فريق منتدى الدي في دي العربي
02-24-2016, 04:43 PM
الأعراض المرضية للقلق والاكتئاب
د. ياسر بكار
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سأعرض مشكلتي؛ على أمل أن أجد الحل عندكم.
بدايةً: مشكلتي هي أن الأكل لا يُهْضَم بسهولة، ولديَّ إحساس بالامتلاء، مع كتمةٍ خفيفة دائمًا، وذهبت إلى الطبيب، فوصف لي بعض الأدوية، وطلب مني أن أُجْرِي بعض الفحوصات، وهي (تحليل دم، وتحليل للغُدَّة الدَّرقية)، وعندما استعملتُ الأدوية أحسستُ بشيءٍ ما عالقٍ بحلقي، فشربت قليلاً من الماء، وأكلتُ، ولكن ظلَّ كما هو، وازداد خوفي، ولكني اطمأنَنْتُ عندما قالت لي إحدى قريباتي: إنَّها يمكن أن تكون اضطراباتٍ في الغدة الدرقية.
مرَّ أسبوعان، وقد خفَّ قليلاً ما كنت أحسُّ به، وبعدها ظهرت نتيجة التحليل، وكانت - ولله الحمد - سليمة، وتحسَّنَت حالتي بفضل الله، ولكن أراد الله - بعد فترةٍ ليست بالطويلة - أن أعود كما كنت، ولكن الفرق أنني فقدتُ شهيتي للأكل، وما كان بحلقي عاد، ولكن بصورةٍ أقوى، فأصبح يضايقني جدًّا، حتَّى إنني لا أستطيع النوم، وهي مثل الفقاعات، وكنت لا أستطيع أن أشرب أو آكل بسرعة؛ لأنَّها تزيد، وتجعلني أتجشَّأ كثيرًا، حتى لو كانت معدتي خالية تمامًا، فذهبت إلى الطبيب نفسه، وقال بأنه توتُّر نفسي، ووصف لي بعض الأدوية للهضم، وحبوبًا مهدِّئة عند النوم، ولكني لم أستعملها؛ خوفًا من أن أعتاد على الحبوب، وأيضًا لأنني خِفْت أن يكون تشخيصه خطأ!
وفي اليوم التالي أحسستُ بكتمة، وذهبت إلى طبيب غيره، ولكن الغريب أن الكتمة التي كنت أحسُّ بها بدأت تخفُّ شيئًا فشيئًا، وتحديدًا عندما دخلت غرفة الطبيب زالت الكتمة نهائيًّا! وقال بأنه توتُّر نفسي، ونفس الشيء: أعطاني بعض الأدوية، جميعها للأكل والهضم، استعملتُ قليلاً منها، وبعد ذلك تركتُها، وما زلت أفقد شهيتي للأكل، وتعبَتْ نفسيتي كثيرًا، صرت أخاف كثيرًا، وكئيبةً، ونقص الكثير من وزني، وصرت أخاف الموت كثيرًا؛ خصوصًا عند النوم، أخاف أن لا أستيقظ بعدها.
لجأت إلى الله - سبحانه وتعالى - وداومت على قراءة القرآن، وبفضل الله تحسَّنَت حالتي كثيرًا، ولكن عندما آكل أيَّ شيء أحسُّ بامتلاء (بالرغم أنِّي لم آكُل كثيرًا)، تستمر قليلاً، ثم تختفي، وعندما أصحو أحسُّ بشيء ثقيل على صدري، وكتمةٍ خفيفة، ولكن بعد استيقاظي بساعة أو نصفها، أعود طبيعيَّة، وأتجشَّأ بعد النوم، وبعد الأكل، ولكن ليس بكَثْرة مثل السابق، ولكن ما زال وسواس الموت يطاردني، وأي ألم أحسُّ به أُكبِّره بحجم السماء، والحمد لله على كل حال!
ملاحظة: نفسيتي قبل أن يحصل لي كل هذا كانت ممتازة، على الرغم من أنِّي في الثانوية العامة، وفي آخر سنة تحديدًا، ولم أحس بأي نوع من الضغوط الدراسية أبدًا.
لدي استفسار أخير: وهو عن حبوب الدواء؛ أنا أخاف من بَلْع الحبوب، وأقوم أحيانًا بتكسيرها بأسناني إلى قِطَع صغيرة جدًّا، ومن ثَم أقوم ببلعها، ولكنني قرأتُ أن هذه الحركة تُسبِّب القتل، وبعض الأعراض الجانبيَّة, وهذا ما دفعني لعدم استعمال الحبوب، أرجو أن تفيدوني في هذا الأمر، وشكرًا لكم، واعذروني على الإطالة، ولكنِّي أردت أن أُفَصِّل حالتي بالقدر المطلوب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
مرحبًا بك في شبكة الألوكة، وأهلاً وسهلاً.
قرأتُ رسالتك باهتمام، وقد أشترك مع بقيَّة الأطِبَّاء في وصف حالتك بأنَّها نوعٌ من القلق، مع الاكتئاب الخفيف، في بعض الأحيان يظهر هذا الاضطراب النفسيُّ على شكل أعراض جسديَّة في حين، وأعراضٍ نفسيَّة في حين آخَر، وفي كلا الحالتين، نحتاج إلى التدخُّل العلاجي عن طريقين اثنين:
الأول: هو العلاج الدَّوائي؛ فهناك عدد من الأدوية النَّفسية التي لا تُسبِّب التعوُّد أو الإدمان، وتعطي نتائج إيجابيَّة جيِّدة، ويلزمك هنا زيارة الطبيب النَّفسي بدل زيارة أطبَّاء الباطنيَّة، أو الأطباء العامِّين ممن لا يُحِيطون بالتطوُّر العلميِّ الجديد في عالَم الأدوية النفسية، كما لا أنصحك أبدًا بأخذ أي علاجٍ يخضع للرقابة، ويحتاج إلى وصفة خاصة.
الثاني: المهمة في العلاج: هي العلاج النفسي، ويهدف هنا إلى التعرُّف على المشاعر السلبيَّة الخفية التي لم تتعرَّفي عليها، والتعرُّف على الأفكار المثيرة للقلق والتوتُّر، والتدريب على التعامل معها، والتخفيف من أثَرِها.
دعيني أقُل: إنَّ عدم وجود قلق من اختبارات الشهادة النهائيَّة - كما تصفين - هو أمرٌ غير طبيعي! ولا ندري ربَّما كان القلق موجودًا من هذا الأمر، أو من أمور أخرى، لكنه غير مكتشف، وغير موضَّح، وبالتالي يعبِّر الجسد عنه بأعراض جسديَّة مختلفة، غير نوعيَّة؛ أيْ: لا تدلُّ على مرض معيَّن.
الخطوة الأولى: يجب أن أسأل نفسي: هل هناك أمور تقلقني وأنا لا أنتبه لها، أو لا أستحضِرُها؟ هل هناك ما يزعجني أو ما أتوجَّس منه وأنا غير واعية له؟ عندما أستكشف مثل هذه الأفكار، وهذه المشاعر، وأقررها، ثم أبدأ في التعامل معها: "أنا قلقة من الاختبارات، وكيف ستسير، لكن هذا أمر طبيعي؛ فكلُّ الطلاب قلِقون، وسأبذل أقصى ما بِوُسعي لتجاوز ذلك"، ثم أضع برنامجًا عمليًّا للدراسة وأُنْجِزه بكفاءة، فستكون النتيجة مُرضيةً؛ حيث ستقِلُّ الأعراض الجسديَّة المزعجة؛ لأنك استطعتِ التعامل مع مصدرها الأصليِّ.
هل تبدو هذه الفكرة منطقيَّة؟ قد لا تبدو لك كذلك للوهلة الأولى، لكن أريدك أن تتفكَّري فيها، وتسعي إلى تطبيقها، وسؤال من تثقين به مِن حولك عنها، وشيئًا فشيئًا ستجدين الفرق بمشيئة الله.
من جانب آخَر، قد يجد بعضُ مَن في سنِّك صعوبة في بناء علاقات الصَّداقة، إن العلاقات الاجتماعيَّة الناجحة تبعث على الطُّمأنينة والرِّضا عن النَّفس، وهذا مهمٌّ في مكافحة الاكتئاب والقلق؛ ولذا فكِّري في هذا الأمر مليًّا.
ختامًا: الاهتمام بالذَّات من الأمور المهمَّة التي يجب أن نصرف فيه الوقت والجهد، وأقصد هنا أن تصرفي تركيزك عن الأعراض الجسديَّة التي نعرف تمامًا أنها لن تُؤْذِيك، وأنَّها غير خطيرة، وليس لها أثر بعيد عليك، وتوجِّهي تركيزك على نشاطاتك اليوميَّة، ودورِك في الحياة، وتطوير نفسك، وتحسين حياتك الرُّوحية، وعباداتك... وغير ذلك.
اقصدي كلَّ يوم إهمالَ هذه الأعراض الجسديَّة، وتناسَيْها، وكافحي لهزيمتها، أتمنَّى لك التوفيق، وأهلاً وسهلاً بك.
د. ياسر بكار
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سأعرض مشكلتي؛ على أمل أن أجد الحل عندكم.
بدايةً: مشكلتي هي أن الأكل لا يُهْضَم بسهولة، ولديَّ إحساس بالامتلاء، مع كتمةٍ خفيفة دائمًا، وذهبت إلى الطبيب، فوصف لي بعض الأدوية، وطلب مني أن أُجْرِي بعض الفحوصات، وهي (تحليل دم، وتحليل للغُدَّة الدَّرقية)، وعندما استعملتُ الأدوية أحسستُ بشيءٍ ما عالقٍ بحلقي، فشربت قليلاً من الماء، وأكلتُ، ولكن ظلَّ كما هو، وازداد خوفي، ولكني اطمأنَنْتُ عندما قالت لي إحدى قريباتي: إنَّها يمكن أن تكون اضطراباتٍ في الغدة الدرقية.
مرَّ أسبوعان، وقد خفَّ قليلاً ما كنت أحسُّ به، وبعدها ظهرت نتيجة التحليل، وكانت - ولله الحمد - سليمة، وتحسَّنَت حالتي بفضل الله، ولكن أراد الله - بعد فترةٍ ليست بالطويلة - أن أعود كما كنت، ولكن الفرق أنني فقدتُ شهيتي للأكل، وما كان بحلقي عاد، ولكن بصورةٍ أقوى، فأصبح يضايقني جدًّا، حتَّى إنني لا أستطيع النوم، وهي مثل الفقاعات، وكنت لا أستطيع أن أشرب أو آكل بسرعة؛ لأنَّها تزيد، وتجعلني أتجشَّأ كثيرًا، حتى لو كانت معدتي خالية تمامًا، فذهبت إلى الطبيب نفسه، وقال بأنه توتُّر نفسي، ووصف لي بعض الأدوية للهضم، وحبوبًا مهدِّئة عند النوم، ولكني لم أستعملها؛ خوفًا من أن أعتاد على الحبوب، وأيضًا لأنني خِفْت أن يكون تشخيصه خطأ!
وفي اليوم التالي أحسستُ بكتمة، وذهبت إلى طبيب غيره، ولكن الغريب أن الكتمة التي كنت أحسُّ بها بدأت تخفُّ شيئًا فشيئًا، وتحديدًا عندما دخلت غرفة الطبيب زالت الكتمة نهائيًّا! وقال بأنه توتُّر نفسي، ونفس الشيء: أعطاني بعض الأدوية، جميعها للأكل والهضم، استعملتُ قليلاً منها، وبعد ذلك تركتُها، وما زلت أفقد شهيتي للأكل، وتعبَتْ نفسيتي كثيرًا، صرت أخاف كثيرًا، وكئيبةً، ونقص الكثير من وزني، وصرت أخاف الموت كثيرًا؛ خصوصًا عند النوم، أخاف أن لا أستيقظ بعدها.
لجأت إلى الله - سبحانه وتعالى - وداومت على قراءة القرآن، وبفضل الله تحسَّنَت حالتي كثيرًا، ولكن عندما آكل أيَّ شيء أحسُّ بامتلاء (بالرغم أنِّي لم آكُل كثيرًا)، تستمر قليلاً، ثم تختفي، وعندما أصحو أحسُّ بشيء ثقيل على صدري، وكتمةٍ خفيفة، ولكن بعد استيقاظي بساعة أو نصفها، أعود طبيعيَّة، وأتجشَّأ بعد النوم، وبعد الأكل، ولكن ليس بكَثْرة مثل السابق، ولكن ما زال وسواس الموت يطاردني، وأي ألم أحسُّ به أُكبِّره بحجم السماء، والحمد لله على كل حال!
ملاحظة: نفسيتي قبل أن يحصل لي كل هذا كانت ممتازة، على الرغم من أنِّي في الثانوية العامة، وفي آخر سنة تحديدًا، ولم أحس بأي نوع من الضغوط الدراسية أبدًا.
لدي استفسار أخير: وهو عن حبوب الدواء؛ أنا أخاف من بَلْع الحبوب، وأقوم أحيانًا بتكسيرها بأسناني إلى قِطَع صغيرة جدًّا، ومن ثَم أقوم ببلعها، ولكنني قرأتُ أن هذه الحركة تُسبِّب القتل، وبعض الأعراض الجانبيَّة, وهذا ما دفعني لعدم استعمال الحبوب، أرجو أن تفيدوني في هذا الأمر، وشكرًا لكم، واعذروني على الإطالة، ولكنِّي أردت أن أُفَصِّل حالتي بالقدر المطلوب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
مرحبًا بك في شبكة الألوكة، وأهلاً وسهلاً.
قرأتُ رسالتك باهتمام، وقد أشترك مع بقيَّة الأطِبَّاء في وصف حالتك بأنَّها نوعٌ من القلق، مع الاكتئاب الخفيف، في بعض الأحيان يظهر هذا الاضطراب النفسيُّ على شكل أعراض جسديَّة في حين، وأعراضٍ نفسيَّة في حين آخَر، وفي كلا الحالتين، نحتاج إلى التدخُّل العلاجي عن طريقين اثنين:
الأول: هو العلاج الدَّوائي؛ فهناك عدد من الأدوية النَّفسية التي لا تُسبِّب التعوُّد أو الإدمان، وتعطي نتائج إيجابيَّة جيِّدة، ويلزمك هنا زيارة الطبيب النَّفسي بدل زيارة أطبَّاء الباطنيَّة، أو الأطباء العامِّين ممن لا يُحِيطون بالتطوُّر العلميِّ الجديد في عالَم الأدوية النفسية، كما لا أنصحك أبدًا بأخذ أي علاجٍ يخضع للرقابة، ويحتاج إلى وصفة خاصة.
الثاني: المهمة في العلاج: هي العلاج النفسي، ويهدف هنا إلى التعرُّف على المشاعر السلبيَّة الخفية التي لم تتعرَّفي عليها، والتعرُّف على الأفكار المثيرة للقلق والتوتُّر، والتدريب على التعامل معها، والتخفيف من أثَرِها.
دعيني أقُل: إنَّ عدم وجود قلق من اختبارات الشهادة النهائيَّة - كما تصفين - هو أمرٌ غير طبيعي! ولا ندري ربَّما كان القلق موجودًا من هذا الأمر، أو من أمور أخرى، لكنه غير مكتشف، وغير موضَّح، وبالتالي يعبِّر الجسد عنه بأعراض جسديَّة مختلفة، غير نوعيَّة؛ أيْ: لا تدلُّ على مرض معيَّن.
الخطوة الأولى: يجب أن أسأل نفسي: هل هناك أمور تقلقني وأنا لا أنتبه لها، أو لا أستحضِرُها؟ هل هناك ما يزعجني أو ما أتوجَّس منه وأنا غير واعية له؟ عندما أستكشف مثل هذه الأفكار، وهذه المشاعر، وأقررها، ثم أبدأ في التعامل معها: "أنا قلقة من الاختبارات، وكيف ستسير، لكن هذا أمر طبيعي؛ فكلُّ الطلاب قلِقون، وسأبذل أقصى ما بِوُسعي لتجاوز ذلك"، ثم أضع برنامجًا عمليًّا للدراسة وأُنْجِزه بكفاءة، فستكون النتيجة مُرضيةً؛ حيث ستقِلُّ الأعراض الجسديَّة المزعجة؛ لأنك استطعتِ التعامل مع مصدرها الأصليِّ.
هل تبدو هذه الفكرة منطقيَّة؟ قد لا تبدو لك كذلك للوهلة الأولى، لكن أريدك أن تتفكَّري فيها، وتسعي إلى تطبيقها، وسؤال من تثقين به مِن حولك عنها، وشيئًا فشيئًا ستجدين الفرق بمشيئة الله.
من جانب آخَر، قد يجد بعضُ مَن في سنِّك صعوبة في بناء علاقات الصَّداقة، إن العلاقات الاجتماعيَّة الناجحة تبعث على الطُّمأنينة والرِّضا عن النَّفس، وهذا مهمٌّ في مكافحة الاكتئاب والقلق؛ ولذا فكِّري في هذا الأمر مليًّا.
ختامًا: الاهتمام بالذَّات من الأمور المهمَّة التي يجب أن نصرف فيه الوقت والجهد، وأقصد هنا أن تصرفي تركيزك عن الأعراض الجسديَّة التي نعرف تمامًا أنها لن تُؤْذِيك، وأنَّها غير خطيرة، وليس لها أثر بعيد عليك، وتوجِّهي تركيزك على نشاطاتك اليوميَّة، ودورِك في الحياة، وتطوير نفسك، وتحسين حياتك الرُّوحية، وعباداتك... وغير ذلك.
اقصدي كلَّ يوم إهمالَ هذه الأعراض الجسديَّة، وتناسَيْها، وكافحي لهزيمتها، أتمنَّى لك التوفيق، وأهلاً وسهلاً بك.