من أقوال السلف في الناس
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فقد خلق الله جل جلاله الناس على كثرتهم مختلفين في ألسنتهم وألوانهم, قال الله عز وجل: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ? إِنَّ فِي ذَ?لِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ } [الروم:22] وكما أنهم مختلفين في الألوان واللغات, فهم مختلفين في المراتب والطباع والأخلاق.
للسلف أقوال في الناس, يسّر الله الكريم فجمعت بعضاً منها, الله أسأل أن ينفع بها الجميع.
الناس ثلاثة أصناف:
** قال أبو الدرداء رضي الله عنه: الناس: ثلاثة: عالم, ومتعلم, والثالث: همج لا خير فيه
** قال مسلم بن ميمون الخواص: الناس ثلاثة أصناف: صنف شبه الملائكة, وصنف شبه البهائم, وصنف شبه الشياطين.
** قال المأمون الناس ثلاثة: رجل منهم مثل الغذاء لا بد منه، ومنهم كالدواء يحتاج إليه في حال المرض، ومنهم كالداء مكروه على كل حالٍ.
** قال الإمام القرطبي: قال شميط العجلان: الناس ثلاثة:
رجل ابتكر للخير في حداثة سنه, ودوام عليه حتى خرج من الدنيا, فهذا هو السابق المقرب. ورجل ابتكر عمره بالذنوب, ثم طول الغفلة, ثم رجع بتوبته حتى ختم له بها, فهذا من أصحاب اليمين. ورجل ابتكر عمره بالذنوب, ثم لم يزل عليها حتى ختم له بها, فهذا من أصحاب الشمال.
الناس في الخير أربعة:
قال الإمام الماوردي: الناس في الخير أربعة: منهم: من يفعله ابتداءً.
ومنهم: من يفعله اقتداءً.
ومنهم: من يتركه حرماناً.
ومنهم: من يتركه استحساناً.
فمن يفعله ابتداءً فهو كريم
ومن يفعله اقتداءً فهو حكيم.
ومن يتركه حرماناً فهو شقي.
ومن يتركه استحساناً فهو رديء.
الناس فيهم شبه بالبهائم في الطباع:
قال الإمام الخطابي: قال سفيان بن عيينة: ما في الأرض آدمي إلا وفيه شبه من شبه البهائم, فمنهم من يهتصر اهتصار الأسد, ومنهم من يعدو عدو الذئب, ومنهم من ينبح نباح الكلب, ومنهم من يتطوس كفعل الطاووس, ومنهم من يشبه الخنازير التي لو ألقي لها الطعام الطيب عافته, فإذا قام الرجل عن رجيعه ولغت فيه, فكذلك تجد من الآدميين من لو سمع خمسين حكمة لم يحفظ إلا واحدة منها, وإن أخطأ رجل عن نفسه, أو حكى خطأ غيره ترواه وحفظه.
الناس أسراب طير يتبع بعضها بعضاً:
قال الإمام ابن قتيبة: الناس أسراب طير يتبع بعضها بعضاً, ولو ظهر لهم من يدعي النبوة مع معرفتهم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم, خاتم الأنبياء, أو من يدعى الربوبية لوجد على ذلك أتباعاً وأشياعاً.
ـــــــــــــــ ـ
تفاوت الناس في الطباع والأخلاق:
قال الإمام الخطابي: عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: ( إن الله تعالى خلق آدم عليه السلام من قبضة قبضها من جميع الأرض, فجاء بنو آدم على قدر الأرض, منهم الأحمر. والأسود والأبيض, والسهل والحزن, وبين ذلك الخبيث والطيب) بين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا القول أن الناس أصناف وطبقات, وأنهم تفاوت في الطباع والأخلاق, فمنهم: الخير الفاضل الذي ينتفع بصحبته, ومنهم: الرديء الناقص الذي يتضرر بقربه, وعشيرته, كما أن الأرض مختلفة الأجزاء, والتراب, فمنها العذاة الطيبة, التي يطيب نباتها ويزكو ريعها, ومنها: السباخ الخبيثة, التي يضيع بزرها, ويبيد زرعها, وما بين ذلك, على حسب ما يوجد منها, ويشاهد عياناً.
مراتب الناس في الذم والمدح:
قال الإمام ابن حزم: الناس في بعض أخلاقهم على ..مراتب:
فطائفة تمدح في الوجه والمغيب, وهذه صفة أهل الملق والطمع.
وطائفة تذم في المشهد والمغيب, وهذه صفة أهل السلاطة والوقاحة من العيَّابين.
وطائفة تمدح في الوجه, وتذمَّ في المغيب, وهذه صفة أهل النفاق والعيَّابين.
وطائفة تذم في المشهد, وتمدح في المغيب, وهذه صفة أهل السخف.
وأما أهل الفضل فيمسكون عن المدح والذمِّ في المشاهدة, ويثنون بالخير في المغيب أو يمسكون عن الذمِّ.
وأما أهل السلامة, فيمسكون عن المدح والذمِّ في المشهد والمغيب.
ـــــــــــــــ ــــ
في غرائب أخلاق النفس
قال الإمام ابن خزم: ينبغي للعاقل أن لا يحكم بما يبدو له من استرحام الباكي المتظلم وتشكيه, وكثرة تلومه, وتقلبه وبكائه, فقد وقفت من بعض من يفعلُ هذا, على يقين أنه الظالم المتعدي المُفرطُ في الظلم. ورأيتُ بعض المظلومين ساكن الكلام, معدوم التشكي, مظهر لقلة المبالاة, فيسبق إلى نفس من لا يحقق النظر أنه ظالم. وهذا مكان ينبغي التثبت فيه, ومغالبة النفس جملة, وأن لا يميل المرء مع الصفة التي ذكرنا ولا عليها, ولكن يقصد الإنصاف بما يوجب الحق على السواء.
الناس معادن فمنهم من معدنه أصيل, ومنهم من معدنه خبيث:
قال الشيخ عبدالله بن عبدالعني خياط رحمه الله: الناس معادن قطعة من حديث نبوي شريف تكملته ( كمعادن الذهب والفضة....) هذا الحديث نورده مقدمة للمقارنة بين الناس, فمنهم من معدنه أصيل كالذهب والفضة لا يزيده طول المكث إلا صقلاً, ومنهم من معدنه كالحديد لا يزيده مرور الأيام إلا صدأً وخُبثاً.
الناس في الليل على ثلاث منازل:
عن طارق بن شهاب، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، قال: إذا كان الليل، كان الناس منه على ثلاث منازل: فمنهم من له ولا عليه، ومنهم من عليه ولا له، ومنهم من لا عليه ولا له، فقلت: وكيف ذاك ؟
قال: أما من له ولا عليه، فرجل اغتنم غفلة الناس وظلمة الليل، فتوضأ وصلى، فذاك له ولا عليه.
ورجل اغتنم غفلة الناس وظلمة الليل، فمشى في معاصي الله، فذاك عليه ولا له. ورجل نام حتى أصبح، فذاك لا له ولا عليه.
ـــــــــــــــ ـــ
أشرف الناس نفساً:
قال العلامة ابن القيم: أشرف الناس نفساً وأعلاهم همةً وأرفعهم قدراً من لذتُهُ في معرفة الله ومحبته والشوق إلى لقائه والتودد إليه بما يحبه ويرضاه, فلذته في إقباله عليه وعكوف همته عليه. ودون ذلك مراتب لا يُحصيها إلا الله, حتى تنتهي إلى من لذته في أخسِّ الأشياء من القاذورات والفواحش في كل شيء من الكلام والفعال والأشغال, فلو عرض عليه ما يلتذ به الأول لم تسمح نفسه بقبوله ولا الالتفات إليه وربما تألمت من ذلك, كما أن الأول إذا عرض عليه ما يلتذ به هذا لم تسمح نفسه به ولم تلتفت إليه ونفرت نفسه منه.
وأكمل الناس لذةً من جُمع له بين لذة القلب والروح ولذة البدن, فهو يتناول لذاته المباحة على وجهٍ لا ينقُص حظه من الدار الآخرة ولا يقطع عليه لذة المعرفة والمحبة والأنس بربه.
الشرير من الناس:
قال العلامة ابن القيم: يجد الشرير من الناس راحة...في إيصال شره إلى من يوصله إليه و كثير من الناس لا يهنأ له عيش في يوم لا يؤذي فيه أحداً من بني جنسه ويجد في نفسه تأذياً بحمل تلك السمِّية والشر الذي فيه حتى يُفرغه في غيره فيبرد عند ذلك أنينه وتسكن نفسه
أنفع الناس لك:
قال العلامة ابن القيم: أنفع الناس لك رجل مكنك من نفسه حتى تزرع فيه خيراً أو تصنع إليه معروفاً, فإنه نعم العون لك على منفعتك وكمالك, فانتفاعك به في الحقيقة مثل انتفاعه بك أو أكثر.
ـــــــــــــــ ـــــــــــ
أضرّ الناس لك:
قال العلامة ابن القيم: أضر الناس عليك من مكّن نفسه منك حتى تعصي الله فيه, فإنه عون لك على مضرتك ونقصك.
الهمج من الناس:
قال العلامة ابن القيم: الهمج من الناس: حمقاهُم وجهلتهم....هؤلاء من أضرِّ الخلق على الأديان, فإنهم الأكثرون عدداً الأقلون عند الله قدراً, وهم حطب كل فتنة, بهم توقدُ ويُشبُّ ضِرامها, فإنها يعتزلها أولو الدين, ويتولاها الهمجُ الرعاع.
ذهب الناس وبقي النسناس:
** قال ابن عباس رضي الله عنهما: ذهب الناس وبقي النسناس, قيل: وما النسناس؟ قال: الذين يتشبهون بالناس وليسوا من الناس.
أنعم الناس:
** قال صفوان بن عمرو: أنعم الناس: أجساداً في التراب., قد أمنت العذاب, تنتظر الثواب.
** قال العلامة ابن القيم: الزاهد...من أنعم الناس عيشاً, وأقرهم عيناً, وأطيبهم نفساً, وأفرحهم قلباً.
خير الناس:
قال الشيخ محب الدين الخطيب رحمه الله: خير الناس من فرح بالخير للناس.
شر الناس:
** قال ابن عيينة قيل للقمان أي الناس شر؟ قال الذي لا يبالي أن يراه الناس مسيئاً
** سئل جعفر بن محمد عن السفلة, قال: من لا يبالي ما قال, ولا ما قيل فيه.
ـــــــــــــــ
أكيس الناس:
قال سلمة بن دينار: أكيس الناس: رجل ظفر بطاعة الله تعالى فعمل بها, ثم دلَّ الناس عليها.
أحمق الناس:
قال عمر بن عبدالعزيز لجلسائه: أخبروني بأحمق الناس. قالوا: رجل باع آخرته بدنياه, فقال عمر: ألا أنبئكم بأحمق منه ؟ قالوا: بلى. قال: رجل باع آخرته بدنيا غيره.
أجهل الناس:
قال الفضيل بن عياض: أجهل الناس المدل بحسناته.
اجتماع القوة في الناس قليل:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: اجتماع القوة في الناس قليل, ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: اللهم أشكو إليك جَلَدِ الفاجر وعجز الثقة.
أشد الناس فرحاً وحزناً وضحكاً وبكاءً:
قال عامر بن قيس: رأيت نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وصحبتهم, فحدثوني: أن أشد الناس فرحاً في الدنيا أشدهم حزناً يوم القيامة, وأن أكثر الناس ضحكاً في الدنيا أكثرهم بكاءً يوم القيامة.
الناس أعداء ما جهلوا:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الناس أعداء ما جهلوا, ومن جهل شيئاً عاداه.
الناس هم العلماء:
عن سنيد بن داود قال: سألت عبدالله بن المبارك: من الناس ؟ قال: العلماء.
ـــــــــــــ
رضا الناس غاية لا تدرك:
** قال بشر بن الحارث الحافي: إرضاء الخلق غاية لا تدرك.
** قال الشافعي: رضا الناس غاية لا تدرك,...ليس إلى السلامة من الناس سبيل.
** قال سفيان الثوري: رضا الناس غاية لا تدرك