مديح بلا عمل
أ. أريج الطباع
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشعُر في كثيرٍ من الأحيان بتلقِّي كمٍّ هائلٍ من المديح الشَّخصي، علمًا بأنَّني مُتراجعٌ إيمانيًّا من ضغط الواقع، أو لا أدري هل هو استدراجٌ ربانيٌّ؟ وأحيانًا لا أُوفَّقُ في كثيرٍ من أمور الدنيا فأقول: هذه بهذه.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أنت أكثر شخصٍ يمكنك أنْ تعرفَ نفسك، وتُميِّز بين المدح إنْ كان صادقًا، ومن عاجل بُشرَى المؤمن، أو العكس إن كان فتنةً عليك.
لكن انتَبِه، لا تُركِّزُ كثيرًا على الأمر، فتُوَسوس به بطريقةٍ تعوقُك عن العمَل؛ حيث إنَّ الشيطان كثيرًا ما يُحاوِلُ إحباطنا وإدخال الحُزن لقُلوبنا؛ ليعوقنا عن العمل الحقيقي الفاعل!
غيِّر طريقةَ تفكيرِك، وركِّز على الإخلاص في عملك، وعلى أنْ تحتسب الأجرَ، حتى في ضُغوط الحياة التي تعيشُها، الإيمانيَّات لا تنفصلُ عن الحياة، بل تُصاحِبُها، وتدخل الراحة بها حينما نربطُها بِمُراقَبة الله وبعِمارة الأرض.
احرِصْ على أنْ تُجدِّد نيَّتك باستِمرار، وعلى أنْ يكون لك وِرْدٌ من الأذْكار يُذكِّرك بذلك، أكثِرْ من الدعاء والاستغفار، حتى وأنت في عمَلِك الدُّنيوي؛ فذلك يعينُك كثيرًا.
حينما يمدَحُك الآخَرون فادعُ بما كان يدعو به الصِّدِّيقُ - رضِي الله عنه - حينما يُمدَح: "اللهمَّ أنت أعلمُ بي من نفسي، وأنا أعلمُ بنفسِي منهم، اللهمَّ اجعلني خيرًا ممَّا يظنُّون، واغفِرْ لي ما يعلمون، ولا تُؤاخِذني بما يقولون".
حُبُّ الناس وقبولهم هبةٌ من الله، فإنْ أنعَمَ الله بها عليك، فاغتَنِمْها وأعطِها حقَّها؛ بأنْ تستفيدَ من ذلك بسُلوك مُؤثِّر فيمَن حولك، وبأنْ تصدَعَ بالحقِّ، ولا تخشى لومَ اللائِمين في الله، وأنْ تُراقب عملَك بخلوتِك وجلوتِك، وأنْ تنتبه ألا يزيد بمدحٍ ولا ينقص بذَمٍّ!
سواء كان المدحُ من عاجِل البُشرَى أم من الاستِدراج، فبكلِّ الأحوال عليك أنْ تُراقِبَ نفسَك أكثر معه، وألا تجعله سببًا لتَراجُعِك، بل العكس؛ تغتنمه بطريقة تُقرِّبُك أكثرَ من الله، وتجعَلُك أكثر حِرصًا، وهذا ما لمستُه من كلماتك؛ حيث تبدو حَرِيصًا، لكن فقط عليك أنْ تربط إيمانيَّاتك بكلِّ جوانب حَياتك.
وفَّقك الله ونفَعَ بك.