فريق منتدى الدي في دي العربي
03-03-2016, 08:51 PM
<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
كيف تكونين زوجة صالحة وأُمًّا ناجحة؟
الفصل الأول
مفهوم الزواج في الإسلام
قال تعالى: (( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكّرون ))
الزّواج هو سُنَّة كونية أصيلة وضرورة أساسية من الضرورات التي لا غنى عنها في الحياة، قال تعالى: (( سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ)).
وقال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ۚ)) الآية. [ الرعد: 38]
فنظام الزواج ليس دائرة ضيّقة مقصورة على الإنسان والحيوان والنبات، بل هو سُنَّة كونية دقيقة واسعة المدى اتّخذت مكانها في أفراد الكائنات، وقسمت كل نوع إلى قسمين... وحلّت في أحد القسمين بِسِرّ يخالف السرّ الّذي حلّت به في القسم الآخر، على نحو ما حلت في السالب والموجب في عالم الكهرباء... فالسرّ الذي يحمله السالب من سُنّة الله غير الذي يحمله الموجب... ولا تعطى سُنّة الله ثمراتها إلاّ إذا التقى السرّان، واجتمع شمل السالب بالموجب على النحو المعروف، فإذا لم يجتمع السرّان ولم يلتق السالب بالموجب، ظلّت سُنّة الله معطّلة وظلّ الحنين الأزلي ينازع أفراد جنس السالب إلى أفراد جنس الموجب، وظلّ جنس الموجب في مثل الحنين يرنو إلى الإلتئام بجنس السالب..
حقاً إنّها فطرة الله التي فطر الناس عليها.
.... ومن أجل ذلك خلق الله سبحانه وتعالى من ضلع آدم زوجه حواء ليسكن إليها ويأنس بها.
.... ومن أجل ذلك أقرّ الإسلام الزواج، ونادى به رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه في قوله صلى الله عليه وسلم(يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج..))الحديث [الجماعة]
.... ومن أجل ذلك تبرّأ رسولنا ممّن زهد عن الزواج ولو بغرض العبادة فقال صلى الله عليه وسلم(مَن رغب عن سُنّتي فليس منّي )) وهذا قول من حديث رواه الشيخان عن أنس رضي الله عنه قال: ((جاء ثلاث رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادته عليه الصلاة والسلام، فلما أخبروا كأنّهم تقالوها (أي وجدوها قليلة) فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر؟ قال أحدهم: أمّا أنا فإنّي أصلّي الليل أبداً، وقال آخر: وأنا أصوم الدهر ولا أفطر أبداً، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال( أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما إنّي لأخشاكم لله وأتقاكم له لكنّي أصوم وأفطر ، وأصلّي وأرقد ، وأتزوّج النساء، فَمَن رَغِبَ عن سُنّتي فليس مني )).
.... ومن أجل ذلك جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الزواج نصف الدّين في قوله ((إذا تزوّج العبد فقد استكمل نصف الدّين فَلْيَتَّقِ الله في النّصف الباقي )).
.... ومن أجل ذلك آثر النبي صلى الله عليه وسلم الدين والخلق على كل شيء في قوله صلى الله عليه وسلم ((إذا جاءكم مَن ترضون دينه وأمانته فزوجوه، إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير )) [رواه الترمذي].
الفصل الثاني
فوائد الزواج في الإسلام
للزواج الإسلامي فوائد عدة منها:
أولاً: بقاء النوع الإنساني بالتناسل والتكاثر:
فالزواج هو الطريق الذي لا بديل له لزيادة النسل الإنساني واستمراره وبقائه إلى قيام الساعة، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءَ} وقال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً ...} [النحل: 72].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تناكحوا تناسلوا تكاثروا فإنّي مُبَاهٍ بكم الأمم) [البيهقي].
ثانياً: تحصين الزوجين من الوقوع في الفاحشة ودفع شرور الشهوة وغض البصر عن النظر إلى المحرمات:
ولهذا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الشباب إلى الزواج من أجل تحقيق تلك الفائدة في قوله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج )) الحديث.
وثالثاً: تروج النفس وإيناسها بمجالسة الزوج والسكن إليه:
فالإستئناس راحة نفسية، تزيل الكرب وتروح القلب وتدفع عن النفس ما ينتابها من الملل.
يقول الغزالي رحمه الله عن بعض فوائد الزواج:
تروج النفس وإيناسها بالمجالسة والنظر والملاعبة.. وإراحة القلب وتقوية له على العبادة. فإنّ النفس ملول وهي عن الحق نفور لأنه على خلاف طبعها، فلو كلفت المداومة بالإكراه على ما يخالفها جمحت وتأبت وإذا روحت باللذات في بعض الأوقات، قويت ونشطت.
وفي الإستئناس بالنساء من الإستراحة ما يزيل الكرب ويروح القلب، وينبغي أن يكون لنفوس المتّقين استراحات بالمباحات، ولذلك قال الله تعالى: {ليسكن إليها}. وقال علي رضي الله عنه: روّحوا القلوب ساعة فإنّها إذا أكرهت عميت) اهـ الزواج الإسلامي السعيد 37.
ويقول الأستاذ محمود الشريف في كتابه الإسلام والحياة الجنسية:
(فالزوجة ملاذ الزوج بعد جهاده اليومي في سبيل تحصيل لقمة العيش، يركن إلى مؤنسته بعد كدّه وجهده وسعيه ودأبه، يلقى في نهاية مطافه بمتاعبه إلى هذا الملاذ.... إلى زوجته التي ينبغي أن تتلقّاه فرحة مرحة، طلقة الوجه، ضاحكة الأسارير.. يجد منها آنئذ: أذنا صاغية وقلباً حانياً، وحديثاً رقيقاً حلواً يخفف عنه.. ويذهب ما به.. فالزّوجة سكن لزوجها يسكن إليها ليروي ظمأه الجنسي في ظلال من الحب والمودة والطهارة 00) اهـ (21-22).
رابعاً: التعاون بين الزوجين:
فالمرأة تقوم بما يتفق مع طبيعتها وأنوثتها التي خلقت بها، بتأدية حقوق الزوج وتدبير المنزل وتربية الأولاد، والرجل يقوم بالسعي والكد لتوفير سبل المعيشة لأفراد أسرته. وبهذا التعاون ينعم البيت بنعمة المودة والرحمة في ظل المنهج الأسري الذي وضعه الإسلام لإقامة البيت المسلم.
الفصل الثالث
الخطبة وآدابها
للخطبة أصول وآداب إذا ما اتبعتها المرأة المسلمة حال خطبتها كانت موفقة وزواجاً سعيداً بإذن الله وتتلخص هذه الآداب فيما يلي:
1- حسن اختيار الزوج:
تعتبر مسألة اختيار الزوج من المسائل المعقدة التي تتعرض لها الفتاة المسلمة في عصرنا هذا، بسبب التغييرات التي طرأت على المجتمع الإسلامي من انتشار الفساد وكثرة الخبث وسيطرة العادات الغربية على معظم شبابنا، فأصبح من الصعب على الفتاة أو وليّها اختيار الزوج المناسب الذي تأمن المرأة معه على نفسها ودينها.
ولمّا كان مستقبل الحياة الزوجية يتعلق بحسن اختيار الزوج، فإنّ الإسلام حض على اختيار الزوج من ذوي الأخلاق والصلاح والدّين لقوله تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم} [النور:32]. فالآية هنا تبيّن لنا أنّ الكفاءة في الزواج في الصّلاح وليس الغِنَى، لأنّ الله سبحانه وتعالى وعد الفقراء بأن يغنيهم من فضله لقوله: {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم }.
فالإسلام لم يجعل الفقر قدحا ولا الغنى مدحاً، ولكن للإسلام موازين ومعايير يقيم بها الناس على أساس من التقوى والخلق. وفي ذلك رواية للبخاري أن رجلاً مر على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما تقولون في هذا ؟ )) قالوا: هذا حري إن خطب أن ينكح ، وإن شفع أن يشفع وإن قال أن يسمع ثم سكت فمرّ رجل من فقراء المسلمين فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((ما تقولون في هذا؟ قالوا: هذا حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفع، وإن قال أن لا يسمع، فقال رسول- الله صلى الله عليه وسلم( هذا خير من ملء الأرض من مثل هذا ).
هكذا تكون المعايير التي يجب أن نحدّد على أساسها مستقبل الحياة الزوجية ألا وهى الدّين والخُلُق.
روى الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( إذا جاءكم مَن ترضون دينه وخُلُقَه فزوّجوه، إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض )).
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (( مَن تزوّج امرأة لعزّها لم يزده الله إلاّ ذُلاً ومَن تزوجها لمالها لم يزده الله إلاّ فقراً، ومَن تزوّجها لحسبها لم يزده الله إلاّ دناءة ومَن تزوّج امرأة لم يرد بها إلاّ أن يغضّ بصره ويحصن فرجه أو يصل رحمه بارك الله له فيها وبارك لها فيه)) .
وكان الحسن بن علي رحمه الله يقول لرجل: ( زوّج ابنتك التّقيّي فإن أحبّها أكرمها وإن أبغضها لا يظلمها)
فالرجل الذي يمتاز بالصّلاح وحسن الخُلُق يعرف حدود الله في معاملة زوجته باراً بها أميناً عليها في دينها وعرضها لا يأمرها بالتّبرّج والسّفور ولا يأمرها بالإختلاط والفجور، بل صار معها على نهج نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا شعر بتقصير تجاه زوجته تذكّر قوله صلى الله عليه وسلم: ((استوصوا بالنساء خيراً)) الحديث، عاد إلى صوابه، فأحسن معاملتها.. وإذا حدث تقصير من زوجته فغضب لذلك تذكّر، قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خُلُقاً رضي منها آخر" فهدأت ثورته وقبل عذرها. .... وهكذا عادا زوجين سعيدين في بيت تشعّ فيه السعادة والصلاح.
2- رؤية كل من الطرفين للآخر:
إذا كان اختيار الزوج هو أول وأهم الأسس التي يجب اتباعها قبل الخطبة والزواج فإن رؤية كل من الطرفين للآخر لا تقل أهمية عنه، فالإسلام دين حنيف قد شرع للخاطب أن ينظر إلى الخطوبة، وشرع للمخطوبة أن تنظر إلى خطيبها ليكون كل من الطرفين على بينة من الأمر في اختيار شريك الحياة.
روي المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما " [رواه البخاري والترمذي والنسائي]. يؤدم بينكما: تدوم بينكما المودة والألفة، فنظرة الخاطب إلى المخطوبة والمخطوبة إلى خطيبها أمر ضروري شرعه الإسلام حتى لا يفاجأ أحدهما أو كلاهما بشيء يكرهه في شريكه فيحدث ما لا يحمد عقباه.
وقد حدث ذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أن جاءته امرأة ثابت بن قيس تطلب منه الطلاق من زوجها فلما سألها عن سبب نفورها منه فقالت: رفعت جانب الخباء في ليلة الزفاف، فأقبل في عدة من الرجال فإذا هو أشدهم سواداً، وأقصرهم قامة وأقبحهم وجهاً، وبي من الجمال ما ترى، ولست أعتب يا رسول الله عليه في خلق ودين، ولكنّي أكره الكفر في الإسلام (تعني إذا لم يطلقها تخاف من الإرتداد عن الإسلام حتى يفرق بينهما) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت: " اقبل الحديقة وطلقها تطليقة " وكان صداقها الحديقة.
فإذا كان الإسلام شرع للخاطب أن ينظر إلى المخطوبة قبل الخطبة فإنّه أيضاً وضع حدوداً للخاطب والمخطوبة يجب الوقوف عندها حتى لا تقع في أخطاء شرعية،كما يحدث في المجتمعات الحالية من اختلاط الخطيبين اختلاطاً غير شرعي من تبادل النظرات والمصافحة والخلوة دون محرم، وغير ذلك مما لا يخفى عن أذهاننا من تعاملات بين الخطبين.
ومن الحدود التي وضعها الإسلام لذلك:
(1) عدم الخلوة بالخطيب في غير ذي محرم:
كثيرا ما يحدث أن يخلو الخطيب بخطيبته قبل العقد الشرعي بحجة زيادة التعارف والتجربة ومعرفة طباع كل منهما، وذلك باسم المدنية والتقدم.
والإسلام حرم ذلك واعتبر كلاً من الخطيبين أجنبياً عن الآخر، طالما لم يتم العقد الشرعي بينهما، والخلوة بالمرأة الأجنبية حرام، لما صح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم "، فالإسلام دين حنيف وحكيم في وضع هذا الحد، لأنه كثيراً ما يحدث من الخلوة بين الخطيبين من المساوئ الأخلاقية التي يندم عليها الأهل والخطيبة نفسها، من ضياع الشرف وحدوث الملل من الخطيب، وتركها- بعد أن حقق غرضه منها- تعاني الحسرة والندم بسبب ترك شرائع الإسلام، فحينها لا يفيد الندم ولا تنفع الحسرة.
(2) لا يجوز للمخطوبة مصافحة خطيبها:
فكما ذكرنا من قبل أن الخاطب أجنبي عن خطيبته ما لم يتم العقد الشرعي بينهما، فإن الأجنبي يحرم مصافحته لما روي من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة في المبايعة قط، وإنما مبايعتها كانت كلاماً، وقوله صلى الله عليه وسلم : ((إنا لا نصافح النساء )).
(3) جواز محادثة الخطيب أثناء الخطبة وتبادل الآراء الفقهية:
ويكون ذلك في حالة وجود محرم مع التزام الفتاة بالثياب الشرعية، لأنّ صوت المرأة عند أغلب الفقهاء ليس بعورة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يتحدث إلى النساء ويستمع إليهن. وكان الرجال يستشيرون أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في بعض الأحكام الشرعية، وذلك من وراء حجاب، والأدلة في ذلك كثيرة ومعروفة. على ألا ترقق الخطيبة صوتها أثناء الحديث لقوله تعالى:{فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} الآية.
الفصل الرابع
المــهر
قال تعالى:{وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً} [النساء:4].
لقد كرم الإسلام المرأة وفرض المهر على من أراد الزواج بها، و لم يضع الإسلام حداً لهذا المهر بل ترك الأمر للطرفين يتفقان عليه حسب المقدرة. ورغب في يسره، وعدم المغالاة في طلبه، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها وتيسير رحمها)) [رواه أحمد والطبراني].
وعنها رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة " [رواه أحمد والحاكم].
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره المغالاة في المهور، ولقد استنكر النبي صلى الله عليه وسلم موقف أحد الصحابة حينما فرض على نفسه مهراً لا يطيقه ثم جاءه يطلب المساعدة ففي رواية للإمام مسلم: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: إني تزوجت امرأة من الأنصار فقال له صلى الله عليه وسلم: (هل نظرت إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً) قال: قد نظرت إليها، فقال صلى الله عليه وسلم: " على كم تزوجتها؟ " قال: على أربع أواق، فقال صلى الله عليه وسلم: " على أربع أواق؟ كأنكم تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك، ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه )).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على تيسير أمر الزواج بأقل المهور ، فقد زوج أحد الصحابة بما تيسر معه من القرآن.
روى البخاري وغيره أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: جئت أهب لك نفسي فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد النظر وصوبه، ثم طأطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه، فلمّا رأت المرأة أنّه لم يقض فيها شيئاً جلست، فقام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوّجنيها فقال صلى الله عليه وسلم: " هل عندك شيء تصدقها إيّاه؟ " قال: لا والله يا رسول الله. فقال صلى الله عليه وسلم: " اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئاً؟ " فذهب الرجل ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله، ما وجدت شيئاً، فقال صلى الله عليه وسلم: " انظر ولو خاتماً من حديد " فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله، ولا خاتماً من حديد، ولكن هذا إزاري فلها نصفه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما تصنع بإزارك؟ إن لبسته لم يكن عليها منه شيء، وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء)) فجلس الرّجل حتى إذا طال مجلسه قام، فرآه رسول الله مولّياً فأمر به فدعي فلمّا جاء قال له: " ماذا معك من القرآن؟ " قال : معي سورة كذا وسورة كذا، قال: " وتقرأهن عن ظهر قلب؟ " قال: نعم قال: " اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن " [رواه الخمسة واللفظ للبخاري].
وعن عامر بن ربيعة أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أرضيت عن نفسك ومالك بنعلين؟ " فقالت: نعم فأجازه [رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه].
يُتبع ..بإذن المولى عزّوجلّ ...
<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
كيف تكونين زوجة صالحة وأُمًّا ناجحة؟
الفصل الأول
مفهوم الزواج في الإسلام
قال تعالى: (( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكّرون ))
الزّواج هو سُنَّة كونية أصيلة وضرورة أساسية من الضرورات التي لا غنى عنها في الحياة، قال تعالى: (( سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ)).
وقال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ۚ)) الآية. [ الرعد: 38]
فنظام الزواج ليس دائرة ضيّقة مقصورة على الإنسان والحيوان والنبات، بل هو سُنَّة كونية دقيقة واسعة المدى اتّخذت مكانها في أفراد الكائنات، وقسمت كل نوع إلى قسمين... وحلّت في أحد القسمين بِسِرّ يخالف السرّ الّذي حلّت به في القسم الآخر، على نحو ما حلت في السالب والموجب في عالم الكهرباء... فالسرّ الذي يحمله السالب من سُنّة الله غير الذي يحمله الموجب... ولا تعطى سُنّة الله ثمراتها إلاّ إذا التقى السرّان، واجتمع شمل السالب بالموجب على النحو المعروف، فإذا لم يجتمع السرّان ولم يلتق السالب بالموجب، ظلّت سُنّة الله معطّلة وظلّ الحنين الأزلي ينازع أفراد جنس السالب إلى أفراد جنس الموجب، وظلّ جنس الموجب في مثل الحنين يرنو إلى الإلتئام بجنس السالب..
حقاً إنّها فطرة الله التي فطر الناس عليها.
.... ومن أجل ذلك خلق الله سبحانه وتعالى من ضلع آدم زوجه حواء ليسكن إليها ويأنس بها.
.... ومن أجل ذلك أقرّ الإسلام الزواج، ونادى به رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه في قوله صلى الله عليه وسلم(يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج..))الحديث [الجماعة]
.... ومن أجل ذلك تبرّأ رسولنا ممّن زهد عن الزواج ولو بغرض العبادة فقال صلى الله عليه وسلم(مَن رغب عن سُنّتي فليس منّي )) وهذا قول من حديث رواه الشيخان عن أنس رضي الله عنه قال: ((جاء ثلاث رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادته عليه الصلاة والسلام، فلما أخبروا كأنّهم تقالوها (أي وجدوها قليلة) فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر؟ قال أحدهم: أمّا أنا فإنّي أصلّي الليل أبداً، وقال آخر: وأنا أصوم الدهر ولا أفطر أبداً، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال( أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما إنّي لأخشاكم لله وأتقاكم له لكنّي أصوم وأفطر ، وأصلّي وأرقد ، وأتزوّج النساء، فَمَن رَغِبَ عن سُنّتي فليس مني )).
.... ومن أجل ذلك جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الزواج نصف الدّين في قوله ((إذا تزوّج العبد فقد استكمل نصف الدّين فَلْيَتَّقِ الله في النّصف الباقي )).
.... ومن أجل ذلك آثر النبي صلى الله عليه وسلم الدين والخلق على كل شيء في قوله صلى الله عليه وسلم ((إذا جاءكم مَن ترضون دينه وأمانته فزوجوه، إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير )) [رواه الترمذي].
الفصل الثاني
فوائد الزواج في الإسلام
للزواج الإسلامي فوائد عدة منها:
أولاً: بقاء النوع الإنساني بالتناسل والتكاثر:
فالزواج هو الطريق الذي لا بديل له لزيادة النسل الإنساني واستمراره وبقائه إلى قيام الساعة، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءَ} وقال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً ...} [النحل: 72].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تناكحوا تناسلوا تكاثروا فإنّي مُبَاهٍ بكم الأمم) [البيهقي].
ثانياً: تحصين الزوجين من الوقوع في الفاحشة ودفع شرور الشهوة وغض البصر عن النظر إلى المحرمات:
ولهذا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الشباب إلى الزواج من أجل تحقيق تلك الفائدة في قوله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج )) الحديث.
وثالثاً: تروج النفس وإيناسها بمجالسة الزوج والسكن إليه:
فالإستئناس راحة نفسية، تزيل الكرب وتروح القلب وتدفع عن النفس ما ينتابها من الملل.
يقول الغزالي رحمه الله عن بعض فوائد الزواج:
تروج النفس وإيناسها بالمجالسة والنظر والملاعبة.. وإراحة القلب وتقوية له على العبادة. فإنّ النفس ملول وهي عن الحق نفور لأنه على خلاف طبعها، فلو كلفت المداومة بالإكراه على ما يخالفها جمحت وتأبت وإذا روحت باللذات في بعض الأوقات، قويت ونشطت.
وفي الإستئناس بالنساء من الإستراحة ما يزيل الكرب ويروح القلب، وينبغي أن يكون لنفوس المتّقين استراحات بالمباحات، ولذلك قال الله تعالى: {ليسكن إليها}. وقال علي رضي الله عنه: روّحوا القلوب ساعة فإنّها إذا أكرهت عميت) اهـ الزواج الإسلامي السعيد 37.
ويقول الأستاذ محمود الشريف في كتابه الإسلام والحياة الجنسية:
(فالزوجة ملاذ الزوج بعد جهاده اليومي في سبيل تحصيل لقمة العيش، يركن إلى مؤنسته بعد كدّه وجهده وسعيه ودأبه، يلقى في نهاية مطافه بمتاعبه إلى هذا الملاذ.... إلى زوجته التي ينبغي أن تتلقّاه فرحة مرحة، طلقة الوجه، ضاحكة الأسارير.. يجد منها آنئذ: أذنا صاغية وقلباً حانياً، وحديثاً رقيقاً حلواً يخفف عنه.. ويذهب ما به.. فالزّوجة سكن لزوجها يسكن إليها ليروي ظمأه الجنسي في ظلال من الحب والمودة والطهارة 00) اهـ (21-22).
رابعاً: التعاون بين الزوجين:
فالمرأة تقوم بما يتفق مع طبيعتها وأنوثتها التي خلقت بها، بتأدية حقوق الزوج وتدبير المنزل وتربية الأولاد، والرجل يقوم بالسعي والكد لتوفير سبل المعيشة لأفراد أسرته. وبهذا التعاون ينعم البيت بنعمة المودة والرحمة في ظل المنهج الأسري الذي وضعه الإسلام لإقامة البيت المسلم.
الفصل الثالث
الخطبة وآدابها
للخطبة أصول وآداب إذا ما اتبعتها المرأة المسلمة حال خطبتها كانت موفقة وزواجاً سعيداً بإذن الله وتتلخص هذه الآداب فيما يلي:
1- حسن اختيار الزوج:
تعتبر مسألة اختيار الزوج من المسائل المعقدة التي تتعرض لها الفتاة المسلمة في عصرنا هذا، بسبب التغييرات التي طرأت على المجتمع الإسلامي من انتشار الفساد وكثرة الخبث وسيطرة العادات الغربية على معظم شبابنا، فأصبح من الصعب على الفتاة أو وليّها اختيار الزوج المناسب الذي تأمن المرأة معه على نفسها ودينها.
ولمّا كان مستقبل الحياة الزوجية يتعلق بحسن اختيار الزوج، فإنّ الإسلام حض على اختيار الزوج من ذوي الأخلاق والصلاح والدّين لقوله تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم} [النور:32]. فالآية هنا تبيّن لنا أنّ الكفاءة في الزواج في الصّلاح وليس الغِنَى، لأنّ الله سبحانه وتعالى وعد الفقراء بأن يغنيهم من فضله لقوله: {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم }.
فالإسلام لم يجعل الفقر قدحا ولا الغنى مدحاً، ولكن للإسلام موازين ومعايير يقيم بها الناس على أساس من التقوى والخلق. وفي ذلك رواية للبخاري أن رجلاً مر على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما تقولون في هذا ؟ )) قالوا: هذا حري إن خطب أن ينكح ، وإن شفع أن يشفع وإن قال أن يسمع ثم سكت فمرّ رجل من فقراء المسلمين فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((ما تقولون في هذا؟ قالوا: هذا حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفع، وإن قال أن لا يسمع، فقال رسول- الله صلى الله عليه وسلم( هذا خير من ملء الأرض من مثل هذا ).
هكذا تكون المعايير التي يجب أن نحدّد على أساسها مستقبل الحياة الزوجية ألا وهى الدّين والخُلُق.
روى الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( إذا جاءكم مَن ترضون دينه وخُلُقَه فزوّجوه، إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض )).
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (( مَن تزوّج امرأة لعزّها لم يزده الله إلاّ ذُلاً ومَن تزوجها لمالها لم يزده الله إلاّ فقراً، ومَن تزوّجها لحسبها لم يزده الله إلاّ دناءة ومَن تزوّج امرأة لم يرد بها إلاّ أن يغضّ بصره ويحصن فرجه أو يصل رحمه بارك الله له فيها وبارك لها فيه)) .
وكان الحسن بن علي رحمه الله يقول لرجل: ( زوّج ابنتك التّقيّي فإن أحبّها أكرمها وإن أبغضها لا يظلمها)
فالرجل الذي يمتاز بالصّلاح وحسن الخُلُق يعرف حدود الله في معاملة زوجته باراً بها أميناً عليها في دينها وعرضها لا يأمرها بالتّبرّج والسّفور ولا يأمرها بالإختلاط والفجور، بل صار معها على نهج نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا شعر بتقصير تجاه زوجته تذكّر قوله صلى الله عليه وسلم: ((استوصوا بالنساء خيراً)) الحديث، عاد إلى صوابه، فأحسن معاملتها.. وإذا حدث تقصير من زوجته فغضب لذلك تذكّر، قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خُلُقاً رضي منها آخر" فهدأت ثورته وقبل عذرها. .... وهكذا عادا زوجين سعيدين في بيت تشعّ فيه السعادة والصلاح.
2- رؤية كل من الطرفين للآخر:
إذا كان اختيار الزوج هو أول وأهم الأسس التي يجب اتباعها قبل الخطبة والزواج فإن رؤية كل من الطرفين للآخر لا تقل أهمية عنه، فالإسلام دين حنيف قد شرع للخاطب أن ينظر إلى الخطوبة، وشرع للمخطوبة أن تنظر إلى خطيبها ليكون كل من الطرفين على بينة من الأمر في اختيار شريك الحياة.
روي المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما " [رواه البخاري والترمذي والنسائي]. يؤدم بينكما: تدوم بينكما المودة والألفة، فنظرة الخاطب إلى المخطوبة والمخطوبة إلى خطيبها أمر ضروري شرعه الإسلام حتى لا يفاجأ أحدهما أو كلاهما بشيء يكرهه في شريكه فيحدث ما لا يحمد عقباه.
وقد حدث ذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أن جاءته امرأة ثابت بن قيس تطلب منه الطلاق من زوجها فلما سألها عن سبب نفورها منه فقالت: رفعت جانب الخباء في ليلة الزفاف، فأقبل في عدة من الرجال فإذا هو أشدهم سواداً، وأقصرهم قامة وأقبحهم وجهاً، وبي من الجمال ما ترى، ولست أعتب يا رسول الله عليه في خلق ودين، ولكنّي أكره الكفر في الإسلام (تعني إذا لم يطلقها تخاف من الإرتداد عن الإسلام حتى يفرق بينهما) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت: " اقبل الحديقة وطلقها تطليقة " وكان صداقها الحديقة.
فإذا كان الإسلام شرع للخاطب أن ينظر إلى المخطوبة قبل الخطبة فإنّه أيضاً وضع حدوداً للخاطب والمخطوبة يجب الوقوف عندها حتى لا تقع في أخطاء شرعية،كما يحدث في المجتمعات الحالية من اختلاط الخطيبين اختلاطاً غير شرعي من تبادل النظرات والمصافحة والخلوة دون محرم، وغير ذلك مما لا يخفى عن أذهاننا من تعاملات بين الخطبين.
ومن الحدود التي وضعها الإسلام لذلك:
(1) عدم الخلوة بالخطيب في غير ذي محرم:
كثيرا ما يحدث أن يخلو الخطيب بخطيبته قبل العقد الشرعي بحجة زيادة التعارف والتجربة ومعرفة طباع كل منهما، وذلك باسم المدنية والتقدم.
والإسلام حرم ذلك واعتبر كلاً من الخطيبين أجنبياً عن الآخر، طالما لم يتم العقد الشرعي بينهما، والخلوة بالمرأة الأجنبية حرام، لما صح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم "، فالإسلام دين حنيف وحكيم في وضع هذا الحد، لأنه كثيراً ما يحدث من الخلوة بين الخطيبين من المساوئ الأخلاقية التي يندم عليها الأهل والخطيبة نفسها، من ضياع الشرف وحدوث الملل من الخطيب، وتركها- بعد أن حقق غرضه منها- تعاني الحسرة والندم بسبب ترك شرائع الإسلام، فحينها لا يفيد الندم ولا تنفع الحسرة.
(2) لا يجوز للمخطوبة مصافحة خطيبها:
فكما ذكرنا من قبل أن الخاطب أجنبي عن خطيبته ما لم يتم العقد الشرعي بينهما، فإن الأجنبي يحرم مصافحته لما روي من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة في المبايعة قط، وإنما مبايعتها كانت كلاماً، وقوله صلى الله عليه وسلم : ((إنا لا نصافح النساء )).
(3) جواز محادثة الخطيب أثناء الخطبة وتبادل الآراء الفقهية:
ويكون ذلك في حالة وجود محرم مع التزام الفتاة بالثياب الشرعية، لأنّ صوت المرأة عند أغلب الفقهاء ليس بعورة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يتحدث إلى النساء ويستمع إليهن. وكان الرجال يستشيرون أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في بعض الأحكام الشرعية، وذلك من وراء حجاب، والأدلة في ذلك كثيرة ومعروفة. على ألا ترقق الخطيبة صوتها أثناء الحديث لقوله تعالى:{فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} الآية.
الفصل الرابع
المــهر
قال تعالى:{وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً} [النساء:4].
لقد كرم الإسلام المرأة وفرض المهر على من أراد الزواج بها، و لم يضع الإسلام حداً لهذا المهر بل ترك الأمر للطرفين يتفقان عليه حسب المقدرة. ورغب في يسره، وعدم المغالاة في طلبه، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها وتيسير رحمها)) [رواه أحمد والطبراني].
وعنها رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة " [رواه أحمد والحاكم].
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره المغالاة في المهور، ولقد استنكر النبي صلى الله عليه وسلم موقف أحد الصحابة حينما فرض على نفسه مهراً لا يطيقه ثم جاءه يطلب المساعدة ففي رواية للإمام مسلم: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: إني تزوجت امرأة من الأنصار فقال له صلى الله عليه وسلم: (هل نظرت إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً) قال: قد نظرت إليها، فقال صلى الله عليه وسلم: " على كم تزوجتها؟ " قال: على أربع أواق، فقال صلى الله عليه وسلم: " على أربع أواق؟ كأنكم تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك، ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه )).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على تيسير أمر الزواج بأقل المهور ، فقد زوج أحد الصحابة بما تيسر معه من القرآن.
روى البخاري وغيره أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: جئت أهب لك نفسي فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد النظر وصوبه، ثم طأطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه، فلمّا رأت المرأة أنّه لم يقض فيها شيئاً جلست، فقام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوّجنيها فقال صلى الله عليه وسلم: " هل عندك شيء تصدقها إيّاه؟ " قال: لا والله يا رسول الله. فقال صلى الله عليه وسلم: " اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئاً؟ " فذهب الرجل ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله، ما وجدت شيئاً، فقال صلى الله عليه وسلم: " انظر ولو خاتماً من حديد " فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله، ولا خاتماً من حديد، ولكن هذا إزاري فلها نصفه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما تصنع بإزارك؟ إن لبسته لم يكن عليها منه شيء، وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء)) فجلس الرّجل حتى إذا طال مجلسه قام، فرآه رسول الله مولّياً فأمر به فدعي فلمّا جاء قال له: " ماذا معك من القرآن؟ " قال : معي سورة كذا وسورة كذا، قال: " وتقرأهن عن ظهر قلب؟ " قال: نعم قال: " اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن " [رواه الخمسة واللفظ للبخاري].
وعن عامر بن ربيعة أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أرضيت عن نفسك ومالك بنعلين؟ " فقالت: نعم فأجازه [رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه].
يُتبع ..بإذن المولى عزّوجلّ ...