فريق منتدى الدي في دي العربي
06-07-2016, 07:53 PM
السلام عليكم ورحمة الله
دين عظيم، وأمة...!
كتبه الأستاذ محمد الهادي الحسني الجزائري -وفقه الله-
منقول
وصف الإمام محمّد الغزالي في كتابه "الغزو الثقافي يمتدّ في فراغنا" الأمّة الإسلامية بأنها أمة "تعيسة"، وما كان الإمام - رحمه الله - متجنيّا على هذه الأمة، ولكنه لم يزد على أن قال الحقيقة، فمثله كمثل طبيب فحص مريضا ثم صارحه بحاله المنذرة بالأسوأ في جميع أجهزته.. ولكن أكثر هذه الأمة لا يحبون الناصحين.. بل يحبون الذين يمنّونهم ويعدونهم، وما يعدونهم - كإمامهم- إلاّ غرورا..
إن هذه "التعاسة" لم يفرضها الله - عز وجل - علينا، فهو – سبحانه - لا يأمر بالمنكر، بل أراد لنا أن نكون "خير أمة أخرجت للناس.."، وبيّن لنا كيف نصل إلى هذه الخيرية وكيف نحافظ عليها، ولكننا خُنّا الله والرسول وما اُتمنّا عليه، فقلنا بلسان الحال، وأحيانا بلسان المقال: "سمعنا وعصينا"، فكانت النتيجة ما نحن فيه من سوء في جميع الميادين، ضلال في الدين، انحلال في الأخلاق، كساد في الاقتصاد، تعسّف واستبداد في السياسة، تمزق في "شبكة العلاقات الاجتماعية" بسبب التدابر، والتناحر، والتكاثر، والتفاخر... وكل واحد من هذه الأمراض قاصم لظهرها الجماعي، فكيف إذا اجتمعن، وليستيقن كل واحد من هذه الأمة "التعيسة" أنه لا أمل لنا في التخلص من هذه التعاسة، ولنتأكد أن الله - عز وجل - لن يغيّر حالنا حتى نغيّر نحن ما بأنفسنا، فقد قال، وقوله الحق، وما يبدّل القول لديه: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..".
إن الله - عز وجل - لا يعجزه أن يغيّرنا، فإذا أراد شيئا قال له: "كن" فـ "يكون"، ولكنه شرف الناس بأن أكرمهم بـ "حرية" التغيير، ليحسّوا حلاوة هذا التغيير وقيمته، ويلمسوا آثاره.
من الأوقات الفضيلة المساعدة على تغيير ما بأنفسنا ليغير الله ما بنا شهر رمضان المعظم، لبركته ولما أكرمه الله به، فهو كله بركة، وفيه ليلة أكثر بركة، وأكثر خيرية فإن صمناه إيمانا واحتسابا تجلى أثر ذلك في حياتنا العامة، وإن صمناه كما نصومه منذ مئات السنين فليس لنا منه إلا الجوع والعطش، ودخل في وصف الإمام الإبراهيمي لعباداتنا، وهو "العبادات الميكانيكية"، لاروح فيها، ولا تاثير لها.
لقد خطّت الأقدار في صحيفتي أن اقضي حولين من عمري في مدينة باريس*، وكنت ألاحظ فيهما المجتمع الفرنسي كيف يعيش أعياده الدينية والوطنية فما رأيت ارتفاعا في الأسعار، وما شاهدت تكالبا على السلع،ولا تشاجرا بين الناس.. بينما رأيت ذلك في وطني، حتى إن الملاحظ يظن أننا نعيش مجمعة يعجز عن تجاوزها سيدنا يوسف - عليه السلام - الذي أنجى المجتمع المصري من مجاعة دامت سبع سنوات عجافا.
إن جنايتنا نحن "المسلمين" على الإسلام أخطر عليه من جناية أعدائه عليه، وهي أضعاف جناية هؤلاء الأعداء.. وأخطر جناية ارتكبناها في حق الإسلام أننا كرهنا غير المسلمين فيه بما نعيشه من جهل، وفوض، وكسل، واختلاف مذهبي أوهن ريحنا، وصيّر الإسلام إسلامات، والدين أديانا، والإخوة اعداء فاللهم آتنا رشدنا، لنفقه دينك الحنيف، ونهتدي بقرآنك القويم، ونقتدي برسولك العظيم، وأعنّا على تغيير ما بأنفسنا لعلك تغيّر ما بنا. اهـ.
-----------------------------------------
* تقلد الأستاذ الحسني منصب مسؤول على مستوى مسجد باريس بفرنسا
****
نسأل الله الهداية والتوفيق
والحمد لله ربّ العالمين
دين عظيم، وأمة...!
كتبه الأستاذ محمد الهادي الحسني الجزائري -وفقه الله-
منقول
وصف الإمام محمّد الغزالي في كتابه "الغزو الثقافي يمتدّ في فراغنا" الأمّة الإسلامية بأنها أمة "تعيسة"، وما كان الإمام - رحمه الله - متجنيّا على هذه الأمة، ولكنه لم يزد على أن قال الحقيقة، فمثله كمثل طبيب فحص مريضا ثم صارحه بحاله المنذرة بالأسوأ في جميع أجهزته.. ولكن أكثر هذه الأمة لا يحبون الناصحين.. بل يحبون الذين يمنّونهم ويعدونهم، وما يعدونهم - كإمامهم- إلاّ غرورا..
إن هذه "التعاسة" لم يفرضها الله - عز وجل - علينا، فهو – سبحانه - لا يأمر بالمنكر، بل أراد لنا أن نكون "خير أمة أخرجت للناس.."، وبيّن لنا كيف نصل إلى هذه الخيرية وكيف نحافظ عليها، ولكننا خُنّا الله والرسول وما اُتمنّا عليه، فقلنا بلسان الحال، وأحيانا بلسان المقال: "سمعنا وعصينا"، فكانت النتيجة ما نحن فيه من سوء في جميع الميادين، ضلال في الدين، انحلال في الأخلاق، كساد في الاقتصاد، تعسّف واستبداد في السياسة، تمزق في "شبكة العلاقات الاجتماعية" بسبب التدابر، والتناحر، والتكاثر، والتفاخر... وكل واحد من هذه الأمراض قاصم لظهرها الجماعي، فكيف إذا اجتمعن، وليستيقن كل واحد من هذه الأمة "التعيسة" أنه لا أمل لنا في التخلص من هذه التعاسة، ولنتأكد أن الله - عز وجل - لن يغيّر حالنا حتى نغيّر نحن ما بأنفسنا، فقد قال، وقوله الحق، وما يبدّل القول لديه: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..".
إن الله - عز وجل - لا يعجزه أن يغيّرنا، فإذا أراد شيئا قال له: "كن" فـ "يكون"، ولكنه شرف الناس بأن أكرمهم بـ "حرية" التغيير، ليحسّوا حلاوة هذا التغيير وقيمته، ويلمسوا آثاره.
من الأوقات الفضيلة المساعدة على تغيير ما بأنفسنا ليغير الله ما بنا شهر رمضان المعظم، لبركته ولما أكرمه الله به، فهو كله بركة، وفيه ليلة أكثر بركة، وأكثر خيرية فإن صمناه إيمانا واحتسابا تجلى أثر ذلك في حياتنا العامة، وإن صمناه كما نصومه منذ مئات السنين فليس لنا منه إلا الجوع والعطش، ودخل في وصف الإمام الإبراهيمي لعباداتنا، وهو "العبادات الميكانيكية"، لاروح فيها، ولا تاثير لها.
لقد خطّت الأقدار في صحيفتي أن اقضي حولين من عمري في مدينة باريس*، وكنت ألاحظ فيهما المجتمع الفرنسي كيف يعيش أعياده الدينية والوطنية فما رأيت ارتفاعا في الأسعار، وما شاهدت تكالبا على السلع،ولا تشاجرا بين الناس.. بينما رأيت ذلك في وطني، حتى إن الملاحظ يظن أننا نعيش مجمعة يعجز عن تجاوزها سيدنا يوسف - عليه السلام - الذي أنجى المجتمع المصري من مجاعة دامت سبع سنوات عجافا.
إن جنايتنا نحن "المسلمين" على الإسلام أخطر عليه من جناية أعدائه عليه، وهي أضعاف جناية هؤلاء الأعداء.. وأخطر جناية ارتكبناها في حق الإسلام أننا كرهنا غير المسلمين فيه بما نعيشه من جهل، وفوض، وكسل، واختلاف مذهبي أوهن ريحنا، وصيّر الإسلام إسلامات، والدين أديانا، والإخوة اعداء فاللهم آتنا رشدنا، لنفقه دينك الحنيف، ونهتدي بقرآنك القويم، ونقتدي برسولك العظيم، وأعنّا على تغيير ما بأنفسنا لعلك تغيّر ما بنا. اهـ.
-----------------------------------------
* تقلد الأستاذ الحسني منصب مسؤول على مستوى مسجد باريس بفرنسا
****
نسأل الله الهداية والتوفيق
والحمد لله ربّ العالمين