ضحية التحرش الجنسي والمواقع الإباحية والخوف!
أ. عائشة الحكمي
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابٌّ أبلغ من العمر 21 عامًا، هذه هي المرة الأولى التي أفتح فيها قلبي لأحد، وأبوح بمشاكلي التي فِعلاً لم أُرِد الاعتراف بها لأيِّ أحد كان، ولكن ها أنذا عازم على طرْحها؛ لعلي أجد ما يَشفيني عندَكم - بإذن الله تعالى.
أستطيع أن أقول: إنني مثقف، متفوِّق في دِراستي الجامعية، محبوب مِن عائلتي وأصدقائي وحبيبتي، لكني أشعر بأن كلَّ هذا لم يُنجدْني في تجاوز مِحَن مشكلاتي التي وقعتُ ضحيةً لها طوال حياتي، ولآثارها النفسية عليَّ، حتى إنِّي بدأتُ أشعر بأن نفسي مريضة تستدعي علاجًا عاجلاً.
عندما كنت في الخامسة من عمري، كان لي ابنُ عمٍّ ضعيف الإيمان، كان يستغلُّني كلما أراد إشباعَ رَغباته الجنسيَّة، وأنا مِن الطبيعي كنت طفلاً لستُ واعيًا لما يحدُث معي، سيَّما أنه كان يأتيني بأسلوب لطيف غير عَدائي؛ لكي لا يُشكِّكني بمَدى قبح الجُرم الذي كان يقترِفه معي، استمرَّ على هذا المنوال لمدة 7 سنين، وأنا أستقبل كلَّ يوم إشارات لَم أستطع استيعابَها؛ كونها أكبرَ مِن أن أستطيع فَهمها في ذلك الحين، الله أمهله ولم يهملْه، فقد عصى والديه، وتمَّت تبرِئتُه مِن العائلة، ولَم نعدْ نراه أبدًا، لكن أنا!
الآثار التي ترَكها عليَّ مِن عدم الإحساس الدائم بالأمان، والخوف الشديد، الأمر الذي يجعلني أفكِّر دائمًا أني ضعيفُ الشخصية، مع أنِّي لست كذلك أبدًا من الخارج أو الظاهر - إن كنت تفهم ما أقصده.
لم يكن الأمر صعبًا عليَّ أن أدخل إلى عالَم (الإنترنت) والصُّور والأفلام الجنسية الخليعة، (كانت لديَّ خلفية عن هذه الأشياء وأنا طفل، فكيف وأنا مراهِق؟!)، فأصبح عندي إدمان للعادة السريَّة، مع العِلم أنِّي كنت أعرِف يقينًا أنَّ كل هذه الأشياء حرام شرعًا، وأعرف خطورة ضررها النفسي.
وهنا تولَّد نِزاعٌ داخلي عندي بيْن الرغبة في تفريغ هذه الطاقة، والنَّدم والرهبة والخوف من العذاب ومُراقبة الله لي، الأمر الذي زاد الطِّين بِلَّة، تفكيري في الجِنس فاق حدَّه! أعيش حياة كلها قلق وتوتُّر، واكتئاب وخوف شديد مِن المجتمع، أبكي عند أيِّ موقف كان شديدًا أو حسَّاسًا، أخاف وأتعرَّق دائمًا، وهذه دعائم أخرى عن مدَى صحَّة ظني بشخصيتي، وإحساسي الذي بتُّ على قناعة تامَّة به مِن واقِع خِبراتي المتواضِعة، بأن لا أحد يستحقُّ الثقة أبدًا، لا أهلي ولا أصدقائي، ولا حتى حبيبتي! حيث إنَّ فِكرة افتراقها عنِّي تلازمني على مدار الساعة، حتى إني لم أستبعد أن أكونَ ابتليت بأحد أشكال الوسواس القهْري أيضًا!
أُحاول أن أضْحَك باستمرار، ولكن أبكي من الداخل (والله العظيم كل يوم أبكي، لماذا أنا؟ لماذا يحدث هذا معي؟!) أحاول أن أتقرَّب إلى الله وأن أواظِب على الصلاة وإعطاء دِيني حقَّه قدرَ استطاعتي، أُمارس الرياضة كلَّ يوم، وكما أسلفت سابقًا ثقافتي واسِعة، وإدراكي لمشكلاتي جيِّد جدًّا، ولكن أُريد حلولاً، أمَا مِن دواء نفسي سِحْري آخُذه فيُخفِّف عني قليلاً؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أَشكُركَ جزيلاً؛ لأنَّكَ وثقتَ بنا، وبرغم ثِقتي أنكَ لن تجد لدينا ذلك "الدواء السِّحري" الذي تنشُده، إلا أنَّني سأُجيبكَ بما عهِد الله إلينا وبما عاهدْنا الله عليه من الوقوفِ والمؤازرة مع إخوتنا في الله، ولو بكلمة طيِّبة نطيِّب بها خواطرَهم، موقنةً في الوقت عينه أنَّ بَوحَكَ بهذا الهمِّ الذي يقضُّ مضجعكَ، ويؤلِم قلبكَ، هو علاجُك الذاتي الذي ستتلمَّس أثره - بمشيئة الله - في المستقبل القريب، سائلةً لكَ المولَى العليَّ القدير أن ترقأَ في دواخلكَ هذه الفتوق النفسيَّة، وأن تَطيب في قلبكَ تلك الجروح النازَّة؛ كي تهدأ نفسُكَ المتعَبة عمَّا قريب، اللهُمَّ آمين.
لماذا أنا؟!
السؤال الذي يَتكرَّر كثيرًا على ألسنة كلِّ الذين تعرَّضوا لاعتداء جِنسي في طفولتهم، وعلى ألْسِنة كلِّ الذين أُصيبوا بالبأساء والضرَّاء في حياتهم، وجواب ذلك: أنَّ الله أراد ذلك، ﴿ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [آل عمران:40]، "فما شاء الله كان، وما لم يشأ لَم يكُن، فلا يتحرَّك في العالَم العُلوي والسفلي ذرة إلا بإذنه ومشيئته، والعباد آلَة، فانظرْ إلى الذي سلَّطهم عليكَ، ولا تنظر إلى فِعلهم بكَ، تسترحْ من الهمِّ والغم"، والكلام لشيخ الإسلام.
وقدْ قال الصادق الأمين - صلواتُ ربي وسلامه عليه -: ((إنَّ عِظم الجزاء مع عِظَم البلاء، وإنَّ الله إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمَن رضِي فله الرِّضا، ومَن سخط فله السخط))؛ رواه الترمذي وحسَّنه.
لقد واجَه نبيُّ الله وكلمتُه عيسى - عليه السلام - عواصفَ الابتلاء منذُ اللحظات الأولى لمولده؛ إذ أنطقه الله رضيعًا كي يدافعَ عن نفسه وعن أمِّه؛ ﴿ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا * فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا * ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ﴾ [مريم: 27 - 34].
وأُلقِي كليمُ الله موسى - عليه السلام - في اليمِّ بُعَيْد ثلاثة أشهر مِن ولادته، فألقاه اليمُّ بالساحل ليأخذَه عدوٌّ لله وعدوٌّ له: فرعون!
وأتى جبريل - عليه السلام - نبيَّنا الحبيبَ محمدًا - صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم - في بادية بني سعْد وهو يلعب مع الغِلمان، ((فأخَذَه فصرَعه فشقَّ عن قلبه، فاستخرج القلْب، فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظُّ الشيطان منك، ثم غسلَه في طست مِن ذَهب بماء زمزم، ثم لَأَمَه، ثم أعاده في مكانه، وجاءَ الغلمان يسعون إلى أمِّه (يعني: ظِئره)، فقالوا: إنَّ محمدًا قد قُتِل! فاستقبلوه وهو منتقِع اللون!))؛ رواه مسلم.
وأُلقِي الكريم ابنُ الكريم يوسفُ بن يعقوب - عليه السلام - في غَيابة الجُبِّ وهو غلام، فالتقَطه بعضُ السيَّارة مرتحلاً به في تلك السنِّ الصغيرة إلى غير موطنه؛ ليقضي بقيةَ عمره غريبًا بعيدًا عن أهله وأرْضه وموطنه!
إنها سُنَّة الابتلاء، وتلك مشيئة الله فمَا أنتَ صانع؟! ما لكَ إلا الرِّضا بالقدر، والصَّبر على ما أراد الله وقدَّر؛ "ولتكن أيها المحزون أكبر مِن همومكَ وأحزانكَ بالغةً ما بلغت، وإذا كان الموتُ يعدُّ شرفًا لمن مات مدافعًا عن الحقيقة مهما كان وفي أيِّ صورة تمثَّلت، فإنَّ البقاء في الحياة يكون أحيانًا أعظمَ شرفًا منه لمَن يُدافِع مصايبَ هذه الحياة عن ضميرِه، فلا تستبيحه ولا تُزعِج الفضائل الإنسانية التي اعتصمتْ به، وإذا اشتبكتَ أيها المحزون بهذه الآلام فكُن قويًّا على مصارعتها، وقد تصْرَعكَ مرَّة إذا بدرتْ منك غفْلة، فلا تكُن حينئذٍ جبَانًا في النهوض كما كنتَ جبانًا في الوقوع، وليستْ فضيلتُكَ في أن تنزل على حُكم كلِّ ضرورة، فإنَّكَ عند حُكمها طوعًا وكرهًا، ولكن الفضيلة أن تعرِف في نزولك من جِهة كيف تصعَد مِن جهة أخرى" - كما يقول الرافعي في "حديث القمر".
افتح نوافذَ قلبكَ للحياة يا أُخيَّ؛ فما مضَى قد مضَى، وقد أراك الله مصيرَ ذلك الرجل الآثِم في الدنيا قبلَ الآخرة، وأقصاه بعيدًا عن مرْمى حياتكَ، وها هي ذي حياتك اليوم في أوجِ انتعاشها وازدهارها، لم تتأثَّرْ كما يحدُث مع كثيرين قبلكَ وبعدكَ ممَّن حدَث لهم ما حدَث لك؛ فأنتَ - بنعمة الله - شابٌّ مثقَّف، ناجح في دراستكَ، محبوب ممَّن حولكَ، والأهم مِن كل ذلك أنَّ فطرتكَ وغريزتكَ الجِنسية تُجاهَ الأنثى لم تشوَّه، ما زلتَ تُحِبُّ وتُحَب! في حين أنَّ أكثر الذين كتبوا لنا ممَّن تعرَّضوا لاعتداء جنسي في طفولتهم قد أصْبحوا مثليِّين! فاحمدِ الله الذي - عافاكَ ممَّا ابتلاهم به.
المشكلة الوحيدة التي أراها مشكلة هي إدْمانكَ الجِنس، فزِيادة الرغبة في الاستمناء، وكثرة التردُّد على المواقع الإباحية، وإدامة النظَر في الموادِّ الإباحيَّة، مصحوبًا بتأنيب الضمير والشُّعور بالندم والخوف والقلَق بعدَ إفراغ الطاقة الجنسية هي مؤشِّرات واضحة على الإدمان الجِنسي!
وما يجب أن تعرِفه هنا أنَّ الإفراط في ممارسة الاستمناء يُسبِّب تغييراتٍ جذريةً في كيمياء المخ والجِسم، حيث يعمل كثرةُ القذف على استنزاف الناقِلات العصبية والمواد المغذية مِن الدماغ والعمود الفقري؛ كالدوبابين، والسيروتونين، والإستيل كولين، كما تَستنزف الكثيرَ مِن الهرمونات، مِثل: هرمون النمو، وهرمون الغُدَّة الدرقية، وهرمون التستوستيرون وغيرها، ما يؤدِّي إلى الكثير من الاختلالات النفسية والفسيولوجية التي لا يُحمد عقباها: كسرعة القذْف، وضعْف الانتصاب، والعجْز الجنسي فيما بعد.
العلاج:
أولاً: العلاج الشرعي:
أ - الزواج والتحصين، فمتى وُفِّقتَ للارتباط الشرعي فلا تتأخَّر، وعسى الله أن يُسهِّل عليكَ ذلك ويرزقكَ السعادةَ والتوفيق والهُدى.
ب - الصوم ولو يومًا في الأسبوع: فقد قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يا معشرَ الشباب، مَن استطاع منكم الباءةَ فليتزوج، ومَن لم يستطعْ فعليه بالصومِ فإنَّه له وجاء))؛ متفق عليه.
جـ - الصبر: لقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النساء: 25].
"واعلم أنَّ اللئامَ أصبرُ أجسادًا، وأنَّ الكرامَ هم أصبر نفوسًا، وليس الصبر الممدوح بأن يكون جلد الرجل وقاحًا على الضربِ، أو رجله قويةً على المشي، أو يدهُ قويةً على العملِ، فإنَّما هذا من صفات الحَميرِ، ولكنَّ الصبر الممدوحَ أن يكونَ للنفسِ غلوبًا، وللأمورِ محتملاً، وفي الضرَّاء متجمِّلاً، ولنفسهِ عندَ الرأي والحفاظِ مرتبطًا، وللحزمِ مؤثرًا، وللهوى تاركًا، وللمشقةِ التي يرجو حسنَ عاقبتها مستخفًّا، وعلى مجاهَدةِ الأهواء والشهواتِ مُواظبًا، ولبصيرتهِ بعزمهِ منفذًا"؛ كما قال ابن المقفَّع في أدبه.
د - إقامة الصلاة وإدامة الذِّكر؛ مِن تسبيح وتهليل، وتحميد واستغفار؛ لقوله تعالى: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ [العنكبوت: 45]، وكون صلاتكَ لا تنهاك عن الفحشاء، فهذا لا يعني سوى شيءٍ واحد أنَّكَ لم تصلِّ لله كما أمرَك الله! فعليكَ بإعادة النظر في الكيفية التي تُصلِّي بها، كي تتلمَّس تأثيرها في الكفِّ عن الفحشاء والمنكر، ومَنْ أصدق مِن الله قيلاً؟
ثانيًا: تقوية الإرادة والتوقُّف عن مشاهدةِ الأفلام والمشاهِد والصور الخليعة، التي تُثير غرائزك، فتلك خُطوات الشيطان، وقد قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 21]، فالمسألة تعتمد عليكَ أولاً وآخرًا؛ لكي تتغيَّر، وقال - تعالى -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].
ثالثًا: مِن فقه الذنوب أن تعالج ترْكها بالتَّقْليل والتدريج إنْ لم تستطعِ الإقلاع عنها مباشرةً، وما لا يُدرك كله لا يُترك جُله - كما يُقال.
رابعًا: إحداث بعضِ التغيير في النظام الغِذائي مِن خلال:
أ- التقليل من تناول الأطعمة والمشروبات الغنية بالكافيين؛ كالشاي والقهوة والكاكاو.
ب- التقليل مِن تناول اللحوم الحمراء.
ج- شرْب حليب الصُّويا وعصير البُرتقال والتوت البري.
د- شُرْب الكثير مِن الماء منعًا مِن الجفاف.
خامسًا: ممارسة التمارين الرياضية التي تعمل على تقويةِ القلْب والأوعية الدموية مرَّتين في الأسبوع.
سادسًا: تناول المكمِّلات الغذائية التي تعمل على محاربةِ التوتُّر والقلق وعلاج الاكتئاب، مثل: كبسولات أوميغا 3 الزيتية ((Omega-3 1000mg، وهي متوافِرة بكثرة في محلاَّت الأغذية التكميليَّة، وفي الصيدليات أيضًا، بالإضافةِ إلى تناول فيتامينات (Stress Tab Vitamins) بعدَ استشارة الصَّيْدلاني.
سابعًا: ممارسة الأنشطة المفيدة التي تشغل العقلَ والذِّهن؛ كالقراءة والتأمُّل، والانخراط في الأنشطة الاجتماعيَّة التي تقضي على العُزْلة والخلوات الشيطانيَّة.
وكما ترَى فأنا لم آتِ بجديد، ولا بحلول سِحريَّة كما كنتَ تحلم! لثِقتي أنَّ السحر لا يكمُن في الدواء، بل في إرادة النفس أن تكون مطمئنةً بالله، راضية بالقدر، وفي عِلمها ويقينها أنَّ الله يرى ويعلم: ﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [يونس: 61].
أما "الحبيبة" فإن لم تصبحْ زوجةً فلا خيرَ في حبِّكَ لها، ولا خير في حبِّها لكَ؛ لذا سارع بخِطبتها كي تُضفي الشرعيَّة على هذه العلاقة؛ ليباركها الله، ولا تُحمِّل نفسكَ آثامًا فوق الآثام، هُديتَ للحق والصلاح.
وفيما يَتعلَّق بموضوع الخوف والتعرُّق وضعْف الشخصية، والحساسية وسرعة التأثُّر والبكاء، فهذه أمور تتطلَّب منكَ مزيدًا من التثقيف النفسي؛ لأنَّ حلول هذه المشكلة متاحة على الشبكة، فقط يَنقُصكَ التطبيق، إنما أُذكِّرك هنا ببعض النقاط المهمة:
أولاً: كن إيجابيًّا ولا تنقلْ لنفسكَ رسائلَ العجز والخوف والضَّعف؛ لأنَّ عقلكَ الباطن سيتصرَّف بناء على ما تُمليه عليه، وإذا اعتبرتَ نفْسكَ ضعيفًا هشًّا من الداخل، فستتهشَّم سريعًا بلا شكٍّ، أمَّا إذا أقنعتَ نفسكَ بأنَّكَ قويُّ الإرادة، قادرٌ على مجابهة العالَم، فستتصرَّف تمامًا مثل ذلك.
ثانيًا: لا تصرِف الخوف - وهو عبادة - لغير الله، فما مِن أحد في الدنيا مَهْمَا تجبَّر وتكبَّر يستحق منك الخوفَ والرجاء، فاستحضرْ عظمة الله الملِك الجبَّار العظيم المتعال، يصغرْ في عينيك كلُّ المخلوقين، وإذا خُوِّفت في الله وأُوذيت فقل: "حسبي الله ونِعم الوكيل"، وسيَكفيكَ الله شرَّ كلِّ ذي شرٍّ؛ ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 173 - 175].
ثالثًا: تقبَّل نفسَكَ بكلِّ صورها، وتذكَّر أنكَ بشرٌ لكَ حسناتُكَ وعيوبكَ، ولم يصل البشر في يومٍ ما إلى مستوى الكمال؛ لأنَّ الكمال المطلَق لله وحده، وكوننا نسعى لتطويرِ ذواتنا وتحسين علاقاتنا وعلاجِ مشكلاتنا؛ فهذا لإيماننا العميق بأنَّ ما ينقصنا أكثرُ مما نملك، فلا تُرهق نفسَكَ بالتفكير في عيوبكَ، بل اعملْ على التقليل منها وإصلاح ما يَنصلِح منها، بالتعلم مِن الأخطاء السابقة والاستفادة مِن الخبرات الماضية، وكُن كالقمر يُضيء للناس من جانبٍ مع أنه مظلِم من الجانب الآخَر، وكالشمس تشرق على نِصف الأرض وتُظلم في نصفها الآخَر، ومع عاب أحدٌ قط ذلك الجانبَ المظلم من القمر، ولا مغيب الشمس على النِّصف الآخَر من الأرض!
رابعًا: دعْ عنك أشباحَ الماضي، وانظر إلى الغدِ بعين الفِكر؛ فقد قال - تعالى ﴿ -:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].