فريق منتدى الدي في دي العربي
05-06-2016, 01:34 PM
تبجيل العلماء والدعاة والتأدب معهم
موقع الشبكة الإسلامية
أدب النفس ممدوح بكل لسان، ومتزين به في كل مكان، وباقٍ ذكره مدى الأزمان، وكل من أعار الوجود نظرة البصير علم أن حاجة المرء إلى تأديب نفسه من أهم الحاجات، والناس إنما تتفاضل بالأدب أعظم مما تتفاضل بالحسب؛ لأن الأدب يرفع الأحساب الوضيعة، ويفيد صاحبة الأوصاف الرفيعة، ويعز صاحبه وإن كان بلا عشيرة، وكما قيل: "من قعد به حسبه نهض به أدبه".
ولأن الأدب الظاهر عنوان أدب الباطن، فهو رشح الأرواح السامية، والنفوس الزاكية، والمعارف الراقية يقول ابن القيم - رحمه الله -: "أدب المرء عنوان سعادته وفلاحه، وقلة أدبه عنوان شقاوته وبواره، فما استجلب خير الدنيا والآخرة بمثل الأدب، ولا استجلب حرمانها بمثل قلة الأدب".
وتأمل أحوال كل شقي ومغتر ومدبر تجد قلة الأدب هي التي ساقته إلى الحرمان.
ما وهب الله لامرئ هبة أفضل من عقله ومن أدبه
هما حياة الفتى فإن فقدا فإن فقدَ الحياة أحســـــــن به
الأدب قبل العلم:
ولعظم مقام الأدب ومكانه أولاه السلف اهتمامًا عظيمًا، فجدوا في طلبه لأنفسهم، ونصحوا به طلابهم، وأمروا به أبناءهم، وجعلوه مطلب أساسيًّا قبل العلم، إذ كل علم بلا أدب لا منفعة فيه.
قال الحسن: "إن كان الرجل ليخرج في أدب نفسه السنتين ثم السنتين".
وقال سفيان الثوري: "كان الرجل إذا أراد أن يكتب الحديث تأدب وتعبد قبل ذلك بعشرين سنة".
لقد كان طلب الأدب مقدمًا عندهم على طلب العلم.
هذا مالك الإمام يقول لفتىً من قريش: "يا ابن أخي تعلم الأدب قبل أن تتعلم العلم"، لأنه أدرك فضل الأدب منذ صغره فقد كان يقول: "كانت أمي تعممني، وتقول: اذهب إلى ربيعة (وهو ربيعة الرأي شيخ الإمام مالك) فتعلم من أدبه قبل علمه.
قال إبراهيم بن حبيب بن الشهيد: قال لي أبي: "يا بني إيت الفقهاء والعلماء، وتعلم منهم، وخذ من أدبهم، وأخلاقهم، وهديهم، فإن ذاك أحب إليَّ لك من كثير من الحديث".
وقال بعضهم لابنه: "يا بني لأن تتعلم بابًا من الأدب أحب إليَّ من أن تتعلم سبعين بابًا من أبواب العلم".
واسمع إلى الحسين بن إسماعيل وهو يقول: سمعت أبي يقول: كنا نجتمع في مجلس الإمام أحمد زهاء على خمسة آلاف أو يزيدون، أقل من خمسمائة يكتبون، والباقي يتعلمون منه حسن الأدب، وحسن السمت.
وقال مخلد بن الحسين لابن المبارك: "نحن إلى كثير من الأدب أحوج منا إلى كثير من الحديث".
وأنا أقول: بل نحن والله في هذا الزمان أحوج إلى كلام مخلد هذا.
بلية الوقيعة في أهل العلم:
ما ابتليت الأمة في زمان من أزمانها ببلية مثل التي ابتليت بها في هذا الزمن، وهي التطاول على العلماء، والطعن فيهم، والقدح في نواياهم، والتجرؤ عليهم، ونسبتهم إلى العماله والخيانة.
وفي الكتب والمؤلفات في رد أبي فلان على فلان، وشرائط الكاسيت بلايا ورزايا، ونظرة واحدة على مواقع الحوار الإسلامي في الإنترنت تكفي لتعرف من خلالها حجم المصيبة، وعظيم البلية، وفداحة الخطر، خصوصًا وأن معظم الطاعنين لا يحسن أحدهم كتابة اللغة العربية وقراءتها، فيكف يفهمها، فضلاً عن أن يكون عالمًا في الدين، وإنما حاله كحال القائل: "لقد ارتقيت مرتقى صعبًا يا رويعي الغنم".
توقير العلماء من الدين:
إن من أصول منهج السلف احترام العلماء، وتوقير الفقهاء، والتأدب معهم غاية الأدب، فإن الجناية على العلماء خرق في الدين، ومن هنا قال الإمام الطحاوي: "وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر؛ لا يُذكَرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل".
لأن العلماء كما يقول الإمام أحمد بن حنبل: "هم خلفاء الرسول في أمته، وورثة النبي في حكمته، والمحيون لما مات من سنته، فبهم قام الكتاب، وبه قاموا، وبهم نطق الكتاب، وبه نطقوا".. قيضهم الله لحفظ الدين، ولولا ذلك لبطلت الشريعة، وتعطلت أحكامها، وهم في كل زمان الأصل في أهل الحل والعقد، وهم المعنيون مع الأمراء في قوله - تعالى -: (وَأَولي الأمر)[النساء] ولذلك كان الوقوع فيهم من أكبر الذنوب، وفاعله لا يفلح أبدًا.
قال ابن المبارك: من استخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته.
قال ابن الأذرعي: "الوقيعة في أهل العلم - لاسيما أكابرهم - من كبائر الذنوب".
وقال أبو سنان الأسدي: "إذا كان طالب العلم قبل أن يتعلم مسألة في الدين يتعلم الوقيعة في الناس متى يفلح".
وقال الإمام أحمد: "لحوم العلماء مسمومة من شمها مرض، ومن أكلها مات".
وقال الحسن بن ذكوان لرجلٍ تكلم عنده على أحد الناس: "مه .. لا تذكر العلماء بشيء؛ فيميت الله قلبك".
وما أجمل قول ابن عساكر بعد هذه الأقوال الجميلة: "واعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته، أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، ومن أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاه الله قبل موته بموت القلب (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[النور:63]".
وقد ذكروا عن رجل (الفقيه محمد بن عبد الله الزبيدي) أنه كان كثير الوقوع في الإمام النووي - رحمه الله -، فقال الجمال المصري: أنه شاهده عند وفاته، وقد اندلع لسانه، واسود، فكانوا يرون أن ذلك بسبب كثرة وقيعته في الإمام النووي - رحمهم الله - جميعًا.
فليحذر هؤلاء المتسلطون على العلماء، والواقعون فيهم؛ من سوء العاقبة.
وما من كاتب إلا ســـيلقى كتابته وإن فنيت يـداه
فلا تكتب بحظك غير شيء يسوك في القيامة أن تراه
موقع الشبكة الإسلامية
أدب النفس ممدوح بكل لسان، ومتزين به في كل مكان، وباقٍ ذكره مدى الأزمان، وكل من أعار الوجود نظرة البصير علم أن حاجة المرء إلى تأديب نفسه من أهم الحاجات، والناس إنما تتفاضل بالأدب أعظم مما تتفاضل بالحسب؛ لأن الأدب يرفع الأحساب الوضيعة، ويفيد صاحبة الأوصاف الرفيعة، ويعز صاحبه وإن كان بلا عشيرة، وكما قيل: "من قعد به حسبه نهض به أدبه".
ولأن الأدب الظاهر عنوان أدب الباطن، فهو رشح الأرواح السامية، والنفوس الزاكية، والمعارف الراقية يقول ابن القيم - رحمه الله -: "أدب المرء عنوان سعادته وفلاحه، وقلة أدبه عنوان شقاوته وبواره، فما استجلب خير الدنيا والآخرة بمثل الأدب، ولا استجلب حرمانها بمثل قلة الأدب".
وتأمل أحوال كل شقي ومغتر ومدبر تجد قلة الأدب هي التي ساقته إلى الحرمان.
ما وهب الله لامرئ هبة أفضل من عقله ومن أدبه
هما حياة الفتى فإن فقدا فإن فقدَ الحياة أحســـــــن به
الأدب قبل العلم:
ولعظم مقام الأدب ومكانه أولاه السلف اهتمامًا عظيمًا، فجدوا في طلبه لأنفسهم، ونصحوا به طلابهم، وأمروا به أبناءهم، وجعلوه مطلب أساسيًّا قبل العلم، إذ كل علم بلا أدب لا منفعة فيه.
قال الحسن: "إن كان الرجل ليخرج في أدب نفسه السنتين ثم السنتين".
وقال سفيان الثوري: "كان الرجل إذا أراد أن يكتب الحديث تأدب وتعبد قبل ذلك بعشرين سنة".
لقد كان طلب الأدب مقدمًا عندهم على طلب العلم.
هذا مالك الإمام يقول لفتىً من قريش: "يا ابن أخي تعلم الأدب قبل أن تتعلم العلم"، لأنه أدرك فضل الأدب منذ صغره فقد كان يقول: "كانت أمي تعممني، وتقول: اذهب إلى ربيعة (وهو ربيعة الرأي شيخ الإمام مالك) فتعلم من أدبه قبل علمه.
قال إبراهيم بن حبيب بن الشهيد: قال لي أبي: "يا بني إيت الفقهاء والعلماء، وتعلم منهم، وخذ من أدبهم، وأخلاقهم، وهديهم، فإن ذاك أحب إليَّ لك من كثير من الحديث".
وقال بعضهم لابنه: "يا بني لأن تتعلم بابًا من الأدب أحب إليَّ من أن تتعلم سبعين بابًا من أبواب العلم".
واسمع إلى الحسين بن إسماعيل وهو يقول: سمعت أبي يقول: كنا نجتمع في مجلس الإمام أحمد زهاء على خمسة آلاف أو يزيدون، أقل من خمسمائة يكتبون، والباقي يتعلمون منه حسن الأدب، وحسن السمت.
وقال مخلد بن الحسين لابن المبارك: "نحن إلى كثير من الأدب أحوج منا إلى كثير من الحديث".
وأنا أقول: بل نحن والله في هذا الزمان أحوج إلى كلام مخلد هذا.
بلية الوقيعة في أهل العلم:
ما ابتليت الأمة في زمان من أزمانها ببلية مثل التي ابتليت بها في هذا الزمن، وهي التطاول على العلماء، والطعن فيهم، والقدح في نواياهم، والتجرؤ عليهم، ونسبتهم إلى العماله والخيانة.
وفي الكتب والمؤلفات في رد أبي فلان على فلان، وشرائط الكاسيت بلايا ورزايا، ونظرة واحدة على مواقع الحوار الإسلامي في الإنترنت تكفي لتعرف من خلالها حجم المصيبة، وعظيم البلية، وفداحة الخطر، خصوصًا وأن معظم الطاعنين لا يحسن أحدهم كتابة اللغة العربية وقراءتها، فيكف يفهمها، فضلاً عن أن يكون عالمًا في الدين، وإنما حاله كحال القائل: "لقد ارتقيت مرتقى صعبًا يا رويعي الغنم".
توقير العلماء من الدين:
إن من أصول منهج السلف احترام العلماء، وتوقير الفقهاء، والتأدب معهم غاية الأدب، فإن الجناية على العلماء خرق في الدين، ومن هنا قال الإمام الطحاوي: "وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر؛ لا يُذكَرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل".
لأن العلماء كما يقول الإمام أحمد بن حنبل: "هم خلفاء الرسول في أمته، وورثة النبي في حكمته، والمحيون لما مات من سنته، فبهم قام الكتاب، وبه قاموا، وبهم نطق الكتاب، وبه نطقوا".. قيضهم الله لحفظ الدين، ولولا ذلك لبطلت الشريعة، وتعطلت أحكامها، وهم في كل زمان الأصل في أهل الحل والعقد، وهم المعنيون مع الأمراء في قوله - تعالى -: (وَأَولي الأمر)[النساء] ولذلك كان الوقوع فيهم من أكبر الذنوب، وفاعله لا يفلح أبدًا.
قال ابن المبارك: من استخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته.
قال ابن الأذرعي: "الوقيعة في أهل العلم - لاسيما أكابرهم - من كبائر الذنوب".
وقال أبو سنان الأسدي: "إذا كان طالب العلم قبل أن يتعلم مسألة في الدين يتعلم الوقيعة في الناس متى يفلح".
وقال الإمام أحمد: "لحوم العلماء مسمومة من شمها مرض، ومن أكلها مات".
وقال الحسن بن ذكوان لرجلٍ تكلم عنده على أحد الناس: "مه .. لا تذكر العلماء بشيء؛ فيميت الله قلبك".
وما أجمل قول ابن عساكر بعد هذه الأقوال الجميلة: "واعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته، أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، ومن أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاه الله قبل موته بموت القلب (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[النور:63]".
وقد ذكروا عن رجل (الفقيه محمد بن عبد الله الزبيدي) أنه كان كثير الوقوع في الإمام النووي - رحمه الله -، فقال الجمال المصري: أنه شاهده عند وفاته، وقد اندلع لسانه، واسود، فكانوا يرون أن ذلك بسبب كثرة وقيعته في الإمام النووي - رحمهم الله - جميعًا.
فليحذر هؤلاء المتسلطون على العلماء، والواقعون فيهم؛ من سوء العاقبة.
وما من كاتب إلا ســـيلقى كتابته وإن فنيت يـداه
فلا تكتب بحظك غير شيء يسوك في القيامة أن تراه