مشاهدة النسخة كاملة : الطعام والدواء في رمضان(14)


فريق منتدى الدي في دي العربي
06-18-2016, 11:07 PM
الطعام والدواء في رمضان(14)
د/سمير عبد الخالق عقار



الطعام الصحي في رمضان:

ليس بالضرورة أن تشتمل مائدة الإفطار والسحور على كل ما إلا ثمنه، وطاب طعمه من المأكولات والمشروبات، فليس الإفطار أو السحور محاولة للانتقام من الحرمان من الطعام والشراب أثناء الصيام، وليس الإسراف من مقاصد هذه الشرعية الغراء، ولا تلك الفريضة التي تعلمنا ترشيد الاستهلاك والكف عن البذخ، فقيمة الطعام ليست في غلو سعره وطيب طعمه بقدر ما تكون فيما يشتمل عليه من قيمة غذائية وعناصر مفيدة.

وربة الأسرة الحكيمة هي التي تحسن اختيار طعام أسرتها خلال شهر الصوم، ولا تكلف ميزانية الأسرة ضغطًا كبيرًا، و ترهق كاهل رب الأسرة بكثرة الطلبات، وزيادة النفقات.

فكثير من الأسر تفهم نمط التغذية خلال هذا الشهر الكريم فهمًا خاطئًا، فتكون النتيجة زيادة نفقات الطعام والشراب خلال هذا الشهر بشكل كبير، قد يتجاوز في كثير من الأحيان ما ينفق خلال عدة شهور، وتخرج منه الأبدان الصحيحة وقد أصابها المرض، والأجسام الرشيقة الخفيفة بدينة متثاقلة، ويخرج الصوم عن معناه الحقيقي ولا تتحقق الفائدة المرجوة منه.

والطعام الصحي خلال هذا الشهر الكريم يجب أن تتوفر فيه شروط لا يمكن الاستغناء عنها، وأهم هذه الشروط ما يلي:

* لا يرهق ميزانية الأسرة، أو يؤدي إلى الإسراف حتى لا يخرج الصوم عن معناه وغايته الحقيقية.

* أن يشتمل على العناصر الغذائية الضرورية للجسم، كالفيتامينات بأنواعها، والأملاح المعدنية، والبروتينات.

* أن يكون سهل الهضم سريع الامتصاص، لا يتعب المعدة كثيرًا، ولا يؤثر على نشاطها.

* أن تقل فيه نسبة الدهون، لتجنب ما تسببه من أضرار بالغة على الوظائف الحيوية للجسم.

* ألا يسبب تناوله أضرارًا صحية للجسم، كتلك المأكولات التي تسبب الغازات أو عسر الهضم، أو التهاب وقرحة المعدة، أو تؤدي إلى الإصابة بالسمنة.


تداووا عباد الله

طرق استعمال الأدوية أثناء الصوم:

يقول الله تعالى: }مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ{ [المائدة: 6]، ويقول: }يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ{ [البقرة: 185]، ويقول رسول الله r: «تداووا عباد الله فإن الله لم يجعل داء إلا جعل له دواء».

(موسوعة الحديث النبوي الشريف)

وعملاً بهذه النصوص الشريفة، يجب علينا الأخذ بأسباب الصحة والعافية، حتى يقوى البدن ولا يكسل عن العبادة، وأداء الطاعات، فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف كما أخبرنا بذلك رسول الله r.

والأدوية التي تعالج بها الأمراض خلال شهر الصوم كثيرة ومتنوعة، ولكن هذه الأدوية تنقسم إلى نوعين: نوع يفطر الصائم معه، وهو كل ما دخل الجوف عن طريق الفم أو الأوردة كالمحاليل المغذية، والأقراص المهدئة، ونحو ذلك وكان له صفة التغذية، ونوع آخر لا يفطر الصائم معه، كتلك العلاجات التي لا تصل إلى الجوف مباشرة مثل: المراهم والكريمات، وثمة نوع ثالث مختلف فيه كقطرات العين والأنف والأذن.

وفيما يلي نبذة مختصرة عن استعمال هذه الأدوية أثناء الصيام:

1- قطرات العين:

ذهب الأحناف والشافعية إلى أن قطرة العين لا تفطر، حتى لو وجد الصائم طعمها في حلقه، بينما ذهب المالكية والحنابلة إلى أن المكتحل نهارًا إذا وجد طعم الكحل في حلقه أفطر وفسد صومه.

2- قطرات الأنف:

قطرات الأنف ليست من باب الطعام والشراب، ولا يقصد منها التغذية ولا التقوية، ومع ذلك ينطبق عليها ما ينطبق على قطرة العين، ويجب على الصائم أن يحتاط ألا يصل منها شيء إلى جوفه.

3- قطرات الأذن:

إذا كانت طبلة الأذن سليمة، فلا حرج من استعمالها في نهار الصوم، أما إذا كانت الطلبة مثقوبة وأدى استعمال القطرة إلى وصول شيء منها إلى الجوف، فيجب الاحتياط في استعمالها.

4- بخاخ الربو:

يعد بخاخ الربو من الأمور الضرورية للمصاب بهذا المرض، حيث يحتوي على بعض المواد الكيماوية التي تعمل على توسيع شعيرات الرئة، والقصبة الهوائية، ويستنشق الهواء الصادر منه عن طريق الفم أو الأنف، وقد يصل جزء ضئيل منه إلى الجوف عن طريق البلعوم، وقد أباحه بعض الفقهاء المعاصرين، ولكن مجمع الفقه الإسلامي لم يصل فيه إلى قرار نهائي.

5- الحقن العضلية:

هي حقن تؤخذ تحت الجلد، كاللقاحات، والمضادات الحيوية، ومهدئات الألم ونحو ذلك، وقد اتفق الفقهاء على أن هذا النوع من الحقن لا يفسد الصوم لأنه لم يدخل شيء منها إلى الجوف مباشرة، وليس لها صفة التغذية.

6- الحقن الوريدية:

هناك نوعان من الحقن الوريدية، نوع مغذ كالمحاليل المغذية، ونوع غير مغذ، وإنما يؤخذ للتداوي فقط، فالنوع الأول: اتفق الفقهاء على أنه يفطر، لأنه يقوم مقام الطعام والشراب، وتتحقق فيه صفة التغذية، وإن لم يصل إلى المعدة مباشرة. وأما النوع الثاني: فقد أجازه بعض الفقهاء نظرًا للحاجة إليه في دفع الضرر وحفظ النفس.

7- الأدهان والمراهم:

يحتاج كثير من الناس إلى استعمال الأدهان والمراهم إما للعلاج، وإما للزينة، وجميعها يمتص عن طريق الجلد، ومن ثم لا يرى الفقهاء حرجًا في استعمالها.

ومن الأمور التي أجاز مجمع الفقه الإسلامي استعمالها، ولا تعتبر من المفطرات، وأصدر قرارات بشأنها في دورته العاشرة المنعقدة بجدة خلال الفترة من 23 – 28 صفر عام 1418هـ، ما يلي:

* القطرات بأنواعها المختلفة (قطرة العين وقطرة الأنف، وقطرة الأذن، وبخاخ الأنف، وغسول الأذن ما لم يصل منها شيء إلى الجوف، واجتنب بلع ما نفد منها إلى الفم.

* الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية، إذا اجتنب بلع ما نفد منها إلى الحلق.

* ما يدخل المهبل من تحاميل (لبوس) أو غسول، أو منظار مهبلي، أو إصبع للفحص الطبي.

* ما يدخل الرحم للفحص الطبي أو العلاج، كالمنظار أو اللولب ونحو ذلك.

* ما يدخل الإحليل، أي: مجري البول الظاهر للذكر أو الأنثى من قسطرة، أو منظار، أو مادة ظليلة للأشعة، أو دواء، أو محلول لغسل المثانة.

* حفر السن، وقلع الضرس، وتنظيف الأسنان، واستعمال السواك والفرشاة، إذا اجتنب ابتلاع ما نفد إلى الحلق منها.

* المضمضة والغرغرة، وبخاخ العلاج الموضعي للفم، إذا اجتنب ابتلاع ما نفد إلى الحلق.

* الحقن العلاجية العضلية والوريدية ما عدا الحقن المغذية كالمحاليل التي تقوم مقام الغذاء.

* استنشاق الغازات العلاجية كالأكسجين وغيره.

* غازات التخدير (البنج) ما لم يعط المريض محاليل مغذية.

* ما يمتص عن طريق الجلد كالمراهم والدهانات، والملاصقات العلاجية.

* إدخال القسطرة (أنبوب دقيق) إلى القلب وغيره من الأعضاء.

* إدخال منظار من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء الداخلية أو إجراء عمليات جراحية.

* أخذ عينات من الكبد أو غيرها من الأعضاء ما لم يصحب ذلك تناول محاليل مغذية.

* إدخال منظار إلى المعدة بقصد الفحص الطبي أو العلاج ما لم يصحبه أخذ محاليل مغذية.

* دخول أي أداة أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النخاع الشوكي.

* القيء غير العمد.

Adsense Management by Losha