حديث: لعن الله الناظر والمنظور إليه
محمد زياد التكلة
حديث: لعنَ الله الناظِرَ والمَنظورَ إليه
الدرة اليتيمة في تخريج أحاديث التحفة الكريمة (5)
عن الحسن مرسلاً قال: بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لعنَ الله الناظِرَ والمَنظورَ إليه".
رواه البيهقي في شعب الإيمان، كذا في المشكاة: في باب النظر إلى المخطوبة، في آخر الفصل الثالث.
قلت: ومرسلات الحسن ضعيفة، ولا نعلم لهذا المتن أصلاً يعضده.
ثم رأيت في كشف الخفاء للعجلوني رحمه الله (ص 408) نسبة هذا الحديث إلى وضع إسحاق الملطي، عامله الله بما يستحق[1].
[1] حديث الحسن مرسلا: "لعن الله الناظر والمنظور إليه". يعني العورة.
رواه البيهقي في السنن الكبرى (7/99) وفي الشعب (13/478 رقم 7399 السلفية، 6/162 رقم 7788 زغلول) من طريق بحر بن نصر، ثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عبد الرحمن بن سلمان، عن عمرو مولى المطلب، عن الحسن، قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فذكره)
وهذا واهٍ، عبدالرحمن وشيخه فيهما ضعف، ومراسيل الحسن من أوهى المراسيل.
وضعّفه البيهقي في الكبرى بقوله: هذا مرسل. وتبعه التاج علي بن عبد الله التبريزي في المعيار (2/355).
قلت: وقال أبوداود في المراسيل: حدثنا ابن السرح، نا ابن وهب، أخبرني عبدالرحمن بن سلمان، عن عمرو مولى المطلب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله.. لم يذكر فيه الحسن.
هكذا وقع في طبعتي كتاب المراسيل (رقم 473 شعيب، و468 الزهراني)، وهو كذلك في أحكام النظر لابن القطان (رقم 157 ص259-260)، وتحفة الأشراف (13/327 رقم 19177) والأحكام المتعلقة بدخول الحمام لابن كثير (ص49) نقلا عن المراسيل، وهكذا ذكره الحافظ الحسيني في الإلمام بآداب دخول الحمام (61).
فهذا اختلافٌ يزيد في ضعف الإسناد.
وقال ابن القطان: لم يصح. وأعلّه بعبدالرحمن وعمرو.
ولم أجده في القطع المطبوعة من كتب ابن وهب.
• ورفعه أحد الكذابين، وهو إسحاق بن نجيح الملطي، فرواه عن عباد بن راشد المنقري، عن الحسن، فزاد فيه: عن عمران بن الحصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجه ابن عدي في الكامل (1/325)، وقال: إن هذا الحديث عن عباد بن راشد عن الحسن موضوع. وحكم أن الملطي وضعه، وتبعه الذهبي في الميزان (1/202)، والسيوطي في ذيل الموضوعات (ص149)، والفتني في تذكرة الموضوعات (10)، وملا علي القاري في الأسرار المرفوعة (ص409)، والعجلوني في كشف الخفاء (2/552)، والألباني في الضعيفة (306)، وغيرهم.
ورُوي من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:
رواه الديلمي في مسند الفردوس (3/515 رقم 5483 الزمرلي، ووقع دون الإسناد في طبعة زغلول 3/465 رقم 5441) من طريق علي بن داود القنطري، ثنا محمد بن عبدالعزيز الرملي، ثنا خازم بن جبلة بن أبي نضرة العبدي، ثنا عبدالعزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا.
وهذا إسناد مسلسل بالعلل: فالرملي فيه ضعف، وشيخه خازم قال عنه ابن مخلد الدوري: لا يكتب حديثه، وعدّه ابن عساكر في معجم الشيوخ (رقم 772) من الضعفاء، وابن أبي رواد ضعيف كذلك، وفي روايته عن نافع مناكير وموضوعات.
ومَن دون علي بن داود لم أجزم بهم، لشدة التحريف في الأصل.
والتفرد بمثل هذا السند عن نافع منكر جدا، فكيف والمتن أيضاً منكر؟
وروي من حديث علي رضي الله عنه:
رواه أبوموسى المديني في الأحاديث الطوال (45/أ، كما في مسند علي لأوزبك 6/2198) من طريق حماد النصيبي، عن السري بن خالد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب مرفوعا، ضمن حديث طويل في الوصية والفضائل والآداب.
وهو حديث موضوع، فالنصيبي كذاب، ويأتي الكلام على حديثه هذا مفصلا آخر تخريج الحديث رقم (49) في هذا الكتاب.
وروي عن الزهري مرسلا:
"إذا كان آخر الزمان حرم فيه دخول الحمام على ذكور أمتي بمآزرها". قالوا: يا رسول الله، لم ذاك؟ قال: "لأنهم يدخلون على قوم عراة، ويدخل عليهم أقوام عراة، ألا وقد لعن الله الناظر والمنظور إليه".
عزاه في الزواجر (250) وفي كنز العمال (9/392) لابن عساكر، وذكره ابن منظور في مختصر تاريخه في ترجمة جبرون بن عبد الجبار بن واقد -وهو منشور بالنسبة لجدّه-، وفيه أنه حدث به عن سفيان -وهو ابن عيينة- عن الزهري مرسلاً به. وهو غريب جدا عن الزهري وسفيان، ويظهر أن آفته جبرون -إن صح السند له-، فقال الذهبي إنه منكر الحديث، وأنه متهم بالوضع، على أن مراسيل الزهري من أوهى المراسيل.
فالحاصل أن كل طرق الحديث شديدة الضعف، إن لم تكن موضوعة، والله أعلم.
الألوكة