مشاهدة النسخة كاملة : صدمت مما يشاهده ابني


فريق منتدى الدي في دي العربي
02-21-2016, 08:40 PM
صدمت مما يشاهده ابني


أ. أسماء مصطفى



السؤال
السلام عليكم، أرجوكم أَنجِدوني اليوم!
صُدمتُ عندما فتحت ذاكرة (الكمبيوتر) ورأيتُ فيها مقاطِع على (اليوتيوب) لأفلام جنسيَّة، ابني هو مَن يُشاهدها، وعمره 12 سنة؛ أي: ما زال صغيرًا! أرجو الإسراعَ بالردِّ علي كيف أتعامَل معه؟ هل أواجهه وأقْسو عليه؟ أم ماذا أفعل؟ علمًا أنَّنا نُقيم في بلدٍ غربي غير مسلِم، وهو أكبر أولادي، وأنا أحاول أن أجعلهم يعيشون في جوٍّ إسلامي، وأُعلِّمهم اللُّغةَ العربية والتربية الإسلاميَّة، وحِفظ القرآن، وأعوِّدهم أنا وزوجي على الصلاة، وأحرِص على غرْس القيم الدينيَّة والإسلاميَّة فيهم، ولكني عجزتُ، بماذا يجِب أن أتعامَل معه؟ وهل أبيِّن له أنَّني سأراقِب (الكمبيوتر)؟ أرْشِدوني أرجوكم؛ فأنا في قِمَّة التوتُّر والخوف عليه.


الجواب
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أختي الحبيبة، كم أَعجبني تفكيرُك! وكم سُررتُ بهمَّتك في إصلاحِ شأن ابنكِ! وكمْ تمنيتُ أن تكونَ معظم الأمهات على مِثل حالك! نسأل الله تعالى أن يُكثِّر مِن أمثالك، وأن يَزيدك حرصًا، وأن يحفظك وأبناءَك وأُسرتَك يا ربَّ العالمين.

أَنصحُكِ ألاَّ تستخدمي المواجهةَ ولا العُنف، جرِّبي في مرة - يكون فيها مسترخيًا وهادئًا - أن تَفتحي معه موضوعًا عن هواياته، وكيف يُطوِّرها ويبرزها ويهتمُّ بها، إلى أن يأتي الكلامُ على استخدامِ (الكمبيوتر)، وكما يحدُث الآن لأبنائنا لا يُوجَد طفل أو مراهِق إلا وهو يملِك المحمولَ، أو الجهاز الثابِت، وقدْ يدخل إلى مواقع إباحيَّة أحيانًا!
تَكلَّمي معه في موضوع (الإنترنت)، وقُومي بتوجيهه بدون ما تُشعريه بأنَّك تَعلمين شيئًا، أنَّه إذا لم نستخدمْ هذا الجهاز في المفيد، فإننا سنجلب على أنفسِنا مشاكلَ نفسيَّة واجتماعيَّة عديدة نحن في غِنًى عنها! وأنَّ هناك (أفلامًا خليعة) لا بدَّ أن نبتعدَ عنها؛ لأنها تؤذينا دِينيًّا وخُلقيًّا، وتؤذي صحَّتنا، فلا بدَّ أن نبتعد عنها، واجعلي له جلسة كلَّ أسبوع، تَكلَّمي معه عنِ الأضرار والأمراض التي تجلبها الأفلامُ والصور، وإنْ شاء الله سيبتعد عنها تدريجيًّا (بترهيب) مِن عدم رُؤيتها؛ لأنَّها ستورث له الأمراض!
لا بدَّ مِن المتابعة السريَّة لما يتمُّ فِعله على (الكمبيوتر)، وبدون أن تُخبريه أنَّك تراقبين جهازَه؛ لأنَّ هذا سوف يجعله يبحث عن مصدرٍ آخر، وليكن خارجَ المنزل، وسوف تتصاعَد المشكلةُ، فاغرسي فيه المراقبةَ بشكلٍ غير مباشر: يَعني مثلاً: قولي له: لو سمحت أعْطني تليفونك أتَّصل، أو أنا نفْسي أرى موضوعًا ما على (الكمبيوتر)، بالتعريض من غير كذِب.
وأنصح بجزءٍ خفيٍّ، ومِن غير عِلمه تمامًا، راقبيه بحبٍّ؛ لتحدِّدي موضعَ الخلل، وتعالجيه بطريق غير مباشر.
انقُلي الخبرةَ له مِن حكاياتك، وقُومي بالتلميح أنَّ الإنسانَ قد يقع أحيانًا في ذنوب خفيَّة وعَظيمة، ولكن مِن السهل أن يتركَها بتوبةٍ إلى الله واستغفار، وأنَّ الإنسان إذا لم يتُبْ فسوف يَناله سخطُ الله، ومِن ثَمَّ سوف يسخط عليه الناس، وأنَّه سوف يَفشل في تحقيقِ أهدافه،
تابعي أصدقاءَه وتحاوري معه عن صِفاتهم واهتماماتِهم، ووطِّدي علاقتَك بأولياء أمورهم للاطمئنان عليهم، وعدَم إعطائه فرصةَ التعرف على آخرين مجهولين، هذا بالنسبة للحوارِ المبدئي.
أمَّا بالنسبة للنصائِحِ العامَّة، فيجب عليكَ ملاحظة أنَّه في سِنِّ الثانية عشرة، هناك مراهقةٌ مبكِّرة فيبحثون عنِ الاستقلال والذاتية، ويكونون في حاجةٍ إلى الصداقة والمصاحبة، ويحبون الاحتفاظَ بأسرارِهم الشخصيَّة (لاب توب – computer – النت – المحمول).
فأنصحُكِ بألاَّ تتركيه وحدَه على الإطلاق، ودائمًا اجلسوا معه، ولا بدَّ مِن نقل الجهاز (الكمبيوتر) إلى غرفة المعيشة، لا نتركهم في غُرَفهم الخاصَّة مُغلَقة الأبواب، أو عندما تَرينه يجلس بمفرده على الجهاز أحضري أنت كتابًا وقومي بقِراءته بجانبه، فلا تؤهلي له المكان والبيئة الفاسدة، التي لا يوجَد عليه رقيبٌ، ولكن عندما يكون هو والجهاز أمامَ عينيك، فهذا أفضل وآمن له مِن مخاطر الخَلوة.
و لا بدَّ أن يكون بينكم صداقة متينة ونقاش، ولا نكتفي فقط بتعليق وتوجيه؛ بل نُصادقهم ونتقرَّب منهم.
أمَّا عند الكلام معه، فنبتعد عن كلمة حرام وعيب، ونركِّز على المخاطِر والأمراض التي ستُهاجم جسدَه في السنوات القادِمة، وذلك بشكل جميل وقريب، نصِل إلى المطلوب مِن إيصال المعلومة، ولا نستخدم الكلمات ِالبذيئةَ؛ لأنَّنا كلما نفرناهم ونهيناهم وشدَّدنا عليهم بالحُرمة، ستكون النتيجة عكسيَّة، وسيتمسَّكون بما هم عليه مِن أخطاء ومعاصٍ؛ ولكن كلَّما كان الأسلوب طيبًا ومحبَّبًا، ومبطَّنًا بالحب والخوف، كان هناك رِدَّة فِعل إيجابية، إن شاء الله تعالى.
محاولة التقرُّب منهم والجُلوس معهم، ومتابعة الأفلام المفيدة والمسلية، والحديث في حوارات نافعة تُفيدهم، وممكن فتْح نِقاش مع الوالد أمامَه على كيفية مواجَهة أي شخْص يُشاهِد أشياءَ مخالفةً مع إعطاء أمْثلة، ولكن يتمُّ ذلك بدون أن تُوجِّهي له كلامًا مباشرًا.

عليك الاهتمامَ بالتالي أيضًا:
- تَحدَّثي معه دائمًا عن مراقبةِ الله.
- مُناقشة الهمومِ والأسرار دائمًا برُوح الحبّ.
- إعطاؤه قدْرًا مِن الثقة المتبادلة.
- حكاية بعضِ الأسرار له وائتمانه عليها، فيبادلك بأسرارِه.
- التركيز على الإيجابيات + عدم المقارنة + عدَم الاستهزاء + الثناء عليه والفخْر به.
- المتابعة القائِمة على دَعْم الثِّقة بالنفْس، وليس الخوف عليه مِن التفلُّت أو الانحراف.

- حاولي الاستماع له أكثر ممَّا نوجِّه له الكلام.
- التدريب على مهاراتِ اختيار الأصدقاء، وتوضيح أنَّ هناك أصدقاء لديهم صفاتٌ سيِّئة، ولا بدَّ علينا مِن الابتعاد عنهم.
- تَكليفه ببعضِ المهامِّ التي يُخرِج فيها جهدَه؛ ممَّا يُثبت مِن خلاله القدرةَ على المسؤوليةِ، والاشتراك له في ألعاب رِياضيَّة جماعيَّة ككرة القدَم، بحيث يَشغَل وقتَه على قدْر المستطاع.
- الثناء والتقدير للنجاح في أيِّ جانب، والتركيز على الإيجابيات لا السلبيَّات.
- الخروج والفُسَح والتآخِي، لا الأوامر.

وأخيرًا: أسأل الله أن يَهدينا جميعًا إلى ما فيه صلاحُ الأبناء، وأهلاً بتواصُلك معنا في أيِّ وقتٍ.

Adsense Management by Losha