فريق منتدى الدي في دي العربي
05-07-2016, 01:40 AM
هذا بحث للشيخ الفاضل محمد بن سعد القرني بعنوان التنصير في مصر
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. أما بعد:
عند الحديث عن التنصير في مصر فلا انفكاك عن الكلام عن الأقباط وعن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية والذين يتمركزون في مصر منذ آماد بعيدة حيث تعتبر ثاني أكبر الكنائس في التاريخ المسيحي بعد الكنيسة الرومانية
-وقد بعث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم رسالة دعوية إلى عظيمها (المقوقس) يدعوه فيها إلى الإسلام حملها الصحـابي الجلـيل (حـاطـب بن أبي بلتعة) رضـي الله عنه، فردَّ عليه رداً جميلاً، وأهدى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم جاريتين كان إحداهن مارية القبطية أم ولده إبراهيم.
-وبعد دخول الإسلام مصر لم يُرْغَـم أحد من أبنائها على اعتناقه إرغاماً؛ لقوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة:256]. وأوصى رسولنا صلى الله عليه وسلم بالقبط خيراً، وكانت العلاقة معهم طيبة لعدة قرون، إلا أنه بعد إسلام الكثيرين منهم في السنوات الأخيرة وبخاصة قساوستهم ورهبانهم؛ أصيب رؤساؤهم بهلع جعلهم يعملون على محاولة تنصير المسلمين في هذه البلاد؛ فلم يجدوا سوى بعض المراهقين والفقراء وذوي الظروف الاجتماعية المضطربة. وقد ذكر تقرير نُشر عن التنصير في مصر في مجلة (المجتمع) الكويتية مؤخراً أنه بينما يتنصَّر من المسلمين 10 أفراد يُسْلِمُ في المقابل من النصارى 80 فرداً تقريباً .
-وعليه فأمر التنصير في هذا القطر الغالي يعمل على قدم وساق والأمر خطير جداً خاصة إذا ما قورن ذلك بحجم ما يبذل من الجهود والأموال والأوقات وما يشترك في التعاون على ذلك من الدول والمؤسسات والجمعيات والأفراد وغير ذلك مما سيكشف عن بعضه في هذا البحث المقتضب وهو في الحقيقة فوق مستوى الحصر والاستقصاء ومما يزيد خطورة الأمر هو مايقابل ذلك من التصدي لهذه الحملات المنظمة والممنهجة من أهل الإسلام حيث أنها لا تعدو كونها جهوداً فردية لبعض العلماء والدعاة والفضلاء وهي فيها خير كثير وفيها بركة عظيمة ولكن أين هي من تلك الميزانيات والأرقام الفلكية التي تصرف في الصد عن سبيل الله ولكن الله جل وعلا يقول ( أن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون ) [الأنفال : 36 ] والله تعالى ناصر دينه ولابد بعز عزيز أو بذل ذليل (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ) [التوبة : 32 ] وحيث أن مصر تعتبر محطة التنصير الأولى في ما يسمى بالشرق الأوسط والبلاد العربية أحببت أن ألقي الضوء على العمل التنصيري فيها.
سائلاً المولى جل وعلا أن يرد كيد أعدائه في نحورهم وأن يعلي كلمته وينصر دينه إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.
مكانة مصر في العمل التنصيري
إن لمصر أهمية كبري بين دول العالم الإسلامي والعربي، وهي أيضا المقياس لتقدم هذه الدول أو تأخرها، وكذلك تعد مقياسا للحالة الدينية التي يمر بها المسلمون، ولمصر دورها الرائد على كافة الأصعدة، السياسية والاقتصادية والعلمية، ولقد أدرك الغرب هذه الحقيقة، فعملوا عليها، وكثفوا جهودهم في مصر منذ القدوم البونابرتي عبر الحملة الفرنسية وحتى يومنا هذا
عبر الحملات التنصيرية، والأنشطة الكنسية في طول البلاد وعرضها. وعليه فقد وعى المنصِّرون هذه الحقيقة وجعلوا من مصر مركزا لنشاطهم التنصيري في الشرق .
وتعتبر مصر الآن هي مركز النشاط التنصيري في الشرق، وذلك لعدة
أسباب هامة منها :
1-قوة الكنيسة المصرية السياسية والدينية والاقتصادية؛ فالكنيسة القبطية مثلاً تعتبر ثاني أكبر الكنائس في التاريخ المسيحي بعد الكنيسة الرومانية. وقد تمكَّنت هذه الكنيسة من ترؤس كنائس الشرق جميعًا، حتى بدأ النشاط البروتستانتي في إضعاف دورها، لكنها ما لبثت أن عادت إلى قوتها بعد سيطرة تنظيم الأمة القبطية الذي يتزعمه (البابا شنودة) ومجموعة رهبان الستينات والسبعينات لها، ووصولها إلى قمة هرم السلطة فيها، والكنيسة الإنجيلية تعمل بنشاط وقوة منذ نشأتها أيام الاحتلال الأجنبي في القرن ال (19)، وهي المسؤولة عن النشاط التنصيري في جميع دول الشرق الأوسط وأفريقيا.
2-تشجيع الدولة للتيارات العلمانية واللبرالية المعادية للإسلام: والغريب أن تتوطَّد علاقة الكنيسة مع هذه التيارات، ويستفيد كل منهم من الآخر في دعم ومساندة موقفه في الحرب على الإسلام.
3-المطاردة الأمنية المستمرة والمتصاعدة للعلماء والدعاة: والتي امتدت إلى علماء الأزهر، ودعاة الأوقاف، وشملت كذلك حصار المساجد وتلقيص دورها وتحديده في الصلاة فقط بما لا يزيد عن ثلاث ساعات يومًا، وقصر الخطابة والإمامة على المعنيين من قبل الأجهزة الأمنية ومراقبة جميع المراكز الخدمية والدعوية الإسلامية والتضيق عليها. (فالمنظمات التنصيرية تتحرك بحرية كاملة تحت أعين أجهزة الأمن التي لا تحرك ساكنًا، وهو ما يعني أن هناك تعليمات عليا لهذه الأجهزة بغض الطرف وكأن الأمر لا يعنيها. من أمثلة "الطناش" الحكومي على النشاط التنصيري، سماح وزارة الإعلام لقناة "الحياة" التنصيرية التي دأبت على الإساءة للإسلام، بالبث عبر القمر الصناعي المصري "النايل سات"، بعد أن كانت هذه القناة التنصيرية المشبوهة تبث على القمر الأوروبي "هوت بيرد" من قبرص منذ عام 2003م. وإذا كانت وزارة الإعلام ومعها الأجهزة الأمنية التي سمحت بهذه المهزلة لا تعرف أن هذه القناة تنصيرية متطرفة تستضيف القساوسة المطرودين من الكنيسة، وينصب جل اهتمامها، ليس في مخاطبة النصارى وتدعيم عقائدهم والإجابة عن تساؤلاتهم والتفاعل مع قضاياهم، وإنما الهجوم على الإسلام من كافة جوانبه والتشكيك فيه والعمل على تنصير المسلمين. وفي تقرير أمريكي حديث ذكر فيه أن مصر بها 2000 منظمة تعمل في مجال التنصير منها حوالي 300 خلية مقيمة في مصر بشكل رسمي دائم؛ وأن شبكات التنصير العاملة في مصر يعمل بها ما لا يقل عن 5000 مصري، و1500 أجنبي. وكذلك ما كشفته منظمة "سماريتان بيرس"، وهي منظمة تنصير أمريكية بارزة، عن وجود نشاط تنصيري لها في جنوب مصر من خلال العمل الطبي في مستشفى "الإرسالية الإنجيلية" في أسوان، كما تقوم المنظمة بالتنصير في الأحياء الفقيرة والعشوائيات في القاهرة عن طريق وسطاء لها، وأن العملية تستهدف الأرثوذكس المصريين المسيحيين علاوة على المصريين المسلمين. إننا لا نتحدث عن جمعية أو منظمة تضم شخصين أو اثنين أو عشرة، وإنما نحن أمام شبكة مترابطة وممتدة في كل أنحاء مصر تضم عشرات الآلاف من المنصرين تسندهم ميزانيات ضخمة بمئات الملايين من الدولارات؛ المنظمات والجمعيات التنصيرية في مصر كثيرة ومتعددة، والقائمة طويلة وممتدة والذي يبدأ رحلة تعقبها سيكتشف العجائب وستصدمه أعدادها وميزانياتها وأساليبها) .
4-انتشار الجهل بين المسلمين: بصورة لم تحدث من قبل في تاريخ الأمة. وهذا الجهل لا يتمثل في صورته البسيطة الناشئة عن سياسة تجفيف المنابع وضرب الرؤوس ومحاصرة العلماء، بل يتعداه إلى الجهل المركب والناتج عن ظهور طبقة جديدة من الدعاة والوعاظ -من غير أهل العلم- يعتمدون على زخرف القول في التأثير على مستمعيهم،
ولا يطرقون سوى القصص والفروع الصغيرة؛ كي لا تثقل المواعظ على نفوس العامة فينصرفون عنهم.
5-الانحطاط الإعلامي والحملة الشهوانية المسعورة: التي تملأ على المسلمين حياتهم، تقعد لهم بكل صراط وسبيل، تصدُّهم عن سبيل الله، والحرب الموجهة لزرع الدياثة وحب الفواحش في نفوس العامة، حتى صار الناس لا يبالون إلا ببطونهم وفروجهم. وهذه الحملة تستخدم كل وسائل الاتصال البشري المسموعة والمرئية والمكتوبة. كما أنها في متناول الجميع وبسهولة وكثافة وتنوع وتلون لا يترك فرصة لأحد أن ينفصل عن فلكها، حتى أصبحت ميزانية وزارتي الإعلام والثقافة في مصر من أكبر الميزانيات بعد الداخلية والدفاع!! وأصبحت مصر هي محط كل المغنين والراقصين من الدول العربية!
6-حالة الفقر المدقع والغلاء الفاحش والبطالة التي تخنق المسلمين في مصر: حتى أصبح لا هم للناس إلا جمع المال بكل وسلية ممكنة دون النظر إلى عواقبها.
كل هذه الأسباب سواء كانت تمَّ التخطيط لها من قبل أعداء الأمة الإسلامية، أو وقعت لجهل المسلمين وبُعدهم عن دينهم أو لكليهما معًا، فإن المتيقن منه الآن أن مصر تجهزت تمامًا لتأخذ نصيبها من مخطط الشرق الأوسط الكبير، وأن التنصير أحد أهم الوسائل المخصصة لذلك.
واقع التنصير في مصر:
نشر خبر بعنوان (مسئول كنسي: نتائج التنصير في مصر مرضية للغاية)، وتحت العنوان جاء في الخبر على لسان هذا المسئول: أن عملية التنصير تتم بمنهجية دقيقة، ويقوم عليها خلايا مدربه تدريبا مكثفا، وأن هناك موارد ضخمة تم رصدها لهذا الغرض مؤكدا على أنه ليس هناك أية مشكلة مالية على الإطلاق، وأن هناك رضى تاما عن نتائج عملية التنصير في مصر من قبل رجال الكنيسة .
نشطت المؤسسات التنصيرية العالمية ومعهم قادة الكنيسة المصرية المتطرفون، الذين يدركون تمامًا مأزق النظام وضعفه، وأدرك هؤلاء أن الفرصة مواتية للضغط إلى أبعد الحدود على مفاصل النظام الضعيف. فأصبح للكنيسة دور متصاعد، ولا يمكن إغفاله وأصبحت رقمًا لا يمكن تجاوزه، كيف لا وهي مدعومة أمريكيًّا وغربيًّا بشكل كامل، وكيف لا والنظام مرعوب منها. وبدأنا نسمع عن حالات تنصير كثيرة وبوتيرة أكثر تسارعًا، الفاصل بين الحالة والأخرى أسابيع قليلة، وهو ما لم يحدث في تاريخ مصر منذ دخولها الإسلام. بعد حادثة تسليم "وفاء قسطنطين" قررت الكنيسة ومعها منظمات تنصيرية عديدة الدخول بثقلهم الكامل في ملف التنصير في كل أنحاء مصر، مستغلين الفرصة التاريخية التي لن تعوض لإحراز نصر لم يقدروا عليه لمئات السنين، تطور التنصير في مصر ولم تعد منظماته تعمل بنفس الأساليب القديمة، فالإرساليات الأجنبية التي كانت تنشئ كنيسة وتجمع حولها بعض لأفراد وتنصرهم بعد تقديم مبالغ مالية أو خدمة صحية أو بعض الأدوية، لم تعد هي كل أساليب التنصير الآن. فالتنصير الحديث يسير جنبا إلى جنب مع المؤسسات المالية الدولية، مثل: البنك الدولي، وصندوق النقد، ووكالات الإغاثة المختلفة، وجهود الحكومات الغربية، وسفاراتها؛ فضلًا عن جهود الكنائس المصرية نفسها وما أنشأته من منظمات تملأ ربوع مصر، ريفًا وحضرًا، للعمل في أنشطة اجتماعية وتعليمية وصحية ونسائية... الخ. والجميع الآن لكي يخترق البلاد الإسلامية، وخصوصًا بلدان القلب في العالم الإسلامي يستخدمون أسلوب المشاريع الاقتصادية المصغرة، ويتخفون خلف ستار ما يسمى بالتمكين والاهتمام بالأقليات وبالجماعات الهامشية والمرأة وما أشبه ذلك؛ الأمر الآن لم يعد مجرد تقديم المعونات الخيرية؛ وإنما أصبح يقوم على إكساب الجمعيات التنصيرية المستترة وضعًا في النظام الاقتصادي للبلاد، وتسليم فئة معينة من المواطنين لهم؛ لكي يعملوا في مشاريعهم، وبالتالي يصبح ولاؤهم للنصرانية وللغرب عمومًا. ومن خلال استقراء واقع التنصير نلاحظ أنه تم توزيع الأدوار على الكنائس المختلفة، وهذا التوزيع استغل الخصائص المختلفة للكنائس ليوظفها كعناصر قوة دافعة في برنامج واحد بمنظومة واحدة؛
هدفها تشويه الإسلام، وزعزعة اليقين في قلوب المسلمين، وتسخين الوضع الطائفي عن طريق شحن الأقباط بعقدة التفوق والاضطهاد؛ مما يضمن تمسكهم، وانعزالهم، وبث الثقة واليقين فيهم، وإثارة جرأتهم على الإسلام. فالمشكلة معقَّدة بالاستقواء القبطي النصراني بالغَرب، وتَحتَ الرَّماد احتِقانٌ لا يَخفى، يظهَرُ كلَّ حينٍ على هيْئة ما يُسمَّى: "مشاكل طائفيَّة"، وهو عنوانٌ يُخْفِي وراءه الكثيرَ من خلفيَّات أزمةٍ عميقة في مصر الإسلاميَّة، صاحبة الدَّور التَّاريخي في حِماية الإسلام، والحصن القوي للدِّفاع عن الإسلام.
ويمكن تقسيم الحملة التنصيرية في مصر إلى قسمين :
القسم الأول: السياسي: وتتولاه الكنيسة الأرثوذكسية باعتبارها أقلية أصلية، وليست وافدة، وهي الأكثر عددًا والأكفأ تنظيمًا وإعداداً، وقد تجهزت الكنيسة الأرثوذكسية لهذا الدور عبر إعداد جيل كامل من الرهبان والكهنة المشبعين بالتعصب، والموالين لتنظيم الأمة القبطية الذي يتزعمه البابا نفسه. وكذلك إنشاء التنظيم الدولي المساعد الذي يمثله أقباط المهجر، وهي ظاهرة صنعها البابا شنودة بنفسه، وهو يفخر بهذا، وقد استطاع هذا التنظيم إنشاء لوبي قوي في أمريكا وكندا واستراليا، وتمكَّن هذا التنظيم من الوصول إلى دوائر صنع القرار في أمريكا وأروبا مستغلًّا العون اليهودي المقدم لإضعاف الدولة المصرية.
ومن الملاحظات التي رصدت في الفترة الأخيرة، هو انتشار النشاط التنصيري إلى أماكن التوتر العرقي في مصر، فقد رصدت عمليات تنصير تجري في النوبة، وهي تقوم بالأساس على استغلال مشاكل النوبة الاقتصادية والسياسة، وتقوم جمعيات تنصيرية أمريكية بمشروع يسمى (الوعي القومي) في هذه المناطق، وهو يهدف إلى عزلهم كمجموعة مستقلة لغة وثقافة وعرقًا، وقد نجحت هذه المجموعات التنصيرية في تنصير الكثير من هؤلاء مطبقة بذلك نموذج (أمازيغ) الجزائر، ويساعدهم في ذلك أحد كبار مثقفيهم وهو (حجاج أدول)، وقد حصل على عدة جوائز أدبية، وشارك في العديد من المؤتمرات الخاصة بالأقباط في أمريكا.
وكذلك رصدت مجموعة من المنصرين تنتشر بين بدو سيناء مستغلة مشاكلهم الاقتصادية والأمنية مع الدولة، وتدير هذه المجموعة نشاطها من بعض الفنادق والأديرة، ويشاركها مجموعة من جمعية المعونة الأمريكية، وقد حققت نجاحات على مستوى الأطفال والنساء، وإقامة علاقات وثيقة مع شيوخ بعض القبائل.
وكذلك انتشر التنصير في صعيد مصر الذي يعاني من التهميش والإهمال والفقر، وبينما توفر الكنيسة للنصارى فيه الدعم والسند المالي الكبير؛ والذي جعلهم أقلية منعمة ومرفهة.
ومن الجدير بالذكر أنه مما قد يدخل تحت هذا القسم الإعداد العسكري : فمؤخرًا أفرجت الدولة عن بعض الأدبيات التي تتحدث عن وجود تنظيمات أرثوذكسية مسلحة بمصر منها ما سمي بـ: "جماعة الجهاد النصراني", وغيرها.
ويهدف هذا القسم إلى:
- تدويل قضية نصارى مصر سياسيًّا على المستوى الدولي، وتهيئتهم للانفصال عن الدولة.
- انتزاع أكبر قدر ممكن من المكاسب والامتيازات من الحكومة.
- الوقيعة المستمرة بين المسلمين والأقباط؛ ليصبح الانفصال حلًّا مريحًا للجميع.
- استقطاب الشخصيات العامة عن طريق الرشوة، والمصالح المتبادلة، أو إرهابها وتحيديها.
- تحييد المؤسسات الدينية الرسمية (الأزهر ـ الأوقاف)، عن طريق الترهيب والترغيب، والتنادي بمسمَّيات الوحدة الوطنية، ووأد الفتنة الطائفية، ونزع أسباب التوتر.
ويتزعم هذه الحملة السياسية داخليًّا القمص (مرقس عزيز) كاهن الكنيسة المعلقة والمستشار (نجيب جبرائيل) المستشار القانوني للبابا شنودة وخارجيًا تنظيم (عدلي أبادير).
-وهنا ننشر وثيقة مهمة تكشف ما تخطط له الكنيسة القبطية حول أوضاعهم في مصر وهي: نص ما دار في الاجتماع المغلق الذي عقده (الأنبا شنوده) في (5/3/1973م) مع القساوسة والأثرياء بالكنيسة المرقسية بالإسكندرية، وسجلته الأجهزة الخاصة :
((بدأ (البابا شنوده) كلمته بأن بشرهم بأن كل شيء يسير على ما يرام حسب الخطة الموضوعة والتخطيط المرسوم لكل جانب من جوانب العمل على حدة في إطار الهدف الموحد، وقد تحدث في عدة موضوعات تشمل عدة نشاطات هي كما يأتي:
1- عدد شعب الكنيسة:
صرح بأن مصادرهم في إدارة التعبئة والإحصاء أبلغتهم أن عدد المسيحيين في مصر أصبح ما يقارب ثمانية ملايين نسمة، ويجب أن يعلم ذلك شعب الكنيسة، كما يجب عليهم أن ينشروا ذلك ويؤكدوه بين أفراد فئات المسلمين، لأنه سيكون سنداً في المطالب التي سنطلبها من الحكومة، وسنذكرها لكم اليوم. والتخطيط العام الذي تم الاتفاق عليه بالإجماع، والذي صدرت بشأنه التعليمات وضع على أساس بلوغ شعب الكنيسة إلى نصف الشعب المصري، حتى يتساوى عدد شعب الكنيسة مع عدد المسلمين لأول مرة منذ الاستعمار العربي والغزو الإسلامي لبلادنا، (على حد تعبيره). والمدة المحددة في التخطيط للوصول إلى هذه النسبة هي بين (12-15) سنة من الآن، ولذلك فإن الكنيسة تحرم تحديد النسل أو تنظيمه، وتعتبر كل من يفعل ذلك خارجاً عن تعليمات الكنيسة، ومطروداً من رحمة الرب، وقاتلاً لشعب الكنيسة ومضيعاً لمجده، وذلك باستثناء الحالات التي يقرر فيها أطباء الكنيسة خطر الحمل والولادة على حياة المرأة، وقد اتخذت الكنيسة لتحقيق هذه الخطة بالنسبة لزيادة عدد المسيحيين ما يأتي:
أ) تحريم تحديد النسل وتنظيمه بين شعب الكنيسة.
ب) تشجيع تحديد النسل وتنظيمه بين المسلمين، خاصة وأن أكثر من (65 %) من الأطباء وبعض الخدمات الصحية هم من شعب الكنيسة.
ج) تشجيع الإكثار من النسل بين شعب الكنيسة بوضع الحوافز والمساعدات المادية والمعنوية للأسر الفقيرة من شعبنا.
د) التنبيه على العاملين بالخدمات الصحية على المستوى الحكومي وغير الحكومي بمضاعفة الخدمات الصحية بين شعبنا المسيحي، وبذل العناية والجهد الوافرين، وذلك من شأنه تقليل نسبة الوفيات بين شعبنا المسيحي، على أن يكون تصرفهم غير ذلك مع المسلمين.
هـ) تشجيع الزواج بالسكن المبكرة بتخفيض تكاليفه، وذلك بتخفيض رسوم فتح الكنائس، ورسوم الإكليل بالكنائس الكائنة بالأحياء الشعبية.
و) تحرم الكنيسة تحريماً باتاً على أصحاب العمارات والمساكن تأجير أي مسكن أو شقة أو محل تجاري للمسلمين، وتعتبر من يفعل ذلك من الآن مطروداً من رحمة الرب ورعاية الكنيسة، كما يجب العمل بشتى الوسائل على إخراج المسلمين الذين يسكنون العمارات والبيوت المملوكة لشعب الكنيسة، وهذه السياسة الإسكانية إذا استطعنا تنفيذها بقدر الإمكان فإن من شأنها تشجيع الزواج بين الشباب المسيحي، وتصعيبه وتضييقه بقدر الإمكان على المسلمين، مما يكون له أثره الفعال للوصول إلى هذا الهدف، حيث لا يخفى أن الغرض من هذه القرارات هو انخفاض معدل الزيادة بين المسلمين، وارتفاع هذا المعدل بين الشعب المسيحي.
2- انتصار شعب الكنيسة:
قال: إن المال يأتينا مما نطلب وأكثر مما نطلب من ثلاث مصادر هي: (أمريكا، والحبشة، والفاتيكان)، ولكن يجب أن يكون الاعتماد الأول في تخطيطنا الاقتصادي على مالنا الخاص الذي نجمعه من الداخل، وبالتعاون والزيادة من فعل الخير بين أفراد الشعب المسيحي.
كذلك يجب الاهتمام بشراء الأراضي، وتنفيذ القروض والمساعدات لمن يقومون بذلك لمساعدتهم على البناء، وقد أثبتت الإحصاءات الرسمية أن أكثر من (60%) من تجارة مصر الداخلية بأيدي المسيحيين، ويجب العمل على زيادة هذه النسبة، وتخطيطها في المستقبل يركز على إفقار المسلمين ونزع الثروة من أيديهم، وبالقدر الذي يؤدي إلى إثراء شعبنا.
لذلك يلزم المداومة على تذكير شعب الكنيسة، والتنبيه عليهم مشدداً من حين لآخر لمقاطعة المسلمين اقتصادياً، والنهي عن التعامل معهم نهياً تاماً، إلا في الحالات المستحيلة، وذلك يعني مقاطعة المسلمين ممن هم في سلك المحاماة والمحاسبين والمدرسين والأطباء والصيادلة، وكذلك مقاطعة العيادات والمستشفيات التي يملكونها، والمحلات التجارية والجمعيات الاستهلاكية فيما أمكن، وما دام يمكن التعامل مع شعب الكنيسة لسد حاجتهم، وكذلك مقاطعة صناع المسلمين وحرفييهم، والتعامل مع الصناع والحرفيين المسيحيين ولو كلف ذلك الفرد الجهد والمشقة.ثم قال: إن هذا الأمر مهم جداً وخطير بالنسبة للتخطيط المالي والتخطيط العام على المدى القريب والبعيد.
3- الجانب التعليمي:
قال: إنه يجب بالنسبة للتعليم العام للشعب المسيحي: الاهتمام بالسياسة التعليمية حالياً في الكنائس مع مضاعفة الجهد، خاصة وأن بعض المساجد بدأت تقوم بمهمات تعليمية، كالتي تقوم بها كنائسنا، وذلك سيجعل مضاعفة الجهود المبذولة أمراً حتمياً حتى تستمر النسبة التي نحصل عليها من مقاعد الجامعات وخاصة الكليات العلمية.
ثم قال: إني إذ أهنئ شعب الكنيسة -وخاصة المدرسين منهم- بهذا الجهد وهذه النتائج، حيث وصلت نسبة الوظائف الخطيرة العامة كالطب والهندسة والصيدلة إلى أكثر من (60%) من الشعب المسيحي، فإني أدعو لهم الرب يسوع المخلص أن يمنحهم بركته وتوفيقه حتى يواصلوا الجهد لزيادة هذه النسبة في المستقبل القريب.
4- التبشير:
قال: إنه يجب مضاعفة الجهود التبشيرية الحالية، على أن الخطة التبشيرية التي وضعت بنيت على اساس أن الهدف الذي اتفق عليه من التبشير في المرحلة القادمة: هو التركيز على التبشير بين الفئات والجماعات أكثر من التبشير بين الأفراد، وذلك لزحزحة أكبر عدد من المسلمين عن دينهم، أو التمسك به، على أن لا يكون من الضروري دخولهم في المسيحية، ويكون التركيز في بعض الحالات على زعزعة الدين في نفوس المسلمين، وتشكيك الجموع الغفيرة في كتابهم وفي صدق محمد، وإذا نجحنا في تنفيذ هذا المخطط التبشيري في المرحلة القادمة، فإننا نكون قد نجحنا في إزاحة هذه الفئات عن طريقنا، وحتى هذه الحالة إن لم تكن لنا فلن تكون علينا. على أن يراعى في تنفيذ هذا المخطط أن يتم بطريقة (لبقة ذكية) حتى لا يكون ذلك سبباً في إثارة حفيظة المسلمين ويقظتهم، والخطأ الذي حدث في المحاولات التبشيرية الأخيرية بنجاح مبشرين في هداية المسلمين لإيمانهم بالخلاص على يد الرب يسوع المخلص، والخطأ الذي يحدث هو تسرب أنباء هذا النجاح إلى المسلمين، لأن ذلك من شأنه تنبيه المسلمين ويقظتهم، وهو أمر قد ثبت من تأريخهم الطويل معنا أنه ليس بالأمر الهين، وهذه اليقظة بالذات من شأنها أن تفسد علينا مخططاتنا المدروسة، وتؤثر في نتائجها وثمارها وتضيع جهودنا هباء. لذلك فقد أصدرت التعليمات بهذا الخصوص، وستنشر في جميع الكنائس لكي يتصرف الجميع من شعبنا مع المسلمين بطريقة ودية لا تثير غضبهم، وإقناعهم بكذب هذه الأنباء، كما تم التنبيه على رعاة الكنائس والآباء والقساوسة لمشاركة المسلمين احتفالاتهم الدينية، وتهنئتهم بأعيادهم، وإظهار المودة والمحبة لهم، وعلى شعب الكنيسة في المصالح والوزارات والمؤسسات وكل أماكن الاحتكاك إظهار هذه الروح لمن يخالطونهم من المسلمين. ثم قال ما نصه بالحرف الواحد: إننا يجب أن ننتهز ما هم فيه من نكسة ومحنة، لأن ذلك في صالحنا، ولن نستطيع إحراز أية مكاسب أو أي تقدم إذا انتهت المشكلة مع إسرائيل، سواء بالسلم أو بالحرب. ثم هاجم من أسماهم بضعاف القلوب الذين يقيمون مصالحهم الخاصة على مجد الكنيسة، وتحقيق الهدف الذي يعمل له الشعب المسيحي منذ زمن بعيد في التاريخ، وقال:إنه لم يلتفت لهلعهم، وأصر على أن يتقدم رسمياً إلى الحكومة بالمطالب الواردة فيما بعد، حيث إذا لم يكسب شعب الكنيسة في هذه المرحلة بالذات أية مكاسب على المستوى الرسمي، فإنهم ربما لا يستطيعون إحراز أية مكاسب أو تقدم بعد ذلك، ثم قال ما نصه: ليعلم الجميع وخاصة ضعاف القلوب: أن الدول الكبرى في العالم تقف وراءنا، ولسنا نعمل لوحدنا، ولابد أن نحقق الهدف، ولكن العامل الأول والخطير في الوصول إلى ما نريده: هو وحدة شعب الكنيسة وتماسكه وترابطه، ولكن إذا تبددت هذه الوحدة وهذا التماسك فلن تكون هناك قوة على الأرض مهما عظمت في إمكانها أن تساعدنا. ثم قال: وسوف لا أنسى موقف هؤلاء الذين يريدون أن يفتنوا وحدة شعب الكنيسة، وعليهم أن يبادروا فوراً بالتوبة وطلب الغفران والصفح، وأن لا يعودوا لمناقشة ومخالفة أوامرنا وتشريعنا، والرب يغفر لهم.
ثم عدد المطالب التي صرح بأنه سيتقدم بها رسمياً إلى الحكومة وهي:
أ) أن يصبح مركز البابا الرسمي في البروتوكول السياسي للدولة بعد رئيس الجمهورية وقبل رئيس الوزراء.
ب) أن يخصص لهم ثمانية وزارات في الوزارة.
ج) أن يحدد لهم ربع القيادات العليا في الجيش والبوليس.
د) أن يخصص لهم ربع القيادات المدنية كرؤساء مجالس المؤسسات والشركات والمحافظين، ووكلاء الوزارات، والمديرين، ورؤساء مجالس المدن.
هـ) أن يؤخذ رأي الباب عند شغل هذه النسبة في الوزارات والمراكز العسكرية والمدنية الرئيسية، وسيكون له حق ترشيح بعض العناصر والتعديل.
و) أن يسمح لهم بإقامة إذاعة خاصة بهم من تمويلهم الخاص.
ز) أن يسمح بإقامة جامعة خاصة بهم، وقد وضعت الكنيسة بالفعل تخطيط هذه الجامعة، وهي تضم معاهداً للاهوتية والكليات العملية والنظرية، وتمول من مالهم الخاص.
وأخيراً ختم حديثه بتبشير الحاضرين، وطلب منهم نقل هذه البشرى إلى شعب الكنيسة، حيث أن أملهم الأكبر في عودة البلاد والأراضي إلى أصحابها من أيدي الغزاة العرب –على حد تعبيره- قد بات وشيكاً، وليس في هذا أية غرابة –في زعمه-، وضرب لهم مثلاً بأسبانيا النصرانية التي ظلت بأيدي المستعمرين المسلمين قرابة سبعة قرون ثم عادت لأصحابها النصارى، ثم قال -ما نصه-: وفي التاريخ المعاصر عادت أكثر من بلد إلى أهلها بعد أن طردوا منها منذ قرون عديدة (وهو يقصد إسرائيل). اهـ)).
القسم الثاني: هو القسم العلمي :
وتتزعمه بالأساس الكنيسة البروتستانتية باعتبارها الأكثر تعلماً وثقافة وقدرة على الجدل مع المسلمين، وكذلك لارتباطها مع المؤسسات التنصيرية العالمية، وهي في أغلبها مؤسسات بروتستانتية تتمتع بسند أمريكي وبريطاني باعتبار رابط المذهب الديني.
ونشير هنا إلى بعض الإخبار التي تؤكد مدى ما يوليه الغرب من الاهتمام البالغ بالتنصير في المناطق العربية والإسلامية : ((الخبر نشرته بعضُ الصحف الإلكترونية على شبكة الإنترنت حول استضافة السفارة المصرية بواشنطن لقادة التنصير بالدول العربية، في يوليو الماضي يدل على أن المخطط التنصيري العالمي يكثّف نشاطه في منطقة الشرق الأوسط. والخبر يقول: إن السفير المصري لدى الولايات المتحدة "نبيل فهمي" أقام اجتماعًا سريًا بمقر السفارة المصرية في الثاني من يوليو عام (2007م)، حضره 15 قسًا من كبار قادة الحركة الدينية بالعاصمة الأمريكية وسفراء ثماني دول عربية هي: الجزائر والمغرب والكويت وليبيا والعراق واليمن والبحرين، بالإضافة إلى مصر، وسفير الجامعة العربية بالأمم المتحدة.
وقالت المصادر: إن اللقاء جاء بدعوة من أحد الإسرائيليين ويدعى "بني هين" ويعد أحد قادة اللوبي اليهودي في واشنطن، وحضر -عن الجانب الإنجيلي والكنائس الأمريكية- كلٌّ من القس "جوناثان فالويل" ابن القس الراحل "جيري فالويل"، الذي اعتاد سب الإسلام، والقس "جوردون روبرتس" نجل القس "بات روبرتسون"، الذي اعتاد الإساءة للرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -، كما حضره القس "بول كراوش" والمنصر الألماني "رايتهارد بونك"، بالإضافة إلى "دون آرج" مدير الجمعية الوطنية للإنجيليين.
ونقل موقع "وورلد نت ديلي" عن القس جوناثان فالويل: أن قادة الحركة الدينية الأمريكية طالبوا خلالَ اللقاءِ سفراءَ الدول العربية الإسلامية، بفتح الباب أمام الكنائس الأمريكية؛ لتقديم ما أسماه (المساعدات التعليمية والإنسانية في الدول العربية)، وطالبوا أيضًا سفراءَ الدول العربية بالسماح بافتتاح فروع لجامعة "الحرية" الأمريكية المتخصصة في تعليم دراسات وأبحاث التنصير واللاهوت المسيحي وفق المعتقد الإنجيلي في كل الدول العربية.
وأضاف القس فالويل أنهم طالبوا خلال اللقاءِ الدولَ العربية بالتحرك نحو الحرية الدينية وفتح الباب أمام الديانات الأخرى، وأن وفد الحركة الدينية الأمريكية أبدى استعدادَه لزيارة الدول العربية للتحدث مع قادتها بشأن هذه المطالب.
وأوضح فالويل أن قادة الحركة الدينية الأمريكية أبدوا استعدادهم أن يستضيفوا عددًا من الطلاب العرب لدراسة مقررات جامعتهم الخاصة بالتنصير أو اللاهوت في الولايات المتحدة أو منحهم شهادات عن طريق الإنترنت.
وحملات التنصير في الشرق الأوسط حقيقة واقعية لا يمكن إنكارها، إذ استطاع المنصرون اختراقَ عدد من الدول الإسلامية تحت ستار المؤسسات الخيرية، والخبرة الأجنبية، وإنشاء المدارس والمستشفيات. ولقد حصلت مجلةُ "الرابطة" السعودية، في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، على نشرة تنصيرية تصدر في أمريكا تسمى "ديت لاين" تخطط لأن توقع المسلمين في شراكها، والنشرة موجهة أصلا إلى المسيحيين الذين يهتمون بتنصير المسلمين وبأوضاع العالم العربي، فهي تحضهم على التطوع للعمل في البلاد العربية، وتحثهم على القيام بهذا العمل الشاق، كما توضح لهم كيفية نشر أصول الدعوة المسيحية بين المسلمين عن طريق تقريب وجهات النظر فيما يخص مفهوم التوحيد والتثليث.
ويلاحظ في النشرة نداء توجهه إلى المسيحيين في بلاد الإسلام؛ يقول النداء: "يا من لهم فرص أكبر في العمل في ديار المسلمين، أنتم ولا شك تعلمون أنه لا يسمح للمسلم شرعًا أن يرتد عن دينه ويعتنق دينًا آخر، مما ينتج عنه استحالةُ العمل بينهم، وكذلك لا مجال للبعثات التنصيرية للعمل هناك، إذ ليس مصرحًا لها بالنشاط، ويبدو أن الستار قد أسدل وبُني الحصن بقوة قد تبدو غير قابلة للاختراق، ولا سيما في نظر الذين يغفُلون عما يصنعه الرب في العالم العربي. وتضيف النشرة: هناك إحساس لدى العاملين في البلاد الإسلامية أننا أمام فتح مبين، صحيح أن بعض الجهات في العالم الإسلامي أصبحت أكثر تعصبًا، ولكنها تبقى أقلية شديدة البروز فقط، وذلك يدفعنا إلى مضاعفة جهودنا الآن هو ما نراه من تغير في المواقف والمزاج لدى الأغلبية. وتوضح النشرة أن ما يربو على 65% من سكان العالم العربي الآن هم دون الثلاثين، وفي دائرة هذا السن تقوى نزعةُ البحث عن الحقيقة والاستقرار والعثور على منارة هادية في خضم الاضطرابات التي تعترضهم وهم يواجهون مشكلات العصر، ومما يزيد تعقيدَ المشكلة الأزماتُ الإسكانية، وعدمُ الاستقرار الاقتصادي، والاضطراباتُ الاجتماعية، في وقت يسعى فيه الجميع إلى تحسين مستوى معيشتهم.
وتواصل النشرة بيانها قائلة: هناك بعثات تنصيريه فعالة تعمل حاليًا بنجاح في هذه البلاد الممنوعِ فيها النشاطُ ظاهرًا، ولكن هذه البعثات تتعرض يوميًا إلى توترات وضغوط لا يمكن تجاوزُها إلا بوسائل روحانية، فلقد عُرف العالم العربي بأنه أشد المناطق صعوبة على وجه الأرض لدخول الإنجيل، ولا يزالُ غيرَ ملتفت إليه التفاتًا كافيًا من قبل رجال الكنيسة نتيجة لجهلهم أن العالم العربي لم يحصل على هذه السمعة إلا لقلة المتطوعين للتضحية في سبيل إعلاء كلمة الإنجيل.
ثم تقول النشرة: فعليكم وعلينا أن ننظر إلى العالم العربي من منظار الرب، فلو أننا استصعبنا هذه المهمة لكنا قد ظننا نقصًا في الرب، وقد وصلنا أخيرًا في اجتماعات مؤتمر الكنائس العالمي في فرنسا إلى اتخاذ قرارات حددنا فيها أهدافنا، وبعد صلواتنا المكثفة الحارة شعرنا أن الرب يحثنا على الانتفاض وعدم التواني في فتح أبواب جديدة على العالم العربي، وسيركز العدد القادم من "ديت لاين" علي الطرق الجزئية التي تدخلك في باب المستحيل.
ولقد نشر القس زويمر، بمؤازرة زملاء له، كتابًا تحت عنوان "العالم الإسلامي اليوم" في النصف الأول من القرن العشرين، جمعوا فيه تقاريرَ ومباحث تاريخية كتبها المنصرون عن حال المسلمين القاطنين في مناطقهم التنصيرية، وتلي هذه التقاريرَ خلاصةٌ عن أعمال المنصرين التي قاموا بها في البقاع المختلفة وما نتج عنها من انتشار الدين المسيحي.
وقد وضع جامعوا هذا الكتاب مقدمةً له، ألحوا فيها على ضرورة تنصير المسلمين، وقالوا: "إنه لم يسبق وجودُ عقيدة مبنية على التوحيد أعظم من عقيدة الدين الإسلامي الذي اقتحم قارتي آسيا وإفريقيا الواسعتين، وبث في مئتي مليون من البشر عقائده وشرائعه وتقاليده، وأحكم عروة ارتباطهم باللغة العربية، فأصبحوا كالأنقاض والآثار القديمة المتراكمة على جبل المقطم، أو هم كسلسلة جبال تناطح السحاب وتطاول السماء، مستنيرة ذرواتها بنور التوحيد ومسترسلة سفوحها في مهاوي تعدد الزوجات وانحطاط المرأة".
ثم يقولون: إن الكنيسة المسيحية ارتكبت خطأ كبيرًا بتركهم وشأنهم (أي المسلمين)، إذ ظهر لها أن أهمية الإسلام في الدرجة الثانية بالنسبة إلى 800 مليون وثني رأت أن تشتغل بهم، ورأت هذا وهي لم تعرف عظمة الإسلام وحقيقة قوته وسرعة نموه إلا منذ ثلاثين سنة فقط.
على أن أبواب التبشير صارت مفتوحة الآن في ممالك الإسلام الواقعة تحت سلطة النصرانية، مثل الهند والصين الجنوبية الشرقية ومصر وتونس والجزائر، وأن في العالم 140 مليون مسلم (في هذه المدة يوم أن كانت البلدان العربية ترزح تحت الاحتلال) يرتقبون الخلاص.
وفي مقدمة الكتاب بعض ملاحظات ونصائح للمنصرين الذين يعملون بين المسلمين في الشرق الأوسط، منها:
1- يجب إقناع المسلمين بأن النصارى ليسوا أعداء لهم.
2- يجب نشر الكتاب المقدس بلغات المسلمين؛ لأنه أهم عمل مسيحي، وقد تم جزء من هذه المهمة بعد أن طبع في بيروت 46 مليون نسخة من الكتاب المقدس.
3- تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم ومن بين صفوفهم؛ لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها.
4- ينبغي للمبشرين ألا يقنطوا إذا رأوا نتيجة تبشيرهم للمسلمين ضعيفة، إذ من المحقق أن المسلمين قد نما في قلوبهم الميل الشديد إلى علوم الأوربيين وتحرير النساء، وأن تنصير أمثال "كامل" في بيروت "وعماد الدين " في الهند "وميرزا إبراهيم "في تبريز،
وكذلك أعمال أخرى من هذا القبيل من شأنها أن تولد لنا مجهودات جديدة يجب علينا أن نحمد بسببها نعمة الله علينا.
وهكذا يخطط المنصرون لمنطقة الشرق الأوسط منذ ما يقرب من قرن من الزمان، إذ جاءوا في صحبة الاستعمار الغربي وكانوا رسلا لهذا الاستعمار في عدد من الدول العربية والإسلامية، ولقد رأينا كيف تتغلغل مؤسسات التنصير في مصر بلد الأزهر في مقالة سابقة نشرت بالموقع، وما يحدث في مصر يحدث في عدد كبير من الدول العربية التي تفتح أبوابها للمنصرين تحت ستار الإغاثة الإنسانية وتقديم المعونات والمساعدات والخبرة الأجنبية )).
((وذكرأن مجلس الكنائس العالمي الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقرًا له، رصد 25 مليار دولار لتنصير المسلمين في مختلف أنحاء العالم، ووضع في أولوية اهتماماته دول مناطق الصراع والدول الفقيرة.
وأشارت المجلة إلى أن العراق وفلسطين والسودان ومصر والصومال والهند وأفغانستان من بين الدول التي تتصدر اهتمامات المجلس، وأكدت أن ميزانية مجلس الكنائس العالمي في العام الماضي كانت 19 مليار دولار. كما تحدثت عن وجود عمليات تنصير بمصر، رصد لها مجمع الكنائس العالمي ميزانية خاصة تقدر بحوالي مليار دولار، لفشلها في تنصير ما خططت له منذ سنوات طويلة، وكذلك محاربة الأزهر الذي تعتبره العائق الأساسي أمام عمليات التنصير بالعالم الإسلامي. وأوضحت أن القائمين على عمليات التنصير يستغلون حالة الفقر في مصر لإغراء الفقراء الذين لديهم استجابة في دخول النصرانية بالإنفاق عليهم، لكنها أشارت إلى أن العمليات التبشيرية في مصر القائمة على أشدها منذ 20 عامًا لم تؤت ثمارها حتى الآن )).
ويهدف هذا القسم إلى:
- تشويه صورة الإسلام؛ لإقامة حائط صدٍّ يمنع المسيحيين من اعتناقه أو حتى التفكير فيه.
- تشكيك المسلمين في دينهم وهزيمتهم نفسيًّا.
- استفزاز المسلمين للقيام بأحداث ثأرية تصبُّ في صالح الشق السياسي، وتزيد الضغوط على الدولة، وتتزعم هذا القسم داخليًّا كنيسة (قصر الدوبارة) برئاسة القس (منيس عبدالنور) والدكتور (داود رياض) وجمعية خلاص النفوس الإنجيلية والقس (عبد المسيح بسيط)، وهو كاهن كنيسة العذراء الأرثوذكسية، ويتزعمه خارجيًّا القس (زكريا بطرس) وتنظيمه.
وعتاد هذا القسم العلمي (وسائلهم في التنصير):
-يمتلك المنصرون عددا من القنوات الفضائية مثل: (الحياة)، (سات7)، (النور)، (السريانية)، (أغابي)، (المعجزة)، (الكرامة) المسيح للجميع ((CTV)) ويشار إلى أن هناك أكثر من أربعين قناة فضائية ومحطة إذاعة تنصيرية ناطقة فقط باللغة العربية وموجهة للمسلمين، منها ما هو تابع للكنيسة المصرية ومنها ما هو تابع للفاتيكان ومنها ما هو تابع لمجلس الكنائس العالمي، فضلاً عن المملوك لأشخاص.
وسيأتي مزيد بسط لموضوع القنوات الفضائية في مبحث مستقل لخطرها الداهم ولأهمية دورها في العملية التنصيرية حيث لها حضور في أوساط الجماهير المسلمة والعربية.
-يمتلكون أكثر من خمسمائة موقع إلكتروني مثل: (صوت المسيحي الحر)، (الكلمة)، (النور والظلمة)، (فازر زكريا)، (فازر بسيط)، (الأقباط متحدون)، مسيحيو الشرق الأوسط ...
-أكثر من مائتي غرفة حوارية على برامج المحادثة الإلكترونية مثل (البال توك) و(الماسنجر) و(الياهو) و(سكاي بي).
وتؤكد البحوث أن النشاط التنصيري الكبير على شبكة الإنترنت أثمر آلاف المواقع التنصيرية التي تفوق عدد المواقع الإسلامية بعشرات المرات فالإحصائيات تؤكد أن عدد المواقع التنصيرية تزيد عن المواقع الإسلامية بمعدل 12% وأن المنظمات المسيحية هي صاحبة اليد العليا في الإنترنت حيث تحتل 62% من المواقع وبعدها المنظمات اليهودية أما المسلمون فيتساوون مع الهندوس في عدد المواقع والتي لا تزيد عن 9% من مواقع الشبكة.
فيما أجريت دراسة أخرى عن المواقع التنصيرية على شبكة الإنترنت ومن نتائجها أنه يمكن تقسيم المواقع التنصيرية إلى ثلاثة مواقع:
1- المواقع التي تدعو للنصرانية وذكرت منها 36 موقعا عربيا وأجنبيا.
2-المواقع التي تطعن في الإسلام وتدعو للنصرانية وذكرت منها 21 موقعاً عربياً وأجنبياً.
3-المواقع التي تدعم نشر الكتاب المقدس وقراءته وذكرت 8 مواقع.
-أكثر من عشر مجلات متخصصة مثل (الكتيبة الطبية)، (الطريق)، الأخبار السارة، أخبار المشاهير...
-ومما يندرج تحت هذا القسم حملات التنصير العامة : وهي نوع آخر من النشاط التنصيري لكنه مختلف لكونه غير سري بل يتم على مستوى كبير وفي وقت واحد ويسمى عندهم حملة إلقاء البذور، وتقوم فيها مجموعات كبيرة بنشر موضوع تنصيري على أكبر عدد ممكن من المسلمين بصورة علنية ومن أمثلة ذلك:
-قيام مجموعات تنصيرية في أول شهر رمضان سنة 2005 بتوزيع اسطوانة مدمجة CD على شباب الجامعات في القاهرة و الإسكندرية والمنصورة وبنها كتب عليها هدية رمضان واتضح أن هذه الاسطوانة تحوي مسرحية سافلة مثلت في أحد كنائس الإسكندرية بعنوان " كنت أعمى و الآن أبصر" تحكي قصة شاب مسيحي أسلم ثم اكتشف أن الإسلام ديانة شيطانية- على حد قوله- فعاد للمسيحية وحاول المسلمون قتله لكنه نجا ببركة العذراء!! , وقد أدت هذه المسرحية إلى قيام الكثير من المسلمين بمهاجمة الكنيسة التي مثلت بها، واستمرت أحداث العنف أكثر من شهر كامل.
-قيام الكنائس بتنظيم عرض كبير لفيلم آلام المسيح، ودعوة الشباب لحضور الفيلم وتوزيع الهدايا عليهم والتعارف بينهم وبين الفتيات المسيحيات، ثم تنظيم رحلات إلى بعض الأديرة الأثرية والشواطئ الخاصة، وخلال هذه المدة يتم التأثير عليهم واستقطابهم للانتظام في عظات الكنيسة ومجموعات التنصير.
-ومن أخطر مواسم التنصير إن لم يكن أخطرها على الإطلاق معرض القاهرة الدولي للكتاب، والذي يعد أكثر مواسم التنصير خصوبة حيث يتم توزيع ملايين الكتب المجانية وعرض الأفلام التنصيرية و إقامة الحوارات مع رواد المعرض، وتبادل أرقام الهواتف والعناوين والعناوين الإلكترونية , ويتم تسريح فرق من المنصرين بين شباب المعرض وأمام المكتبات المسيحية، وتباع الكتب المسيحية بأسعار رمزية جدًا "خمسة كتب بربع جنية فقط "بينما توزع الملايين منها مجانًا على المسلمين ويصل رواد المعرض يومياً إلى مائة وعشرين ألف في المتوسط وتنشط في المعرض ثلاثة من أكبر جمعيات التنصير في العالم:
1- جمعية خلاص النفوس المسيحية
2- جمعية كنيسة الإخوة الإنجيلية
3- دار الكتاب المقدس
-ويقام المعرض تحت رعاية شركة "موبنيل" للاتصالات وهي أحد شركات "نجيب ساويرس" وهو من أكبر ممولين التنصير في مصر مما جعل المعرض مكاناً خصباً و آمناً لمجموعات التنصير، وقد رصدنا عدد من المتنصرين تحت تأثير النشاط التنصيري بالمعرض.
-قيام المجموعات التنصيرية بتوزيع كتاب يهاجم الإسلام أو يدعوا إلى المسيحية عن طريق تحريف الإسلام على نطاق واسع مثل توزيع كتاب مرقس عزيز "استحالة تحرف الكتاب المقدس" وقد رصدنا أكثر من عشر فتيات تعرضوا لعملية تنصير بهذا الكتاب عن طريق توزيعه عليهم كهدايا.
-وكذلك قيامهم بتوزيع ونشر محاضرة مرئية لأحد القساوسة يتحدث فيها عن إثبات إلوهية المسيح من القران الكريم وقد انتشرت هذه المحاضرة بين المسلمين وللأسف لم يفرد لها أحد من الدعاة رد علمي حتى الآن.
-ويعمل بهذه الحملات مجموعة كبيرة من المنصرين والمتنصرين الذين يقودون الحرب على الإسلام؛ باعتبارهم أصحاب تجربة، وهؤلاء ينشطون داخل شبكات تنصير منظمة وممولة من الخارج.
الشبكات التنصيرية في مصر:
يقدر تقرير أمريكي أن أعداد الجمعيات والمنظمات التنصيرية بقرابة 2000 منظمة وجمعية، منها قرابة 300 تقيم في مصر بشكل رسمي ودائم، ويعمل بها ما لا يقل عن 5000 مصري و1500أجنبي.
وجميعها تتلقَّى الدعم المالي من المؤسسات التنصيرية العالمية مثل:
مؤسسة (ماري تسوري)
ومؤسسة ( كريتاس) التابعة (لمجلس الكنائس العالمي)
ومؤسسة (الكريستيان أيد)
ومؤسسة ( ما وراء البحار)
ومؤسسة (الطفولة الأمريكية)
وهيئة (سدبا)
ومؤسسة (كاتليست).
وهذه الشبكات التنصيرية هي :
1-شبكة قمح مصر: وهي تنشط في أكثر من محافظة، لاسيما القاهرة والمنيا وبني سويف، ويقودها شاب متنصر كان اسمه (محمد عبد المنعم) وأصبح (بيتر عبده) من محافظة المنصورة، ويساعده شاب متنصر أيضًا كان اسمه (مصطفى)، وأصبح (جون) وكلاهما تنصَّر على يد دكتور أمريكي اسمه (بوب)، وقد تفوق (محمد عبد المنعم) أو (بيتر) فحصل على منحة لدراسة اللاهوت بالأردن، وهو يتقاضى راتبًا شهريًّا يصل إلى عشرة آلاف دولار.
2-جمعية أرض الكتاب المقدس: ومقرها الرسمي (بكينجهام شاير) ويرأسها شخص اسمه (موبير نلي) وتنشط في الريف المصري، ويقوم عليها مجموعة من المنصرين العرب الأجانب، وتقوم هذه الجمعية بزيارة المناطق الفقيرة والمعدمة، وتقوم ببناء البيوت، ودفع اشتراكات التلفونات ومصاريف المدارس، وتشارك هذه الجمعية في مشروع بناء مصر العليا، وهو مشروع تنصيري ممول من جمعيات تنصيرية أوربية، وفي آخر رصد لنشاط جمعية أرض الكتاب المقدس خرج فريق من منصري هذه الجمعية إلى قرية الكوم الأخضر أحد قرى الجيزة، وظلوا لمدة عشرة أيام كاملة يساعدون العائلات في بناء بيوتهم وتجديدها وإعمارها، حيث انفق الفريق أكثر من مائة ألف جنية إسترليني هناك.
3-الجمعية الإنجيلية للخدمات الإنسانية: وهي جمعية تقوم بإقامة مشروعات صغيرة لفقراء المسلمين عن طريق القروض الميسرة، وتنشط في القاهرة الكبرى بوجه خاص، لاسيما المناطق العشوائية، وهي خاضعة لكنيسة (قصر الدوبارة البروتستانتية)، وقد تنصر بسببها عدد كبير من المتنصرين، ويمولها عدد من الشركات المسيحية التجارية.
4- الجمعية الصحية المسيحية: وهي جمعية ممولة من السفارة الأمريكية، وتدير عدة مدارس ومستشفيات، وتقدم الخدمات المجانية لعدد كبير من المسلمين.
5- مؤسسة (دير مريم): وهي مؤسسة قديمة تقدم الدعم المادي والقروض الحسنة، وتعرض خدمات الهجرة والسفر للمتنصرين.
6- مؤسسة (بيلان): وهي أيضًا مؤسسة عريقة في التنصير، وبجانب ما توفره من دعم مادي تقوم بإقامة حفلات عامة يوم الأحد، وتدير شبكة مراسلة وتعارف بين الشباب من سن الحادية عشرة إلى الخامسة عشرة سنة بين مصر والبلاد الأوربية.
7- مؤسسة حماية البيئة: ومقرُّها الأساسي في منشية ناصر أحد أفقر أحياء القاهرة، ولها فروع في العديد من المناطق الشعبية، وتقوم بتدريب الشباب والفتيات من كل الأعمار على الأشغال اليدوية، وإقامة المشروعات الصغيرة، وتقوم بالتعاون مع السفارة الأمريكية بإعداد معارض لمنتجات المتدربين فيها، وتضمُّ كذلك دور حضانة ومدارس بأجور رمزية، يقوم فيها المسيحيون بالتدريس لصغار المسلمين.
8- جمعية (الكورسات) بالإسكندرية: وهي جمعية إنجيلية تقوم برعاية أطفال الشوارع، حيث توفر لهم ثلاث وجبات يومية، ومدرسة لمحو الأمية، وورش لتعلم الحرف، ......
النشاط التنصيري في مصر والأماكن التي يتركز العمل فيها:
تم تدريب فرق من الشباب المسيحي للعمل في مجال التنصير، وهؤلاء الشباب يتلقون تدريبات مكثفة على كيفية إدارة الحوار مع المسلمين، وكسب مودتهم وثقتهم، واكتشاف نقاط الضعف في شخصيتهم واستثمارها، ويتركز النشاط التنصيري على عدة جبهات أساسية وهي :
المراكز التعليمية: الجامعات والمدارس والمدن الطلابية.
المراكز الاجتماعية: النوادي والتجمعات الليلية، وأماكن تجمع الشباب بصفة خاصة.
المراكز الطبية: مستشفيات وجمعيات مرضى الكلى والسرطان، فهناك رحلات تنظمها الكنائس إلى هذه الأماكن، وتقوم بتوزيع الهدايا والأموال والتعرف على احتياجات المرضى، وقيام صداقات بينهم وبين المنصرين.
التجمعات الفقيرة: مثل منطقة (الكيلو أربعة ونصف) و(منشية ناصر) و(عزبة الهجانة) و(الدويقة) و(البساتين) و(مصر القديمة) و(المقطم) و (جزيرة الدهب) بين (المعادي) ومنطقة (البحر الأعظم) جزيرة الوراق (إمبابة).
مراكز الإيداع الخاص: السجون وملاجئ الأطفال ودور المسنين، ومع حساسية هذه الأماكن وظروفها الخاصة.
القنوات الفضائية التنصيرية:
أفردننا الكلام عن هذه القنوات والتي تحت رعاية الكنيسة وذلك لعظيم أثرها ودورها في تنشيط العمل التنصيري حيث استطاعت الفضائيات الدينية أن تستقطب جمهوراً كبيراً في العالم العربي على الرغم من أن الفضائيات الدينية لا تزيد عن 8% من مجموع الفضائيات العربية إلا أن جمهورها يقارب 40% من جمهور الفضائيات العربية . القنوات الفضائية الدينية باتت تؤدي دوراً محورياً في تشكيل توجهات الرأي العام في المنطقة العربية، فكل قناة ذات ترتيبات سياسية وتاريخية معينة ولها ترتيبات تمويلية معينة، تحدد الأهداف خلف الرسالة الإعلامية التي تبثها كما وتحدد نوع الخطاب الذي يترتب على المشاهد متابعتها. تزايد عدد القنوات الدينية بشكل سريع في أقل من عشرين عاماً، وفيما كان من الصعب العثور على قناة دينية واحدة قبل عقدين من الزمن صار عددها حالياً يربو الى خمسمئة قناة . وعلى وجه الخصوص فقد بلغ عدد القنوات الدينية المسيحية س32 قناة تركز بثها على أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، وتمويلها من الفاتيكان وأمريكا وغرب أوروبا، وبعض المنظمات والجهات الكنسية في أوروبا وأمريكا، وأيضا رجال أعمال نصارى عرب. وتختلف الأهداف التي تسعى الى تحقيقها هذه القنوات فمنها ما يسعى الى نشر رسالة الدين المسيحي حسب الكنيسة المتبعة، وغيرها يسعى الى احداث الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، أضف الى ذلك أن لبعضها أبعاد استعمارية.
ومن هذه القنوات: ( أغابي – سي تي في – مارمرقس – الكرمة – الكرمة شمال أمريكا – الكرمة استراليا – الحقيقة – الطريق – الحياة – الحياة أمريكا – الـفادى – سات 7 – سات 7 للأطفال – قناة الكلمة – قناة الحرية – الشفاء- الملكوت – كوبتك سات – الرجاء – المعجزة لوجوس – الوعد – المسيح للجميع – البشارة – المنارة – البيت القبطي – الشباب المسيحي – سيف الكلمة- نور –معجزة –عشتار).
بدأت فكرة إنشاء القنوات الفضائية الدينية المسيحية العربية منذ عشرات السنين، حيث طرحت العديد من المنظمات القبطية المسيحية في المهجر فكرة إنشاء فضائية أو إعلام مسيحي مستقلّ تعبر عن مشاكل الطائفة المسيحية في مصر (على اعتبار أن مصر تضم أكثر تجمع لطائفة المسيحية في الوطن العربي).
فأول ظهور للإعلام الديني المسيحي كان بإنشاء قناة “سات 7” على القمر الأوربي هوت بيرد في 7 مايو 1996م وبعدها توالت القنوات المسيحية في الظهور مثل الحياة ومعجزة ثم قناتي أغابي وctv الناطقتان باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ومؤخرا قناتي الحقيقة والطريق وغيرها.
ويمكن تصنيف هذه القنوات على أساس تصنيفين:
قنوات يعتمد خطابها الإعلامي على نشر الدين المسيحي وهي قنوات لا تهاجم الديانات الأخرى.
وتصنيف آخر يعتمد على تحليل القنوات التى تستخدم أساليب الذم والتشكيك بالدين الإسلامي في محاولات لنشر الفتنة.
فالقنوات لا تسير على سياسة إعلامية واحدة فمنها التي تهتم بالشأن الديني لتلبية احتياجات المسيحيين ومنها التي تعمل على شحن الأقباط بالغضب خصوصا عند حدوث أحداث طائفية.
1.قناة أغابي :
- قناة المحبة (أغابي) التي بدأت بثها في 14/11/2005م يقوم عليها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر ويمولها رجال أعمال أقباط داخل مصر وفي المهجر،
- ومن أهدافها نشر الوعي المسيحي عن طريق تقديم الرعاية الروحية والرعوية للأقباط في مصر والخارج، وتكوين صلات ربط ووصل بين الأقباط في مصر والعالم فضلا عن نشر التراث القبطي للكنيسة. ودعم السياحة الدينية في مصر عن طريق تقديم برامج تسجيلية عن الأديرة والكنائس الأثرية ورحلة العائلة المقدسة لمصر.
-من البرامج التي تقدمها (طبيب أغابي)، (أعرف كنيستك)، (وعود الله)، (عائلتي). ترتيبها العالمي حسب موقع اليكسا 6,018,593 عالمياً ، وارجع ذلك الترتيب العالي نسبياً الى أن القناة وبرامجها وموقعها تحديداً ليس على درجة على من التشويق كما سنلاحظ في قنوات أخرى، فالبرامج روتينية تشرح تعاليم مسيحية وتجيب على أسئلة الجمهور (أي أنها تفتقد الى عنصر التشويق).
-موقعها لا ينطبق عليه صفات الموقع الناجح من فعالة وتحديث مستمر أضف الى أنه يعتمد على اللغة الإنجليزية بالأساس ويترجم القليل الى العربية لا يحتوي على حلقات مسجلة أو عرض للبرامج، يقتصر على توضيح المواعيد ورابط البث المباشر، لا تثير قضايا مهمة أو شيقة فهي لا تفتح باب النقاش في الدين الإسلامي ومقارنته بالمسيحي ومن هذا القبيل (أي أنها غير تفاعلية). أضف الى أنه لا يوجد لها موقع رسمي على الفيس بوك فهناك موقعان غير رسميان كما وانهما غير فعالان.
2.قناة الحياة:
- بدأت بثها في 15 سبتمبر 2003 على القمر الأوربي هوت بيرد وتعمل في شمال أفريقيا، الشرق الأوسط، شبه الجزيرة العربية وأوروبا. وفي سنة 2007 وصل البث إلى استراليا. تعرف هذه القناة عن نفسها على موقعها الإلكتروني بالآتي “إن فضائية “قناة الحياة” هي محطة تلفزيونية مسيحية تنتمي الى عائلة أتباع المسيح، وغالبيتنا مؤمنون من خلفية إسلامية بالإضافة الى مؤمنين من خلفية مسيحية…”، وفي هذا القول دلالة واضحة لمهاجمة هذه القناة للإسلام والمسلمين فهي تدلل بهذا القول أن المسلمين غير مقتنعين بدينهم وأن أغلبية القناة من (المرتدين)، فإذن الدين المسيحي هو الحل الأفضل وأن المسلمين تركوا الإسلام وبدئوا بالدعوة للدين المسيحي وأن عملهم في هذه القناة خير دليل. تعد الواعظة المسيحية “جويس ماير” هي الممول الأول لقناة الحياة من خلال مؤسستها التي تملكها.
- وتقدم القناة نوعيات مختلفة من البرامج أقلية منها تتحدث عن الدين المسيحي فقط، فأغلبية برامجها تحرض ضد الإسلام.
- وما بين البرامج التي تناقش الإسلام وأشهرها برنامج “أسئلة عن الإيمان” الذي كان يقدمه زكريا بطرس وتوقفت إذاعته بعد أن ترك بطرس القناة في ظروف غامضة لم يتم الإعلان فيها عن سبب تركه القناة أو فصله منها.
- وبرنامج “سؤال جرئ” الذي يقدمه رشيد الذي ظهرت معه مؤخرا كاميليا شحاتة وزوجها القس تداوس سمعان لتعلن عن مسيحيتها يعرض هذا البرنامج اسئلة حول الإسلام يعتمد في إجابته عليها بمقارنة آيات من القرآن الكريم مع آيات من كتب التوراة والإنجيل.
- والمجلة السعودية ل د. خالد الشمري وهو في الأصل مسلم مرتد، يتمحور هذا البرنامج على شرح هذا المرتد لقصة عزوفه عن الإسلام وكيف أنه كان يعيش الظلم عندما كان مسلماً _حسب قوله_، وبرنامج المرأة المسلمة تقدمه أماني مصطفى يناقش هذا البرنامج وضع المرأة في الإسلام ويحاول تحريض النساء ضد الدين الإسلامي وعرض مواضيع تظهر ظلم الإسلام للمرأة تم استخدام أسلوب السخرية من نساء المسلمات.
- تقدم هذه القناة 13 برنامج أغلبيتها تهاجم الدين الإسلامي وهي متخصصة في ذلك في كل حلقاتها ويتضح ذلك من خلال عناوين الحلقات فمنها “نظرية المؤامرة في الإسلام”، ونهاية خديجة وبداية الآم المرأة المسلمة”،” هل العمليات الانتحارية حلال في الإسلام” ،”جمل قرآنية غير مفيدة”.
- وتعد هذه القناة من أبرز القنوات المسيحية طائفية، رغم أنها تعلن أنها قناة دينية بالأساس، فهي تهاجم الإسلام، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، وتسعي بوضوح للتبشير وتنصير المسلمين، ونجحت في تشكيك بعض الفتيات المسلمات في دينهن، وتنصير البعض، كما وقع مع قصة “زينب” المشهورة، والتي تحدثت عن غيابها ستة أشهر عن أسرتها في ضيافة هؤلاء المبشرين، لتعود وقد غيرت دينها ونصرت الى المسيحية.
- ترتيب هذه القناة حسب موقع اليكسا على العالم 836,657، وعلى مصر تحديداً15,191 وهذا مؤشر واضح على رواج القناة عالمياً ومصرياً فترتيبها لا يستهان به مقارنة بقناة أغابي كما ذكرت سابقاً السبب.
- أضف الى ذلك المميزات التي يحتويها موقع هذه القناة من وضوح وتحديث سريع والألوان مريحة للمشاهد وسهولة الوصول الى المعلومة والتواصل مع القائمين على القناة كما واستخدام الصور كبيرة الحجم اللافتة للانتباه لعب دوراً في زيادة متابعة الجمهور للموقع.
- وفيما يتعلق برد فعل المسيحين اتجاه هذه القناة فقد كان الكثير ضد خطابها الإعلامي العنصري، فقد تبرأ “الأنبا موسى” الأسقف العام وأسقف الشباب بالكنيسة المصرية من هذه القناة قائلاً: “إن الكنيسة لا تعرف شيئاً عن هذه القناة، ولا تعرف لمن تتبع، ومنذ فترة نلاحظ من سياستها وأسلوبها أنها تثير الفتنة بل وتتخطى الخطوط الحمر فتهاجم عقيدة إخواننا المسلمين، لكن عندما اجتمعنا مع مسؤولي قناة “سات سيفن” قالوا لنا: إنه لا صلة لهم بها وكذلك لا صلة بين السات والحياة“!، هذا قد يقودنا للقول أن الأهداف ربحية بامتياز وليس من أجل الدين المسيحي بل إثارة الفتنة والجدل حول قضايا معينة لجلب أكبر عدد من المشاهدين.
3.قناة سات 7:
بدأت بثها عام 1996م من قبرص باللغة العربية إلى البلاد العربية وبالفارسية لإيران وبالتركية لتركيا فقد اشترك في تأسيسها 25 مؤسسة وكنيسة نصرانية من البلاد العربية وأوروبا وأمريكا ،ومن أهدافها مؤازرة الفئات النصرانية المشتتة وتثبيتها في إيمانها وشهاداتها للمسيح وإتاحة الفرصة لمشاهديها لسماع الرسالة النصرانية بلغتهم المحلية، ويقول فؤاد فريد مدير مكتبها في القاهرة، إنها مخصصة لمسيحيي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهدفها الوصول بالرسالة المسيحية إلى المنازل.
ترتيب موقعها الإلكتروني 1,391,494 وعلى إيران 187,051، موقعها تفاعلي يأخذ رأي المتصفحين في بعض القضايا يحتوي على رسائل وردود عليها، يمكن وصفه بأنه جيد بشكل العام والمضمون، فمضمونه لا يهاجم أحد وانما يعبر عن آراء الكنيسة وما الى ذلك في الدين المسيحي.
4.قناة سات 7 كيدز:
هي القناة العربية المسيحية الأولى والوحيدة المخصصة للأطفال فقط، يأتي موقعها الإلكتروني 2,078,732 عالمياً، تعرض برامج أطفال مستوحاة من قصص المسيح بشكل مسلي للأطفال وتعلمي، موقعها الإلكتروني مناسب جداً للأطفال من ناحية المضمون فهو يحتوي على ألعاب وموسيقى وبرامج ترفيهه وتعليمية، وسهل الاستخدام للأطفال ومشجع فكلما ضغط الطفل على زر ما تصدر نوع من الموسيقى المسلية. أعتقد أن هذه الأشياء الجذابة بهذه القناة قد تجذب الأطفال غير المسيحين وتزرع في عقولهم تعاليم من الدين المسيحي، فلربما يكون هذا نوع من الخطاب الإعلامي الخفي الذي يستخدم الترفيه والتسلية لتحقيق أهداف معينة تكمن وراء إنشاء هذه القناة.
5.قناة نورسات:
هي قناة مارونية بدأت بثها الأرضي من لبنان عام 1991م والفضائي عام 2003م ويشرف عليها مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، شعارها “الوطن لبنان” وهي كما هو واضح من شعارها تستهدف بالأساس المجتمع اللبناني واللبنانيين المقيمين خارج لبنان.
ترتيبها العالمي 792,795، وعلى مصر 28,151، هي قناة تهتم بالديانة المسيحة وشرحها بالدرجة الأولى لا تقارنها بالدين الإسلامي ولا تتعرض له، على درجة عالية من ترتيب في موقعها الإلكتروني، فهو سهل الاستخدام ومريح، محدث ويعرض قضايا تهم الطائفة المسيحية بمختلف المناطق سواء الطائفة المسيحية العراقية أو اللبنانية أو الفلسطينية، يحتوي الموقع على شريط للأخبار العاجلة يساهم في زيادة عدد المتصفحين له.
6.قناة الطريق:
من أحدث القنوات الفضائية المسيحية التي بدأ البث التجريبي لها في أغسطس 2009 في الأمريكيتين والمكسيك وبعدها وصل إلى الشرق الأوسط في أول يناير 2010م. ترتيب موقعها الإلكتروني 6,747,774، تختلف هذه القناة عن غيرها من ناحية الخطاب الإعلامي ذا المضمون الغير الواضح ،فخطابها في الشكل العام يدلل على أنها لا تعادي أحد ولا تشكك بديانات أخرى ولكن بالمضمون الفعلي تعتمد هذه القناة على هذه السياسية في التشكيك بالدين الإسلامي ويتضح ذلك من خلال مضمون البرامج التي تعرضها مثل برنامج “رمضان… في عقل متنصر”، “محتويات القرآن”. ولذلك فإن الخطاب الإعلامي في هذه القناة يعتمد على تبسيط المحتوى للمشاهد بهدف عرض المضمون الأقوى عن طريق الرسالة الإعلامية المتخفية في ظلال المصداقية والمقارنة. اتضحت خطورة هذه القناة التي تجاوزت الفعل على الشاشة، وتعدته الى الممارسة على الارض، من خلال الخبر الذي نشر على موقع أقباط اليوم المصري الذي يتحدث عن اعتقال مراسلة قناة الطريق بتهمة الاشتراك بنشاطات نظمت على الاراضي المصرية تساهم في إثارة الفتنة الداخلية والإساءة لمصر في الخارج.
ختاماً: بعد هذا الاستعراض لبعض الفضائيات المسيحية يمكن القول أن الفضائيات المسيحية بعضها يهدف لنشر التعاليم المسيحية والتبشير بالديانة المسيحية للمسيحين وغيرهم من الطوائف، والبعض الاخر من الفضائيات وهي الأكثر جماهيريةً التي تقوم على مهاجمة الاديان الاخرى والتجريح بمعتقدات الآخرين وعليه فإن الاستراتيجيات المتبعة في ايصال الرسالة المسيحية مختلفة، فمنها ما يلجأ إلى نشر التعاليم المسيحية بالأبعاد التبشيرية وتجارب المسيح، وأخرى يلجأ الى مقابلة الدين الإسلامي بالمسيحي من خلال ذم وشتم وقدح الدين الإسلامي ومهاجمة الرسول –صل الله عليه وسلم- والتشكيك بالقران الكريم، بالإضافة الى استخدام المرتدين عن الدين الإسلامي للاستشهاد وشرح أسباب تحولهم ،لتحقيق الاهداف المنشودة وبطريقة سهلة ومن خلال اللهجة المحلية. بذلك تكون بعض هذه القنوات رسخت مشاعر العداء بين المسلمين والمسيحيين، وربما أدت الى حالة من العزلة للطائفة المسيحية في المنطقة العربية، وإن إذكاء النعرات الطائفية سينعكس سلباً على التعايش المذهبي في المنطقة العربية، فالمهاجمة والرد من قبل المسيحين والمسلمين ستؤدي الى الحقد والكراهية بين الطرفين. وعليه فإن القنوات تجاوزت دورها في العرض فقط الى إدخال الجمهور بصراعات عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع التفاعلية ك اليوتيوب والفيس بوك. ومن الأدلة على ذلك، ردود الأفعال على برنامج “سؤال جريء” المعروض على قناة الحياة تحديدا حلقة أسرار السيرة النبوية الذي يقدمه ما يسمونه “الاخ رشيد” يطرح موضوع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، بوصف النبي صلى الله عليه وسلم بانه ابن اسحاق ،يدعي ان الحلقة مبنية على مادة علمية بحتة، ويطلب المتابعة من خلال هاشتاغ أسرار السنة النبوية على الفيس بوك وعلى التويتر ،براي هذا (هاشتاغ) مبهم لأن ما ينشر عليه غير واضح ويصعب على شخص مسلم عادي تمييزه فالمفهوم العام هو مع الدين الإسلامي ولكنه يسخر منه مما قد يؤدي الى تداوله من بعض المسلمين عن غير دراية وحصل ذلك على أحدى الصفحات الإسلامية أن نشرت منشور من القناة على أنه دعاء إسلامي ولكن المنشور منقول عن موقع قناة الحياة وهو بغرض السخرية من دعاء المسلمين لله ، فهو اسلوب متعمد وخبيث للتضليل .التعليقات على هذا اليوتيوب وصلت 326 تعليق، وتعليق واحد بلغ عدد الردود عليه 48 رد ،بدأت بمناقشه ومن ثم تحولت الى شتم واهانات لكلا الديانتين .
تمويل معظم القنوات من الغرب وهذا يقودنا لتفسير سياستها التهجمية وهدفها في إحداث القلاقل بين الطوائف العربية لتحقيق اهداف استعمارية قد لا تكون واضحة ولكنها تتبين في تحليل الخطاب الإعلامي لهذه القنوات.
مواجهة التنصير في مصر :
هنا نضع ما يجب علينا فعله تجاه هذه الحرب الصليبية الفكرية على أمة الإسلام، وحين ننطلق لمواجهة التنصير فلابد أن نرتكز على مسلمات هامة في هذا الأمر:
* مواجهة التنصير ينبغي أن تكون مواجهة علمية عملية ولا يمكن أن تقوم بأحدهما دون الأخرى.
* المواجهة تستلزم الدفاع والهجوم معًا ولن تنجح بغير ذلك.
* لن تنجح أي مواجهة مع التنصير سوى المواجهة القائمة على الالتزام بمنهج السلف في الفهم والتصور والاعتقاد والحركة.
* أن نفهم جيدًا أن هدف المنصرين الأساسي ليس إدخال المسلمين في النصرانية ولكن إخراجهم عن الإسلام وذلك بعد أن علموا أن من الصعوبة بمكان أن ينجحوا في إدخالهم في النصرانية.
* أن العلاقة بين معركة التنصير والمعارك الأخرى الدائرة بين الإسلام وأعدائه علاقة وثيقة ومترابطة، باعتبار وحدة الصراع ووحدة القيادة في معسكر الكفر، وبغياب هذا المفهوم يصبح التنصير ثقبًا أسود يبتلع جهود المسلمين وأموالهم ليشغلهم عن المعركة الكبرى في ديارهم.
- تقوم الفكرة الرئيسة لخطة مواجهة التنصير في مصر على عنصر المواجهة الشاملة، وذلك لأن أقوى أسلحة الدعاة في هذه المعركة هو الحق الذي تخضع له النفوس وتطمئن إليه القلوب.وتحتاج المواجهة إلى ثلاثة عناصر أساسية هي "الكوادر"، و"الإمكانيات"، و"الوسائل".
أولاً: الكوادر:
ونقصد بها الأفراد الذين يملكون من الإمكانيات ما يؤهلهم لخوض هذا الصراع، وهذه المؤهلات تتركز في ثلاث جهات أساسية هي:
1- العلم الشرعي السلفي.
2- العلم بالنصرانية من مصادرها وكتبها.
3- القدرة على التواصل مع العامة والحوار مع الآخرين.
والطريقة المثلى لتوفير هذه الكوادر هو إقامة محاضرات ودورات تعليمية وتبصيرية بالتنصير وخطره وكيفية مواجهته والتدريب على إدارة الحوار مع المنصرين.
إن الغالبية من شاب الإسلام المتدين اليوم تتحرق شوقًا لخدمة دينها، ولكنها تفتقد البوصلة الموجهة والقيادة التي تستثمر جهودهم وتوجهها الوجهة الصحيحة.
* ويقترح في هذا السياق إنشاء مراكز تدريبية وتأهيلية لتدريب الشباب على التصدي للمنصرين.
* استغلال مراكز الدعوة لإدخال مقاومة التنصير كمادة دراسية أساسية.
* إعطاء دورات علمية للخطباء وطلبة العلم حول نقد المسيحية وكيفية مواجهة التنصير.
* إعطاء دورات علمية لشباب المناطق المنكوبة بالتنصير.
* إعطاء دورات علمية لشباب الجامعات والمدارس.
* استنفار الشباب المسلم للاهتمام بهذه القضية عبر جميع وسائل الاتصال ومراكز التجمع.
* تحفيز الدعاة والعلماء على استنفار طلبة العلم للتصدي للمنصرين وشبهاتهم.
* استنفار الطلبة بكليات الدعوة وأصول الدين ومعاونتهم في إعداد البحوث والدراسات للرد على المنصرين.
* استنفار الكتاب والصحفيين للتصدي للمنصرين وكشف خطرهم.
* الترابط بين المهتمين بمواجهة التنصير.
* توجيه الشباب إلى المنتديات ومواقع التصدي للتنصير الإلكترونية للتعلم والتثقف والتدريب على مقاومة التنصير.
ثانياً: الوسائل
وهنا ينبغي لنا أن نرصد أساليب المنصرين ووسائلهم فالتنصير يستخدم جميع الوسائل الإعلامية لنشر سمومه، ولا يصح لنا إلا أن نستخدم الوسائل الإعلامية نفسها " مرئية ومسموعة ومقروءة" في نشر جهودنا وبصورة تناسب جميع المستويات الثقافية، وذلك لخلق ثقافة عامة لدي جميع المسلمين حول حقيقة النصرانية، وتناقضاتها وتحريفها، ونقترح هنا عدة اقتراحات:
* نشر الدراسات المتخصصة في نقد المسيحية بين المسلمين، وبكل الوسائل وفي كل الأماكن وهذا الجانب يعاني من نقص خطير على النقيض تمامًا من الجانب الأخر، حيث توجد غزارة شديدة في الكتابات النصرانية التي تتناول الرد على الإسلام.
* نشر فضائح الكنيسة والمنصرين بين العامة لتكوين حائط سد نفسي تجاه الاجتماع بهم أو الاستماع لهم أو التعاون مع المنصرين.
* نشر الدراسات الإسلامية الخاصة بدلائل النبوة والإعجاز العلمي المنضبط بقواعد التفسير الصحيحة في القرآن والسنة على نطاق واسع بين المسلمين.
* إنشاء جمعيات ومراكز لمتابعة التنصير والتصدي له على أن يكون مقرها الأساسي في الدول الأوربية؛ لنتحاشى الإغلاق والمصادرة الداخلية.
* تخصيص باب بكل جريدة أو مجلة أو موقع إسلامي للرد على المنصرين.
* توجيه القنوات الفضائية الإسلامية إلى الرد على المنصرين ولو بطريقة غير مباشرة.
* توجيه الدعاة وأصحاب المنابر الدعوية إلى الرد على المنصرين.
* خروج قوافل دعوية إلى المناطق المنكوبة بالتنصير ولابد من تجهيزها بقافلة طبية واجتماعية.
* استنفار هيئات الإغاثة والجمعيات الاجتماعية الإسلامية لمساعدة المسلمين؛ لتكثيف نشاطها في الأماكن المنكوبة بالتنصير.
* استنفار التجار ورجال الأعمال والموسرين مطالبتهم بالإسهام في التصدي للتنصير ولو بكفالة أسرة واحدة، أو طباعة كتاب واحد، أو نشر شريط أو CDواحد.
* مراسلة الهيئات الإسلامية الدولية حول خطر التنصير وانتشاره وتقديم اقتراحات جادة ونافعة لهم.
* مراسلة الجمعيات الطلابية وشباب الجامعة في خطر التنصير وإمدادهم بوسائل مجابهته.
* مراسلة الجامعات العلمية الإسلامية لتخصيص منح دراسية لدراسة مقارنة الأديان لأهل البلاد المنكوبين بالتنصير.
* كفالة طلبة العلم والمتصدين لمقاومة التنصير وذلك لنضمن تفرغهم لهذا العمل.
* دعم الأبحاث والإصدارات التي ترد على النصرانية، وتكشف تحريفها وتوزيعها على أكثر عدد ممكن من المكتبات ودور العرض، وجعلها في متناول الجميع.
* إقامة المسابقات بين طلبة المدارس حول الأبحاث الصغيرة في نقد النصرانية وخطر التنصير ورد شبهات المنصرين.
* مزاحمة المنصرين في أماكن انتشارهم كمعرض الكتاب، والتجمعات الشبابية.
* تكوين المجموعات البريدية لنشر الرسائل البريدية على أكبر نطاق ممكن؛ لتحذير المسلمين وتبصيرهم بالنصرانية وتحريفها والرد على شبهات المنصرين.
* إنشاء خط تلفوني ساخن للرد على شبهات المنصرين وإنقاذ من ابتلي من المسلمين بهم.
ثالثاً: الإمكانيات
تتضح حاجتنا إلى الإمكانيات من خلال إمكانيات الخصم ومن خلال الواقع على الأرض، ومن خلال احتياجاتنا التي سردناها من قبل، ولكن عدم توفر الإمكانيات كلها لا يعني أن نهمل الأمر برمته، فعلينا العمل بما هو تحت أيدينا ومحاولة الاستفادة منها إلى الحد الأقصى، فإن الله سبحانه تعبدنا بالاستطاعة، وأن ما نحتاجه بالدرجة الأولى هو شباب مؤمن ومضحي ومستعد للبذل والتضحية للدفاع عن هذا الدين.
(ويبقَى أنَّ مواجهة التَّنصير لم تَرْقَ الجُهود المبذولةُ فيها إلى المطلوب، لكِنْ لا يُنْكَر أنَّ كثيرًا من المسلِمين المحتَسِبين يقومون بِجُهدٍ جبَّار في مُواجهة التَّنصير، يفوق جهْدَ دول مُجتمِعة، وذلِك بفضْل إخلاصهم، فهم يستغلُّون الإنترنت أفضلَ استِغْلال، ويدحضون شُبُهاتِ النَّصارى وافْتِراءاتِهم بِسلاسة ووضوح، وفي غُرَف "البال توك" لهم اليد العُلْيا - بفضل الله - حتَّى إنَّ كثيرًا منَ النَّصارى يتهرَّبون من مُناقشتِهم.
لكنَّ الأمرَ جللٌ خطيرٌ، والتَّنصير وراءَه إمكانيَّات جبَّارة يقودُها الفاتيكان علانيةً، والأموالُ تتدفَّق على المنصِّرين مِمَّا يدعو جَميع المُسلمين في العالم - حكوماتٍ وشعوبًا - إلى الانتِباه واليقظة، والتَّشمير عن ساعِد الجِدِّ وبذْل الجهود والإمكانيَّات؛ لمواجهة ذلك الوباء - التنصير - كما تُبْذَل الجهود لمكافَحة الأوبِئة: كالملاريا والكوليرا وغيْرِها، كذلك التَّنصير وباءٌ يَحتاجُ إلى جهودٍ كبيرةٍ، ودعْمٍ كبير؛ لتطعيمِ المُسلمين الجهَّال الفُقراء ضعيفِي المناعة بِمصْل العِلْم والتقوى، وأيضًا المال؛ كي يواجه ذلك الوباء بكلِّ قوَّة، ويدحره إلى غيْرِ رجْعة.
وأخيرًا، كلُّ أعداء الإسْلام بكافَّة أشكالِهم يُحارِبون الإسلام والمسلمين، فمتى يستفيقُ أبناءُ المسلمين من غفلَتِهم ويقاومون العدوان؟
فالتَّنصير - بالمال والفاتيكان والطُّغيان الأمريكي - يغزو بلادَ المسلمين بعقيدةِ الشرك، فهلمُّوا - أيُّها الموحِّدون - لجهادِ الشِّرْك بكل ما تستطيعون من مالٍ ودعوةٍ وحجَّة وبيانٍ، والله المستعان ).
الخاتمة
لم يكن أحد من المسلمين يتصور يومًا أن تصبح أكبر دولة إسلامية "إندونيسيا" هي أول دولة يقام على أرضها دويلة تجمع المتنصرين من المسلمين "تيمور الشرقية"، تمامًا كما لم يكن أحد يتصور يومًا ما أن تصبح الأندلس بعد ثمانية قرون دولة نصرانية خالية من الإسلام، ومن قبل الأندلس كانت "أمان الله" التي أصبحت فيما بعد "الفليبين" وكذلك "منشوريا" و"منغوليا" و"تركستان"، وغير ذلك من أراضي الإسلام التي خرجت أو خرج منها الإسلام.
والحق أني كنت أظن عندما أزمعت الكتابة في شأن مصر أني سأجد الكثير من الكتب والمراجع والمقالات في مقاومة التنصير وخاصة من بعد الاستعمار ولكن الواقع الذي وقع عليه بصري أن المكتبة فقيرة محتاجة إلى مايقابل هذا الكم الهائل من الجهود والأعمال التنصيرية ونحن إذ نقول ذلك فإنا نوصي بتكوين موسوعة بكشف أعمال التنصير في المنطقة العربية عموماً ومصر خصوصاً وسبل مقاومتها وتحدث من حين إلى آخر.
ونحن اليوم إذ نطلق هذه الصيحة عن خطر التنصير وانتشاره في مصر -قلب العالم الإسلامي- ننبه أن الأمر خطير ويستدعي تدخل فوري واهتمام بالغ من كل غيور على هذا الدين لاسيما والأمر كله يدور في نطاق معركة الإسلام الكبرى {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [سورة يوسف: 21].
في ظل هذا النشاط الهائلة والإمكانيات الضخمة والواقع الصعب ليس من السهل مواجهة التنصير، لا سيما وواقع الدعوة في مصر يتراجع ولا يتقدم والضغط الأمني يتزايد وقافلة الدعوة تتجه إلى حقول غريبة وبعيدة عن واقع الأمة، وقضاياها الهامة والأساسية. ومهما يكن من أمر فإن الدعاة يملكون ما لا يملكه المنصرون، وهو أقوي من جميع إمكانياتهم ألا وهو الحق الذي تعرفه القلوب، وترتاح إليه الفطرة وتحن إليه الأرواح المتعبة، والنفوس البائسة.
ثم إنه ينبغي علينا أن نعلم أننا لسنا سوى أسباباً ينصر بها الله دينه فقط {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [سورة المائدة: من الآية 23] فنحن أُجراء عند الله سبحانه صاحب الدعوة، وما علينا إلا الامتثال والطاعة، أما تحقيق الأهداف وقطف الثمار والانتصار الظاهر على العدو؛ فهذا أمر الله وحده يقدره متى وأين وكيف شاء سبحانه..
وينبغي علينا أن نتشبع بيقين أن الله سبحانه ناصر عباده ومظهر دينه وغالب على أمره، ومع هذا فإن النصر لا يأتي بمجرد اليقين أو الإيمان المجرد عن العمل، بل كما أخبر الله {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} [سورة الأنفال: 62]، وكما قال تعالى: {لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [سورة التوبة: 88]، فلابد من رجال مؤمنين يخدمون هذا الدين ويحملون هذه الدعوة ويضحون في سيبلها ليتحقق الوعد الإلهي بالنصر وتجري سنة الله بالمدافعة التي هي دائمًا في صالح الإسلام.
ونختم بهذه القصيدة، التي تستثير مشاعر المسلمين للشيخ محمد بن الشيخ الشنقيطي من شعراء القرن الثاني عشر الهجري، وقد أطلق صيحته هذه قبل دخول النصارى إلى الشواطئ الموريتانية :
أسارى لوعة وأسى ننادي وما يغني البكاء عن الأسارى
ولو في المسلمين اليوم حر يفك الأسر أو يحمي الذمارا
لفكوا دينهم وحموه لما أراد الكافرون له الصغارا
حماة الدين، إن الدين صارا أسيراً للصوص وللنصارى
فإن بادرتموه تداركوه وإن لا يسبق السيف البدارا
بأن تستنصروا مولىً نصيراً لمن والى ومن طلب انتصارا
وروم عاينوا في الدين ضعفاً تراموا كلما راموا اختبارا
فإن أنتم سعيتم وابتدرتم برغم منهم ازدجروا ازدجارا
وإن أنتم تكاسلتم وخبتم برغم منكم ابتدروا ابتدارا
فألفوكم كما يبغون فوضى حيارى لا انتداب ولا ائتمارا
فيا للمسلمين لما دهاكم إلى كم لا تردون الحوارا
أجيبوا داعي المولى تعالى أو اعتذروا ولن تجدوا اعتذارا
أجيبوه بدنياكم تعزوا وتدخروا من الأجر ادخارا
وهذا ما أشرت به عليكم وإن لم تجعلوني مستشارا
فإن أنتم توليتم فحسبي وجاري الله نعم الله جارا
ومن يك جاره المولى تعالى كفاه فلن يضام ولن يضارا
وربي شاهد وكفى شهيداً به إني دعوتكم جهارا
وكم من ناصح قبلي دعاكم جهاراً بعدما يدعو سرارا
وفي كل حين يدعو لم يزدكم دوام دعائه إلا فرارا
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. أما بعد:
عند الحديث عن التنصير في مصر فلا انفكاك عن الكلام عن الأقباط وعن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية والذين يتمركزون في مصر منذ آماد بعيدة حيث تعتبر ثاني أكبر الكنائس في التاريخ المسيحي بعد الكنيسة الرومانية
-وقد بعث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم رسالة دعوية إلى عظيمها (المقوقس) يدعوه فيها إلى الإسلام حملها الصحـابي الجلـيل (حـاطـب بن أبي بلتعة) رضـي الله عنه، فردَّ عليه رداً جميلاً، وأهدى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم جاريتين كان إحداهن مارية القبطية أم ولده إبراهيم.
-وبعد دخول الإسلام مصر لم يُرْغَـم أحد من أبنائها على اعتناقه إرغاماً؛ لقوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة:256]. وأوصى رسولنا صلى الله عليه وسلم بالقبط خيراً، وكانت العلاقة معهم طيبة لعدة قرون، إلا أنه بعد إسلام الكثيرين منهم في السنوات الأخيرة وبخاصة قساوستهم ورهبانهم؛ أصيب رؤساؤهم بهلع جعلهم يعملون على محاولة تنصير المسلمين في هذه البلاد؛ فلم يجدوا سوى بعض المراهقين والفقراء وذوي الظروف الاجتماعية المضطربة. وقد ذكر تقرير نُشر عن التنصير في مصر في مجلة (المجتمع) الكويتية مؤخراً أنه بينما يتنصَّر من المسلمين 10 أفراد يُسْلِمُ في المقابل من النصارى 80 فرداً تقريباً .
-وعليه فأمر التنصير في هذا القطر الغالي يعمل على قدم وساق والأمر خطير جداً خاصة إذا ما قورن ذلك بحجم ما يبذل من الجهود والأموال والأوقات وما يشترك في التعاون على ذلك من الدول والمؤسسات والجمعيات والأفراد وغير ذلك مما سيكشف عن بعضه في هذا البحث المقتضب وهو في الحقيقة فوق مستوى الحصر والاستقصاء ومما يزيد خطورة الأمر هو مايقابل ذلك من التصدي لهذه الحملات المنظمة والممنهجة من أهل الإسلام حيث أنها لا تعدو كونها جهوداً فردية لبعض العلماء والدعاة والفضلاء وهي فيها خير كثير وفيها بركة عظيمة ولكن أين هي من تلك الميزانيات والأرقام الفلكية التي تصرف في الصد عن سبيل الله ولكن الله جل وعلا يقول ( أن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون ) [الأنفال : 36 ] والله تعالى ناصر دينه ولابد بعز عزيز أو بذل ذليل (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ) [التوبة : 32 ] وحيث أن مصر تعتبر محطة التنصير الأولى في ما يسمى بالشرق الأوسط والبلاد العربية أحببت أن ألقي الضوء على العمل التنصيري فيها.
سائلاً المولى جل وعلا أن يرد كيد أعدائه في نحورهم وأن يعلي كلمته وينصر دينه إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.
مكانة مصر في العمل التنصيري
إن لمصر أهمية كبري بين دول العالم الإسلامي والعربي، وهي أيضا المقياس لتقدم هذه الدول أو تأخرها، وكذلك تعد مقياسا للحالة الدينية التي يمر بها المسلمون، ولمصر دورها الرائد على كافة الأصعدة، السياسية والاقتصادية والعلمية، ولقد أدرك الغرب هذه الحقيقة، فعملوا عليها، وكثفوا جهودهم في مصر منذ القدوم البونابرتي عبر الحملة الفرنسية وحتى يومنا هذا
عبر الحملات التنصيرية، والأنشطة الكنسية في طول البلاد وعرضها. وعليه فقد وعى المنصِّرون هذه الحقيقة وجعلوا من مصر مركزا لنشاطهم التنصيري في الشرق .
وتعتبر مصر الآن هي مركز النشاط التنصيري في الشرق، وذلك لعدة
أسباب هامة منها :
1-قوة الكنيسة المصرية السياسية والدينية والاقتصادية؛ فالكنيسة القبطية مثلاً تعتبر ثاني أكبر الكنائس في التاريخ المسيحي بعد الكنيسة الرومانية. وقد تمكَّنت هذه الكنيسة من ترؤس كنائس الشرق جميعًا، حتى بدأ النشاط البروتستانتي في إضعاف دورها، لكنها ما لبثت أن عادت إلى قوتها بعد سيطرة تنظيم الأمة القبطية الذي يتزعمه (البابا شنودة) ومجموعة رهبان الستينات والسبعينات لها، ووصولها إلى قمة هرم السلطة فيها، والكنيسة الإنجيلية تعمل بنشاط وقوة منذ نشأتها أيام الاحتلال الأجنبي في القرن ال (19)، وهي المسؤولة عن النشاط التنصيري في جميع دول الشرق الأوسط وأفريقيا.
2-تشجيع الدولة للتيارات العلمانية واللبرالية المعادية للإسلام: والغريب أن تتوطَّد علاقة الكنيسة مع هذه التيارات، ويستفيد كل منهم من الآخر في دعم ومساندة موقفه في الحرب على الإسلام.
3-المطاردة الأمنية المستمرة والمتصاعدة للعلماء والدعاة: والتي امتدت إلى علماء الأزهر، ودعاة الأوقاف، وشملت كذلك حصار المساجد وتلقيص دورها وتحديده في الصلاة فقط بما لا يزيد عن ثلاث ساعات يومًا، وقصر الخطابة والإمامة على المعنيين من قبل الأجهزة الأمنية ومراقبة جميع المراكز الخدمية والدعوية الإسلامية والتضيق عليها. (فالمنظمات التنصيرية تتحرك بحرية كاملة تحت أعين أجهزة الأمن التي لا تحرك ساكنًا، وهو ما يعني أن هناك تعليمات عليا لهذه الأجهزة بغض الطرف وكأن الأمر لا يعنيها. من أمثلة "الطناش" الحكومي على النشاط التنصيري، سماح وزارة الإعلام لقناة "الحياة" التنصيرية التي دأبت على الإساءة للإسلام، بالبث عبر القمر الصناعي المصري "النايل سات"، بعد أن كانت هذه القناة التنصيرية المشبوهة تبث على القمر الأوروبي "هوت بيرد" من قبرص منذ عام 2003م. وإذا كانت وزارة الإعلام ومعها الأجهزة الأمنية التي سمحت بهذه المهزلة لا تعرف أن هذه القناة تنصيرية متطرفة تستضيف القساوسة المطرودين من الكنيسة، وينصب جل اهتمامها، ليس في مخاطبة النصارى وتدعيم عقائدهم والإجابة عن تساؤلاتهم والتفاعل مع قضاياهم، وإنما الهجوم على الإسلام من كافة جوانبه والتشكيك فيه والعمل على تنصير المسلمين. وفي تقرير أمريكي حديث ذكر فيه أن مصر بها 2000 منظمة تعمل في مجال التنصير منها حوالي 300 خلية مقيمة في مصر بشكل رسمي دائم؛ وأن شبكات التنصير العاملة في مصر يعمل بها ما لا يقل عن 5000 مصري، و1500 أجنبي. وكذلك ما كشفته منظمة "سماريتان بيرس"، وهي منظمة تنصير أمريكية بارزة، عن وجود نشاط تنصيري لها في جنوب مصر من خلال العمل الطبي في مستشفى "الإرسالية الإنجيلية" في أسوان، كما تقوم المنظمة بالتنصير في الأحياء الفقيرة والعشوائيات في القاهرة عن طريق وسطاء لها، وأن العملية تستهدف الأرثوذكس المصريين المسيحيين علاوة على المصريين المسلمين. إننا لا نتحدث عن جمعية أو منظمة تضم شخصين أو اثنين أو عشرة، وإنما نحن أمام شبكة مترابطة وممتدة في كل أنحاء مصر تضم عشرات الآلاف من المنصرين تسندهم ميزانيات ضخمة بمئات الملايين من الدولارات؛ المنظمات والجمعيات التنصيرية في مصر كثيرة ومتعددة، والقائمة طويلة وممتدة والذي يبدأ رحلة تعقبها سيكتشف العجائب وستصدمه أعدادها وميزانياتها وأساليبها) .
4-انتشار الجهل بين المسلمين: بصورة لم تحدث من قبل في تاريخ الأمة. وهذا الجهل لا يتمثل في صورته البسيطة الناشئة عن سياسة تجفيف المنابع وضرب الرؤوس ومحاصرة العلماء، بل يتعداه إلى الجهل المركب والناتج عن ظهور طبقة جديدة من الدعاة والوعاظ -من غير أهل العلم- يعتمدون على زخرف القول في التأثير على مستمعيهم،
ولا يطرقون سوى القصص والفروع الصغيرة؛ كي لا تثقل المواعظ على نفوس العامة فينصرفون عنهم.
5-الانحطاط الإعلامي والحملة الشهوانية المسعورة: التي تملأ على المسلمين حياتهم، تقعد لهم بكل صراط وسبيل، تصدُّهم عن سبيل الله، والحرب الموجهة لزرع الدياثة وحب الفواحش في نفوس العامة، حتى صار الناس لا يبالون إلا ببطونهم وفروجهم. وهذه الحملة تستخدم كل وسائل الاتصال البشري المسموعة والمرئية والمكتوبة. كما أنها في متناول الجميع وبسهولة وكثافة وتنوع وتلون لا يترك فرصة لأحد أن ينفصل عن فلكها، حتى أصبحت ميزانية وزارتي الإعلام والثقافة في مصر من أكبر الميزانيات بعد الداخلية والدفاع!! وأصبحت مصر هي محط كل المغنين والراقصين من الدول العربية!
6-حالة الفقر المدقع والغلاء الفاحش والبطالة التي تخنق المسلمين في مصر: حتى أصبح لا هم للناس إلا جمع المال بكل وسلية ممكنة دون النظر إلى عواقبها.
كل هذه الأسباب سواء كانت تمَّ التخطيط لها من قبل أعداء الأمة الإسلامية، أو وقعت لجهل المسلمين وبُعدهم عن دينهم أو لكليهما معًا، فإن المتيقن منه الآن أن مصر تجهزت تمامًا لتأخذ نصيبها من مخطط الشرق الأوسط الكبير، وأن التنصير أحد أهم الوسائل المخصصة لذلك.
واقع التنصير في مصر:
نشر خبر بعنوان (مسئول كنسي: نتائج التنصير في مصر مرضية للغاية)، وتحت العنوان جاء في الخبر على لسان هذا المسئول: أن عملية التنصير تتم بمنهجية دقيقة، ويقوم عليها خلايا مدربه تدريبا مكثفا، وأن هناك موارد ضخمة تم رصدها لهذا الغرض مؤكدا على أنه ليس هناك أية مشكلة مالية على الإطلاق، وأن هناك رضى تاما عن نتائج عملية التنصير في مصر من قبل رجال الكنيسة .
نشطت المؤسسات التنصيرية العالمية ومعهم قادة الكنيسة المصرية المتطرفون، الذين يدركون تمامًا مأزق النظام وضعفه، وأدرك هؤلاء أن الفرصة مواتية للضغط إلى أبعد الحدود على مفاصل النظام الضعيف. فأصبح للكنيسة دور متصاعد، ولا يمكن إغفاله وأصبحت رقمًا لا يمكن تجاوزه، كيف لا وهي مدعومة أمريكيًّا وغربيًّا بشكل كامل، وكيف لا والنظام مرعوب منها. وبدأنا نسمع عن حالات تنصير كثيرة وبوتيرة أكثر تسارعًا، الفاصل بين الحالة والأخرى أسابيع قليلة، وهو ما لم يحدث في تاريخ مصر منذ دخولها الإسلام. بعد حادثة تسليم "وفاء قسطنطين" قررت الكنيسة ومعها منظمات تنصيرية عديدة الدخول بثقلهم الكامل في ملف التنصير في كل أنحاء مصر، مستغلين الفرصة التاريخية التي لن تعوض لإحراز نصر لم يقدروا عليه لمئات السنين، تطور التنصير في مصر ولم تعد منظماته تعمل بنفس الأساليب القديمة، فالإرساليات الأجنبية التي كانت تنشئ كنيسة وتجمع حولها بعض لأفراد وتنصرهم بعد تقديم مبالغ مالية أو خدمة صحية أو بعض الأدوية، لم تعد هي كل أساليب التنصير الآن. فالتنصير الحديث يسير جنبا إلى جنب مع المؤسسات المالية الدولية، مثل: البنك الدولي، وصندوق النقد، ووكالات الإغاثة المختلفة، وجهود الحكومات الغربية، وسفاراتها؛ فضلًا عن جهود الكنائس المصرية نفسها وما أنشأته من منظمات تملأ ربوع مصر، ريفًا وحضرًا، للعمل في أنشطة اجتماعية وتعليمية وصحية ونسائية... الخ. والجميع الآن لكي يخترق البلاد الإسلامية، وخصوصًا بلدان القلب في العالم الإسلامي يستخدمون أسلوب المشاريع الاقتصادية المصغرة، ويتخفون خلف ستار ما يسمى بالتمكين والاهتمام بالأقليات وبالجماعات الهامشية والمرأة وما أشبه ذلك؛ الأمر الآن لم يعد مجرد تقديم المعونات الخيرية؛ وإنما أصبح يقوم على إكساب الجمعيات التنصيرية المستترة وضعًا في النظام الاقتصادي للبلاد، وتسليم فئة معينة من المواطنين لهم؛ لكي يعملوا في مشاريعهم، وبالتالي يصبح ولاؤهم للنصرانية وللغرب عمومًا. ومن خلال استقراء واقع التنصير نلاحظ أنه تم توزيع الأدوار على الكنائس المختلفة، وهذا التوزيع استغل الخصائص المختلفة للكنائس ليوظفها كعناصر قوة دافعة في برنامج واحد بمنظومة واحدة؛
هدفها تشويه الإسلام، وزعزعة اليقين في قلوب المسلمين، وتسخين الوضع الطائفي عن طريق شحن الأقباط بعقدة التفوق والاضطهاد؛ مما يضمن تمسكهم، وانعزالهم، وبث الثقة واليقين فيهم، وإثارة جرأتهم على الإسلام. فالمشكلة معقَّدة بالاستقواء القبطي النصراني بالغَرب، وتَحتَ الرَّماد احتِقانٌ لا يَخفى، يظهَرُ كلَّ حينٍ على هيْئة ما يُسمَّى: "مشاكل طائفيَّة"، وهو عنوانٌ يُخْفِي وراءه الكثيرَ من خلفيَّات أزمةٍ عميقة في مصر الإسلاميَّة، صاحبة الدَّور التَّاريخي في حِماية الإسلام، والحصن القوي للدِّفاع عن الإسلام.
ويمكن تقسيم الحملة التنصيرية في مصر إلى قسمين :
القسم الأول: السياسي: وتتولاه الكنيسة الأرثوذكسية باعتبارها أقلية أصلية، وليست وافدة، وهي الأكثر عددًا والأكفأ تنظيمًا وإعداداً، وقد تجهزت الكنيسة الأرثوذكسية لهذا الدور عبر إعداد جيل كامل من الرهبان والكهنة المشبعين بالتعصب، والموالين لتنظيم الأمة القبطية الذي يتزعمه البابا نفسه. وكذلك إنشاء التنظيم الدولي المساعد الذي يمثله أقباط المهجر، وهي ظاهرة صنعها البابا شنودة بنفسه، وهو يفخر بهذا، وقد استطاع هذا التنظيم إنشاء لوبي قوي في أمريكا وكندا واستراليا، وتمكَّن هذا التنظيم من الوصول إلى دوائر صنع القرار في أمريكا وأروبا مستغلًّا العون اليهودي المقدم لإضعاف الدولة المصرية.
ومن الملاحظات التي رصدت في الفترة الأخيرة، هو انتشار النشاط التنصيري إلى أماكن التوتر العرقي في مصر، فقد رصدت عمليات تنصير تجري في النوبة، وهي تقوم بالأساس على استغلال مشاكل النوبة الاقتصادية والسياسة، وتقوم جمعيات تنصيرية أمريكية بمشروع يسمى (الوعي القومي) في هذه المناطق، وهو يهدف إلى عزلهم كمجموعة مستقلة لغة وثقافة وعرقًا، وقد نجحت هذه المجموعات التنصيرية في تنصير الكثير من هؤلاء مطبقة بذلك نموذج (أمازيغ) الجزائر، ويساعدهم في ذلك أحد كبار مثقفيهم وهو (حجاج أدول)، وقد حصل على عدة جوائز أدبية، وشارك في العديد من المؤتمرات الخاصة بالأقباط في أمريكا.
وكذلك رصدت مجموعة من المنصرين تنتشر بين بدو سيناء مستغلة مشاكلهم الاقتصادية والأمنية مع الدولة، وتدير هذه المجموعة نشاطها من بعض الفنادق والأديرة، ويشاركها مجموعة من جمعية المعونة الأمريكية، وقد حققت نجاحات على مستوى الأطفال والنساء، وإقامة علاقات وثيقة مع شيوخ بعض القبائل.
وكذلك انتشر التنصير في صعيد مصر الذي يعاني من التهميش والإهمال والفقر، وبينما توفر الكنيسة للنصارى فيه الدعم والسند المالي الكبير؛ والذي جعلهم أقلية منعمة ومرفهة.
ومن الجدير بالذكر أنه مما قد يدخل تحت هذا القسم الإعداد العسكري : فمؤخرًا أفرجت الدولة عن بعض الأدبيات التي تتحدث عن وجود تنظيمات أرثوذكسية مسلحة بمصر منها ما سمي بـ: "جماعة الجهاد النصراني", وغيرها.
ويهدف هذا القسم إلى:
- تدويل قضية نصارى مصر سياسيًّا على المستوى الدولي، وتهيئتهم للانفصال عن الدولة.
- انتزاع أكبر قدر ممكن من المكاسب والامتيازات من الحكومة.
- الوقيعة المستمرة بين المسلمين والأقباط؛ ليصبح الانفصال حلًّا مريحًا للجميع.
- استقطاب الشخصيات العامة عن طريق الرشوة، والمصالح المتبادلة، أو إرهابها وتحيديها.
- تحييد المؤسسات الدينية الرسمية (الأزهر ـ الأوقاف)، عن طريق الترهيب والترغيب، والتنادي بمسمَّيات الوحدة الوطنية، ووأد الفتنة الطائفية، ونزع أسباب التوتر.
ويتزعم هذه الحملة السياسية داخليًّا القمص (مرقس عزيز) كاهن الكنيسة المعلقة والمستشار (نجيب جبرائيل) المستشار القانوني للبابا شنودة وخارجيًا تنظيم (عدلي أبادير).
-وهنا ننشر وثيقة مهمة تكشف ما تخطط له الكنيسة القبطية حول أوضاعهم في مصر وهي: نص ما دار في الاجتماع المغلق الذي عقده (الأنبا شنوده) في (5/3/1973م) مع القساوسة والأثرياء بالكنيسة المرقسية بالإسكندرية، وسجلته الأجهزة الخاصة :
((بدأ (البابا شنوده) كلمته بأن بشرهم بأن كل شيء يسير على ما يرام حسب الخطة الموضوعة والتخطيط المرسوم لكل جانب من جوانب العمل على حدة في إطار الهدف الموحد، وقد تحدث في عدة موضوعات تشمل عدة نشاطات هي كما يأتي:
1- عدد شعب الكنيسة:
صرح بأن مصادرهم في إدارة التعبئة والإحصاء أبلغتهم أن عدد المسيحيين في مصر أصبح ما يقارب ثمانية ملايين نسمة، ويجب أن يعلم ذلك شعب الكنيسة، كما يجب عليهم أن ينشروا ذلك ويؤكدوه بين أفراد فئات المسلمين، لأنه سيكون سنداً في المطالب التي سنطلبها من الحكومة، وسنذكرها لكم اليوم. والتخطيط العام الذي تم الاتفاق عليه بالإجماع، والذي صدرت بشأنه التعليمات وضع على أساس بلوغ شعب الكنيسة إلى نصف الشعب المصري، حتى يتساوى عدد شعب الكنيسة مع عدد المسلمين لأول مرة منذ الاستعمار العربي والغزو الإسلامي لبلادنا، (على حد تعبيره). والمدة المحددة في التخطيط للوصول إلى هذه النسبة هي بين (12-15) سنة من الآن، ولذلك فإن الكنيسة تحرم تحديد النسل أو تنظيمه، وتعتبر كل من يفعل ذلك خارجاً عن تعليمات الكنيسة، ومطروداً من رحمة الرب، وقاتلاً لشعب الكنيسة ومضيعاً لمجده، وذلك باستثناء الحالات التي يقرر فيها أطباء الكنيسة خطر الحمل والولادة على حياة المرأة، وقد اتخذت الكنيسة لتحقيق هذه الخطة بالنسبة لزيادة عدد المسيحيين ما يأتي:
أ) تحريم تحديد النسل وتنظيمه بين شعب الكنيسة.
ب) تشجيع تحديد النسل وتنظيمه بين المسلمين، خاصة وأن أكثر من (65 %) من الأطباء وبعض الخدمات الصحية هم من شعب الكنيسة.
ج) تشجيع الإكثار من النسل بين شعب الكنيسة بوضع الحوافز والمساعدات المادية والمعنوية للأسر الفقيرة من شعبنا.
د) التنبيه على العاملين بالخدمات الصحية على المستوى الحكومي وغير الحكومي بمضاعفة الخدمات الصحية بين شعبنا المسيحي، وبذل العناية والجهد الوافرين، وذلك من شأنه تقليل نسبة الوفيات بين شعبنا المسيحي، على أن يكون تصرفهم غير ذلك مع المسلمين.
هـ) تشجيع الزواج بالسكن المبكرة بتخفيض تكاليفه، وذلك بتخفيض رسوم فتح الكنائس، ورسوم الإكليل بالكنائس الكائنة بالأحياء الشعبية.
و) تحرم الكنيسة تحريماً باتاً على أصحاب العمارات والمساكن تأجير أي مسكن أو شقة أو محل تجاري للمسلمين، وتعتبر من يفعل ذلك من الآن مطروداً من رحمة الرب ورعاية الكنيسة، كما يجب العمل بشتى الوسائل على إخراج المسلمين الذين يسكنون العمارات والبيوت المملوكة لشعب الكنيسة، وهذه السياسة الإسكانية إذا استطعنا تنفيذها بقدر الإمكان فإن من شأنها تشجيع الزواج بين الشباب المسيحي، وتصعيبه وتضييقه بقدر الإمكان على المسلمين، مما يكون له أثره الفعال للوصول إلى هذا الهدف، حيث لا يخفى أن الغرض من هذه القرارات هو انخفاض معدل الزيادة بين المسلمين، وارتفاع هذا المعدل بين الشعب المسيحي.
2- انتصار شعب الكنيسة:
قال: إن المال يأتينا مما نطلب وأكثر مما نطلب من ثلاث مصادر هي: (أمريكا، والحبشة، والفاتيكان)، ولكن يجب أن يكون الاعتماد الأول في تخطيطنا الاقتصادي على مالنا الخاص الذي نجمعه من الداخل، وبالتعاون والزيادة من فعل الخير بين أفراد الشعب المسيحي.
كذلك يجب الاهتمام بشراء الأراضي، وتنفيذ القروض والمساعدات لمن يقومون بذلك لمساعدتهم على البناء، وقد أثبتت الإحصاءات الرسمية أن أكثر من (60%) من تجارة مصر الداخلية بأيدي المسيحيين، ويجب العمل على زيادة هذه النسبة، وتخطيطها في المستقبل يركز على إفقار المسلمين ونزع الثروة من أيديهم، وبالقدر الذي يؤدي إلى إثراء شعبنا.
لذلك يلزم المداومة على تذكير شعب الكنيسة، والتنبيه عليهم مشدداً من حين لآخر لمقاطعة المسلمين اقتصادياً، والنهي عن التعامل معهم نهياً تاماً، إلا في الحالات المستحيلة، وذلك يعني مقاطعة المسلمين ممن هم في سلك المحاماة والمحاسبين والمدرسين والأطباء والصيادلة، وكذلك مقاطعة العيادات والمستشفيات التي يملكونها، والمحلات التجارية والجمعيات الاستهلاكية فيما أمكن، وما دام يمكن التعامل مع شعب الكنيسة لسد حاجتهم، وكذلك مقاطعة صناع المسلمين وحرفييهم، والتعامل مع الصناع والحرفيين المسيحيين ولو كلف ذلك الفرد الجهد والمشقة.ثم قال: إن هذا الأمر مهم جداً وخطير بالنسبة للتخطيط المالي والتخطيط العام على المدى القريب والبعيد.
3- الجانب التعليمي:
قال: إنه يجب بالنسبة للتعليم العام للشعب المسيحي: الاهتمام بالسياسة التعليمية حالياً في الكنائس مع مضاعفة الجهد، خاصة وأن بعض المساجد بدأت تقوم بمهمات تعليمية، كالتي تقوم بها كنائسنا، وذلك سيجعل مضاعفة الجهود المبذولة أمراً حتمياً حتى تستمر النسبة التي نحصل عليها من مقاعد الجامعات وخاصة الكليات العلمية.
ثم قال: إني إذ أهنئ شعب الكنيسة -وخاصة المدرسين منهم- بهذا الجهد وهذه النتائج، حيث وصلت نسبة الوظائف الخطيرة العامة كالطب والهندسة والصيدلة إلى أكثر من (60%) من الشعب المسيحي، فإني أدعو لهم الرب يسوع المخلص أن يمنحهم بركته وتوفيقه حتى يواصلوا الجهد لزيادة هذه النسبة في المستقبل القريب.
4- التبشير:
قال: إنه يجب مضاعفة الجهود التبشيرية الحالية، على أن الخطة التبشيرية التي وضعت بنيت على اساس أن الهدف الذي اتفق عليه من التبشير في المرحلة القادمة: هو التركيز على التبشير بين الفئات والجماعات أكثر من التبشير بين الأفراد، وذلك لزحزحة أكبر عدد من المسلمين عن دينهم، أو التمسك به، على أن لا يكون من الضروري دخولهم في المسيحية، ويكون التركيز في بعض الحالات على زعزعة الدين في نفوس المسلمين، وتشكيك الجموع الغفيرة في كتابهم وفي صدق محمد، وإذا نجحنا في تنفيذ هذا المخطط التبشيري في المرحلة القادمة، فإننا نكون قد نجحنا في إزاحة هذه الفئات عن طريقنا، وحتى هذه الحالة إن لم تكن لنا فلن تكون علينا. على أن يراعى في تنفيذ هذا المخطط أن يتم بطريقة (لبقة ذكية) حتى لا يكون ذلك سبباً في إثارة حفيظة المسلمين ويقظتهم، والخطأ الذي حدث في المحاولات التبشيرية الأخيرية بنجاح مبشرين في هداية المسلمين لإيمانهم بالخلاص على يد الرب يسوع المخلص، والخطأ الذي يحدث هو تسرب أنباء هذا النجاح إلى المسلمين، لأن ذلك من شأنه تنبيه المسلمين ويقظتهم، وهو أمر قد ثبت من تأريخهم الطويل معنا أنه ليس بالأمر الهين، وهذه اليقظة بالذات من شأنها أن تفسد علينا مخططاتنا المدروسة، وتؤثر في نتائجها وثمارها وتضيع جهودنا هباء. لذلك فقد أصدرت التعليمات بهذا الخصوص، وستنشر في جميع الكنائس لكي يتصرف الجميع من شعبنا مع المسلمين بطريقة ودية لا تثير غضبهم، وإقناعهم بكذب هذه الأنباء، كما تم التنبيه على رعاة الكنائس والآباء والقساوسة لمشاركة المسلمين احتفالاتهم الدينية، وتهنئتهم بأعيادهم، وإظهار المودة والمحبة لهم، وعلى شعب الكنيسة في المصالح والوزارات والمؤسسات وكل أماكن الاحتكاك إظهار هذه الروح لمن يخالطونهم من المسلمين. ثم قال ما نصه بالحرف الواحد: إننا يجب أن ننتهز ما هم فيه من نكسة ومحنة، لأن ذلك في صالحنا، ولن نستطيع إحراز أية مكاسب أو أي تقدم إذا انتهت المشكلة مع إسرائيل، سواء بالسلم أو بالحرب. ثم هاجم من أسماهم بضعاف القلوب الذين يقيمون مصالحهم الخاصة على مجد الكنيسة، وتحقيق الهدف الذي يعمل له الشعب المسيحي منذ زمن بعيد في التاريخ، وقال:إنه لم يلتفت لهلعهم، وأصر على أن يتقدم رسمياً إلى الحكومة بالمطالب الواردة فيما بعد، حيث إذا لم يكسب شعب الكنيسة في هذه المرحلة بالذات أية مكاسب على المستوى الرسمي، فإنهم ربما لا يستطيعون إحراز أية مكاسب أو تقدم بعد ذلك، ثم قال ما نصه: ليعلم الجميع وخاصة ضعاف القلوب: أن الدول الكبرى في العالم تقف وراءنا، ولسنا نعمل لوحدنا، ولابد أن نحقق الهدف، ولكن العامل الأول والخطير في الوصول إلى ما نريده: هو وحدة شعب الكنيسة وتماسكه وترابطه، ولكن إذا تبددت هذه الوحدة وهذا التماسك فلن تكون هناك قوة على الأرض مهما عظمت في إمكانها أن تساعدنا. ثم قال: وسوف لا أنسى موقف هؤلاء الذين يريدون أن يفتنوا وحدة شعب الكنيسة، وعليهم أن يبادروا فوراً بالتوبة وطلب الغفران والصفح، وأن لا يعودوا لمناقشة ومخالفة أوامرنا وتشريعنا، والرب يغفر لهم.
ثم عدد المطالب التي صرح بأنه سيتقدم بها رسمياً إلى الحكومة وهي:
أ) أن يصبح مركز البابا الرسمي في البروتوكول السياسي للدولة بعد رئيس الجمهورية وقبل رئيس الوزراء.
ب) أن يخصص لهم ثمانية وزارات في الوزارة.
ج) أن يحدد لهم ربع القيادات العليا في الجيش والبوليس.
د) أن يخصص لهم ربع القيادات المدنية كرؤساء مجالس المؤسسات والشركات والمحافظين، ووكلاء الوزارات، والمديرين، ورؤساء مجالس المدن.
هـ) أن يؤخذ رأي الباب عند شغل هذه النسبة في الوزارات والمراكز العسكرية والمدنية الرئيسية، وسيكون له حق ترشيح بعض العناصر والتعديل.
و) أن يسمح لهم بإقامة إذاعة خاصة بهم من تمويلهم الخاص.
ز) أن يسمح بإقامة جامعة خاصة بهم، وقد وضعت الكنيسة بالفعل تخطيط هذه الجامعة، وهي تضم معاهداً للاهوتية والكليات العملية والنظرية، وتمول من مالهم الخاص.
وأخيراً ختم حديثه بتبشير الحاضرين، وطلب منهم نقل هذه البشرى إلى شعب الكنيسة، حيث أن أملهم الأكبر في عودة البلاد والأراضي إلى أصحابها من أيدي الغزاة العرب –على حد تعبيره- قد بات وشيكاً، وليس في هذا أية غرابة –في زعمه-، وضرب لهم مثلاً بأسبانيا النصرانية التي ظلت بأيدي المستعمرين المسلمين قرابة سبعة قرون ثم عادت لأصحابها النصارى، ثم قال -ما نصه-: وفي التاريخ المعاصر عادت أكثر من بلد إلى أهلها بعد أن طردوا منها منذ قرون عديدة (وهو يقصد إسرائيل). اهـ)).
القسم الثاني: هو القسم العلمي :
وتتزعمه بالأساس الكنيسة البروتستانتية باعتبارها الأكثر تعلماً وثقافة وقدرة على الجدل مع المسلمين، وكذلك لارتباطها مع المؤسسات التنصيرية العالمية، وهي في أغلبها مؤسسات بروتستانتية تتمتع بسند أمريكي وبريطاني باعتبار رابط المذهب الديني.
ونشير هنا إلى بعض الإخبار التي تؤكد مدى ما يوليه الغرب من الاهتمام البالغ بالتنصير في المناطق العربية والإسلامية : ((الخبر نشرته بعضُ الصحف الإلكترونية على شبكة الإنترنت حول استضافة السفارة المصرية بواشنطن لقادة التنصير بالدول العربية، في يوليو الماضي يدل على أن المخطط التنصيري العالمي يكثّف نشاطه في منطقة الشرق الأوسط. والخبر يقول: إن السفير المصري لدى الولايات المتحدة "نبيل فهمي" أقام اجتماعًا سريًا بمقر السفارة المصرية في الثاني من يوليو عام (2007م)، حضره 15 قسًا من كبار قادة الحركة الدينية بالعاصمة الأمريكية وسفراء ثماني دول عربية هي: الجزائر والمغرب والكويت وليبيا والعراق واليمن والبحرين، بالإضافة إلى مصر، وسفير الجامعة العربية بالأمم المتحدة.
وقالت المصادر: إن اللقاء جاء بدعوة من أحد الإسرائيليين ويدعى "بني هين" ويعد أحد قادة اللوبي اليهودي في واشنطن، وحضر -عن الجانب الإنجيلي والكنائس الأمريكية- كلٌّ من القس "جوناثان فالويل" ابن القس الراحل "جيري فالويل"، الذي اعتاد سب الإسلام، والقس "جوردون روبرتس" نجل القس "بات روبرتسون"، الذي اعتاد الإساءة للرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -، كما حضره القس "بول كراوش" والمنصر الألماني "رايتهارد بونك"، بالإضافة إلى "دون آرج" مدير الجمعية الوطنية للإنجيليين.
ونقل موقع "وورلد نت ديلي" عن القس جوناثان فالويل: أن قادة الحركة الدينية الأمريكية طالبوا خلالَ اللقاءِ سفراءَ الدول العربية الإسلامية، بفتح الباب أمام الكنائس الأمريكية؛ لتقديم ما أسماه (المساعدات التعليمية والإنسانية في الدول العربية)، وطالبوا أيضًا سفراءَ الدول العربية بالسماح بافتتاح فروع لجامعة "الحرية" الأمريكية المتخصصة في تعليم دراسات وأبحاث التنصير واللاهوت المسيحي وفق المعتقد الإنجيلي في كل الدول العربية.
وأضاف القس فالويل أنهم طالبوا خلال اللقاءِ الدولَ العربية بالتحرك نحو الحرية الدينية وفتح الباب أمام الديانات الأخرى، وأن وفد الحركة الدينية الأمريكية أبدى استعدادَه لزيارة الدول العربية للتحدث مع قادتها بشأن هذه المطالب.
وأوضح فالويل أن قادة الحركة الدينية الأمريكية أبدوا استعدادهم أن يستضيفوا عددًا من الطلاب العرب لدراسة مقررات جامعتهم الخاصة بالتنصير أو اللاهوت في الولايات المتحدة أو منحهم شهادات عن طريق الإنترنت.
وحملات التنصير في الشرق الأوسط حقيقة واقعية لا يمكن إنكارها، إذ استطاع المنصرون اختراقَ عدد من الدول الإسلامية تحت ستار المؤسسات الخيرية، والخبرة الأجنبية، وإنشاء المدارس والمستشفيات. ولقد حصلت مجلةُ "الرابطة" السعودية، في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، على نشرة تنصيرية تصدر في أمريكا تسمى "ديت لاين" تخطط لأن توقع المسلمين في شراكها، والنشرة موجهة أصلا إلى المسيحيين الذين يهتمون بتنصير المسلمين وبأوضاع العالم العربي، فهي تحضهم على التطوع للعمل في البلاد العربية، وتحثهم على القيام بهذا العمل الشاق، كما توضح لهم كيفية نشر أصول الدعوة المسيحية بين المسلمين عن طريق تقريب وجهات النظر فيما يخص مفهوم التوحيد والتثليث.
ويلاحظ في النشرة نداء توجهه إلى المسيحيين في بلاد الإسلام؛ يقول النداء: "يا من لهم فرص أكبر في العمل في ديار المسلمين، أنتم ولا شك تعلمون أنه لا يسمح للمسلم شرعًا أن يرتد عن دينه ويعتنق دينًا آخر، مما ينتج عنه استحالةُ العمل بينهم، وكذلك لا مجال للبعثات التنصيرية للعمل هناك، إذ ليس مصرحًا لها بالنشاط، ويبدو أن الستار قد أسدل وبُني الحصن بقوة قد تبدو غير قابلة للاختراق، ولا سيما في نظر الذين يغفُلون عما يصنعه الرب في العالم العربي. وتضيف النشرة: هناك إحساس لدى العاملين في البلاد الإسلامية أننا أمام فتح مبين، صحيح أن بعض الجهات في العالم الإسلامي أصبحت أكثر تعصبًا، ولكنها تبقى أقلية شديدة البروز فقط، وذلك يدفعنا إلى مضاعفة جهودنا الآن هو ما نراه من تغير في المواقف والمزاج لدى الأغلبية. وتوضح النشرة أن ما يربو على 65% من سكان العالم العربي الآن هم دون الثلاثين، وفي دائرة هذا السن تقوى نزعةُ البحث عن الحقيقة والاستقرار والعثور على منارة هادية في خضم الاضطرابات التي تعترضهم وهم يواجهون مشكلات العصر، ومما يزيد تعقيدَ المشكلة الأزماتُ الإسكانية، وعدمُ الاستقرار الاقتصادي، والاضطراباتُ الاجتماعية، في وقت يسعى فيه الجميع إلى تحسين مستوى معيشتهم.
وتواصل النشرة بيانها قائلة: هناك بعثات تنصيريه فعالة تعمل حاليًا بنجاح في هذه البلاد الممنوعِ فيها النشاطُ ظاهرًا، ولكن هذه البعثات تتعرض يوميًا إلى توترات وضغوط لا يمكن تجاوزُها إلا بوسائل روحانية، فلقد عُرف العالم العربي بأنه أشد المناطق صعوبة على وجه الأرض لدخول الإنجيل، ولا يزالُ غيرَ ملتفت إليه التفاتًا كافيًا من قبل رجال الكنيسة نتيجة لجهلهم أن العالم العربي لم يحصل على هذه السمعة إلا لقلة المتطوعين للتضحية في سبيل إعلاء كلمة الإنجيل.
ثم تقول النشرة: فعليكم وعلينا أن ننظر إلى العالم العربي من منظار الرب، فلو أننا استصعبنا هذه المهمة لكنا قد ظننا نقصًا في الرب، وقد وصلنا أخيرًا في اجتماعات مؤتمر الكنائس العالمي في فرنسا إلى اتخاذ قرارات حددنا فيها أهدافنا، وبعد صلواتنا المكثفة الحارة شعرنا أن الرب يحثنا على الانتفاض وعدم التواني في فتح أبواب جديدة على العالم العربي، وسيركز العدد القادم من "ديت لاين" علي الطرق الجزئية التي تدخلك في باب المستحيل.
ولقد نشر القس زويمر، بمؤازرة زملاء له، كتابًا تحت عنوان "العالم الإسلامي اليوم" في النصف الأول من القرن العشرين، جمعوا فيه تقاريرَ ومباحث تاريخية كتبها المنصرون عن حال المسلمين القاطنين في مناطقهم التنصيرية، وتلي هذه التقاريرَ خلاصةٌ عن أعمال المنصرين التي قاموا بها في البقاع المختلفة وما نتج عنها من انتشار الدين المسيحي.
وقد وضع جامعوا هذا الكتاب مقدمةً له، ألحوا فيها على ضرورة تنصير المسلمين، وقالوا: "إنه لم يسبق وجودُ عقيدة مبنية على التوحيد أعظم من عقيدة الدين الإسلامي الذي اقتحم قارتي آسيا وإفريقيا الواسعتين، وبث في مئتي مليون من البشر عقائده وشرائعه وتقاليده، وأحكم عروة ارتباطهم باللغة العربية، فأصبحوا كالأنقاض والآثار القديمة المتراكمة على جبل المقطم، أو هم كسلسلة جبال تناطح السحاب وتطاول السماء، مستنيرة ذرواتها بنور التوحيد ومسترسلة سفوحها في مهاوي تعدد الزوجات وانحطاط المرأة".
ثم يقولون: إن الكنيسة المسيحية ارتكبت خطأ كبيرًا بتركهم وشأنهم (أي المسلمين)، إذ ظهر لها أن أهمية الإسلام في الدرجة الثانية بالنسبة إلى 800 مليون وثني رأت أن تشتغل بهم، ورأت هذا وهي لم تعرف عظمة الإسلام وحقيقة قوته وسرعة نموه إلا منذ ثلاثين سنة فقط.
على أن أبواب التبشير صارت مفتوحة الآن في ممالك الإسلام الواقعة تحت سلطة النصرانية، مثل الهند والصين الجنوبية الشرقية ومصر وتونس والجزائر، وأن في العالم 140 مليون مسلم (في هذه المدة يوم أن كانت البلدان العربية ترزح تحت الاحتلال) يرتقبون الخلاص.
وفي مقدمة الكتاب بعض ملاحظات ونصائح للمنصرين الذين يعملون بين المسلمين في الشرق الأوسط، منها:
1- يجب إقناع المسلمين بأن النصارى ليسوا أعداء لهم.
2- يجب نشر الكتاب المقدس بلغات المسلمين؛ لأنه أهم عمل مسيحي، وقد تم جزء من هذه المهمة بعد أن طبع في بيروت 46 مليون نسخة من الكتاب المقدس.
3- تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم ومن بين صفوفهم؛ لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها.
4- ينبغي للمبشرين ألا يقنطوا إذا رأوا نتيجة تبشيرهم للمسلمين ضعيفة، إذ من المحقق أن المسلمين قد نما في قلوبهم الميل الشديد إلى علوم الأوربيين وتحرير النساء، وأن تنصير أمثال "كامل" في بيروت "وعماد الدين " في الهند "وميرزا إبراهيم "في تبريز،
وكذلك أعمال أخرى من هذا القبيل من شأنها أن تولد لنا مجهودات جديدة يجب علينا أن نحمد بسببها نعمة الله علينا.
وهكذا يخطط المنصرون لمنطقة الشرق الأوسط منذ ما يقرب من قرن من الزمان، إذ جاءوا في صحبة الاستعمار الغربي وكانوا رسلا لهذا الاستعمار في عدد من الدول العربية والإسلامية، ولقد رأينا كيف تتغلغل مؤسسات التنصير في مصر بلد الأزهر في مقالة سابقة نشرت بالموقع، وما يحدث في مصر يحدث في عدد كبير من الدول العربية التي تفتح أبوابها للمنصرين تحت ستار الإغاثة الإنسانية وتقديم المعونات والمساعدات والخبرة الأجنبية )).
((وذكرأن مجلس الكنائس العالمي الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقرًا له، رصد 25 مليار دولار لتنصير المسلمين في مختلف أنحاء العالم، ووضع في أولوية اهتماماته دول مناطق الصراع والدول الفقيرة.
وأشارت المجلة إلى أن العراق وفلسطين والسودان ومصر والصومال والهند وأفغانستان من بين الدول التي تتصدر اهتمامات المجلس، وأكدت أن ميزانية مجلس الكنائس العالمي في العام الماضي كانت 19 مليار دولار. كما تحدثت عن وجود عمليات تنصير بمصر، رصد لها مجمع الكنائس العالمي ميزانية خاصة تقدر بحوالي مليار دولار، لفشلها في تنصير ما خططت له منذ سنوات طويلة، وكذلك محاربة الأزهر الذي تعتبره العائق الأساسي أمام عمليات التنصير بالعالم الإسلامي. وأوضحت أن القائمين على عمليات التنصير يستغلون حالة الفقر في مصر لإغراء الفقراء الذين لديهم استجابة في دخول النصرانية بالإنفاق عليهم، لكنها أشارت إلى أن العمليات التبشيرية في مصر القائمة على أشدها منذ 20 عامًا لم تؤت ثمارها حتى الآن )).
ويهدف هذا القسم إلى:
- تشويه صورة الإسلام؛ لإقامة حائط صدٍّ يمنع المسيحيين من اعتناقه أو حتى التفكير فيه.
- تشكيك المسلمين في دينهم وهزيمتهم نفسيًّا.
- استفزاز المسلمين للقيام بأحداث ثأرية تصبُّ في صالح الشق السياسي، وتزيد الضغوط على الدولة، وتتزعم هذا القسم داخليًّا كنيسة (قصر الدوبارة) برئاسة القس (منيس عبدالنور) والدكتور (داود رياض) وجمعية خلاص النفوس الإنجيلية والقس (عبد المسيح بسيط)، وهو كاهن كنيسة العذراء الأرثوذكسية، ويتزعمه خارجيًّا القس (زكريا بطرس) وتنظيمه.
وعتاد هذا القسم العلمي (وسائلهم في التنصير):
-يمتلك المنصرون عددا من القنوات الفضائية مثل: (الحياة)، (سات7)، (النور)، (السريانية)، (أغابي)، (المعجزة)، (الكرامة) المسيح للجميع ((CTV)) ويشار إلى أن هناك أكثر من أربعين قناة فضائية ومحطة إذاعة تنصيرية ناطقة فقط باللغة العربية وموجهة للمسلمين، منها ما هو تابع للكنيسة المصرية ومنها ما هو تابع للفاتيكان ومنها ما هو تابع لمجلس الكنائس العالمي، فضلاً عن المملوك لأشخاص.
وسيأتي مزيد بسط لموضوع القنوات الفضائية في مبحث مستقل لخطرها الداهم ولأهمية دورها في العملية التنصيرية حيث لها حضور في أوساط الجماهير المسلمة والعربية.
-يمتلكون أكثر من خمسمائة موقع إلكتروني مثل: (صوت المسيحي الحر)، (الكلمة)، (النور والظلمة)، (فازر زكريا)، (فازر بسيط)، (الأقباط متحدون)، مسيحيو الشرق الأوسط ...
-أكثر من مائتي غرفة حوارية على برامج المحادثة الإلكترونية مثل (البال توك) و(الماسنجر) و(الياهو) و(سكاي بي).
وتؤكد البحوث أن النشاط التنصيري الكبير على شبكة الإنترنت أثمر آلاف المواقع التنصيرية التي تفوق عدد المواقع الإسلامية بعشرات المرات فالإحصائيات تؤكد أن عدد المواقع التنصيرية تزيد عن المواقع الإسلامية بمعدل 12% وأن المنظمات المسيحية هي صاحبة اليد العليا في الإنترنت حيث تحتل 62% من المواقع وبعدها المنظمات اليهودية أما المسلمون فيتساوون مع الهندوس في عدد المواقع والتي لا تزيد عن 9% من مواقع الشبكة.
فيما أجريت دراسة أخرى عن المواقع التنصيرية على شبكة الإنترنت ومن نتائجها أنه يمكن تقسيم المواقع التنصيرية إلى ثلاثة مواقع:
1- المواقع التي تدعو للنصرانية وذكرت منها 36 موقعا عربيا وأجنبيا.
2-المواقع التي تطعن في الإسلام وتدعو للنصرانية وذكرت منها 21 موقعاً عربياً وأجنبياً.
3-المواقع التي تدعم نشر الكتاب المقدس وقراءته وذكرت 8 مواقع.
-أكثر من عشر مجلات متخصصة مثل (الكتيبة الطبية)، (الطريق)، الأخبار السارة، أخبار المشاهير...
-ومما يندرج تحت هذا القسم حملات التنصير العامة : وهي نوع آخر من النشاط التنصيري لكنه مختلف لكونه غير سري بل يتم على مستوى كبير وفي وقت واحد ويسمى عندهم حملة إلقاء البذور، وتقوم فيها مجموعات كبيرة بنشر موضوع تنصيري على أكبر عدد ممكن من المسلمين بصورة علنية ومن أمثلة ذلك:
-قيام مجموعات تنصيرية في أول شهر رمضان سنة 2005 بتوزيع اسطوانة مدمجة CD على شباب الجامعات في القاهرة و الإسكندرية والمنصورة وبنها كتب عليها هدية رمضان واتضح أن هذه الاسطوانة تحوي مسرحية سافلة مثلت في أحد كنائس الإسكندرية بعنوان " كنت أعمى و الآن أبصر" تحكي قصة شاب مسيحي أسلم ثم اكتشف أن الإسلام ديانة شيطانية- على حد قوله- فعاد للمسيحية وحاول المسلمون قتله لكنه نجا ببركة العذراء!! , وقد أدت هذه المسرحية إلى قيام الكثير من المسلمين بمهاجمة الكنيسة التي مثلت بها، واستمرت أحداث العنف أكثر من شهر كامل.
-قيام الكنائس بتنظيم عرض كبير لفيلم آلام المسيح، ودعوة الشباب لحضور الفيلم وتوزيع الهدايا عليهم والتعارف بينهم وبين الفتيات المسيحيات، ثم تنظيم رحلات إلى بعض الأديرة الأثرية والشواطئ الخاصة، وخلال هذه المدة يتم التأثير عليهم واستقطابهم للانتظام في عظات الكنيسة ومجموعات التنصير.
-ومن أخطر مواسم التنصير إن لم يكن أخطرها على الإطلاق معرض القاهرة الدولي للكتاب، والذي يعد أكثر مواسم التنصير خصوبة حيث يتم توزيع ملايين الكتب المجانية وعرض الأفلام التنصيرية و إقامة الحوارات مع رواد المعرض، وتبادل أرقام الهواتف والعناوين والعناوين الإلكترونية , ويتم تسريح فرق من المنصرين بين شباب المعرض وأمام المكتبات المسيحية، وتباع الكتب المسيحية بأسعار رمزية جدًا "خمسة كتب بربع جنية فقط "بينما توزع الملايين منها مجانًا على المسلمين ويصل رواد المعرض يومياً إلى مائة وعشرين ألف في المتوسط وتنشط في المعرض ثلاثة من أكبر جمعيات التنصير في العالم:
1- جمعية خلاص النفوس المسيحية
2- جمعية كنيسة الإخوة الإنجيلية
3- دار الكتاب المقدس
-ويقام المعرض تحت رعاية شركة "موبنيل" للاتصالات وهي أحد شركات "نجيب ساويرس" وهو من أكبر ممولين التنصير في مصر مما جعل المعرض مكاناً خصباً و آمناً لمجموعات التنصير، وقد رصدنا عدد من المتنصرين تحت تأثير النشاط التنصيري بالمعرض.
-قيام المجموعات التنصيرية بتوزيع كتاب يهاجم الإسلام أو يدعوا إلى المسيحية عن طريق تحريف الإسلام على نطاق واسع مثل توزيع كتاب مرقس عزيز "استحالة تحرف الكتاب المقدس" وقد رصدنا أكثر من عشر فتيات تعرضوا لعملية تنصير بهذا الكتاب عن طريق توزيعه عليهم كهدايا.
-وكذلك قيامهم بتوزيع ونشر محاضرة مرئية لأحد القساوسة يتحدث فيها عن إثبات إلوهية المسيح من القران الكريم وقد انتشرت هذه المحاضرة بين المسلمين وللأسف لم يفرد لها أحد من الدعاة رد علمي حتى الآن.
-ويعمل بهذه الحملات مجموعة كبيرة من المنصرين والمتنصرين الذين يقودون الحرب على الإسلام؛ باعتبارهم أصحاب تجربة، وهؤلاء ينشطون داخل شبكات تنصير منظمة وممولة من الخارج.
الشبكات التنصيرية في مصر:
يقدر تقرير أمريكي أن أعداد الجمعيات والمنظمات التنصيرية بقرابة 2000 منظمة وجمعية، منها قرابة 300 تقيم في مصر بشكل رسمي ودائم، ويعمل بها ما لا يقل عن 5000 مصري و1500أجنبي.
وجميعها تتلقَّى الدعم المالي من المؤسسات التنصيرية العالمية مثل:
مؤسسة (ماري تسوري)
ومؤسسة ( كريتاس) التابعة (لمجلس الكنائس العالمي)
ومؤسسة (الكريستيان أيد)
ومؤسسة ( ما وراء البحار)
ومؤسسة (الطفولة الأمريكية)
وهيئة (سدبا)
ومؤسسة (كاتليست).
وهذه الشبكات التنصيرية هي :
1-شبكة قمح مصر: وهي تنشط في أكثر من محافظة، لاسيما القاهرة والمنيا وبني سويف، ويقودها شاب متنصر كان اسمه (محمد عبد المنعم) وأصبح (بيتر عبده) من محافظة المنصورة، ويساعده شاب متنصر أيضًا كان اسمه (مصطفى)، وأصبح (جون) وكلاهما تنصَّر على يد دكتور أمريكي اسمه (بوب)، وقد تفوق (محمد عبد المنعم) أو (بيتر) فحصل على منحة لدراسة اللاهوت بالأردن، وهو يتقاضى راتبًا شهريًّا يصل إلى عشرة آلاف دولار.
2-جمعية أرض الكتاب المقدس: ومقرها الرسمي (بكينجهام شاير) ويرأسها شخص اسمه (موبير نلي) وتنشط في الريف المصري، ويقوم عليها مجموعة من المنصرين العرب الأجانب، وتقوم هذه الجمعية بزيارة المناطق الفقيرة والمعدمة، وتقوم ببناء البيوت، ودفع اشتراكات التلفونات ومصاريف المدارس، وتشارك هذه الجمعية في مشروع بناء مصر العليا، وهو مشروع تنصيري ممول من جمعيات تنصيرية أوربية، وفي آخر رصد لنشاط جمعية أرض الكتاب المقدس خرج فريق من منصري هذه الجمعية إلى قرية الكوم الأخضر أحد قرى الجيزة، وظلوا لمدة عشرة أيام كاملة يساعدون العائلات في بناء بيوتهم وتجديدها وإعمارها، حيث انفق الفريق أكثر من مائة ألف جنية إسترليني هناك.
3-الجمعية الإنجيلية للخدمات الإنسانية: وهي جمعية تقوم بإقامة مشروعات صغيرة لفقراء المسلمين عن طريق القروض الميسرة، وتنشط في القاهرة الكبرى بوجه خاص، لاسيما المناطق العشوائية، وهي خاضعة لكنيسة (قصر الدوبارة البروتستانتية)، وقد تنصر بسببها عدد كبير من المتنصرين، ويمولها عدد من الشركات المسيحية التجارية.
4- الجمعية الصحية المسيحية: وهي جمعية ممولة من السفارة الأمريكية، وتدير عدة مدارس ومستشفيات، وتقدم الخدمات المجانية لعدد كبير من المسلمين.
5- مؤسسة (دير مريم): وهي مؤسسة قديمة تقدم الدعم المادي والقروض الحسنة، وتعرض خدمات الهجرة والسفر للمتنصرين.
6- مؤسسة (بيلان): وهي أيضًا مؤسسة عريقة في التنصير، وبجانب ما توفره من دعم مادي تقوم بإقامة حفلات عامة يوم الأحد، وتدير شبكة مراسلة وتعارف بين الشباب من سن الحادية عشرة إلى الخامسة عشرة سنة بين مصر والبلاد الأوربية.
7- مؤسسة حماية البيئة: ومقرُّها الأساسي في منشية ناصر أحد أفقر أحياء القاهرة، ولها فروع في العديد من المناطق الشعبية، وتقوم بتدريب الشباب والفتيات من كل الأعمار على الأشغال اليدوية، وإقامة المشروعات الصغيرة، وتقوم بالتعاون مع السفارة الأمريكية بإعداد معارض لمنتجات المتدربين فيها، وتضمُّ كذلك دور حضانة ومدارس بأجور رمزية، يقوم فيها المسيحيون بالتدريس لصغار المسلمين.
8- جمعية (الكورسات) بالإسكندرية: وهي جمعية إنجيلية تقوم برعاية أطفال الشوارع، حيث توفر لهم ثلاث وجبات يومية، ومدرسة لمحو الأمية، وورش لتعلم الحرف، ......
النشاط التنصيري في مصر والأماكن التي يتركز العمل فيها:
تم تدريب فرق من الشباب المسيحي للعمل في مجال التنصير، وهؤلاء الشباب يتلقون تدريبات مكثفة على كيفية إدارة الحوار مع المسلمين، وكسب مودتهم وثقتهم، واكتشاف نقاط الضعف في شخصيتهم واستثمارها، ويتركز النشاط التنصيري على عدة جبهات أساسية وهي :
المراكز التعليمية: الجامعات والمدارس والمدن الطلابية.
المراكز الاجتماعية: النوادي والتجمعات الليلية، وأماكن تجمع الشباب بصفة خاصة.
المراكز الطبية: مستشفيات وجمعيات مرضى الكلى والسرطان، فهناك رحلات تنظمها الكنائس إلى هذه الأماكن، وتقوم بتوزيع الهدايا والأموال والتعرف على احتياجات المرضى، وقيام صداقات بينهم وبين المنصرين.
التجمعات الفقيرة: مثل منطقة (الكيلو أربعة ونصف) و(منشية ناصر) و(عزبة الهجانة) و(الدويقة) و(البساتين) و(مصر القديمة) و(المقطم) و (جزيرة الدهب) بين (المعادي) ومنطقة (البحر الأعظم) جزيرة الوراق (إمبابة).
مراكز الإيداع الخاص: السجون وملاجئ الأطفال ودور المسنين، ومع حساسية هذه الأماكن وظروفها الخاصة.
القنوات الفضائية التنصيرية:
أفردننا الكلام عن هذه القنوات والتي تحت رعاية الكنيسة وذلك لعظيم أثرها ودورها في تنشيط العمل التنصيري حيث استطاعت الفضائيات الدينية أن تستقطب جمهوراً كبيراً في العالم العربي على الرغم من أن الفضائيات الدينية لا تزيد عن 8% من مجموع الفضائيات العربية إلا أن جمهورها يقارب 40% من جمهور الفضائيات العربية . القنوات الفضائية الدينية باتت تؤدي دوراً محورياً في تشكيل توجهات الرأي العام في المنطقة العربية، فكل قناة ذات ترتيبات سياسية وتاريخية معينة ولها ترتيبات تمويلية معينة، تحدد الأهداف خلف الرسالة الإعلامية التي تبثها كما وتحدد نوع الخطاب الذي يترتب على المشاهد متابعتها. تزايد عدد القنوات الدينية بشكل سريع في أقل من عشرين عاماً، وفيما كان من الصعب العثور على قناة دينية واحدة قبل عقدين من الزمن صار عددها حالياً يربو الى خمسمئة قناة . وعلى وجه الخصوص فقد بلغ عدد القنوات الدينية المسيحية س32 قناة تركز بثها على أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، وتمويلها من الفاتيكان وأمريكا وغرب أوروبا، وبعض المنظمات والجهات الكنسية في أوروبا وأمريكا، وأيضا رجال أعمال نصارى عرب. وتختلف الأهداف التي تسعى الى تحقيقها هذه القنوات فمنها ما يسعى الى نشر رسالة الدين المسيحي حسب الكنيسة المتبعة، وغيرها يسعى الى احداث الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، أضف الى ذلك أن لبعضها أبعاد استعمارية.
ومن هذه القنوات: ( أغابي – سي تي في – مارمرقس – الكرمة – الكرمة شمال أمريكا – الكرمة استراليا – الحقيقة – الطريق – الحياة – الحياة أمريكا – الـفادى – سات 7 – سات 7 للأطفال – قناة الكلمة – قناة الحرية – الشفاء- الملكوت – كوبتك سات – الرجاء – المعجزة لوجوس – الوعد – المسيح للجميع – البشارة – المنارة – البيت القبطي – الشباب المسيحي – سيف الكلمة- نور –معجزة –عشتار).
بدأت فكرة إنشاء القنوات الفضائية الدينية المسيحية العربية منذ عشرات السنين، حيث طرحت العديد من المنظمات القبطية المسيحية في المهجر فكرة إنشاء فضائية أو إعلام مسيحي مستقلّ تعبر عن مشاكل الطائفة المسيحية في مصر (على اعتبار أن مصر تضم أكثر تجمع لطائفة المسيحية في الوطن العربي).
فأول ظهور للإعلام الديني المسيحي كان بإنشاء قناة “سات 7” على القمر الأوربي هوت بيرد في 7 مايو 1996م وبعدها توالت القنوات المسيحية في الظهور مثل الحياة ومعجزة ثم قناتي أغابي وctv الناطقتان باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ومؤخرا قناتي الحقيقة والطريق وغيرها.
ويمكن تصنيف هذه القنوات على أساس تصنيفين:
قنوات يعتمد خطابها الإعلامي على نشر الدين المسيحي وهي قنوات لا تهاجم الديانات الأخرى.
وتصنيف آخر يعتمد على تحليل القنوات التى تستخدم أساليب الذم والتشكيك بالدين الإسلامي في محاولات لنشر الفتنة.
فالقنوات لا تسير على سياسة إعلامية واحدة فمنها التي تهتم بالشأن الديني لتلبية احتياجات المسيحيين ومنها التي تعمل على شحن الأقباط بالغضب خصوصا عند حدوث أحداث طائفية.
1.قناة أغابي :
- قناة المحبة (أغابي) التي بدأت بثها في 14/11/2005م يقوم عليها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر ويمولها رجال أعمال أقباط داخل مصر وفي المهجر،
- ومن أهدافها نشر الوعي المسيحي عن طريق تقديم الرعاية الروحية والرعوية للأقباط في مصر والخارج، وتكوين صلات ربط ووصل بين الأقباط في مصر والعالم فضلا عن نشر التراث القبطي للكنيسة. ودعم السياحة الدينية في مصر عن طريق تقديم برامج تسجيلية عن الأديرة والكنائس الأثرية ورحلة العائلة المقدسة لمصر.
-من البرامج التي تقدمها (طبيب أغابي)، (أعرف كنيستك)، (وعود الله)، (عائلتي). ترتيبها العالمي حسب موقع اليكسا 6,018,593 عالمياً ، وارجع ذلك الترتيب العالي نسبياً الى أن القناة وبرامجها وموقعها تحديداً ليس على درجة على من التشويق كما سنلاحظ في قنوات أخرى، فالبرامج روتينية تشرح تعاليم مسيحية وتجيب على أسئلة الجمهور (أي أنها تفتقد الى عنصر التشويق).
-موقعها لا ينطبق عليه صفات الموقع الناجح من فعالة وتحديث مستمر أضف الى أنه يعتمد على اللغة الإنجليزية بالأساس ويترجم القليل الى العربية لا يحتوي على حلقات مسجلة أو عرض للبرامج، يقتصر على توضيح المواعيد ورابط البث المباشر، لا تثير قضايا مهمة أو شيقة فهي لا تفتح باب النقاش في الدين الإسلامي ومقارنته بالمسيحي ومن هذا القبيل (أي أنها غير تفاعلية). أضف الى أنه لا يوجد لها موقع رسمي على الفيس بوك فهناك موقعان غير رسميان كما وانهما غير فعالان.
2.قناة الحياة:
- بدأت بثها في 15 سبتمبر 2003 على القمر الأوربي هوت بيرد وتعمل في شمال أفريقيا، الشرق الأوسط، شبه الجزيرة العربية وأوروبا. وفي سنة 2007 وصل البث إلى استراليا. تعرف هذه القناة عن نفسها على موقعها الإلكتروني بالآتي “إن فضائية “قناة الحياة” هي محطة تلفزيونية مسيحية تنتمي الى عائلة أتباع المسيح، وغالبيتنا مؤمنون من خلفية إسلامية بالإضافة الى مؤمنين من خلفية مسيحية…”، وفي هذا القول دلالة واضحة لمهاجمة هذه القناة للإسلام والمسلمين فهي تدلل بهذا القول أن المسلمين غير مقتنعين بدينهم وأن أغلبية القناة من (المرتدين)، فإذن الدين المسيحي هو الحل الأفضل وأن المسلمين تركوا الإسلام وبدئوا بالدعوة للدين المسيحي وأن عملهم في هذه القناة خير دليل. تعد الواعظة المسيحية “جويس ماير” هي الممول الأول لقناة الحياة من خلال مؤسستها التي تملكها.
- وتقدم القناة نوعيات مختلفة من البرامج أقلية منها تتحدث عن الدين المسيحي فقط، فأغلبية برامجها تحرض ضد الإسلام.
- وما بين البرامج التي تناقش الإسلام وأشهرها برنامج “أسئلة عن الإيمان” الذي كان يقدمه زكريا بطرس وتوقفت إذاعته بعد أن ترك بطرس القناة في ظروف غامضة لم يتم الإعلان فيها عن سبب تركه القناة أو فصله منها.
- وبرنامج “سؤال جرئ” الذي يقدمه رشيد الذي ظهرت معه مؤخرا كاميليا شحاتة وزوجها القس تداوس سمعان لتعلن عن مسيحيتها يعرض هذا البرنامج اسئلة حول الإسلام يعتمد في إجابته عليها بمقارنة آيات من القرآن الكريم مع آيات من كتب التوراة والإنجيل.
- والمجلة السعودية ل د. خالد الشمري وهو في الأصل مسلم مرتد، يتمحور هذا البرنامج على شرح هذا المرتد لقصة عزوفه عن الإسلام وكيف أنه كان يعيش الظلم عندما كان مسلماً _حسب قوله_، وبرنامج المرأة المسلمة تقدمه أماني مصطفى يناقش هذا البرنامج وضع المرأة في الإسلام ويحاول تحريض النساء ضد الدين الإسلامي وعرض مواضيع تظهر ظلم الإسلام للمرأة تم استخدام أسلوب السخرية من نساء المسلمات.
- تقدم هذه القناة 13 برنامج أغلبيتها تهاجم الدين الإسلامي وهي متخصصة في ذلك في كل حلقاتها ويتضح ذلك من خلال عناوين الحلقات فمنها “نظرية المؤامرة في الإسلام”، ونهاية خديجة وبداية الآم المرأة المسلمة”،” هل العمليات الانتحارية حلال في الإسلام” ،”جمل قرآنية غير مفيدة”.
- وتعد هذه القناة من أبرز القنوات المسيحية طائفية، رغم أنها تعلن أنها قناة دينية بالأساس، فهي تهاجم الإسلام، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، وتسعي بوضوح للتبشير وتنصير المسلمين، ونجحت في تشكيك بعض الفتيات المسلمات في دينهن، وتنصير البعض، كما وقع مع قصة “زينب” المشهورة، والتي تحدثت عن غيابها ستة أشهر عن أسرتها في ضيافة هؤلاء المبشرين، لتعود وقد غيرت دينها ونصرت الى المسيحية.
- ترتيب هذه القناة حسب موقع اليكسا على العالم 836,657، وعلى مصر تحديداً15,191 وهذا مؤشر واضح على رواج القناة عالمياً ومصرياً فترتيبها لا يستهان به مقارنة بقناة أغابي كما ذكرت سابقاً السبب.
- أضف الى ذلك المميزات التي يحتويها موقع هذه القناة من وضوح وتحديث سريع والألوان مريحة للمشاهد وسهولة الوصول الى المعلومة والتواصل مع القائمين على القناة كما واستخدام الصور كبيرة الحجم اللافتة للانتباه لعب دوراً في زيادة متابعة الجمهور للموقع.
- وفيما يتعلق برد فعل المسيحين اتجاه هذه القناة فقد كان الكثير ضد خطابها الإعلامي العنصري، فقد تبرأ “الأنبا موسى” الأسقف العام وأسقف الشباب بالكنيسة المصرية من هذه القناة قائلاً: “إن الكنيسة لا تعرف شيئاً عن هذه القناة، ولا تعرف لمن تتبع، ومنذ فترة نلاحظ من سياستها وأسلوبها أنها تثير الفتنة بل وتتخطى الخطوط الحمر فتهاجم عقيدة إخواننا المسلمين، لكن عندما اجتمعنا مع مسؤولي قناة “سات سيفن” قالوا لنا: إنه لا صلة لهم بها وكذلك لا صلة بين السات والحياة“!، هذا قد يقودنا للقول أن الأهداف ربحية بامتياز وليس من أجل الدين المسيحي بل إثارة الفتنة والجدل حول قضايا معينة لجلب أكبر عدد من المشاهدين.
3.قناة سات 7:
بدأت بثها عام 1996م من قبرص باللغة العربية إلى البلاد العربية وبالفارسية لإيران وبالتركية لتركيا فقد اشترك في تأسيسها 25 مؤسسة وكنيسة نصرانية من البلاد العربية وأوروبا وأمريكا ،ومن أهدافها مؤازرة الفئات النصرانية المشتتة وتثبيتها في إيمانها وشهاداتها للمسيح وإتاحة الفرصة لمشاهديها لسماع الرسالة النصرانية بلغتهم المحلية، ويقول فؤاد فريد مدير مكتبها في القاهرة، إنها مخصصة لمسيحيي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهدفها الوصول بالرسالة المسيحية إلى المنازل.
ترتيب موقعها الإلكتروني 1,391,494 وعلى إيران 187,051، موقعها تفاعلي يأخذ رأي المتصفحين في بعض القضايا يحتوي على رسائل وردود عليها، يمكن وصفه بأنه جيد بشكل العام والمضمون، فمضمونه لا يهاجم أحد وانما يعبر عن آراء الكنيسة وما الى ذلك في الدين المسيحي.
4.قناة سات 7 كيدز:
هي القناة العربية المسيحية الأولى والوحيدة المخصصة للأطفال فقط، يأتي موقعها الإلكتروني 2,078,732 عالمياً، تعرض برامج أطفال مستوحاة من قصص المسيح بشكل مسلي للأطفال وتعلمي، موقعها الإلكتروني مناسب جداً للأطفال من ناحية المضمون فهو يحتوي على ألعاب وموسيقى وبرامج ترفيهه وتعليمية، وسهل الاستخدام للأطفال ومشجع فكلما ضغط الطفل على زر ما تصدر نوع من الموسيقى المسلية. أعتقد أن هذه الأشياء الجذابة بهذه القناة قد تجذب الأطفال غير المسيحين وتزرع في عقولهم تعاليم من الدين المسيحي، فلربما يكون هذا نوع من الخطاب الإعلامي الخفي الذي يستخدم الترفيه والتسلية لتحقيق أهداف معينة تكمن وراء إنشاء هذه القناة.
5.قناة نورسات:
هي قناة مارونية بدأت بثها الأرضي من لبنان عام 1991م والفضائي عام 2003م ويشرف عليها مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، شعارها “الوطن لبنان” وهي كما هو واضح من شعارها تستهدف بالأساس المجتمع اللبناني واللبنانيين المقيمين خارج لبنان.
ترتيبها العالمي 792,795، وعلى مصر 28,151، هي قناة تهتم بالديانة المسيحة وشرحها بالدرجة الأولى لا تقارنها بالدين الإسلامي ولا تتعرض له، على درجة عالية من ترتيب في موقعها الإلكتروني، فهو سهل الاستخدام ومريح، محدث ويعرض قضايا تهم الطائفة المسيحية بمختلف المناطق سواء الطائفة المسيحية العراقية أو اللبنانية أو الفلسطينية، يحتوي الموقع على شريط للأخبار العاجلة يساهم في زيادة عدد المتصفحين له.
6.قناة الطريق:
من أحدث القنوات الفضائية المسيحية التي بدأ البث التجريبي لها في أغسطس 2009 في الأمريكيتين والمكسيك وبعدها وصل إلى الشرق الأوسط في أول يناير 2010م. ترتيب موقعها الإلكتروني 6,747,774، تختلف هذه القناة عن غيرها من ناحية الخطاب الإعلامي ذا المضمون الغير الواضح ،فخطابها في الشكل العام يدلل على أنها لا تعادي أحد ولا تشكك بديانات أخرى ولكن بالمضمون الفعلي تعتمد هذه القناة على هذه السياسية في التشكيك بالدين الإسلامي ويتضح ذلك من خلال مضمون البرامج التي تعرضها مثل برنامج “رمضان… في عقل متنصر”، “محتويات القرآن”. ولذلك فإن الخطاب الإعلامي في هذه القناة يعتمد على تبسيط المحتوى للمشاهد بهدف عرض المضمون الأقوى عن طريق الرسالة الإعلامية المتخفية في ظلال المصداقية والمقارنة. اتضحت خطورة هذه القناة التي تجاوزت الفعل على الشاشة، وتعدته الى الممارسة على الارض، من خلال الخبر الذي نشر على موقع أقباط اليوم المصري الذي يتحدث عن اعتقال مراسلة قناة الطريق بتهمة الاشتراك بنشاطات نظمت على الاراضي المصرية تساهم في إثارة الفتنة الداخلية والإساءة لمصر في الخارج.
ختاماً: بعد هذا الاستعراض لبعض الفضائيات المسيحية يمكن القول أن الفضائيات المسيحية بعضها يهدف لنشر التعاليم المسيحية والتبشير بالديانة المسيحية للمسيحين وغيرهم من الطوائف، والبعض الاخر من الفضائيات وهي الأكثر جماهيريةً التي تقوم على مهاجمة الاديان الاخرى والتجريح بمعتقدات الآخرين وعليه فإن الاستراتيجيات المتبعة في ايصال الرسالة المسيحية مختلفة، فمنها ما يلجأ إلى نشر التعاليم المسيحية بالأبعاد التبشيرية وتجارب المسيح، وأخرى يلجأ الى مقابلة الدين الإسلامي بالمسيحي من خلال ذم وشتم وقدح الدين الإسلامي ومهاجمة الرسول –صل الله عليه وسلم- والتشكيك بالقران الكريم، بالإضافة الى استخدام المرتدين عن الدين الإسلامي للاستشهاد وشرح أسباب تحولهم ،لتحقيق الاهداف المنشودة وبطريقة سهلة ومن خلال اللهجة المحلية. بذلك تكون بعض هذه القنوات رسخت مشاعر العداء بين المسلمين والمسيحيين، وربما أدت الى حالة من العزلة للطائفة المسيحية في المنطقة العربية، وإن إذكاء النعرات الطائفية سينعكس سلباً على التعايش المذهبي في المنطقة العربية، فالمهاجمة والرد من قبل المسيحين والمسلمين ستؤدي الى الحقد والكراهية بين الطرفين. وعليه فإن القنوات تجاوزت دورها في العرض فقط الى إدخال الجمهور بصراعات عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع التفاعلية ك اليوتيوب والفيس بوك. ومن الأدلة على ذلك، ردود الأفعال على برنامج “سؤال جريء” المعروض على قناة الحياة تحديدا حلقة أسرار السيرة النبوية الذي يقدمه ما يسمونه “الاخ رشيد” يطرح موضوع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، بوصف النبي صلى الله عليه وسلم بانه ابن اسحاق ،يدعي ان الحلقة مبنية على مادة علمية بحتة، ويطلب المتابعة من خلال هاشتاغ أسرار السنة النبوية على الفيس بوك وعلى التويتر ،براي هذا (هاشتاغ) مبهم لأن ما ينشر عليه غير واضح ويصعب على شخص مسلم عادي تمييزه فالمفهوم العام هو مع الدين الإسلامي ولكنه يسخر منه مما قد يؤدي الى تداوله من بعض المسلمين عن غير دراية وحصل ذلك على أحدى الصفحات الإسلامية أن نشرت منشور من القناة على أنه دعاء إسلامي ولكن المنشور منقول عن موقع قناة الحياة وهو بغرض السخرية من دعاء المسلمين لله ، فهو اسلوب متعمد وخبيث للتضليل .التعليقات على هذا اليوتيوب وصلت 326 تعليق، وتعليق واحد بلغ عدد الردود عليه 48 رد ،بدأت بمناقشه ومن ثم تحولت الى شتم واهانات لكلا الديانتين .
تمويل معظم القنوات من الغرب وهذا يقودنا لتفسير سياستها التهجمية وهدفها في إحداث القلاقل بين الطوائف العربية لتحقيق اهداف استعمارية قد لا تكون واضحة ولكنها تتبين في تحليل الخطاب الإعلامي لهذه القنوات.
مواجهة التنصير في مصر :
هنا نضع ما يجب علينا فعله تجاه هذه الحرب الصليبية الفكرية على أمة الإسلام، وحين ننطلق لمواجهة التنصير فلابد أن نرتكز على مسلمات هامة في هذا الأمر:
* مواجهة التنصير ينبغي أن تكون مواجهة علمية عملية ولا يمكن أن تقوم بأحدهما دون الأخرى.
* المواجهة تستلزم الدفاع والهجوم معًا ولن تنجح بغير ذلك.
* لن تنجح أي مواجهة مع التنصير سوى المواجهة القائمة على الالتزام بمنهج السلف في الفهم والتصور والاعتقاد والحركة.
* أن نفهم جيدًا أن هدف المنصرين الأساسي ليس إدخال المسلمين في النصرانية ولكن إخراجهم عن الإسلام وذلك بعد أن علموا أن من الصعوبة بمكان أن ينجحوا في إدخالهم في النصرانية.
* أن العلاقة بين معركة التنصير والمعارك الأخرى الدائرة بين الإسلام وأعدائه علاقة وثيقة ومترابطة، باعتبار وحدة الصراع ووحدة القيادة في معسكر الكفر، وبغياب هذا المفهوم يصبح التنصير ثقبًا أسود يبتلع جهود المسلمين وأموالهم ليشغلهم عن المعركة الكبرى في ديارهم.
- تقوم الفكرة الرئيسة لخطة مواجهة التنصير في مصر على عنصر المواجهة الشاملة، وذلك لأن أقوى أسلحة الدعاة في هذه المعركة هو الحق الذي تخضع له النفوس وتطمئن إليه القلوب.وتحتاج المواجهة إلى ثلاثة عناصر أساسية هي "الكوادر"، و"الإمكانيات"، و"الوسائل".
أولاً: الكوادر:
ونقصد بها الأفراد الذين يملكون من الإمكانيات ما يؤهلهم لخوض هذا الصراع، وهذه المؤهلات تتركز في ثلاث جهات أساسية هي:
1- العلم الشرعي السلفي.
2- العلم بالنصرانية من مصادرها وكتبها.
3- القدرة على التواصل مع العامة والحوار مع الآخرين.
والطريقة المثلى لتوفير هذه الكوادر هو إقامة محاضرات ودورات تعليمية وتبصيرية بالتنصير وخطره وكيفية مواجهته والتدريب على إدارة الحوار مع المنصرين.
إن الغالبية من شاب الإسلام المتدين اليوم تتحرق شوقًا لخدمة دينها، ولكنها تفتقد البوصلة الموجهة والقيادة التي تستثمر جهودهم وتوجهها الوجهة الصحيحة.
* ويقترح في هذا السياق إنشاء مراكز تدريبية وتأهيلية لتدريب الشباب على التصدي للمنصرين.
* استغلال مراكز الدعوة لإدخال مقاومة التنصير كمادة دراسية أساسية.
* إعطاء دورات علمية للخطباء وطلبة العلم حول نقد المسيحية وكيفية مواجهة التنصير.
* إعطاء دورات علمية لشباب المناطق المنكوبة بالتنصير.
* إعطاء دورات علمية لشباب الجامعات والمدارس.
* استنفار الشباب المسلم للاهتمام بهذه القضية عبر جميع وسائل الاتصال ومراكز التجمع.
* تحفيز الدعاة والعلماء على استنفار طلبة العلم للتصدي للمنصرين وشبهاتهم.
* استنفار الطلبة بكليات الدعوة وأصول الدين ومعاونتهم في إعداد البحوث والدراسات للرد على المنصرين.
* استنفار الكتاب والصحفيين للتصدي للمنصرين وكشف خطرهم.
* الترابط بين المهتمين بمواجهة التنصير.
* توجيه الشباب إلى المنتديات ومواقع التصدي للتنصير الإلكترونية للتعلم والتثقف والتدريب على مقاومة التنصير.
ثانياً: الوسائل
وهنا ينبغي لنا أن نرصد أساليب المنصرين ووسائلهم فالتنصير يستخدم جميع الوسائل الإعلامية لنشر سمومه، ولا يصح لنا إلا أن نستخدم الوسائل الإعلامية نفسها " مرئية ومسموعة ومقروءة" في نشر جهودنا وبصورة تناسب جميع المستويات الثقافية، وذلك لخلق ثقافة عامة لدي جميع المسلمين حول حقيقة النصرانية، وتناقضاتها وتحريفها، ونقترح هنا عدة اقتراحات:
* نشر الدراسات المتخصصة في نقد المسيحية بين المسلمين، وبكل الوسائل وفي كل الأماكن وهذا الجانب يعاني من نقص خطير على النقيض تمامًا من الجانب الأخر، حيث توجد غزارة شديدة في الكتابات النصرانية التي تتناول الرد على الإسلام.
* نشر فضائح الكنيسة والمنصرين بين العامة لتكوين حائط سد نفسي تجاه الاجتماع بهم أو الاستماع لهم أو التعاون مع المنصرين.
* نشر الدراسات الإسلامية الخاصة بدلائل النبوة والإعجاز العلمي المنضبط بقواعد التفسير الصحيحة في القرآن والسنة على نطاق واسع بين المسلمين.
* إنشاء جمعيات ومراكز لمتابعة التنصير والتصدي له على أن يكون مقرها الأساسي في الدول الأوربية؛ لنتحاشى الإغلاق والمصادرة الداخلية.
* تخصيص باب بكل جريدة أو مجلة أو موقع إسلامي للرد على المنصرين.
* توجيه القنوات الفضائية الإسلامية إلى الرد على المنصرين ولو بطريقة غير مباشرة.
* توجيه الدعاة وأصحاب المنابر الدعوية إلى الرد على المنصرين.
* خروج قوافل دعوية إلى المناطق المنكوبة بالتنصير ولابد من تجهيزها بقافلة طبية واجتماعية.
* استنفار هيئات الإغاثة والجمعيات الاجتماعية الإسلامية لمساعدة المسلمين؛ لتكثيف نشاطها في الأماكن المنكوبة بالتنصير.
* استنفار التجار ورجال الأعمال والموسرين مطالبتهم بالإسهام في التصدي للتنصير ولو بكفالة أسرة واحدة، أو طباعة كتاب واحد، أو نشر شريط أو CDواحد.
* مراسلة الهيئات الإسلامية الدولية حول خطر التنصير وانتشاره وتقديم اقتراحات جادة ونافعة لهم.
* مراسلة الجمعيات الطلابية وشباب الجامعة في خطر التنصير وإمدادهم بوسائل مجابهته.
* مراسلة الجامعات العلمية الإسلامية لتخصيص منح دراسية لدراسة مقارنة الأديان لأهل البلاد المنكوبين بالتنصير.
* كفالة طلبة العلم والمتصدين لمقاومة التنصير وذلك لنضمن تفرغهم لهذا العمل.
* دعم الأبحاث والإصدارات التي ترد على النصرانية، وتكشف تحريفها وتوزيعها على أكثر عدد ممكن من المكتبات ودور العرض، وجعلها في متناول الجميع.
* إقامة المسابقات بين طلبة المدارس حول الأبحاث الصغيرة في نقد النصرانية وخطر التنصير ورد شبهات المنصرين.
* مزاحمة المنصرين في أماكن انتشارهم كمعرض الكتاب، والتجمعات الشبابية.
* تكوين المجموعات البريدية لنشر الرسائل البريدية على أكبر نطاق ممكن؛ لتحذير المسلمين وتبصيرهم بالنصرانية وتحريفها والرد على شبهات المنصرين.
* إنشاء خط تلفوني ساخن للرد على شبهات المنصرين وإنقاذ من ابتلي من المسلمين بهم.
ثالثاً: الإمكانيات
تتضح حاجتنا إلى الإمكانيات من خلال إمكانيات الخصم ومن خلال الواقع على الأرض، ومن خلال احتياجاتنا التي سردناها من قبل، ولكن عدم توفر الإمكانيات كلها لا يعني أن نهمل الأمر برمته، فعلينا العمل بما هو تحت أيدينا ومحاولة الاستفادة منها إلى الحد الأقصى، فإن الله سبحانه تعبدنا بالاستطاعة، وأن ما نحتاجه بالدرجة الأولى هو شباب مؤمن ومضحي ومستعد للبذل والتضحية للدفاع عن هذا الدين.
(ويبقَى أنَّ مواجهة التَّنصير لم تَرْقَ الجُهود المبذولةُ فيها إلى المطلوب، لكِنْ لا يُنْكَر أنَّ كثيرًا من المسلِمين المحتَسِبين يقومون بِجُهدٍ جبَّار في مُواجهة التَّنصير، يفوق جهْدَ دول مُجتمِعة، وذلِك بفضْل إخلاصهم، فهم يستغلُّون الإنترنت أفضلَ استِغْلال، ويدحضون شُبُهاتِ النَّصارى وافْتِراءاتِهم بِسلاسة ووضوح، وفي غُرَف "البال توك" لهم اليد العُلْيا - بفضل الله - حتَّى إنَّ كثيرًا منَ النَّصارى يتهرَّبون من مُناقشتِهم.
لكنَّ الأمرَ جللٌ خطيرٌ، والتَّنصير وراءَه إمكانيَّات جبَّارة يقودُها الفاتيكان علانيةً، والأموالُ تتدفَّق على المنصِّرين مِمَّا يدعو جَميع المُسلمين في العالم - حكوماتٍ وشعوبًا - إلى الانتِباه واليقظة، والتَّشمير عن ساعِد الجِدِّ وبذْل الجهود والإمكانيَّات؛ لمواجهة ذلك الوباء - التنصير - كما تُبْذَل الجهود لمكافَحة الأوبِئة: كالملاريا والكوليرا وغيْرِها، كذلك التَّنصير وباءٌ يَحتاجُ إلى جهودٍ كبيرةٍ، ودعْمٍ كبير؛ لتطعيمِ المُسلمين الجهَّال الفُقراء ضعيفِي المناعة بِمصْل العِلْم والتقوى، وأيضًا المال؛ كي يواجه ذلك الوباء بكلِّ قوَّة، ويدحره إلى غيْرِ رجْعة.
وأخيرًا، كلُّ أعداء الإسْلام بكافَّة أشكالِهم يُحارِبون الإسلام والمسلمين، فمتى يستفيقُ أبناءُ المسلمين من غفلَتِهم ويقاومون العدوان؟
فالتَّنصير - بالمال والفاتيكان والطُّغيان الأمريكي - يغزو بلادَ المسلمين بعقيدةِ الشرك، فهلمُّوا - أيُّها الموحِّدون - لجهادِ الشِّرْك بكل ما تستطيعون من مالٍ ودعوةٍ وحجَّة وبيانٍ، والله المستعان ).
الخاتمة
لم يكن أحد من المسلمين يتصور يومًا أن تصبح أكبر دولة إسلامية "إندونيسيا" هي أول دولة يقام على أرضها دويلة تجمع المتنصرين من المسلمين "تيمور الشرقية"، تمامًا كما لم يكن أحد يتصور يومًا ما أن تصبح الأندلس بعد ثمانية قرون دولة نصرانية خالية من الإسلام، ومن قبل الأندلس كانت "أمان الله" التي أصبحت فيما بعد "الفليبين" وكذلك "منشوريا" و"منغوليا" و"تركستان"، وغير ذلك من أراضي الإسلام التي خرجت أو خرج منها الإسلام.
والحق أني كنت أظن عندما أزمعت الكتابة في شأن مصر أني سأجد الكثير من الكتب والمراجع والمقالات في مقاومة التنصير وخاصة من بعد الاستعمار ولكن الواقع الذي وقع عليه بصري أن المكتبة فقيرة محتاجة إلى مايقابل هذا الكم الهائل من الجهود والأعمال التنصيرية ونحن إذ نقول ذلك فإنا نوصي بتكوين موسوعة بكشف أعمال التنصير في المنطقة العربية عموماً ومصر خصوصاً وسبل مقاومتها وتحدث من حين إلى آخر.
ونحن اليوم إذ نطلق هذه الصيحة عن خطر التنصير وانتشاره في مصر -قلب العالم الإسلامي- ننبه أن الأمر خطير ويستدعي تدخل فوري واهتمام بالغ من كل غيور على هذا الدين لاسيما والأمر كله يدور في نطاق معركة الإسلام الكبرى {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [سورة يوسف: 21].
في ظل هذا النشاط الهائلة والإمكانيات الضخمة والواقع الصعب ليس من السهل مواجهة التنصير، لا سيما وواقع الدعوة في مصر يتراجع ولا يتقدم والضغط الأمني يتزايد وقافلة الدعوة تتجه إلى حقول غريبة وبعيدة عن واقع الأمة، وقضاياها الهامة والأساسية. ومهما يكن من أمر فإن الدعاة يملكون ما لا يملكه المنصرون، وهو أقوي من جميع إمكانياتهم ألا وهو الحق الذي تعرفه القلوب، وترتاح إليه الفطرة وتحن إليه الأرواح المتعبة، والنفوس البائسة.
ثم إنه ينبغي علينا أن نعلم أننا لسنا سوى أسباباً ينصر بها الله دينه فقط {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [سورة المائدة: من الآية 23] فنحن أُجراء عند الله سبحانه صاحب الدعوة، وما علينا إلا الامتثال والطاعة، أما تحقيق الأهداف وقطف الثمار والانتصار الظاهر على العدو؛ فهذا أمر الله وحده يقدره متى وأين وكيف شاء سبحانه..
وينبغي علينا أن نتشبع بيقين أن الله سبحانه ناصر عباده ومظهر دينه وغالب على أمره، ومع هذا فإن النصر لا يأتي بمجرد اليقين أو الإيمان المجرد عن العمل، بل كما أخبر الله {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} [سورة الأنفال: 62]، وكما قال تعالى: {لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [سورة التوبة: 88]، فلابد من رجال مؤمنين يخدمون هذا الدين ويحملون هذه الدعوة ويضحون في سيبلها ليتحقق الوعد الإلهي بالنصر وتجري سنة الله بالمدافعة التي هي دائمًا في صالح الإسلام.
ونختم بهذه القصيدة، التي تستثير مشاعر المسلمين للشيخ محمد بن الشيخ الشنقيطي من شعراء القرن الثاني عشر الهجري، وقد أطلق صيحته هذه قبل دخول النصارى إلى الشواطئ الموريتانية :
أسارى لوعة وأسى ننادي وما يغني البكاء عن الأسارى
ولو في المسلمين اليوم حر يفك الأسر أو يحمي الذمارا
لفكوا دينهم وحموه لما أراد الكافرون له الصغارا
حماة الدين، إن الدين صارا أسيراً للصوص وللنصارى
فإن بادرتموه تداركوه وإن لا يسبق السيف البدارا
بأن تستنصروا مولىً نصيراً لمن والى ومن طلب انتصارا
وروم عاينوا في الدين ضعفاً تراموا كلما راموا اختبارا
فإن أنتم سعيتم وابتدرتم برغم منهم ازدجروا ازدجارا
وإن أنتم تكاسلتم وخبتم برغم منكم ابتدروا ابتدارا
فألفوكم كما يبغون فوضى حيارى لا انتداب ولا ائتمارا
فيا للمسلمين لما دهاكم إلى كم لا تردون الحوارا
أجيبوا داعي المولى تعالى أو اعتذروا ولن تجدوا اعتذارا
أجيبوه بدنياكم تعزوا وتدخروا من الأجر ادخارا
وهذا ما أشرت به عليكم وإن لم تجعلوني مستشارا
فإن أنتم توليتم فحسبي وجاري الله نعم الله جارا
ومن يك جاره المولى تعالى كفاه فلن يضام ولن يضارا
وربي شاهد وكفى شهيداً به إني دعوتكم جهارا
وكم من ناصح قبلي دعاكم جهاراً بعدما يدعو سرارا
وفي كل حين يدعو لم يزدكم دوام دعائه إلا فرارا
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين