حديث: لا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم
الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
حديث: لا يرث المسلمُ الكافرَ ولا يرث الكافر المسلم
عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يرث المسلمُ الكافرَ، ولا يرث الكافر المسلم))؛ متفق عليه.
المفردات:
أسامة بن زيد: هو أسامة (الحِبُّ) بن زيد (الحِبِّ) بن حارثة بن شراحيل بن عبدالعُزَّى بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبدوُدِّ بن عوف بن كنانة بن عوف بن عُذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثَوْر بن كلب الكلبي.
كان حِبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنَ حِبِّه، ويكنى أبا محمد، وأمه أم أيمن، واسمها بركة، حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاته، كان أبوه زيد بن حارثة أولَ الناس إسلامًا من الموالي، ولم يُفارِق زيدٌ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وولد أسامة بمكة ونشأ حتى أدرك ولم يعرف إلا الإسلام، وهاجر إلى المدينة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّه حبًّا شديدًا، وكان عنده كبعض أهلِه.
وقد أخرج ابن سعد عن أسامة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيُقعِدني على فخذِه، ويقعد الحسن بن علي على فخذه الأخرى، ثم يضمنا، ثم يقول: ((اللهم ارحمهما، فإني أرحمهما))، وكان أسامة رضي الله عنه أفطس أسود، وكان أبوه رضي الله عنه أبيض، وقد رقدا مرةً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وتغطَّيا بقطيفة بدَتْ منها أقدامُهما، فدخل مجزز المدلجي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى أقدامهما، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض، ففرِح بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخل على عائشة رضي الله عنها مسرورًا تبرُقُ أسارير وجهه.
ولَمَّا أهدى حكيمُ بن حِزام لرسول الله صلى الله عليه وسلم حُلَّة كانت لذى يَزَن، كساها رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامةَ بن زيد رضي الله عنهما، وبعثه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على سريَّة فيها أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، وعقد له اللواء لغزوِ الروم، وكان من وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه أنه قال: ((أنِفذوا جيش أسامة))، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسامة ابنُ عشرين سنةً، وقد سكن وادي القرى بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نزل إلى المدينة فمات بالجُرف في آخر خلافة معاوية بن أبي سفيان، وحمل إلى المدينة ودفن بها رضي الله عنه.
لا يرث المسلم الكافر؛ أي: لا نصيب للمسلم من تركة الكافر، مهما كان بسبب اختلاف الدين.
ولا يرث الكافر المسلم؛ أي: ولا نصيب للكافر من تركة المسلم مهما كان بسبب اختلاف الدين.
البحث:
أجمع المسلمون على أن الكافر لا يرث المسلم، سواء كان كفره كفرًا أصليًّا أو كفر رِدَّة، وظاهر هذا الحديث الصحيح يُثبِت أن المسلم لا يرث الكافر كذلك، ولم يَرِدْ حديث صحيح صريح يناقض ما أفاده هذا الحديث المتفق عليه، وأما ما رواه أبو داود من حديث معاذ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الإسلام يزيد ولا ينقص))، فليس صريحًا في توريث المسلم من الكافر، وتوريثُ المسلم من الكافر دون العكس - قياسًا على جواز نكاح المسلم الكتابية دون العكس - هو قياسٌ في مقابلة النص، وسيأتي - في الحديث الرابع من أحاديث هذا الباب: لا يتوارث أهل ملتين، مزيدُ بحثٍ لهذا إن شاء الله تعالى.
هذا وقد قال الحافظ في تلخيص الحبير: "حديث أسامة بن زيد: ((لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم))؛ متفق عليه، وأخرجه أصحاب السنن أيضًا، وأغرب ابنُ تيمية في المنتقي فادَّعى أن مسلمًا لم يخرجه، كذا ابن الأثير في الجامع ادَّعى أن النسائي لم يخرجه"؛ اهـ.
ما يفيده الحديث:
1- أن المسلم لا يرث الكافر.
2- وأن الكافر لا يرث المسلم.
الألوكة
..................