الحوار على مواقع التواصل الاجتماعي
ماهر إبراهيم جعوان
وسائل التواصل الاجتماعي تكنولوجيا رائعة ومجال خصب للدعوة والانفتاح والتعارف الحسن والتعرف على الثقافات المختلفة والميول والاتجاهات لكافة أنحاء المعمورة
فما أحوجنا إلى استشعار فضل الله علينا بهذه التكنولوجيا الحديثة فقد قربت المسافات وخفف الأعباء وسهلت التواصل وكونت صداقات ومعارف وشكلت رأي عام وساهمت في قيام ثورات وتركت أثارا دعويا وكسبت قلوب وقربت من الحق أقواما وقلبت آراء وأزالت خلافات.
وبعد ما طرأت تغيرات على الشخصية العربية في الفترة الأخيرة نتيجة حملات التخوين والتخويف والترهيب والرعب وظلم الإنسان لأخيه الإنسان وجور السلطان والتأمر على ثورات الربيع العربي وعلو أهل الزور والبهتان والفجر في الخصومة وضياع الأمانات وكثرة التقلبات والاختلافات والخلافات،
تحولت مواقع التواصل الاجتماعي من منتدى فكري رائد وساحة حوار راقية إلى ساحة لتصفية الحسابات وتتبع العورات وتوزيع الاتهامات تخوينا وتجهيلا ونشرا للإشاعات والأكاذيب واستخفافا بالعقول.
تحولت إلى ثرثرة مقيتة تشكل عبئا نفسيا مزعجا وباعثا على الملل والخمول واليأس والإحباط وتثير الضجر والازدراء فضلا عن الوقوع في الهفوات وارتكاب الأخطاء وعدم المبالاة بالآخرين مما يؤدي إلى النفور والقطيعة، وساعدت على تقليل أخلاقيات الأفراد والمجتمعات لدرجة تحولت معها من ساحة تواصل وتجاذب إلى حالة تقاطع وتنافر ويتنافى هذا ومبادئ الإسلام.
قال -صلى الله عليه وسلم-: (( إن من أحبكم إلى، وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إلى وأبعدكم مني يوم القيامة، الثرثارون، والمتشدقون، والمتفقون" قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون، فما المتفيهقون، قال: "المتكبرون)) رواه الترمذي وصححه الألباني.
ما أساء -صلى الله عليه وسلم- لأحد منهم قط وسلك طريق النقاش والحوار والإقناع والإيضاح والإحسان في القول والعمل
(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)
(وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ)
كان -صلى الله عليه وسلم- يُنزل الناس منازلهم يوقر كبيرهم ويعطف على صغيرهم ويُكبر بهم ويقدمهم ويُثني على محاسن أعمالهم ويُبين فضلهم إن كانوا من أهل الفضل ويحترم عقولهم ويعطيهم حقهم ووقتهم في الحديث والحوار والإنصات
(وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
(وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا).