تعلم ان تدافع عن تاريخ بلدك للرد علي السؤال هل انتصرت مصر في حرب اكتوبر 1973
كتابه احمد عبد المنعم زايد
group73historians
طبعا انتصرت مصر وانتصر الجندي المصري انتصارا باهرا هز ارجاء العالم بلا مبالغه كما عاد الشعب المصري وهز العالم بثورته الحضاريه السلميه في 25 يناير 2011
أنتشرت علي الانترنت في السنوات القليله الماضيه حملات مضاده لنتائج حرب اكتوبر ، ومن المؤكد انك قد قرأت موضوعا يتحدث عن كذبه حرب اكتوبر ، وحملات تشويه تاريخ الحرب وادعاء ان مصر هُزمت او علي الاقل لم تنتصر ، وبدلا من ان تسكت لانك لا تعرف الحقائق او ترد ردا غير مفحم ، أقدم لك هذا الموضوع البسيط من شخص مدني ، لكي تفحم من تسول له نفسه تشويه تاريخ الحرب .
هذا الموضوع لك يا مصري ، لكي تعرف كيف ترد علي من يشكك في حرب اكتوبر ، ويوجه لك سيل من الاسئله التي ظاهرها الصحه لكنها تدفعك الي الشك في نتيجه الحرب وبدلا من ان تظل صامتا ولا ترد، استخدم هذا الموضوع للرد في المنتديات او المواقع او في حوارتك الشخصيه وصدقني فأنك ستفحم اي مشكك
في البدايه ابدأ مع من يحاورك بتعريف الحرب كتعريف الشخص المدني لها
الحرب:
الحرب هي عبارة عن مجموعه من المعارك العسكريه ، او معركه واحده تحدث بهدف تحقيق هدف سياسي او اقتصادي او اجتماعي او عسكري او دينيه او اهداف اخري ، واذا لم يتحقق هذا الهدف فأن نتيجه الحرب ستكون خاسرة والعكس صحيح .
وقد شهد التاريخ امثله كثيرة علي انواع تلك الحروب ، بل هناك حروب نشأت لاسباب اقل اهميه من ذلك ، واذا ركزنا علي العصر الحديث وخاصه القرن الماضي فقط لوجدنا انه غني بالحروب التي قامت لاسباب مختلفه ، ومن امثله ذلك
الحروب ذات الاهداف السياسيه : وهي الحروب التي قامت لتحقيق هدف سياسي مثل حرب فيتنام وحرب كوريا وغزو التشيك الخ والتي قامت بين التيار الشيوعي و التيار الديمقراطي الرأسمالي في العالم وصراعهم في فترة الحرب البارده ، ومثل حرب اليمن 1962 والتي قامت تحت عباءة صراع بين حكم ملكي وحكم جمهوري .
الحروب ذات الاهداف الاجتماعيه : مثل الحرب العالميه الثانيه التي بدأها هتلر برغبه منه في التوسع وسيطرة الجنس الاري ( الالماني ) علي العالم لايمانه بأن الجنس الاري هو جنس افضل من بقيه الاجناس ويحق له السيطرة علي العالم وقيادته وهو هدف اجتماعي بحت .
الحروب ذات الاهداف الاقتصاديه : وهي الحروب التي تقوم علي اساس اقتصادي رغبه في ثروات طبيعيه وعوائد ماديه اكثر ، مثل حرب الخليج الاولي وغزو الكويت وحرب تحرير الكويت وهي ابلغ مثال علي الحرب الاقتصاديه ، فلولا وجود النفط في المنطقه لما قامت تلك الحروب ، ومثل العدوان الثلاثي علي مصر عام 56 فهو هدفه الاول اقتصادي لانجلترا وفرنسا وهو السيطرة علي قناه السويس ذات العائد الكبير والاهميه الاستراتيجيه الاقتصاديه الضخمه وله اهداف اخري ايضا لكن يظل العامل الاقتصادي هو الاقوي .
الحروب ذات الاهداف العسكريه : مثل كل حروب اسرائيل منذ عام 1948 وحتي الان ، فهي تريد توسيع مساحه دولتها علي حساب الدول المجاورة لها لخلق عمق استراتيجي تستطيع من خلاله ان تؤمن لشعبها الامان بعيدا عن متناول اسلحه الدول العربيه ،
وهذه المقدمه القصيرة هي لتوضيح مفهوم الحرب بصورة مبسطه جدا للقارئ بعيدا عن تعريفات خبراء الاستراتيجيه في العالم وتعريفات الكتب العسكريه .
وعلي ذلك لا يمكن قياس ربح او خسارة الحرب الا بعد معرفه الاهداف اولا لتحديد المنتصر
وما يهمني ويهمك هنا هو نقطتين غايه في الاهميه لتوضيح معني الحرب في عقل القارئ
النقطه الاولي : الحرب مجموعه من المعارك
تخيل انها مباراه ملاكمه محترفين من عشر جولات او اكثر ولكل جوله فائز ويمكن للاعب ان يفوز بالمباراه من اول جوله بالضربه القاضيه ، ويمكن ان يكون لاعب منتصر طوال كل الجولات ويسقط صريعا في اخر جوله وتتحول نتيجه المباراه بضربه واحده فقط .
والتاريخ ملئ بحروب كثيرة تأرجحت فيها نتيجه الحرب بين الفريقين ، بل من كان سيتخيل ان الجيش الالماني الذي اجتاح اوروبا وشمال افريقيا وانطلق في ربع قارة اسيا سيهزم في النهايه ؟.
فحتي عام 1942 كان الجيش الالماني منتصر علي طول الخط رغم انه خسر معارك الا ان النتيجه كانت في صالحه تماما بعد ثلاث سنوات من بدايه الحرب ، وفجأه تحول النصر الي سلسله من الهزائم في كل الجبهات وانكمشت انتصاراته الي ان سقطت برلين في يد الحلفاء وذلك رغم عدد من المعارك الناجحه للجيش الالماني في نهايه الحرب .
وفي نكسه 1967 قام اللواء 14 مدرع بقياده العميد عبد المنعم واصل بمعارك قويه ونجح في وقف تقدم فرقه مدرعه اسرائيليه لكنه انهزم عندما صدرت له الاوامر بالانسحاب ، وضاع نجاحه في صد الهجوم الاسرائيلي وتدميره لعدد كبير من الدبابات ، ضاع كل ذلك في ظلال هزيمه الجيش المصري كله في سيناء ، اي ان محصله الحرب هي محصله نتائج تلك المعارك
النقطه الثانيه : الحرب تقوم لتحقيق هدف ( سواء عسكري او سياسي او اقتصادي او اجتماعي )
هل يمكن مثلا اعتبار امريكا منتصرة في حرب الخليج الثانيه لو نجح صدام حسين في تدمير كافه ابار بترول الكويت تدميرا تاما وقضي علي ثروة الكويت البتروليه ؟ بالطبع لا لان الهدف الامريكي هو استعاده السيطرة علي بترول الكويت وتأمين بترول السعوديه وغير ذلك من اهداف معلنه هي للاستهلاك المحلي فقط .
هل يمكن اعتبار امريكا انتصرت في افغانستان حتي الان ؟ بالطبع لا ، لان الهدف المعلن هو قتل او اعتقال بن لادن وتدمير تنظيم القاعده وطالبان ، وحتي الان لم يتحقق سوي اعلان مقتل بن لادن ، فلم تتدمر القاعده ولم تنهزم طالبان رغم ما يربو عن العشر سنوات من القتال .
وعلي ذلك : يمكن ان نحدد ان نتائج مجموعه المعارك وتحقييقها لاهداف القياده في الحرب هي التي تحدد نتيجه الحرب .
وطبقا لتعريف الحرب السابق فأن حرب اكتوبر هي مجموعه من المعارك التي حدثت لكي يتحقق هدف سياسي محدد
لاحظ توجيه الرئيس السادات للجيش المصري قبل الحرب بيوم
ازاله الجمود العسكري ، وكسر وقف اطلاق النار ، تكبيد العدو اكبر كم من الخسائر ، تحرير الارض علي مراحل متتاليه حسب قدرات القوات المسلحه .
اي ان الهدف السياسي المعروف للجيش في تلك الحرب هو تحريك الوضع العسكري الميت وتحرير الارض طبقا للامكانيات المتاحه علي مراحل متتاليه .
ولم يتحدث التوجيه السياسي او خطه الحرب كلها عن تحرير كامل لسيناء لان ذلك ليس من ضمن قدرات الجيش المصري في هذا الوقت ، وعلي هذا الاساس تم وضع الخطط الهجوميه من عام 1968 وتطورت طبقا لامكانيات القوات المصريه
في المقابل : نجد ان الهدف العسكري الاسرائيلي من الحرب القادمه (قبل حرب اكتوبر ) يتمثل في وضع خطه شوفاح يونيم (برج الحمام ) للدفاع عن خط قناه السويس ثم خطه الغزاله لتطوير الهجوم غرب القناه واحتلال السويس ومحاصرة الجيش الثالث واحتلال الاسماعيليه ومحاصرة الجيش الثاني .
وطبقا لمذكرات رئيس الاركان الاسرائيلي دافيد اليعازر ومذكرات ايلي ذاعيرا رئيس المخابرات العسكريه الاسرائيليه في ذلك الوقت
فقد طلب موشي ديان في مايو 1973 وضع خطه هجوميه اخري لعبور القناه والوصول للقاهرة
لكن الخطه ماتت باندلاع حرب اكتوبر
حرب اكتوبر
لم تحدث حرب في التاريخ كلها انتصارات وكامله التخطيط والتنفيذ ، لذلك يكون كاذبا من يدعي انه هناك حربا كلها انتصارات او كلها هزائم ، لذلك سنتعرض لحرب اكتوبر بتفاصيل محايده طبقا لمراجع عالميه ومصريه واسرائيليه بهدف اسكات اي نقد غير موضوعي يهدف لتشويه صورة الحرب .
يمكن تقسيم حرب اكتوبر الي اربع معارك رئيسيه وخامسه لم تنفذ طبقا لسير الاحداث وما تم فعلا.
المعركه الاولي : العبور المصري واقامه رؤوس جسور علي الضفه الشرقيه للقناه
المعركه الثانيه : صد الهجوم المدرع الاسرائيلي المتوقع في ثالث يوم من الحرب
المعركه الثالثه : تطوير الهجوم المصري
المعركه الرابعه : الثغرة
المعركه الخامسه : تصفيه الثغرة ( الخطه شامل )
وللامانه التاريخيه فقط يمكن القول بأن نتائج تلك المعارك هي بالاختصار كلاتي
معركه العبور : نجاح ساحق مصري وخسائر اسرائيليه هائله وفشل تحقيق خطه شوفاح يونيم في صمود خط بارليف وتوجيه ضربات محليه للقوات المصريه بغرض تعطيل عبور المدرعات المصريه ، وتحقيق كافه القوات المصريه لاهدافها المباشرة طوال يومي 6 و 7 أكتوبر بخسائر اقل كثيرا من تقديرات الخبراء الاجانب
معركه الهجوم المضاد : نجاح ساحق اخر للجيش المصري في صد الهجوم المدرع الاسرائيلي وتدمير اكثر من ثلاث لواءات مدرعه اسرائيليه علي امتداد خط الجبهه واسر قائد اللواء 190 المدرع .
معركه تطوير الهجوم : نجاح اسرائيلي كبير في تدمير اغلب دبابات الفرقه 21 المدرعه واللواء الثالث المدرع من الفرقه الرابعه وخسارة مصر حوالي 220 دبابه وتحول المبادرة الي يد الجيش الاسرائيلي .
معركه الثغرة : نجاح اسرائيلي كبير في قلب ميزان القتال بدفع 3 مجموعات مدرعه في ظهر الجيش المصري غرب القناه في غياب قوات مصريه مدرعه تستطيع صدها ، لكن تلك القوات الاسرائيليه فشلت في احتلال السويس او الاسماعيليه وتحولت من قوه تحاصر الجيش الثالث المصري الي قوة محاصرة من بقيه الجيش المصري ، واصبح عامل الوقت في صالح مصر مرة اخري التي استطاعت اعاده بناء احتياطي مدرع قوي من الفرق 21 و 4 المدرعه و 3 و 6 ميكانيكيه واصبحت القوات الاسرائيليه تتعرض لحرب استنزاف ثانيه امتدت حتي يناير 74
وكان الاسرائيليين يراهنون علي استسلام الجيش الثالث المصري شرق القناه عبر قطع الامدادات عنه وعدم السماح بقوافل الامدادت المصرح بها من الامم المتحده من العبور الا بأعداد قليله لتجويع الجيش ودفعه للاستسلام وهو ما لم يتحقق .
معركه تصفيه الثغرة : بعد ان استعادت القياده المصريه زمام الامور مرة اخري بعد يوم 24 اكتوبر بدأت في اعاده بناء قوه مدرعه ضخمه لتصفيه الثغرة ، ومع مرور الوقت وفي ديسمبر 1973 اصبحت القوه مكتمله لتصفيه الثغرة تحت قياده اللواء سعد مأمون القائد السابق للجيش الثاني .
ووفقا لمذكرات كسينجر وزير الخارجيه الامريكي نفسه ، فأن امريكا لم تكن تسمح ان تقوم مصر بتنفيذ تلك الخطه التي تابعت امريكا عبر اقمارها الصناعيه مراحل تجهزيها والاعداد لها ، فتدخل كسينجر سريعا ووصل الي اسوان وقابل السادات وابلغه ان امريكا لن تسمح بتنفيذ تلك الخطه
الخطه شامل في الميزان :
اعدت القياده المصريه قوة مدرعه ضخمه لتنفيذ تلك الخطه وتدمير القوات الاسرائيليه غرب القناه تحت غطاء من حائط الصواريخ الذي ارتد للغرب ولم يدمر ، انما ظل معظمه فعالا .
وتكونت القوة المصريه تحت قياده اللواء سعد مأمون من الاتي
* الفرقه 21 المدرعه 250 دبابه بعد استعواض الخسائر
* الفرقه الرابعه المدرعه 250 دبابه بعد استعواض الخسائر
* الفرقه السادسه ميكانيكي 100 دبابه
* الفرقه 23 ميكانيكي 100 دبابه
* الفرقه 3 ميكانيكي 100 دبابه
* فرقه مشاه تم تكوينها
* لواء مظلات
* 3 مجموعات صاعقه
* مدفعيه الجيش الثاني والثالث
الاجمالي العام حوالي 900 دبابه مصريه في مقابل600 دبابه اسرائيليه داخل الثغرة
ولم يختلف محلل او خبير اجنبي علي ان وضع القوات الاسرائيليه العسكريه في الثغرة كان خاطئا وسيئا عسكريا بكل الاحوال ، فتلك القوة الكبيرة لها رئه واحده وهو ممر ضيق من الارض عند منطقه الدفرسوار ، واذا تم اغلاق تلك الرئه الوحيده فان القوه الاسرائيليه ستكون محاصرة حصارا لا فكاك منه
فعرض رأس الجسر الاسرائيلي عند الدفرسوار لا يزيد عن عشرة كيلو مترات خصصت لها القوات المصريه الفرقه 21 كلها لغلق تلك الرئه ، مع تخصيص الفرقه الرابعه المدرعه كلها لفتح طريق امداد قوي وثابت الي السويس و للجيش الثالث بدورة .
لذلك قدم كسينجر تهديده الشهير بأن امريكا لن تقبل ان تنتصر الاسلحه السوفيتيه علي الاسلحه الامريكيه ، فقد كان يعلم مقدما نتائج تلك المعركه لو تمت .
لذلك فأن الجنود الاسرائيليين اطلقوا النار في الهواء فرحا عندما علموا باتفاقيه فض الاشتباك لانهم افلتوا من الفخ وخرجوا من الثغرة سالمين .
إسال نفسك او اسأل محاورك
لو كانت القوات الاسرائيليه في موقف جيد في الثغرة وموقفها قوي ، فلماذا قبلت اسرائيل الانسحاب الي شرق المضايق علي بعد 20 كيلو من القوات المصريه التي لم تنسحب من خطوطها من سيناء ؟؟؟؟ لم نعهد اسرائيل يوما منذ ان ابتلانا الله بها علي حدودنا انها تترك مكاسب حصلت عليها بدون ان يكون الطرف الاخر قدم تنازلات كبيرة جدا جدا مقابل هذا التنازل الاسرائيلي البسيط .
في حين ان اتفاقيه فض الاشتباك الثاني في يناير 1974 دفعت القوات الاسرائيليه طوعا الي شرق الممرات الجبليه في منتصف سيناء بدون ان تنسحب القوات المصريه من شرق القناه وان نصت الاتفاقيه علي تخفيض عدد الدبابات وهو ما تحايل عليه الجمسي رئيس الاركان بأن ضاعف اعداد المدفعيه بعيده المدي وزاد من عدد المقذوفات المضاده للدبابات مما جعل اسرائيل تعترف بان الجمسي ثعلب مصري خدع اسرائيل وحافظ علي مكاسبه .
واصبح موقف القوات المتحاربه بعد يوم 14 يناير هو وجود 5 فرق مشاه مدعمه بوحدات مضاده للدبابات شرق القناه بعمق 12 كيلو تقريبا وخلفها غرب القناه فرقتين مدرعتين وثلاث فرق ميكانيكيه وفرقه مشاه وقوات صاعقه ومظلات وفوقها مظله صواريخ مضاده للطائرات
وهي نفس الاوضاع يوم 12 اكتوبر 1973 ،فمن يجرؤ ويدعي ان مصر هزمت في حرب اكتوبر؟
فالقوات المصريه حققت اهداف الخطه وتوجيه السادات السياسي لها وإن كانت قد خسرت معركتين وانتصرت في اثنتين
لكن المحصله ان القوات المصريه حافظت علي مكاسبها من الحرب ومن انتصاراتها بينما لم تستطع القوات الاسرائيليه المحافظه علي مكاسبها من معركه الثغرة وانسحبت منها سريعا والخريطه التاليه توضح الموقف بين القوات المصريه والاسرائيليه بعد الحرب