أحكام المكروه
الشيخ عادل يوسف العزازي
أحكام المكروه
معناه لغة:
ضد المحبوب، وهو المبغض.
معناه اصطلاحًا:
كما تقدم فهناك منهجان في التعريف الاصطلاحي، الأول: تعريف بالحقيقة، وهو منهج المناطقة، والثاني تعريف بالثمرة والحكم، وهو منهج الفقهاء، وبيان ذلك فيما يلي:
التعريف الأول: ما طلب الشارع تركه لا على وجه الحتم والإلزام.
التعريف الثاني: ما يثاب تاركه امتثالاً، ولا يعاقب فاعله، وقيل: هو ما تركُه خيرٌ من فعله (روضة الناظر).
مثاله: الالتفات في الصلاة.
مسائل:
الأولى: قد يطلق الأئمة لفظ "الكراهة" ويقصدون به "الحرام"، وهذا غالب في كلام المتقدمين، وقد ورد في النصوص الشرعية هذه الإطلاقات، قال تعالى: ﴿ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَان ﴾ [الحجرات: 7]، وقال تعالى بعد أن ذكر جملة من المنهيات: ﴿ كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ﴾ [الإسراء: 38]، وقد أشار إلى هذا التنبيه ابن القيم في إعلام الموقعين: (وقد غلط كثير من المتأخرين من أتباع الأئمة على أئمتهم بسبب ذلك؛ حيث تورع الأئمة عن إطلاق لفظ التحريم وأطلقوا لفظ الكراهة، فنفى المتأخرون التحريم عما أطلق عليه الأئمة، ثم سهل عليهم لفظ الكراهة وخفت مؤنته عليهم، فحمله بعضهم على التنزيه... فحصل بسببه غلط عظيم على الشريعة وعلى الأئمة) إعلام الموقعين (1/39).
الثانية: المكروه متفاوت في الدرجات، فمنه ما هو في أدنى درجات الكراهة، ومنه ما هو في أعلاها، ويتبين ذلك حسب الصيغة والقرائن.
فأعلى درجات الكراهة المشتبهات لخطرها؛ حيث إنها حاجز بين الحلال والحرام، يوشك من ارتكبها أن يقع في الحرام.
الثالثة: المكروه بالجزء محرم بالكل، فليس للعبد أن يَتمادى في المكروهات بحجة أنها مكروهة، وإن التمادي في ذلك حرام كما بيَّن ذلك الشاطبي في الموافقات.
الرابعة: كما أن المستحبَّ مقدمة للواجب، فإن المكروه مقدمة للحرام؛ لأن مَن اعتاد فعل المكروه هانَ عليه فعل الحرام؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ومَن وقع في الشبهات وقع في الحرام)).
مسألة:
ترك المستحب لا يعني فعلَ الكراهة، فإن فعل المكروه لا يلزم من ترك المستحب، وهذا لا يعني عدم وقوعه.
هل يلزم من ترك المستحب فعل المكروه؟
الجواب: لا يلزم، لكن لا يمنع، فقد يكون تركُه للمستحب فعلاً للمكروه.
مثال: مَن أقام على ترك السلام، فبذل السلام مستحب، لكن لو استمر على ذلك فإنه ترك المستحب ووقع في المكروه.
♦ لا يلزم من ترك المستحب أنه يعود إلى المباح.
♦ لا يلزم من ترك المكروه أنه يعود إلى المستحب.
الألوكة
...............