فريق منتدى الدي في دي العربي
06-19-2016, 11:40 PM
"إيليا" رجل أعمال ناجح يملك شركة من أكبر شركات المقاولات، وكثيرا ما يتصدر اسمه عناوين الصحف، وأغلفة مجلات المال والأعمال، وقد بدأ مشواره العملي عصامياً دون مساندة من أحد، حياته العائلية في غاية الاستقرار، فله زوجة وفية، وأولاد مهذبون، وحياة هادئة سعيدة، إلا أن سنة الحياة لم تتغير في حق " إيليا" فتقلبت به الدنيا كما تقلبت بغيره، وأرته الأحزان بعد الأفراح والمسرات، فبينما كان يقود اجتماعاً لمدراء الفروع في شركته إذ رن جرس هاتفه ليخبره رجل الشرطة أن زوجته وأولاده تعرضوا لحادث أليم ماتوا جميعا على إثره .
صعق "إيليا" من هول ما سمع، وعقدت الدهشة لسانه، وبدا الخوف والحزن على وجهه، ولم يدر ما يفعل!، إلا أنه حاول تجميع قواه للذهاب لمعاينة الحادث، وكان مما زاد من حزنه وألمه منظر زوجته وأولاده، وقد تمزقت جثتهم، وتناثرت أشلاؤهم، في منظر رهيب يلين قلب كل قاس، فكيف بالزوج الحنون والأب المشفق.
وبينما هو في تلك اللحظات العصيبة إذا بخبر آخر يأتي إليه عن طريق شركة الوساطة المالية التي يتعامل من خلالها في البورصة ليتفاجأ أن أسهم شركته قد انهارت جميعاً ؟ يا لله ما الذي حصل ؟ وكيف حصل؟ دارت الدنيا ب"إيليا" وأظلمت الحياة في وجهه، وعاد يجمع ما تبقى من شتات عقله ليسأل نفسه عما جرى، ويبحث له عن تفسير مقنع، لكن عقله لم يوصله إلى شيء، فانزوى عن الحياة، واعتزل المجتمع .
وفي موضع آخر من الكرة الأرضية يجلس الحاج محمد ذاكرا الله تعالى حامداً له على كل حال، الرضا يعلو وجهه، والتسليم لله يملأ قلبه، وهو الذي تعرض بالأمس لنفس ما تعرض له "إيليا"، حيث ماتت زوجته وأولاده وفقد ماله، ولم يبق له شيء سوى إيمانه بربه، وعلاقته الطيبة بمن حوله، فصبر واحتسب على ما قدره الله، بخلاف ما فعل "إيليا".
قصتان أو موقفان من الخيال الواقعي نراهما ونسمع عنهما كثيرا، إلا أن القليل منا من يبحث في الأسباب الكامنة وراء تباين هذين الموقفين، ولن يعجز الباحث عن فهمهما إذا علم اختلاف عقيدة الرجلين، وتباين نظرتهما للحياة، فالحاج محمد مؤمن بالله سبحانه، وأنه بيده تصريف الأمور كلها، وأنه قدّر مقادير الخلائق قبل خلقها بأزمنة طويلة، وأن ما أصاب الناس من خير أو شر فهو بتقدير الله وتصريفه فعلام الخوف والجزع ؟ في حين أن "إيليا" ملحد مادي لا يؤمن بالله عز وجل، وبالتالي فهو لا يؤمن بتقديره وحكمته، ويظن أن الأمور تحدث وفق تقديراتنا وخططنا دون إرادة الله ومشيئته، فلما حصلت الفاجعة لم يستوعبها، وتعطل عقله عن التفكير، وأظلمت الدنيا في وجهه، وتبدلت حياته كلها .
الحاج محمد يعلم ثواب الصبر، وأن الله يجزي الصابرين بغير حساب، وأنهم مبشرون بصلاة الله ورحمته وهدايته، فصبر واحتسب، مرددا قول المؤمنين الصابرين: { الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون }، فحمد الله، وعلم أن الكل راجع إليه، وأنه عن قريب سيلتقي بمن فقده فكان في ذلك أعظم عزاء له .
الحاج محمد يعلم أن الله لا يقضي قضاء للمؤمن إلا كان خيراً له، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً، فعلم أن الله لم يرد إلا خيره وصلاحه فصبر واحتسب.
الحاج محمد كان قد سمع من إمام المسجد أن هذه المصائب وإن بدت في ظاهرها محناً وآلاماً إلا أن الإنسان لو تأمل حقيقتها لوجدها قد اشتملت على كثير من النعم، فتأمل في موت ولده ورأى أن في موتهم صغاراً خير لهم، فالصغير يدخل الجنة دون سابق حساب ولا عقاب، بخلاف ما إذا كبروا وبلغوا فهم سيحاسبون على الصغيرة والكبيرة، وزوجته امرأة صالحة، ولعل الله أراد بوفاتها تعجيل ثوابها، وإراحتها من مرضها الذي لزمها طويلاً، وأما ماله الذي فقده فربما كان سببا لانشغاله عن واجب أو أداء حق، فحمد الله على كل حال .
أما إيليا فلا يؤمن بشيء من ذلك، فانزوى عن الحياة، وأظلمت الدنيا في وجهه، وقعد عن العمل، في حين أن الحاج محمد حاول أن يستجمع قواه ليكافح من جديد، ويستأنف عمله، لأن إيمانه بالقدر لا يعني اليأس والقعود، فالله قد أمر بالعمل وحث عليه، فقال سبحانه:{ وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون } (التوبة: 105).
هذه هي ثمرات الإيمان بالقدر رأيناها في قصة الحاج محمد والملحد إيليا، وهي ثمرات نستطيع من خلالها أن نفهم أثر الإيمان بالقدر في حياة الناس، وأسباب تباين مواقفهم تجاه مصائب الدنيا وصعوباتها، فليس صحيحاً أن الإيمان بالقدر يجعل من الإنسان سلبياً غير مقبل على الحياة، وليس صحيحاً أن الإيمان بالقدر يجعل من المرء عاجزاًً عن العمل، وليس صحيحاً أن الإيمان بالقدر يجعل من الإنسان جباناً لا يزيل ظلما ولا يسعى في دفعه، وفي هذه القصة ما يبين بوضوح أن الإيمان بالقدر يضفي سعادة على الإنسان، ويزيده قوة وقدرة على تخطي عقبات الحياة ومصاعبها، ويدفعه إلى العمل والإنتاج بشرط أن يفهمه فهما صحيحاً .
صعق "إيليا" من هول ما سمع، وعقدت الدهشة لسانه، وبدا الخوف والحزن على وجهه، ولم يدر ما يفعل!، إلا أنه حاول تجميع قواه للذهاب لمعاينة الحادث، وكان مما زاد من حزنه وألمه منظر زوجته وأولاده، وقد تمزقت جثتهم، وتناثرت أشلاؤهم، في منظر رهيب يلين قلب كل قاس، فكيف بالزوج الحنون والأب المشفق.
وبينما هو في تلك اللحظات العصيبة إذا بخبر آخر يأتي إليه عن طريق شركة الوساطة المالية التي يتعامل من خلالها في البورصة ليتفاجأ أن أسهم شركته قد انهارت جميعاً ؟ يا لله ما الذي حصل ؟ وكيف حصل؟ دارت الدنيا ب"إيليا" وأظلمت الحياة في وجهه، وعاد يجمع ما تبقى من شتات عقله ليسأل نفسه عما جرى، ويبحث له عن تفسير مقنع، لكن عقله لم يوصله إلى شيء، فانزوى عن الحياة، واعتزل المجتمع .
وفي موضع آخر من الكرة الأرضية يجلس الحاج محمد ذاكرا الله تعالى حامداً له على كل حال، الرضا يعلو وجهه، والتسليم لله يملأ قلبه، وهو الذي تعرض بالأمس لنفس ما تعرض له "إيليا"، حيث ماتت زوجته وأولاده وفقد ماله، ولم يبق له شيء سوى إيمانه بربه، وعلاقته الطيبة بمن حوله، فصبر واحتسب على ما قدره الله، بخلاف ما فعل "إيليا".
قصتان أو موقفان من الخيال الواقعي نراهما ونسمع عنهما كثيرا، إلا أن القليل منا من يبحث في الأسباب الكامنة وراء تباين هذين الموقفين، ولن يعجز الباحث عن فهمهما إذا علم اختلاف عقيدة الرجلين، وتباين نظرتهما للحياة، فالحاج محمد مؤمن بالله سبحانه، وأنه بيده تصريف الأمور كلها، وأنه قدّر مقادير الخلائق قبل خلقها بأزمنة طويلة، وأن ما أصاب الناس من خير أو شر فهو بتقدير الله وتصريفه فعلام الخوف والجزع ؟ في حين أن "إيليا" ملحد مادي لا يؤمن بالله عز وجل، وبالتالي فهو لا يؤمن بتقديره وحكمته، ويظن أن الأمور تحدث وفق تقديراتنا وخططنا دون إرادة الله ومشيئته، فلما حصلت الفاجعة لم يستوعبها، وتعطل عقله عن التفكير، وأظلمت الدنيا في وجهه، وتبدلت حياته كلها .
الحاج محمد يعلم ثواب الصبر، وأن الله يجزي الصابرين بغير حساب، وأنهم مبشرون بصلاة الله ورحمته وهدايته، فصبر واحتسب، مرددا قول المؤمنين الصابرين: { الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون }، فحمد الله، وعلم أن الكل راجع إليه، وأنه عن قريب سيلتقي بمن فقده فكان في ذلك أعظم عزاء له .
الحاج محمد يعلم أن الله لا يقضي قضاء للمؤمن إلا كان خيراً له، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً، فعلم أن الله لم يرد إلا خيره وصلاحه فصبر واحتسب.
الحاج محمد كان قد سمع من إمام المسجد أن هذه المصائب وإن بدت في ظاهرها محناً وآلاماً إلا أن الإنسان لو تأمل حقيقتها لوجدها قد اشتملت على كثير من النعم، فتأمل في موت ولده ورأى أن في موتهم صغاراً خير لهم، فالصغير يدخل الجنة دون سابق حساب ولا عقاب، بخلاف ما إذا كبروا وبلغوا فهم سيحاسبون على الصغيرة والكبيرة، وزوجته امرأة صالحة، ولعل الله أراد بوفاتها تعجيل ثوابها، وإراحتها من مرضها الذي لزمها طويلاً، وأما ماله الذي فقده فربما كان سببا لانشغاله عن واجب أو أداء حق، فحمد الله على كل حال .
أما إيليا فلا يؤمن بشيء من ذلك، فانزوى عن الحياة، وأظلمت الدنيا في وجهه، وقعد عن العمل، في حين أن الحاج محمد حاول أن يستجمع قواه ليكافح من جديد، ويستأنف عمله، لأن إيمانه بالقدر لا يعني اليأس والقعود، فالله قد أمر بالعمل وحث عليه، فقال سبحانه:{ وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون } (التوبة: 105).
هذه هي ثمرات الإيمان بالقدر رأيناها في قصة الحاج محمد والملحد إيليا، وهي ثمرات نستطيع من خلالها أن نفهم أثر الإيمان بالقدر في حياة الناس، وأسباب تباين مواقفهم تجاه مصائب الدنيا وصعوباتها، فليس صحيحاً أن الإيمان بالقدر يجعل من الإنسان سلبياً غير مقبل على الحياة، وليس صحيحاً أن الإيمان بالقدر يجعل من المرء عاجزاًً عن العمل، وليس صحيحاً أن الإيمان بالقدر يجعل من الإنسان جباناً لا يزيل ظلما ولا يسعى في دفعه، وفي هذه القصة ما يبين بوضوح أن الإيمان بالقدر يضفي سعادة على الإنسان، ويزيده قوة وقدرة على تخطي عقبات الحياة ومصاعبها، ويدفعه إلى العمل والإنتاج بشرط أن يفهمه فهما صحيحاً .