جمع متفرق
تامر عمران
إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئاتأعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومَن يُضلل فلا هادي، وأشهد أنْ لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمدًاعبده ورسوله.
أمَّا بعدُ:
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إخوتي في الله، اعلموا أنَّ الله - عز وجل - لَمَّا بعَثَ نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - بعَثَه بالهدى ودين الحق، رَضِي مَن رَضِي،وكَرِه مَن كَرِه، ثُمَّ بعثه ليجمع الناسَ على كلمة واحدة، وهي: ﴿ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [المؤمنون: 32].
وكانتْ تلك دعوة الأنبياء أجمعين، فدينُنا - ولله الحمد - جاءَ بنموذج حضاري أتحدَّى أيَّ شخصٍ أن يقول لي: (لا)، وخير شاهدٍ على ذلك (وحدة الأمة)؛ فقد جاء مقررًا لذلك، فنبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - مثَّل لنا النموذج الحيَّ في تطبيق هذا المبدأ، فحصل به انتصارات على الكفار في عِدَّة غزوات، وبعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - جاء من بعده أصحابُه - رضي الله عنهم - ساروا على مُخَطط الوحدة للأُمَّة، مُجاهدين في سبيل تطبيقه والدفاع عنه، فحصلوا به عِدَّة انتصارات، فبه فتحوا العديد من دور الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، تحت كلمة ذهبيَّة (وَحدة الأمة)، وبعد جيل الصحابة تتابعتِ الأجيال من بعدهم، إلى أن وصلْنا إلى جِيلنا هذا الذي نعيش فيه؛ حيث أصبحتِ الأُمَّة تعيش ما عاشتْه أُمُمٌ سالفة في تِيهٍ وحَيرة ما بعدها حَيرة؛ وذلك لتفريطهم في الكَنز الذهبي وهو (وحدة الأمة)، أصبحنا نرى الأُمَّة تعيش في وادٍ خصب فيه العديد من التيارات والأحزاب والمنظمات و...و...إلخ؛ ﴿ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ [المؤمنون: 53].
وما من انتصارٍ واحدٍ حقَّقتْه، بل ما زادَها إلا ضَعفًا وهوانًا، فبعضهم يُشرِّق والآخرُ يُغرِّب، والآخر يُخطِّط والآخر يَنسف، و...و...، في حين نرى قُوَى الكفار من اليهود والنصارى وأهْل الإلحاد أخذتْ تتقوَّى وتتجبَّر علينا بكلِّ ما تَمتلكه، وإنَّ هذا ليؤلِمُ ويُورثُ الحزنَ في القلب، واعلموا أنَّ هذا لَم يقع صُدفة؛ إذ لا صدفة في ديننا، بل كلُّ ما يقعُ فهو بقَدرٍ من الله - تعالى - وقد يَسأل سائل: وما دواء هذا المرض؟ الجواب قوله- تعالى -: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103].