صيام يوم عرفة يكفر الله بها عامين وصيام يوم عاشوراء يُكفر الله بها عاما
فواز بن علي بن عباس السليماني
عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: كيف تصوم؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأى عمر غضبه، قال: رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًّا، نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله، فجعل عمر يردد هذا الكلام حتى سكن غضبه، فقال عمر: يا رسول الله، كيف بمن يصوم الدهر كله؟ قال: «لا صام ولا أفطر» ـ أو قال: ـ «لم يصم ولم يفطر»، قال: كيف من يصوم يومين ويفطر يومًا؟ قال: «ويطيق ذلك أحد؟»، قال: كيف من يصوم يومًا ويفطر يومًا؟ قال: «ذاك صوم داود»، قال: كيف من يصوم يومًا ويفطر يومين؟ قال: «وددت أني طُوِّقت ذلك»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله، صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله، والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله»، رواه مسلم برقم (1162).
معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((أحتسب على الله: أن يكفر بعرفة عامين وبعاشوراء عامًا)):
قال الإمام النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (8/51): معناه: يُكفر ذنوب صائمه في السنتين، قالوا: والمراد بها: الصغائر.
وسبق بيان مثل هذا: في تكفير الخطايا بالوضوء، وذكرنا هناك: أنه إن لم تُكن صغائر يُرجى التخفيف من الكبائر، فإن لم يكن رُفعت درجات؛ اهـ.
تتمة: في أن أفضل صيام التطوع صوم يوم عرفة:
قالت عائشة رضي الله عنها: ما من السنة يوم أصومه أحب إليَّ من أن أصوم يوم عرفة، رواه ابن الجعد في "مسنده" برقم (٥١٢).
وقال الشيخ عبد الله البسّام رحمه الله في "توضيح الأحكام" (٣/٢٠١): صوم يوم عرفة هو أفضل صيام التطوع بإجماع العلماء؛ اهـ.
فائدة:
روى الترمذي برقم (758)، وابن ماجه (1728)، والبزار (7816)، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من أيام أحب إلى الله، أن يُتعبد له فيها من عشر ذي الحجة، يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة، وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر)).
وقال الترمذي رحمه الله: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث مسعود بن واصل، عن النهاس.
وسألت محمدًا عن هذا الحديث فلم يعرفه من غير هذا الوجه مثل هذا.
وقد رُوي عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء من هذا،
وقد تكلم يحيى بن سعيد في نهاس بن قهم من قبل حفظه[1].
وروى أحمد برقم (26459)، والنسائي (2416)، والطبراني في "المعجم الكبير" (23/205)، وابن حبان (14/332)، وأبو يعلى (12/469)، عن عائشة رضي الله عنها قالت: أربع لم يكن يدعهنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة، وهو من طريق أبي إسحاق الأشجعي: مجهول[2].
[1] ضعيفٌ: راجع: "شرح السنة" للبغوي (2/ 624)، و"شرح العمدة" لا بن تيمية (2/ 555)، و"الفتح" لا بن حجر (2/534)، و"الضعيفة" للألباني برقم (5142)، والله أعلم.
[2] ضعيفٌ ـ أيضًا ـ: راجع: "إرواء الغليل" (4/ 111)، و"تحقيق المسند" (44/ 59) والله أعلم.