لئلا يضيعَ دقيقُ العلم
حسين عبد الرازق
لطلاب العلم عموما وطلاب البرامج العلمية على الإنترنت خصوصا
من أعظم القواعد التي وقعت عيني عليها في أول عام لي في طلب العلم:قول الإمام الشافعي رحمه الله:
((مَن تعلَّمَ عِلمًا فليُدقِّقْ فيه لئلا يضيعَ دقيقُ العلم))
فأقول لكم:
عددٌ كبير جدا من شباب الإسلام يشعرون بالمسؤولية ويطلبون الخير ويلتحقون ببرامج علمية متنوعة ولله الحمدُ
نصيحتي التي أكررها لهم كثيرا:
لابد أن يكون منكم مجموعة تُعنى بالتأصيل( التأصيل) العلمي: الشرعي والفكري
يطلبون فيه التخصص والتدقيق والتوسّع ما استطاعوا
ولا يكتفون بهذه البرامج-التي مع نفعها الكبير-لم تكن لتبلغ بهم، إذا لم يتعبوا ويشتغلوا على أنفسهم ويُطوروا أنفسهم ويصبروا.
فالوسط العلمي الشرعي والفكري بحاجة ماسّة إلى الكفاءات المُتقنة في كل تخصص فمن وجد في نفسه إرادة وعزما وميلًا لذلك فلا يعدل عنه، ولْيستثمر وقته وشبابه في التأصيل والتدقيق وتنمية المهارات وتزكية النفس، وليصبرْ وليستعن بالله.. فواللهِ سيُحتاج إليه وسيَسُد بابا من أبواب الإصلاح غُفِل عنه كثيرا في هذا العصر
فأكثر الطلبة يدرسون بسطحية وغايتهم ثقافة عامة ومحبة للخير وعاطفة وانبهار... وغارقون في التريندات والأخبار
ولا يصنعون شيئا كبيرا
ولا يستخرجون واحدا بالمائة من قُدراتهم..
واحمَدِ اللهَ أنه يوجد من يعلّم ويسد تلك الأبواب عنك هذه الأيام
لتُعِدّ وتستعِد وتتكوَّن
وهذا ليس هروبا من الواقع ولا تخاذلا.. بالعكس هذا عينُ الصواب
هذا هو حُسن الإعداد الذي يجعلُك تملأ مكانك بإذن الله
والناسُ كإبلٍ مائة لا تكاد تجد فيها راحِلة..
فما أقل النابغين الذين يملؤون مكانهم ويُعتمَدُ عليهم في بابهم.
***
وقريبا من هذا المعنى قال عبدالقاهر الجرجاني رحمه الله:
((واعلمْ أنك لا تَشفِي العلةَ
ولا تنتهي إلى ثَلَجِ اليقين حتى :
- تتجاوزَ حدَّ العلمِ بالشيء مُجملا إلى العلم به مفصلا
- وحتى لا يُقنِعَك إلا النظرُ في زواياه، والتغلغلُ في مكامنه
- وحتى تكونَ كمنْ تتبَّعَ الماءَ حتى عَرفَ منبعَه
وانتهى في البحث عن جوهر العود الذي يُصنع فيه إلى أن يعرف مَنبتَه ومَجرى عروق الشجر الذي هو منه ))