تأتأة الأطفال والضغوط النفسية
أ. يمنى زكريا
السؤال
♦ ملخص السؤال:
سيدة متزوجة وزوجُها مسافر، ولديها طفلٌ عمرُه 8 سنوات، ولديه بعض المشكلات النفسية؛ مثل: التأتأة وكُره الدراسة.
♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لديَّ طفلٌ عمره 8 سنوات، أبوه مسافر منذ كنتُ حاملًا فيه، وكبر طفلي في بيت أهلي، وهو بيتٌ مَليء بالمشكلات والصُّراخ والنِّزاعات، والمشكلات لا تنتهي بين أبي وأمي، فهما لا يَعرفان عن الحبِّ والحنان شيئًا، وهذا ما أُعاني منه منذ صِغري.
نشأ طفلي على الصُّراخ والقسوة منذ ولادته، وأصبح يُعاني مِن عدة اضطراباتٍ؛ مثل: التأتأة، وكُره الدراسة، والتبرز اللاإرادي.
تابعتُ عند مختصين نفسيين لكن دون فائدة، فالعنفُ اللفظي والقسوةُ مُستمرَّان مِن قِبَل أهلي.
أشيروا عليَّ كيف أنقذ طفلي مِن الانكِسار وتحطُّم شخصيته؟ وكيف أُجنِّب طفلي الضرَر الواقع عليه، وأُخرجه مِن هذه المحنة بأقل الأضرار؟!
كيف أعلِّمه الصبر والاحتمال وهو لا يَفْهَم لِمَ يُعامَل بقسوة؟ كيف أجْعلُه إنسانًا قويًّا وناجحًا يُحب العلم ويُسهم في بناء وطنه وأمته؟! قلبي يتحطَّم في كلِّ لحظة.
فكيف أحفظه وأحميه؟!
الجواب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أختي الحبيبة، أُرَحِّب بك في شبكة الألوكة، ونسأل الله أن يُفَرِّجَ كربك أنت وزوجك، وأن يعينك على تربية ابنك الغالي.
لا شك أنَّ أهم مرحلة في حياة الإنسان هي الطفولة؛ لذا علينا الاهتمام بها اهتمامًا بالغًا، فكما قال صلوات الله وسلامُه عليه: ((كلكم راعٍ، وكلكم مَسؤولٌ عن رعيته))، ففي هذه المرحلة تَتشكَّل شخصيةُ الطفل وسلوكه (سلبيًّا أو إيجابيًّا)، وسيَظلُّ مُنتهجًا له طوال حياته، فعلينا بقدْرِ المُستطاع توفير بيئة سليمة وصحيَّة له.
بخصوص أهلِك أعلم أنك لن تُغيريهم، ولكن على الأقل قدِّمي لهم النُّصح، وحاولي بقدْرِ المستطاع عدم الاحتكاك بهم كثيرًا.
بالنسبة للأعراض التي بدأتْ في الظهور عليه؛ كالتاتأة مثلًا، فإنها تتفاقَم عندما يكون الطفلُ متعَبًا، أو مُستثارًا، أو واقعًا تحت ضغطٍ نفسي أو مُرتَبِكًا.
وذكَر المختصُّون بعض العوامل التي تُساعد في علاج هذه المشكلة، منها:
• اجعلي التحدُّثَ معه مُمتعًا بالنسبة له.
• لا تجبريه على التحدث "على نحوٍ صحيح" طوالَ الوقت.
• امنحيه فرصة الاستمتاع بالحديث من غير أن يكونَ قلقًا أو مُنْزَعِجًا مِن التَّأتأة.
• اجعلي فترات الوجبات العائلية أوقاتًا مِن أجل الحديث، (من الممكن أن تكونَا وحدكما إذا أتيح ذلك).
• أغلقي جهازَ التلفزيون، وتجنَّبي أيَّ تشويش آخر عندما تكونان معًا.
• ركِّزي على ما يَقوله الطفلُ، وليس على طريقةِ قوله.
• لا تُوَجِّهي الانتقادات إلى الطفل أثناء كلامه، ولا تُصحِّحي ما يقول حتى لا يكونَ مُرتبِكًا دائمًا.
• لا تحاولي أن تجعلي طفلك يتحدَّث أو يقرأ بصوتٍ مرتفع عندما يكون مُتوترًا، أو عندما تَزداد التَّأتأة عنده، ولكن شجِّعيه خلال هذه الأوقات على نَشاطاتٍ لا تتطلَّبُ كلامًا كثيرًا.
• عندما تتكلَّمين معه حاولي أن يكونَ صوتُك واضحًا وهادئًا.
• حاولي أيضًا أن تتكلمي ببطء حتى يكونَ مُستريحًا ومطمئنًّا.
• دعيه يُنهي كلامَه دائمًا مِن غير مقاطَعةٍ.
• لا تَتكلَّمي بالنيابة عنه، حتى إذا كنتِ تعرفين ما يريد قوله.
أما بخصوص التبرز اللاإرادي، فهو يعتبر اضطرابًا سُلوكيًّا مُزعجًا، ويكون إما بسبب عضويٍّ أو نفسي، وأغلب الظنِّ أنه في هذه الحالة بسبب نفسيٍّ إذا كان هذا السلوكُ طرأ حديثًا بعد أن كان انتظم وتحكَّم في عملية الإخراج.
وهناك علاج سلوكي أسري يَنصح به المختصُّون:
• معرفة المؤشِّرات التي تسبق حالات التبرز، ومِن ثم مساعدة الطفل على اتخاذ قرار الذهاب لدورة المياه.
• حثه على الجلوس فترة محددة حتى يَقضيَ حاجتَه، مع إظهار الحبِّ والتقدير عند الانتهاء، ومن المهم استخدام المعَزِّزات اللفظية والمادية؛ حتى نقضيَ على الأفكار السلبية لديه، ونرفعَ مِن تقديره لذاته.
سيُؤدِّي هذا إلى احترام الطفل لنفسه، وبالتالي كُرهه لهذا التصرُّف، وعندها سيعتاد الذهاب لدورة المياه في أوقاتٍ محددةٍ مِن تِلقاء نفسه.
بخصوص كُرهه للمدرسة، فهناك عدة طرُق لتشجيعه على الذهاب:
• تخصيص مكان في البيت كمكتبةٍ توضَع فيها قصصه وكتبه الخاصة، فهذا يَغرس فيه حبَّ القراءة والعلم منذ الصِّغَر، وأيضًا استخدام (سي دي) إذا أُتيح.
• متابعة الطفل يوميًّا، وسؤاله عن أحداث يومِه في المدرسة، ومِن خلالها قد تستنتجين سببَ رفْضِه للذهاب.
من المهم مكافأته عندما يُحْرِزُ تقدُّمًا.
• أحضري له أدوات مدرسيةً بأشكالٍ جَذَّابة يحبها.
• القراءة معه وتشجيعُه يُساعده على فَهم المعاني الجديدة.
• أشْرِكيه في أيِّ رياضة مناسبة ومتاحة، وشجِّعيه على مُمارستها.
• تخصيص وقت للمذاكرة، وتقنين وقت اللعب ومشاهدة التلفاز.
• تنويع الغذاء الصِّحِّي للطفل في المنزل والمدرسة، وتقديمه بشكلٍ مُحَبَّبٍ.
• النوم مُبكرًا يُساعد على القدرة على الاستيقاظ مبكرًا بنشاطٍ، ودونما إحساس بالتعب والخمول.
• قد تشجعينه على القراءة بأن يُساعدك في قراءة كتيبٍ لتركيب لعبة جديدة يُحبها.
• اذهبي به للمكتبات العامة، وقومي بزيارة الأماكن التاريخية والمتاحف العلميَّة.
• طبِّقي معه التجارب العلميَّة البسيطة في المنزل، باستخدام الحواسّ المُختَلِفة؛ كاللمس، والتذوُّق، والشَّمِّ.
مِن المهمِّ مُتابعته في المدرسة، والتحدُّث إلى المدرسين للاطمئنان عليه، وعلى مُستواه الدراسي.
وأخيرًا نسأل الله أن يُعينك، ويرزقك الصبر والصواب، ويُبدِّل حالك إلى خيرِ حالٍ