عصام زكريا
خلال عام ???? شهدت دور العرض السينمائى ?? فيلمًا مصريًا، لم يركز الإعلام سوى على أربعة منها، أثارت الاهتمام لاحتوائها على رقصة أو كتف أو ساق عارية أو كلمة «خارجة» هنا أو هناك، وهذه الأفلام الأربعة كانت بالصدفة من إنتاج «السبكية» ومن تلك النوعية التى تنتج خصيصا لموسم العيد، وتتسم برخص الإنتاج والمضمون والشكل مثل أى بضاعة مصرية تنتج للاستهلاك السريع من زبون عابر فى المواسم وأماكن التجمعات الكبيرة.
خلال عام ???? أيضا تم إنتاج عشرات الأغانى والفيديو كليب، ولكن الإعلام لم يركز سوى على أغنيتين أو ثلاثة تؤديها راقصات درجة ثانية.
هذه الأفلام الأربعة، والأغنيات الثلاث، كان يمكن أن تعرض وتمر دون أن يدرى بوجودها أحد، مثل عشرات الأفلام والأغانى الأخرى التى تنزل إلى السوق يوميا، ولكن برامج «التوك شو»، التى تسير على خطا فيلم «البحث عن فضيحة»، تفتش بعدسة مكبرة عن المواد «المثيرة» لجذب المشاهدين والإعلانات والأموال، مثلها مثل الأفلام والأغانى التى ينتقدونها، ولكن الفارق أن الإعلام يضع على الكشك يافطة «الأخلاق» محل يافطة «الترفيه» التى يضعها المنتجون.
يعنى هل المشكلة فى الأفلام والأغانى «الهابطة» أم فى الإعلام «الهابط»؟
لنتفق أن الاثنين هابطان، جزئيا، ولكن الموضوع أكبر من هذا، لأن الفن والإعلام الهابطان موجودان فى العالم كله، على الأقل فى «الويك إند»، حيث يخرج الناس أفواجا ليسهروا ويرقصوا ويسكروا، وحيث تصدر صحف التابلويد الفضائحية، ولكن بداية من صباح الاثنين يختفى «الهبوط»، وتحل الجدية والانضباط والعمل.
فى مذكراته، التى قامت زوجته بسحبها من السوق بعد صدورها، ولكن النسخة الأولى عندي، يعترف الفنان الراحل محمد عبدالوهاب أنه كان يترك لغريزته أن تنزل إلى الدرك الأسفل أحيانا، حتى تهدأ وتهمد، ويتفرغ بعدها لصعود الروح إلى سماء وسمو الموسيقى.
فى مذكراته أيضا، يقول أديب الجنس الشهير هنرى ميلر إنه يستخدم الجسد للخروج من الجسد، بنفس المعنى السابق.
الفكرة أن كلا من الفرد والمجتمع يحتاجان إلى قضاء وقت من اللهو مع فيلم تافه أوأغنية مبتذلة، حتى يتحقق التوازن النفسي، وحتى يتفرغ الفرد والمجتمع للعمل والإنتاج، ولكن إذا لم يعترف الفرد أوالمجتمع بهذا الحق، تكون النتيجة أنه يظل معلقا فى الفراغ.. لا هو يعمل، ولا يلهو، حانقا وحاقدا.
المشكلة عندنا تتلخص فى المثل الشعبى البليغ: «خيبة الناس سبت وحد، وإحنا خيبتنا ما وردتش على حد».