تبرعوا تبرعك ينقذ حياة للتواصل واتس 00201098455601
دعوة للإنضمام لأسرتنا
لن يستغرق سوى ثوان معدوده _ لن تكتمل سعادة منتدى برامج نت الا بانضمامك اليها

اسم العضو
كلمة السر تأكيد كلمة السر البريد الإلكتروني تأكيد البريد الإلكتروني



هل انت موافق على قوانين المنتدى؟

    

قلعه برامج نت للشروحات    برامج مجانيه 

شرقية سات من اكبر منتديات الدش والريسيفرات وكروت الستالايت والشيرنج


العودة   منتديات برامج سات برامج نت Braamj Sat > برامج نت > الاسلامي مشاهده وتحميل اسلاميات Islamic

الاسلامي مشاهده وتحميل اسلاميات Islamic المواضيع المميزه بالمنتديات الإسلامية منتدى العلوم الشرعية منتدى السيرة النبوية الشريفة منتدى التاريخ الإسلامي منتدى المرأة المسلمة روضة المنتديات الإسلامية بإشراف zoro1 , messaide saadne , عبد العزيز شلبي nadgm ومن احسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين


آخر 30 مشاركات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-12-2016, 09:07 PM   #1
فريق منتدى الدي في دي العربي
مشرف ♥ ♥ برامج سات برامج نت مراقب من خلاله
 
الصورة الرمزية فريق منتدى الدي في دي العربي
 
تاريخ التسجيل: Feb 2016
الدولة: عمان الاردن
المشاركات: 95,289
معدل تقييم المستوى: 104
فريق منتدى الدي في دي العربي is on a distinguished road
افتراضي الخضرمة الفنية ودورها في توثيق الشعر العربي
انشر علي twitter

الخضرمة الفنية ودورها في توثيق الشعر العربي


د. عبدالحميد محمد بدران








لا نبالغ إذا قلنا: إنَّ أعظم أثرٍ للإسلام في الشِّعر يظهر جليًّا في ظاهرة الخضرَمة، بِما أنَّ الإسلام قد أحدثَ انتقالاً زمنيًّا بين مرحلة الجاهليَّة ومرحلة الدعوة الإسلاميَّة، وبما أنَّ الإسلام كان اختبارًا حقيقيًّا لقدرات الشَّاعر الذي يمتلك أدواته الفنِّية، ويستطيع تطويعَها مهما تغيَّر اعتقاده، ومن ثَمَّ فلا بدَّ أن نفرِّق "بين أن نقول: هذا رجل مخضرم، وأن نقول: شاعر مُخَضرم؛ فالأوَّل يُقصَد بخضرمَتِه أنه جمع بين الدِّينَيْن؛ دين الجاهليَّة، ودين الإسلام، بمعنى أنَّه كان يدين بدين الجاهليَّة، ثم جاء الإسلامُ فأسلم، أمَّا حين نتحدَّث عن شخص بوصفه شاعرًا فنقول: إنَّه مخضرم، فهذا يعني - أو ينبغي أن يَعني - أنَّ الخضرمة ليست منصبَّة على تديُّنِه، وإنَّما على شاعريَّته، بمعنى أنَّنا نقصد أنَّ شعره تناولَ العهدين؛ عهد الجاهليَّة، وعهد الإسلام؛ بمعنى أنَّه قال شعرًا في كلا الزَّمنَيْن"[1].



وبِوُسعنا أن نقف على معنى الخضرمة لغويًّا؛ لنقف من خلال هذا المعنى على إمكانيَّة استعمالها كوصفٍ فنِّي له خصوصيته وسِماتُه؛ فابن رَشيق ينقل عن بعض اللُّغويين قائلاً: "قال أبو الحسنِ الأخفشُ: يُقال: ماء خضرم إذا تناهى في الكثرة والسَّعة، فمنه سُمِّي الرَّجل الذي شهد الجاهليَّة والإسلام مخضرمًا، كأنه استوفَى الأمرين".



قال: "ويُقال: أذن مخضرمة إذا كانت مَقْطوعة، فكأنه انقطع عن الجاهليَّة إلى الإسلام، وحَكى ابنُ قتيبة عن عبدالرحمن عن عمِّه، قال: أسلم قومٌ في الجاهليَّة على إبِل قَطعوا آذانَها: فسُمِّي كلُّ مَن أدرك الجاهليَّة والإسلام مخضرمًا.



وأما عليُّ بن الحسين كراع فقد حكَى: شاعر محضرم - بحاء غير معجمة - مأخوذٌ من الحَضْرمة وهي الخَلْط؛ لأنه خلطَ الجاهليَّة بالإسلام"[2].



نحن إذًا أمام ثلاثة معانٍ للجمع بين الجاهليَّة والإسلام، وهي: السَّعة والقطع والخلط، وكلها وثيقةُ الصِّلة بمعنى الخضرمة الفنيَّة التي أشَرْتُ إليها، فالصِّلة "بين الماء المتناهي في الكثرة والسَّعة، وبين المعنى الذي نُريد، هو أن الرَّجل (الشاعر) قد استوفَى الأمرين؛ أمر الجاهلية، وأمر الإسلام، فكان واسِعَ العمر، كثيرَ المشاهد"[3]، والقطع دليلٌ على وجود سِمَة بارزة فيمن أدرك الجاهليَّة والإسلام، كما كان قَطْع الأذن سمةً بارزة في الإبل التي أُعِدَّت لذلك، والخلط دليلٌ على أنَّ الملَكة الشِّعرية، وإمكاناتها الفنيَّة واحدةٌ لدى الشاعر، مهما تغيَّر اعتقادُه، لدرجةٍ يُمكن معها أن نخلط بين ما قاله في الجاهليَّة، وما قاله في الإسلام.



ومن ثَمَّ نستطيع أن نقرِّر أن تمسُّك الشاعر ببعض تقاليده الفنيَّة التي كوَّنَت شاعريته في الجاهليَّة - يعدُّ دليلاً على تمكُّن الشاعر وخضرمته الفنية، وليس دليلاً على أنَّ الإسلام أثَّر في الشِّعر أو لم يؤثِّر؛ لأنَّه قد "أصبح على الشاعر المخضرمِ أن يجمع جمعًا هادئًا، وأن يوفِّق بشكل دقيق بين القدَاسة التي ما زال يَحملها - لا شعوريًّا - للقديم، وذلك الولاء لَمَّا أقرَّ بعجزه عن التنكُّر له، فقد اكتمل لكبار الشُّعراء نضجُهم الفنِّي في عصر الجاهليَّة، ومع هذا النُّضج رسخَت الصُّورة الكاملة للأداة في أذهانهم؛ حيث ملَكوا ناصيتَها، وبلغوا فيها شأوًا عظيمًا من التطويع للفنِّ، واستِخْراج الكثير من طاقاتها الإيحائيَّة حين تَدْخل في مجال الصِّياغة الجماليَّة، وهنا تبدو الأداة وقد تمكَّنَت بدورها من أن تُسيطر على كيان الشُّعراء، كما نشرت ظِلالهَا على العصر كلِّه، فكان الخروجُ عليها أو محاولة رفضها واحدًا من الأمور العسيرة التي لم تتهيَّأ، ولم تُتَح لِكبار شعراء العصر، فما بالنا ببقيَّة الشُّعراء ممن هم دونهم درجة؟"[4].



وغاية ما نُريده هنا هو أنَّنا نستطيع مع استقرار الثَّوابت الفنيَّة للشاعر - أن نستغلَّ هذه الخضرمة فنيًّا، في الفصل في بعض الخلط الذي يقع في نسبة بعض الأبيات الشعريَّة لأكثرَ مِن شاعرٍ من هؤلاء المخضرمين، بما أنَّ هذه الخضرمة تُشبِه الفحولة الشعريَّة المقنَّنة إلى حدٍّ بعيد، بِما أنَّها تستطيع أن تقرِّر للشاعر عديدًا من الثوابت التي يَصْدر عنها في شعره، على مستوى الألفاظ والمعاني والصُّور وربما الإيقاع أيضًا.



وإن كان تركيزُ القدماء على تعريف الخضرمة تعريفًا زمنيًّا - إنَّما يحمل في طيَّاته ذلك التغيُّر الفكريَّ الذي ينشأ عن الانتقال من الجاهليَّة إلى الإسلام، أو ذلك التغيُّر السياسي الذي ينشأ من الانتقال من العصر الأمويِّ إلى العصر العبَّاسي - إن كان كذلك فإنَّ الخضرمة إضافةً إلى كونها ظاهرةً فكريَّة - ينبغي أن يكون لها خصوصيَّة فنِّية تضمُّ القيم الفنيَّة للعصرين اللَّذين عاشَ فيهما الشاعر، بحيث لا يلقَّب بلقب (مخضرم) إلاَّ مَن يظهر في شعره مِثل هذا الدَّمج الفنِّي، وإلاَّ كان ذلك اللَّقب مجازفة واستهانة بقواعد الشِّعر الفنيَّة.



وليس من شكٍّ في أنَّ الزمانيَّة تعدُّ اختبارًا حقيقيًّا لقدرات الشَّاعر على القول، وبخاصة مع تغيُّر المعتقَد، هل يستطيع أو لا؟ ولكن ليس كلُّ من قال في الجاهليَّة والإسلام مخضرمًا، وإنَّما كلُّ مَن استقرَّ سَمْتُ شعرِه قبل الإسلام، وحافظَ عليه في الإسلام، وإلاَّ فما الداعي لأنْ يكون شعراءُ الإسلام في صدر الدَّعوة حسانًا وكعبًا وابنَ رواحة - علمًا بأنَّ صفوف المسلمين كانت تضمُّ غيرَهم؟ ذلك لأنَّ لكلٍّ منهم خصوصيةً في لون معيَّن من أساليب القول، يستطيع أن يقف عليها كلُّ من يقف على قول المصطفَى - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيما رواه مسلمٌ عن عائشة - رضي الله عنها - "أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((اهجوا قريشًا؛ فإنه أشدُّ عليها من رَشْق بالنبل))، فأرسل إلى ابنِ رواحة قال: ((اهجُهم))، فهجاهم، فلم يَرْض، فأرسل إلى كعب بن مالك، ثم أرسل إلى حسَّان بن ثابت، فلمَّا دخل عليه حسَّانُ قال: قد آنَ أن تُرسلوا إلى هذا الأسد الضارب بِذنَبِه، ثم أدلعَ لسانه فجعل يحرِّكه، فقال: والذي بعثَك بالحقِّ لأَفْرينَّهم بلساني فَرْي الأديم، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تعجل؛ فإنَّ أبا بكرٍ أعلمُ قريشٍ بأنسابها، وإنَّ لي فيهم نَسبًا، حتَّى ينجلي لك نسبي))، فأتاه حسَّان، ثم رجع، فقال: يا رسول الله، قد لخص لي نسبَك، والذي بعثك بالحقِّ، لأَسُلَّنَّك منهم كما تُسَلُّ الشعرة من العجين"[5].



فهذه شهادةٌ حقيقيَّة بإجادة حسَّان في الهجاء، وهي إجادةٌ خَشِي منها المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - على نسَبِه، فأرسله إلى سيِّدنا أبي بكرٍ ليلخِّص له نسبه، ويؤكِّد ذلك ما جاء في رواية ابن وهبٍ عن أبي سلمة بن عبدالرحمن: "فكان كعبٌ لا يُحسِن إلاَّ في الحرب، فهَجاهم، فلم يَرْض رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثم أرسل إلى حسَّان، وكان يكره أن يرسل إليه... الحديث"[6].



وفي هذا الحديث شهادةٌ أخرى لتفوُّق كعبٍ في مجال وصف الحرب وعدتها، بينما يظلُّ شِعر ابنِ رواحة دائرًا في فلك التَّعيير بالكفر؛ لأنه في نظره أعظمُ سُبَّةً في جبين المشركين.



ليس ترفًا إذًا أن يَستعين المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - بهؤلاء الثلاثة، طالَما أنَّ لكلٍّ منهم سَمْته وصوته الذي يميِّزه عن صوت الآخرين، فحسَّان بن ثابت كان مَعْنيًّا برصد المثالب النسبيَّة للمشركين حمايةً لأعراض المسلمين، وكعب بن مالكٍ كان معنيًّا برصد المثالب الحربيَّة للمشركين في مقابل التَّركيز على عدَّة المسلمين الحربيَّة، بينما ظلَّ شعر ابنِ رواحة شعرًا هادئًا، يُعنَى بالوصف التقريري، ويَكتفي بتعيير المشركين بالكفر، ويتنبَّأ بندمهم إن لم يتَّبِعوا دعوة النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم.



من خلال هذه الصُّورة الواضحة لِشُعراء الدعوة الإسلاميَّة؛ نستطيع أن نرجِّح نسبة بعض النُّصوص التي تتردَّد نسبتُها بين هؤلاء الشُّعراء؛ فعبدالله بن رواحة هو الذي يقول في غزوة (بدر الآخرة):



وَعَدْنَا أَبَا سُفْيَانَ بَدْرًا فَلَمْ نَجِدْ

لِمِيعَادِهِ صِدْقًا وَمَا كَانَ وَافِيَا




فَأُقْسِمُ لَوْ وَافَيْتَنَا فَلَقِيتَنَا

لَأُبْتَ ذَمِيمًا وَافْتَقَدْتَ الْمَوَالِيَا




تَرَكْنَا بِهِ أَوْصَالَ عُتْبَةَ وَابْنِهِ

وَعَمْرًا أَبَا جَهْلٍ تَرَكْنَاهُ ثَاِويَا




عَصَيْتُمْ رَسُولَ اللهِ أُفٍّ لِدِينِكُمْ

وَأَمْرِكُمُ السَّيْءِ الَّذِي كَانَ غَاوِيَا




فَإِنِّي وَإِنْ عَنَّفْتُمُونِي لَقَائِلٌ

فِدًا لِرَسُولِ اللهِ أَهْلِي وَمَالِيَا




أَطَعْنَاهُ لَمْ نَعْدِلْهُ فِينَا بِغَيْرِهِ

شِهَابًا لَنَا فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ هَادِيَا[7]










فالقصيدة فيها من سمات أُسلوبه ما يَنْطق بنسبتها له؛ فالتَّعيير بعدم الوفاء، وعدم الطاعة لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - والقسَم الذي يُرافقه في جلِّ قصائده، يؤكِّد أنَّها لعبدالله، وليست لكعبٍ كما أنشدَها أبو زيدٍ الأنصاريُّ ابن هشام[8].



كما أنَّنا نرجِّح أن يكون هو القائلَ لَمَّا علم بما أصاب زينبَ بنت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من قريش:



فَأَقْسَمْتُ لاَ تَنْفَكُّ مِنَّا كَتَائِبٌ

سَرَاةٌ خَمِيسٌ فِي لُهَامٍ مُسَوَّمِ[9]




نَزُوعُ قُرَيشَ الكُفْرَ حَتَّى نَعُلَّهَا

بِخَاطِمَةٍ فَوْقَ الأُنُوفِ بِمَيْسَمِ




نُنَزِّلُهُمْ أَكْنَافَ نَجْدٍ وَنَخْلَةٍ

وَإِنْ يُتْهِمُوا بِالْخَيْلِ وَالرَّجْلِ نُتْهِمِ




يَدَ الدَّهْرِ حَتَّى لاَ يُعَوَّجَ سِرْبُنَا

وَنُلْحِقَهُمْ آثَارَ عَادٍ وَجُرْهُمِ




وَيَنْدَمُ قَوْمٌ لَمْ يُطِيعُوا مُحَمَّدًا

عَلَى أَمْرِهِمْ وَأَيْنَ حِينَ تَنَدُّمِ




فَأَبْلِغْ أَبَا سُفْيَانَ إِمَّا لَقِيتَهُ

لَئِنْ أَنْتَ لَمْ تُخْلِصْ سُجُودًا وَتُسْلِمِ




فَأَبْشِرْ بِخِزْيٍ فِي الْحَيَاةِ مُعَجَّلٍ

وَسِرْبَالِ قَارٍ خَالِدًا فِي جَهَنَّمِ








وعلى الرَّغم من أنَّ الأبيات تبدو عنيفةً في الوعيد بعد القسَم - فإنَّها لا تلبث أن تعود إلى الإيمانيَّة الصرفة، فيبدو شاعِرُها وكأنَّه يُخاطب مسلمًا عاصيًا، وعيده مؤجَّل إلى يوم الحساب، ومن ثَمَّ لا أجد مسوِّغًا لِجَزم ابن هشام أنَّها لأبي خيثمة أخي بني سالِمِ بن عوف، في حين تردَّد ابنُ إسحاق في نسبتِها له، أو لعبدالله بن رواحة[10]، وفيها مِن السَّمْت الخاصِّ ما يُرجِّح نسبتها لابن رواحة.



بقي أن أؤكِّد هنا على شيء هام، وهو أنَّ المخضرمَ لا يستطيع أن يغيِّر سَمْتَ شعره؛ طالما استقرَّ له سَمْت، وإلاَّ فلماذا لم يغيِّر ابنُ رواحة من طبيعة شعرِه لما علم أنَّه أهون على المشركين من شِعر صاحِبَيه؟



إنَّ الأمر ليس بِيَد الشاعر؛ لأنَّ ملكتَه الشِّعرية قد وَجَّهت طاقاتها الإبداعيَّة في اتِّجاهٍ بذاته، وقد وردَت إشاراتٌ نقديَّة تؤكِّد مثلَ هذا الصنيع؛ فالأصمعيُّ يقول: "ذهب أميَّة في شعره بعامَّةِ ذِكْرِ الآخرة، وعنترة بعامَّة ذِكْر الحرب"[11].



ليس ذلك لأنَّه لَم يَقُل شيئًا في غيرها، وإنَّما لأنَّ كلَّ شاعرٍ منهما تفنَّن في مجالٍ بحيث استقرَّ له سمتٌ فيه، يميِّزه ربَّما عن كلِّ مَن تحدَّث في هذا المَجال.



ومن خلال ما سبَق، نستطيع أن نقول: إنَّ القصيدة التي نُسِبت إلى حسَّان بن ثابت يَبكي حمزةَ يوم أحُد، والتي مطلعها:



يَا مَيُّ قُومِي فَانْدُبِي

بِسَحِيرَةٍ شَجْوَ النَّوَائِحْ




كَالْحَامِلاَتِ الوَقْرَ بِالثْ

ثَقْلِ الْمُلِحَّاتِ الدَّوَالِحْ




الْمُعْوِلاَتِ الْخَامِشَا

تِ وُجُوهَ حُرَّاتٍ صَحَائِحْ




وَكَأَنَّ سَيْلَ دُمُوعِهَا الْ

أَنْصَابِ تُخْضَبُ بِالذَّبَائِحْ




يَنْقُضْنَ أَشْعَارًا لَهُنْ

نَ هُنَاكَ بَادِيَة الْمَسَايِحْ




وَكَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْ

لٍ بِالضُّحَى شُمْسٌ رَوَامِحْ




مِنْ بَيْنِ مَشْذُورٍ وَمَجْ

زُورٍ يُذَعْذَعُ بِالبَوَارِحْ




يَبْكِينَ شَجْوَ مُسَلَّبَا

تٍ كَدَّحَتْهُنَّ الكَوَادِحْ




وَلَقَدْ أَصَابَ قُلُوبَهَا

مَجَلٌ لَهُ جَلَبٌ قَوَارِحْ




إِذْ أَقْصَدَ الْحَدَثَانُ مَنْ

كُنَّا نُرَجِّي إِذْ نُشَايِحْ [12]










هذه القصيدة ليست لحسَّان بن ثابت في ورد ولا صَدر، فهي ليست موجودةً في معظم نُسَخ الدِّيوان، وقد نصَّ ابنُ هشام على أنَّ أكثر أهل العلم يُنكِرها لحسَّان، كما أنَّ المُتابع لشعر حسَّان يرى أنَّ القصيدة بَعيدةٌ عن نسيج قصائده، وليس الطَّعنُ فيها نتيجةً لضعفها فنيًّا، وإلاَّ فالقصيدة فيها من مقوِّمات الفن ما يَشهد لصاحبها بالشاعريَّة؛ فمقدِّمتها - مثلاً - لا تطاولها مقدِّماتُ قصائد حسَّان بن ثابتٍ أوَّلاً، كما أنَّ طريقتها في حَشْد الصُّور البصريَّة تُخالف طريقته في حشد صُوَرِه، كما أنَّ الشاعر لم يستعرض فيها بعض أحداث الغزوة كعادتِه في شعر الغزوات، ثم إنَّ في القصيدة أيضًا ما يَقوم دليلاً على أنَّ المَرْثيَّ ليس حمزةَ بن عبدالمطلب، وإنما هو حمزة آخَر، فالشاعر يقول:



ذَكَّرْتَنِي أَسَدَ الرَّسُولِ

وَذَاكَ مِدْرَهُنَا الْمُنَافِحْ[13]










فمن أين يكون هو حمزة، وهو يذكِّر الشاعرَ بحمزة أسدِ الله ورسولِه؟ ومن ثَمَّ نرجِّح أن القصيدة ليست لحسَّان، وإنَّما هي مَنْحولة عليه، وأغلب الظَّن أنَّها قيلت في العصر الأمويِّ بعد فتنة عليٍّ ومعاوية.





المَراجع:

"أشكال الصِّراع في القصيدة العربية": د/ عبدالله التطاوي - مكتبة الأنجلو المصرية - 1991/ 1992م.

"خزَانة الأدب": عبدالقادر البغدادي - تحقيق: عبدالسلام هارون - الهيئة المصريَّة العامة للكتاب - 1979م.

ديوان عبدالله بن رواحة - جمع وتحقيق: د/ حسن باجودة - دار التُّراث - 1972م.

"سبل الهدى والرشاد" محمد بن يوسف الصالحي - المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.

"السيرة النبوية": أبو محمَّد عبدالملك بن هشام المعافري - دار المنار - الثانية - 1994م.

"شعر المخضرَمين": د/ يحيى الجبوري - مكتبة النهضة - بغداد - الأولى 1964م.

"الشعراء المخضرمون": د/ عبدالحليم حفني - الهيئة المصرية العامة للكتاب 1983.

"صحيح مسلم بشرح النووي" - تحقيق: عصام الصبابطي وآخرين - دار الحديث - الرابعة 2001م.

"العمدة": ابن رشيق القيرواني - تحقيق: محمد محيي الدين عبدالحميد - دار الجيل - الخامسة 1981م.





[1] الشعراء المخضرمون: د / عبد الحليم حفني – الهيئة المصرية العامة للكتاب1983- ﺻ 19، 20.




[2] العمدة 1 / 113، 114.




[3] شعر المخضرمين: د / يحيى الجبوري –مكتبة النهضة – بغداد – الأولى 1964م - ﺻ 54،55.




[4] أشكال الصراع في القصيدة العربية: د / عبد الله التطاوي –مكتبة الانجلو المصرية- 1991/1992م - ﺻ 357.




[5] صحيح مسلم 16 / 49 – برقم 157.




[6] سبل الهدى 9 / 475.




[7] ديوان عبد الله بن رواحة - ﺻ 109.




[8] السيرة النبوية: 3 / 124.




[9] الخميس: الجيش، اللهام: الكثير.




[10] ينظر: السيرة النبوية 2 / 571، وديوان عبد الله بن رواحة - ﺻ 105.




[11] خزانة الأدب: البغدادي 1 / 247.




[12] سبل الهدى 4 / 346، وشجو: حزن، والملحات: الثابتات، الدوالح: المثقلات، المعولات: الباكيات بصوت، الأنصاب: حجارة كان يذبح عليها، المسابح: مالم يمشط من الشعر، شمس: نوافر، روامح: تدفع بأرجلها، مجزور: مذبوح، يذعذع: يفرق، البوارح: الرياح، مسلبات: من لبسن ثياب الحزن، الكوادح: نوائب الدهر، مجل: جرح فيه ماء، جلب: قشر الجرح، قوارح: موجعات، أقصد: أصاب، الحدثان: حوادث الدهر، نشايح: نحذر.




[13] سبل الهدى 4 / 346.









__________________

من مواضيع فريق منتدى الدي في دي العربي

فريق منتدى الدي في دي العربي متواجد منذ قليل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

 
أخر الموضوعات
- بواسطة zoro1
- بواسطة zoro1
- بواسطة zoro1
- بواسطة zoro1
- بواسطة zoro1
- بواسطة zoro1
- بواسطة Hosam1000
- بواسطة روايدا
- بواسطة Hosam1000
- بواسطة Hosam1000
- بواسطة Hosam1000
- بواسطة Hosam1000
- بواسطة Hosam1000
- بواسطة Abo Zayed
- بواسطة Abo Zayed

استطلاع
ما هى الاقتراحات التى تريد أن تقدمها لتطوير خدمات و تصميم شبكة عالم الانترنت
هذا التصويت مفتوح (مرئي) للجميع: كافة الأعضاء سيشاهدون الإختيار الذي قمت بتحديده ، فيرجى الإنتباه إلى هذه النقطة .

إعلانات
فيسبوك

إدعموا منتدى الدي في دي في ترتيب أليكسا :: الدال على الخير كفاعله ::حديث نبوي صحيح::

إدعموا الدي في دي في ترتيب أليكسا :: الدال على الخير كفاعله ::

فيسبوك

لوحة اعلانية
::صفحات صديقة :: معهد ترايدنت :: منتدى برامج نت :: برامج المشاغب - ملتقى العلماء وطلبة العلم - الريان تيوب - جريدة الديار -عمال مصر- قهوة الصحفيين - جريده اخبار بتروجت :: للإعلان :: واتس 00201558343070 بريد إلكتروني [email protected] أو يمكن التواصل معنا مباشرة عبر نموذج الاتصال بنا علي الرابط الآتي https://dvd4araab.com/vb/sendmessage.php للتواصل عبر الواتس https://chat.whatsapp.com/Bekbfqlef3ZInj31Jhk99j


تنبيه للاعضاء تود إدارة المنتدى ان تؤكد لكافة الاخوة الاعضاء بانه يمنع نشر أي مادة إعلامية تسيء للاديان أو تدعو للفرقة المذهبية او للتطرف ، كما يحظر نشر الاخبار المتعلقة بانشطة الارهاب بكافة اشكاله اوالدعوة لمساندته ودعمه، حيث ان ذلك يعتبر خروج صريح عن سياسة المنتدى ، كما قد يعرض المشارك الى المساءلة النظامية من الجهات الرسمية ذات العلاقة، شاكرين ومقدرين للجميع حسن التزامهم باهداف ومبادىء المنتدى.


الساعة الآن 09:53 PM

converter url html by fahad

 



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Adsense Management by Losha

هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

Developed By Marco Mamdouh
Please seek an excuse for DVD FORUM it is not responsible for the coming of topics by members and put the responsibility entirely on the subject's owner , DVD FORUM is open forum for members to put different subjects in striving for a review of topics, according to general laws for the protection of property . If there are any company or institution has a problem with one of the topics, please contact us. DVD FORUM is not responsible for any topics written within the forum. Only the author of the topic bears full responsibility for the topic he submitted. If you encounter any problem arises in the content, please email us

Security team

DMCA.com Protection Status

هذا الموقع يستعمل منتجات MARCO1

All Rights Reserved WaelDesign © 2010/2011

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303