تركي السعوديه
03-02-2016, 10:39 PM
بقلم القس محسن نعيم
قضية رسامة المرأة كانت ومازالت موضع بحث ونقاش، بين مؤيد ومعارض، وأنا أحاول في عُجالة أن أقدم وجهة النظر المؤيدة والمُعارضة، لنصل في النهاية لإجابة على السؤال: هل تجوز رسامة المرأة قسًا؟
أولًا: وجهة النظر المؤيدة
ثلاث قضايا: القيمة والمساواة، المواهب والوظائف، الدعوة والرسامة.
1- القيمة والمساواة
خلق الله القدوس الإنسان على صورته، خلق الجنس البشري كله في آدم. فكلمة "الإنسان" اسم جنس وليست اسم علم، فالإنسان كيان واحد (ذكر وأنثى) واسم العلم الذي أُعطي له هو "آدم". إذ قَالَ اللهُ: «نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، 27فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ. 28وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ" (تك 1: 26- 28)، " هذَا كِتَابُ مَوَالِيدِ آدَمَ، يَوْمَ خَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ. عَلَى شَبَهِ اللهِ عَمِلَهُ. 2ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُ، وَبَارَكَهُ وَدَعَا اسْمَهُ آدَمَ يَوْمَ خُلِقَ" (تك 5: 1، 2).
معنى صورة الله: د. جون ستوت في كتابه Focus on Christ قال: إن الله القدوس خلق الإنسان على صورته كشبهه، إلا أن الله غير محدود والإنسان محدود. وهذا معناه أن شيئًا من طبيعة الله غير المحدود منعكس في الإنسان. فنحن ندرك شيئًا من عقلانية الله من خلال قدرتنا على الإدارك، وشيئًا من محبته من خلال محبتنا، وشيئًا من قداسته من خلال ناموسه الأدبي الذي كتبه في قلوبنا، وجزءًا من حريته لأننا مخلوقات عاقلة تتمتع بحرية مسئولة.
فالعلاقة بين الرجل والمرأة تقوم على أساس التناظر والتساوي والتكافؤ في القيمة أمام الله، لأنهما مخلوقان على صورة الله هذا من ناحية، ومن الناحية الأُخرى َقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: «لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ» (تك 2: 18). فالمرأة تُعادل الرجل في القيمة، وهي ليست أقل منه. ليست هناك دونية للمرأة وسمو للرجل، بل هما متساويان.
إلا أن سقوط الإنسان في الخطية كان نقطة حرجة في تاريخ البشرية، كما يقول كلفن: إنها كارثة على الجنس البشري كله، فصورة الله التي كانت لامعة وشفافة قد تشوهت.
فالخطية شوهت صورة الله الطاهرة التي خلق الإنسان عليها، وشوهت علاقة الإنسان بنفسه وبالآخر، وغرست خللًا في ميزان القيم، وأوجدت الفروق في القيمة بين الرجل والمرأة، وخضعت العلاقة بينهما لقيم المجتمع التي كانت تختلف من مجتمع لآخر ومن عصر لآخر، فبعض الحضارات أرست مبادئ المساواة وحرية المرأة وإنسانيتها وكرامتها، والبعض الآخر انتهك هذه الحقوق، وهكذا اتسمت العلاقة بين الرجل والمرأة بسماتٍ تختلف عما قبل السقوط، ومنها: سلطوية الرجل. إذ تحولت علاقة المساواة والتكافؤ في القيمة أمام الله إلى علاقة التسلُّط والسيادة من جانب الرجل على المرأة، أي أن العلاقة صارت علاقة السيد بالعبد إذ قال الله للمرأة: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ» (تك 3: 16).
الرب يسوع بموته وقيامته صنع لنا فداءً أبديًا، وكل مَنْ يؤمن به يصير خليقة جديدة (2كو 5: 17). فهو بذلك أعاد للإنسان الصورة الإلهية التي خُلِقَ عليها وشوهتها الخطية. فقد وُهِبَ لنا بالإيمان أن نصير شركاء الطبيعة الإلهية (2بط 1: 4).
عامل المسيحُ المرأةَ كإنسان، وقَبِلَ عبادتها وسَمَحَ للنساء بالحضور إلى تعليمه، وكان من النسوة تلميذات تبعن يسوع وكُنّ يخدمنه من أموالهن، وقد قَبِلَ المسيح خدمتهن (مت 14: 21، لو 10: 38- 42، 8: 1- 3). وامتدح المسيح المستوى الروحي المتسامي لنساء كثيرات (مت 9: 20- 22، 15: 21- 24).
من هنا نرى أن يسوع تعامل مع النساء على قدم المساواة مع الرجال، فقد جاء بثورة على المفاهيم الخاطئة ضد المرأة وكان رائدًا للتنوير.
كما أكد الرسول بولس أيضًا على مبدأ المساواة في القيمة بين الرجل والمرأة على أساس الإيمان المشترك بالمسيح يسوع " لأَنَّكُمْ جَمِيعًا أَبْنَاءُ اللهِ بِالإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ. 27لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ: 28لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ " (غل 3: 26-28).
2- المواهب والوظائف
وموضوع المواهب متشعب أنا أجيب على سؤالين فيه:
1- لمَنْ تُعطى المواهب؟
هناك تنوع عظيم في المواهب، فروح الله حر، لا يمكن قولبته أو تحديده فهو يُعطي الكنيسة حاجتها من المواهب بحسب مقتضيات العصر، لتؤدي رسالتها بطريقة فعالة ومناسبة للزمان والمكان.
بالتالي لابد من وجود نطاق متسع لتوزيع المواهب، فهي ليست حِكرًا على مجموعة صغيرة معينة، أو على الرجال دون النساء، بل العكس من ذلك تمامًا، حيث يُعطي العهد الجديد تأكيدًا على حصول كل مؤمن على موهبة روحية واحدة على الأقل. أو على مقدرة معينة ليخدم بها، ولكنها قد تكون مطمورة بسبب عدم استخدامه لها.
أوضح الرسول بولس هذه الحقيقة بقوله:" 7وَلكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أُعْطِيَتِ النِّعْمَةُ حَسَبَ قِيَاسِ هِبَةِ الْمَسِيحِ" (أف 4: 7). ومن هذه الآية نخرج ببضعة حقائق:
• كل واحد لديه موهبة أو أكثر.
• لا يوجد شخص واحد ليس له موهبة.
• لا يوجد شخص واحد لديه كل المواهب.
• المواهب نعمة وليست بمجهود خاص أو امتياز خاص، موهبة ??????? من نعمة ?????
• تُعطى النعمة حسب قياس هبة المسيح.
الكنيسة جسد المسيح:
أفضل صورة استعارية للكنيسة أنها جسد المسيح. ووجه الشبه بين الإثنين هو أن لكل منهما نظامًا متشابهًا، وكلاهما يحوي عددًا من الأعضاء، ويختص كل عضو بعمل معين.
ومن الملاحظ أيضًا أن الرسول بولس استخدم استعارة الجسد في كل المرات الثلاث التي تكلَّم فيها عن المواهب الروحية (رو 12، 1كو 12، أف 4). الأمر الذي يدلل على أن فكر الرسول ربط بين جسد المسيح والمواهب، وأن هذا الرباط حتمي وضروري (رو 12: 4-6، 1كو 12: 12، 14، 27).
واستعارة الجسد تؤكد الوحدة والتنوع "جسد واحد وأعضاء كثيرة". كل عضو متميز عن الآخر لكن كل الأعضاء متحدة معًا في جسد واحد. لكل عضو موهبته وعمله، فهناك اختلاف وظيفي "تنوع في العمل والمواهب" لكن هناك هدف واحد هو بنيان جسد المسيح.
الموهبة تعني المسئولية: إن حقيقة حصول كل مؤمن على موهبة ما تحمل في طياتها مسئولية فالكنيسة هي جسد المسيح الحي، كل الأعضاء تقوم بوظائفها، كل واحد يقوم بنصيبه ليظل الجسد سليمًا، عاملًا مؤثرًا.
2- لماذا تُعطى المواهب؟ أو القصد من المواهب
أعطى الله مواهبه لكي تُستخدم لهدف واحد هو "المنفعة" أو "الخير العام" فكلا الرسولين بولس وبطرس يقرران أن قصد الرب يخرج عن الأنانية، لينطلق في خدمة الآخرين، وليشمل الكنيسة كلها " لِكُلِّ وَاحِدٍ يُعْطَى إِظْهَارُ الرُّوحِ لِلْمَنْفَعَةِ" (1كو 12: 7) " 10لِيَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ مَا أَخَذَ مَوْهِبَةً، يَخْدِمُ بِهَا بَعْضُكُمْ بَعْضًا، كَوُكَلاَءَ صَالِحِينَ عَلَى نِعْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَة " (1بط 4: 10). وعليه فإن المواهب الروحية لم تُعط لمساعدة، أو تعزية، وتقوية مَنْ لهم هذه المواهب، بل هي للآخرين. وقد حدّد الرسول بولس بوضوح الهدف من المواهب " 12لأَجْلِ تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ، لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ،.. 16الَّذِي مِنْهُ كُلُّ الْجَسَدِ مُرَكَّبًا مَعًا، وَمُقْتَرِنًا بِمُؤَازَرَةِ كُلِّ مَفْصِل، حَسَبَ عَمَل، عَلَى قِيَاسِ كُلِّ جُزْءٍ، يُحَصِّلُ نُمُوَّ الْجَسَدِ لِبُنْيَانِهِ فِي الْمَحَبَّةِ" (أف 4: 12، 16). فالروح القدس يُعطي مواهب مختلفة لأعضاء مختلفين ليؤهلهم ويُعدهم لعمل الخدمة بهدف بنيان جسد المسيح.
ماذا عن الوظائف الكنسية؟
أطلق العهد الجديد لقب " شيخ ???????????" و" أسقف ?????????" على وظيفة كنسية واحدة (1تي3:1، 4: 14، 5: 17، 19، تيطس 1: 5،7).
وما يؤكد أن الأسقف والشيخ لهما رسالة وخدمة واحدة ما يلي:
تَطابُّق الصفات: نجد الصفات المذكورة للأساقفة في (1تي3:2-7) متطابقة مع الصفات المذكورة للشيوخ في ( تيطس1:5-7).
استخدام الكلمتين بالتبادل: "1أَطْلُبُ إِلَى الشُّيُوخِ الَّذِينَ بَيْنَكُمْ، أَنَا الشَّيْخَ رَفِيقَهُمْ، وَالشَّاهِدَ لآلاَمِ الْمَسِيحِ، وَشَرِيكَ الْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُعْلَنَ، 2ارْعَوْا رَعِيَّةَ اللهِ الَّتِي بَيْنَكُمْ نُظَّارًا، لاَ عَنِ اضْطِرَارٍ بَلْ بِالاخْتِيَارِ، وَلاَ لِرِبْحٍ قَبِيحٍ بَلْ بِنَشَاطٍ، 3وَلاَ كَمَنْ يَسُودُ عَلَى الأَنْصِبَةِ، بَلْ صَائِرِينَ أَمْثِلَةً لِلرَّعِيَّةِ. 4وَمَتَى ظَهَرَ رَئِيسُ الرُّعَاةِ تَنَالُونَ إِكْلِيلَ الْمَجْدِ الَّذِي لاَ يَبْلَى " (1بط5: 1-4) نفس المجموعة عـ1 شيوخ،عـ2 نظارًا (أساقفة).
الفرق الأول بين الكلمتين: أن كلمة (شيخ) تصف الشخص نفسه: شخص جليل وقور ذو خبرة. لكن كلمة (أسقف) تصف الوظيفة ونوع العمل (نظار، وكلاء).
الفرق الثاني: أن الأسقف هو قائد ومشرف عام على مجموعة شيوخ وكنائس، في حين أن الشيخ مسئول عن خدمة محلية في الكنيسة، أو عضو في مجلس شورى الكنيسة.
خدمة الشيخ هي التدبير الحسن لشئون الكنيسة، وخدمة الأسقف هي النظارة والإشراف، والخدمتان متشابهتان وتحتاجان حكمة سماوية.
ما العلاقة بين خدمة القسيس وخدمة الشيخ؟
وظيفة أو لقب " شيخ ??????????? " يُترجم أيضًا " قسيس" أو " أسقف ????????? " (أع 14: 23، 20:17).
ويميز الرسول بين نوعين من الشيوخ فيقول:" أَمَّا الشُّيُوخُ الْمُدَبِّرُونَ حَسَنًا فَلْيُحْسَبُوا أَهْلًا لِكَرَامَةٍ مُضَاعَفَةٍ، وَلاَ سِيَّمَا الَّذِينَ يَتْعَبُونَ فِي الْكَلِمَةِ وَالتَّعْلِيمِ " (1تي5: 17).
1-الشيوخ المدبرون حسنًا مسؤوليتهم إدارة الكنيسة، وتدبير شئونها (شيخ مُدّبِّر).
2ـ شيوخ يتعبون في الكلمة والتعليم: هم القسوس أو الرعاة، ومسؤوليتهم التعليم (شيخ مُعلِّم).
هذا لا يعني الفصل التام بين الوظيفتين، فمهمة الراعي أشمل من مجرد الوعظ إذ تشمل:( توضيح الرؤية، وشرح المفاهيم، ووضع الاتجاهات، خلق وتدريب قيادات جديدة، قيادة العمل الجماعي في الكنيسة).
والشيوخ أيضًا رعاة يرعون رعية الله ويهتمون بشئون الكنيسة الروحية والإدارية، يتعاونون مع الراعي ويعاونونه في مسيرة الخدمة بالكنيسة.
لذلك هناك تداخل وتعاون بين خدمة الشيخ المدبر والشيخ المعلم.
الكلمات الثلاث ( أسقف، قس، شيخ) تُستخدم بالتبادل، فالكلمة اليونانية بروسبتيروس ??????????? تترجم " شيخ " في ( أع 16: 4، 21: 18، 23: 14، 24: 1، 1تي 5: 17، يع 5: 14). وتترجم " قس أو قسوس " في (أع 14: 23، 20: 17). والكلمة اليونانية إبسكوبوس ????????? تترجم " أسقف " في (أع 20: 28، في 1: 1، 1تي 3: 2، تيطس 1: 7). وتُستخدم بالتبادل مع كلمة " قسوس ??????????? " "17وَمِنْ مِيلِيتُسَ أَرْسَلَ إِلَى أَفَسُسَ وَاسْتَدْعَى قُسُوسَ الْكَنِيسَةِ.. 28اِحْتَرِزُوا اِذًا لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ الرَّعِيَّةِ الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً، لِتَرْعَوْا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ " (أع 20: 17، 28).
إذًا الخدمات الثلاث (الأسقف، القس، والشيخ) لها نفس المكانة. والفرق الوحيد هو في تنظيم الخدمة.
وحيث أن المواهب لكل أعضاء جسد المسيح من الرجال والنساء لذلك فالوظائف الكنسية للكل أيضًا، ويجوز رسامة المرأة في كل مجالات الخدمة الكنسية ( قسيس، شيخ، شماس، أسقف).
3-الدعوة والرسامة
دعا الله الرجال والنساء معًا للخدمة في العهدين القديم والجديد. وهناك شخصيات نسائية كان لهن دور كبير في قيادة شعب الله.
*مريم أخت موسى: كان لها دور أساسي في قيادة الشعب، بل إن الله نفسه قال للشعب:" 4إِنِّي أَصْعَدْتُكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، وَفَكَكْتُكَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ، وَأَرْسَلْتُ أَمَامَكَ مُوسَى وَهارُونَ وَمَرْيَمَ " (ميخا 6: 4). فقد كان لها نفس دور موسى وهارون.
*دبورة (قض 4، 5). كانت قاضية ونبية. حملت رسالة الرب إلى شعبها، وكان لها دور قضائي سياسي عسكري.
*خلدة النبية (2مل 22: 14- 20). تنبأت أيام الملك يوشيا، وكانت نبية ظاهرة ومعروفة بجوار النبيين إرميا وصفنيا.
*ليديا (أع 16:14، 15) أول امرأة آمنت بالمسيح في قارة أوروبا، فتح الرب قلبها، ومن خلالها فتح باب كل أوروبا.
*(رو 16) يذكر بولس 26 شخصًا خدامًا في الكنيسة منهم تسع نساء. بالإضافة للأسر الخادمة.
*بنات فيلبس:" 8ثُمَّ خَرَجْنَا فِي الْغَدِ نَحْنُ رُفَقَاءَ بُولُسَ وَجِئْنَا إِلَى قَيْصَرِيَّةَ، فَدَخَلْنَا بَيْتَ فِيلُبُّسَ الْمُبَشِّرِ، إِذْ كَانَ وَاحِدًا مِنَ السَّبْعَةِ وَأَقَمْنَا عِنْدَهُ. 9وَكَانَ لِهذَا أَرْبَعُ بَنَاتٍ عَذَارَى كُنَّ يَتَنَبَّأْنَ " (أع 21: 9، 10).
واضح مما سبق أن الدعوة الإلهية للخدمة لم تكن حِكرًا على الرجال فقط بل للنساء أيضًا.
المفهوم الكتابي للرسامة
كلمة " رسامة" كلمة رومانية كانت تُستخدم عن التعيين في الوظائف المدنية، كما استخدموها عن التعيين في مناصب الكهنوت. والكلمة الإنغليزية ordination في أصلها اليوناني تعني " يُرتب" أو "يُعيِّن للخدمة".
كلمة "رسامة" لم ترد في الكتاب المقدس، لكن ورد تعبير "وضع الأيدي" في العهدين القديم والجديد.
وترجع عادة وضع الأيدي للرسامة لوظيفة معينة إلى زمن موسى عندما وضع موسى يده على اللاويين (عدد 8: 10) وعلى يشوع، فقد عيَّن موسى يشوع قائدًا من الله ليرعى الشعب وكانت العلامة: أن يضع يده عليه " (عدد27: 17-19، 23). فهو أولًا مدعو من الله، وفيه روح الله، ثم وضع موسى يديه عليه كشهادة علنية لتعيينه قائدًا للشعب.
وبحسب العهد الجديد الكرازة والشهادة والخدمة الروحية والتدبيرية هي امتيازات لكل المؤمنين، لكن الله يدعو أناسًا لأنماط معينة من الخدمة ويؤهلهم بالمواهب اللازمة لإتمام هذه الخدمة. ثم تأتي الرسامة كإقرار علني بالدعوة الإلهية والفرز للخدمة.
فالأساس هو الموهبة الإلهية والدعوة الإلهية فلابد من التيّقُن من الدعوة، ثم وضع الأيدي أو الرسامة إعلانًا لتكريس وتقديس المدعو للخدمة، وإقرارًا للمسئولية والوكالة التي يؤتمن عليها المُرتسم.
ثانيًا: وجهة النظر المُعارضة
تتلخص في قضيتين، أشير إليهما في عجالة:
1- نصوص صعبة
حتى نفهم هذه النصوص نحتاج أن نطبق المبدأ التفسيري: هناك وآنذاك وهنا والآن. أي أن نفهم النصوص في قرينتها الكتابية والحضارية لمَنْ كُتبت لهم " هناك وآنذاك " ثم نعبر الكوبري إلى واقعنا المعاصر لنفهم رسالة النص لنا " هنا والآن ".
ولتوضيح ذلك نتناول قول بولس:" لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِسِ، لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُونًا لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ، بَلْ يَخْضَعْنَ كَمَا يَقُولُ النَّامُوسُ أَيْضًا. 35وَلكِنْ إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئًا، فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ، لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ." (1كو 14: 34، 35). ونلاحظ أنه في ذات الرسالة يعطي حرية للمرأة أن تصلي وتتنبأ:" أَمَّا كُلُّ امْرَأَةٍ تُصَلِّي أَوْ تَتَنَبَّأُ " (1كو 11: 5). فالمبدأ الكتابي الدائم أن المرأة تُصَلِّي أَوْ تَتَنَبَّأُ. لكن هناك استثناء فقط في كورنثوس أن تصمت المرأة، نظرًا لانتشار عبادة أرطاميس وأفرودتس حيث كرست أكثر من 1000 امرأة أجسادهن لخدمة هذه الآلهة. لذلك طلب بولس من النساء المؤمنات أن يصمتن لظروف المجتمع، حتى لا يخلط الناس بين الكاهنات العاهرات وبين السيدات المسيحيات. هذا من جانب، ومن الجانب الآخر نحتاج أن نعود للأصل اليوناني للفعل " تصمت ?????" والذي يعني الصمت الإرادي منعًا للفوضى. و" تتكلم ?????" تعني الكلام الذي يُحدِثُ فوضى وقت العبادة والصلاة.وكأن الرسول يقول: لتصمت نساؤكم صمتًا إراديًا، ويمتنعن عن الكلام الذي يُحدِثُ فوضى في العبادة.
أرجو أن نلاحظ أنه بعدما قال:" لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِسِ، لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُونًا لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ ". قال:" 35وَلكِنْ إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئًا، فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ، لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ." فالصمت المقصود هنا هو صمت المتعلم وليس صمت المعلِّم. نظرًا لعدم سماح المجتمع لخروج النساء والبنات للتعليم، لذلك كان يصعب عليهن فهم بعض التعاليم، وكان بعضهن يسألن أزواجهن أثناء الوعظ عن معنى كلام وتعليم الواعظ، مما يُحدِث فوضى وتشويش. لذلك يوصيهن بولس أن يتعلمن في صمت إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئًا، فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ، لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ.
2- المجتمع المصري غير مهيأ لقبول رسامة المرأة قسًا
هذه هي رسالة الكنيسة، أقلية مؤثرة تُحدِثُ فرقًا وتغييرًا إيجابيًا في المجتمع كتأثير الملح والنور. وقد كانت الكنيسة الإنجيلية المشيخية وستظل رائدة للفكر والتنوير في المجتمع المصري، وصاحبة المبادرة نحو الإصلاح.
مما سبق: هل تجوز رسامة المرأة قسًا؟
لقد استطاع مجمع القاهرة أن يجيب على هذا السؤال بالإيجاب، واتخذ قراره التاريخي برسامة المراة قسًا، يوم 19/ 1/ 2012م. وأصلي أن تكون هذه الخطوة المباركة بداية لخطوات في الكنيسة بمصر والشرق الأوسط.
<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
قضية رسامة المرأة كانت ومازالت موضع بحث ونقاش، بين مؤيد ومعارض، وأنا أحاول في عُجالة أن أقدم وجهة النظر المؤيدة والمُعارضة، لنصل في النهاية لإجابة على السؤال: هل تجوز رسامة المرأة قسًا؟
أولًا: وجهة النظر المؤيدة
ثلاث قضايا: القيمة والمساواة، المواهب والوظائف، الدعوة والرسامة.
1- القيمة والمساواة
خلق الله القدوس الإنسان على صورته، خلق الجنس البشري كله في آدم. فكلمة "الإنسان" اسم جنس وليست اسم علم، فالإنسان كيان واحد (ذكر وأنثى) واسم العلم الذي أُعطي له هو "آدم". إذ قَالَ اللهُ: «نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، 27فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ. 28وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ" (تك 1: 26- 28)، " هذَا كِتَابُ مَوَالِيدِ آدَمَ، يَوْمَ خَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ. عَلَى شَبَهِ اللهِ عَمِلَهُ. 2ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُ، وَبَارَكَهُ وَدَعَا اسْمَهُ آدَمَ يَوْمَ خُلِقَ" (تك 5: 1، 2).
معنى صورة الله: د. جون ستوت في كتابه Focus on Christ قال: إن الله القدوس خلق الإنسان على صورته كشبهه، إلا أن الله غير محدود والإنسان محدود. وهذا معناه أن شيئًا من طبيعة الله غير المحدود منعكس في الإنسان. فنحن ندرك شيئًا من عقلانية الله من خلال قدرتنا على الإدارك، وشيئًا من محبته من خلال محبتنا، وشيئًا من قداسته من خلال ناموسه الأدبي الذي كتبه في قلوبنا، وجزءًا من حريته لأننا مخلوقات عاقلة تتمتع بحرية مسئولة.
فالعلاقة بين الرجل والمرأة تقوم على أساس التناظر والتساوي والتكافؤ في القيمة أمام الله، لأنهما مخلوقان على صورة الله هذا من ناحية، ومن الناحية الأُخرى َقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: «لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ» (تك 2: 18). فالمرأة تُعادل الرجل في القيمة، وهي ليست أقل منه. ليست هناك دونية للمرأة وسمو للرجل، بل هما متساويان.
إلا أن سقوط الإنسان في الخطية كان نقطة حرجة في تاريخ البشرية، كما يقول كلفن: إنها كارثة على الجنس البشري كله، فصورة الله التي كانت لامعة وشفافة قد تشوهت.
فالخطية شوهت صورة الله الطاهرة التي خلق الإنسان عليها، وشوهت علاقة الإنسان بنفسه وبالآخر، وغرست خللًا في ميزان القيم، وأوجدت الفروق في القيمة بين الرجل والمرأة، وخضعت العلاقة بينهما لقيم المجتمع التي كانت تختلف من مجتمع لآخر ومن عصر لآخر، فبعض الحضارات أرست مبادئ المساواة وحرية المرأة وإنسانيتها وكرامتها، والبعض الآخر انتهك هذه الحقوق، وهكذا اتسمت العلاقة بين الرجل والمرأة بسماتٍ تختلف عما قبل السقوط، ومنها: سلطوية الرجل. إذ تحولت علاقة المساواة والتكافؤ في القيمة أمام الله إلى علاقة التسلُّط والسيادة من جانب الرجل على المرأة، أي أن العلاقة صارت علاقة السيد بالعبد إذ قال الله للمرأة: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ» (تك 3: 16).
الرب يسوع بموته وقيامته صنع لنا فداءً أبديًا، وكل مَنْ يؤمن به يصير خليقة جديدة (2كو 5: 17). فهو بذلك أعاد للإنسان الصورة الإلهية التي خُلِقَ عليها وشوهتها الخطية. فقد وُهِبَ لنا بالإيمان أن نصير شركاء الطبيعة الإلهية (2بط 1: 4).
عامل المسيحُ المرأةَ كإنسان، وقَبِلَ عبادتها وسَمَحَ للنساء بالحضور إلى تعليمه، وكان من النسوة تلميذات تبعن يسوع وكُنّ يخدمنه من أموالهن، وقد قَبِلَ المسيح خدمتهن (مت 14: 21، لو 10: 38- 42، 8: 1- 3). وامتدح المسيح المستوى الروحي المتسامي لنساء كثيرات (مت 9: 20- 22، 15: 21- 24).
من هنا نرى أن يسوع تعامل مع النساء على قدم المساواة مع الرجال، فقد جاء بثورة على المفاهيم الخاطئة ضد المرأة وكان رائدًا للتنوير.
كما أكد الرسول بولس أيضًا على مبدأ المساواة في القيمة بين الرجل والمرأة على أساس الإيمان المشترك بالمسيح يسوع " لأَنَّكُمْ جَمِيعًا أَبْنَاءُ اللهِ بِالإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ. 27لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ: 28لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ " (غل 3: 26-28).
2- المواهب والوظائف
وموضوع المواهب متشعب أنا أجيب على سؤالين فيه:
1- لمَنْ تُعطى المواهب؟
هناك تنوع عظيم في المواهب، فروح الله حر، لا يمكن قولبته أو تحديده فهو يُعطي الكنيسة حاجتها من المواهب بحسب مقتضيات العصر، لتؤدي رسالتها بطريقة فعالة ومناسبة للزمان والمكان.
بالتالي لابد من وجود نطاق متسع لتوزيع المواهب، فهي ليست حِكرًا على مجموعة صغيرة معينة، أو على الرجال دون النساء، بل العكس من ذلك تمامًا، حيث يُعطي العهد الجديد تأكيدًا على حصول كل مؤمن على موهبة روحية واحدة على الأقل. أو على مقدرة معينة ليخدم بها، ولكنها قد تكون مطمورة بسبب عدم استخدامه لها.
أوضح الرسول بولس هذه الحقيقة بقوله:" 7وَلكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أُعْطِيَتِ النِّعْمَةُ حَسَبَ قِيَاسِ هِبَةِ الْمَسِيحِ" (أف 4: 7). ومن هذه الآية نخرج ببضعة حقائق:
• كل واحد لديه موهبة أو أكثر.
• لا يوجد شخص واحد ليس له موهبة.
• لا يوجد شخص واحد لديه كل المواهب.
• المواهب نعمة وليست بمجهود خاص أو امتياز خاص، موهبة ??????? من نعمة ?????
• تُعطى النعمة حسب قياس هبة المسيح.
الكنيسة جسد المسيح:
أفضل صورة استعارية للكنيسة أنها جسد المسيح. ووجه الشبه بين الإثنين هو أن لكل منهما نظامًا متشابهًا، وكلاهما يحوي عددًا من الأعضاء، ويختص كل عضو بعمل معين.
ومن الملاحظ أيضًا أن الرسول بولس استخدم استعارة الجسد في كل المرات الثلاث التي تكلَّم فيها عن المواهب الروحية (رو 12، 1كو 12، أف 4). الأمر الذي يدلل على أن فكر الرسول ربط بين جسد المسيح والمواهب، وأن هذا الرباط حتمي وضروري (رو 12: 4-6، 1كو 12: 12، 14، 27).
واستعارة الجسد تؤكد الوحدة والتنوع "جسد واحد وأعضاء كثيرة". كل عضو متميز عن الآخر لكن كل الأعضاء متحدة معًا في جسد واحد. لكل عضو موهبته وعمله، فهناك اختلاف وظيفي "تنوع في العمل والمواهب" لكن هناك هدف واحد هو بنيان جسد المسيح.
الموهبة تعني المسئولية: إن حقيقة حصول كل مؤمن على موهبة ما تحمل في طياتها مسئولية فالكنيسة هي جسد المسيح الحي، كل الأعضاء تقوم بوظائفها، كل واحد يقوم بنصيبه ليظل الجسد سليمًا، عاملًا مؤثرًا.
2- لماذا تُعطى المواهب؟ أو القصد من المواهب
أعطى الله مواهبه لكي تُستخدم لهدف واحد هو "المنفعة" أو "الخير العام" فكلا الرسولين بولس وبطرس يقرران أن قصد الرب يخرج عن الأنانية، لينطلق في خدمة الآخرين، وليشمل الكنيسة كلها " لِكُلِّ وَاحِدٍ يُعْطَى إِظْهَارُ الرُّوحِ لِلْمَنْفَعَةِ" (1كو 12: 7) " 10لِيَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ مَا أَخَذَ مَوْهِبَةً، يَخْدِمُ بِهَا بَعْضُكُمْ بَعْضًا، كَوُكَلاَءَ صَالِحِينَ عَلَى نِعْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَة " (1بط 4: 10). وعليه فإن المواهب الروحية لم تُعط لمساعدة، أو تعزية، وتقوية مَنْ لهم هذه المواهب، بل هي للآخرين. وقد حدّد الرسول بولس بوضوح الهدف من المواهب " 12لأَجْلِ تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ، لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ،.. 16الَّذِي مِنْهُ كُلُّ الْجَسَدِ مُرَكَّبًا مَعًا، وَمُقْتَرِنًا بِمُؤَازَرَةِ كُلِّ مَفْصِل، حَسَبَ عَمَل، عَلَى قِيَاسِ كُلِّ جُزْءٍ، يُحَصِّلُ نُمُوَّ الْجَسَدِ لِبُنْيَانِهِ فِي الْمَحَبَّةِ" (أف 4: 12، 16). فالروح القدس يُعطي مواهب مختلفة لأعضاء مختلفين ليؤهلهم ويُعدهم لعمل الخدمة بهدف بنيان جسد المسيح.
ماذا عن الوظائف الكنسية؟
أطلق العهد الجديد لقب " شيخ ???????????" و" أسقف ?????????" على وظيفة كنسية واحدة (1تي3:1، 4: 14، 5: 17، 19، تيطس 1: 5،7).
وما يؤكد أن الأسقف والشيخ لهما رسالة وخدمة واحدة ما يلي:
تَطابُّق الصفات: نجد الصفات المذكورة للأساقفة في (1تي3:2-7) متطابقة مع الصفات المذكورة للشيوخ في ( تيطس1:5-7).
استخدام الكلمتين بالتبادل: "1أَطْلُبُ إِلَى الشُّيُوخِ الَّذِينَ بَيْنَكُمْ، أَنَا الشَّيْخَ رَفِيقَهُمْ، وَالشَّاهِدَ لآلاَمِ الْمَسِيحِ، وَشَرِيكَ الْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُعْلَنَ، 2ارْعَوْا رَعِيَّةَ اللهِ الَّتِي بَيْنَكُمْ نُظَّارًا، لاَ عَنِ اضْطِرَارٍ بَلْ بِالاخْتِيَارِ، وَلاَ لِرِبْحٍ قَبِيحٍ بَلْ بِنَشَاطٍ، 3وَلاَ كَمَنْ يَسُودُ عَلَى الأَنْصِبَةِ، بَلْ صَائِرِينَ أَمْثِلَةً لِلرَّعِيَّةِ. 4وَمَتَى ظَهَرَ رَئِيسُ الرُّعَاةِ تَنَالُونَ إِكْلِيلَ الْمَجْدِ الَّذِي لاَ يَبْلَى " (1بط5: 1-4) نفس المجموعة عـ1 شيوخ،عـ2 نظارًا (أساقفة).
الفرق الأول بين الكلمتين: أن كلمة (شيخ) تصف الشخص نفسه: شخص جليل وقور ذو خبرة. لكن كلمة (أسقف) تصف الوظيفة ونوع العمل (نظار، وكلاء).
الفرق الثاني: أن الأسقف هو قائد ومشرف عام على مجموعة شيوخ وكنائس، في حين أن الشيخ مسئول عن خدمة محلية في الكنيسة، أو عضو في مجلس شورى الكنيسة.
خدمة الشيخ هي التدبير الحسن لشئون الكنيسة، وخدمة الأسقف هي النظارة والإشراف، والخدمتان متشابهتان وتحتاجان حكمة سماوية.
ما العلاقة بين خدمة القسيس وخدمة الشيخ؟
وظيفة أو لقب " شيخ ??????????? " يُترجم أيضًا " قسيس" أو " أسقف ????????? " (أع 14: 23، 20:17).
ويميز الرسول بين نوعين من الشيوخ فيقول:" أَمَّا الشُّيُوخُ الْمُدَبِّرُونَ حَسَنًا فَلْيُحْسَبُوا أَهْلًا لِكَرَامَةٍ مُضَاعَفَةٍ، وَلاَ سِيَّمَا الَّذِينَ يَتْعَبُونَ فِي الْكَلِمَةِ وَالتَّعْلِيمِ " (1تي5: 17).
1-الشيوخ المدبرون حسنًا مسؤوليتهم إدارة الكنيسة، وتدبير شئونها (شيخ مُدّبِّر).
2ـ شيوخ يتعبون في الكلمة والتعليم: هم القسوس أو الرعاة، ومسؤوليتهم التعليم (شيخ مُعلِّم).
هذا لا يعني الفصل التام بين الوظيفتين، فمهمة الراعي أشمل من مجرد الوعظ إذ تشمل:( توضيح الرؤية، وشرح المفاهيم، ووضع الاتجاهات، خلق وتدريب قيادات جديدة، قيادة العمل الجماعي في الكنيسة).
والشيوخ أيضًا رعاة يرعون رعية الله ويهتمون بشئون الكنيسة الروحية والإدارية، يتعاونون مع الراعي ويعاونونه في مسيرة الخدمة بالكنيسة.
لذلك هناك تداخل وتعاون بين خدمة الشيخ المدبر والشيخ المعلم.
الكلمات الثلاث ( أسقف، قس، شيخ) تُستخدم بالتبادل، فالكلمة اليونانية بروسبتيروس ??????????? تترجم " شيخ " في ( أع 16: 4، 21: 18، 23: 14، 24: 1، 1تي 5: 17، يع 5: 14). وتترجم " قس أو قسوس " في (أع 14: 23، 20: 17). والكلمة اليونانية إبسكوبوس ????????? تترجم " أسقف " في (أع 20: 28، في 1: 1، 1تي 3: 2، تيطس 1: 7). وتُستخدم بالتبادل مع كلمة " قسوس ??????????? " "17وَمِنْ مِيلِيتُسَ أَرْسَلَ إِلَى أَفَسُسَ وَاسْتَدْعَى قُسُوسَ الْكَنِيسَةِ.. 28اِحْتَرِزُوا اِذًا لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ الرَّعِيَّةِ الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً، لِتَرْعَوْا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ " (أع 20: 17، 28).
إذًا الخدمات الثلاث (الأسقف، القس، والشيخ) لها نفس المكانة. والفرق الوحيد هو في تنظيم الخدمة.
وحيث أن المواهب لكل أعضاء جسد المسيح من الرجال والنساء لذلك فالوظائف الكنسية للكل أيضًا، ويجوز رسامة المرأة في كل مجالات الخدمة الكنسية ( قسيس، شيخ، شماس، أسقف).
3-الدعوة والرسامة
دعا الله الرجال والنساء معًا للخدمة في العهدين القديم والجديد. وهناك شخصيات نسائية كان لهن دور كبير في قيادة شعب الله.
*مريم أخت موسى: كان لها دور أساسي في قيادة الشعب، بل إن الله نفسه قال للشعب:" 4إِنِّي أَصْعَدْتُكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، وَفَكَكْتُكَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ، وَأَرْسَلْتُ أَمَامَكَ مُوسَى وَهارُونَ وَمَرْيَمَ " (ميخا 6: 4). فقد كان لها نفس دور موسى وهارون.
*دبورة (قض 4، 5). كانت قاضية ونبية. حملت رسالة الرب إلى شعبها، وكان لها دور قضائي سياسي عسكري.
*خلدة النبية (2مل 22: 14- 20). تنبأت أيام الملك يوشيا، وكانت نبية ظاهرة ومعروفة بجوار النبيين إرميا وصفنيا.
*ليديا (أع 16:14، 15) أول امرأة آمنت بالمسيح في قارة أوروبا، فتح الرب قلبها، ومن خلالها فتح باب كل أوروبا.
*(رو 16) يذكر بولس 26 شخصًا خدامًا في الكنيسة منهم تسع نساء. بالإضافة للأسر الخادمة.
*بنات فيلبس:" 8ثُمَّ خَرَجْنَا فِي الْغَدِ نَحْنُ رُفَقَاءَ بُولُسَ وَجِئْنَا إِلَى قَيْصَرِيَّةَ، فَدَخَلْنَا بَيْتَ فِيلُبُّسَ الْمُبَشِّرِ، إِذْ كَانَ وَاحِدًا مِنَ السَّبْعَةِ وَأَقَمْنَا عِنْدَهُ. 9وَكَانَ لِهذَا أَرْبَعُ بَنَاتٍ عَذَارَى كُنَّ يَتَنَبَّأْنَ " (أع 21: 9، 10).
واضح مما سبق أن الدعوة الإلهية للخدمة لم تكن حِكرًا على الرجال فقط بل للنساء أيضًا.
المفهوم الكتابي للرسامة
كلمة " رسامة" كلمة رومانية كانت تُستخدم عن التعيين في الوظائف المدنية، كما استخدموها عن التعيين في مناصب الكهنوت. والكلمة الإنغليزية ordination في أصلها اليوناني تعني " يُرتب" أو "يُعيِّن للخدمة".
كلمة "رسامة" لم ترد في الكتاب المقدس، لكن ورد تعبير "وضع الأيدي" في العهدين القديم والجديد.
وترجع عادة وضع الأيدي للرسامة لوظيفة معينة إلى زمن موسى عندما وضع موسى يده على اللاويين (عدد 8: 10) وعلى يشوع، فقد عيَّن موسى يشوع قائدًا من الله ليرعى الشعب وكانت العلامة: أن يضع يده عليه " (عدد27: 17-19، 23). فهو أولًا مدعو من الله، وفيه روح الله، ثم وضع موسى يديه عليه كشهادة علنية لتعيينه قائدًا للشعب.
وبحسب العهد الجديد الكرازة والشهادة والخدمة الروحية والتدبيرية هي امتيازات لكل المؤمنين، لكن الله يدعو أناسًا لأنماط معينة من الخدمة ويؤهلهم بالمواهب اللازمة لإتمام هذه الخدمة. ثم تأتي الرسامة كإقرار علني بالدعوة الإلهية والفرز للخدمة.
فالأساس هو الموهبة الإلهية والدعوة الإلهية فلابد من التيّقُن من الدعوة، ثم وضع الأيدي أو الرسامة إعلانًا لتكريس وتقديس المدعو للخدمة، وإقرارًا للمسئولية والوكالة التي يؤتمن عليها المُرتسم.
ثانيًا: وجهة النظر المُعارضة
تتلخص في قضيتين، أشير إليهما في عجالة:
1- نصوص صعبة
حتى نفهم هذه النصوص نحتاج أن نطبق المبدأ التفسيري: هناك وآنذاك وهنا والآن. أي أن نفهم النصوص في قرينتها الكتابية والحضارية لمَنْ كُتبت لهم " هناك وآنذاك " ثم نعبر الكوبري إلى واقعنا المعاصر لنفهم رسالة النص لنا " هنا والآن ".
ولتوضيح ذلك نتناول قول بولس:" لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِسِ، لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُونًا لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ، بَلْ يَخْضَعْنَ كَمَا يَقُولُ النَّامُوسُ أَيْضًا. 35وَلكِنْ إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئًا، فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ، لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ." (1كو 14: 34، 35). ونلاحظ أنه في ذات الرسالة يعطي حرية للمرأة أن تصلي وتتنبأ:" أَمَّا كُلُّ امْرَأَةٍ تُصَلِّي أَوْ تَتَنَبَّأُ " (1كو 11: 5). فالمبدأ الكتابي الدائم أن المرأة تُصَلِّي أَوْ تَتَنَبَّأُ. لكن هناك استثناء فقط في كورنثوس أن تصمت المرأة، نظرًا لانتشار عبادة أرطاميس وأفرودتس حيث كرست أكثر من 1000 امرأة أجسادهن لخدمة هذه الآلهة. لذلك طلب بولس من النساء المؤمنات أن يصمتن لظروف المجتمع، حتى لا يخلط الناس بين الكاهنات العاهرات وبين السيدات المسيحيات. هذا من جانب، ومن الجانب الآخر نحتاج أن نعود للأصل اليوناني للفعل " تصمت ?????" والذي يعني الصمت الإرادي منعًا للفوضى. و" تتكلم ?????" تعني الكلام الذي يُحدِثُ فوضى وقت العبادة والصلاة.وكأن الرسول يقول: لتصمت نساؤكم صمتًا إراديًا، ويمتنعن عن الكلام الذي يُحدِثُ فوضى في العبادة.
أرجو أن نلاحظ أنه بعدما قال:" لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِسِ، لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُونًا لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ ". قال:" 35وَلكِنْ إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئًا، فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ، لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ." فالصمت المقصود هنا هو صمت المتعلم وليس صمت المعلِّم. نظرًا لعدم سماح المجتمع لخروج النساء والبنات للتعليم، لذلك كان يصعب عليهن فهم بعض التعاليم، وكان بعضهن يسألن أزواجهن أثناء الوعظ عن معنى كلام وتعليم الواعظ، مما يُحدِث فوضى وتشويش. لذلك يوصيهن بولس أن يتعلمن في صمت إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئًا، فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ، لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ.
2- المجتمع المصري غير مهيأ لقبول رسامة المرأة قسًا
هذه هي رسالة الكنيسة، أقلية مؤثرة تُحدِثُ فرقًا وتغييرًا إيجابيًا في المجتمع كتأثير الملح والنور. وقد كانت الكنيسة الإنجيلية المشيخية وستظل رائدة للفكر والتنوير في المجتمع المصري، وصاحبة المبادرة نحو الإصلاح.
مما سبق: هل تجوز رسامة المرأة قسًا؟
لقد استطاع مجمع القاهرة أن يجيب على هذا السؤال بالإيجاب، واتخذ قراره التاريخي برسامة المراة قسًا، يوم 19/ 1/ 2012م. وأصلي أن تكون هذه الخطوة المباركة بداية لخطوات في الكنيسة بمصر والشرق الأوسط.
<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>