تنزيه العبادات عن الشهوات
مركز التأصيل للدراسات والبحوث
مقصود العبادات الصلة بالله - تعالى -، وتوجه الروح والنفس بتجلياتها العقلية والقلبية والجسدية والقولية والفعلية إليه - سبحانه -، والانقطاع عن ملذات الدنيا وشهواتها، والاكتفاء منها بما تقوم به الضرورة والحاجة. ذلك أن الإقبال على الله - تعالى -ومناجاته والخشوع بين يديه لا تتأتى مع انشغال النفس بالملذات والشهوات، فإن صفاء النفس مستلزم للتخفف من ثقلة المكون الأرضي "الطيني" في الإنسان، والانطلاق في فضاء الروح العلوي.
وجزء من شهوة الإنسان الشهوة الجنسية. وهي وإن كانت شهوة طبيعية فيه، لتكون عامل تحفيز لبقاء الجنس البشري وديمومة التوالد، فهي محكومة بالشرع، لينال الإنسان منها حاجته ومتعته دون إسراف ولا تعد ولا بغي. ومن ثمَّ وجه الله - تعالى -عباده في مواطن العبادات إلى تركها، وإفراغ النفس من طلبها ما أمكن. وهنا يكون الابتلاء.
إن انجذاب الذكر للأنثى والأنثى للذكر لإشباع غريزة النكاح بالحلال مما أباحه الله - تعالى -. وقد جاء الإسلام لينظم هذه العلاقة ضمن منظومة الأسرة في إطار متكامل من التصورات والقيم والمبادئ والأخلاق والأحكام. يقول - تعالى -: (ومِن آيَاتِهِ أَن خَلَقَ لَكُم مِن أَنفُسِكُم أَزوَاجًا لِّتَسكُنُوا إِلَيهَا وجَعَلَ بَينَكُم مَّوَدَّةً ورَحمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَومٍ يَتَفَكَّرُونَ)، الروم: 21. كما أنه رشد هذه العلاقة في إطار الغاية الكلية للإنسان في الوجود، كي لا ينصرف إليها عن ما جعلت له. يقول الحق -تبارك وتعالى: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِن النِّسَاءِ والبَنِينَ والقَنَاطِيرِ الـمُقَنطَرَةِ مِن الذَّهَبِ والفِضَّةِ والخَيلِ الـمُسَوَّمَةِ والأَنعَامِ وَالحَرثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنيَا واللَّهُ عِندَهُ حُسنُ الـمَآبِ)، آل عمران: 14.
أقم الصلاة لذكري:
وحرصاً من الشارع على حضور هذا المعنى في نفس العبد، واستحضاره دوماً وهو يتجه إلى ربه، حرَّم عليه هذه الشهوة في مقام العبادات، فأعظم أركان الإسلام الصلاة- تقوم على توجيه قلب الإنسان وعقله وجسده لله تعالى؛ فلا يباح له أكل أو شرب أو كلام أو فعل خارج عنها، مطلقا، إلا للضرورة، أما من قبيل المتعة واللذة أو العادة والاختيار فلا، وشهوة النكاح هي من أوائل ما يتنزه عنه المصلي وهو يتطهر للقاء ربه، فمن نواقض الطهارة خروج المني، والتقاء الختانين، وإذا انتقضت طاهرة المصلي بطل دخوله في الصلاة إلا بطهارة جديدة.
أما إذا قام المصلي بين يدي ربه يخاطبه ويناجيه، ويتلو آياته ويعظمه، فإن مجرد الانصراف الذهني لهذه الصور والمعاني ينافي الخشوع والتبتل والتوجه إلى الله.
ولهذه الغاية شرع الفصل في الصلاة بين الرجال والنساء، بتمايز النساء عن الرجال، وتباين الصفوف بينهم، بحيث ينصرف كل منهم للغاية التي حضر لأجلها في بيت من بيوت الله، فمقام ذكر الله - تعالى -ومخاطبته والتوجه إليه لا يلائمها ولا يصح معها الاشتغال بغيره، أو الانشغال بما هو دونه - سبحانه -.
فالشرع حريص على تضييق مواطن الاختلاط بين الرجال والنساء عند إقبالهم إلى الصلاة؛ وحريص على إعطاء النساء قدرا من الخصوصية في حال أدائهن للفرائض، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((خَيرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وشَرُّهَا آخِرُهَا، وخَيرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وشَرُّهَا أَوَّلُهَا))، رواه مسلم. قال الإمام النووي - رحمه الله -: "وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن من مخالطة الرجال، ورؤيتهم، وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم، وسماع كلامهم، ونحو ذلك، وذم أول صفوفهن لعكس ذلك".
وكان رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إذا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقضِي تَسلِيمَهُ، ومَكَثَ يَسِيراً قَبلَ أَن يَقُومَ، كما ورد عن أم سلمة رضي الله عنها، قال ابنُ شِهَابٍ الزُّهري كما جاء في البخاري: أُرَى واللّه أَعلَمُ- أَنَّ مُكثَهُ لِكَي يَنفُذَ النِّسَاءُ قَبلَ أَن يُدرِكَهُنَّ مَن انصَرَفَ مِن القَومِ، وإلى هذا أشار السندي - رحمه الله -، في حاشية سنن ابن ماجه.
بل خص رسول الله - عليه الصلاة والسلام - النساء بباب لهن، فعن ابن عمر رضي الله عنهما- قال: قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((لَو تَرَكنَا هَذَا البَابَ لِلنِّسَاءِ))، قَالَ نَافِعٌ: فلَم يَدخُل مِنهُ ابنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ[1]. وفي عون المعبود: "والحديث فيه دليل أن النساء لا يختلطن في المساجد مع الرجال، بل يعتزلن في جانب المسجد، ويصلين هناك بالاقتداء مع الإمام".
كل ذلك وهن محجبات لا يظهر من أجسادهن شيء، ولا من زينتهن. ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها- قالت: "لقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الفجر، فتشهد معه النساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن، ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس". [2]
مع ملحظ أن الله - تعالى -لم يوجب على المرأة الصلاة في المسجد جماعة، مراعاة لها ولأحوالها وسترها. وصلاتها في بيتها خير لها. فعَن ابنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قال: قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((لَا تَمنَعُوا نِسَاءَكُم الـمَسَاجِدَ، وبُيُوتُهُنَّ خَيرٌ لَهُنَّ))[3]. وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((صَلَاةُ المـَرأَةِ في بَيتِها أَفضَلُ مِن صَلَاتِها في حُجرَتِها، وصُلَاتُها في مَخدَعِها أَفضَلُ مِن صَلَاتِها في بَيتِها))[4]، والمراد بالمخدع هنا غرفة المرأة الخاصة بها، والمراد بالبيت هنا الغرف الداخلية للمنزل، والمراد بالحجرة هنا صحن المنزل الأوسع. فكلما خلت المرأة بصلاتها كان ذلك أخشع لها وأبعد من إثارة الزوج، أو الاشتغال به، عن أم سلمة رضي الله عنها- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((خَيرُ مَسَاجِدِ النِّسَاءِ قَعرُ بُيُوتِهِنَّ))[5].
وإن صلت المرأة تقف مع أهلها في بيتها صلت خلف الرجال، وإن كانت مع زوجها صلت متأخرة لوحدها خلفه.
إذن فكل توجيهات النبي - صلى الله عليه وسلم - تشير إلى أهمية الفصل بين الجنسين في الصلاة، حسا ومعنى، ليتجه العبد ذكراً كان أو أنثى- إلى ربه - تعالى -خاشعاً منيباً حاضر القلب والعقل.
الصوم جنة الشهوة:
الركن الرابع من أركان الإسلام صوم شهر رمضان المبارك. والصوم هو التعبد لله - سبحانه وتعالى - بالإمساك عن الأكل والشرب، وسائر المفطرات، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. ومن بين ما حرم على الصائم الشهوة الجنسية، سواء أتاها بالجماع أو بالاستمناء، ذكرا كان أو أنثى.
وكان من شأن تشريع الصيام التدرج فيه، فقد فرض الصوم أول الأمر اختيارا، من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينًا ولا شيء عليه. ثمَّ نسخ ذلك وفرض القرآن صيام شهر رمضان على كل قادر عليه؛ إلا أن مُدَّة الإفطار ومقاربة النساء كانت محدودة جداً، فوقع على الصحابة رضوان الله عليهم- حرج في ذلك. ووقع بعضهم في جماع أهله وقت الحظر.
ثمَّ إن الله - تعالى -وسع عليهم في ذلك، فنزل قوله - تعالى -: (أُحِلَّ لَكُم لَيلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُم هُنَّ لِبَاسٌ لَكُم وأَنتُم لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُم كُنتُم تَختَانُونَ أَنفُسَكُم فَتَابَ عَلَيكُم وَعَفَا عَنكُم فالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وابتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُم وكُلُوا واشرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِن الخَيطِ الأَسوَدِ مِن الفَجرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيلِ) الآية، البقرة: 187.
ومع هذه التوسعة ظل الجماع والاستمناء أمراً محرماً في نهار رمضان، ومفسداً من مفسدات الصوم، وهذا الإمساك عن المباحات والمحظورات إنما هو بهدف تحقيق التقوى، كما قال - تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ)، البقرة: 183. فإنَّ النفس البشرية إذا امتنعت عن الحلال طمعاً في مرضاة الله، ورجاء مثوبته، وخوف عقابه، أمكنها الامتناع عن الحرام من باب أولى؛ وكان امتناعها عن الحلال إيماناً واحتساباً مهيئاً إلى اتقاء الشبهات كذلك، وهذه هي حقيقة التقوى.
ومما ينبغي على الصائم الابتعاد عن كلّ ما هو مثير لشهوته، وأن يطرد عن نفسه الخواطر الرديئة، وذهب العلماء في شأن التقبيل واللمس بشهوة إلى أن الذي يملك نفسه من الوقوع في الجماع أو إنزال المني بشهوة، لا بأس عليه أن يفعله، لما ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه أملككم لإربه"[6]. أما الذي لا يملك نفسه ويحشى من الوقوع في الجماع أو إنزال المني بشهوة فلا يجوز له ذلك، سدا للذريعة، وصونا لصيامه عن الفساد.
ومن جامع في نهار رمضان عامدا مختارا أفسد صومه، أنزل أو لم يُنزل، وعليه التوبة، وإتمام ذلك اليوم، والقضاء والكفارة المغلظة. فعن أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه- قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - فقَال: هَلَكتُ.. يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: ((ومَا أَهلَكَكَ؟))، قَالَ: وَقَعتُ عَلَى امرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، قَالَ: ((هَل تَجِدُ مَا تُعتِقُ رَقَبَةً؟))، قَالَ: لا، قَالَ: ((فهَل تَستَطِيعُ أَن تَصُومَ شَهرَينِ مُتَتَابِعَينِ؟))، قَالَ: لا، قَالَ: ((فهَل تَجِدُ مَا تُطعِمُ سِتِّينَ مِسكِينًا؟))، قَالَ: لا! قال فمكث النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فبينا نحن على ذلك أُتيَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرق فيه تمر، والعرق المكتل، قال: ((أين السائل؟))، فقال: أنا، قال: ((خذ هذا فتصدق به))، فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟! فوالله ما بين لابتيها -أي الحرتين- أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت أنيابه، ثم قال: ((أطعمه أهلك))[7]، وكل لتصفوا نفس الصائم ولا تتطلع لهذه الشهوة نهار رمضان.
والشهوات باب شر على الإنسان، كما أنها باب خير أيضاً، فإذا لم يتمكن العبد من ترويضها وإلا قادته إلى الحرام، وأوقعته في الفواحش والآثام، لذلك كان الصيام أحد أساليب ترويض شهوة الجنس، ففي الصحيحين، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه- قال: قال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((يَا مَعشَرَ الشَّبَابِ.. مَن استَطَاعَ مِنكُم البَاءَةَ فَليَتَزَوَّج، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلبَصَرِ وأَحصَنُ لِلفَرجِ؛ ومَن لَم يَستَطِع فعَلَيهِ بِالصَّومِ، فإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ)).
والشهوة مدخل من مداخل الشيطان، وهو يجري من ابن آدم مجرى الدم، فكان الصوم تسكين لثائرة الشهوة، واستجماع لقوة الروح على قوة البدن، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولا ريب أن الدم يتولد من الطعام والشراب، وإذا أكل أو شرب [العبد] اتسعت مجاري الشياطين"،... وإذا صام ضاقت مجاري الشياطين: "فانبعثت القلوب إلى فعل الخيرات، التي بها تفتح أبواب الجنة، وإلى ترك المنكرات، التي بها تفتح أبواب النار"[8].
ومقصود العبادات ترك ما تهوى النفس، مع القدرة على ذلك، والتخفف من ملذات الدنيا وشهواتها، والرغبة فيما عند الله - تعالى -من خير وفضل وثواب. وهذا أعظم مظاهر الصيام، وفي الحديث: ((يقول اللهُ - عز وجل -: الصومُ لي وأنا أَجزي به، يدَعُ شهوتَه وأكلَه وشُربَه من أجلي))، وفي الصحيحين: ((يَترُكُ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ وشَهْوَتَهُ مِن أَجلِي)).
فلا رفث في الحج:
الحج شعيرة عظيمة، تؤدى في البلد الحرام، ويأتيها الإنسان تلبية لنداء الإيمان، مخلفا وراءه الأوطان والأموال ومتاع الدنيا وشهواتها، ومتجردا من ظواهر الترف والإسراف. والمعنى المراد من الحج التقوى. قال - تعالى -: (الحَجُّ أَشهُرٌ مَّعلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلَا رَفَثَ ولَا فُسُوقَ ولَا جِدَالَ فِي الحَجِّ ومَا تَفعَلُوا مِن خَيرٍ يَعلَمهُ اللَّهُ وتَزَوَّدُوا فإِنَّ خَيرَ الزَّادِ التَّقوَى واتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلبَابِ)، البقرة: 197.
الحكمة في النَّهي عن هذه الخصال الثلاثة الرفث والفسوق والجدال- لأنَّ العبد فيه أربع قوى: قوة شهوانية بهيمية، وقوة غضبية سبعية، وقوة وهمية شيطانية، وقوة عقلية ملكية. والمقصود من جميع العبادات المتنوعة هو قهر هذه القوى الثلاثة -الشَّهوانِيَّة، والغضبية، والوهمية.
فنهى الله - سبحانه - عن الرَّفَثِ لقهر القوة الشهوانية، فالرفث في معناه الشرعي الجماع ومقدماته، وما يتعلق به. وهذا حال كونه محرماً، كما نهى الشارع الحاج والمعتمر عن عقد النكاح، والخِطبةِ؛ كل ذلك صيانة لعبادته ووقته فيها عن الانشغال بما هو دون العمل الأنسب للمكان والزمان والحال، فقد شرع الحج للطواف والسعي والوقوف في المشاعر، على هيئة التضرع والتذلل والافتقار، مع دوام الذكر والدعاء.
فمقام الحاج في حجه وعمرته كمقام المعتكف في المسجد، لا يناسبه الاشتغال بغير ما نذر نفسه له، قال - تعالى -: (ولَا تُبَاشِرُوهُنَّ وأَنتُم عَاكِفُونَ فِي الـمَسَاجِدِ تِلكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُم يَتَّقُونَ)، البقرة: 187.
وعلى هذا ينبغي للحجاج والمعتمرين إغلاق منافذ الشيطان عليهم، بالتزام الحجاب إلا فيما نهي عنه، والتزام غض البصر، وستر العورة، والبعد عن الاختلاط، وعدم الخلوة، صيانة لعبادتهم مما يفسدها.
الخلاصة:
هكذا نجد أن الله - تعالى -وجه عباده في كافة العبادات لإفراغ النفوس والأرواح من ثقل الشهوات والملذات المباحة فضلاً عن ما حرم منها، ذلك أن مقام العبودية مقام افتقار وذل وانكسار وحضور بالكلية بين يدي السيد إخلاصاً وقصداً، وطبيعة الشهوات أنها صارفة للإنسان عن هذه المعاني والقيم؛ فكان لابد من تجنبها.
أما ما يروجه البعض اليوم من اختلاط بين الجنسين في العبادات، وما يدعون إليه من التخفيف من قيود التكشف والخلوة وغيرها، تحت مبررات مختلفة، بما فيها المساواة، فإن الغرض منها فتنة المسلمين في عباداتهم، وتحويل هذه العبادات إلى تجمعات شهوانية، بعيدة عن صفاء الروح وطهارة النفس وعفة السلوك.
----------------------
[1] رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
[2] رواه البخاري ومسلم.
[3] رواه أبو داود، برقم (567)، وصححه الألباني في إرواء الغليل، (رقم: 515).
[4] رواه أبو داود، برقم (570)، والترمذي، برقم (1173)، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (ج1/136).
[5] رواه أحمد، وحسَّنه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، (رقم 341).
[6] متفق عليه.
[7] رواه البخاري ومسلم.
[8] مجموع الفتاوى:ج25/246؛ بتصرف.