى تستقيم له فتكون نفساً مطمئنة طيبة، تدعوه إلى الخير، وتحببه فيه، وتنهاه عن المنكر، وتنفره منه، وهذا التهذيب لن يكون إلا إذا عاد المرء إلى نفسه فعلمها وأدبها، وذكرها بتقصيرها في حق ربها، ثم جعل لها القرآن قائداً، والرسول - صلى الله عليه وسلم - أسوةً، وانظر إلى حال مالك بن دينار - رحمه الله - حينما يدعو للعبد الذي يرجع إلى نفسه فيهذبها ويذكرها بتقصيرها فيقول: "رحم الله عبداً قال لنفسه: ألست صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثم ذمها، ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله - عز وجل - فكان لها قائداً".
وإذا كان المسلم العادي يحتاج إلى تهذيب نفسه حتى تقوى صلته بالله؛ فما بالنا بالدعاة والمصلحين وأصحاب الهمم الذين يحملون همّ الدعوة والإصلاح، ويسيرون بين الناس هنا وهناك؛ لنشر دعوتهم، فلهم أشد حاجة إلى تهذيب أنفسهم حتى يستطيعوا أن يهذبوا غيرهم، ولهذا رأينا الأمام علي - رضي الله عنه - ينصح الأئمة والدعاة والمصلحين فينادي عليهم قائلاً: "من نصب نفسه للناس إماماً فليبدأ بتهذيب نفسه قبل تهذيب غيره، وليكن تهذيبه بسيرته قبل تهذيبه بلسانه، ومعلم نفسه ومهذبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومهذبهم".
فانظر أخي إلى هذا الكلام الراقي الذي يفتقده الكثير من الدعاة والمصلحين خاصة من طلبة العلم، وأهل الالتزام الجدد؛ الذين ينصبون أنفسهم في بعض الأحيان أئمة يريدون أن يهذبوا الناس على الرغم من أنهم لم يهذبوا أنفسهم، وتجد أفعالهم وسلوكياتهم وأخلاقهم بعيدة كل البعد عن أقوالهم وأحاديثهم، فيا من تنصب نفسك إماماً وداعياً لهذا الدين راجع نفسك، وهذبها، واعلم أنك مسؤول، وأن الناس ينظرون إليك ويقتدون بأفعالك، فاحذر أن تكون معول هدم دون أن تشعر.
ولقد حذر الكثير من أهل العلم والصلاح من ترك الإنسان لتهذيب نفسه مع إقدامه على تهذيب غيره، واسمع إلى هذه النداءات التي نحتاج إلى فهمها والوقوف معها: "من لم تهذبك رؤيته؛ فاعلم أنه غير مهذب، ومن لم ينعشك عبيره من على بعد فاعلم أنه لا طيب له، ولا تتكلف لشمه"، "من لم ينفعك لحظه لم ينفعك لفظه".
وانظر إلى سير الصالحين لتدرك أنهم كانوا يدعون الناس بسلوكهم، وجميل سيرتهم، وحسن أخلاقهم؛ فيكاد الناس ينتفعون بأدبهم وبرؤيتهم أكثر من انتفاعهم بعلمهم وأقوالهم، وأضرب لذلك بمثالين فقط:
أحدهما: للإمام مالك - رحمه الله - صاحب المذهب العروف، والكتاب المشهور، يقول عنه صاحبه: "ما تعلمت من أدب مالك أفضل من علمه".
الثاني: للحسن البصري - رحمه الله - صاحب الأقوال الباهرة، والكلمات الرقيقة المعبرة، والمواقف القوية الرائعة؛ الذي قالوا عنه: كان الرجل إذا نظر إلى الحسن انتفع به، وإن لم ير علمه، ولم يسمع كلامه"، فانظر إلى الأدب، وحسن السيرة، وجميل الخلق؛ كيف يكون لهم الأثر الكبير في إحداث الإصلاح، وقبول الدعوة، ونشر الخير؛ فعلينا أن نهذب أنفسنا، ونلزمها الخير، والسلوك الطيب؛ حتى نتمكن بعدها من تهذيب الغير بيسر وسهولة، فيتحقق الخير للأمة، وينتشر الدين بين الناس، فيسعد الجميع في الدنيا والآخرة.
محمد محمود عبد الخالق
لقد أمرنا الله - تبارك وتعالى - بأن نهذب أنفسنا ونزكيها، ونطهرها من المعايب فقال - جل وعلا - في كتابه الكريم: (قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها)، فالفلاح في تزكية النفس، والخسران في إهمالها وتركها بدون تزكية وتهذيب، فيُترك لها العنان في أن تقترف من الذنوب ما تشاء، وتُحصل من المباحات ما تهوى دون محاسبة ومعاتبة، وانظر إلى كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - حين يقول: ((الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني))، ولهذا نبه الكثير من الصالحين على ضرورة محاسبة النفس فقال ميمون بن مهران: "إن التقي أشد محاسبة لنفسه من سلطان عاص، ومن شريك شحيح"، وقال أيضاً: "لا يكون العبد تقياً حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه".
ولهذا قيل: "النفس كالشريك الخوان، إن لم تحاسبه ذهب بمالك"، وقال الحسن البصري: "إن المؤمن والله ما تراه إلا يلوم نفسه على كل حالاته، يستقصرها فيندم، ويلوم نفسه، وإن الفاجر ليمضي قدماً لا يعاتب نفسه".
إن المسلم يحتاج في حياته إلى تهذيب النفس حتى تستقيم له فتكون نفساً مطمئنة طيبة، تدعوه إلى الخير، وتحببه فيه، وتنهاه عن المنكر، وتنفره منه، وهذا التهذيب لن يكون إلا إذا عاد المرء إلى نفسه فعلمها وأدبها، وذكرها بتقصيرها في حق ربها، ثم جعل لها القرآن قائداً، والرسول - صلى الله عليه وسلم - أسوةً، وانظر إلى حال مالك بن دينار - رحمه الله - حينما يدعو للعبد الذي يرجع إلى نفسه فيهذبها ويذكرها بتقصيرها فيقول: "رحم الله عبداً قال لنفسه: ألست صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثم ذمها، ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله - عز وجل - فكان لها قائداً".
وإذا كان المسلم العادي يحتاج إلى تهذيب نفسه حتى تقوى صلته بالله؛ فما بالنا بالدعاة والمصلحين وأصحاب الهمم الذين يحملون همّ الدعوة والإصلاح، ويسيرون بين الناس هنا وهناك؛ لنشر دعوتهم، فلهم أشد حاجة إلى تهذيب أنفسهم حتى يستطيعوا أن يهذبوا غيرهم، ولهذا رأينا الأمام علي - رضي الله عنه - ينصح الأئمة والدعاة والمصلحين فينادي عليهم قائلاً: "من نصب نفسه للناس إماماً فليبدأ بتهذيب نفسه قبل تهذيب غيره، وليكن تهذيبه بسيرته قبل تهذيبه بلسانه، ومعلم نفسه ومهذبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومهذبهم".
فانظر أخي إلى هذا الكلام الراقي الذي يفتقده الكثير من الدعاة والمصلحين خاصة من طلبة العلم، وأهل الالتزام الجدد؛ الذين ينصبون أنفسهم في بعض الأحيان أئمة يريدون أن يهذبوا الناس على الرغم من أنهم لم يهذبوا أنفسهم، وتجد أفعالهم وسلوكياتهم وأخلاقهم بعيدة كل البعد عن أقوالهم وأحاديثهم، فيا من تنصب نفسك إماماً وداعياً لهذا الدين راجع نفسك، وهذبها، واعلم أنك مسؤول، وأن الناس ينظرون إليك ويقتدون بأفعالك، فاحذر أن تكون معول هدم دون أن تشعر.
ولقد حذر الكثير من أهل العلم والصلاح من ترك الإنسان لتهذيب نفسه مع إقدامه على تهذيب غيره، واسمع إلى هذه النداءات التي نحتاج إلى فهمها والوقوف معها: "من لم تهذبك رؤيته؛ فاعلم أنه غير مهذب، ومن لم ينعشك عبيره من على بعد فاعلم أنه لا طيب له، ولا تتكلف لشمه"، "من لم ينفعك لحظه لم ينفعك لفظه".
وانظر إلى سير الصالحين لتدرك أنهم كانوا يدعون الناس بسلوكهم، وجميل سيرتهم، وحسن أخلاقهم؛ فيكاد الناس ينتفعون بأدبهم وبرؤيتهم أكثر من انتفاعهم بعلمهم وأقوالهم، وأضرب لذلك بمثالين فقط:
أحدهما: للإمام مالك - رحمه الله - صاحب المذهب العروف، والكتاب المشهور، يقول عنه صاحبه: "ما تعلمت من أدب مالك أفضل من علمه".
الثاني: للحسن البصري - رحمه الله - صاحب الأقوال الباهرة، والكلمات الرقيقة المعبرة، والمواقف القوية الرائعة؛ الذي قالوا عنه: كان الرجل إذا نظر إلى الحسن انتفع به، وإن لم ير علمه، ولم يسمع كلامه"، فانظر إلى الأدب، وحسن السيرة، وجميل الخلق؛ كيف يكون لهم الأثر الكبير في إحداث الإصلاح، وقبول الدعوة، ونشر الخير؛ فعلينا أن نهذب أنفسنا، ونلزمها الخير، والسلوك الطيب؛ حتى نتمكن بعدها من تهذيب الغير بيسر وسهولة، فيتحقق الخير للأمة، وينتشر الدين بين الناس، فيسعد الجميع في الدنيا والآخرة.