منذ بدء الخليقة ظهرت فكرة الثواب والعقاب، الجنة والنار، فالحياة الأخرى تنقسم اثنين، عالم للأخيار ينعمون فيه برغد العيش، يحصدون كل ما يتمنون ويفوزون بلقاء الله وملائكته ورسله، وفقًا للرواية الإسلامية، وعالم آخر للأشرار يعاقبون فيه على ما كسبت أيديهم فى الدنيا، يصلون نارًا وقودها الناس والحجارة، كلما نضجت جلودهم يبدلهم الله جلودًا غيرها ليذوقوا العذاب، تلك تصورات القرآن عن العالمين، مكملًا لحكايات التوراة والإنجيل، ومتماسًا مع الأساطير القديمة، كأسطورة الجنة السومرية فى أرض دلمون، وحتى تلك الفكرة التى وجدت مسجلة على جدران المعابد الفرعونية عن الحياة الأخرى والبعث والخلود. فى هذا الملف ندخل أكثر إلى عالم الحياة الأخرى، نحاول التعرف على التصورات الدينية والأسطورية للجنة والنار، تلك الفكرة الرمزية التى صارت ميزانًا للعدل فى الكون، ونبراسًا للحياة المؤقتة على الأرض.
كانت عقيدة البعث والخلود جزءًا مما آمن به المصرى القديم قبل ظهور الأديان، وقد سجلت على جدران المعابد الفرعونية والأهرامات وفى كتاب الموتى الشهير، فإيمان المصرى القديم بتلك العقيدة ما هو إلا نتاج لبعض الظواهر الطبيعية التى لاحظها وأثرت فيه، فقد رأى بعد كل غروب للشمس شروقًا، وبعد كل فيضان فيضانًا آخر، فآمن بأن له حياة أخرى بعد الموت، اعتقد بأن هناك جنة للأبرار، وهى ما أطلق عليه اسم «يارو» أى حقول أوزير، اعتقد أيضًا أن هناك نارًا وجحيمًا للأشرار، وأطلق عليها «سج»، ولهذا آمن بوجود محاكمة فاصلة للموتى بعد الموت لكل متوفى أمام «أوزير»، إله العالم الآخر ورب الموتى.
يعتقد المصريون القدماء – بعد الموت – أن إقامتهم بالقبر ليست أبدية، إنما هناك محاكمة إلى حياة أخرى، وهى الحياة الأبدية الخالدة، وهى ما عبر عنها فى اللغة المصرية القديمة «دى عنخ جت جح» وترجمتها «ليعطى الحياة أو الأبدية»، والتى كانت تختم بها كل دعواتهم على المقابر.
ونجد أن المصرى القديم قد سجّل فى كتاب «البوابات»: «إن أبدانكم سوف تقوم من أجلكم.. إن عظامكم سوف تلتحم من أجلكم.. سوف ينزعون عنكم أكفان المومياء وتلقون جانبًا أقنعة المومياء.. تحرروا مما يضجركم كى تتمتعوا بالحقول «يارو» الجنة».
الجنة عند المصريين القدماء
ويرى المصرى القديم للجنة «يارو» أو حقول الإله أوزير، كما وردت فى كتاب الموتى التعويذة 110، فالجنة بالنسبة إليه عبارة عن أنهار ماء تجرى باللون الأزرق، وبينها حقول «أوزير»، ويقوم المتوفى بالإبحار بحرية فى هذه الأنهار بمركب صغير يحمله وحده، وفى بعض المناظر تكون زوجته خلفه فى حقول «أوزير»، ومنظر آخر يمثله وهو جالس أمام مائدة القرابين، يأكل ويشرب من الطعام والفواكه والمشروبات، وصور منها «الخبز – البيرة – البصل – اللحم – الخس – البط – الإوز» ومن الفواكه «الرُمان، العنب، التين»
لقد تخيل أن هذه الجنة تحت الأرض، وسبب ذلك دفن المتوفى تحت الأرض فى المقبرة، ووجود الأنهار نابع عنده من حفر الآبار، وخروج الماء منها، لذا رأى أن هذه الجنة للحياة الأخرى أسفل الأرض بها أنهار كثيرة تروى منها حقول أوزير.
النار عند الفراعنة
كما اعتقد المصرى القديم فى الجنة للأبرار، فقد أعتقد – أيضًا – فى النار أو الجحيم للأشرار، ولقد أطلق عليها اسم «سج»، ومعناها فى اللغة المصرية القديمة «النار»، وقد تخيلها المصرى القديم كما وردت على أوراق البردى بكتاب الموتى التعويذة رقم 17. عبارة عن بحيرة باللون الأحمر، يلقى فيها الأشرار فتحرق أجسادهم، وتحاط هذه البحيرة بسور أسود سميك، ليس له مدخل أو مخرج، مغلق تمامًا، فالداخل إليها مفقود وليس من سبيل للخروج منها، ويحيط بها من الخارج عشرة ثعابين من ثعابين الكوبرا القاتلة، وفى الزركان الأربعة لهذه البحيرة نجد ثمانية أو أربعة قرود قابعة على الكرسى لحراسة هذه البحيرة أو الجحيم، لمنع الآثمين من الفرار.
وقد ورد العديد من تصوير الجحيم أو النار فى كثير من البرديات ومناظر المقابر، وإن اختلفت التفاصيل، إلا أن المضمون والأصل فيها واحد، ألا وهو تصوير حرق الآثمين فى بحيرة النار مفصولى الرأس، مقيدة أذرعتهم، وفى بعض المناظر فى وضع مقلوب.
الجنة السومرية.. إله الماء يتزوج الأرض
الأساطير السومرية أو الميثولوجيا السومرية آمنت أيضًا بالحياة الأخرى بعد الموت وبالجنة والجحيم، كذلك ذكرت نصوصهم تصورات عن الأرض قبل نزول الإنسان إليها وشبهتها بالجنة.
أما الجنة، فتحدثنا عنها أسطورة أخرى هى أسطورة دلمون: «أرض دلمون مكان طاهر، أرض دلمون مكان نظيف»، وفى هذا الفردوس، كان يعيش «أنكى»، إله الماء العظيم، وزوجته ننخرساج الأرض – الأم، وقد أخرج «أنكى» ماءه وسقى تربة زوجته الأرض، فحول «دلمون» إلى جنة إلهية خضراء، ومن اتحاد الماء «أنكى» بالتربة «ننخرساج» يمتلئ الفردوس بالحقول والأشجار والثمار، كما تظهر مجموعة من آلهة النبات يقوم «أنكى» بإغوائهن تاركًا زوجته.
الجحيم السومرى.. الموتى فى باطن الأرض
إلى عالم الأموات السومرى «الجحيم السومرى» أو العالم السفلى «كور أو اريشكيجال»، تمضى جميع أرواح الأموات دون تمييز، فلا فرق بين الصالح والطالح، وبين غنى أو فقير، أو بين ملك ورعيته، إلا أن كل إنسان يحتفظ بنفس المكانة التى كانت له فى الحياة الأولى، ففى أحد الألواح السومرية ورد أن أحد الملوك بعد موته قام بتقديم القرابين والهدايا إلى آلهة العالم السفلى، وكيف أنه اقتيد إلى مكان تمت تهيئته خصيصًا له، هناك حيث البقاء الأبدى الذى لا عودة منه
يتم الدخول إلى العالم السفلى من فتحات فى الأرض كتلك التى تشرق منها الشمس، والفتحة التى تغرب منها أو من القبر، بعد نزول روح المّيت إلى أرض اللاعودة يصادفه نهر العالم الأسفل «هامو طابال» ذو الرؤوس الأربعة الشبيهة، وسّماه السومريون بـ«هابور»، وهناك يحييه ملاك برأس الطير وينقله فى قاربه إلى الطرف الآخر حيث بوابات مدينة الموتى.
عالم الموتى حسب الأساطير السومرية عالم حصين خلف سبعة جدران عالية، وسبع بوابات حصينة عليها حراس شداد غلاظ، وعندما يقترب القادم من البوابة الأولى، يعلن البواب اسمه ليسمعه «اريشكيجال»، إله العالم السفلى، ثم يقاد عبر البوابات السبع، وعند كل بوابة يتخلى عن شىء من متاعه وملبسه وزينته وفق القوانين الموضوعة لذلك العالم، أمام «اريشكيجال» وبطانتها السبع، وهم كبار آلهة العالم الأسفل لتقرير مصيره ومكانه ثم يمثل عاريًا فى عالم الأموات.
الجنة والنار فى العقائد غير السماوية
الجنة والنار فى الهندوسية تختلف تمامًا عن مرحلة الجنة والنار فى الأديان السماوية، حيث تعد الجنة والنار فى الهندوسية مراحل انتقالية مؤقتة، وأصحاب الجنة فى الهندوسية هم الذين عملوا أعمالًا صالحة، لكنها لا تؤهلهم للتوصل لـ«موكشا»، فالجنة مرحلة انتقالية يمر بها المرء قبل الانتقال إلى حياته الأخرى عن طريق التناسخ، والنار مرحلة انتقالية أيضًا، بحيث يتطهر الشخص من الذنوب لينتقل بعد التعذيب إلى جسد جديد، فهم يعتقدون أن الروح تعود بعد الموت وتحل فى جسد آخر، وتظل هكذا حتى تتطهر وتعود إلى الله فى نهاية المطاف، والعودة إلى الدنيا مرة أخرى فى بدن جديد، للتطهر من الأخطاء التى ارتكبها الشخص فى أثناء حياته الأولى، وتظل هكذا حتى تصفو تمامًا، وفى النهاية تعود إلى الله، ومن ثم تتحد به.
أما أصحاب الديانة الكونفوشيوسية فلا يعتقدون بالبعث أصلًا، إذ إنّ همَّهم منصب على إصلاح الحياة الدنيا، ولا يسألون عن مصير الأرواح بعد خروجها من الأجساد، وهذا ما يقوله كونفوشيوس، أما الفلاسفة اللاحقون فاعتقدوا أن الجنة ذاتها هى الحاكم المطلق للسماء كما كان ابن الجنة «الملك زاو» الحاكم المطلق للأرض.
وفى كتابات آخرين، ومنهم مو زى، ووصيته بالجنة فى القرن الخامس قبل الميلاد قال: «الجنة تحب البشر سواسية ومن دون سبب، لهذا أمرت الشمس والقمر بالإنارة وبعثت وقسمت الفصول الأربعة، وكذلك أرسلت المطر والثلج وأنمت الحبوب وألهمتنا صناعة الحرير وبعثت المعادن كل هذا لتؤمن معيشة الناس وسعادتهم».
الجنة عند اليهود.. عدن
جاء فى توراة موسى عن الجنة التى خلقها الله لآدم وحواء:
«وَأَنْبَتَ الرَّبُّ الإِلهُ مِنَ الأَرْضِ كُلَّ شَجَرَةٍ شَهِيَّةٍ لِلنَّظَرِ وَجَيِّدَةٍ لِلأَكْلِ، وَشَجَرَةَ الْحَيَاةِ فِى وَسَطِ الْجَنَّةِ، وَشَجَرَةَ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ»، «التكوين 9»
خلق الله الجنة حسب العهد القديم فى شرق عدن، أى على الأرض التى نعيش عليها وليس فى السماء كما يظن البعض، ووضع الإنسان الأول فيها، «وَأَخَذَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَوَضَعَهُ فِى جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَهَا وَيَحْفَظَهَا»، «سفر التكوين15»، ويسقى الجنة الأرضية أربعة أنهار كما جاء بالتوراة «وَكَانَ نَهْرٌ يَخْرُجُ مِنْ عَدْنٍ لِيَسْقِيَ الْجَنَّةَ، وَمِنْ هُنَاكَ يَنْقَسِمُ فَيَصِيرُ أَرْبَعَةَ رُؤُوسٍ: فِيشُونُ، وجِيحُونُ وَاسْمُ النَّهْرِ الثَّالِثِ حِدَّاقِلُ، وَهُوَ الْجَارِى شَرْقِيَّ أَشُّورَ. وَالنَّهْرُ الرَّابعُ الْفُرَات»، «سفر التكوين 10 – 14»
هذه الآيات التى وردت فى توراة موسى تدل على أن الجنة موجودة على الأرض وليست فى السماء، وموقعها فى منطقة عدن، ويسقيها نهر حداقل «دجلة» والفرات، وهما من الأنهار المعروفة، حيث تنبع من جنوب تركيا وتمر فى الأراضى السورية والعراقية، وهذه هى الجنة الأرضية التى يؤمن بها اليهود.
اليهودية لا تؤمن بوجود جنة مادية ما بعد القيامة، فيها أشجار وبساتين وأنهار وطيور، لأن جنة عدن التى كانت على الأرض يوم عاش فيها آدم وحواء أغلقت بعد أن طردهما الله منها بعد أن عصيا ربهما.. جاء بالكتاب المقدس: «فَطَرَدَ الإِنْسَانَ، وَأَقَامَ شَرْقِيَّ جَنَّةِ عَدْنٍ الْكَرُوبِيمَ، وَلَهِيبَ سَيْفٍ مُتَقَلِّبٍ لِحِرَاسَةِ طَرِيقِ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ»، «التكوين 24»
بل تؤمن اليهودية بملكوت الله أو مملكة الله السماوية التى يسكنها الآن أرواح الملائكة، وبعد القيامة سيدخلها القديسون والأبرار والصالحون من بنى البشر الذين لا أجساد لهم بل أرواح نورانية، حيث يسبحون الله دومًا.
قال السيد المسيح لليهود عن الحياة الأخرى فى القيامة: «فِى الْقِيَامَةِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةِ اللهِ فِى السَّمَاء »، أى لا أجساد مادية ولا بستان ولا جنة ولا طيور ولا أنهار بل أرواح نورانية كملائكة الله فى السماء، حيث لا أكل ولا شرب ولا زواج ولا نكاح هناك.
جنة المسيحيين.. ما لا عين رأت وما لا أذن سمعت
يقول بولس الرسول فى رسالته لأهل كورنثوس مبشرًا بالجنة: «بل كما هو مكتوب، ما لم تر عين ولم تسمع أذن، ولم يخطر على بال إنسان ما اعده الله للذين يحبونه»
الجنة عند المسيحيين تعنى الخلاص من الشقاء فى الأرض، والعهد الجديد تكلم دائمًا عن الحياة الأبدية؛ بشقيها النار الأبدية والجنة الأبدية، وقبلها هناك جنة الفردوس على الأرض، وحسب اعتقادات المسيحيين ستكون عندما يعود المسيح إلى الأرض لمدة ألف سنة، ليقول «من يسمع كلامى ويؤمن بالذى أرسلنى فله حياة أبدية»، ويقول «طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه».
و«ملكوت السموات» فى المفهوم المسيحى، المكان الذى أعده الله لمحبيه منذ تأسيس العالم، وفيه يكون الجميع كملائكة الله يحيون معه إلى الأبد، ويتمتعون بعشرته ولذة تسبيحه.. معنى هذا أنه لن تكون هناك أى شهوات أو ملذات مادية فى هذا الملكوت؛ لأن الماديات كلها ستفنى وما للجسد سيكون له بغير وجود.
تتجلى رؤية المسيحية للحياة الأبدية بعد الموت فيما يتلوه الأرثوذكس على الموتى، ويسمى بأوشية الراقدين، ومنها يتضح أن الكنيسة تُشيّع أولادها وبناتها الراقدين والراقدات إلى الله، وتتوسَّل من أجلهم أن يقبلهم الله فى فردوس النعيم، وحتى إذا كـان أحد قد لحقه أى ضعف أو توانٍ أو خطية – كبشر – فإن الكنيسة تتوسَّل إلى الله أن يغفر لهذه النفس خطاياها بناءً على رحمته ومحبته للبشر، وهذه هى صلاة التجنيز فى يوم الجنازة:
«هذه النفس التى اجتمعنا بسببها، يا رب، نيّحها فى ملكوت السموات. افتح لها يا رب أبواب السماء، واقبلها إليك كعظيم رحمتك. افتح لها يا رب باب البرِّ، لكى تدخل وتتنعَّم هناك. افتح لها يا رب باب الفردوس، كما فتحتَه للِّص اليمين. افتح لها يا رب باب الملكوت، لتُشارك جميع القدِّيسين. افتح لها يا رب أبواب الراحة، لتُرتِّل مع كافة الملائكة. ولتستحق أن تنظر النعيم. ولتُدخِلها ملائكة النور إلى الحياة. ولتتكئ فى حضن آبائنا إبراهيم وإسحق ويعقوب. اغفر لها خطاياها التى سَبَقت فَصَنَعَتها، بمعرفة وبغير معرفة معاً؛ لأنك أنت يا رب تعرف ضعف البشرية ونقصها».
جهنم فى اليهودية والمسيحية
يتطابق العهد القديم والعهد الجديد للكتاب المقدس فى وصف جهنم، فجنهم كلمة عبرية لاسم وادى «هنوم» أو«جى هنوم»، يقع شرقى أورشليم وخارج أسوار المدينة القديمة، وكان يطلق عليه قديمًا اسم وادى الموت، حيث كان اليهود يلقون فيه النفايات وجثث الموتى من المجرمين، وكذلك محرقة للأطفال الذين يقدمون كقرابين للإله «مولك»، فى أيام ملوك إسرائيل القدماء.
كانت «جى هنوم» أو «جهنم» بالعربية ذات رائحة نتنة، يتصاعد منها ضباب ودخان الحرائق باستمرار، وهى موضع للنجاسة والقاذورات والجثث، ونارها لهيب لا ينطفئ.
استعار الكتاب المقدس اسم جهنم رمزًا للتعبير عن العذاب الأبدى الذى سيلقاه الأشرار، والذين لا يؤمنون بالله ولا ينفذون وصاياه، بأنهم سيلقون فى بحيرة النار والكبريت حيت دودهم لا يموت ونارهم لا تنطفئ، وذلك تشبيه مجازى لجنهم وادى الموت فى مدينة أورشليم التى كان يعرفها اليهود.
قال السيد المسيح: «إن كانت يدك اليمنى تُعثرك، فاقطعها والقها عنكَ، لأنه خير لك أن يهلك احد أعضائك ولا يُلقى جسدك كله فى جهنم»، واليهود كانوا يعرفون ما المقصود بجهنم لأنها موجودة بقربهم.
الجنة فى الإسلام.. نعيم حسى
فهى البستان الذى يجرى من تحته الأنهار تحوى خمرًا ولبنًا وعسلًا، وفيها منازل من لؤلؤ وزمرد وياقوت، وهى تختلف عن جميع التصورات الأخرى عن الجنة فى الأديان السماوية وغير السماوية، فهى نعيم حسى خالص.
ويؤمن المسلمون بأن الجنة دار نعيم لا يشوبه نقص، ولا يعكر صفوه كدر، ولا يُمكن أن يتصور العقل هذا النعيم، فقد قال الله فى الحديث القدسى: «أعددت لعبادى الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر»
الجنة وفقًا للتصور الإسلامى أعدت للمؤمنين الموحدين ذوى الأعمال الصالحة، وأنه من كان موحدا ذا أعمال فاسدة فإنه يُعذّب فى النار، ثم يدخلها، ويدخلونها فى أكمل صورة وينعمون بأكمل نعيم، فهى درجات متفاوتة حسب أعمالهم الصالحة، وخازنها هو رضوان، ولكن فى المقابل لا يدخل الجنة أحد بعمله، إلا برحمة الله وفضله، فهى ليست ثمنًا للعمل، وإنما يكون العمل سببًا لدخولها، قال النبى: ««لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ، قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا، وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِى اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَة»
أسماء الجنة فى القرآن
دار السلام: «لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
جنات عدن: وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِى جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ».
جنات النعيم: إ«ِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِى جَنَّاتِ النَّعِيمِ».
دار المتقين: «وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِى هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ».
جنات الفردوس: «إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا».
جنة الخلد: «قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِى وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا».
الغرفة: «أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا».
دار المقامة: «الَّذِى أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ».
جنة المأوى: «أَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ».
الحسنى: «لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ».
المقام الأمين: «إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِى مَقَامٍ أَمِينٍ».
مقعد صدق: «فِى مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ».
النار فى الإسلام.. هاوية سحيقة بسبع طبقات
جهنم فى القرآن هاوية سحيقة لها سبع طبقات أو دركات، مرتبة فوق بعضها البعض، حيث أسفلها أشد حرارة ولهيبًا من أعلاها، وأطلق القرآن عليها أسماء حسب مواقعها فى التسلسل العمودى ودرجة حرارة لهيبها، وللنار أسماء عديدة من بينها:
جهنم: «وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ».
الجحيم: «وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ».
النار: «فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِى وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ».
الحطمة: «كلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِى الْحُطَمَةِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَة».ُ
سقر: «يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِى النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ».
الهاوية: «وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ».