مشاهدة النسخة كاملة : ليس المال كل شيء


فريق منتدى الدي في دي العربي
05-09-2016, 02:41 PM
ليس المال كل شيء


أ. محمد بن سعد الفصّام








خلفاء وقادة وأغنياء يعترفون بمرارة الدنيا، بينما المعاقون يستمتعون بالحياة






مَن جعل المال كلَّ شيءٍ، عمِلَ في سبيلِه أيَّ شيءٍ، ومَن عمل في سبيلِ المال أيَّ شيءٍ، جاءَتْه التعاسةُ بحذافيرِها، ولو كان عنده كلُّ شيء، من وجد اللهَ ما فقد شيئًا، ومن أضاع اللهَ فما وجد شيئًا.



عَنْ كُلِّ شَيْءٍ إِذَا ضَيَّعْتَهُ عِوَضٌ <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>


وَمَا عَنِ اللهِ إِنْ ضَيَّعْتَهُ عِوَضُ <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>









هم يقولون: المالُ حلاَّل المشاكل، وأقول: المالُ في كثيرٍ من الأحيان سببٌ للمشاكلِ، وجلاَّبٌ للإحنِ والقلاقل.



ما أكثرَ أصحابَ الملايين الذين لا ينامون إلا بمهدِّئاتٍ، وحبوبٍ منوِّمة، يمشي أحدُهم برُفقةِ طبيبِه الخاصِّ، وجَعبتُه مليئةٌ بأنواعِ الإبرِ وأجهزةِ قياس السُّكرِ والضَّغط، بينما ذلك العالِمُ الفقيرُ الذي يتقاضى راتبًا زهيدًا، ولا يستلمُه في وقته؛ بل يتأخَّرُ شهرين وثلاثة، تراه ينام على أقربِ كرسيٍّ في الطريقِ قريرَ العينِ هانيها.



صدِّقني، الدنيا مليئةٌ بالأغنياء الأثرياءِ التُّعساء... (جاثا كرستي) كانت أغنى فتاةٍ مع ذلك السنِّ الفتوي، كانت تملِكُ جُزُرًا كاملةً، وأسطولاً من الطَّائراتِ، وفنادقَ فاخرةً، وأرصدة يُنسِي بعضُها بعضًا، ومع ذلك ما وجدت السعادةَ، تزوَّجت رجالاً من جنسياتٍ شتَّى، ودياناتٍ مختلفةٍ، فلَم تجدِ السَّعادةَ، أخذت يهوديًّا، فلم تجدْ معه السَّعادةَ، ففارقَتْه، ثم تزوَّجت نصرانيًّا، ثم مُلحدًا، فلمَّا كان حالُها أسوأَ من ذي قبلُ، وجدوها جثَّةً هامدةً في إحدى مزارعِها الكبيرة.



عبدُالملِك بن مَرْوان، الخليفة الأمويُ في أَوْجِ الخلافةِ الأمويةِ القويةِ، وهو في أبَّهةِ الملْك، يأمرُ فيُطاعُ، وينهى فيجاب، ويَسأل فيُعطى، لَمَّا قرن بين أيامه التي لَم يتخلَّلْها همٌّ ولا غمٌّ، وجد العددَ مذهلاً! أتدري كم كانت تلك الشُّهورُ التي عاشها منعَّمًا دون تنغيصٍ؟! لَم تكن ثمة شهورٌ، بل كانت أيَّامًا معدودةً؛ 13يومًا فقط!



نابليون الذي امتلك الجاهَ والملْكَ والسُّلطان والهَيبة والجيوش الجرَّارةَ، قال وهو في منفاه: "لَم أعرِفْ في حياتي كلِّها ستةَ أيَّامٍ سعيدة".



بينما قالت هيلين كيلر المرأةُ العمياء الصمَّاءُ البَكماء: "أجد الحياةَ جميلةً جدًّا".



إنَّ المالَ يستطيع جلبَ أيِّ دواءٍ في العالَم، ولكنه لا يستطيعُ أن يقدِّمَ لصاحبه العافيةَ، بالمال تستطيع أن تشتري أفضلَ الغُرَفِ والفُرُشِ الوثيرةِ، ولكن لا يمكِنُه أنْ يقدِّمَ لك النَّومَ الهانئ، بالمال تستطيع أن تحصلَ على ولاءِ الألسنِ، وتصفيقِ الأكُفِّ، ولكن يستحيل أن تشتري محبَّةَ القلوب، وقناعاتِ العقولِ.



فلا تغبِطْ غنيًّا لغناه، ولا وزيرًا لوَزارتِه، ولا ملِكًا على ملْكِه؛ ولكن اغبط مَن عاش لله، وجعل حياتَه لله، وأنِسَ بالله، يخرج إلى المسجد وقد طهَّرَ نفسَه بالإيمان.



تتساقط ذنوبُه مع تساقطِ الماء من لحيتِه، ومن أصابعِ يديه، ومن أطراف شَعَرِه، ومن أناملِ قدمَيْهِ، بكلِّ خطوةٍ كتابةُ حسنةٍ، وغفرانُ سيِّئةٍ، ورفعُ درجةٍ، ليصلَ إلى المسجد طاهرًا مطهَّرًا، فتحلِّقَ رُوحُه مع ربِّ العرشِ... فيخرج من المسجدِ يتنهَّدُ تنهُّدَ الفرِحِ الذي قابل الملِكَ، فأحبَّه وأفاض عليه من العطايا؛ حتى غمَرَ قلبه بالطُّمأنينةِ والسُّكونِ.



ولستُ بهذا أذمُّ المالَ؛ وإنما أرى السَّعادةَ قد تحصُلُ بغير المالِ، فما المالُ إلا سببٌ من أسبابِ السَّعادة، قد يُغنِي عنه غيرُه من الوسائل، وما هو إلاَّ متعةٌ من المتعِ الكثيرة، وعندك من المتعِ ما يَفوقُه ويُغني عنه.



تمتَّعْ بما وهبك ربُّك؛ أمًّا حانية، زوجة مُحبَّة، ولدًا صالحًا، صحة طيِّبة، رزقًا يكفيك، أناسًا يحبُّونك ويدْعون لك، عملاً ترغبُه نفسُك، سيارة تقضي عليها احتياجاتِك، واقطَعْ عنك الطَّمعَ؛ فإنه سببُ الذُّلِّ ورأسُ الخَسارةِ.



لذلك أذكر لك:

جاء في حِكَمِ الصِّينِ القديمةِ: أنَّ ملِكًا أراد أنْ يكافئَ أحدَ مواطنيه، فقال له: امتلِكْ من الأرضِ كلَّ المساحات التي تستطيعُ أنْ تقطعَها سَيْرًا على قدميك، ففرِحَ الرَّجُلُ وشرَعَ يقطعُ الأراضيَ مُسرعًا ومهرولاً في جنونٍ، وسار مسافاتٍ طويلةً، فتعِبَ، وفكَّرَ أنْ يعودَ للملِكِ ليمنحَه المساحةَ التي قطعها، ولكنَّه غيَّرَ رأيَه وقرَّرَ مواصلةَ السَّيرِ؛ ليحصلَ على المزيدِ، سار مسافاتٍ أطولَ وأطول، وفكَّرَ أنْ يعودَ للملِكِ مكتفيًا بما وصل إليه، لكنَّه تردَّد مرَّة أخرى، وقرَّر مواصلةَ السَّير؛ ليحصلَ على المزيد والمزيد، ظل الرجلُ يسير ويسيرُ ولَم يعُدْ قط؛ فقد ضلَّ وضاع في الحياةِ، ثم ما لبث أنْ وقع صريعًا من جرَّاءِ الإنهاكِ الشَّديدِ.



مَن أراد أن يمتلِكَ كلَّ شيءٍ، فقَدَ كلَّ شيءٍ.



أهمُّ أسبابِ السَّعادة تكمنُ في القَناعة والاكتفاء.



ضَعْ حدًّا للكفايةِ في الأمورِ المادية؛ حتى لا تسقطَ في فخِّ الطَّمعِ وعدم الاكتفاءِ، والتحسُّرِ على ما فات.



وتذكَّرْ ذلك الأعرابي وهو في خيمتِه وقد وضعَ رِجْلاً على رجلٍ، وجلس عرضةً لهبوبِ الرِّياحِ، ينتشي عبَقَ السَّعادةِ؛ لقناعتِه العظيمةِ، وهو يردِّدُ:



إِذَا مَا كَانَ عِنْدِي قُوتُ يَوْمِي <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>


طَرَدْتُ الْهَمَّ عَنِّي يَا سَعِيدُ <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>





وَلَمْ تَخْطُرْ هُمُومُ غَدٍ بِبَالِي <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>


لِأَنَّ غَدًا لَهُ رِزْقٌ جَدِيدُ <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>









وأذكر لك أيضًا:

ما رواه ابن الجوزيِّ - رحمه الله - في كتابه "صيد الخاطر": وحدَّثني بعضُ أصحابنا عن حادثةٍ شاهدها من هذا الفنِّ - يعني: الحرص الشديد على المالِ - قال: كان فلانٌ له ولدانِ ذكرانِ وبنتٌ، وله ألفُ دينارٍ مدفونةٌ، فمرِض مرضًا شديدًا، فاحتوشته أهلُه، فقال لأحدِ بنيه: لا تبرح مِن عندي، فلمَّا خلا به قالَ له: إنَّ أخاك مشغولٌ بالطُّيورِ، وإنَّ أختَك لها زوجٌ تركيٌّ، ومتى وصل إليهم شيءٌ من مالي، أنفقوه في اللعب، وأنت على سِيرتي وأخلاقي، ولي في الموضعِ الفُلاني ألفُ دينارٍ، فإذا أنا متُّ فخُذْها وحدك، فاشتدَّ بالرجُلِ المرضُ، فأخذ ابنُه المالَ، فعُوفِيَ الأبُ فجعل يسألُ الولد أنْ يردَّ المالَ إليه، فلم يفعل، فمرض الولدُ وأشفى على الموتِ، فجعل الأبُ يناشده أنْ يخبرَه أين المالُ: ويحَك، خصصتُك بالمالِ من دونهم، فتموت ويذهب المالُ؟! ويحَك! فما زال به حتى أخبره بمكانِه فأخذه، ثم عُوفِيَ الولدُ ومضت مدَّةٌ، فمرِضَ الأبُ، فجعل الولدُ يتودَّدُ إلى أبيه أنْ يخبِرَه بمكان المالِ، فلَم يفعَلْ فمات الأبُ وضاع المالُ، فسبحان مَن أعدم هؤلاء العقولَ والفهومَ، إن هم إلا كالأنعامِ بل هم أضلُّ سبيلاً؛ اهـ.




(في حال النقل من المادة نأمل الإشارة إلى كتاب "ولكن سعداء.." للكاتب أ.محمد بن سعد الفصّام، والمتوفّر في مؤسسة الجريسي للتوزيع)

Adsense Management by Losha