اختلاف ضبط معمر بن راشد بسبب أمر طرأ عليه
أ. د. حسن محمد عبه جي
قد يطرأ على المحدث أمرٌ ما يؤثِّر في ضبطه، ويُصَيِّر حديثَه كلَّه أو قسماً منه غير مقبول، كما حصل لمَعمر بن راشد بالنسبة للأحاديث التي يرويها عن الأعمش، وذلك حينما فقد الصحيفة التي دوَّن فيها أحاديثه عنه، فصار بعد ذلك إذا أراد أن يحدث عن الأعمش حدَّث من ذاكرته.
قال معمر: (( سقطت مني صحيفة الأعمش، فإنما أتذكَّر حديثه وأحدِّث من حفظي ))[1].
فوقع الغلط في حديثه عن الأعمش، ومن ثَمَّ حكم الأئمة بسوء حفظه له.
قال الدارقطني في (( العلل ))[2]: (( معمر سيء الحفظ لحديث قتادة والأعمش )).
ونقل ابن رجب[3]عن أحمد بن الحسن السُّكَّري الحافظ قوله: ((... وأما معمر في الأعمش فهو سيء الحفظ جداً )). ثم قال: (( وكذا ذكره ابن معين والأثرم والدارقطني )).
ونقل عن أحمد قوله: (( أحاديث معمر عن الأعمش التي يغلط فيها ليس هو من عبدالرزاق، إنما هو من معمر، يعني الغلط )).
وليس في الكتب الستة - فضلاً عن الصحيحين - شيء من حديث معمر عن الأعمش.
وثَمَّت عارض آخر طرأ على معمر، تأثَّرت به ذاكرته، ونسي محفوظاته.
قال أبو داود[4]: قال معمر: احتجمْتُ فذهب عقلي، حتى كنتُ أُلَقَّنُ فاتحة الكتاب في صلاتي. - قال - وكان احتجم على هامته[5].
وليس بين أيدينا مايحدِّدُ المدة الزمنية التي استمر فيها معمر على هذا، ولا مايدل على أنه حدَّث في تلك الحالة.
[1] (( المعرفة والتاريخ )) 3: 29.
[2] نقلاً عن ابن رجب (( شرح العلل )) 2: 698، ولم أجد النص في القسم المطبوع من (( علل )) الدارقطني.
[3] (( شرح العلل )) 2: 720.
[4] (( سنن أبي داود )): كتاب الطب، باب في موضع الحجامة، بعد حديث (3860)، طبعة عزت عبيد الدعاس وعادل السيد (حمص، دار الحديث، الأولى1389).
[5] الهامة: الرأس. (( النهاية )) 5: 283.