أخطاء لفظية تقع في المساجد
الشيخ ندا أبو أحمد
(1) التبرير وإعلان العزاء في الميكروفون:
جاء في كتاب "الإبداع في مضار الابتداع" للشيخ علي محفوظ رحمه الله تعالى ص 165 - 167:
"ومن بدع المساجد الدائر أمرها بين الكراهة والحرمة ما يسمى بالتبرير: وهو تلاوة المؤذنين - على نحو المنارات بأصوات مرتفعة عند موت عالم - آيات من سورة الإنسان: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ﴾ [الإنسان: 5]، وكذلك ففي كثير من المناطق الريفية إذا مات واحد منهم، فإنهم يعلنون في الميكروفون الخاص بالمسجد عن وفاة فلان بن فلان، وهذا مخالف للسنة؛ لأن المساجد لم تجعل لمثل هذا، وعلى الجملة: فمثار هذه البدعة ما كانت تفعله الجاهلية من النعي، كانوا يرسلون من يعلم بموته على أبواب الدور والأسواق، قال في "سبل السلام": من النعي المنهي عنه النعي على أعلى المنارات في هذه الأعصار في موت العلماء؛ اهـ بتصرف (الإبداع في مضار الابتداع).
(2) نشد الضالَّة في المسجد:
بعض الناس إذا ضاع منه شيء، فإنه يذهب إلى المسجد، ويطلب من القائمين عليه أن يعلنوا في الميكروفون عن ضالته... وهذا خطأ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك؛ فقد أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن سمع رجلًا ينشد ضالته في المسجد، فليقل: لا ردَّها الله عليك؛ فإن المساجد لم تُبْنَ لهذا)) - وفي رواية: ((إنما بُنِيت المساجد لما بُنِيت له))، قال الإمام النووي - رحمه الله تعالى -: في هذا الحديث فوائد، منها:
النهي عن نشد الضالة في المساجد، ويلحق به ما في معناه من البيع والشراء والإجارة... ونحوها من العقود، وكراهة رفع الصوت في المسجد.
وقوله رحمه الله تعالى: ((إنما بُنِيت المساجد لما بُنِيت له)) معناه: لذكر الله تعالى، والصلاة، والعلم، والمذاكرة في الخير... ونحوها.
(3) قراءة سورة الكهف يوم الجمعة على الملأ:
جاء في "كتاب الإبداع في مضار الابتداع" ص 177:
"ومن البدع قراءة سورة الكهف يوم الجمعة بصوت مرتفع، وترجيع كترجيع الغناء، والناس ما بين راكع وساجد، وذاكر وقارئ ومتفكر... وناهيك ما يكون من العوام من رفع أصواتهم استحسانًا لألحان القارئ، من غير مبالاة بحرمة المكان والقرآن، وهذا كله مذموم لا يحل".
(4) رفع الصوت في المسجد:
ومن المخالفات المكروهة تسامر الناس في المساجد بحديث الدنيا، وربما علت أصواتهم، وارتفع ضحكهم، وكثر تصفيقهم الحاد، وتصفيرهم المزعج، وفي هذا هَتْكٌ لحرمة بيوت الله تعالى التي أعدها لعبادته، وفيه أيضًا إيذاء للمصلين، ومنع للمتعبدين؛ (الإبداع في مضار الابتداع ص 179).
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن رفع الصوت في المسجد؛ فقد أخرج الإمام أحمد وأبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر وقال: ((ألا إن كلكم مناجٍ ربه؛ فلا يؤذين بعضكم بعضًا، لا يرفع بعضكم على بعض في القراءة)).
وهذا النهي وقع عند رفع أصواتهم بالذكر والقرآن، فكيف إذا كان بكلام فيه ما فيه من الحرمة والتشويش؟!
(5) الكلام في الخلاء (عند قضاء الحاجة):
وهذه من المخالفات الشائعة بين المسلمين، ولقد أورد الشوكاني - رحمه الله تعالى - في "نيل الأوطار" بابًا بعنوان: "باب كف المتخلي عن الكلام"، واستدل فيه بحديث ابن عمر رضي الله عنهما وهو في "صحيح مسلم": "أن رجلًا مرَّ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبول، فسلَّم عليه، فلم يردَّ عليه"، فقال الشوكاني: وهو يدل على كراهية ذكر الله حال قضاء الحاجة، ولو كان واجبًا؛ كردِّ السلام.
• ملاحظة:
يجوز الكلام إذا كان لضرورة؛ كإرشاد أعمى يخشى عليه من التردي... أو غير ذلك من الأشياء الضرورية، وإذا عطس فإنه يحمد الله بقلبه؛ تعظيمًا وتنزيهًا لذِكر الله في هذا المكان.