ياهو مكتوب الأردن
03-04-2017, 07:41 AM
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي أَحْسَنَ تَدْبِيرَ الْكَائِنَاتِ فَخَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ، وَأَنْزَلَ الْمَاءَ الْفُرَاتَ مِنَ الْمُعْصِرَاتِ فَأَخْرَجَ بِهِ الْحَبَّ والنبات، وقدَّر الأرزاقَ والأقوات، وَأَعَانَ عَلَى الطَّاعَاتِ والأعمال الصالحات بأكل الطيبات، والصلاة والسلام على محمد ذي المعجزات الباهرات، وعلى آله وأصحابه صلاة تتوالى على ممر الأوقات، وتتضاعف بتعاقب الساعات أما بعد عباد الله:
فأوصيكم ونفسي بتقوى اللهِ تعالى في السِرِّ وَالعَلَنِ، فالسعيدُ منْ وُعِظَ بِحَالِ أَبِيهِ آدَمَ فَتَابَ وَاسْتَغْفَرَ، وَالشَّقِيُّ مَنْ دَعَاهُ إِبْلِيسُ فَأَصَرَّ وَاسْتَكْبَرَ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
من عظمة دين الإسلام كمالُه الذي لم يدركه قبله ولا بعده دين، فهو للثقلين الجنِّ والإنسِ، صالحٌ لكلِّ زمان ومكان، خوطب به العربُ والعجمُ، والذكورُ والإناثُ، وأحكامه وتشريعاته متسقة مناسبة لكل هؤلاء، في إعجاز تشريعي لا مثيل له.
وهذا الكمال من نعمة الله تعالى، {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}.
ومن كمالِ هذا الدين، أنَّ أحكامَه جمعت بين العدلِ والإحسان، من التزم بها حقق السعادة في دنياه وأخراه.
ومن كماله مراعاتُه لحاجاتِ الناس المختلفةِ، في عباداتهم، ومعاملاتهم، ونفسياتهم وجميع شؤونهم، وعدمُ مصادمتِه للفطرة السوية، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}.
أيها المسلمون:
ليس في دينِ الإسلام رهبانية ولا تبتل؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكلُ الطعامَ ويمشي في الأسواق، ونهى أصحابَه عن التشدد وترك المباحات، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي». [رواه البخاري].
وعن عبدِالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟» قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَلاَ تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا». [رواه البخاري].
وقد علم الصحابةُ رضي الله عنهم أنَّ النفس لها إقبال وإدبار، وأنَّها تضجر وتملُّ،
فكانوا يرفهون أنفسهم بأمور مختلفة، فهم يتسابقون على أقدامهم، وبخيولهم، ويتبارون في الرمي، وبعضهم كان مزَّاحًا، وربما شاركهم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، عن صهيبٍ الروميِّ رضي الله عنه قالَ وقد كان مزَّاحًا: قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ خُبْزٌ وَتَمْرٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ادْنُ فَكُلْ» فَأَخَذْتُ آكُلُ مِنَ التَّمْرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَأْكُلُ تَمْرًا وَبِكَ رَمَدٌ؟» قَالَ، فَقُلْتُ: إِنِّي أَمْضُغُ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [رواه ابن ماجه وحسنه الألباني].
وقَالَ بعض الصحابة: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا، فَقَالَ: «إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا». [رواه الترمذي وصححه الألباني].
وكان ابنُ عباس رضي الله عنهما يقول لمن حوله إذا أفاضوا في التفسير والحديث، "أحْمِضوا"، والمعنى خُذُوا فِي الْأَشْعَار وأخبار الْعَرَب لتروحوا بذلك قُلُوبكُمْ. [غريب الحديث لابن قتيبة 2/366].
ولكنَّ هذا الترفيهَ جارٍ عندهم في سياقه الصحيح، فالعلم والعمل والجد والبذل هم الأصل، والترفيهُ والتروحُ شيءٌ عارضٌ تحتاجه النفس لتتمكنَ من المواصلة.
عَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ رضي الله عنه قَالَ: لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ؟ يَا حَنْظَلَةُ فَقُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ مَا تَقُولُ؟ فقُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، فَنَسِينَا كَثِيرًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، وأخبره بما ذكره لأبي بكر رضي الله عنه، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي، وَفِي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. [رواه مسلم].
عباد الله:
لقد فهمَ بعضُ المسلمين الترفيه على غير وجهه، فجعلوه الأصلَ في حياتهم، وقدموه على حاجاتهم وحاجات وطنهم وأمتهم، حتى رأينا من يبذلُ الأموال الطائلة في وجبة طعام، أو قطعة لباس، أو رقم لوحة أو هاتف، أو حفلة زفاف يتسامع بها المحيطون، مطيتهم في ذلك الرغبة والترفيه، ناهيك عما ذكر من التوسع في أمور قد تكون من المحرمات.
في العام الماضي أنفق لاعبو السعودية فقط على ألعاب الفيديو أكثر من خمسمئة مليون دولار. [انظر: صحيفة عكاظ الجمعة / 2 / ربيع الأول / 1438 هـ الموافق 2 ديسمبر 2016 01:48
<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
] (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
9%86-506-%D9%85%D9%84%D8%A7%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%B1]).
وكلَّف إنتاج مسلسلٍ عربي رمضاني واحد أكثر من خمسة عشر مليون دولار. [انظر: <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
].
ووصل عدد جماهير كرة القدم الحاضرين للملاعب في الأعوام الخمسة الأخيرة أكثرَ من أربعة ملايين وسبعمئة ألف متفرج، ناهيك عن المشاهدين في البيوت والمقاهي والحاسوبات. [انظر: <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
] (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
9%8B-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A2/]).
هذا غيرُ الحفلاتِ الغنائية، والمسابقاتِ الفضائيةِ، والتطبيقاتِ المحمولة، والأسفارِ والرحلات، بل ربَّما ترك بعضهم عمله ودراسته لتقديم المحتوى الترفيهي في برامج التواصل الإلكتروني، فأصبحت حياتُه كلُّها ترفيهًا، ولا مكان عنده لطلب العلم، أو العمل الجادِّ النافع لبلده وأمته، وهو يدلُّ على غياب المفهوم الصحيح للترفيه في أذهان البعض.
أيها المسلمون:
اللهو هو العمل غير الجاد ولا المقصود لذاته، وهو من الغرور، أما الترويح فهو الفسحة والانبساط والتخلص من الهموم، ولأن الكفار لا يؤمنون بالآخرة فقد ملؤوا حياتهم باللهو واللعب، حتى ذمَّهم الله تعالى به في كتابه، {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}، فهم لا يرون غير هذه الدنيا، ولذا يعدونها الأمل، وينشغلون فيها باللهو.
وصناعة الترفيه في عالمنا صارت عالمًا قائمًا بذاته، مليئًا بالتنوع، طافحًا بالأشكال المختلفة، والعاقلُ من عرف مقصد خلقه فأفنى فيه عمره، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، وليس العتب على من أراح نفسه بالمباح لتنشط للعبادة، لكن العتب على من جعل الترفيه أساس حياته، وصرف إليه جلّ اهتمامه وأوقاتِه.
قال صلى الله عليه وسلم: "كلُّ شيءٍ ليسَ مِن ذكرِ اللهِ عزَّ وجلَّ فهوَ لغْوٌ ولهوٌ أوْ سَهْوٌ إلا أربعُ خصالٍ: مَشيُ الرجلِ بينَ الغرضينِ -أي المسابقة بالركض-، وتأديبُه فرسَه، وملاعبتُه أهلَه، وتعلُّمُ السبَاحةِ". [رواه الطبراني وصححه الألباني].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدلله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد عباد الله:
فإن للترفيه المحمودِ في الإسلام ضوابطَ مهمة، أهمها: أن يكون مباحًا، فكل مباحٍ يجوز الترفه به وممارسته، وكل محرَّم لا تجوز مقارفته، فلا يجوز الترفه بالسحر والشعوذة وقراءة الكف والفنجان ونحوه، ولا بشرب المسكرات، ولا النظر إلى النساء السافرات ولا سماع الموسيقى، ولا القمار والميسر، ولا بالكذب، ولا بما يصد عن ذكر الله، أو عن واجب شرعي كبر الوالدين، وينبغي أن لا يكون في الترفيه ضرر على النفس أو الآخرين، وأن يحذر المرء من الإسراف فيه والإدمان على وسائله، ومن الضوابط المهمة أن لا يشغل الترفيه أغلب الوقت، حتى لا يتشبه المرء بالكفار الذين ذمهم الله تبارك وتعالى.
عباد الله:
ينبغي للمرء أن يكون قريبًا من أهله وأولاده، ويسعى في الترفيه عنهم وترويحهم بما ينفعهم في دينهم ودنياهم، فيقيم لهم من المسابقات ما يحفظون به القرآن والسنة، أو يتقوون به على العلم من المسائل، ويكافئ المتفوق، ويشجع المتأخر،
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ فَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». [رواه البخاري].
سلوا الشباب شباب العصر كم حفظوا
من سورة النور أو من سورة القلمِ
وكم حديثًا لخير الخلق قد فهموا
وهو المصدق بعد الوحي في الكلِمِ
وينشأ ناشئُ الفتيان منَّا
على ما كان عوَّده أبوهُ
فكونوا يا عباد الله من الذينَ يستمعونَ القولَ فيتَّبِعونَ أحْسنَه، واتقوا الله -رحمكم الله-، وقوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة؛ ثم صلُّوا وسلِّموا على خيرِ البرايا، فقد أمركم الله تعالى بذلك فقال عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
فاللهم صل وسلم على عبدك ونبيك محمد، وارض اللهم عن أصحابه الأربعة، أصحاب السنة المتبعة، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الآل والصحابة أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين.
الحمد لله الذي أَحْسَنَ تَدْبِيرَ الْكَائِنَاتِ فَخَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ، وَأَنْزَلَ الْمَاءَ الْفُرَاتَ مِنَ الْمُعْصِرَاتِ فَأَخْرَجَ بِهِ الْحَبَّ والنبات، وقدَّر الأرزاقَ والأقوات، وَأَعَانَ عَلَى الطَّاعَاتِ والأعمال الصالحات بأكل الطيبات، والصلاة والسلام على محمد ذي المعجزات الباهرات، وعلى آله وأصحابه صلاة تتوالى على ممر الأوقات، وتتضاعف بتعاقب الساعات أما بعد عباد الله:
فأوصيكم ونفسي بتقوى اللهِ تعالى في السِرِّ وَالعَلَنِ، فالسعيدُ منْ وُعِظَ بِحَالِ أَبِيهِ آدَمَ فَتَابَ وَاسْتَغْفَرَ، وَالشَّقِيُّ مَنْ دَعَاهُ إِبْلِيسُ فَأَصَرَّ وَاسْتَكْبَرَ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
من عظمة دين الإسلام كمالُه الذي لم يدركه قبله ولا بعده دين، فهو للثقلين الجنِّ والإنسِ، صالحٌ لكلِّ زمان ومكان، خوطب به العربُ والعجمُ، والذكورُ والإناثُ، وأحكامه وتشريعاته متسقة مناسبة لكل هؤلاء، في إعجاز تشريعي لا مثيل له.
وهذا الكمال من نعمة الله تعالى، {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}.
ومن كمالِ هذا الدين، أنَّ أحكامَه جمعت بين العدلِ والإحسان، من التزم بها حقق السعادة في دنياه وأخراه.
ومن كماله مراعاتُه لحاجاتِ الناس المختلفةِ، في عباداتهم، ومعاملاتهم، ونفسياتهم وجميع شؤونهم، وعدمُ مصادمتِه للفطرة السوية، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}.
أيها المسلمون:
ليس في دينِ الإسلام رهبانية ولا تبتل؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكلُ الطعامَ ويمشي في الأسواق، ونهى أصحابَه عن التشدد وترك المباحات، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي». [رواه البخاري].
وعن عبدِالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟» قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَلاَ تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا». [رواه البخاري].
وقد علم الصحابةُ رضي الله عنهم أنَّ النفس لها إقبال وإدبار، وأنَّها تضجر وتملُّ،
فكانوا يرفهون أنفسهم بأمور مختلفة، فهم يتسابقون على أقدامهم، وبخيولهم، ويتبارون في الرمي، وبعضهم كان مزَّاحًا، وربما شاركهم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، عن صهيبٍ الروميِّ رضي الله عنه قالَ وقد كان مزَّاحًا: قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ خُبْزٌ وَتَمْرٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ادْنُ فَكُلْ» فَأَخَذْتُ آكُلُ مِنَ التَّمْرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَأْكُلُ تَمْرًا وَبِكَ رَمَدٌ؟» قَالَ، فَقُلْتُ: إِنِّي أَمْضُغُ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [رواه ابن ماجه وحسنه الألباني].
وقَالَ بعض الصحابة: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا، فَقَالَ: «إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا». [رواه الترمذي وصححه الألباني].
وكان ابنُ عباس رضي الله عنهما يقول لمن حوله إذا أفاضوا في التفسير والحديث، "أحْمِضوا"، والمعنى خُذُوا فِي الْأَشْعَار وأخبار الْعَرَب لتروحوا بذلك قُلُوبكُمْ. [غريب الحديث لابن قتيبة 2/366].
ولكنَّ هذا الترفيهَ جارٍ عندهم في سياقه الصحيح، فالعلم والعمل والجد والبذل هم الأصل، والترفيهُ والتروحُ شيءٌ عارضٌ تحتاجه النفس لتتمكنَ من المواصلة.
عَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ رضي الله عنه قَالَ: لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ؟ يَا حَنْظَلَةُ فَقُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ مَا تَقُولُ؟ فقُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، فَنَسِينَا كَثِيرًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، وأخبره بما ذكره لأبي بكر رضي الله عنه، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي، وَفِي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. [رواه مسلم].
عباد الله:
لقد فهمَ بعضُ المسلمين الترفيه على غير وجهه، فجعلوه الأصلَ في حياتهم، وقدموه على حاجاتهم وحاجات وطنهم وأمتهم، حتى رأينا من يبذلُ الأموال الطائلة في وجبة طعام، أو قطعة لباس، أو رقم لوحة أو هاتف، أو حفلة زفاف يتسامع بها المحيطون، مطيتهم في ذلك الرغبة والترفيه، ناهيك عما ذكر من التوسع في أمور قد تكون من المحرمات.
في العام الماضي أنفق لاعبو السعودية فقط على ألعاب الفيديو أكثر من خمسمئة مليون دولار. [انظر: صحيفة عكاظ الجمعة / 2 / ربيع الأول / 1438 هـ الموافق 2 ديسمبر 2016 01:48
<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
] (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
9%86-506-%D9%85%D9%84%D8%A7%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%B1]).
وكلَّف إنتاج مسلسلٍ عربي رمضاني واحد أكثر من خمسة عشر مليون دولار. [انظر: <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
].
ووصل عدد جماهير كرة القدم الحاضرين للملاعب في الأعوام الخمسة الأخيرة أكثرَ من أربعة ملايين وسبعمئة ألف متفرج، ناهيك عن المشاهدين في البيوت والمقاهي والحاسوبات. [انظر: <h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
] (<h1 dir="rtl" style="text-align:center"><strong><span style="color:#0000cc">:: الأعضاء المسجلين فقط هم من يمكنهم مشاهدة الروابط </span><a href="لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرج" target="_blank"><span style="color:#0000cc">للتسجيل اضغط هنا</span></a><span style="color:#0000cc"> ::</span></strong></h1>
9%8B-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A2/]).
هذا غيرُ الحفلاتِ الغنائية، والمسابقاتِ الفضائيةِ، والتطبيقاتِ المحمولة، والأسفارِ والرحلات، بل ربَّما ترك بعضهم عمله ودراسته لتقديم المحتوى الترفيهي في برامج التواصل الإلكتروني، فأصبحت حياتُه كلُّها ترفيهًا، ولا مكان عنده لطلب العلم، أو العمل الجادِّ النافع لبلده وأمته، وهو يدلُّ على غياب المفهوم الصحيح للترفيه في أذهان البعض.
أيها المسلمون:
اللهو هو العمل غير الجاد ولا المقصود لذاته، وهو من الغرور، أما الترويح فهو الفسحة والانبساط والتخلص من الهموم، ولأن الكفار لا يؤمنون بالآخرة فقد ملؤوا حياتهم باللهو واللعب، حتى ذمَّهم الله تعالى به في كتابه، {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}، فهم لا يرون غير هذه الدنيا، ولذا يعدونها الأمل، وينشغلون فيها باللهو.
وصناعة الترفيه في عالمنا صارت عالمًا قائمًا بذاته، مليئًا بالتنوع، طافحًا بالأشكال المختلفة، والعاقلُ من عرف مقصد خلقه فأفنى فيه عمره، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، وليس العتب على من أراح نفسه بالمباح لتنشط للعبادة، لكن العتب على من جعل الترفيه أساس حياته، وصرف إليه جلّ اهتمامه وأوقاتِه.
قال صلى الله عليه وسلم: "كلُّ شيءٍ ليسَ مِن ذكرِ اللهِ عزَّ وجلَّ فهوَ لغْوٌ ولهوٌ أوْ سَهْوٌ إلا أربعُ خصالٍ: مَشيُ الرجلِ بينَ الغرضينِ -أي المسابقة بالركض-، وتأديبُه فرسَه، وملاعبتُه أهلَه، وتعلُّمُ السبَاحةِ". [رواه الطبراني وصححه الألباني].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدلله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد عباد الله:
فإن للترفيه المحمودِ في الإسلام ضوابطَ مهمة، أهمها: أن يكون مباحًا، فكل مباحٍ يجوز الترفه به وممارسته، وكل محرَّم لا تجوز مقارفته، فلا يجوز الترفه بالسحر والشعوذة وقراءة الكف والفنجان ونحوه، ولا بشرب المسكرات، ولا النظر إلى النساء السافرات ولا سماع الموسيقى، ولا القمار والميسر، ولا بالكذب، ولا بما يصد عن ذكر الله، أو عن واجب شرعي كبر الوالدين، وينبغي أن لا يكون في الترفيه ضرر على النفس أو الآخرين، وأن يحذر المرء من الإسراف فيه والإدمان على وسائله، ومن الضوابط المهمة أن لا يشغل الترفيه أغلب الوقت، حتى لا يتشبه المرء بالكفار الذين ذمهم الله تبارك وتعالى.
عباد الله:
ينبغي للمرء أن يكون قريبًا من أهله وأولاده، ويسعى في الترفيه عنهم وترويحهم بما ينفعهم في دينهم ودنياهم، فيقيم لهم من المسابقات ما يحفظون به القرآن والسنة، أو يتقوون به على العلم من المسائل، ويكافئ المتفوق، ويشجع المتأخر،
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ فَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». [رواه البخاري].
سلوا الشباب شباب العصر كم حفظوا
من سورة النور أو من سورة القلمِ
وكم حديثًا لخير الخلق قد فهموا
وهو المصدق بعد الوحي في الكلِمِ
وينشأ ناشئُ الفتيان منَّا
على ما كان عوَّده أبوهُ
فكونوا يا عباد الله من الذينَ يستمعونَ القولَ فيتَّبِعونَ أحْسنَه، واتقوا الله -رحمكم الله-، وقوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة؛ ثم صلُّوا وسلِّموا على خيرِ البرايا، فقد أمركم الله تعالى بذلك فقال عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
فاللهم صل وسلم على عبدك ونبيك محمد، وارض اللهم عن أصحابه الأربعة، أصحاب السنة المتبعة، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الآل والصحابة أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين.