مشاهدة النسخة كاملة : ما توصيف علاقتي بصديقتي؟


فريق منتدى الدي في دي العربي
02-24-2016, 04:43 PM
ما توصيف علاقتي بصديقتي؟


أ. مروة يوسف عاشور



السؤال
في العام الماضي (ثالث ثانوي) كنت عازمةً على تخصُّص أصول دِين؛ لميولي للعقيدة والتفسير، كانت صديقتي تُقنعني بدخول قسم الشريعة، وجعلتني أحادِث صديقتها لتقنعني، كانت تُحدِّثني عن تلك الفتاة، جذبَتْني تلك الفتاة لصلاحها وعلوِّ همَّتها، ثم هاتفتها لتقنعني بالشريعة، وأقنعتْني، التقيتُ بها بدورة تحفيظِ القرآن في الإجازة .. تأكَّدت عَلاقتنا، ومَن يرانا يظنُّ أننا نعرف بعضَنا منذُ مدَّة، وبعدَ الدورة بدأنا بمنهجيَّة عِلمية معًا.

قُبِلت هي بالشريعة وأنا بأصول دِين، وأسهمت في نقْلي إلى الشريعة، بعدَ مدَّة قررنا حِفظ نصاب يوْمي أنا وهي ونقوم بالتسميع عبرَ الهاتف، نتحاور أحيانًا حولَ فوائد الآيات، تأثرتُ بحرصها على تثبيت الحفظ، لم تكن هي بنفس قناعتي الدِّراسيَّة، وفي بعض الأيام أجلس معها بالفسحة، لاحظتُ أني أحبُّ أن أنظر إليها، لاحظت أيضًا تأثري فرحًا لا خجلاً بمديحها لي، كنت أحب أن أقرأ محادثاتي معها عبر (المسنجر)، في أحد الأيَّام فجأةً شعرتُ تجاهها بكُرهٍ شديد! ولم أستطِع مكالمتها لنقوم بالتسميع، لكنِّي قرأتُ مِن القرآن وهدأت، ثم توقَّفتْ هي عن الحفظ، أخبرتني بذلك عبر (المسنجر).

دمعتْ عيناي لذلك، وبدأتُ أحفظ مع أخرى.

المشكلة أنِّي بدأتُ أشكُّ بحبي لها، هل هو في الله أمْ إعجاب؛ لذا قررتُ أن أنهي علاقتي بها، أصبحتُ أبتعد عنها في الجامِعة، لكني أصادِفها وأسلِّم عليها فقط!

هذا القرار أثَّر على نفسيتي قليلاً، فالتي كانت تعينني على الخير؛ على طلبِ العلم، مَن كانت سببًا في دخولي لهذا القسم، سأُنهي علاقتي بها! أسبوعان وأكثر وأنا على هذه الحال، لكنَّها لم تلحظْ ذلك، ربما الآن بدأت أفكِّر بالرجوع.

هل ما أفْعله بإنهاء علاقتي بها صحيح؟ هل حبِّي لها إعجاب؟ أنا لا أفكِّر أبدًا تفكيرًا شاذًّا، فلم أحبَّها لمظهرها!

لستُ أخْشَع خشوعًا تامًّا في صلاتي، لكني أجِد راحة عندَما أُصلِّي، أحافظ على السنن، لي صديقات أُخريات، لكن لسْنَ مثلها في علمها واهتماماتها وفوائدها ورُقيها.

الآن الباقي مِن علاقتنا هو درسان في الأسبوع عن طريقِ (النت)، آلمني بشدَّة فِكرة إعجابي بها، وهذا ما جعلني أقْطَع العلاقة، لكن أنا أحببتُها قبلَ أن أراها قبلَ أن أهاتِفها.

عُذري الشديد على الإطالة، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب

وَأَخٍ رَابَنِي فَأَضرَبتُ عَنهُ <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>

أَيُّ إِخْوَانِكَ الَّذِي لاَ يَرِيبُ <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>




قد تبْدو المشاعِر كبحور متلاطِمة وأمواج عاتية لا تهدأ ولا تستكين، إلا أن تُقام لها السدود وتحدُّها القناطر مِن جميع الجهات، تنظِّم تلك السدودُ حركةَ المياه وتهدِّئ من اندفاعها القوي وضرباتها الشديدة، وإنْ لم تقم تلك السدود لهدَّدتِ الأمواج كلَّ ما حولها بالغرَق، ودمَّرت المدن وأبادتِ الناس!

ما أجمل الصداقةَ وما أروع الإحساسَ بوجود إنسان مُحبٍّ يقف إلى جوارنا يمدُّنا بالنصح، ويعيننا على الخير، ويذكِّرنا إذا نَسينا، وينبهنا إذا غفلنا، ويحثُّنا على الطاعة! لكن ذلك التيار العاتي مِن المشاعر يبقَى بحاجة ماسَّة لضبط وإعادة برمَجة، كلَّما بدا عليه الاعوجاجُ، وظهرت سماتُ الانحراف عن مسارِه الطبيعي.

والأصل في شريعتنا إحسانُ الظنِّ بأنفسنا وبمَن حولنا، فلِمَ نعذِّب أنفسنا ونبقَى نلومها على ما لم تجنِه؟!

الحب في الله له دلائلُ وبراهين، منها:
- أن يحثَّه على الخير ويدْعوه إلى الهُدى؛ ﴿ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا ﴾ [الأنعام: 71].

- أن يُعينه ويثبته وقتَ الشدائد؛ ﴿ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40].

- أن يُقوِّمه ولا يقرَّه على خطأ؛ زار سلمانُ أبا الدرداء فرأى أمَّ الدرداء متبذلةً، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجةٌ في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنَع له طعامًا فقال: كُلْ فإني صائم، قال: ما أنا بآكِلٍ حتى تأكل، قال: فأكَل، فلمَّا كان الليل ذهَب أبو الدرداء يقوم، قال: نَمْ، فنام ثم ذهَب يقوم فقال: نمْ، فلما كان مِن آخر الليل قال سلمان: قم الآن، فصلَّيَا، فقال له سلمان: إنَّ لربك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، فأتى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فذكر ذلك له، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((صَدَق سلْمان)).

سلي نفسك: ما أكثرُ ما يجذبكِ إليها ويُرغبكِ في قُربها؟

هل تأثَّرتِ بها فأصبحتِ تقلِّدين حركاتِها أو كلماتها أو أفعالها؟

هل تفكِّرين فيها وقتَ عبادتكِ أو اجتماعكِ بعائلتكِ مثلاً؟

هل ما يَجذبكِ إليها شكلُها وصوتها وحركاتها، أم حرْصُها على العِلم بصرف النظر عن غيره مِن الأمور والصِّفات؟

بعد إجابتكِ على مِثل هذه الأسئلة سيتَّضح لكِ خطُّ سير العَلاقة، وهل هي أُخويَّة خالِصة في الله، أم أنَّ الشوائب قد بدأتْ تغزوها وتؤثِّر عليها؟

ثم هبِي أنَّ العلاقة كانت أُخوية صادقة طيِّبة، وبعد مدَّة زمنية طرأ عليها طارئ انحرَف بها عن جادَّة الطريق، هل نقطعها تمامًا أم نُصفِّيها من شوائبها ونغسلها مِن أدرانها ونُنقحها مما يُعكِّر صفوها؟

إنِ اعوجَّ بنا الطريق، فعلينا السير مِن جديد في الطريق السويِّ عوضًا عنِ الرُّجوع مِن حيث أتينا!

سيري معها على منهجِ معتدلٍ، وقوِّمي ما يَريبكِ من سلوك غير سويّ.

• إنْ شعرت برغبة في إدامة النظر إليها فلا تُديمي ذلك ولا تستجيبي لرغبتكِ، وعامليها كما تُعاملي أَخواتكِ وصَديقاتكِ، وبما أنَّكِ استطعتِ هجرَها، فترك النَّظَر المبالَغ فيه من باب أوْلى.

• اجْعلي لكِ رُفقةً أخرى غيرها، وتعاوني معهنَّ جميعًا على فِعل الخير والتواصِي بالحق، ولا تستبدليهنَّ بها.

• لا تَحتفظي بمحادثات لكما على الحاسِب، ولا تُعيدي قراءةَ المحادثة، واشغلي نفْسكِ بعمل آخَر يُقرِّبكِ من الله.

• تَقرَّبي إلى أفراد أُسرتكِ؛ فهذا يُشبع فراغَكِ العاطفي؛ فالوالدة والأَخوات مِن أقوى وأجمل مصادِر إشْباع النَّقْص العاطِفي، ونادرًا ما تتحوَّل أو تتطوَّر العلاقة معهم لما يريب.

• اجْعلي لكِ اهتماماتٍ كثيرةً وهوايات تشغلين بها وقتكِ، ولا تقولي: لا وقتَ لديَّ، فالدقائق قد تُثمِر ما لا نتوقَّعه مِن خير وتعلُّم، متى ما أحسنَّا استغلالها.

• تقرَّبي إلى الله بشكل أكبرَ، ووسِّعي اطلاعاتكِ وأبحاثكِ، واقرئي القرآن بتدبُّر واستبصار.

• لا تَجْعلي صديقتَكِ محور اهتمامكِ، ولا تَجبُري نفسَك على ترْكها، وكلَّما لاحظتِ أنَّ العلاقة بينكما قد زادتْ وبدأت تنحرِف، فأعيديها بهدوء وحِكمة.

• لا تحرمي نفْسَك حريةَ التعبير عن مشاعركِ، فلماذا نَستحي من مجرَّد محبَّتنا لصديقات وأخوات، وهنَّ أهل لتلك المحبَّة؟ كثيرًا ما يتسبَّب الكبت في زِيادة الشيء عن حدِّه الطبيعي وتطوره في الاتِّجاه الخاطئ، ورغبة النفس في الاندفاع نحوَه بشكل غير صحيح، فلا تَستحي أن تقولي لها: أحبُّكِ في الله.

• لا تَجعلي شبحَ الخوف مِن الإعجاب يسيطر عليكِ، فلا أرَى لديكِ مؤشِّراتٍ قويةً على ذلك، لكن الاحتياط والسلامة لا يَعدِلها شيء، وخير الأمور التوسُّط، وأفضلها الاعتدال.

أخيرًا:
قال ابنُ القيِّم: "القلْبُ إذا أخْلَص عملَه لله لم يتمكَّن منه العشق؛ فإنَّ العِشق يتمكَّن من القلْب الفارِغ".

طَهَّر الله قلبكِ من كلِّ سوء، وجعلكِ هاديةً مهدية، ونسعَد بالتواصُل معكِ في كلِّ وقت، فلا تتردَّدي في مراسلتنا.

Adsense Management by Losha