تبرعوا تبرعك ينقذ حياة للتواصل واتس 00201098455601
دعوة للإنضمام لأسرتنا
لن يستغرق سوى ثوان معدوده _ لن تكتمل سعادة منتدى برامج نت الا بانضمامك اليها

اسم العضو
كلمة السر تأكيد كلمة السر البريد الإلكتروني تأكيد البريد الإلكتروني



هل انت موافق على قوانين المنتدى؟

    

قلعه برامج نت للشروحات    برامج مجانيه 

شرقية سات من اكبر منتديات الدش والريسيفرات وكروت الستالايت والشيرنج


العودة   منتديات برامج سات برامج نت Braamj Sat > برامج نت > الاسلامي مشاهده وتحميل اسلاميات Islamic

الاسلامي مشاهده وتحميل اسلاميات Islamic المواضيع المميزه بالمنتديات الإسلامية منتدى العلوم الشرعية منتدى السيرة النبوية الشريفة منتدى التاريخ الإسلامي منتدى المرأة المسلمة روضة المنتديات الإسلامية بإشراف zoro1 , messaide saadne , عبد العزيز شلبي nadgm ومن احسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين


آخر 30 مشاركات

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-17-2016, 04:57 AM   #1
فريق منتدى الدي في دي العربي
مشرف ♥ ♥ برامج سات برامج نت مراقب من خلاله
 
الصورة الرمزية فريق منتدى الدي في دي العربي
 
تاريخ التسجيل: Feb 2016
الدولة: عمان الاردن
المشاركات: 95,289
معدل تقييم المستوى: 104
فريق منتدى الدي في دي العربي is on a distinguished road
افتراضي الخطيب وقصص القرآن الكريم
انشر علي twitter

الخطيب وقصص القرآن الكريم

د. إبراهيم بن محمد الحقيل


للقصة تأثير كبير في النفس البشرية ؛ فقارئها ومستمعها يعيش بكليته مع أحداثها ، وتؤثر في نفسه إيجابًا أو سلبًا حسب هدف كاتبها منها ، والرسالة التي يريد إيصالها إلى القارئ أو المستمع عن طريقها ؛ ولذلك كثرت القصص والروايات ، وازدهرت سوق كُتَّابها ، وتنوعت تنوعًا كبيرًا ؛ فقصص للأطفال وأخرى لمن هم فوقهم ، وقصص للمراهقين ، وروايات للكبار ، ومنها العاطفي ومنها البوليسي ومنها المرعب ، بل منها قصص السحر والشعوذة والخرافة ؛ ليسبح قارئها ومستمعها في خيالها ، ويَنْبَتَّ عن واقعه حال عيشه معها .
ومع الانفتاح الإعلامي عُرفت كثير من الروايات الغربية ، وأصبح الوصول إليها سهلاً فور إصدارها ، ومن تابع الضجة الإعلامية التي صاحبت صدور الأجزاء الأخيرة من رواية ( هاري بوتر ) التي كانت مبيعاتها بمئات الملايين من النسخ ، وترجمت إلى ما يقارب سبعين لغة ، أدرك أثر الرواية والقصة في نفوس البشر ، ولو كانت خرافية ، بل لا يجعل لها مثل هذا الصيت إلا لكونها خرافية .
ولا غرابة في أن نرى مثل هذه الروايات والقصص التي أكثرها تعارض ديننا وأخلاقنا وأعرافنا تتسلل إلى بيوتنا ، وتفسد دين نسائنا وأولادنا وأخلاقهم ، ومع تطور الصنعة الإعلامية صُوِّرت القصص والروايات المكتوبة في أفلام ومسلسلات ورسوم متحركة وغيرها ، ولا تسلْ عن الإقبال عليها والترويج لها ! وهذا يبرز لنا أهمية القصة وأثرها العظيم ، ووجوب العناية بقصص القرآن والسُّنة وتقديمها للناس ، والخطبة من أهم المنابر التي يمكن أن تكون مجالاً رحبًا لعرض قصص القرآن والسُّنة ؛ للاستفادة منها والاهتداء بها .
الغرض من القصص في القرآن : قارئ القرآن الكريم يلاحظ كثرة القصص فيه ، وتنوعها في موضوعاتها التي تعالجها ، وفي شخصياتها التي تحكي أدوارها وأعمالها ، وفي طولها وقصرها ، وفي تكرار بعضها بأساليب مختلفة ، ولهذه القصص أغراض عدة منها :
أولاً : التذكرة والاعتبار :وذلك كقصص الظالمين ونهاياتهم ، والمستكبرين ومآلاتهم ؛ للتحذير من سلوك مسلكهم ، ومنها : قصص قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وقوم شعيب و فرعون و النمرود بن كنعان ، و بلعام ، وصاحب الجنتين .
وجاء في بعض هذه القصص النص على أن مِن أغراضها التفكُّر والاعتبار ، كما في قصة بلعام الذي أنعم الله - تعالى - عليه بآياته فانسلخ منها ، واتبع هواه ؛ إذ ختمها الله - سبحانه - بقوله : { فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } ( الأعراف : 176 ) ، ولما قص - سبحانه - في الأعراف قصص آدم ونوح و هود و صالح ولوط وشعيب - عليهم السلام - ذيَّل ذلك بقوله - عز من قائل - : { تِلْكَ القُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الكَافِرِينَ ( الأعراف : 101 ) .
وفي قصة حَشْر بني النضير ( حصارهم ) قال الله - تعالى - فيها :{ فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الأَبْصَارِ } ( الحشر : 2 ) .
وفي الإشارة إلى غزوة بدر في أوائل ( آل عمران ) قال الله - تعالى - :{ قَدْ كَانَ لَكُمْ ءَايَةٌ فِي فِئَتَيْنِ التَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ العَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الأَبْصَارِ } ( آل عمران : 13 ) .
وختم الله - تعالى - قصة يوسف عليه السلام بقوله - عز وجل - : { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } ( يوسف : 111 ) .
ويدخل في ذلك قصة إبليس اللعين مع أبينا آدم عليه السلام لنَحْذَر من إغوائه لنا ، ونعتبر بما حصل لأبينا - عليه السلام - لمَّا أطاع إبليس ؛ فلا نطيعه ، بل نتخذه عدوًا : { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } ( فاطر : 6 ) .
ثانيًا : التسلية والتثبيت : وهي قصص الابتلاء ، كابتلاء الأنبياء وأتباعهم بالمكذبين والظالمين ،وابتلاء بني إسرائيل بفرعون وما جرى لهم على يديه من الذل والهوان ، وابتلاء يوسف - عليه السلام - وقد ذكر الله - تعالى - قصص جملة من رسله – عليهم السلام - في سورة ( هود ) ثم ختم ذلك بقوله - عز وجل - : { وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ } ( هود : 120 ) .
وختم - سبحانه وتعالى - قصة نوح وما جرى له مع قومه بقوله - عز وجل - : { تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ العَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ } ( هود : 49 ) ، وقال - عز وجل - في فاتحة قصة يوسف - عليه السلام - : { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا القُرْءَانَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الغَافِلِينَ } ( يوسف : 3 ) وختمها بقوله - عز وجل - : { ذَلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ } ( يوسف : 102 ) .
ثالثًا : الاقتداء والتأسي : كقصص الأنبياء والصالحين في ثباتهم على الحق ، وصبرهم على الدعوة ،وتحمل أذى المؤذين في ذات الله - تبارك وتعالى - وهكذا التأسي بهم في توكلهم ويقينهم ، وثقتهم بربهم - عز وجل - وكذلك اتباع هديهم في عباداتهم ومعاملاتهم وزهدهم وأخلاقهم .
وقد ذكر الله - تعالى - في الأنعام قصة إبراهيم - عليه السلام – ومباهلته لقومه ، وأعقبها بالثناء على جملة من الأنبياء - عليهم السلام - ثم ختمها – عز وجل - بالأمر بالتأسي بهم ، فقال - سبحانه - : { أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } ( الأنعام : 90 ) وقال - سبحانه - في قصة أهل الكهف : { نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ ءَامَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى } ( الكهف : 13 ) .
رابعًا : رفع الخلاف : في مسائل كبيرة اختلف الناس فيها قبل إنزال القرآن ، فجلَّاها الرب – جل جلاله - لعباده بما يزيل الخلاف ، ومن ذلك : قصة خلق عيسى عليه السلام وولادته بلا أب ، وطهارة أمه العذراء - عليها السلام - ورفعه إلى الله - تعالى - حيًا في الدنيا ، ونزوله في آخر الزمان حاكمًا بشريعة أخيه نبينا محمد عليهما الصلاة والسلام .
وقصة مريم وعيسى - عليهما السلام - مما وقع فيه خلاف كبير بين طائفتي بني إسرائيل : اليهود والنصارى ، ولذلك ختم الله - تعالى - هذه القصة العظيمة في آل عمران بقوله - سبحانه - : { إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ * الحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الكَاذِبِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ القَصَصُ الحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ } ( آل عمران : 59-62 ) ، وقال - سبحانه - في شأن قصة مريم - عليها السلام - : { ذَلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ } ( آل عمران : 44 ) .
فمن أكبر أغراض سياق قصة مريم وعيسى - عليهما السلام - بيان الحق من الباطل فيما نسجه أهل الكتاب حولهما من القصص والأخبار ، وقد قال الله - تعالى - في موضع آخر : { إِنَّ هَذَا القُرْءَانَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } ( النمل : 76 ) .
حاجة الخطيب إلى فقه القصة في القرآن الكريم : ولو تأملنا في أحوال الناس وحاجاتهم لوجدنا أن الخطيب محتاج إلى كل هذه الأغراض الهادفة من قصص القرآن ، وأن من شأنها إصلاح أحوال الناس .
والخطيب إنما يريد من الناس أن يعتبروا ويتعظوا ، وفي ذكر مآل المكذبين وعاقبة الظالمين أبلغ عظة وعبرة .
والخطيب محتاج إلى تثبيت الناس على إيمانهم مع كثرة فتن السراء والضراء التي لا يكاد يسلم منها أحد في زمننا هذا ؛ وفي ذكر قصص ثبات الأنبياء وأتباعهم تثبيت لقلوب المؤمنين .
والخطيب يريد هداية من يستمعون إليه ، وتأسِّيهم بالصالحين من البشر ، وفي ذكر قصص الأنبياء وأتباعهم حَثٌ على الاقتداء بهم .
والخطيب لا يعرض في خطبته إلا ما يعتقد أنه صدق وحق ، ويجب أن يربي الناس على تلمس الصدق واتباع الحق ، وقصص القرآن قد جلَّت لنا الحقائق ، وبيَّنت الكذب والغبش في قصص السابقين .
تعامل الخطيب مع قصص القرآن : المتأمل في القصص القرآني يجد أنها من حيث من تتناوله القصة على أقسام ثلاثة :
القسم الأول : قصص الأنبياء - عليهم السلام - ومنها قصص تكررت في أكثر من موضع ، وهي غالب قصص الأنبياء - عليهم السلام - مع أقوامهم ، إضافة إلى قصة آدم - عليه السلام - مع إبليس ، ومنها ما لم يتكرر بل جاء في موضع واحد من القرآن ، سواء كانت القصة طويلة كقصة يوسف - عليه السلام - أو كانت قصيرة كقصة إلياس عليه السلام .
القسم الثاني : قصص السابقين من غير الأنبياء - عليهم السلام - مثل : أصحاب الكهف ، وصاحب الجنتين ، و ذي القرنين ،وأصحاب الجنة في سورة القلم ، وقصة مريم عليها السلام في سورتي ( آل عمران ومريم ) .
القسم الثالث : قصص النبي محمد - عليه الصلاة والسلام - مثل غزواته :بدر في ( الأنفال ) و أُحُد في ( آل عمران ) و الخندق وقريظة في ( الأحزاب ) وبني النضير في ( الحشر ) والحديبية في ( الفتح ) و تبوك في ( التوبة ) وإيلائه من نسائه في ( التحريم ) وقصة زواجه من زينب في ( الأحزاب ) .
أما من جهة طول هذه القصص وقصرها ، فهي على أقسام ثلاثة أيضًا :
القسم الأول : قصص قصيرة وهي قليلة مثل : قصة إلياس عليه السلام في سورة ( الصافات ) وقصة يونس عليه السلام في سور ( يونس والأنبياء والصافات ) وقصة أيوب - عليه السلام - في سورتي ( الأنبياء وص ) ، وقصة أصحاب الأخدود في ( البروج ) وقصة الذي انسلخ من آيات الله - تعالى - في ( الأعراف ) فهذه القصص وأمثالها يكفي الواحدة منها خطبة واحدة بدروسها وفوائدها ، وإن قصرت عن ذلك فلا تخلو من حالين :
الأولى : أن يجد الخطيب لها في السُّنة والآثار ما يزيدها بحيث تصلح خطبة كاملة .
الثانية : أن لا يجد الخطيب في السُّنة والآثار شيئًا ، وحينئذٍ لا بد من أن يضع الخطيب مدخلاً مناسبًا لخطبته يغطي النقص الذي عنده .
مثال ذلك : يصدِّر الخطيب خطبته بالحديث عن منزلة الأنبياء عند الله - تعالى - وفضلهم على البشرية ، وسيجد نصوصًا كثيرة في ذلك ، ثم يأتي على قصة النبي الذي اختاره ؛ فإنْ اختار أن يخطب عن قصة أيوب عليه السلام صدَّر خطبته بالحديث عن ابتلاء الله - تعالى - لأنبيائه وعباده الصالحين ، أو عن فوائد الأمراض ، ويجعل قصة أيوب - عليه السلام - وصبره مع شدة ما أصابه من البلاء مثالاً لذلك .
وهكذا في قصة يونس - عليه السلام - يتكلم عن الابتلاء والصبر ، أو الكرب ودعاء المكروب .
وما من قصة إلا سيجد الخطيب لها مدخلاً يناسبها بحيث لا تقصر عن أن تكون خطبة كاملة .
القسم الثاني : قصص متوسطة ، وهي الأكثر في القرآن ، مثل قصص هود وصالح ولوط وشعيب - عليهم السلام - فهي وإن تكررت في الأعراف وهود والشعراء ...
وغيرها إلا أنها ليست طويلة في كل المواضع التي تكررت فيها ؛ بحيث لو جمع الخطيب ما يتعلق بها من تفصيلات في كل موضع من القرآن لناسب أن يجتمع منها خطبة واحدة ، فإن طالت فخطبتان .
وقريب منها قصص أصحاب الكهف وصاحب الجنتين وذي القرنين وأصحاب الجنة في سورة ( القلم ) .
القسم الثالث : قصص طويلة جدًا لا يمكن للخطيب أن يعرضها في خطبة واحدة ، وإلا لأطال على الناس كثيرًا ، وذلك مثل : قصص آدم ونوح و إبراهيم ويوسف - عليهم السلام - وأطول منها قصة موسى عليه السلام مع فرعون ، فقد أبدى فيها القرآن وأعاد ، وكررها مطولة في ( الأعراف ، وطه ، والشعراء ، والقصص ، وغافر ) وجاءت أقل من ذلك في ( يونس والنمل ) وجاءت مختصرة في ( هود ، والإسراء ، والذاريات ، والنازعات ) .
والمتأمل في هذه القصة العظيمة يلاحظ أن تكرارها لا يخلو من فوائد وتفصيلات يكمل بعضها بعضًا : ففي سورتي ( طه والقصص ) تفصيل لولادة موسى - عليه السلام - ونشأته في بيت فرعون وكيف كان ذلك .
وفي ( الأعراف ويونس وطه والشعراء ) مناظرة موسى - عليه السلام - لفرعون ، وقصة السحرة ، وانتهاء أمرهم إلى الإيمان ، وقيام حجة موسى – عليه السلام - على فرعون .
وفي سورة ( غافر ) قصة الرجل المؤمن الناصح الذي آزر موسى – عليه السلام - ودعا فرعون إلى الإيمان ، ومناظرته له في ذلك .
وهناك قصص أخرى لموسى - عليه السلام - مع بني إسرائيل ومعالجته لعنادهم وعَنَتهم ، وصبره - عليه السلام - عليهم ، وقد جاء تفصيل ذلك مطولاً في البقرة والأعراف وطه ، وأيضًا قصته - عليه السلام - مع الخضر - رحمه الله تعالى - في سورة ( الكهف ) .
فهذه القصص المكررة الطويلة لا يحسن بالخطيب أن يُعرِض عنها كليًا لما فيها من الطول ، ولا أن يعرضها بطولها فيثقل على الناس ، وسيكون ذلك على حساب الدروس والفوائد المستخرجة منها ؛ لأن الغرض الأكبر من عرض هذه القصص على الناس استخلاص العبر والدروس للعبرة والاقتداء .
وقد يعمد بعض الخطباء إلى اختيار موضع واحد من القرآن وردت فيه القصة ، فيسوقها كما وردت فيه ، مع استخلاص العبر والدروس من ذلك الموضع ، وهذا حسن إلا أنه لا يتأتى في المواضع التي جاءت فيها القصة مطولة ، مثل : ( الأعراف وطه والشعراء والقصص ) وإلا لأطال على الناس ، كما أن فيه إهمالاً لتفصيلات كاشفة لأمور مهمة من القصة جاءت في مواضع أخرى مع الحاجة إلى ذكرها .
توجيهات للخطيب في استعمال القصة القرآنية الطويلة : الذي أراه مناسبًا في مثل هذه القصص الطويلة العظيمة أن يتبع الخطيب الخطوات التالية :
أولاً : أن يجتهد الخطيب في جمع كل ما يتعلق بالقصة من آيات في كل المواضع التي وردت فيها ، ولو كانت طويلة جدًا .
ثانيًا : يضم إليها ما صح من الأحاديث عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مما له تعلق بالقصة أو بعض أجزائها .
ثالثًا : يراجع كتب التفسير ، وشروح الحديث ، وكتب التاريخ ، وقصص الأنبياء ، فيجمع منها ما زاد على ما وجده في الآيات والأحاديث من كلام الصحابة أو التابعين مما هو كاشف لبعض المواضع التي فيها غموض ، أو فيه جمع لما ظاهره التعارض .
رابعًا : عليه أن يجتنب الإسرائيليات في ذلك ؛ لأنها ستطيل بحثه بلا طائل ، ولأن التفصيلات الموجودة فيها - وإن هفت النفوس إليها - لا دليل عليها ، ولا يحل للخطيب أن يفتن العامة بها ؛ فكثير من الناس لا يفرقون بينها وبين ما جاء عن النبي - عليه الصلاة والسلام - وليس لهم دراية في التعامل مع أخبار بني إسرائيل ، وبمجرد سماعهم لها من الخطيب سيحملونها على محمل التصديق والتسليم .
وهناك كتب حذرت من بعض ما جاء في الإسرائيليات من تفصيلات ، وبينت ما فيها من معارضة للقرآن والسُّنة ، وكتب أخرى عُنِيَتْ بما صح من تفصيلات هذه القصص ، وردِّ ما لم يصح منها ، وهذه الكتب مما يعين الخطيب في بحثه ، ويزيد من علمه بقصص القرآن ، ويقوي مَلَكة النقد لديه .
خامسًا : أرى أن يتأمل الخطيب في نصوص القصة ، ويحاول استنباط الدروس والفوائد منها ، ويقيد ذلك قبل أن يراجع كتب التفسير والشروح وقصص القرآن ؛ وذلك لتنمية ملكة الاستنباط لديه ، ولينظر ما وافق هو فيه غيره ، وقد يفتح الله - تعالى - عليه بفوائد لم يُسبق إليها ، بخلاف ما إذا بدأ يجمع فوائد القصة ودروسها من الكتب التي سبقته فإنه يكون قد رَهَن عقله لها ؛ فلا ينشط في التفكير والاستنباط .
سادسًا : يجمع الدروس والفوائد المستفادة من هذه القصص ، ومظنتها كتب التفسير وشروح الأحاديث ، إضافة إلى كثير من الكتب التي عُنيت بقصص الأنبياء ، أو بالقصص القرآني ، وبعضها عامٌّ في كل القصص ، وبعضها مخصوص في قصة بعينها ، وغالبًا ما يركز أصحاب هذه الكتب - وبالأخص المعاصرة منها - على الدروس المستفادة من القصة .
سابعًا : أن يحذر من كتابة القصة أو بعض أجزائها على فهمه هو للآيات دون مراجعة كتب التفسير ، ولو كتابًا واحدًا موثوقًا ؛ فقد يقع في الخطأ وهو لا يعلم فيأتي بمعنًى في القصة أو الآية ليس بصحيح ، وقد يأتي بمعنى مرجوح يرسخه في أذهان الناس ويهمل الراجح ، وكونه يعلم المعنى الآخر في القصة أو الآية – سواء كان مرجوحًا أو مساويًا للمعنى الذي اختاره - مما يفيده في الإلمام بالمعاني ، ويخلصه من حرج المناقشين والمتعقبين عليه .
ومن الأمثلة التي وقعت لي في ذلك : قول الله - تعالى - : { وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ العَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاَءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ } ( البقرة : 49 ) ، وقد تكرر معنى هذه الآية في سورة الأعراف آية ( 141 ) وفي سورة إبراهيم آية ( 6 ) وكنت آخذ الآية على ظاهرها فيما بدا لي فأجعل البلاء الابتلاء بهذا التعذيب ؛ من تقتيل الأبناء واستحياء البنات ، ولا سيما أنه موصوف بأنه عظيم ، حتى نبهني أحد الإخوة من طلبة العلم إلى أن الطبري يرى أن البلاء هنا بمعنى النعمة ، وأنه يعود على الإنجاء من فرعون وظلمه ، فراجعت ما قال لي فوجدت هذا المعنى منقولاً عن ابن عباس و مجاهد و أبي العالية و أبي مالك و السدي وغيرهم ، ورجحه ابن جرير وقال : « أكثر ما يقال في الشر : بلوته أبلوه بلاءً ، وفي الخير أبليه إبلاء وبلاءً » ، والقول الثاني في الآية أن المعنى البلاء بفرعون وتقتيله لبني إسرائيل ، وحكاه القرطبي عن الجمهور [1] .
ثامنًا : بعد اكتمال مادة الجمع عنده سيجد أن القصة تحتاج إلى خطب كثيرة ليغطي الموضوع بأكمله ، فيقسم القصة إلى وحدات متنوعة يجعل كل واحدة منها موضوعًا لخطبة مستقلة ، ويكون تقسيمه لها على وجهين : الأول : أن يقسمها بحسب الزمان ، وتسلسل الأحداث فيه .
مثال ذلك : يقسم قصة موسى - عليه السلام - على الزمن الذي عاشه ، ويسوق الأحداث بالنسبة لذلك الزمن ، فيتحصل عنده مجموعة من الخطب على النحو التالي :
1 - أحوال بني إسرائيل تحت حكم فرعون وجنده قبل ولادة موسى – عليه السلام - ويُجمِل فيها الكلام عن موسى - عليه السلام - وأنه كان نعمة من الله - تعالى - على بني إسرائيل وخلاصًا لهم .
2 - قصة حمل أم موسى به وولادته ، ونشأته في منزل فرعون .
3 - بعث موسى - عليه السلام - وهجرته إلى مدين .
4 - عودته إلى مصر مرة أخرى ، وتكليم الرب - جل جلاله - إياه .
5 - دعوته لفرعون ومناظراته إياه في الربوبية والعبودية .
6 - تكذيب فرعون واستعانته بالسحرة وإيمانهم بموسى عليه السلام .
7 - مطاردة فرعون وجنده لموسى - عليه السلام - ومَنْ معه ، وهلاك فرعون ونجاة موسى عليه السلام .
الثاني : أن يقسمها بحسب الموضوع ، ولا يهمه سرد القصة وأحداثها وترتيبها .
مثال ذلك : أن يقسم قصة موسى عليه السلام مع فرعون على موضوعات لا يراعي فيها الزمن بقدر ما يراعي الأحداث والصفات المتعلقة بموضوعه ، وذلك أشبه ما يكون بطريقة التفسير الموضوعي ، وذلك كما يلي :
1 - مظاهر طغيان فرعون من خلال قصته في كل السور التي وردت فيها .
2 - حاجة الظلمة إلى أعوان ، وصفات هؤلاء الأعوان ، وذلك من خلال ما قصَّ الله - تعالى - عن الملأ من قوم فرعون ، وخاصة هامان ، وأعماله التي ساند فيها فرعون .
3 - وصف الأذى الذي لحق ببني إسرائيل قبل مبعث موسى - عليه السلام - وبعده .
4 - ضعف بني إسرائيل وهوانهم ، واستكانتهم لظلم الظالمين ، ومظاهر ذلك من الآيات القرآنية .
5 - اصطفاء موسى - عليه السلام - مخلصًا لبني إسرائيل ، وتربيته في بيت عدوه .
6 - فضائل موسى - عليه السلام - من خلال إيمانه بالله - تعالى – وثقته به ، وتوكله عليه ، وقوته في الحق ، وصبره على الأذى فيه .
7 - عاقبة المؤمنين النصر ، ونهاية المستكبرين العذاب ، وجعل قصة موسى وفرعون أنموذجًا لذلك ، بوصف أعمال الفريقين ، وبيان عاقبتهما .
فهذه موضوعات سبعة في كل قسم بدت لي ابتداءً ، وقد تزيد مع جمع مادة القصة من مصادرها .
إضافة إلى أن لموسى - عليه السلام - قصصًا أخرى مع بني إسرائيل بعد هلاك فرعون يُتحصل منها عدد من الخطب ليس بالقليل ، سواء تناولها الخطيب بحسب زمنها أو تناولها بحسب موضوعاتها ، وهكذا قصة موسى والخضر عليهما السلام .
ولست هنا أدعو الخطيب إلى أن يجعل هذه الخطب مسلسلة ، في كل جمعة يخطب بواحدة حتى ينهيها ، بل الذي أراه أن يجعل كل خطبة مستقلة عن الأخرى ، ويخطب بها بين الحين والآخر حسب الحاجة حتى ينتهي منها .
ولو رأى أن يسلسل قصة من القصص حتى ينهيها فالأمر واسع ، والخَطْب يسير ، وهو محل اجتهاد بما يحقق المصلحة ، وقد يناسب ذلك في بعض المساجد دون غيرها ، لكني أرى أنه من غير المستحسن أن يبدأ في قصص القرآن فلا يخرج منها إلى غيرها حتى ينتهي منها كلها ؛ لأن ذلك سيطول وقد يستغرق سنوات ، وسيكون على حساب موضوعات أخرى مهمة ، وقد سبق أن بيَّنت مفاسد جمود الخطيب على فن من الفنون يخطب فيه ولا يتعداه [2] .
تاسعًا : سيجد الخطيب أثناء الجمع تعليقات على بعض مواضع القصة مؤثرة جدًا عن الصحابة أو التابعين أو الأئمة بعدهم ، فعليه أن يعتني بها ، ويؤكد عليها ، ويضعها في مواضعها اللائقة بها ، فإن ناسب أن يذكرها في موضعها من القصة فذاك ، وإن رأى أنَّ إيرادها في سياق القصة سيقطعها ويشوش على المستمعين ولا ينتفعون بها فليجعلها في الدروس ولا يهملها .
ومما يحضرني في ذلك :
1 - في قول الله - تعالى - : { وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا } ( مريم : 53 ) وقوله - سبحانه - عن موسى أنه قال : { هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي } ( طه : 30-32 ) ، وقوله - تعالى - : { قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ } ( القصص : 35 ) قال بعض السلف : « ليس أحد أعظم مِنَّةً على أخيه من موسى على هارون - عليهما السلام - فإنه شفع فيه حتى جعله الله نبيًا ورسولاً معه إلى فرعون وملئه ولهذا قال الله - تعالى - في حق موسى : { وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا } ( الأحزاب : 69 ) [3] .
بناء الخليل - عليه السلام - للبيت ، عن وهيب بن الورد - رحمه الله تعالى - : « أنه قرأ { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ } ( البقرة : 127 ) فجعل يبكي ويقول : يا خليل الرحمن ! ترفع قوائم بيت الرحمن وأنت مشفق أن لا يقبل منك ! » [4] .
3 - في قصة موسى - عليه السلام - وقول الله - تعالى - : { فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى } ( طه : 44 ) قال يزيد الرقاشي - رحمه الله تعالى - : « يا من يتحبب إلى من يعاديه ؛ فكيف بمن يتولاه ويناديه ؟ »[5].
وقُرئت عند يحيى بن معاذ فبكى وقال : « إلهي ! هذا رفقك بمن يقول : أنا الإله ؛ فكيف رفقك بمن يقول : أنت الله ؟ » [6] .
4 - في دعاء الخليل - عليه السلام - حين قال : { وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ } ( إبراهيم : 35 ) قال إبراهيم التيمي - رحمه الله تعالى - : « من يأمن البلاء بعد الخليل حين يقول : واجنبني وبني أن نعبد الأصنام كما عبدها أبي وقومي » [7] .
إيرادات والجواب عنها :
الإيراد الأول : إن هذه الطريقة المقترحة لتعامل الخطيب مع القصص القرآني تحتاج إلى وقت طويل ، والخطبة متكررة كل جمعة ، فأنَّى للخطيب أن يجد الوقت لمثل هذا العمل الكبير ، ولديه أعمال أخرى ؟وجواب ذلك كما يلي :
1- إن مثل هذا البحث وإن أخذ جزءًا ثمينًا من وقته ، فإنه يريحه أيضًا جمعات كثيرة يكون عنده لها رصيد من الموضوعات قد أعدَّه وجمع مادته ، ولم يبق إلا الصياغة ، وذلك يوفر عليه وقتًا طويلاً فيما لو أراد إعداد خطبة لكل جمعة .
ولو أن الخطيب فعل مثل ذلك في كل الموضوعات الطويلة ، سواء كانت في القصص ، أو العقائد ، أو العبادات ، أو الأخلاق ، أو السيرة ، أو القضايا المعاصرة ... أو غيرها لتحصَّل له كمٌّ كبير من الموضوعات الجاهزة التي لا تحتاج منه إلا إلى صياغة فقط ، وهذا يريحه كثيرًا في اختيار موضوع خطبته وفي كتابتها ؛ فلا تستنزف منه وقتًا طويلاً .
2- قد يضيق الوقت على الخطيب في بعض الجُمَع لظرف طارئ لم يحسب حسابه فلا يتمكن من جمع مادة خطبته ، فتكون هذه المواد المجموعة سابقًا معينة له على الالتزام بكتابة خطبة جديدة وجيدة رغم ما عَرَض له من مشاغل وعوائق ، بخلاف ما لو لم يكن عنده مادة محضرة فسيضطر للإعادة ، ولو كتب خطبة جديدة دون تحضير وجَمْع فستكون خطبة ضعيفة .
الإيراد الثاني : قد ينازع بعض الناس ، فيقول : إن الخطبة مجرد موعظة وتذكير بما يفتح الله - تعالى - على الخطيب ، وقد كان النبي - عليه الصلاة والسلام - يخطب بما يحتاج الناس إليه .
وجواب ذلك من وجهين :
1 - إن من أبلغ المواعظ والتذكير الموعظة بقصص القرآن ، وتكرارها في القرآن ، وطولها في بعض السور يدل على أهميتها في الوعظ والتذكير ، وأن لها أثرًا كبيرًا في نفس قارئها وسامعها ، ومن لم يتعظ بالقرآن وآياته وقصصه فلا واعظ له .
2 - إن الخطبة بقصص القرآن مما يحتاج الناس إليه ؛ لما فيها من الفوائد الكثيرة ، ولتشوُّف نفوس السامعين إلى القصص ، ومحبتهم لها ، وتأثُّر قلوبهم بها .
الإيراد الثالث : قد يرى بعض الناس أن الخطبة ليست بحثًا ؛ فلا تحتاج إلى كل هذا الجمع ، ويكفي الخطيب أن يعرض لظاهر القصة ويختار منها ما يراه مناسبًا ، ولا يحتاج إلى صنع أكثر من خطبة في القصة الواحدة .
وجواب ذلك من أوجه :
1 - إن الاقتصار في الموضوعات الطويلة - ومنها بعض قصص القرآن - على خطبة واحدة سيلجئه إلى إطالتها بما يشق على المصلين ، أو سيهمل ما هو مهم فيها وهذا قصور .
2 - إن من فعل ذلك سيكتفي بالعموميات ، والاقتصار على العموميات أقل فائدة وتأثيرًا على المصلين من الغوص في أعماق الموضوع ، واستخراج النكت والفوائد والدروس منه ، والعموميات يفهمها أكثر المصلين ، وربما كان إدراكهم لبعض التفصيلات أكثر من إدراك الخطيب .
3 - إن الخطيب هو أول المستفيدين من بحوثه التي يجمعها للخطبة ؛ فذلك يزيد في معلوماته ، ويرسخ الموضوعات التي بحثها في ذهنه بدقائقها ونكتها ومسائلها ، والذي أراه أن البحث هو أقوى وسيلة لتحصيل العلم وترسيخه ، وتقوية ملكة النظر والنقد والترجيح والاجتهاد ؛ فعلامَ يحرم الخطيب نفسه هذه الثمرات العظيمة ببعض جهد يبذله في شعيرة هي من أعظم الشعائر ، فينفع نفسه وينفع إخوانه المسلمين ؟
4 - إن أي خطبة لم تكتب إلا بعد جمع وبحث ونظر ستحوي فوائد ونكتًا لا توجد في غيرها ، وهذا مما يطيل أمد تداولها ، ويجعل الناس يتناقلونها على أوسع نطاق ، وربما وقعت في أيدي خطباء فخطبوا بها لفائدتها ونفاستها ، وقد يستفيد من بعض ما فيها عالم كبير ، أو طالب علم مبرَّز ، أو داعية مشهور ، أو كاتب مرموق ، والفضل في ذلك - بعد الله تعالى - يعود لمن كتبها .
وواجب على الخطيب أن لا يحتقر عقول المصلين معه ولو كانوا من العوام ؛ فإن أغلبهم يميزون جيد الكلام من رديئه ، ويدركون أكثر ما يخاطَبون به ، كيف لا وما من جامع إلا وفيه متعلمون ودارسون حتى جوامع القرى والهجر ، بما منَّ الله - تعالى - على الناس من نهضة التعليم والدراسة في هذا العصر ؟ويبدو لي أن من أهم أسباب ضعف الخطبة في هذا العصر ، وقلة تأثيرها في نفوس المستمعين هو عدم التحضير الجيد لها ، والاكتفاء بعموميات الموضوع الذي يختاره الخطيب ، حتى بلغ الأمر ببعض الخطباء أنك تستمع إلى خطبته فلا تجد موضوعًا واحدًا لها ، وإنما يتشعب في أودية كثيرة ، ويتكلم عن موضوعات عدة في آن واحد ، بل ربما جاوز الموضوع ثم عاد إليه مرة أخرى في خطبته نفسها ، ولست أدري كيف كتبها ؟

(1) انظر : تفسير الطبري : 1/274-275 ، وتفسير القرطبي : 1/387 ، وتفسير ابن كثير :1/ 91-92 .
(2) انظر : البيان ، العدد (209) ص (28) .
(3) تفسير ابن كثير : 3/390 .
(4) تفسير ابن أبي حاتم : 1/233 .
(5) تفسير ابن كثير : 3/154 .
(6) تفسير الألوسي : 16/195 .
(7) تفسير القرطبي : 9/368 .






__________________

من مواضيع فريق منتدى الدي في دي العربي

فريق منتدى الدي في دي العربي متواجد منذ قليل   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
بركات القرآن الكريم ياهو مكتوب الأردن الاسلامي مشاهده وتحميل اسلاميات Islamic 0 06-14-2016 05:23 PM
من هو تبع المذكور في القرآن الكريم فريق منتدى الدي في دي العربي الاسلامي مشاهده وتحميل اسلاميات Islamic 0 05-23-2016 11:51 PM
معلومات عن القرآن الكريم فريق منتدى الدي في دي العربي المنتديات التعليمية Educational 0 05-18-2016 12:50 AM
اللّغات في القرآن الكريم فريق منتدى الدي في دي العربي المنتديات التعليمية Educational 0 05-06-2016 01:34 PM
تدبر القرآن الكريم فريق منتدى الدي في دي العربي الاسلامي مشاهده وتحميل اسلاميات Islamic 0 03-14-2016 03:07 PM

 
أخر الموضوعات
- بواسطة zoro1
- بواسطة zoro1
- بواسطة zoro1
- بواسطة zoro1
- بواسطة zoro1
- بواسطة zoro1
- بواسطة Hosam1000
- بواسطة روايدا
- بواسطة Hosam1000
- بواسطة Hosam1000
- بواسطة Hosam1000
- بواسطة Hosam1000
- بواسطة Hosam1000
- بواسطة Abo Zayed
- بواسطة Abo Zayed

استطلاع
ما هى الاقتراحات التى تريد أن تقدمها لتطوير خدمات و تصميم شبكة عالم الانترنت
هذا التصويت مفتوح (مرئي) للجميع: كافة الأعضاء سيشاهدون الإختيار الذي قمت بتحديده ، فيرجى الإنتباه إلى هذه النقطة .

إعلانات
فيسبوك

إدعموا منتدى الدي في دي في ترتيب أليكسا :: الدال على الخير كفاعله ::حديث نبوي صحيح::

إدعموا الدي في دي في ترتيب أليكسا :: الدال على الخير كفاعله ::

فيسبوك

لوحة اعلانية
::صفحات صديقة :: معهد ترايدنت :: منتدى برامج نت :: برامج المشاغب - ملتقى العلماء وطلبة العلم - الريان تيوب - جريدة الديار -عمال مصر- قهوة الصحفيين - جريده اخبار بتروجت :: للإعلان :: واتس 00201558343070 بريد إلكتروني [email protected] أو يمكن التواصل معنا مباشرة عبر نموذج الاتصال بنا علي الرابط الآتي https://dvd4araab.com/vb/sendmessage.php للتواصل عبر الواتس https://chat.whatsapp.com/Bekbfqlef3ZInj31Jhk99j


تنبيه للاعضاء تود إدارة المنتدى ان تؤكد لكافة الاخوة الاعضاء بانه يمنع نشر أي مادة إعلامية تسيء للاديان أو تدعو للفرقة المذهبية او للتطرف ، كما يحظر نشر الاخبار المتعلقة بانشطة الارهاب بكافة اشكاله اوالدعوة لمساندته ودعمه، حيث ان ذلك يعتبر خروج صريح عن سياسة المنتدى ، كما قد يعرض المشارك الى المساءلة النظامية من الجهات الرسمية ذات العلاقة، شاكرين ومقدرين للجميع حسن التزامهم باهداف ومبادىء المنتدى.


الساعة الآن 10:52 PM

converter url html by fahad

 



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Adsense Management by Losha

هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

Developed By Marco Mamdouh
Please seek an excuse for DVD FORUM it is not responsible for the coming of topics by members and put the responsibility entirely on the subject's owner , DVD FORUM is open forum for members to put different subjects in striving for a review of topics, according to general laws for the protection of property . If there are any company or institution has a problem with one of the topics, please contact us. DVD FORUM is not responsible for any topics written within the forum. Only the author of the topic bears full responsibility for the topic he submitted. If you encounter any problem arises in the content, please email us

Security team

DMCA.com Protection Status

هذا الموقع يستعمل منتجات MARCO1

All Rights Reserved WaelDesign © 2010/2011

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303