وقوع المعصية من بني آدم قد يرجع لأسباب عديدة، منها الشيطان والهوى والنفس الأمارة بالسوء، فعلى القول بتصفيد عموم الشياطين في رمضان، فإن المعصية قد تقع بسبب تسويل النفس لصاحبها، قال السندي في حاشيته على سنن النسائي عند قوله صلى الله عليه وسلم: وصفدت الشياطين : ولا ينافيه وقوع المعاصي، إذ يكفي وجود المعاصي شرارة النفس وخبائثها، ولا يلزم أن تكون كل معصية بواسطة شيطان، وإلا لكان لكل شيطان شيطان ويتسلسل، وأيضاً معلوم أنه ما سبق إبليس شيطان آخر، فمعصيته ما كانت إلا من قبل نفسه، والله تعالى أعلم. انتهى.
وهناك توجيهات أخرى للحديث ذكرها الباجي في شرح الموطأ، حيث يقول: قوله وصفدت الشياطين يحتمل أن يريد به أنها تصفد حقيقة، فتمتنع من بعض الأفعال التي لا تطيقها إلا مع الانطلاق، وليس في ذلك دليل على امتناع تصرفها جملة، لأن المصفد هو المغلول العنق إلى اليد يتصرف بالكلام والرأي وكثير من السعي، ويحتمل أن هذا الشهر لبركته وثواب الأعمال فيه وغفران الذنوب تكون الشياطين فيه كالمصفدة، لأن سعيها لا يؤثر، وإغواءها لا يضر... ويحتمل أن يريد صنفاً من الشياطين يمنعون التصرف جملة، والله أعلم وأحكم. انتهى.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الذين يصفدون من الشياطين مردتهم، فعلى هذا فقد تقع المعصية بوسوسة من لم يصفد من الشياطين.
وتراجع الفتوى رقم:
34105لمزيد الفائدة.
والله أعلم.