مشاهدة النسخة كاملة : وجوب هدم الأوثان والأصنام


فريق منتدى الدي في دي العربي
06-10-2016, 07:27 PM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فقد دلت الأدلة الشرعية على وجوب هدم الأوثان والأصنام، متى تمكن المسلمون من ‏ذلك، سواء وجد من يعبدها أو لم يوجد.‏
ومن ذلك: ‏
‏1- ما رواه مسلم عن عمرو بن عبسة أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: وبأي شيء ‏أرسلك؟ قال: " أرسلني بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يوحد الله لا يشرك ‏به شيء".‏
‏2- ما رواه مسلم عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك ‏على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أن لا تدع تمثالا إلا طمسته، ‏ولا قبراً مشرفا إلا سويته".‏
‏3- ما رواه الترمذي وأبو داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم: " أتاني جبريل فقال: كنت أتيتك البارحة، فلم يمنعني أن أكون دخلت ‏عليك البيت الذي كنت فيه إلا أنه كان في باب البيت تمثال الرجال، وكان في ‏البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فَمُرْ برأس التمثال الذي بالباب ‏فليقطع فيصير كهيئة الشجرة، ومُرْ بالستر فليقطع ويجعل منه وسادتين منتبذتين ‏توطآن، ومُرْ بالكب فليخرج. ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وهذا الحديث ‏يبطل قول من قال: لا يهدم التمثال إلا إذا كان يعبد، أو خشي أن يعبد، فإنه من ‏المقطوع به أن شيئاً من ذلك لا يحدث في بيت النبي صلى الله عليه وسلم.‏
‏4- ما جاء من الأدلة على تحريم تصوير ذوات الأرواح، كقوله صلى الله عليه وسلم: ‏‏" أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون" متفق عليه.
وقوله: " الذين يصنعون ‏الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم أحيوا ما خلقتم" متفق عليه.
وقوله: " من ‏صور صورة في الدنيا كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ " متفق ‏عليه.
إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على تحريم عمل هذه التماثيل، وأن ذلك من الكبائر، ‏قال النووي رحمه الله في شرحه على صحيح مسلم: ( قال أصحابنا وغيرهم من ‏العلماء: تصوير صورة الحيوان حرام، شديد التحريم، وهو من الكبائر، لأنه متوعد ‏عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور في الأحاديث).
فوجود التمثال أو الصنم منكر ‏يجب إزالته، وقد اتفق الفقهاء على ذلك، وقرروا أنها أموال غير محترمة ، وغير ‏مضمونة، وأنه لا شيء على من أتلفها لأنه فعل ما يجب عليه.
وإذا كان الصنم أو ‏التمثال مما يعبد من دون الله تأكد الأمر في إزالته وتطهير الأرض منه. ولهذا نقول: ‏إن ما قامت به حكومة الطالبان من تحطيم صنم بوذا الذي يعبد من دون الله عمل ‏مشروع يؤجرون عليه، بل واجب يأثم تاركه مع القدرة.
ومن ظن أن التماثيل ‏التي يجب هدمها هي ما كان في جزيرة العرب خاصة فقد أخطأ خطأ بيناً، فإن ‏الأدلة السابقة عامة في كل التماثيل والأصنام.
وأما ما يقال في ترك الصحابة رضي ‏الله عنهم للأصنام في البلاد المفتوحة، فهذا من الظنون والأوهام التي لا يعرج عليها ‏عاقل، فما كان لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعوا الأصنام والأوثان، ‏لاسيما مع كونها معبودة في ذلك الزمن. فإن قيل: فهذه الأصنام القديمة للفراعنة ‏والفينيقيين وغيرهم، كيف تركها الصحابة الفاتحون؟
فالجواب: أن هذه الأصنام لا تخرج عن ثلاثة وجوه:‏
الأول: أن تكون تلك الأصنام في أماكن نائية لم يصل إليها الصحابة، فإن فتح الصحابة ‏لمصر مثلاً لا يعني وصولهم إلى كل أرض فيها.‏
الثاني: أن تكون تلك الأصنام غير ظاهرة، بل داخل منازل الفراعنة وغيرهم، وقد كان ‏هدي النبي صلى الله عليه وسلم الإسراع عند المرور على ديار الظلمة والمعذبين، بل جاء ‏نهيه عن دخول تلك الأماكن.‏
ففي الصحيحين: " لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، أن يصيبكم مثل ‏ما أصابهم" قال ذلك صلى الله عليه وسلم عند مروره على أصحاب الحجر، في ديار ثمود ‏قوم صالح عليه السلام.‏
وفي رواية في الصحيحين أيضاً: " فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم، أن يصيبكم ‏مثل ما أصابهم".‏
والظن بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم إن رأوا معبداً أو منزلاً لهؤلاء أن لا ‏يدخلوه، وأن لا يطلعوا على ما فيه.‏
وهذا مما يزيل الإشكال حول عدم تعرض الصحابة للأهرام وما فيها، مع احتمال كون أبوابها ‏ومداخلها مطمورة بالتراب في ذلك الوقت.‏
الثالث: أن كثيراً من هذه الأصنام الظاهرة اليوم كان مغموراً مطموراً، أو اكتشف حديثاً، ‏أو جيء به من أماكن نائية لم يصل إليها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.‏
فقد سئل الزركلي عن الأهرام وأبي الهول ونحوها: هل رآها الصحابة الذين دخلوا مصر؟ ‏فقال: كان أكثرها مغموراً بالرمال، ولا سيما أبا الهول. (شبه جزيرة العرب 4/1188).‏
الرابع: أنه لو قدر وجود جسم ظاهر غير مطمور، فلا بد في ثبوت أن الصحابة رأوه، وأنهم ‏كانوا قادرين على هدمه.‏
والواقع يشهد أن بعض هذه التماثيل يعجز الصحابة رضي الله عنهم عن هدمه، فقد ‏استغرق هدم تمثال بوذا عشرين يوماً، مع وجود الآلات والأدوات والإمكانات التي لم ‏تتوفر للصحابة قطعاً.‏
ومما يدل على ذلك ما ذكره ابن خلدون في ( المقدمة ص 383) أن الخليفة الرشيد عزم ‏على هدم إيوان كسرى، فشرع في ذلك وجمع الأيدي، واتخذ الفؤوس، وحماه بالنار، ‏وصب عليه الخل، حتى أدركه العجز وأن الخليفة المأمون أراد أن يهدم الأهرام في مصر ‏فجمع الفعلة ولم يقدر.‏
وأما التعلل بكون هذا التماثيل من التراث الإنساني، فهذا كلام ساقط لا يلتفت إليه، فإن ‏اللات والعزى وهبل ومناة وغيرها من الأصنام كانت تراثاً لمن يعبدها في قريش والجزيرة .‏
وهو تراث، لكنه تراث محرم يجب إزالته.‏
ونسأل الله أن يوفق جميع المسلمين لما يحبه ويرضاه.‏
والله أعلم.‏---------- [مركز الفتوى]

Adsense Management by Losha