فريق منتدى الدي في دي العربي
05-07-2016, 01:40 AM
الحزن يتعب والدتي لوفاة جدتي، فكيف أساعدها؟!
أ. عائشة الحكمي
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المشكلة التي سأطرحها خاصَّة بوالدتي - حفظها الله, فمِن سنة توفِّيتْ جدتي، وبعدها عانتْ أمي كثيرًا، فهي تبكي باستمرارٍ، خاصَّة في منتصف الليل بعد أن ينام الجميعُ، وبعد مدة تقبَّلت الأمر، وبدأت تنسى.
لكن للأسف بعد مدَّة اكتشفتُ أن الحزن أصبح مكبوتًا داخلها، المشكلة أنه لا يوجد أحدٌ من إخوتي يعيش معها، فالكل متزوج، إلا أختي الصغيرة.
تشكو أمي كثيرًا بتغير إخوتي بعد الزواج، وتعاتبني كثيرًا أنني أصبحتُ لا أحبها كما كنت من قبلُ، فأحاول أن أبذل كل ما في وسعي؛ لأنني أسكن بعيدًا في مدينة أخرى غير المدينة التي تعيش فيها، فهي تعتبر نفسها وحيدة.
أريد حلًّا لأمي؛ فدموعها تصيبني بالحزن بل الجنون! فهي دومًا حزينة وتعيسة، أرجو أن ترشدوني للحل الصحيح لأخرجها مما هي فيه.
وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
بسم الله الموفق للصواب
وهو المستعان
يا هَمّ! من يحس ويعرف ويرى كيف يموت العزيز عليه؟ وكيف يتحول مَن يحبه إلى ذكرى؟! إن ما يُعمل في القبر، يُعمل قريبٌ منه في القلب! "المساكين"؛ الرافعي.
أيتها العزيزة، رحم الله جدتكِ الغالية رحمةً واسعة، وعُوِّضتم عنْ فَقْدها أجرًا.
تحتاج والدتكِ الآن إلى ثلاثة ضروبٍ من الدعم:
1- الدعم الديني.
2- والدعم العاطفي
3- والدعم الذاتي.
أولًا: الدعم الديني:
لا يليق بالمؤمن أن يعدلَ بالفزع إلى الله الحي الذي لا يموت، خالق الحياة والموت شيءٌ، ولو اجتمع علماءُ النفس مِن أولهم إلى آخرهم لابتداع منهجٍ نفسيٍّ للتخفيف من مصيبة الموت، لم يجدوا غير الله - سبحانه وتعالى - معينًا على ربط القلب الحزين؛ لئلَّا يجزع، ويفزع، ويتصدَّع.
وَاللهِ مَا تَمَّ سِوَى اللهِ لِمَنْ <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
أَصْبَحَ مَهْمُومًا بِأحْدَاثِ الزَّمَنْ <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
فَإِنَّهُ أكْرَمُ مَنْ جَادَ وَمَنْ <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
مَنَّ عَلَيْكَ قَلَّمَا يُجْدِي الحَزَنْ <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
فلتتصبَّر ولتتذكر بأننا كلنا لا بد أن نموت، ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 27].
وَقَدْ يُهَوِّنُ مَا فِي القَلْبِ مِنْ جَزَعٍ <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
أَلَّا بَقَاءَ لِغَيْرِ الوَاحِدِ الصَّمَدِ <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
لتلجأ إلى الله وحده، وتدعوه - سبحانه - وهي تصلِّي في محرابها: أن يربط ربُّها على قلبها كما ربط على قلب أم موسى - عليهما السلام - لتكونَ من المؤمنين، وأن تعمل من الصدقات وأعمالِ البر ما وسعها أن تعملَ، ثم تهدي ثوابها لجدتك - رحمها الله - فمِن شأن ذلك الخير أن يُجريَ على قلبها أنهارَ الخير، والسلام، والسكينة، والطمأنينة في الدنيا، والعقبى لها في الآخرة بالثواب العظيم، والأجر الجزيل، ومِن أهم أعمال البر التي يُمكن للحي أن يهدي ثوابها للميت ما يلي:
- الاستغفار والدعاء: فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّ الله ليرفع العبد الدرجة، فيقول: رب، أنَّى لي هذه الدرجة؟ فيقول: بدعاء ولدكَ لكَ))؛ رواه البيهقي.
- الصدقة: ففي "صحيح البخاري" عن ابن عباسٍ أن سعد بن عبادة - رضي الله عنهم - أخا بني ساعدة تُوُفِّيَت أمه وهو غائبٌ عنها، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إنَّ أمي توفيتْ وأنا غائبٌ عنها، فهل ينفعها شيءٌ إن تصدقتُ به عنها؟ قال: ((نعم))، قال: فإني أشهدكَ أن حائطي المخرافَ صدقةٌ عليها.
- الصوم: ففي "الصحيحين" واللفظ لمسلمٍ عن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - قال جاء رجلٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إنَّ أمي ماتتْ وعليها صوم شهرٍ أفأقضيه عنها؟ فقال: ((لو كان على أمكَ دينٌ أكنتَ قاضيه عنها؟))، قال: نعم، قال: ((فدينُ الله أحق أن يُقضى)).
- العمرة والحج: ففي " صحيح البخاري" أن امرأةً من جهينة جاءتْ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن أمي نذرتْ أن تحجَّ فلم تحج حتى ماتتْ، أفأحُجُّ عنها؟ قال: نعم، حجي عنها، أرأيت لو كان على أمكِ دينٌ أكنتِ قاضيةً، اقضوا الله؛ فالله أحقُّ بالوفاء)).
وقد أورد ابن القيم - رحمه الله تعالى ورضي عنه - في كتابه القيم "الروح" العديدَ من النصوص والأدلة التي تثبت وُصول ثواب الأعمال الصالحة للميت، ثم ختمها بقوله: "هذه النصوص مُتظاهرة على وصول ثواب الأعمال إلى الميت، إذا فعلها الحي عنه، وهذا محضٌ للقياس؛ فإنَّ الثواب حق للعامل، فإذا وهبه لأخيه المسلم لم يمنع من ذلك".
ثانيًا: الدعم العاطفي:
يتربع والدكِ الكريم رأس الهرم العاطفي في مهمة الدعم العاطفي، فلا أنتِ ولا أخواتكِ، ولا أي شخص في الكون بمَقْدوره تعويض والدتكِ عنْ مشاعر الفقد، مثلما قد يفعل والدكِ، فنبهي والدكِ ليعطي والدتكِ مِن حبه وحنانه ما يدمل جرح الفقد، فهنا يأتي دور الأزواج، وفي مثل هذه المواقف الأليمة تُفهم معاني "السكن" و"المودة" و"الرحمة".
ثم يأتي دوركم أنتم كأبناء في السؤال عن والدتكم، والاهتمام بها مِن خلال الزيارات المتكرِّرة، فإن تعذرتْ فلتفَعَّل بينكم وبينها وسائل التقنية الحديثة للتواصُل الاجتماعي صوتًا وصورةً، مع الحِرْص على الاتِّصال بها، وإرسال الهدايا مِن وقتٍ لآخر، والله يجزيكم خير الجزاء، ويغفر لكم.
ثالثًا: الدعم الذاتي:
تحتاج والدتكِ إلى شغل وقتها الذي فرغ مِن وجود والدتها بما يفيدها، ويستحوذ على تفكيرها؛ كالتسجيل في حلقة تحفيظٍ للقرآن الكريم، وحضور الندوات، والمحاضرات، والفعاليات الاجتماعيَّة، والمؤتمرات الطبيَّة، والالتحاق بالأندية النسائيَّة والصحيَّة، والاشتغال بالأعمال الفنيَّة، والأشغال اليدوية؛ كالتطريز والحياكة والطبخ، ونحو ذلك من الأمور التي تُحسنُها النساء عادةً، ولنا في نساء فلَسْطين أسوةٌ حسنة، فالمرأة الفلسطينيَّة لا تجد وقتًا للحزن والبكاء على فَقْد الأبناء، واستشهاد الأحباب، فهي تعيش في كفاحٍ يوميٍّ، وعملٍ دؤوب للحِفاظ على وجه فِلَسْطين ملونًا على الخارطة الإسلامية!
في خِزانتي ثوبٌ فِلَسْطيني جميلٌ ونفيس، منسوج بدقة بأيدي أمهات الشهداء، أرى فيه الحزن العظيم منسوجًا بالآمال العظيمة، فيا ليت والدتكِ الكريمة تتعلَّم من هؤلاء النسوة أسرار الحياة.
أمَّا الحزن، فليس يخلو قلبٌ مِن حزن، ولو خلا مِن الحزن لخرب، روى جعفر عن مالك بن دينار قال: "إذا لم يكن في القلب حزنٌ خرب، كما إذا لم يكنْ في البيت ساكنٌ خرب"؛ "تاريخ الإسلام"، للذهبي، وبهذه الأحزان نرتقي في الدرجات يوم القيامة، ففي "الروح" "لما مات محمد بن سيرين حزن عليه بعضُ أصحابه حزنًا شديدًا، فرآه في المنام في حالٍ حسنةٍ، فقال: يا أخي، قد أراك في حالٍ يسرني فما صنع الحسَن؟ قال: رُفِع فوقي بسبعين درجةً، قلت: ولم ذاك، وقد كنا نرى أنك أفضل منه؟ قال: ذاك بطول حزنه"! وفي "صفوة الصفوة" عن يزيد بن مذكور قال: رأيت الأوزاعي في منامي فقلت: يا أبا عمرو، دلَّني على أمرٍ أتقرَّب به إلى الله - تعالى - فقال لي: ما رأيت هناك درجةً أرفع مِن درجة العلم، فقلت: ثُم مَن بعدها؟ قال: درجة المحزونين!
والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب، وإليه المصير
أ. عائشة الحكمي
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المشكلة التي سأطرحها خاصَّة بوالدتي - حفظها الله, فمِن سنة توفِّيتْ جدتي، وبعدها عانتْ أمي كثيرًا، فهي تبكي باستمرارٍ، خاصَّة في منتصف الليل بعد أن ينام الجميعُ، وبعد مدة تقبَّلت الأمر، وبدأت تنسى.
لكن للأسف بعد مدَّة اكتشفتُ أن الحزن أصبح مكبوتًا داخلها، المشكلة أنه لا يوجد أحدٌ من إخوتي يعيش معها، فالكل متزوج، إلا أختي الصغيرة.
تشكو أمي كثيرًا بتغير إخوتي بعد الزواج، وتعاتبني كثيرًا أنني أصبحتُ لا أحبها كما كنت من قبلُ، فأحاول أن أبذل كل ما في وسعي؛ لأنني أسكن بعيدًا في مدينة أخرى غير المدينة التي تعيش فيها، فهي تعتبر نفسها وحيدة.
أريد حلًّا لأمي؛ فدموعها تصيبني بالحزن بل الجنون! فهي دومًا حزينة وتعيسة، أرجو أن ترشدوني للحل الصحيح لأخرجها مما هي فيه.
وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
بسم الله الموفق للصواب
وهو المستعان
يا هَمّ! من يحس ويعرف ويرى كيف يموت العزيز عليه؟ وكيف يتحول مَن يحبه إلى ذكرى؟! إن ما يُعمل في القبر، يُعمل قريبٌ منه في القلب! "المساكين"؛ الرافعي.
أيتها العزيزة، رحم الله جدتكِ الغالية رحمةً واسعة، وعُوِّضتم عنْ فَقْدها أجرًا.
تحتاج والدتكِ الآن إلى ثلاثة ضروبٍ من الدعم:
1- الدعم الديني.
2- والدعم العاطفي
3- والدعم الذاتي.
أولًا: الدعم الديني:
لا يليق بالمؤمن أن يعدلَ بالفزع إلى الله الحي الذي لا يموت، خالق الحياة والموت شيءٌ، ولو اجتمع علماءُ النفس مِن أولهم إلى آخرهم لابتداع منهجٍ نفسيٍّ للتخفيف من مصيبة الموت، لم يجدوا غير الله - سبحانه وتعالى - معينًا على ربط القلب الحزين؛ لئلَّا يجزع، ويفزع، ويتصدَّع.
وَاللهِ مَا تَمَّ سِوَى اللهِ لِمَنْ <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
أَصْبَحَ مَهْمُومًا بِأحْدَاثِ الزَّمَنْ <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
فَإِنَّهُ أكْرَمُ مَنْ جَادَ وَمَنْ <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
مَنَّ عَلَيْكَ قَلَّمَا يُجْدِي الحَزَنْ <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
فلتتصبَّر ولتتذكر بأننا كلنا لا بد أن نموت، ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 27].
وَقَدْ يُهَوِّنُ مَا فِي القَلْبِ مِنْ جَزَعٍ <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
أَلَّا بَقَاءَ لِغَيْرِ الوَاحِدِ الصَّمَدِ <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
لتلجأ إلى الله وحده، وتدعوه - سبحانه - وهي تصلِّي في محرابها: أن يربط ربُّها على قلبها كما ربط على قلب أم موسى - عليهما السلام - لتكونَ من المؤمنين، وأن تعمل من الصدقات وأعمالِ البر ما وسعها أن تعملَ، ثم تهدي ثوابها لجدتك - رحمها الله - فمِن شأن ذلك الخير أن يُجريَ على قلبها أنهارَ الخير، والسلام، والسكينة، والطمأنينة في الدنيا، والعقبى لها في الآخرة بالثواب العظيم، والأجر الجزيل، ومِن أهم أعمال البر التي يُمكن للحي أن يهدي ثوابها للميت ما يلي:
- الاستغفار والدعاء: فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّ الله ليرفع العبد الدرجة، فيقول: رب، أنَّى لي هذه الدرجة؟ فيقول: بدعاء ولدكَ لكَ))؛ رواه البيهقي.
- الصدقة: ففي "صحيح البخاري" عن ابن عباسٍ أن سعد بن عبادة - رضي الله عنهم - أخا بني ساعدة تُوُفِّيَت أمه وهو غائبٌ عنها، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إنَّ أمي توفيتْ وأنا غائبٌ عنها، فهل ينفعها شيءٌ إن تصدقتُ به عنها؟ قال: ((نعم))، قال: فإني أشهدكَ أن حائطي المخرافَ صدقةٌ عليها.
- الصوم: ففي "الصحيحين" واللفظ لمسلمٍ عن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - قال جاء رجلٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إنَّ أمي ماتتْ وعليها صوم شهرٍ أفأقضيه عنها؟ فقال: ((لو كان على أمكَ دينٌ أكنتَ قاضيه عنها؟))، قال: نعم، قال: ((فدينُ الله أحق أن يُقضى)).
- العمرة والحج: ففي " صحيح البخاري" أن امرأةً من جهينة جاءتْ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن أمي نذرتْ أن تحجَّ فلم تحج حتى ماتتْ، أفأحُجُّ عنها؟ قال: نعم، حجي عنها، أرأيت لو كان على أمكِ دينٌ أكنتِ قاضيةً، اقضوا الله؛ فالله أحقُّ بالوفاء)).
وقد أورد ابن القيم - رحمه الله تعالى ورضي عنه - في كتابه القيم "الروح" العديدَ من النصوص والأدلة التي تثبت وُصول ثواب الأعمال الصالحة للميت، ثم ختمها بقوله: "هذه النصوص مُتظاهرة على وصول ثواب الأعمال إلى الميت، إذا فعلها الحي عنه، وهذا محضٌ للقياس؛ فإنَّ الثواب حق للعامل، فإذا وهبه لأخيه المسلم لم يمنع من ذلك".
ثانيًا: الدعم العاطفي:
يتربع والدكِ الكريم رأس الهرم العاطفي في مهمة الدعم العاطفي، فلا أنتِ ولا أخواتكِ، ولا أي شخص في الكون بمَقْدوره تعويض والدتكِ عنْ مشاعر الفقد، مثلما قد يفعل والدكِ، فنبهي والدكِ ليعطي والدتكِ مِن حبه وحنانه ما يدمل جرح الفقد، فهنا يأتي دور الأزواج، وفي مثل هذه المواقف الأليمة تُفهم معاني "السكن" و"المودة" و"الرحمة".
ثم يأتي دوركم أنتم كأبناء في السؤال عن والدتكم، والاهتمام بها مِن خلال الزيارات المتكرِّرة، فإن تعذرتْ فلتفَعَّل بينكم وبينها وسائل التقنية الحديثة للتواصُل الاجتماعي صوتًا وصورةً، مع الحِرْص على الاتِّصال بها، وإرسال الهدايا مِن وقتٍ لآخر، والله يجزيكم خير الجزاء، ويغفر لكم.
ثالثًا: الدعم الذاتي:
تحتاج والدتكِ إلى شغل وقتها الذي فرغ مِن وجود والدتها بما يفيدها، ويستحوذ على تفكيرها؛ كالتسجيل في حلقة تحفيظٍ للقرآن الكريم، وحضور الندوات، والمحاضرات، والفعاليات الاجتماعيَّة، والمؤتمرات الطبيَّة، والالتحاق بالأندية النسائيَّة والصحيَّة، والاشتغال بالأعمال الفنيَّة، والأشغال اليدوية؛ كالتطريز والحياكة والطبخ، ونحو ذلك من الأمور التي تُحسنُها النساء عادةً، ولنا في نساء فلَسْطين أسوةٌ حسنة، فالمرأة الفلسطينيَّة لا تجد وقتًا للحزن والبكاء على فَقْد الأبناء، واستشهاد الأحباب، فهي تعيش في كفاحٍ يوميٍّ، وعملٍ دؤوب للحِفاظ على وجه فِلَسْطين ملونًا على الخارطة الإسلامية!
في خِزانتي ثوبٌ فِلَسْطيني جميلٌ ونفيس، منسوج بدقة بأيدي أمهات الشهداء، أرى فيه الحزن العظيم منسوجًا بالآمال العظيمة، فيا ليت والدتكِ الكريمة تتعلَّم من هؤلاء النسوة أسرار الحياة.
أمَّا الحزن، فليس يخلو قلبٌ مِن حزن، ولو خلا مِن الحزن لخرب، روى جعفر عن مالك بن دينار قال: "إذا لم يكن في القلب حزنٌ خرب، كما إذا لم يكنْ في البيت ساكنٌ خرب"؛ "تاريخ الإسلام"، للذهبي، وبهذه الأحزان نرتقي في الدرجات يوم القيامة، ففي "الروح" "لما مات محمد بن سيرين حزن عليه بعضُ أصحابه حزنًا شديدًا، فرآه في المنام في حالٍ حسنةٍ، فقال: يا أخي، قد أراك في حالٍ يسرني فما صنع الحسَن؟ قال: رُفِع فوقي بسبعين درجةً، قلت: ولم ذاك، وقد كنا نرى أنك أفضل منه؟ قال: ذاك بطول حزنه"! وفي "صفوة الصفوة" عن يزيد بن مذكور قال: رأيت الأوزاعي في منامي فقلت: يا أبا عمرو، دلَّني على أمرٍ أتقرَّب به إلى الله - تعالى - فقال لي: ما رأيت هناك درجةً أرفع مِن درجة العلم، فقلت: ثُم مَن بعدها؟ قال: درجة المحزونين!
والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب، وإليه المصير