فريق منتدى الدي في دي العربي
05-10-2016, 02:48 AM
الشباب المصري في مواجهة البطالة
ماجدة أبو المجد
البطالة مشكلة كبيرة جدًّا تواجهها مصر منذ مدة طويلة، وزاد من توحُّش تلك الظاهرة الأزمةُ الاقتصادية العالمية الطاحنة، التي طالتْ دولَ العالم المتقدمة والنامية على حد سواء، هذا ما دفع الجهازَ المركزي للتعبئة العامة والإحصاء للاعتراف بأن ٨٨ ألف مواطن انضموا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة إلى شريحة العاطلين عن العمل؛ لترتفع نسبة البطالة في مصر إلى ٨.٨ %، بزيادة قدرها ٠.٢ % عن المدة نفسها من العام الماضي.
فعدد العاطلين في مصر وصل إلى ٢.٢ مليون مواطن، طبقًا للإحصاءات الرسمية، بينما تقدر الإحصاءات غير الحكومية أن الرقم يبلغ ضعف ما تعلنه الأجهزة الحكومية، إن لم يكن ثلاثة أضعاف.
ومن المنتظر أن تزيد أعداد العاطلين المصريين؛ وذلك تأثُّرًا بالأزمة المالية العالمية، فقد قامت بعض الدول العربية بتسريح العمالة المصرية من أراضيها؛ كالإمارات والكويت، وهو ما ينذر بأزمة فائقة في المستقبل، خاصة وأن بعض المراكز البحثية الصناعية - "مركز تحديث الصناعة" - توقعت تسريح نصف مليون عامل خلال العام الحالي؛ بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية على قطاعات الاستثمار والإنتاج في مصر.
وفي هذا السياق قرَّرت المجموعة الاقتصادية المصرية دراسةَ وبلورة عددٍ من المشاريع الكبيرة، ذات الجدوى الاقتصادية العالمية؛ لتوفر فرص عمل للشباب.
مخاطر البطالة:
ولقد حذَّرت منظمة العمل الدولية - في تقريرها الأخير - الحكومةَ المصرية من عواقب سياستها في عدم توظيف الخريجين، منذ أكثر من عشرين عامًا، على أساس تكافؤ الفرص؛ بل على أساس الوساطة والرِّشوة والمحسوبية، التي أدَّت إلى وجود "طوابير" من الشباب العاطل، وهو ما ينذر بحدوث كارثة إنسانية.
وهذا ما دفع الدكتور أحمد عكاشة - أستاذ الطب النفسي - لتقديم دراسة للجنة الصحة بمجلس الشعب، حول انتشار ظاهرة الإدمان بين الخريجين من الشباب، الذين أصيبوا بالاكتئاب بسبب ما يسمعونه كل يوم عن حوادث الفساد، وإهدار المال العام، وتزييف القيم، وظهور فئات جديدة من المتسلقين والنفعيين، الذين أصبحوا يمتلكون كل شيء، ضاربين بالقيم الاجتماعية والمبادئ والمُثل عُرْضَ الحائط.
الشباب ومحاولة الخروج من الأزمة:
في الوقت الذي يُمضي كثيرٌ من العاطلين عن العمل أوقاتَهم على المقاهي، يحاول آخرون شق طريق الكفاح نحو مستقبل مشرق، فيضرب لنا الشاب "السيد أحمد" - صاحب "مصنع طوب" - المثل، حيث إنه خريج كلية الزراعة، تعيَّن في إحدى المؤسسات مهندسًا زراعيًّا؛ لكنه بعد مدة اكتشف أنه لا جدوى من هذا العمل الروتيني، فقرَّر تسوية معاشه، وقدم استقالته، وبدأ في تنفيذ مشروع خاص "مصنع الطوب"، وبدأ يورد لشركات الهندسة المعمارية طوب المباني، حتى استقر وضعه المادي، وبدأ يحفر له اسمًا في السوق، وزبائنه معروفون بالسمعة الطيبة.
وأما "عماد الجزيري" - خريج إحدى الكليات الأزهرية - فلم يجد له مجالاً في سوق العمل، سوى التدريس براتب ضعيف جدًّا، لا يكفي حتى المواصلات، فقرَّر أن يفتح مشروعًا بجانب التدريس، وهو "سنترال" للاتصالات المحلية والدولية؛ حتى يساعده على زيادة الدخل.
أما "أحمد سعيد" - خريج كلية الهندسة - فيقول: "لم أجد عملاً في تخصُّصي في بداية التخرج، فعملت محاسبًا في إحدى الصيدليات الصغيرة في الحي، وبجانب ذلك التحقت ببعض دورات التنمية البشرية والدورات المتخصصة في مجالي، بالإضافة إلى بعض الدورات في اللغات الأجنبية، وبعد اجتياز كل هذه الدورات، بدأت أطرق أبواب الشركات الخاصة، وأقدِّم لهم سيرتي الذاتية؛ بحثًا عن وظيفة، إلى أن وفَّقني الله وعملت بمرتب مرتفع".
كان الوضع مختلفًا مع "محمد علي" الذي لم يكمل تعليمه، ولم يحصل على أي شهادة، سواء متوسطة أو عليا، فيقول: "اتجهت للعمل بالأجرة اليومية، فسوق العمل يطلب المزيد من العمال؛ مما أتاح لي العمل في أي مكان، في مصنع طوب، أو عتالاً، أو "صبي سباك"، أو "بائع فول" في محل، أو بائعًا في فرن إفرنجي أو بلدي، "وكله عمل والسلام"، المهم أني في نهاية اليوم آخذ أجري".
وبالطبع ليس كل الشباب لديه الإرادة والعزيمة ليبدأ بعد التخرج، دون الاعتماد على الحكومة، أو انتظار خطاب التوظيف من القوى العاملة؛ لذا بدأَتِ الصحف ووسائل الإعلام تتابع أخبار حوادث انتحار بعض الشباب الذين يئسوا من الحياة بعد تخرجهم، والتحاقهم بطابور العاطلين، ومكثوا في البيوت تحت ضغط الحاجة، فأنهوا حياتهم بالانتحار، وهي دعوة لجميع التنفيذيين والمتخصصين لدراسة واقع سوق العمل المصري، وإنشاء مزيد من المراكز التدريبية لتنمية قدرات الشباب، ومنحه الأدوات والآليات التي تمكِّنه من الدخول الآمن إلى سوق العمل، والقدرة على الإنتاج، ومواجهة الظروف الاقتصادية الخانقة، بأفكار مبتكرة، ومشروعات صغيرة، يستطيع الشباب أن يبني بها مستقبله.
ماجدة أبو المجد
البطالة مشكلة كبيرة جدًّا تواجهها مصر منذ مدة طويلة، وزاد من توحُّش تلك الظاهرة الأزمةُ الاقتصادية العالمية الطاحنة، التي طالتْ دولَ العالم المتقدمة والنامية على حد سواء، هذا ما دفع الجهازَ المركزي للتعبئة العامة والإحصاء للاعتراف بأن ٨٨ ألف مواطن انضموا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة إلى شريحة العاطلين عن العمل؛ لترتفع نسبة البطالة في مصر إلى ٨.٨ %، بزيادة قدرها ٠.٢ % عن المدة نفسها من العام الماضي.
فعدد العاطلين في مصر وصل إلى ٢.٢ مليون مواطن، طبقًا للإحصاءات الرسمية، بينما تقدر الإحصاءات غير الحكومية أن الرقم يبلغ ضعف ما تعلنه الأجهزة الحكومية، إن لم يكن ثلاثة أضعاف.
ومن المنتظر أن تزيد أعداد العاطلين المصريين؛ وذلك تأثُّرًا بالأزمة المالية العالمية، فقد قامت بعض الدول العربية بتسريح العمالة المصرية من أراضيها؛ كالإمارات والكويت، وهو ما ينذر بأزمة فائقة في المستقبل، خاصة وأن بعض المراكز البحثية الصناعية - "مركز تحديث الصناعة" - توقعت تسريح نصف مليون عامل خلال العام الحالي؛ بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية على قطاعات الاستثمار والإنتاج في مصر.
وفي هذا السياق قرَّرت المجموعة الاقتصادية المصرية دراسةَ وبلورة عددٍ من المشاريع الكبيرة، ذات الجدوى الاقتصادية العالمية؛ لتوفر فرص عمل للشباب.
مخاطر البطالة:
ولقد حذَّرت منظمة العمل الدولية - في تقريرها الأخير - الحكومةَ المصرية من عواقب سياستها في عدم توظيف الخريجين، منذ أكثر من عشرين عامًا، على أساس تكافؤ الفرص؛ بل على أساس الوساطة والرِّشوة والمحسوبية، التي أدَّت إلى وجود "طوابير" من الشباب العاطل، وهو ما ينذر بحدوث كارثة إنسانية.
وهذا ما دفع الدكتور أحمد عكاشة - أستاذ الطب النفسي - لتقديم دراسة للجنة الصحة بمجلس الشعب، حول انتشار ظاهرة الإدمان بين الخريجين من الشباب، الذين أصيبوا بالاكتئاب بسبب ما يسمعونه كل يوم عن حوادث الفساد، وإهدار المال العام، وتزييف القيم، وظهور فئات جديدة من المتسلقين والنفعيين، الذين أصبحوا يمتلكون كل شيء، ضاربين بالقيم الاجتماعية والمبادئ والمُثل عُرْضَ الحائط.
الشباب ومحاولة الخروج من الأزمة:
في الوقت الذي يُمضي كثيرٌ من العاطلين عن العمل أوقاتَهم على المقاهي، يحاول آخرون شق طريق الكفاح نحو مستقبل مشرق، فيضرب لنا الشاب "السيد أحمد" - صاحب "مصنع طوب" - المثل، حيث إنه خريج كلية الزراعة، تعيَّن في إحدى المؤسسات مهندسًا زراعيًّا؛ لكنه بعد مدة اكتشف أنه لا جدوى من هذا العمل الروتيني، فقرَّر تسوية معاشه، وقدم استقالته، وبدأ في تنفيذ مشروع خاص "مصنع الطوب"، وبدأ يورد لشركات الهندسة المعمارية طوب المباني، حتى استقر وضعه المادي، وبدأ يحفر له اسمًا في السوق، وزبائنه معروفون بالسمعة الطيبة.
وأما "عماد الجزيري" - خريج إحدى الكليات الأزهرية - فلم يجد له مجالاً في سوق العمل، سوى التدريس براتب ضعيف جدًّا، لا يكفي حتى المواصلات، فقرَّر أن يفتح مشروعًا بجانب التدريس، وهو "سنترال" للاتصالات المحلية والدولية؛ حتى يساعده على زيادة الدخل.
أما "أحمد سعيد" - خريج كلية الهندسة - فيقول: "لم أجد عملاً في تخصُّصي في بداية التخرج، فعملت محاسبًا في إحدى الصيدليات الصغيرة في الحي، وبجانب ذلك التحقت ببعض دورات التنمية البشرية والدورات المتخصصة في مجالي، بالإضافة إلى بعض الدورات في اللغات الأجنبية، وبعد اجتياز كل هذه الدورات، بدأت أطرق أبواب الشركات الخاصة، وأقدِّم لهم سيرتي الذاتية؛ بحثًا عن وظيفة، إلى أن وفَّقني الله وعملت بمرتب مرتفع".
كان الوضع مختلفًا مع "محمد علي" الذي لم يكمل تعليمه، ولم يحصل على أي شهادة، سواء متوسطة أو عليا، فيقول: "اتجهت للعمل بالأجرة اليومية، فسوق العمل يطلب المزيد من العمال؛ مما أتاح لي العمل في أي مكان، في مصنع طوب، أو عتالاً، أو "صبي سباك"، أو "بائع فول" في محل، أو بائعًا في فرن إفرنجي أو بلدي، "وكله عمل والسلام"، المهم أني في نهاية اليوم آخذ أجري".
وبالطبع ليس كل الشباب لديه الإرادة والعزيمة ليبدأ بعد التخرج، دون الاعتماد على الحكومة، أو انتظار خطاب التوظيف من القوى العاملة؛ لذا بدأَتِ الصحف ووسائل الإعلام تتابع أخبار حوادث انتحار بعض الشباب الذين يئسوا من الحياة بعد تخرجهم، والتحاقهم بطابور العاطلين، ومكثوا في البيوت تحت ضغط الحاجة، فأنهوا حياتهم بالانتحار، وهي دعوة لجميع التنفيذيين والمتخصصين لدراسة واقع سوق العمل المصري، وإنشاء مزيد من المراكز التدريبية لتنمية قدرات الشباب، ومنحه الأدوات والآليات التي تمكِّنه من الدخول الآمن إلى سوق العمل، والقدرة على الإنتاج، ومواجهة الظروف الاقتصادية الخانقة، بأفكار مبتكرة، ومشروعات صغيرة، يستطيع الشباب أن يبني بها مستقبله.