حزب الله هو تنظيم سياسي عسكري متواجد على ساحة لبنان السياسية والعسكرية على مدى أكثر من عشرين عاماً، وقد اكتسب وجوده عن طريق المقاومة العسكرية للوجود الإسرائيلي خاصة بعد اجتياح بيروت عام 1982 ، وكلل الحزب عمله السياسي والعسكري بإجبار الجيش الإسرائيلي على الانسحاب من الجنوب اللبناني في مايو / أيار من عام 2000، وتصدّى له في حرب تموز 2006 وألحق في صفوفه خسائر كبيرة اعتبرت في إسرائيل إخفاقات خطيرة وتهديد وجودي لإسرائيل كدولة.
النشأة
سبق الوجود التنظيمي لحزب الله في لبنان والذي يؤرخ له بعام 1982 وجود فكري وعقائدي يسبق هذا التاريخ، هذه البيئة الفكرية كانت لمحمد حسين فضل الله دور في تكوينها من خلال نشاطه العلمي في الجنوب. وكان قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 بقيادة الخميني دافعا قويا لنمو حزب الله، وذلك للارتباط المذهبي والسياسي بين الطرفين.
وقد جاء في بيان صادر عن الحزب في 16 فبراير/ شباط 1985؛ أن الحزب "ملتزم بأوامر قيادة حكيمة وعادلة تتجسد في ولاية الفقيه ، وتتجسد في روح الله آية الله الموسوي الخميني مفجر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة". كما جاء في البيان.
معظم أفراد الحزب هم من اللبنانيين الشيعة المرتبطين مذهبياً، بمرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي حيث يعتبرونه واحداً من أكبر المراجع الدينية العليا لهم، ويعتبر حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، الوكيل الشرعي لـعلي خامنئي في لبنان؛ هذا الارتباط الأيديولوجي والفقهي بإيران سرعان ما وجد ترجمته المباشرة في الدعم السريع والمباشر من الجمهورية الإسلامية وعبر حرسها الثوري للحزب الناشئ.
تشكل الحزب في ظروف يغلب عليها طابع "المقاومة العسكرية" للاحتلال الإسرائيلي الذي اجتاح لبنان عام 1982، ولذلك فالحزب يبني أيدلوجيته السياسية على أساس مقاومة الاحتلال. وكانت أولى العمليات التي قام بها الحزب وأكسبته شهرة مبكرة في العالم العربي ، قيامه بنسف مقر القوات الأمريكية والفرنسية في أكتوبر/ تشرين الأول عام 1983، وقد أسفرت تلك العملية عن مقتل 300 جندي أمريكي وفرنسي
توجهـات الحزب
يهتم حزب الله بمصير ومستقبل لبنان، ويساهم مع بقية القوى السياسية اللبنانية في إقامة مجتمع أكثر عدالة وحرية. كما يرفع الحزب شعارات الالتزام بالوحدة الوطنية في لبنان والدعوة إلى رفض الوجود الأجنبي فيه. ويهتم بالقضايا العربية والإسلامية وبخاصة القضية الفلسطينية. حيث ينادي حزب الله بالقضاء على إسرائيل (معتبراً إياها كياناً غير مشروع)، كما يعتبر الأراضي الفلسطينية كلها أرضا محتلة من البحر إلى النهر..
البناء التنظيمي
رغم عامل السرية الذي يحرص الحزب عليه في أغلب نشاطاته، فإن ذلك لم يمنعه من الإعلان عن وجود بعض الهياكل التنظيمية التي تنظم عمل الحزب، منها على سبيل المثال :-
* هيئة قيادية.
* مجلس سياسي.
* مجلس تخطيطي.
* كتلة النواب.
* مجموعات تنفيذية.
* هيئات استشارية.
ويتخذ القرار داخل تلك الهيئات بأغلبية الأصوات، ويعتبر مجلس شورى الحزب أعلى هيئة تنظيمية حيث يتكون من 7 أعضاء تسند إليهم مسؤولية متابعة أنشطة الحزب الأخرى الاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
أمناء الحزب
الأمين الحالي لحزب الله حسن نصر الله
لا توجد مصادر مستقلة تتحدث بالتفصيل عن طرق إدارة الحزب قبل العام 1989، إلا أن المعلومة المتداولة تفيد أن القيادة كانت جماعية, إلى أن انتخب الأمين العام الأول لحزب الله وهو صبحي الطفيلي, الذي تولى هذا المنصب في الفترة من عام 1989 حتى عام 1991، ثم أجبر على الاستقالة بعد إعلانه من جانب واحد العصيان المدني على الحكومة اللبنانية الأمر الذي رفضه الحزب، وتولى منصب الأمين العام عباس الموسوي خلفاً له، لكنه لم يستمر أكثر من تسعة أشهر، فقد اغتالته إسرائيل في عام 1992, ليقود الحزب من بعده حسن نصر الله, الذي لا يزال يشغل هذا المنصب حتى الآن.
الفكر والبرنامج
يميز حزب الله في تحركاته السياسية على الساحة اللبنانية بين الفكر والبرنامج السياسي، فيرى أن الفكرة السياسية لا تسقط إذا كان الواقع السياسي غير موات لتطبيقها، كما هو الحال بالنسبة لفكرة إقامة دولة إسلامية في لبنان. يقول حسن نصر الله "نحن لا نطرح فكرة الدولة الإسلامية في لبنان على طريقة الطالبان في أفغانستان ، ففكرة الدولة الإسلامية في لبنان حاضرة على مستوى الفكر السياسي، أما على مستوى البرنامج السياسي فإن خصوصيات الواقع اللبناني لا يساعد على تحقيق هذه الفكرة، فالدولة الإسلامية المنشودة ينبغي أن تكون نابعة من إرادة شعبية عارمة، ونحن لا نستطيع إقامتها الآن لحاجتها إلى حماية"
حزب الله وسوريا
تميزت العلاقة بين حزب الله و سوريا بخصوصية واضحة منذ عقد اتفاق الطائف برعاية سعودية / سورية الذي تم بموجبه نزع أسلحة الفصائل اللبنانية المتصارعة وحل المليشيات العسكرية، وأبقت على الأسلحة بحوزة حزب الله الذي لم يكن طرفاً في الحرب الأهلية، بل كان مجال نشاطه متركزا في منطقة الحزام الأمني الذي أقامته إسرائيل في جنوب لبنان، وزاد من خصوصية تلك العلاقة أن سوريا لم تتوقف عن سياسة دعم حركات المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي ،ولا ينفي حزب الله تلقيه مساعدات مختلفة من سوريا بل إنه يهدي انتصاراته على إسرائيل لها بالدرجة الثانية بعد لبنان لأنها الداعم الأول وصاحبة الفضل الكبير في انتصاراته.
حزب الله وإيران
العلاقة بين حزب الله وإيران يتداخل فيها البعد السياسي والديني، فبعض اللبنانيين الشيعة الذين يمثلون كوادر حزب الله تربطهم بالمرجعيات الدينية الإيرانية روابط روحية عميقة، ويعتبر مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي أكبر مرجعية دينية بالنسبة لهم. ويسمى أمين عام حزب الله حسن نصر الله "الوكيل الشرعي لآية الله خامنئي".
وبالرغم من الدعم السياسي والمالي الذي يتلقاه حزب الله من إيران فإن أمينه العام حسن نصر الله يقول "أن ذلك لا يعني أن الحزب هو حزب إيراني على أرض لبنانية"، ويعضد كلامه بالقول "إن أمين عام الحزب لبناني، وكل كوادر الحزب لبنانية، ويمارس نشاطه على أرض لبنانية، ويدافع ويقدم شهداء في سبيل تحرير الأرض اللبنانية، وكل هذا كما يقول معايير كافية على أن الحزب لبناني وليس إيرانيا"
علاقاته الخارجية
على الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية قد وضعت حزب الله في لائحة "المنظمات الإرهابية" بسبب أعماله تجاه إسرائيل، واعتقادها بأن الحزب هو من قام بتفجير مقر القوات الأمريكية والفرنسية في بيروت في أكتوبر/ تشرين الأول عام 1983، تلك العملية التي أسفرت عن مقتل 300 جندي أمريكي وفرنسي. كما تتهمه أيضا بالمسؤولية عن مسلسل خطف الرهائن الغربيين إبان حرب لبنان عام 1982. مما يعني تقييد تفاعله خارج لبنان.، إلا أن الحزب استطاع أن ينسج علاقات طيبة مع عدة دول في محيطه الإقليمي وحتى خارجه.