مشاهدة النسخة كاملة : التوثيق لبطلان قصة الغرانيق


فريق منتدى الدي في دي العربي
05-10-2016, 02:48 AM
التوثيق والتحقيق لبطلان قصة الغرانيق
نورد هذا التفسير لاية من سورة الحج لبيان خطورة ما تسرب لكتب التفسير والسير من الاحاديث الموضوعه والاقوال المردوده مما يترصده المستشرقون للطعن فى الدين ، ولما كان الاسلام فى قوة منهجه وسلامة مصادره فى رسوخ الجبال ، فلا نخشى من ايراد الشبه والرد عليها وهذا منهج القرءان الكريم ، مثل الرد على قول الكفار فى قولهم " انما يعلمه بشر " فذكر الشبهة التى يوردها الكفار ورد عليها ببطلانها وانها لا مستند لها لان الرجل الذى يزعمون ان الرسول يتعلم منه القرءان غير عربى والقرءان كما هو ظاهر بلسان عربى مبين ، وليس المقام مقام تفصيل .

يقول الله تعالى
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}: الحج 52
المعنى الاجمالى فى اطار سياق الايات
بَيَّن الله في الآيات السابقة لهذه الاية أَن أَهل مكة كذبوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - و توعدهم بأَن يصيبهم من العقاب ما أَصاب المكذبين للرسل قبلهم، ودعاهم إِلى أَن ينظروا ما أَصابهم فاستعجلوا الرسول بالعذاب الموعود، بدلا من الاتعاظ والاعتبار بهم، فبيَّن الله أَن أَمر تعذيبهم بيده، وأَنه لا يخلف وعده، وأَنهم إِن أُمهلوا فلن يُهْمَلوا، فازدادوا ضراوة في العدوان على كتاب الله، فسعوا في آياته معاجزين معوِّقين المؤْمنين عن الوصول بها إلى قلوب الناس، فزعموا أَنها شعر وسحر وأَساطير الأَولين، واشتدوا في إيذاءِ النبي - صلى الله عليه وسلم - وإِيذاءِ أَصحابه تعويقا وتعجيزا لدعوة الحق، فأَنزل الله تعالى هذه الآية وما بعدها تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأَصحابه، فقد بَيَّن فيها أَن كل الأَنبياءِ والمرسلين قبله أَصابهم من تعويق دعوتهم ومحاولة تعجيزهم في رسالتهم مثل ما أَصابه،( ثم انتصر الحق على الباطل ) وزالت فتنة شياطين الانس والجن الذين حاولوا القاء الشبه لصد الناس عن قبول دعوة لرسل ، وأَحكم الله آياته في نفوس أَهل الحق، فازدادوا إِيمانًا فوق إيمانهم، وبقية الشبه فى قلوب اهل الزيغ فزدادوا ضلالا .

شرح وايضاح وبيان مدلول الكلمات
التمنى بمعنى القراءه
وقد جاءَ في الآية لفظ (التَّمني) وله في اللغة عدة معان، منها: القراءَة، ومنها الإِرادة والرغبة, كلا المعنيين صحيح، فإِذا فسرنا التمنى بمعنى القراءَة كان معنى صدر الآية كما يلى: وما أَرسلنا قبلك - يا محمد – صلى الله عليه وسلم رسولا ولا نبيًّا إِلا وحاله أَنه إِذا قرأَ شيئًا من الآيات التي أَمرناه بتبليغها، أَلقى الشيطان فيما يقرؤُه الشُّبه والتخيلات على أَوليائه ليجادلوه بالباطل ويردوا ما جاءَ به، تعجيزًا لمسيرة دعوته، وفي هذا المعنى يقول سبحانه وتعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} ؛ ويقول أَيضًا: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} ؛ وهذا كقولهم حينما قرأَ: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} قالوا: إِن عيسى عُبِدَ من دون الله, والملائكة كذلك، فرد الله شبهتهم " (ان الذين سبقت لهم منا الحسنى اؤلئك عنها مبعدون ) ، وهكذا فى كل ما القو من شبه .

التمني بمعنى بالرغبة والإِرادة،
فيكون معنى الآية ما يلى: وما أَرسلنا قبلك - يا محمد - من رسول ولا نبى إِلا إِذا تمنى وأَراد هداية قومه إِلى الحق، أَلقى الشيطان الشَّبَهَ في نفوس قومه ليصدهم عن سبيله، وقد بيَّن الله مآل سعْي الشيطان في آيات الله بقوله: {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} أَي: فيبطل الله ما يلقيه الشيطان من الشُّبَه في نفوس الناس، بتوفيق الرسول أَو النبي لرده, أَو بإِنزال ما يرده, ثم يظهر الله حكمة آياته لمن أَشكل عليهم الأَمر بتلبيس الشياطين, أَو يمنعها ويحميها من أَباطيل الشياطين بما ينزله من الآيات الماحقة لأَباطيلهم كما جاءَ بقوله سبحانه: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} وختم الله الآية بقوله: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}: أَي واسع العلم، فلا يخفى عليه ما يصدر من الشيطان وأَوليائه, بليغ الحكمة في رد شبهاتهم ونصر رسله وأَنبيائه.
وخلاصة معنى الآية: أَن الصراع بين الحق والباطل أَمر قديم, عرفه الأَنبياءُ والمرسلون قبلك يا محمد، وأَن الأَمر ينتهى بنصر الحق على الباطل بتدبير الله وحكمته، فلا تجزع يا محمد مما يأْتى به شياطين قومك من السعى بالباطل في آيات الله معاجزين بتسويل الشيطان الرجيم، أُولئك أَصحاب الجحيم، وأَباطيلهم إِلى زوال.

الايات التاليه تؤكد المعانى السابقه
- {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ}: 53 الحج
{وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}: 54 الحج
والمعنى: أَن الشيطان كان يلقى الشُّبَهَ فى قلوب المنافقين والكفار فيزدادون كفرا على كفرهم بنشر هذه الشبه والفرح بها ، ويرد الله هذه الشبه بالحق المبين فيزداد الذين امنوا ايمانا ورسوخا وهكذا فان الله يوفق المؤمنين لاتباع الصراط المستقبم ويثبتهم عليه

بطلان (قصة الغرانيق )
يذكر المفسرون أَثناءَ تفسيرهم لهذه الآيات – او مواضع اخرى - قصة تسمى قصة الغرانيق, , وما أَكثر الضعف في أَسباب النزول, وما أَفظع الوضع في بعضها، ومنه قصة الغرانيق التي قيل: إِنها سبب لنزول هذه الآيات.و خلاصتها مع التاكيد على زيفها وفسادها, وإِليك البيان فيما يلى: زعموا أَنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأُ سورة النجم بمحضر من قريش, فلما بلغ: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)} سورة النجم . أَلقى الشيطان عندها كلمات (وإِنَّهُنَّ الغرانيق العلا، وإِن شفاعتهن لترتجى) ، فوقعت هاتان الجملتان موقع الرضا من المشركين، وقالوا: إن محمدا راجع إِلى دين قومه، فلما وصل الرسول إِلى قوله تعالى في آخر سورة النجم: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} سجد وسجد كل من حضر من مسلم أَو مشرك وفشا الامر فى الناس ، فحزن النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك، فأَنزل الله تعالى لتسليته: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى ... } الآيات.
ومن غرائب التأويل ، من فسر إِلقاءَ الشيطان في أُمنيته، بأَنه حَاكَى صوت النبي - صلى الله عليه وسلم - حين تلاوتها، فدسَّ جملتى الغرانيق واقوال اخرى لا تخلوا من الغرابه من ان واحد من كفار قريش، حَاكَى صوت النبي، - أَثناءَ قراءَته.، والروايات متناقضة والاسانيد واهيه مرسله " وهي ظاهرة البطلان. ولسنا بحاجه لاطالة الكلام فى هذا.

التوثيق لبطلان قصة الغرانيق
اولا زعموا الكلمات " تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهم لترتجى " مدسوسة من الشيطان في سورة النجم، في حين أَن رد ذلك جاءَ في سورة الحج، مع أَنه يفصل بينهما ثلاثون سورة، فلو كان لها حقيقة من الواقع لكان الرد لما فعله الشيطان كما يزعمون في نفس السورة التي دُسَّتْ فيها أُكذوبة الغرانيق، لا في سورة مدنيه سواها
ثانيا أَنكر المحققون هذه الفرية، فقال البيهقى: هذه القصة لم تثبت من جهة النقل وقال القاضى عياض في الشفاءِ: يكفيك في تَوْهِينِ حديث الغرانيق أَنه لم يُخَرِّجهُ أَحد من أَهل الصِّحة، ولا رواه ثقة بسند صحيح سليم، وإِنما أُولِعَ به وبمثله المفسرون والمؤَرخون المولعون بكل غريب، المتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم و في البحر لأَبي حيان: أَن هذه القصة سئل عنها الإِمام محمد بن إِسحاق جامع السيرة النبوية فقال: إِنها من وضْع الزنادقة، وصنف في ذلك كتابا.( انتهى كلامه رحمه الله) وفعل مثله الالبانى رحمه الله وله مصنف فى بطلان هذه القصه.

ثالثا القول بأَن الشيطان أَجراها على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم -، من اعتقده فهو زنديق فكيف يكون للشيطان سلطان على رسول الله المعصوم ، اثناء قرائته للقرءان ولا يصح أَن يكون أَجراها على لسانه سهوا وغفلة، لأَنه لا تجوز على الرسول الغفلة والسهو في تبليغ الوحى، وكل ذلك مستحيل شرعًا، لقوله تعالى:
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ولقوله: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}.
خاتمه واستنتاج
يتاكد بالتحقيق أَن قصة الغرانيق مفتراة، لا ياتفت اليها ولم توردها الا لان بعض المستشرقين لجهلهم اوقلة امانتهم العلميه اعتمدوا مثل هذه الاباطيل للطعن فى نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
المراجع : التفسير الوسيط لمجمع البحوث الاسلاميه

Adsense Management by Losha