إذا وقع التعارض بين سنة قولية وسنة فعلية فأيهما أقوى؟
عبد الكريم الخضير
إذا وقع التعارض بين سُنة قولية وسُنة فعلية فأيهما أقوى؟
العلماء يقررون في مثل هذه الحالة أن السنة القولية هي المقدَّمة؛ لأن الفعل لا عموم له؛ فيحتمل الخصوصية، وأما بالنسبة للقول فيعم، فيحتمل أن النبي - عليه الصلاة والسلام - أمر بشيء، أو نهى عن شيء، وفعل خلافه؛ فحينئذ يكون فعله خاصّاً به إن لم نستطع أن نوفق بين القول والفعل بأن يُحمل القول على الكراهة، أو الاستحباب، ويكون الفعل صارفاً له، ففعله - عليه الصلاة والسلام - فيما يخالف قوله يكون صارفاً للأمر من الوجوب إلى الاستحباب، أو من التحريم إلى الكراهية.
فإما أن يحمل على هذا إذا أمكن إذا كان فيه أمر أو نهي، أو يقال: إن هذا خاص به - عليه الصلاة والسلام -، فجاء النهي عن استقبال القبلة ببول أو غائط، ثم قال ابن عمر -رضي الله عنهما-: «ارتقيت فوق ظهر بيت حفصة لبعض حاجتي، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقضي حاجته مستدبر القبلة، مستقبل الشأم»[البخاري:148]، فاختلف العلماء في التوفيق بين النهي عن الاستقبال والاستدبار مع فعله - عليه الصلاة والسلام -، فمنهم من قال: إن هذا ناسخ؛ لأنه متأخر، ومنهم من حمله على أنه في البنيان، ويكون النهي في الفضاء، ومنهم من قال: إن هذا خاص به - عليه الصلاة والسلام -، لكن في تقديري إن هذا لا وجه له؛ لأن تعظيم القبلة تعظيم لشعائر الله، والنبي - عليه الصلاة والسلام - أولى به؛ لأنه كمال، وكل كمال يطلب من الأمة فالنبي - عليه الصلاة والسلام - أولى به، فحمله على ما في البنيان دون الصحاري أوجه.
ومن ذلكم النهي عن الشرب قائماً، وثبت عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه شرب قائماً، فمن العلماء من يقول: إنه ناسخ للنهي، ومنهم من يقول: إنه صارف للنهي من التحريم إلى الكراهية .. إلى غير ذلك من الأدلة الكثيرة في هذا الباب.