حملة لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلمباشراف ۩◄عبد العزيز شلبى►۩, Abo Zayed, sup4all, messaid saadane, اردنية عاشقة الديفيدي, Yahoo! Maktoob, moha2020, zoro1
قسم لنصرة خير الخلق والإنتصار له
الوقفة الأولى:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد.
حديثنا اليوم عن سيد المرسلين، وإمام المتقين، وقدوة المؤمنين، عن سيدنا وحبيبنا وقرة أعيننا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ نتدارس جوانب من سيرته، نتعرف على صفاته وأخلاقه ومواقفه.
فحياته عليه الصلاة والسلام تقدم لنا نموذجا ساميا لما ينبغي أن يكون عليه المسلم الذي رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه نبيا ورسولا؛ في بيته، في حقله، في سوقه، في متجره، في معمله، في مؤسسته... مع أسرته، مع أبنائه، مع أهله وأقاربه، مع جيرانه، مع أصدقائه، مع أعدائه... لما ينبغي أن يكون عليه الزوج، والأب، والقائد، والزعيم، والرئيس، والمدير، والعامل، ورب العمل... لما ينبغي أن يكون عليه المسلم في أمور دينه، وفي أمور دنياه. فهو الأسوة والقدوة في كل الأمور، ونعم القدوة ونعم الأسوة صلى الله عليه وسلم. ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].
اسمه الشريف:
أما اسمه الشريف، فمحمد صلى الله عليه وسلم، اسم على مسمّى، علم على رمز، ووصف على إمام، جمَع المحامد، وحاز المكارم، واستولى على القيم، وتفرّد بالمثل، وتميّز بالريادة، محمود عند الله لأنه رسوله المعصوم، ونبيّه الخاتم، وعبده الصالح، وصَفوته مِن خلقه، وخليله من أهل الأرض. ومحمود عند الناس لأنه قريب من القلوب، حبيب إلى النفوس، رحمة مهداة، ونعمة مُسداة، مبارك أينما كان، محفوف بالعناية أينما وُجد، محاط بالتقدير أينما حلّ وارتحل، حُمِدَت طبائعه لأنها هُذّبت بالوحي، وشَرُفت طِباعه لأنها صُقِلت بالنبوة.
وشقّ له من اسمه ليجلّه
فذو العرش محمود وهذا محمّد
واسمه أحمد، والعاقب والحاشر والماحي.
ففي الصحيحين عن مُحَمَّد بْن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: « إِنَّ لِي أَسْمَاءً، أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا الْعَاقِبُ ». "على قدمي" أي على أثري. وَالْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيُّ.
وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسَمِّى لَنَا نَفْسَهُ أَسْمَاءً فَقَالَ: « أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَالْمُقَفِّي وَالْحَاشِرُ وَنَبِيُّ التَّوْبَةِ وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ ». والمقفي: بمعنى العاقب الذي جاء عقب الأنبياء وفي قفاهم.
كنيته أبو القاسم، وهي كنية خاصة به، لا يشاركه فيها أحد. ففي صحيح البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: دَعَا رَجُلٌ بِالبَقِيعِ يَا أَبَا القَاسِمِ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: لَمْ أَعْنِكَ قَالَ: «سَمُّوا بِاسْمِي، وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي».
هو خاتم الرسل، وخِيرة الأنبياء، وخطيبهم إذا وفدوا، وإمامهم إذا وردوا، هو صاحب الحوض المورود، واللواء المعقود، والمقام المحمود، أشرف من ذُكر في الفؤاد، وصفوة الحواضر والبوادي، وأجلّ مصلح وهاد. جليل القدر، مشروح الصدر، مرفوع الذكر، رشيد الأمر، القائم بالشكر، المحفوظ بالنصر، البريء من الوزر، المبارك في كل عصر، المعروف في كل مصر. بشّرت به الرسل، وأخبرت به الكتب، وحَفَلت باسمه التواريخ، وتشرّفت به النوادي، وتضوعت بذكره المجامع، وصدحت بذكراه المنائر، ولجلجت بحديثه المنابر.
فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه، ما نجمٌ بدا، وطائر شدا، ونسيم غدا، ومسافر حدا.
نسبه:
وأما نسبه، فالرسول صلى الله عليه وسلم خيار من خيار، إلى نسبه يعود كل فخار، وهو من نكاح لا من سفاح، آباؤه سادات الناس، وأجداده رؤوس القبائل، جمعوا المكارم كابرا عن كابر، فهو صلى الله عليه وسلم سيد من سيد يروي المكارم أبا عن جد.
ففي صحيح مسلم عن وَاثِلَةَ بْن الأَسْقَعِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: « إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ ».
نسبٌ كأن عليه من شمس الضحى
نورا ومن فلق الصباح عمودا
أبوه عبد الله بن عبد المطلب. وأمه آمنة بنت وهب. وجده عبد المطلب. وعمه أبو طالب. وتُعْرَف أسرته بالأسرة الهاشمية نسبة إلى جده الثاني هاشم بن عبد مناف.
موطنه:
وأما موطنه عليه الصلاة والسلام، فقد اختار الله له من بقاع العالم ومن بين أصقاعها أحبّ البلاد إليه سبحانه، البلدُ الحرام، والتربة الطاهرة، والأرض المقدسة، والوطن المحاط بالعناية، المحروس بالرعاية. فولد صلى الله عليه وسلم في مكة حيث صلى الأنبياء، وتهجّد المرسلون، وهبط الوحي، وطلع النور، وأشرقت الرسالة، وسطعت النبوة، وانبلج فجر البعثة، وحيث البيت العتيق، والعهد الوثيق، والحُبّ العميق، فمكة مسقط رأس المعصوم، وفيها مَهْد طفولته، وملاعب صباه، ومعاهد شبابه، ومَراتع فتوّته، ورياض أنسه.
فيها رضع لبن الطهر، ورشف ماء النبل، وحسا ينبوع الفضيلة، وفيها درج، وفيها دخل وخرج، وطلع وولج، فهي وطنه الأول، بأبي هو وأمي، وهي بلدته العزيزة إلى فؤاده، الحبيبة إلى قلبه.
هناك في مكة المكرمة صنع ملحمته الكبرى، وبثّ دعوته العظمى، وأرسل للعالمين خطابه الصادق، وبعث لأهل الأرض رسالته المشرقة الساطعة، حتى إنه لما أخرج من مكة ودّعها وداع الأوفياء، وفارقها وما كاد يتحمّل هذا الفراق: ﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ﴾ [البلد: 1، 2].
الرسول قبل بعثته: طفولته: أما طفولته، فإن الطهر قد وُلِد معه، والبِشرَ صاحبه، والتوفيق رافقه، فهو طفل لكن لا كالأطفال، براءة في نجابة، وذكاء مع زكاء، وفطنة مع عناية، فعين الرعاية تلاحظه، ويد الحفظ تعاونه، وأغصان الولاية تظلله، فهو هالة النور بين الأطفال، حَفظه الله من الرعونة ومن كل خلق رديء ووصف مقيت ومذهب سيء، لأنه مِن ثغره مُرَشَّح لإصلاح العالم، مُهيأ لإسعاد البشرية، مُعدّ بعناية لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، فهو الرجل لكن النبي، والإنسان لكن الرسول، والعبد لكن المعصوم، والبشر لكن الموحى إليه.
ولد صلى الله عليه وسلم في شِعْب بني هاشم بمكة المكرمة، صبيحة يوم الإثنين. وقد اشتهر عند أهل السير أن ذلك كان في الثاني عشر من ربيع الأول -وقيل غير ذلك- من عام الفيل.
وقد كان عليه الصلاة والسلام يتذكر يَوْمَه الذي وُلد فيه، فكان يصومه شكرا لله عز وجل. ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ صَوْمِ الاِثْنَيْنِ؟ فَقَالَ: « فِيهِ وُلِدْتُ، وَفِيهِ أُنْزِلَ عَلَيَّ ».
أول مَنْ أرضَعَتْهُ أمّه آمِنة، وبَعد أسبُوع أرضعته ثُوَيبة مولاة أبي لهب، ثم بعدها أرضعته حليمة بنت أبي ذُؤيب من بني سعد بن بَكر. المعروفة بحليمة السعدية. وقد مكث عندها أربع سنوات.
وفي السنة الرابعة في بني سَعد جاءه الطهر والنقاء، طهِّرَ قلبه وغسل، لأنه مُعدّ لاستيعاب الوحي وحفظه؛
ففي صحيح مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ، فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ، فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً فَقَالَ: هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ. ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ لأَمَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ. وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ - يَعْنِي ظِئْرَهُ - فَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ. فَاسْتَقْبَلُوهُ وَهُوَ مُنْتَقِعُ اللَّوْنِ. قَالَ أَنَسٌ: وَقَدْ كُنْتُ أَرَى أَثَرَ ذَلِكَ الْمِخْيَطِ فِي صَدْرِهِ.
شبابه:
وأما شبابه، فهو زينة الشباب، وجمال الفِتيان، عِفةً ومروءة وعقلا وأمانة وفصاحة. لم يكن يكذب كِذْبَة واحدة، ولم تُعْلم له عثرة واحدة ولا زلة واحدة ولا مَنقَصة واحدة، فهو طاهر الإزار مأمون الدخيلة، زاكي السر والعلن، وقور المقام، محترم الجانب، أريحيّ الأخلاق، عذب السجايا، صادق المنطق، عفّ الخصال، حَسن الخلال.
لم يستطع أعداؤه حِفظَ زلة عليه مع شدة عداوتهم وعظيم مكرهم وضراوة حقدهم، بل لم يَعثروا في مِلف خُلقه الكريم على ما يَعيب، بل وجدوا - والحمد لله - كلَّ ما غاظهم من نُبْل الهمة ونظافة السّجل، وطهر في السيرة، وجدوا الصدق والعفة والأمانة، فكانوا يلقبونه الصادق الأمين. بلغ الغاية في كل خلق شريف، وفي كل مذهب عفيف، فكان في عنفوان شبابه مستودَعَ الأمانات، ومَردّ الآراء، ومَرجعَ المحاكمات، ومَضرب المثل في البرّ والسموّ والرشد والفصاحة...
لم ينشغل في شبابه بسفاسف الأمور، بل بمعاليها وأشرافها؛ تارة في رعي الغنم، وتارة في حضور مجالس الخير، وتارة في عمل التجارة...
ففي صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الغَنَمَ»، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ». (قراريط) جمع قيراط وهو جزء من النقد.
وأخرج البيهقي عن طلحة بن عبدالله بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: "لقد شَهدت في دار عبدالله بن جُدعان حلفا، ما أحِبّ أن لي به حمرَ النَّعَم، ولو أُدعى به في الإسلام لأجبت". قال القتيْبِي فيما بلغني عنه: وكان سببُ الحِلف أن قريشا كانت تتظالم بالحرَم، فقام عبد الله بن جُدعان والزبير بن عبد المطلب فدعَوْهم إلى التحالف على التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم. فأجابهما بنو هاشم وبعض القبائل من قريش.
وفي صحيح مسلم عن جَابِر بْن عَبْدِاللَّهِ يَقُولُ لَمَّا بُنِيَتِ الْكَعْبَةُ ذَهَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَعَبَّاسٌ يَنْقُلاَنِ حِجَارَةً فَقَالَ: الْعَبَّاسُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: اجْعَلْ إِزَارَكَ عَلَى عَاتِقِكَ مِنَ الْحِجَارَةِ. فَفَعَلَ فَخَرَّ إِلَى الأَرْضِ، وَطَمَحَتْ عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: « إِزَارِي إِزَارِي ». فَشَدَّ عَلَيْهِ إِزَارَهُ. طمحت: ارتفعت.
يقول ابن اسحاق رحمه الله في سيرته: وكانت خديجة ابنة خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم منه، وكانت قريش قوماً تجاراً، فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه، وعظم أمانته، وكرم أخلاقه، بعثت إليه، فعرضت عليه أن يخرج في ما لها تاجراً إلى الشام، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار مع غلام لها يقال له ميسرة، حتى قدم الشام، ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها، واشترى ما أراد أن يشتري، ثم أقبل قافلاً إلى مكة ومعه ميسرة.
في وصف الحبيب محمد:
لقد من الله تعالى على نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم بجمال الصورة، واستواء البدن، وصحة الجسد، ووضاءة الوجه، وقوة الفكر والعقل، ودقة الفهم، وبلاغة المنطق، وسلامة القلب.
وهذه بعض الروايات التي وردت في وصف الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم:
في صحيح مسلم عن جَابِر بْن سَمُرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَلِيعَ الْفَمِ، أَشْكَلَ الْعَيْنِ، مَنْهُوسَ الْعَقِبَيْنِ. قَالَ - أي شعبة - قُلْتُ لِسِمَاكٍ: مَا ضَلِيعُ الْفَمِ؟ قَالَ عَظِيمُ الْفَمِ. قَالَ قُلْتُ مَا أَشْكَلُ الْعَيْنِ؟ قَالَ طَوِيلُ شَقِّ الْعَيْنِ. قَالَ قُلْتُ مَا مَنْهُوسُ الْعَقِبِ؟ قَالَ قَلِيلُ لَحْمِ الْعَقِبِ. الأشكل: الذي في بياض عينيه شيء من الحمرة.
ففي صحيح مسلم عَنْ ثَابِتٍ قَالَ أَنَسٌ رضي الله عنه: مَا شَممْتُ عَنْبَرًا قَطُّ وَلاَ مِسْكًا وَلاَ شَيْئًا أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلاَ مَسِسْتُ شَيْئًا قَطُّ دِيبَاجًا وَلاَ حَرِيرًا أَلْيَنَ مَسًّا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
وفي صحيح مسلم أيضا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ عِنْدَنَا، فَعَرِقَ، وَجَاءَتْ أُمِّي بِقَارُورَةٍ فَجَعَلَتْ تَسْلُتُ الْعَرَقَ فِيهَا، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: « يَا أُمَّ سُلَيْمٍ؛ مَا هَذَا الَّذِي تَصْنَعِينَ ؟». قَالَتْ: هَذَا عَرَقُكَ نَجْعَلُهُ فِي طِيبِنَا، وَهُوَ مِنْ أَطْيَبِ الطِّيبِ.
الوقفة الثانية: الرسول نعمة مهداة:
مازال حديثنا عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم متواصلا؛ وكيف لا نتحدث عليه وهو أعظم نعمة أنعم الله تعالى به على هذه الأمة الميمونة.
فلولا هذه النعمة العظيمة لبقي هذا الإنسان ضالا تائها لا يعرف إلى الهداية سبيلا، كما هو حال من لم يستجب لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم فهو ضال تائه في دروب الحياة الشائكة وإن كان يزعم أنه متحضّر ومتقدم في شتى مجالات الحياة.
فهلْ مِن نعمة أعظم من نعمة الهداية؟ من نعمة الإيمان؟ من نعمة الإسلام؟..
رسالته عليه الصلاة والسلام نعمة لا تقدر بثمن، رسالة رحمة ومحبة وسعادة ونجاة وفلاح. رسالة لا يلفها الظلام، ولا يحجبها الغمام، رسالة عبرت البحار، واجتازت القفار، ونزلت على العالم نزول الغيث النافع، وأشرقت إشراق الشمس الساطعة المضيئة، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلاَ يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الإِسْلاَمَ، وَذُلاًّ يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ ». أخرجه أحمد والحاكم عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ.
فمَن قبل رسالته وأخذ بها أفلح ونجح، ومن ردّها وأعرض عنها خاب وخسر.
بُعث عليه الصلاة والسلام ليُعبَد الله وحده لا شريك له، بُعث ليقال في الأرض: لا اله إلا الله محمد رسول الله. بعث بالمحجة البيضاء والملة الغرّاء والشريعة السمحاء، بعث بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، بعث بالخير والسلام، والبرّ والمحبة، والسعادة والصلاح، والأمن والإيمان. بعث بالطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. بعث بمعالي الأمور ومكارم الأخلاق ومحاسن الطباع ومجامع الفضيلة. بعث لدحض الشرك وسحق الأصنام وكسر الأوثان وطرد الجهل ومحاربة الظلم وإزهاق الباطل ونفي الرذيلة. فما من خير إلا دلّ الأمة عليه، وما من شرّ إلا حذّر الأمة منه.
• مع بعض مظاهر الاصطفاء والاجتباء؛
إنه الحبيب المصطفى، والرسول المجتبى صلى الله عليه وسلم.
اصطفاه الله واجتباه؛ فاختاره ليكون للعالمين بشيرا ونذيرا، وللأمة كلها نبيا ورسولا.
فاستجاب الله دعاءه فبعث للبشرية نبينا محمدا صلى الله عليه و سلم.
بشارة عيسى عليه السلام، التي بشر بها قومه من بني إسراءيل؛ ﴿ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴾ [الصف: 6].
اصطفاه الله واجتباه فجعل قرنه الذي بعث فيه خير قرون البشرية كلها مدى الحياة؛ ففي صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «بُعِثْتُ مِنْ خَيْرِ قُرُونِ بَنِي آدَمَ، قَرْنًا فَقَرْنًا، حَتَّى كُنْتُ مِنَ القَرْنِ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ».
اصطفاه الله واجتباه فخصّة بالسيادة والشفاعة يوم القيامة؛ ففي صحيح مسلم عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ».
اصطفاه الله واجتباه فجعله خاتم الأنبياء، أتم الله ببعثتة النعمة على البشرية؛ فبرسالته ختمت الرسالات السماوية، وبنبوته ختمت النبوة، فلا نبي بعده، ولا رسول بعده، ومن ادعى النبوة بعده فهو سفيه أحمق دجّال..
قال تعالى: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 40]. وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « مَثَلِي وَمَثَلُ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي؛ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بُنْيَانًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلاَّ مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ هَلاَّ وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ - قَالَ - فَأَنَا اللَّبِنَةُ وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ ».
الوقفة الثالثة: تعرف على قدر حبيبك المصطفى؛
مرة أخرى مع الحبيب المصطفى؛ فما أحوجنا إلى سيرته، وما أحوجنا إلى هديه وسنته، وما أحوجنا إلى أخلاقه وشريعته.
فإنه لا يسيء إلى حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم إلا من لا يعرف قدره ومكانته.
كيف يسيئون إليه وهو أفضل خلق الله أجمعين؟..
هو الحبيب الذي أدّبه ربه فأحسن تأديبه، ورباه فأحسن تربيته؛ فهو أحسن الناس خلقا، وأسدّهم قولا، وأمثلهم طريقة، وأصدقهم خبرا، وأعدلهم حُكما، وأطهرهم سريرة، وأنقاهم سيرة، وأفضلهم سجية، وأجودهم يدا، وأسمحهم خاطرا، وأصفاهم صدرا، وأتقاهم لربه، وأخشاهم لمولاه، وخيرهم نفسا ونسبا وخلقا ودينا.
هو الحبيب الذي ثبّت الله قلبه فلا يزيغ، وسدّد كلامه فلا يجهل، وحفظ عينه فلا تخون، وحصّن لسانه فلا يزل، ورعى دينه فلا يضل، وتولى أمره فلا يضيع، فهو محفوظ مبارك ميمون.
أصلح الله قلبه، وأنار له دربه، وغفر له ذنبه ﴿ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ﴾ [الفتح: 2].
الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هو المصلح الذي عمر الله به القلوب، وأسعد به الشعوب، وأعتق به الرقاب من عبودية الطاغوت، وحرّر به الإنسان من رقّ الوثنية ﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52].
• إنه الحبيب الذي اصطفاه الله واجتباه فأنزل عليه خير الكتب وأصدق الكتب، إنه القرآن الكريم؛
فمن أراد أن يتعرف على قدر المصطفى ومكانته فليقرأ القرآن الكريم؛ فهو أعظم هدية قدمها النبي صلى الله عليه وسلم لأمته من عند ربه سبحانه.
فالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هو الذي جاءنا بالقرآن الكريم؛ أفضل الكتب، وأجلّ المواثيق، وأحسن القصص، وأحسن الحديث، ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ﴾ [المائدة: 48] فهو الحق المهيب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، كتاب فصّلت آياته ثم أحكمت، مبارك في تلاوته وتدبره والاستشفاء به والتحاكم إليه والعمل به، كل حرف منه بعشر حسنات، شافع مشفّع، وشاهد صادق، أنيس ممتع، وسمير مفيد، وصاحب أمين، معجز مؤثر، له حلاوة وعليه طلاوة، يعلو ولا يعلى عليه، ليس بسحر ولا شعر ولا بكهانة ولا بقول بشر، بل هو كلام الله رب العالمين، نزل به الروح الأمين على قلب رسول ربّ العالمين ليكون من المرسلين، بلسان عربي مبين.
الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هو الذي جاءنا بالقرآن الكريم؛ الكتاب الذي فاق كل الكتب فصاحة وبلاغة، وعلا عليها حجة وبيانا، وهو هدى ورحمة وموعظة وشفاء لما في الصدور، ونور وبرهان ورشد وسداد ونصيحة وتعليم، محفوظ من التبديل، محروس من الزيادة والنقص، معجزة خالدة، عصمة لمن اتبعه، ونجاة لمن عمل به، وسعادة لمن استرشده، وفوز لمن اهتدى بهديه، وفلاح لمن حكمه في حياته. يقول عليه الصلاة والسلام: "اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه" أخرجه مسلم 804 عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، وقال:" خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه" أخرجه البخاري 5027 عن عثمان رضي الله عنه.
الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هو الذي جاءنا بالقرآن الكريم؛ الكتاب الذي أفحم الشعراء، وأسكت الخطباء، وغلب البلغاء، وقهر العرب العرباء، وأعجز الفصحاء، وأعجب العلماء وأذهل الحكماء ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: 9].
• إنه الحبيب الذي اصطفاه الله واجتباه، فبعثه بالدين الإسلامي العظيم؛
دين الإسلام، دين الفطرة، دين الوسط، دين الفلاح والنجاة، الدين الذي لا يقبل الله من أحد دينا سواه ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19]، ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85]. روى مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: « وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ؛ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ؛ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ».
الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هو الذي جاءنا بهذا الدين العظيم؛ دين الرحمة والسماحة، دين جاء لوضع الآصار والأغلال عن الأمة، سهل ميسّر، عام شامل، كامل تام؛ ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].
الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هو الذي جاءنا بهذا الدين العظيم؛ الدين الذي جاء ليخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن ظلمات الشرك إلى نور التوحيد، ومن شقاء الكفر إلى سعادة الإيمان.
الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هو الذي جاءنا بهذا الدين العظيم؛ دين صالح لكل زمان ومكان، شرَعَه من خلق فسوى وقدر فهدى ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14].
الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هو الذي جاءنا بهذا الدين العظيم؛ الدين الوسط الذي جاء بالعلم النافع والعمل الصالح، جاء بجلب المصالح للعباد ودرء المفاسد عنهم، جاء بتحريم كل ما يضر بالإنسان في دنياه، ويعرضه للعقوبة في أخراه. شرع فيه من الأحكام ما يحفظ للإنسان دينه ونفسه وعقله وعرضه وماله.
الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هو الذي جاءنا بهذا الدين العظيم؛ الدين الذي جاء لإسعاد البشرية في الدنيا والآخرة، ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِين ﴾ [القصص: 77].
• الرسول المؤيد بالمعجزات؛
إنه الحبيب الذي اصطفاه الله واجتباه، فأيده بمعجزات قاطعة، وبراهين ساطعة، وحجج دامغة، مما يدل على قدره ومكانته وعلو شأنه صلى الله عليه وسلم عند ربه عز وجل؛
فبعد القرآن الكريم الذي هو المعجزة الكبرى لنبينا عليه الصلاة والسلام، فقد أيد الله عز وجل نبينا صلى الله عليه وسلم بكثير من المعجزات المرئية المحسوسة؛ لعل عقولا تتفكر، وقلوبا تهتدي إلى صراط الله المستقيم. ومن ذلكم على سبيل المثال لا الحصر: الإسراء والمعراج؛ ففي جزء من الليل أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به إلى سدرة المنتهى. ثم عاد إلى بيته صلى الله عليه وسلم قبل أن يصبح. ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1].
وفي صحيح مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: "لَمَّا أُسْرِىَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- انْتُهِيَ بِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَهِيَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، إِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يُعْرَجُ بِهِ مِنَ الأَرْضِ فَيُقْبَضُ مِنْهَا، وَإِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يُهْبَطُ بِهِ مِنْ فَوْقِهَا فَيُقْبَضُ مِنْهَا، قَالَ: (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى) قَالَ فَرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ: فَأُعْطِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاَثًا: أُعْطِيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَأُعْطِيَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَغُفِرَ لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ مِنْ أُمَّتِهِ شَيْئًا الْمُقْحِمَاتُ". والمقحمات: الذنوب العظام التي تُقحِم أصحابها في النار.
انشقاق القمر نصفين؛ ففي صحيح البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً «فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ القَمَرِ».
فلما نظروا إليه وقد صَارَ فِرْقَتَيْنِ عَلَى هَذَا الْجَبَلِ وَعَلَى هَذَا الْجَبَلِ، هل آمنوا به وصدقوه؟ هل تخلوا عن عنادهم وكبريائهم؟ أبدا. على عادتهم قَالُوا سَحَرَنَا مُحَمَّدٌ. وفي ذلك يقول ربنا سبحانه: ﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ﴾ [القمر: 1، 2].
البركة في الطعام القليل والزيادة فيه؛ ففي صحيح مسلم عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَطْعِمُهُ فَأَطْعَمَهُ شَطْرَ وَسْقِ شَعِيرٍ، فَمَا زَالَ الرَّجُلُ يَأْكُلُ مِنْهُ وَامْرَأَتُهُ وَضَيْفُهُمَا حَتَّى كَالَهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «لَوْ لَمْ تَكِلْهُ لأَكَلْتُمْ مِنْهُ وَلَقَامَ لَكُمْ ».
البركة في العلم والفهم؛ ففي صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي سَمِعْتُ مِنْكَ حَدِيثًا كَثِيرًا فَأَنْسَاهُ، قَالَ: «ابْسُطْ رِدَاءَكَ» فَبَسَطْتُ، فَغَرَفَ بِيَدِهِ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «ضُمَّهُ» فَضَمَمْتُهُ، فَمَا نَسِيتُ حَدِيثًا بَعْدُ.
حفظه من الأعداء؛ فلقد حاول الأعداء مرارا قتل النبي صلى الله عليه وسلم فلم يفلحوا، لأن الله تعالى معه يحفظه ويرعاه، وقد طمأنه ربه سبحانه وتعالى بقوله: ﴿ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ﴾ [المائدة: 67].
فلا خوف على رسول الله، ولا خوف على دينه وكتابه؛ مهما حاول الأعداء أن يشوهوا صورته، أن يسيئوا إلى شخصه الكريم، أو إلى كتابه، أو إلى دينه؛ في رسوماتهم أو شعاراتهم أو أفلامهم ومسلسلاتهم... فرسول الله صلى الله عليه وسلم منصور بنصر الله، مؤيَّد بتأييد الله. وكتابه محفوظ بحفظ الله. ودينه قدّر الله وكتب ووعد أن يظهره على سائر الأديان؛ قال سبحانه: ﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [الصف: 8، 9].
إنما الخوف على أمته أن تبدل وتغير من بعده. الخوف علينا نحن أن نزلّ عن طريقه، الخوف علينا أن نضلّ بعد هداه، الخوف علينا أن نتخلى عن كتابه وسنته وهديه وشريعته..
فاللهم ثبتنا على طريق حبيبنا حتى نلقاه. اللهم ألحقنا به طائعين ثابتين سالمين، لا مبدلين ولا مغيرين، ولا ضالين ولا مضلين، ولا فاتنين ولا مفتونين، يا رب العالمين.
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك.
الله أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ورد كيد المعتدين.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
::صفحات صديقة :: معهد ترايدنت :: منتدى برامج نت
:: برامج المشاغب - ملتقى العلماء وطلبة العلم - الريان تيوب - جريدة الديار -عمال مصر- قهوة الصحفيين - جريده اخبار بتروجت
:: للإعلان ::
واتس
00201558343070
بريد إلكتروني
[email protected]
أو يمكن التواصل معنا مباشرة عبر نموذج الاتصال بنا علي الرابط الآتي
https://dvd4araab.com/vb/sendmessage.php
للتواصل عبر الواتس
https://chat.whatsapp.com/Bekbfqlef3ZInj31Jhk99j
تنبيه للاعضاء تود إدارة
المنتدى ان تؤكد لكافة الاخوة الاعضاء بانه يمنع نشر أي مادة إعلامية تسيء للاديان
أو تدعو للفرقة المذهبية او للتطرف ، كما يحظر نشر الاخبار المتعلقة بانشطة الارهاب
بكافة اشكاله اوالدعوة لمساندته ودعمه، حيث ان ذلك يعتبر خروج صريح عن سياسة
المنتدى ، كما قد يعرض المشارك الى المساءلة النظامية من الجهات الرسمية ذات
العلاقة، شاكرين ومقدرين للجميع حسن التزامهم باهداف ومبادىء المنتدى.