فريق منتدى الدي في دي العربي
06-12-2016, 01:02 AM
السِّلاحُ المُعطَّل
موقع صيد الفوائد
قُصاصات في الدعاء:
قال مطرف بن عبد الله: "تذاكرت جماع الخير؟ فإذا الخير كثير: الصيام، والصلاة، وإذا هو في يد الله تعالى، وإذا أنت لا تقدر على ما في يد الله إلا أن تسأله فيعطيك؛ فإذا جماع الخير: الدعــاء". مدارج السالكين.
وقد أمر الله في كتابه بالدعاء في عدة مواضع:
فقال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (60) غافر وقال: ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186) البقرة.
فقوله تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) فالآية تدل على الوجوب للأمر في الآية؛ ولأن ترك العبد دعاء ربه من الاستكبار وهو كفر.
وقال تعالى: (واسألوا الله من فضله).
وقال تعالى: (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين).
(قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى).
قال بعض السلف: "من أراد أن يعرف معرفته بالله، فلينظر إلى ما وعده الله، ووعده الناس بأيهما قلبه أوثق".
وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالدعاء، وحث عليه: فمن الأحاديث:
1. ((ادع إلى ربك الذي إن مسك ضر فدعوته، كشف عنك، والذي إن ضللت بأرض قفر فدعوته رد عليك، والذي إن أصابتك سنة فدعوته أنبت لك)) رواه أحمد وغيره.
2. ((أعجز الناس من عجز عن الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام)).
3. حديث أنس: ((إن الله حيي كريم، يستحيي أن يبسط العبد يديه إليه، فيردهما صفرًا)).
وعن سلمان الفارسي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن ربكم -تبارك وتعالى- حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرًا)) رواه أبو داود.
كيف بحالك وأنت تسأل ملك من ملوك الدنيا؟ تأمل!
4. عن أبي هريرة ((إن لله تعالى عتقاء في كل يوم وليلة لكل عبد منهم دعوة مستجابة)) رواه أحمد.
5. عن أبي هريرة: ((إن من لم يسأل الله تعالى يغضب عليه)).
6. وعنه -رضي الله عنه-: ((ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء)) رواه أحمد.
7. عن أبي أمامة ((ما أنعم الله على عبد نعمة، فحمد الله عليها إلا كان ذلك الحمد أفضل من تلك النعمة...)) رواه الطبراني، وحسنه الألباني.
أقوال في الحث على الدعاء:
قال وهب بن منبه لرجل كان يأتي الملوك: "تأتي من يغلق عنك بابه، ويظهر لك فقره، ويواري عنك غناه، وتدع من يفتح لك بابه، نصف الليل، ونصف النهار، ويظهر لك غناه، ويقول: ادعني استجب لك؟"
وفي بعض الإسرائيليات يقول الله: "أيؤمل غيري للشدائد، والشدائد بيدي، وأنا الحي القيوم، ويرجى غيري، ويطرق بابه، بالبكرات، وبيدي مفاتيح الخزائن، وبابي مفتوح عند دعائي، من ذا الذي أحلت به بنائبة فقطعت به، أو من ذا الذي رجاني لعظيم فقطعت به، أو من ذا الذي طرق بابي فلم أفتحه له أنا غاية الآمال، كيف تنقطع الآمال دوني، أبخيل أنا فيبخلني عبدي؟ أليس الدنيا والآخرة، والكرم والفضل كله لي؟ فيا بؤسًا للقانطين من رحمتي، ويا بؤسًا لمن عصاني وتوثب على محارمي، ضجيج الأصوات في هياكل العبادات، يُحلّل ما عقدته الأفلاك المؤثرات، قالها الفلاسفة في أثر الدعاء، وهم ملاحدة! فألحّوا في الدعوات [د. عبد العزيز العبد اللطيف].
قُصاصات في أهمية الدعاء وفضله:
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يُغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم يَنْزِل، وإن البلاء ليَنْزِل فيتلقاه الدعاء، فَيَعْتَلِجَان إلى يوم القيامة)) رواه الحاكم، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
يقول خالد الربعي: عجبت لهذه الأمة! أمرهم بالدعاء ووعد بالإجابة، وليس بينهما شرط! فسئل عن هذا؟ فقال: مثل قوله: (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات) فها هنا شرط -أي البشارة مشروطة بالإيمان والعمل الصالح-، وقوله: (فادعوا الله مخلصين له الدين) فها هنا شرط، أما قوله: (ادعوني أستجب لكم) فليس فيه شرط. تفسير القرطبي.
"قال أبو الدرداء -رضي الله عنه-: من يُكثر قرع الباب يُوشك أن يُفتح له، ومن يُكثر الدعاء يُوشك أن يستجاب له"
رواه البيهقي في شُعب الإيمان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "القلوب الصادقة والأدعية الصالحة هي العسكر الذي لا يغلب".
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم: "إذا أراد الله بعبد خيراً ألهمه دعاءه والاستعانة به، وجعل استعانته ودعاءه سبباً للخير الذي قضاه له، كما قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "إني لا أحمل هم الإجابة، وإنما أحمل هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه" كما أن الله تعالى إذا أراد أن يشبع عبدًا أو يرويه ألهمه أن يأكل أو يشرب، وإذا أراد الله أن يتوب على عبد ألهمه أن يتوب فيتوب عليه، وإذا أراد أن يرحمه ويدخله الجنة يسره لعمل أهل الجنة، والمشيئة الإلهية اقتضت وجود هذه الخيرات بأسبابها المقدرة لها، كما اقتضت وجود دخول الجنة بالعمل الصالح، ووجود الولد بالوطء، والعلم بالتعليم، فمبدأ الأمور من الله، وتمامها على الله". اهـ.
وقال ابن القيم في (الفوائد): "إذا كان كل خير أصله التوفيق, وهو بيد الله لا بيد العبد, فمفتاحه الدعاء والافتقار وصدق اللجأ والرغبة والرهبة إليه، فمتى أعطى العبد هذا المفتاح فقد أراد أن يفتح له, ومتى أضلّه عن المفتاح بقي باب الخير مرتجاً دونه". اهـ.
وقال في (عدة الصابرين): "من أعطى منشور الدعاء أعطى الإجابة، فإنه لو لم يرد إجابته لما ألهمه الدعاء، كما قيل:
لو لم ترد نيل ما أرجو وأطلبه *** من جود كفك ما عودتني الطلبا. اهـ.
وقال في (الجواب الكافي): "من ألهم الدعاء فقد أريد به الإجابة؛ فإن الله سبحانه يقول: (ادعوني أستجب لكم) وقال: (وإذا سألك عبادي عنى فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان)". اهـ.
قال بعض السلف: "متى أطلق الله لسانك بالدعاء والطلب، فاعلم أنه يريد أن يعطيك".
وقال ابن القيم: "من أراد الله به خيرا فَتح له باب الذل والانكسار، ودوام اللجأ إلى الله تعالى والافتقار إليه".
قال سهل التستري: "ليس بين العبد وبين ربه طريق أقرب إليه من الافتقار".
وقال بعضهم: "يا ابن آدم، لقد بورك لك في حاجة أكثرت فيها من قرع باب سيدك".
في صحيح الترغيب عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما من مسلم ينصب وجهه لله -عز وجل- في مسألة إلا أعطاها إياه إما أن يعجلها له، وإما أن يدخرها له في الآخرة)).
وفي الحديث الآخر عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ! قَالَ: اللَّهُ أَكْثَرُ)) رواه أحمد، وصححه الألباني.
قال ابن عبد البر في (التمهيد): "فيه دليل على أنه لا بد من الإجابة على إحدى هذه الأوجه الثلاثة". اهـ.
وقال ابن حجر في (الفتح): "كل داع يستجاب له، لكن تتنوع الإجابة: فتارة تقع بعين ما دعا به، وتارة بعوضه". اهـ.
يقول ابن القيم-رحمه الله-: "وليتأمل العاقل هذا في نفسه وفي غيره وليعلم أن إجابة الله لسائليه ليست لكرامة السائل عليه، بل يسأله عبده الحاجة فيقضيها له وفيها هلاكه وشقوته ويكون قضاؤها له من هوانه عليه وسقوطه من عينه. ويكون منعه منها، لكرامته عليه ومحبته له فيمنعه حماية وصيانةً وحفظًا لا بخلاً، وهذا إنما يفعله بعبده الذي يريد كرامته ومحبته ويعامله بلطفه فيظن بجهله أن الله لا يحبه ولا يكرمه ويراه يقضي حوائج غيره فيسيء ظنه بربِّه وهذا حشو قلبه ولا يشعر به والمعصوم من عصمه الله". مدارج السالكين (1:79).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-: "مِنْ تَمَامِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُنْزِلَ بِهِمْ الشِّدَّةَ وَالضُّرَّ وَمَا يُلْجِئُهُمْ إلَى تَوْحِيدِهِ فَيَدْعُونَهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، وَيَرْجُونَهُ لَا يَرْجُونَ أَحَدًا سِوَاهُ، وَتَتَعَلَّقُ قُلُوبُهُمْ بِهِ لَا بِغَيْرِهِ، فَيَحْصُلُ لَهُمْ مِنْ التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَالْإِنَابَةِ إلَيْهِ وَحَلَاوَةِ الْإِيمَانِ وَذَوْقِ طَعْمِهِ وَالْبَرَاءَةِ مِنْ الشِّرْكِ مَا هُوَ أَعْظَمُ نِعْمَةً عَلَيْهِمْ مِنْ زَوَالِ الْمَرَضِ وَالْخَوْفِ أَوْ الْجَدْبِ أَوْ حُصُولِ الْيُسْرِ وَزَوَالِ الْعُسْرِ فِي الْمَعِيشَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَذَّاتٌ بَدَنِيَّةٌ وَنِعَمٌ دُنْيَوِيَّةٌ قَدْ يَحْصُلُ لِلْكَافِرِ مِنْهَا أَعْظَمُ مِمَّا يَحْصُلُ لِلْمُؤْمِنِ، وَأَمَّا مَا يَحْصُلُ لِأَهْلِ التَّوْحِيدِ الْمُخْلِصِينَ لِلَّهِ الدِّينَ فَأَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْ كُنْهِهِ مَقَالٌ، أَوْ يَسْتَحْضِرَ تَفْصِيلَهُ بَالٌ، وَلِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ ذَلِكَ نَصِيبٌ بِقَدْرِ إيمَانِهِ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: يَا ابْنَ آدَمَ لَقَدْ بُورِكَ لَك فِي حَاجَةٍ أَكْثَرْت فِيهَا مِنْ قَرْعِ بَابِ سَيِّدِك، وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: إنَّهُ لَيَكُونُ لِي إلَى اللَّهِ حَاجَةٌ فَأَدْعُوهُ فَيَفْتَحُ لِي مِنْ لَذِيذِ مَعْرِفَتِهِ وَحَلَاوَةِ مُنَاجَاتِهِ مَا لَا أُحِبُّ مَعَهُ أَنْ يُعَجِّلَ قَضَاءَ حَاجَتِي خَشْيَةَ أَنْ تَنْصَرِفَ نَفْسِي عَنْ ذَلِك ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تُرِيدُ إلَّا حَظَّهَا فَإِذَا قُضِيَ انْصَرَفَتْ". مجموع الفتاوى (10 / 333).
"لله در الحاجات.. كم قادتنا إلى الله، وجددت قلوبنا، وأحيت معاني العبودية في أرواحنا، وألهمتنا حرارة الدعاء". د. سلمان العودة.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا تمنى أحدُكم فليُكثر، فإنما يسأل ربَّه)).
قال المناوي -رحمه الله-: "إذا تمنى أحدكم خيرًا من خير الدارَيْن فليكثر الأماني، فإنما يسأل ربه الذي ربَّاه وأنعم عليه وأحسن إليه، فيعظم الرغبة ويوسِّع المسألة...".
ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن في الجنة مائة درجة، أعدَّها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة – أراه قال: وفوقه عرشُ الرحمن – ومنه تفجَّرُ أنهار الجنة)).
رحمة الله لا تعز على طالب في أي مكان، وجدها إبراهيم في النار، ويوسف في الجب، ويونس في الحوت، وموسى في اليم، والفتية في الكهف، أسال الله أن يفتح لك رحمة. د. نوال العيد
يقول ابن تيمية-رحمه الله-: "الرَّبّ أكرم ما تكون عليه؛ أحوج ما تكون إليه".
قُصَاصات الدُّعاءُ المُسْتجاب:
يقول ابن القيم-رحمه الله- في الجواب الكافي: "وإذا جمع مع الدعاء حضور القلب وجمعيته بكليته على المطلوب، وصادف وقتًا من أوقات الإجابة الستة، وهو: الثلث الأخير من الليل، وعند الآذان، وبين الآذان والإقامة، وأدبار الصلوات المكتوبات، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة من ذلك اليوم، وآخر ساعة بعد العصر، وصادف خشوعاً في القلب، وانكساراً بين يدي الرب، وذلاً وتضرعاً ورقة، واستقبل الداعي القبلة، وكان على طهارة، ورفع يديه إلى الله، وبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم ثنى بالصلاة على محمد عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، ثم قدم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار، ثم دخل على الله، وألحّ عليه في المسألة، وتملقه ودعاه رغبة ورهبة، وتوسل بأسمائه وصفاته وتوحيده، وقدم بين يدي دعائه صدقة فإن هذا الدعاء لا يكاد يُرد أبدًا،
ولا سيما إن صادف الأدعية التي أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها مظنة الإجابة، أو أنها متضمنة للاسم الأعظم".
((خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي، لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)) صحيح الترمذي.
قال ابن عبد البر: "وفيه من الفقه أن دعاء يوم عرفة أفضل من غيره، وفي ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره، وفي الحديث أيضاً دليل على أن دعاء يوم عرفة مجاب كله في الأغلب". التمهيد (6/ 41).
وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يرفع يديه إلى صدره يدعو من بعد الظهر إلى غروب الشمس.
إذا كان هذا هو حال من قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكيف بنا؟
فحريٌ بأصحاب الحاجات إدمان قرع الباب في يوم عرفة و"من أدمن قرع الباب يوشك أن يُفتح له".
يقول أحد الصالحين: "والله ما دعوت دعوة يوم عرفة وما دار عليها الحول إلا رأيتها مثل فلق الصبح".
ويقول الشيخ عبد العزيز الطريفي: "لا تشرق شمس على يوم أفضل من يوم عرفة، ولا تغرب لليلة أفضل من ليلة القدر، والدعاء فيهما من أفضل الأعمال، وأقربها قبولاً وإجابة".
لوقت الفطر في رمضان مزية عظمى، وقت التفضل الإلهي والعتق من النار، وإجابة الدعوات، فاحرص على استثماره، ((إن لله عند كل فطر عتقاء، وذلك في كل ليلة)) د. نوال العيد.
قوله: ((وإذا سألك عبادي عني...)) "إيماء إلى أن الصائم مرجو الإجابة وإلى أن شهر رمضان مرجوة دعواته، وإلى مشروعية الدعاء عند انتهاء كل يوم من رمضان" ابن عاشور.
* أكثر من ذكر الله تفتح لك أبواب السماء، ويجاب لك الدعاء، وفي الحديث الصحيح: ((ثلاثة لا يرد الله دعاءهم: الذاكر الله كثيرًا، ودعوة المظلوم، والإمام المقسط)). د. نوال العيد.
أأذكر حاجتي أم قد كفاني *** حياؤك إن شيمتك الحياء
إذا أثَنى عليك المرءُ يوم *** كفاه من تعرُّضِهِ الثناءُ.
من "سورة الفاتحة" نتعلم أن إطالة الثناء في أول الدعاء مشروع، فقد استغرق نصف الفاتحة، ثم يأتي الانكسار ثم السؤال ويكونا في القدر دون الأول. د.ع صام العويد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "تأمَّلت أنفع الدعاء فإذا هو: سؤال الله العون على مرضاته".
ما سُئل الله بأعظم من توحيده وعبادته. د.عبد الله وكيل الشيخ.
قيل للإمام أحمد - رحمه الله -: "كم بيننا وبين عرش الرحمن؟ قال: دعوة صادقة من قلب صادق".
ورد عن بعض السلف أن من دعا الله بلفظ الربوبية -ربنا- خمس مرات استجيب له استدلالًا بأواخر سورة آل عمران حيث ذكر فيها "ربنا" خمس مرات فجاءت الآية بعدها (فاستجاب لهم ربهم)
يقول ابن القيم –رحمه الله-: "وقد جرب أنه من قال: رب إني مسني الضر، وأنت أرحم الراحمين سبع مرات، ولا سيما مع شدة حاجة العبد وفقره كشف الله ضره".
دعوة المُضْطَر:
قال تعالى: (أمن يجيب المضطر إذا دعاه)
قال ابن عباس: "هو ذو الضرورة المجهود"، وقال السدي: "الذي لا حول له ولا قوة" قال ذو النون: "هو الذي قطع العلائق عما دون الله" وقال أبو جعفر وأبو عثمان النيسابوري: "هو المفلس".
وقال سهل بن عبد الله: "هو الذي إذا رفع يديه إلى الله داعيًا لم يكن له وسيلة من طاعة قدمها".
ينبه تعالى أنه هو المدعو عند الشدائد، المرجو عند النوازل، كما قال: (وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه) [ الإسراء : 67 ] وقال تعالى: (ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون) [النحل: 53] وهكذا قال هاهنا: (أمن يجيب المضطر إذا دعاه) أي: من هو الذي لا يلجأ المضطر إلا إليه، والذي لا يكشف ضر المضرورين سواه". ابن كثير.
في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تُسد فاقته، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل)) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح غريب.
عن أبي تميمة الهجيمي عن رجل من بلهجيم قال: قلت: يا رسول الله، إلام تدعو؟ قال: ((أدعو إلى الله وحده، الذي إن مسك ضر فدعوته كشف عنك، والذي إن أضللت بأرض قفر فدعوته رد عليك، والذي إن أصابتك سنة فدعوته أنبت لك)) رواه الإمام أحمد-رحمه الله-.
عن عبيد الله بن أبي صالح قال: دخل علي طاوس يعودني، فقلت له: ادع الله لي يا أبا عبد الرحمن، فقال: "ادع لنفسك، فإنه يجيب المضطر إذا دعاه".
وجاء رجل إلى مالك بن دينار، فقال: "أنا أسألك بالله أن تدعو لي فأنا مضطر; قال: إذاً فاسأله، فإنه يجيب المضطر إذا دعاه".
وعن وهب بن منبه، قال: "قرأت في الكتاب الأول: إن الله يقول: بعزتي إنه من اعتصم بي فإن كادته السموات ومن فيهن، والأرض بمن فيها، فإني أجعل له من بين ذلك مخرجاً، ومن لم يعتصم بي فإني أخسف به من تحت قدميه الأرض، فأجعله في الهواء، فأكله إلى نفسه".
وإني لأدعو الله والأمر ضيق *** لي فما ينفك أن يتفرَّجا
ورب أخ سدت عليه وجوهه *** أصاب لها لما دعا الله مخرجا.
عن الأوزاعي قال: "رأيت رجلاً في الطواف متعلق بأستار الكعبة، وهو يقول: يا رب إني فقير كما ترى، وصبيتي قد عروا كما ترى، وناقتي قد عجزت كما ترى، فما ترى يا من ترى ولا يُرى؟ فإذا بصوت من خلفه: يا عاصم! إلحق عمّك فقد هلك بالطائف، وقد خلَّف ألف نعجة، وثلاثمائة ناقة، وأربعمائة دينار، وأربعة أعبد، وثلاثة أسياف يمانية، فامض فخذها فليس له وارث غيرك! فقلت: يا عاصم! إن الذي دعوته لقد كان قريبًا منك، قال: يا هذا أما سمعت قوله تعالى: (وإذا سألك عبادي عنِّي فإني قريبٌ أُجيبُ دَعْوة الدَّاع إذا دعَان)".
الدُّعاء خُفية:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "فقوله تعالى: (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية) يتناول نوعي الدعاء؛ لكنه ظاهر في دعاء المسألة متضمن دعاء العبادة؛ ولهذا أمر بإخفائه وإسراره، قال الحسن: "بين دعوة السر ودعوة العلانية سبعون ضعفًا" ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء، وما يسمع لهم صوت، أي ما كانت إلا همساً بينهم وبين ربهم -عز وجل-؛ وذلك أن الله -عز وجل- يقول: (ادعوا ربكم تضرعا وخفية) وأنه ذكر عبدًا صالحًا، ورضي بفعله، فقال: (إذ نادى ربه نداء خفيًا).
وفي إخفاء الدعاء فوائد عديدة:
"أحدها" أنه أعظم إيماناً؛ لأن صاحبه يعلم أن الله يسمع الدعاء الخفي، و"ثانيها" أنه أعظم في الأدب والتعظيم؛ لأن الملوك لا ترفع الأصوات عندهم، ومن رفع صوته لديهم مقتوه، ولله المثل الأعلى، فإذا كان يسمع الدعاء الخفي، فلا يليق بالأدب بين يديه إلا خفض الصوت به.
و"ثالثها" أنه أبلغ في التضرع والخشوع الذي هو روح الدعاء ولبه ومقصوده، فإن الخاشع الذليل إنما يسأل مسألة مسكين ذليل قد انكسر قلبه، وذلت جوارحه، وخشع صوته؛ حتى أنه ليكاد تبلغ ذلته وسكينته وضراعته إلى أن ينكسر لسانه، فلا يطاوعه بالنطق، وقلبه يسأل طالباً مبتهلاً، ولسانه لشدة ذلته ساكتاً، وهذه الحال لا تأتي مع رفع الصوت بالدعاء أصلاً.
و"رابعها" أنه أبلغ في الإخلاص.
و"خامسها" أنه أبلغ في جمعية القلب على الذلة في الدعاء، فإن رفع الصوت يفرقه، فكلما خفض صوته كان أبلغ في تجريد همته وقصده للمدعو سبحانه.
و"سادسها" - وهو من النكت البديعة جداً- أنه دال على قرب صاحبه للقريب لا مسألة نداء البعيد للبعيد؛ ولهذا أثنى الله على عبده زكريا بقوله -عز وجل-: (إذ نادى ربه نداء خفياً) فلما استحضر القلب قرب الله -عز وجل-، وأنه أقرب إليه من كل قريب أخفى دعاءه ما أمكنه.
وقد أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المعنى بعينه بقوله في الحديث الصحيح: لما رفع الصحابة أصواتهم بالتكبير، وهم معه في السفر، فقال: ((أربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إنكم تدعون سميعاً قريباً، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته)).
وقد قال تعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) وهذا القرب من الداعي هو قرب خاص، ليس قرباً عاماً من كل أحد فهو قريب من داعيه، وقريب من عابديه، وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وقوله تعالى: (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية) فيه الإرشاد والإعلام بهذا القرب.
و"سابعها" أنه أدعى إلى دوام الطلب والسؤال، فإن اللسان لا يمل، والجوارح لا تتعب، بخلاف ما إذا رفع صوته، فإنه قد يمل اللسان وتضعف قواه، وهذا نظير من يقرأ ويكرر، فإذا رفع صوته فإنه لا يطول له؛ بخلاف من خفض صوته.
و"ثامنها" أن إخفاء الدعاء أبعد له من القواطع والمشوشات؛ فإن الداعي إذا أخفى دعاءه لم يدر به أحد، فلا يحصل على هذا تشويش ولا غيره، وإذا جهر به فرطت له الأرواح البشرية، ولا بد ومانعته وعارضته، ولو لم يكن إلا أن تعلقها به يفزع عليه همته؛ فيضعف أثر الدعاء ومن له تجربة يعرف هذا فإذا أسر الدعاء أمن هذه المفسدة.
و"تاسعها" أن أعظم النعمة الإقبال والتعبد، ولكل نعمة حاسد على قدرها دقت أو جلت ولا نعمة أعظم من هذه النعمة فإن أنفس الحاسدين متعلقة بها وليس للمحسود أسلم من إخفاء نعمته عن الحاسد، وقد قال يعقوب ليوسف -عليهما السلام-: (لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً) الآية.
وكم من صاحب قلب وجمعية وحال مع الله تعالى قد تحدث بها، وأخبر بها فسلبه إياها الأغيار؛ ولهذا يوصي العارفون والشيوخ بحفظ السر مع الله تعالى، ولا يطلع عليه أحد، والقوم أعظم شيئاً كتماناً لأحوالهم مع الله -عز وجل- وما وهب الله من محبته والأنس به وجمعية القلب، ولا سيما فعله للمهتدي السالك، فإذا تمكن أحدهم، وقوي وثبت أصول تلك الشجرة الطيبة التي أصلها ثابت، وفرعها في السماء في قلبه، بحيث لا يخشى عليه من العواصف، فإنه إذا أبدى حاله مع الله تعالى ليقتدى به، ويؤتم به لم يبال، وهذا باب عظيم النفع إنما يعرفه أهله.
قال -رحمه الله-: "والمقصود أن كل واحد من الدعاء والذكر يتضمن الآخر، ويدخل فيه، وقد قال تعالى: (واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة) فأمر تعالى نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يذكره في نفسه، قال مجاهد وابن جريج: أمروا أن يذكروه في الصدور بالتضرع والاستكانة دون رفع الصوت والصياح، وتأمل كيف قال في آية الذكر: (واذكر ربك) الآية.
وفي آية الدعاء: (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية) فذكر التضرع فيهما معاً، وهو التذلل والتمسكن والانكسار، وهو روح الذكر والدعاء، وخص الدعاء بالخفية لما ذكرنا من الحكم وغيرها وخص الذكر بالخيفة لحاجة الذاكر إلى الخوف، فإن الذكر يستلزم المحبة ويثمرها؛ ولا بد لمن أكثر من ذكر الله أن يثمر له ذلك محبته، والمحبة ما لم تقترن بالخوف، فإنها لا تنفع صاحبها بل تضره؛ لأنها توجب التواني والانبساط، وربما آلت بكثير من الجهال المغرورين إلى أن استغنوا بها عن الواجبات" مجموع الفتاوى (15/ 19- 20).
وقال: "فتأمل أسرار القرآن وحكمته في اقتران الخيفة بالذكر والخفية بالدعاء مع دلالته على اقتران الخفية بالدعاء والخيفة بالذكر أيضاً، وذكر الطمع الذي هو الرجاء في آية الدعاء؛ لأن الدعاء مبني عليه، فإن الداعي ما لم يطمع في سؤاله ومطلوبه لم تتحرك نفسه لطلبه؛ إذ طلب ما لا طمع له فيه ممتنع وذكر الخوف في آية الذكر لشدة حاجة الخائف إليه فذكر في كل آية ما هو اللائق بها من الخوف والطمع فتبارك من أنزل كلامه شفاء لما في الصدور" مجموع الفتاوى (15/ 21- 22).
قُصاصة الأدعية المُستجابة:
ذكر ابن القيم في الجواب الكافي الأدعية التي وردت في السنة أنها مظنة إجابة أو أنها متضمنة لاسم الله الأعظم، منها ما يلي:
سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلاً يقول: "اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت، الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد" فقال: ((لقد سأل الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب)) صحيح.
وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه كان مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالساً ورجل يصلي، ثم دعا فقال: "اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان، بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لقد دعا باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سُئل به أعطى)) إسناده حسن.
وعن أسماء بنت يزيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: (إن إلهكم إله واحد لآ إله إلا هو الرحمن الرحيم) البقرة:163، وفاتحة آل عمران (آلم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم) قال الترمذي: حسن صحيح.
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((ألِظُّوا بيا ذا الجلال والإكرام)) صحيح.
عن أنس بن مالك قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا حزبه أمر قال: ((يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث)) حسن لغيره.
وعن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((اسم الله الأعظم في ثلاث سور من القرآن:البقرة، وآل عمران، وطه)) حسن لغيره.
وعن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) الأنبياء: 87 إنه لم يدع بها مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له)) صحيح.
وفي رواية: ((ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم أمر مهم فدعا به يفرج الله، دعاء ذي النون)) صحيح.
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول عند الكرب: ((لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم)) متفق عليه.
وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: علمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا نزل بي كرب أن أقول: ((لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله وتبارك الله رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين)) حسن لغيره.
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما أصاب أحد قط هم ولا حزن، فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك: أن تجعل القرآن العظيم ربع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي"إلا أذهب الله -عز وجل- همه وحزنه، وأبدله مكانه فرحاً فقيل: يا رسول الله، ألا نتعلمها؟ قال: بلى، ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها)) صحيح.
الدعاء للمسلم:
يقول الله تعالى: (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) [محمد: 19] وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((ما من عبدٍ مسلم يدعو لأخيه بظَهْر الغيب، إلاَّ قال الملك: ولك بمثله)).
عن صفوان -رضي الله عنه- قال: قدمت الشام فأتيت أبا الدرداء في منزله فلم أجده ووجدت أم الدرداء فقالت: أتريد الحج العام؟ فقالت: نعم، قالت: فادع الله لنا بخير، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: ((دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل، كلما دعا لأخيه بخير فال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل)) رواه مسلم.
روت أم الدرداء -رضي الله عنها- قالت: "كان لأبي الدرداء ستون وثلاثمائة خليل في الله، يدعو لهم في الصلاة، فقلت له في ذلك، فقال: إنه ليس رجل يدعو لأخيه في الغيب إلا وكل الله به ملكين يقولان: ولك بمثل، أفلا أرغب أن تدعوا لي الملائكة".
وروت أيضًا -رضي الله عنها- أنها قالت: بات أبو الدرداء الليلة يصلي فجعل يبكي، ويقول: اللهم أحسنت خَلقي فأحسن خُلقي حتى أصبح، فقلت: يا أبا الدرداء ما كان دعاؤك منذ الليلة إلا في حسن الخلق؟ قال: يا أم الدرداء إن العبد المسلم يحسن خلقه حتى يدخله حسن خلقه الجنة، ويسوء خلقه حتى يدخله سوء خلقه النار، وإن العبد المسلم ليغفر له وهو نائم، قال: قلت: وكيف ذلك يا أبا الدرداء؟ قال: يقوم أخوه من الليل فيتهجد فيدعو الله فيستجيب له ويدعو لأخيه فيستجيب له. الزهد لأحمد بن حنبل.
كان لحمدون الدلال صحيفة مكتوب فيها ثلاثمائة من أصدقائه، وكان يدعو لهم كل ليلة، فتركهم ليلة فنام، فقيل له في نومه: يا أبا حمدون لم لم تسرج مصابيحك الليلة؟ فقعد وأسرج وأخذ الصحيفة فدعا لواحدٍ واحد حتى فرغ. صفة الصفوة لابن الجوزي.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "أسْرعُ الدُّعاء إجَابة دُعاءُ غَائبٍ لغائبْ".
قال الإمام أحمد -رحمه الله-: "لو كان لي دعوة مستجابة; لصرفتها للسلطان; فإن بصلاحه صلاح الأمة".
الدعاء الدعاء لأحبتنا في سوريا، وبيرما وأراكان ومالي والعراق وفلسطين ومصر واليمن، وفي كل مكان.
في الدعوات معانٍ وتنبيهات:
((وهب المسيئين منا للمحسنين)) دعاء نسمعه كثيرًا في القنوت، ومعناه نسأل الله أن يعفو عن المسيئين من المسلمين بدعاء المحسنين وشفاعتهم وصحبتهم ولا حرج.
ولا حرج فيه؛ لأن مجالسة الأخيار من أسباب العفو فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم، ولكن لا يعتمد المسلم على هذه الأمور لتكفير سيئاته.
بل يجب عليه أن يلزم التوبة دائمًا ويحاسب نفسه ويجاهدها على الطاعة. [ابن باز].
الدعاء على طغاة الشام بدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- على قريش: ((اللهم اجعلها عليهم كسني يوسف)) غير مناسب؛ لأن فيه نوعًا من الإمهال.
ومن وجه آخر؛ فإن الأخذ بسني القحط لا يقتصر أثره على المدعو عليهم، بل يعم جميع أهل البلاد.
والمطلوب الدعاء عليهم أن يزيلهم الله، ويمحقهم عاجلاً غير آجل، حقق الله ذلك بعز الإسلام والمسلمين، ونصر المجاهدين. د. عبد الرحمن البراك.
من الدعاء المشهور: "اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يُعز فيه أهل طاعتك، ويُذل فيه أهل معصيتك..." إلخ.
وقد أشكل على بعضهم قوله: ويذل فيه أهل معصيتك، ومن ذا الذي يسلم من جنس المعصية؟! واللفظ المأثور في هذا الدعاء كما جاء عن طلق بن حبيب: ((اللهم أبرم لهذه الأمة أمراً راشداً تعز فيه وليّك، وتُذل فيه عدوك، ويُعمل فيه بطاعتك، ويُتناهى فيه عن سخطك)) فينبغي الدعاء به، وبه يزول الإشكال. د. عبد الرحمن البراك.
"الدعاء ليس كله جائزًا، بل فيه عدوان محرم، والمشروع لا عدوان فيه، والعُدوان يَكون تارة في كَثرة الألفاظ، وتَارة في المعاني" ابن تيمية.
قيل لابن عمر -رضي الله عنهما-: لو دعوت لنا بدعوات، فقال: اللهم اهدنا وعافنا وارزقنا. فقال له رجل: لو زدتنا، فقال: أعوذ بالله من الإسهاب.
موقع صيد الفوائد
قُصاصات في الدعاء:
قال مطرف بن عبد الله: "تذاكرت جماع الخير؟ فإذا الخير كثير: الصيام، والصلاة، وإذا هو في يد الله تعالى، وإذا أنت لا تقدر على ما في يد الله إلا أن تسأله فيعطيك؛ فإذا جماع الخير: الدعــاء". مدارج السالكين.
وقد أمر الله في كتابه بالدعاء في عدة مواضع:
فقال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (60) غافر وقال: ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186) البقرة.
فقوله تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) فالآية تدل على الوجوب للأمر في الآية؛ ولأن ترك العبد دعاء ربه من الاستكبار وهو كفر.
وقال تعالى: (واسألوا الله من فضله).
وقال تعالى: (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين).
(قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى).
قال بعض السلف: "من أراد أن يعرف معرفته بالله، فلينظر إلى ما وعده الله، ووعده الناس بأيهما قلبه أوثق".
وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالدعاء، وحث عليه: فمن الأحاديث:
1. ((ادع إلى ربك الذي إن مسك ضر فدعوته، كشف عنك، والذي إن ضللت بأرض قفر فدعوته رد عليك، والذي إن أصابتك سنة فدعوته أنبت لك)) رواه أحمد وغيره.
2. ((أعجز الناس من عجز عن الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام)).
3. حديث أنس: ((إن الله حيي كريم، يستحيي أن يبسط العبد يديه إليه، فيردهما صفرًا)).
وعن سلمان الفارسي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن ربكم -تبارك وتعالى- حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرًا)) رواه أبو داود.
كيف بحالك وأنت تسأل ملك من ملوك الدنيا؟ تأمل!
4. عن أبي هريرة ((إن لله تعالى عتقاء في كل يوم وليلة لكل عبد منهم دعوة مستجابة)) رواه أحمد.
5. عن أبي هريرة: ((إن من لم يسأل الله تعالى يغضب عليه)).
6. وعنه -رضي الله عنه-: ((ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء)) رواه أحمد.
7. عن أبي أمامة ((ما أنعم الله على عبد نعمة، فحمد الله عليها إلا كان ذلك الحمد أفضل من تلك النعمة...)) رواه الطبراني، وحسنه الألباني.
أقوال في الحث على الدعاء:
قال وهب بن منبه لرجل كان يأتي الملوك: "تأتي من يغلق عنك بابه، ويظهر لك فقره، ويواري عنك غناه، وتدع من يفتح لك بابه، نصف الليل، ونصف النهار، ويظهر لك غناه، ويقول: ادعني استجب لك؟"
وفي بعض الإسرائيليات يقول الله: "أيؤمل غيري للشدائد، والشدائد بيدي، وأنا الحي القيوم، ويرجى غيري، ويطرق بابه، بالبكرات، وبيدي مفاتيح الخزائن، وبابي مفتوح عند دعائي، من ذا الذي أحلت به بنائبة فقطعت به، أو من ذا الذي رجاني لعظيم فقطعت به، أو من ذا الذي طرق بابي فلم أفتحه له أنا غاية الآمال، كيف تنقطع الآمال دوني، أبخيل أنا فيبخلني عبدي؟ أليس الدنيا والآخرة، والكرم والفضل كله لي؟ فيا بؤسًا للقانطين من رحمتي، ويا بؤسًا لمن عصاني وتوثب على محارمي، ضجيج الأصوات في هياكل العبادات، يُحلّل ما عقدته الأفلاك المؤثرات، قالها الفلاسفة في أثر الدعاء، وهم ملاحدة! فألحّوا في الدعوات [د. عبد العزيز العبد اللطيف].
قُصاصات في أهمية الدعاء وفضله:
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يُغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم يَنْزِل، وإن البلاء ليَنْزِل فيتلقاه الدعاء، فَيَعْتَلِجَان إلى يوم القيامة)) رواه الحاكم، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
يقول خالد الربعي: عجبت لهذه الأمة! أمرهم بالدعاء ووعد بالإجابة، وليس بينهما شرط! فسئل عن هذا؟ فقال: مثل قوله: (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات) فها هنا شرط -أي البشارة مشروطة بالإيمان والعمل الصالح-، وقوله: (فادعوا الله مخلصين له الدين) فها هنا شرط، أما قوله: (ادعوني أستجب لكم) فليس فيه شرط. تفسير القرطبي.
"قال أبو الدرداء -رضي الله عنه-: من يُكثر قرع الباب يُوشك أن يُفتح له، ومن يُكثر الدعاء يُوشك أن يستجاب له"
رواه البيهقي في شُعب الإيمان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "القلوب الصادقة والأدعية الصالحة هي العسكر الذي لا يغلب".
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم: "إذا أراد الله بعبد خيراً ألهمه دعاءه والاستعانة به، وجعل استعانته ودعاءه سبباً للخير الذي قضاه له، كما قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "إني لا أحمل هم الإجابة، وإنما أحمل هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه" كما أن الله تعالى إذا أراد أن يشبع عبدًا أو يرويه ألهمه أن يأكل أو يشرب، وإذا أراد الله أن يتوب على عبد ألهمه أن يتوب فيتوب عليه، وإذا أراد أن يرحمه ويدخله الجنة يسره لعمل أهل الجنة، والمشيئة الإلهية اقتضت وجود هذه الخيرات بأسبابها المقدرة لها، كما اقتضت وجود دخول الجنة بالعمل الصالح، ووجود الولد بالوطء، والعلم بالتعليم، فمبدأ الأمور من الله، وتمامها على الله". اهـ.
وقال ابن القيم في (الفوائد): "إذا كان كل خير أصله التوفيق, وهو بيد الله لا بيد العبد, فمفتاحه الدعاء والافتقار وصدق اللجأ والرغبة والرهبة إليه، فمتى أعطى العبد هذا المفتاح فقد أراد أن يفتح له, ومتى أضلّه عن المفتاح بقي باب الخير مرتجاً دونه". اهـ.
وقال في (عدة الصابرين): "من أعطى منشور الدعاء أعطى الإجابة، فإنه لو لم يرد إجابته لما ألهمه الدعاء، كما قيل:
لو لم ترد نيل ما أرجو وأطلبه *** من جود كفك ما عودتني الطلبا. اهـ.
وقال في (الجواب الكافي): "من ألهم الدعاء فقد أريد به الإجابة؛ فإن الله سبحانه يقول: (ادعوني أستجب لكم) وقال: (وإذا سألك عبادي عنى فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان)". اهـ.
قال بعض السلف: "متى أطلق الله لسانك بالدعاء والطلب، فاعلم أنه يريد أن يعطيك".
وقال ابن القيم: "من أراد الله به خيرا فَتح له باب الذل والانكسار، ودوام اللجأ إلى الله تعالى والافتقار إليه".
قال سهل التستري: "ليس بين العبد وبين ربه طريق أقرب إليه من الافتقار".
وقال بعضهم: "يا ابن آدم، لقد بورك لك في حاجة أكثرت فيها من قرع باب سيدك".
في صحيح الترغيب عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما من مسلم ينصب وجهه لله -عز وجل- في مسألة إلا أعطاها إياه إما أن يعجلها له، وإما أن يدخرها له في الآخرة)).
وفي الحديث الآخر عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ! قَالَ: اللَّهُ أَكْثَرُ)) رواه أحمد، وصححه الألباني.
قال ابن عبد البر في (التمهيد): "فيه دليل على أنه لا بد من الإجابة على إحدى هذه الأوجه الثلاثة". اهـ.
وقال ابن حجر في (الفتح): "كل داع يستجاب له، لكن تتنوع الإجابة: فتارة تقع بعين ما دعا به، وتارة بعوضه". اهـ.
يقول ابن القيم-رحمه الله-: "وليتأمل العاقل هذا في نفسه وفي غيره وليعلم أن إجابة الله لسائليه ليست لكرامة السائل عليه، بل يسأله عبده الحاجة فيقضيها له وفيها هلاكه وشقوته ويكون قضاؤها له من هوانه عليه وسقوطه من عينه. ويكون منعه منها، لكرامته عليه ومحبته له فيمنعه حماية وصيانةً وحفظًا لا بخلاً، وهذا إنما يفعله بعبده الذي يريد كرامته ومحبته ويعامله بلطفه فيظن بجهله أن الله لا يحبه ولا يكرمه ويراه يقضي حوائج غيره فيسيء ظنه بربِّه وهذا حشو قلبه ولا يشعر به والمعصوم من عصمه الله". مدارج السالكين (1:79).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-: "مِنْ تَمَامِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُنْزِلَ بِهِمْ الشِّدَّةَ وَالضُّرَّ وَمَا يُلْجِئُهُمْ إلَى تَوْحِيدِهِ فَيَدْعُونَهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، وَيَرْجُونَهُ لَا يَرْجُونَ أَحَدًا سِوَاهُ، وَتَتَعَلَّقُ قُلُوبُهُمْ بِهِ لَا بِغَيْرِهِ، فَيَحْصُلُ لَهُمْ مِنْ التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَالْإِنَابَةِ إلَيْهِ وَحَلَاوَةِ الْإِيمَانِ وَذَوْقِ طَعْمِهِ وَالْبَرَاءَةِ مِنْ الشِّرْكِ مَا هُوَ أَعْظَمُ نِعْمَةً عَلَيْهِمْ مِنْ زَوَالِ الْمَرَضِ وَالْخَوْفِ أَوْ الْجَدْبِ أَوْ حُصُولِ الْيُسْرِ وَزَوَالِ الْعُسْرِ فِي الْمَعِيشَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَذَّاتٌ بَدَنِيَّةٌ وَنِعَمٌ دُنْيَوِيَّةٌ قَدْ يَحْصُلُ لِلْكَافِرِ مِنْهَا أَعْظَمُ مِمَّا يَحْصُلُ لِلْمُؤْمِنِ، وَأَمَّا مَا يَحْصُلُ لِأَهْلِ التَّوْحِيدِ الْمُخْلِصِينَ لِلَّهِ الدِّينَ فَأَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْ كُنْهِهِ مَقَالٌ، أَوْ يَسْتَحْضِرَ تَفْصِيلَهُ بَالٌ، وَلِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ ذَلِكَ نَصِيبٌ بِقَدْرِ إيمَانِهِ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: يَا ابْنَ آدَمَ لَقَدْ بُورِكَ لَك فِي حَاجَةٍ أَكْثَرْت فِيهَا مِنْ قَرْعِ بَابِ سَيِّدِك، وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: إنَّهُ لَيَكُونُ لِي إلَى اللَّهِ حَاجَةٌ فَأَدْعُوهُ فَيَفْتَحُ لِي مِنْ لَذِيذِ مَعْرِفَتِهِ وَحَلَاوَةِ مُنَاجَاتِهِ مَا لَا أُحِبُّ مَعَهُ أَنْ يُعَجِّلَ قَضَاءَ حَاجَتِي خَشْيَةَ أَنْ تَنْصَرِفَ نَفْسِي عَنْ ذَلِك ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تُرِيدُ إلَّا حَظَّهَا فَإِذَا قُضِيَ انْصَرَفَتْ". مجموع الفتاوى (10 / 333).
"لله در الحاجات.. كم قادتنا إلى الله، وجددت قلوبنا، وأحيت معاني العبودية في أرواحنا، وألهمتنا حرارة الدعاء". د. سلمان العودة.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا تمنى أحدُكم فليُكثر، فإنما يسأل ربَّه)).
قال المناوي -رحمه الله-: "إذا تمنى أحدكم خيرًا من خير الدارَيْن فليكثر الأماني، فإنما يسأل ربه الذي ربَّاه وأنعم عليه وأحسن إليه، فيعظم الرغبة ويوسِّع المسألة...".
ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن في الجنة مائة درجة، أعدَّها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة – أراه قال: وفوقه عرشُ الرحمن – ومنه تفجَّرُ أنهار الجنة)).
رحمة الله لا تعز على طالب في أي مكان، وجدها إبراهيم في النار، ويوسف في الجب، ويونس في الحوت، وموسى في اليم، والفتية في الكهف، أسال الله أن يفتح لك رحمة. د. نوال العيد
يقول ابن تيمية-رحمه الله-: "الرَّبّ أكرم ما تكون عليه؛ أحوج ما تكون إليه".
قُصَاصات الدُّعاءُ المُسْتجاب:
يقول ابن القيم-رحمه الله- في الجواب الكافي: "وإذا جمع مع الدعاء حضور القلب وجمعيته بكليته على المطلوب، وصادف وقتًا من أوقات الإجابة الستة، وهو: الثلث الأخير من الليل، وعند الآذان، وبين الآذان والإقامة، وأدبار الصلوات المكتوبات، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة من ذلك اليوم، وآخر ساعة بعد العصر، وصادف خشوعاً في القلب، وانكساراً بين يدي الرب، وذلاً وتضرعاً ورقة، واستقبل الداعي القبلة، وكان على طهارة، ورفع يديه إلى الله، وبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم ثنى بالصلاة على محمد عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، ثم قدم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار، ثم دخل على الله، وألحّ عليه في المسألة، وتملقه ودعاه رغبة ورهبة، وتوسل بأسمائه وصفاته وتوحيده، وقدم بين يدي دعائه صدقة فإن هذا الدعاء لا يكاد يُرد أبدًا،
ولا سيما إن صادف الأدعية التي أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها مظنة الإجابة، أو أنها متضمنة للاسم الأعظم".
((خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي، لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)) صحيح الترمذي.
قال ابن عبد البر: "وفيه من الفقه أن دعاء يوم عرفة أفضل من غيره، وفي ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره، وفي الحديث أيضاً دليل على أن دعاء يوم عرفة مجاب كله في الأغلب". التمهيد (6/ 41).
وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يرفع يديه إلى صدره يدعو من بعد الظهر إلى غروب الشمس.
إذا كان هذا هو حال من قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكيف بنا؟
فحريٌ بأصحاب الحاجات إدمان قرع الباب في يوم عرفة و"من أدمن قرع الباب يوشك أن يُفتح له".
يقول أحد الصالحين: "والله ما دعوت دعوة يوم عرفة وما دار عليها الحول إلا رأيتها مثل فلق الصبح".
ويقول الشيخ عبد العزيز الطريفي: "لا تشرق شمس على يوم أفضل من يوم عرفة، ولا تغرب لليلة أفضل من ليلة القدر، والدعاء فيهما من أفضل الأعمال، وأقربها قبولاً وإجابة".
لوقت الفطر في رمضان مزية عظمى، وقت التفضل الإلهي والعتق من النار، وإجابة الدعوات، فاحرص على استثماره، ((إن لله عند كل فطر عتقاء، وذلك في كل ليلة)) د. نوال العيد.
قوله: ((وإذا سألك عبادي عني...)) "إيماء إلى أن الصائم مرجو الإجابة وإلى أن شهر رمضان مرجوة دعواته، وإلى مشروعية الدعاء عند انتهاء كل يوم من رمضان" ابن عاشور.
* أكثر من ذكر الله تفتح لك أبواب السماء، ويجاب لك الدعاء، وفي الحديث الصحيح: ((ثلاثة لا يرد الله دعاءهم: الذاكر الله كثيرًا، ودعوة المظلوم، والإمام المقسط)). د. نوال العيد.
أأذكر حاجتي أم قد كفاني *** حياؤك إن شيمتك الحياء
إذا أثَنى عليك المرءُ يوم *** كفاه من تعرُّضِهِ الثناءُ.
من "سورة الفاتحة" نتعلم أن إطالة الثناء في أول الدعاء مشروع، فقد استغرق نصف الفاتحة، ثم يأتي الانكسار ثم السؤال ويكونا في القدر دون الأول. د.ع صام العويد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "تأمَّلت أنفع الدعاء فإذا هو: سؤال الله العون على مرضاته".
ما سُئل الله بأعظم من توحيده وعبادته. د.عبد الله وكيل الشيخ.
قيل للإمام أحمد - رحمه الله -: "كم بيننا وبين عرش الرحمن؟ قال: دعوة صادقة من قلب صادق".
ورد عن بعض السلف أن من دعا الله بلفظ الربوبية -ربنا- خمس مرات استجيب له استدلالًا بأواخر سورة آل عمران حيث ذكر فيها "ربنا" خمس مرات فجاءت الآية بعدها (فاستجاب لهم ربهم)
يقول ابن القيم –رحمه الله-: "وقد جرب أنه من قال: رب إني مسني الضر، وأنت أرحم الراحمين سبع مرات، ولا سيما مع شدة حاجة العبد وفقره كشف الله ضره".
دعوة المُضْطَر:
قال تعالى: (أمن يجيب المضطر إذا دعاه)
قال ابن عباس: "هو ذو الضرورة المجهود"، وقال السدي: "الذي لا حول له ولا قوة" قال ذو النون: "هو الذي قطع العلائق عما دون الله" وقال أبو جعفر وأبو عثمان النيسابوري: "هو المفلس".
وقال سهل بن عبد الله: "هو الذي إذا رفع يديه إلى الله داعيًا لم يكن له وسيلة من طاعة قدمها".
ينبه تعالى أنه هو المدعو عند الشدائد، المرجو عند النوازل، كما قال: (وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه) [ الإسراء : 67 ] وقال تعالى: (ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون) [النحل: 53] وهكذا قال هاهنا: (أمن يجيب المضطر إذا دعاه) أي: من هو الذي لا يلجأ المضطر إلا إليه، والذي لا يكشف ضر المضرورين سواه". ابن كثير.
في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تُسد فاقته، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل)) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح غريب.
عن أبي تميمة الهجيمي عن رجل من بلهجيم قال: قلت: يا رسول الله، إلام تدعو؟ قال: ((أدعو إلى الله وحده، الذي إن مسك ضر فدعوته كشف عنك، والذي إن أضللت بأرض قفر فدعوته رد عليك، والذي إن أصابتك سنة فدعوته أنبت لك)) رواه الإمام أحمد-رحمه الله-.
عن عبيد الله بن أبي صالح قال: دخل علي طاوس يعودني، فقلت له: ادع الله لي يا أبا عبد الرحمن، فقال: "ادع لنفسك، فإنه يجيب المضطر إذا دعاه".
وجاء رجل إلى مالك بن دينار، فقال: "أنا أسألك بالله أن تدعو لي فأنا مضطر; قال: إذاً فاسأله، فإنه يجيب المضطر إذا دعاه".
وعن وهب بن منبه، قال: "قرأت في الكتاب الأول: إن الله يقول: بعزتي إنه من اعتصم بي فإن كادته السموات ومن فيهن، والأرض بمن فيها، فإني أجعل له من بين ذلك مخرجاً، ومن لم يعتصم بي فإني أخسف به من تحت قدميه الأرض، فأجعله في الهواء، فأكله إلى نفسه".
وإني لأدعو الله والأمر ضيق *** لي فما ينفك أن يتفرَّجا
ورب أخ سدت عليه وجوهه *** أصاب لها لما دعا الله مخرجا.
عن الأوزاعي قال: "رأيت رجلاً في الطواف متعلق بأستار الكعبة، وهو يقول: يا رب إني فقير كما ترى، وصبيتي قد عروا كما ترى، وناقتي قد عجزت كما ترى، فما ترى يا من ترى ولا يُرى؟ فإذا بصوت من خلفه: يا عاصم! إلحق عمّك فقد هلك بالطائف، وقد خلَّف ألف نعجة، وثلاثمائة ناقة، وأربعمائة دينار، وأربعة أعبد، وثلاثة أسياف يمانية، فامض فخذها فليس له وارث غيرك! فقلت: يا عاصم! إن الذي دعوته لقد كان قريبًا منك، قال: يا هذا أما سمعت قوله تعالى: (وإذا سألك عبادي عنِّي فإني قريبٌ أُجيبُ دَعْوة الدَّاع إذا دعَان)".
الدُّعاء خُفية:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "فقوله تعالى: (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية) يتناول نوعي الدعاء؛ لكنه ظاهر في دعاء المسألة متضمن دعاء العبادة؛ ولهذا أمر بإخفائه وإسراره، قال الحسن: "بين دعوة السر ودعوة العلانية سبعون ضعفًا" ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء، وما يسمع لهم صوت، أي ما كانت إلا همساً بينهم وبين ربهم -عز وجل-؛ وذلك أن الله -عز وجل- يقول: (ادعوا ربكم تضرعا وخفية) وأنه ذكر عبدًا صالحًا، ورضي بفعله، فقال: (إذ نادى ربه نداء خفيًا).
وفي إخفاء الدعاء فوائد عديدة:
"أحدها" أنه أعظم إيماناً؛ لأن صاحبه يعلم أن الله يسمع الدعاء الخفي، و"ثانيها" أنه أعظم في الأدب والتعظيم؛ لأن الملوك لا ترفع الأصوات عندهم، ومن رفع صوته لديهم مقتوه، ولله المثل الأعلى، فإذا كان يسمع الدعاء الخفي، فلا يليق بالأدب بين يديه إلا خفض الصوت به.
و"ثالثها" أنه أبلغ في التضرع والخشوع الذي هو روح الدعاء ولبه ومقصوده، فإن الخاشع الذليل إنما يسأل مسألة مسكين ذليل قد انكسر قلبه، وذلت جوارحه، وخشع صوته؛ حتى أنه ليكاد تبلغ ذلته وسكينته وضراعته إلى أن ينكسر لسانه، فلا يطاوعه بالنطق، وقلبه يسأل طالباً مبتهلاً، ولسانه لشدة ذلته ساكتاً، وهذه الحال لا تأتي مع رفع الصوت بالدعاء أصلاً.
و"رابعها" أنه أبلغ في الإخلاص.
و"خامسها" أنه أبلغ في جمعية القلب على الذلة في الدعاء، فإن رفع الصوت يفرقه، فكلما خفض صوته كان أبلغ في تجريد همته وقصده للمدعو سبحانه.
و"سادسها" - وهو من النكت البديعة جداً- أنه دال على قرب صاحبه للقريب لا مسألة نداء البعيد للبعيد؛ ولهذا أثنى الله على عبده زكريا بقوله -عز وجل-: (إذ نادى ربه نداء خفياً) فلما استحضر القلب قرب الله -عز وجل-، وأنه أقرب إليه من كل قريب أخفى دعاءه ما أمكنه.
وقد أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المعنى بعينه بقوله في الحديث الصحيح: لما رفع الصحابة أصواتهم بالتكبير، وهم معه في السفر، فقال: ((أربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إنكم تدعون سميعاً قريباً، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته)).
وقد قال تعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) وهذا القرب من الداعي هو قرب خاص، ليس قرباً عاماً من كل أحد فهو قريب من داعيه، وقريب من عابديه، وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وقوله تعالى: (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية) فيه الإرشاد والإعلام بهذا القرب.
و"سابعها" أنه أدعى إلى دوام الطلب والسؤال، فإن اللسان لا يمل، والجوارح لا تتعب، بخلاف ما إذا رفع صوته، فإنه قد يمل اللسان وتضعف قواه، وهذا نظير من يقرأ ويكرر، فإذا رفع صوته فإنه لا يطول له؛ بخلاف من خفض صوته.
و"ثامنها" أن إخفاء الدعاء أبعد له من القواطع والمشوشات؛ فإن الداعي إذا أخفى دعاءه لم يدر به أحد، فلا يحصل على هذا تشويش ولا غيره، وإذا جهر به فرطت له الأرواح البشرية، ولا بد ومانعته وعارضته، ولو لم يكن إلا أن تعلقها به يفزع عليه همته؛ فيضعف أثر الدعاء ومن له تجربة يعرف هذا فإذا أسر الدعاء أمن هذه المفسدة.
و"تاسعها" أن أعظم النعمة الإقبال والتعبد، ولكل نعمة حاسد على قدرها دقت أو جلت ولا نعمة أعظم من هذه النعمة فإن أنفس الحاسدين متعلقة بها وليس للمحسود أسلم من إخفاء نعمته عن الحاسد، وقد قال يعقوب ليوسف -عليهما السلام-: (لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً) الآية.
وكم من صاحب قلب وجمعية وحال مع الله تعالى قد تحدث بها، وأخبر بها فسلبه إياها الأغيار؛ ولهذا يوصي العارفون والشيوخ بحفظ السر مع الله تعالى، ولا يطلع عليه أحد، والقوم أعظم شيئاً كتماناً لأحوالهم مع الله -عز وجل- وما وهب الله من محبته والأنس به وجمعية القلب، ولا سيما فعله للمهتدي السالك، فإذا تمكن أحدهم، وقوي وثبت أصول تلك الشجرة الطيبة التي أصلها ثابت، وفرعها في السماء في قلبه، بحيث لا يخشى عليه من العواصف، فإنه إذا أبدى حاله مع الله تعالى ليقتدى به، ويؤتم به لم يبال، وهذا باب عظيم النفع إنما يعرفه أهله.
قال -رحمه الله-: "والمقصود أن كل واحد من الدعاء والذكر يتضمن الآخر، ويدخل فيه، وقد قال تعالى: (واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة) فأمر تعالى نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يذكره في نفسه، قال مجاهد وابن جريج: أمروا أن يذكروه في الصدور بالتضرع والاستكانة دون رفع الصوت والصياح، وتأمل كيف قال في آية الذكر: (واذكر ربك) الآية.
وفي آية الدعاء: (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية) فذكر التضرع فيهما معاً، وهو التذلل والتمسكن والانكسار، وهو روح الذكر والدعاء، وخص الدعاء بالخفية لما ذكرنا من الحكم وغيرها وخص الذكر بالخيفة لحاجة الذاكر إلى الخوف، فإن الذكر يستلزم المحبة ويثمرها؛ ولا بد لمن أكثر من ذكر الله أن يثمر له ذلك محبته، والمحبة ما لم تقترن بالخوف، فإنها لا تنفع صاحبها بل تضره؛ لأنها توجب التواني والانبساط، وربما آلت بكثير من الجهال المغرورين إلى أن استغنوا بها عن الواجبات" مجموع الفتاوى (15/ 19- 20).
وقال: "فتأمل أسرار القرآن وحكمته في اقتران الخيفة بالذكر والخفية بالدعاء مع دلالته على اقتران الخفية بالدعاء والخيفة بالذكر أيضاً، وذكر الطمع الذي هو الرجاء في آية الدعاء؛ لأن الدعاء مبني عليه، فإن الداعي ما لم يطمع في سؤاله ومطلوبه لم تتحرك نفسه لطلبه؛ إذ طلب ما لا طمع له فيه ممتنع وذكر الخوف في آية الذكر لشدة حاجة الخائف إليه فذكر في كل آية ما هو اللائق بها من الخوف والطمع فتبارك من أنزل كلامه شفاء لما في الصدور" مجموع الفتاوى (15/ 21- 22).
قُصاصة الأدعية المُستجابة:
ذكر ابن القيم في الجواب الكافي الأدعية التي وردت في السنة أنها مظنة إجابة أو أنها متضمنة لاسم الله الأعظم، منها ما يلي:
سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلاً يقول: "اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت، الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد" فقال: ((لقد سأل الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب)) صحيح.
وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه كان مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالساً ورجل يصلي، ثم دعا فقال: "اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان، بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لقد دعا باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سُئل به أعطى)) إسناده حسن.
وعن أسماء بنت يزيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: (إن إلهكم إله واحد لآ إله إلا هو الرحمن الرحيم) البقرة:163، وفاتحة آل عمران (آلم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم) قال الترمذي: حسن صحيح.
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((ألِظُّوا بيا ذا الجلال والإكرام)) صحيح.
عن أنس بن مالك قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا حزبه أمر قال: ((يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث)) حسن لغيره.
وعن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((اسم الله الأعظم في ثلاث سور من القرآن:البقرة، وآل عمران، وطه)) حسن لغيره.
وعن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) الأنبياء: 87 إنه لم يدع بها مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له)) صحيح.
وفي رواية: ((ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم أمر مهم فدعا به يفرج الله، دعاء ذي النون)) صحيح.
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول عند الكرب: ((لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم)) متفق عليه.
وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: علمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا نزل بي كرب أن أقول: ((لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله وتبارك الله رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين)) حسن لغيره.
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما أصاب أحد قط هم ولا حزن، فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك: أن تجعل القرآن العظيم ربع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي"إلا أذهب الله -عز وجل- همه وحزنه، وأبدله مكانه فرحاً فقيل: يا رسول الله، ألا نتعلمها؟ قال: بلى، ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها)) صحيح.
الدعاء للمسلم:
يقول الله تعالى: (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) [محمد: 19] وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((ما من عبدٍ مسلم يدعو لأخيه بظَهْر الغيب، إلاَّ قال الملك: ولك بمثله)).
عن صفوان -رضي الله عنه- قال: قدمت الشام فأتيت أبا الدرداء في منزله فلم أجده ووجدت أم الدرداء فقالت: أتريد الحج العام؟ فقالت: نعم، قالت: فادع الله لنا بخير، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: ((دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل، كلما دعا لأخيه بخير فال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل)) رواه مسلم.
روت أم الدرداء -رضي الله عنها- قالت: "كان لأبي الدرداء ستون وثلاثمائة خليل في الله، يدعو لهم في الصلاة، فقلت له في ذلك، فقال: إنه ليس رجل يدعو لأخيه في الغيب إلا وكل الله به ملكين يقولان: ولك بمثل، أفلا أرغب أن تدعوا لي الملائكة".
وروت أيضًا -رضي الله عنها- أنها قالت: بات أبو الدرداء الليلة يصلي فجعل يبكي، ويقول: اللهم أحسنت خَلقي فأحسن خُلقي حتى أصبح، فقلت: يا أبا الدرداء ما كان دعاؤك منذ الليلة إلا في حسن الخلق؟ قال: يا أم الدرداء إن العبد المسلم يحسن خلقه حتى يدخله حسن خلقه الجنة، ويسوء خلقه حتى يدخله سوء خلقه النار، وإن العبد المسلم ليغفر له وهو نائم، قال: قلت: وكيف ذلك يا أبا الدرداء؟ قال: يقوم أخوه من الليل فيتهجد فيدعو الله فيستجيب له ويدعو لأخيه فيستجيب له. الزهد لأحمد بن حنبل.
كان لحمدون الدلال صحيفة مكتوب فيها ثلاثمائة من أصدقائه، وكان يدعو لهم كل ليلة، فتركهم ليلة فنام، فقيل له في نومه: يا أبا حمدون لم لم تسرج مصابيحك الليلة؟ فقعد وأسرج وأخذ الصحيفة فدعا لواحدٍ واحد حتى فرغ. صفة الصفوة لابن الجوزي.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "أسْرعُ الدُّعاء إجَابة دُعاءُ غَائبٍ لغائبْ".
قال الإمام أحمد -رحمه الله-: "لو كان لي دعوة مستجابة; لصرفتها للسلطان; فإن بصلاحه صلاح الأمة".
الدعاء الدعاء لأحبتنا في سوريا، وبيرما وأراكان ومالي والعراق وفلسطين ومصر واليمن، وفي كل مكان.
في الدعوات معانٍ وتنبيهات:
((وهب المسيئين منا للمحسنين)) دعاء نسمعه كثيرًا في القنوت، ومعناه نسأل الله أن يعفو عن المسيئين من المسلمين بدعاء المحسنين وشفاعتهم وصحبتهم ولا حرج.
ولا حرج فيه؛ لأن مجالسة الأخيار من أسباب العفو فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم، ولكن لا يعتمد المسلم على هذه الأمور لتكفير سيئاته.
بل يجب عليه أن يلزم التوبة دائمًا ويحاسب نفسه ويجاهدها على الطاعة. [ابن باز].
الدعاء على طغاة الشام بدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- على قريش: ((اللهم اجعلها عليهم كسني يوسف)) غير مناسب؛ لأن فيه نوعًا من الإمهال.
ومن وجه آخر؛ فإن الأخذ بسني القحط لا يقتصر أثره على المدعو عليهم، بل يعم جميع أهل البلاد.
والمطلوب الدعاء عليهم أن يزيلهم الله، ويمحقهم عاجلاً غير آجل، حقق الله ذلك بعز الإسلام والمسلمين، ونصر المجاهدين. د. عبد الرحمن البراك.
من الدعاء المشهور: "اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يُعز فيه أهل طاعتك، ويُذل فيه أهل معصيتك..." إلخ.
وقد أشكل على بعضهم قوله: ويذل فيه أهل معصيتك، ومن ذا الذي يسلم من جنس المعصية؟! واللفظ المأثور في هذا الدعاء كما جاء عن طلق بن حبيب: ((اللهم أبرم لهذه الأمة أمراً راشداً تعز فيه وليّك، وتُذل فيه عدوك، ويُعمل فيه بطاعتك، ويُتناهى فيه عن سخطك)) فينبغي الدعاء به، وبه يزول الإشكال. د. عبد الرحمن البراك.
"الدعاء ليس كله جائزًا، بل فيه عدوان محرم، والمشروع لا عدوان فيه، والعُدوان يَكون تارة في كَثرة الألفاظ، وتَارة في المعاني" ابن تيمية.
قيل لابن عمر -رضي الله عنهما-: لو دعوت لنا بدعوات، فقال: اللهم اهدنا وعافنا وارزقنا. فقال له رجل: لو زدتنا، فقال: أعوذ بالله من الإسهاب.