الاسلامي مشاهده وتحميل اسلاميات Islamicالمواضيع المميزه بالمنتديات الإسلامية منتدى العلوم الشرعية منتدى السيرة النبوية الشريفة منتدى التاريخ الإسلامي منتدى المرأة المسلمة روضة المنتديات الإسلامية
بإشراف zoro1 , messaide saadne , عبد العزيز شلبي nadgm
ومن احسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين
من توحيد الاسماء والصفات الاستفصال في معاني الالفاظ المجملة والتوقف فيها
من توحيد الاسماء والصفات الاستفصال في معاني الالفاظ المجملة والتوقف فيها
مسائل أحدثها المتكلمون
" الكلمات المُجْمَلة "
يَرِدُ في كتب العقائد مصطلح ( الكلمات المجملة ) .
فما المقصود بها ؟ وما معنى كونها مجملة ؟ وما المراد من إطلاقها ؟ وما الذي دعى إلى إطلاقها ؟ وهل وردت في الكتاب والسنة ؟ وما طريقة أهل السنة في التعامل مع هذه الألفاظ ؟
والإجابة عن هذه الأسئلة تكون على النحو التالي :
أ - المقصود بالكلمات المجملة : أنها ألفاظ يطلقها أهل التعطيل .
أو : هي مصطلحات أحدها أهل الكلام .
ب - ومعنى كونها مجملة : لأنها تحتمل حقاً وباطلاً .
أو يقال : لأنها ألفاظ مُشتركة بين معانٍ صحيحة ، ومعانٍ باطلة . أو يقال لخفاء المراد منها ؛ بحيث لا يدرك بنفس اللفظ إلا بعد الاستفصال والاستفسار .
ج - ومراد أهل التعطيل من إطلاقها : التوصل إلى نفي الصفات عن الله ـ تعالى ـ بحجة تنزيهه عن النقائص .
د - والذي دعاهم إلى ذلك : عجزهم عن مقارعة أهل السنة بالحجة ؛ فلجؤوا إلى هذه الطريقة ؛ ليخفوا عوارهم ، وزيفهم .
هـ - وهذه الألفاظ لم ترد لا في الكتاب ، ولا في السنة ؛ بل هي من إطلاقات أهل الكلام .
و - وطريقة أهل السنة في التعامل مع هذه الكلمات : أنهم يتوقفون في هذه الألفاظ ؛ لأنه لم يرد نفيها ولا إثباتها في الكتاب والسنة ؛ فلا يثبتونها ، ولا ينفونها .
أما المعنى الذي تحت هذه الألفاظ فإنهم يستفصلون عنه ، فإن كان معنى باطلاً يُنَزَّه الله عنه رَدُّوه ، وإن كان معنى حقاً لا يمتنع على الله قبلوه ، واستعملوا اللفظ الشرعي المناسب للمقام .
وإليك فيما يلي نماذج وأمثلة لبعض الألفاظ المجملة :
1- الجهة .
2- الحدَّ .
3- الأعراض .
4- الأبعاض أو الأعضاء والأركان والجوارح .
5- حلول الحوادث بالله ـ تعالى ـ .
6- حلول الحوادث بالله ـ تعالى ـ .
7- التسلسل .
وإليك فيما يلي تفصيلاً لهذه الألفاظ ، وما يراد بها ، وجواب أهل السنة المفصل على ذلك .
دراسة موجزة لبعض الكلمات المُجْملة
أولاً ـ الجهة : هذه اللفظة من الكلمات المجملة التي يطلقها أهل التعطيل ، فما معناها في اللغة ؟ وما مرادهم من إطلاقها ؟ وما التحقيق في تلك اللفظة ؟ وهي هي ثابتة لله ، أو منفية عنه ؟
أ - معنى الجهة في اللغة : تطلق على الوضع الذي تتوجه إليه ، وتقصده ، وتطلق على الطريق ، وعلى كل شيء استقبلته ، وأخذت فيه .
ب - ومراد أهل التعطيل من إطلاق لفظ الجهة : نفي صفة العلو عن الله ـ عز وجل ـ .
ج - والتحقيق في هذه اللفظة : أن يقال : إن إطلاق لفظ الجهة في حق الله ـ سبحانه وتعالى ـ أمر مبتدع لم يرد في الكتاب ولا السنة ، ولا عن أحد من سلف هذه الأمة .
وبناء على هذا لا يصح إطلاق الجهة على الله ـ عز وجل ـ لا نفياً ولا إثباتاً ، بل لابد من التفصيل ؛ لأن هذا المعنى ـ يحتمل حقاً ويحتمل باطلاً .
فإن أريد بها جهة سفل فإنها منتفية عن الله ، وممتنعة عليه ـ أيضا ؛ فإن الله أعظم وأجل من أن يحيط به شيء من مخلوقاته ، كيف وقد وسع كرسيه السموات والأرض ؟
وإن أريد بالجهة أنه في جميع الجها ، وأنه حالٌّ في خلقه ، وأنه بذاته في كل مكان ـ فإن ذلك بالحل ممتنع على الله ، منتفٍ في حقه .
وإن أريد نفي الجهة عن الله ـ كما يقول أهل التعطيل ـ حيث يقولون : إن الله ليس في جهة ، أي ليس في مكان ، فهو لا داخل العالم ، ولا خارجة ، ولا متصل ، ولا منفصل ، ولا فوق ، ولا تحت ـ فإن ذلك ـ أيضاً ـ ممتنع على الله منتفٍ في حقه ؛ إذ إن ذلك وصف له بالعدم المحض .
وإن أريد بالجهة أنه في جهة علوٍّ تليق بجلاله ، وعظمته من غير إحاطة به ، ومن غير أن يكون محتاجاً لأحد من خلقه ـ فإن ذلك حق ثابت له ، ومعنى صحيح دلت عليه النصوص ، والعقول ، والفطر السليمة .
ومعنى كونه في السماء ، أي في العلو ، أو أن " في " بمعنى على ، أي على السماء ، كما قال ـ تعالى ـ : ( وَلأصَلِّبَنَّك ُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ) [طه : 71] أي على جذوع النخل .
وبهذا التفصيل يتبين الحق من الباطل في هذا الإطلاق .
أما بالنسبة للفظ فكما سبق لا يثبت ولا ينفي ، بل يجب أن يستعمل بدلاً عنه اللفظ الشرعي ، وهو العلو ، والفوقية .
ثانياً ـ الحد : وهذا ـ أيضاً ـ من الألفاظ المجملة التي يطلقها أهل التعطيل .
فما معنى الحد في اللغة ؟ وماذا يريد أهل التعطيل من إطلاقه ؟ وما شبهتهم في ذلك ؟ وما جواب أهل السنة ؟
أ - معنى الحد في اللغة : يطلق على الفَصْل ، والمنع ، والحاجز بين الشيئين الذي يمنع اختلاط أحدهما بالآخر .
يقال : حددت كذا ، جعلت له حداً يميزه .
وجد الدار ما تتميز به عن غيرها ، وحد الشيء : الوصف المحيط بمعناه ، المميز له عن غيره .
ب - وأهل التعطيل يريدون من إطلاق لفظ ( الحد ) نفي استواء الله على عرشه .
ج - وشبهتهم في ذلك : أنهم يقولون : لو أثبتنا استواء الله على عرشه للزم أن يكون محدوداً ؛ لأن المستوى على الشيء يكون محدوداً ؛ فالإنسان ـ مثلاً ـ إذا استوى على البعير صار محدوداً بمنطقة معينة ، محصوراً بها ، وعلى محدود ـ أيضاً ـ .
وبناء على ذلك فهم ينفون استواء الله على عرشه ويرون أنهم ينزهون الله ـ عز وجل ـ عن الحد ، أو الحدود .
د ـ جواب أهل السنة : أهل السنة يقولون :
إن لفظ ( الحد ) لم يرد في الكتاب ، ولا في السنة ، ولا في كلام سلف الأمة ؛ فهو ـ إذاً ـ لفظ مبتدع حادث .
وليس لنا أن نصف الله بما لم يصف به نفسه ، ولا وصفه به رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا نفياً ، ولا إثباتاً ، وإنما نحن متبعون لا مبتدعون .
هذا بالنسبة للفظ .
أما بالنسبة للمعنى فإننا نستفصل ـ كعادتنا ـ ونقول ماذا تريدون بالحد ؟
إن أردتم بالحد أن الله ـ عز وجل متميز عن خلقه ، منفصل عنهم ، مباين لهم ـ فهذا حق ليس فيه شيء من النقص ، وهو ثابت لله بهذا المعنى .
وإن أردتم بكونه محدوداً أن العرش محيط به وأنتم تريدون نفي ذلك عنه بنفي استوائه عليه ـ فهذا باطل وليس بلازم صحيح ؛ فإن الله ـ تعالى ـ مستوٍ على عرشه ، وإن كان ـ عز وجل ـ أكبر من العرش ومن غير العرش .
ولا يلزم من كونه مستوياً على العرش أن يكون العرش محيطاً به ؛ لأن الله ـ عز وجل ـ أعظم من كل شيء ، وأكبر من كل شيء ، والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة ، والسموات مطويات بيمينه .
ثالثاً ـ الأعراض : هذا اللفظ من الألفاظ المجملة التي يطلقها أهل الكلام ومن أقوالهم في ذلك : " نحن نُنَزِّه الله ـ تعالى ـ من الأعراض والأغراض ، والأبعاض ، والحدود ، والجهات " .
ويقولون : " سبحان من تنزه عن الأعراض والأغراض والأبعاض " .
والحديث في الأسطر التالية سيكون حول لفظ ( الأعراض ) . أما بقية الألفاظ فسيأتي ذكرها فيما بعد .
أ - تعريف الأعراض في اللغة : الأعراض جمع عَرَض ، والعَرض هو ما لا ثبات له .
أو هو : ما ليس بلازم للشيء .
أو هو : ما لا يمتنع انفكاكه عن الشيء .
ومن الأمثلة على ذلك : الفرح بالنسبة للإنسان فهو عَرَض ؛ لأنه لا ثبات بل هو عارض يعرض ويزول .
وكذلك الغضب ، والرضا .
ب - العَرَض في اصطلاح المتكلمين : قال الفيومي : " العَرَض عند المتكلمين ما لا يقوم بنفسه ، ولا يوجد إلا في محل يقوم به " .
وقال الراغب الأصفهاني : " والعرض ما لا يكون له ثبات ، ومنه استعار المتكلمون العَرَض لما لا ثبات له إلا بالجوهر كاللون والمطعم .
ج - ما مراد المتكلمين من قولهم : " إن الله منزه عن الأعراض ؟ " : مرادهم من ذلك نفي الصفات عن الله ـ تعالى ـ لأن الأعراض عندهم هي الصفات .
د - ما شبهتهم ؟ : يقولون : لأن الأعراض لا تقوم إلا بالأجسام ، والأجسام متماثلة ؛ فإثبات الصفات يعني أن الله جسم ، والله منزه عن ذلك وبناء عليه نقول : بنفي الصفات ؛ لأنه يترتب على إثباتها التجسيم ، وهو وصف الله بأنه جسم ، والتجسيم تمثيل ، وهذا كفر وضلال ، هذه هي شبهة المتكلمين .
هـ - الرد على أهل الكلام في هذه المسألة : الرد عليهم من وجوه :
1 / أن لفظة " الأعراض " لم ترد في الكتاب ولا في السنة لا نفياً ولا إثباتاً ، ولم ترد ـ كذلك ـ عن سلف الأمة .
وطريقة أهل السنة المعهودة في مثل هذه الألفاظ التوقف في اللفظ ، فلا نثبت الأعراض ، ولا ننفيها .
أما معناها فيُستَفْصَل عن مرادهم في ذلك ويقال لهم : إن أردتم بالأعراض ما يقتضي نقصاً في حق الله ـ تعالى ـ كالحزن ، والندم ، والمرض ، والخوف ، فإن المعنى صحيح ، والله منزه عن ذلك ؛ لأنه نقص ، لا لأنها أعراض .
وإن أردتم نفي ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الصفات كالغضب ، والفرح ، والرضا ، ونحوها بحجة أنها أعراض ـ فإن ذلك باطل مردود ، ولا يلزم من إثباتها أي لازم .
3 / أن قولكم : " إن الأعراض لا تقوم إلا بجسم " قول باطل ؛ فالأعراض قد تقوم بغير الجسم كما يقال : ليل طويل ، فقولنا : طويل ، وصف لـ : ليل ، والليل ليس بجسم ، ومثل ذلك : حر شديد ، ومرض مؤلم ، وبرد قارس .
4 / أن القول بتماثل الأجسام قول باطل ؛ فالأجسام غير متماثلة لا بالذوات ولا بالصفات ، ولا بالحدوث ؛ ففي الحجم تختلف الذرَّة عن الجمل ، وفي الوزن يختلف جسم القيراط عن جسم القنطار ، وفي الملمس يختلف الخشن عن الناعم ، واللين عن القاسي ، وهكذا .
5 / أن لفظ الجسم من إحداث المتكلمين ، وهذا اللفظ كقاعدة الألفاظ المجملة ؛ فإن كان إثبات الصفات بلزم منه أن يكون جسماً في مفهومك فليس ذلك يضيرنا .
لكن إن أردت بالجسم الشيء القائم بنفسه المتصف بما يليق به فهذا حق لأننا نؤمن بأن لله ذاتاً موصوفة بالصفات اللائقة بها .
ف هذا المعنى فيصح .
وإن أردت بالجسم الشيء المكوَّن من أعضاء ، ولحم ودم المفتقر بعضه إلى بعض وما أشبه ذلك ـ فباطل غير صحيح ؛ لأنه يلزم أن يكون الله حادثاً أو مُحْدَثاً . وهذا أمر مستحيل ، على أننا لا نوافق على إثبات الجسم ، ولا نفيه
رابعاً : الأبعاض : أو الأعضاء ، أو الأركان ، أو الجوارح : وهذه أيضاً من الكلمات المجملة التي تطلق وتحتمل حقاً وباطلاً ؛ فإليك نبذة في معانيها ، ومقصود أهل التعطيل من إطلاقها وجواب أهل السنة على تلك الدعوى .
أ - معاني هذه الكلمات : معاني هذه الكلمات متقاربة من بعض .
• فالأبعاض : جمع لكلمة بعض ، يقال : بعض الشيء أي جزؤه ، وبعّضْتُ كذا أي جعلته أبعاضاً .
• والأركان : جمع ركن ، وركن الشيء قوامه ، وجانبه القوي الذي يتم به ، ويسكن إليه .
• والأجزاء : جمع جزء ، والجزء ما يتركب الشيء عنه وعن غيره ، وجزء الشيء ما يتقوم به جملتُه كأجزاء السفينة ، وأجزاء البيت .
• والجوارح : مفردها الجارحة ، وتسمى الصائدة من الكلاب والفهود والطيور جارحة ؛ إما لأنها تجرح ، وإما لأنها تكسب .
وسميت الأعضاء الكاسبة جوارح تشبيهاً بها لأحد هذين .
• ويشبه هذه الألفاظ لفظ : الأعضاء ، والأدوات ، ونحوها .
ب - مقصود أهل التعطيل من إطلاقها : مقصودهم نفي بعض الصفات الذاتية الثابتة بالأدلة القطعية ، كاليد ، والوجه ، والساق ، والقدم والعين .
ج - ما الذي دعاهم إلى نفيها ؟ : الذي دعاهم إلى نفي تلك الصفات هو اعتقادهم أنها بالنسبة للمخلوق أبعاض ، وأعضاء ، وأركان ، وأجزاء ، وجوارح وأدوات ونحو ذلك ، فيرون ـ بزعمهم ـ أن إثبات تلك الصفات لله يقتضي التمثيل ، والتجسيم ؛ فوجب عندهم نفيها قراراً من ذلك . وقد لجؤوا إلى تلك الألفاظ المجملة لأجل أن يروج كلامهم ويلقى القبول .
د - جواب أهل السنة : أهل السنة يقولون : إن هذه الصفات وإن كانت تعد في حق المخلوق أبعاضاً ، أو أعضاءً ، وجوارح ونحو ذلك لكنها تعدُّ في حق الله صفات أثبتها لنفسـه ، أو أثبتها لـه رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلا نخوض فيها بآرائنا وأهوائنا ، بل نؤمن بها ونُمرُّها كما جـاءت ونفوض كنهها وحقيقتها إلى الله ـ عز وجل ـ لعدم معرفتنا لحقيقة الذات ؛ لأن حقيقة معرفة الصفة متوقفة على معرفة حقيقة الذات كما لا يخفى وهذه الصفات ـ أعني اليد ، والساق ونحوها وكثير من صفات الله ـ قد تشترك مع صفات خلقه في اللفظ
وبمجرد إضافتها تختص صفات الخالق ، وصفات المخلوق بالمخلوق ؛ فصفات الخالق تليق بجلاله وعظمته وربوبيته ، وقيومته .
وصفات المخلوق تليق بحدوثه ، وضعفه ، ومخلوقيته .
وبناء على ذلك يقال لمن يطلق تلك الألفاظ المجملة السالفة : إن أردت أن تنفي عن الله ـ عز وجل ـ أن يكون جسماً ، وجثة وأعضاء ، ونحو ذلك ـ فكلامك صحيح ، ونفيك في محله .
وإن أردت بذلك نفي الصفات الثابتة له والتي ظننت أن إثباتها يقتضي التجسيم ، ونحو ذلك من اللوازم الباطلة ـ فإن قولك باطل ، ونفيك في غير محله .
هذا بالنسبة للمعنى .
أما بالنسبة للفظ فيجب ألا تعْدِل عن الألفاظ الشرعية في النفي أو الإثبات ؛ لسلامتها من الاحتمالات الفاسدة .
يقول شارح الطحاوية ـ رحمه الله ـ : " ولكن لا يقال لهذه الصفات إنها أعضاء ، أو جوارح ، أو أدوات ، أو أركان ؛ لأن الركن جزء الماهية ، والله ـ تعالى ـ هو الأحد ، الصمد ، لا يتجزأ ـ سبحانه وتعالى ـ والأعضاء فيها معنى التفريق والتعضية ، تعالى الله عن ذلك ، ومن هذا المعنى قوله ـ تعالى ـ : ( الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) [الحجر : 91] .
والجوارح فيها معنى الاكتساب والانتفاع ؛ وكذلك الأدوات هي الآلات التي ينتفع بها في جلب المنفعة ودفع المضرة .
وكل هذه المعاني منتفية عن الله ـ تعالى ـ ؛ ولهذا لم يرد ذكرها في صفات الله ـ تعالى ـ فالألفاظ الشرعية صحيحة المعاني ، سالمة من الاحتمالات الفاسدة ، فكذلك يجب أن لا يُعدل عن الألفاظ الشرعية نفياً ولا إثباتاً لئلا يثبت معنى فاسد ، وأن ينفى معنى صحيح .
وكل هذه الألفاظ المجملة عرضة للمحق والمبطل " .
خامساً : الأغراض : وهذا ـ أيضاً ـ من إطلاقات المتكلمين ، وإليك بعض التفصيل في هذا اللفظ .
أ - الأغراض في اللغة : جمع غرض ، والغرض هو الهدف الذي يرمي فيه ، أو هو الهدف الذي ينصب فيرى فيه .
والغرض يطلق في اللغة ـ أيضاً ـ على الحاجة ، والبغية ، والقصد .
ب - الغرض في اصطلاح علماء الكلام : قيل هو ما لأجله يصدر الفعل من الفاعل .
وقال الجلا الدوائي : " الغرض هو الأمر الباعث للفاعل على الفعل ، وهو المحرك الأول ، وبه يصير الفاعل فاعلاً " .
وبذلك نرى توافق المعنى اللغوي والاصطلاحي للغرض ، وأنه غاية الفاعل من فعله ، وهو الباعث له على فعله .
ج - ماذا يريد أهل الكلام بهذه اللفظة ؟ : يريدون إبطال الحكمة في أفعال الله ـ عز وجل ـ وشرعه .
د - حجتهم في ذلك : يقول المتكلمون ـ وعلى وجه الخصوص الأشاعرة ـ إننا ننزه الله عن الأغراض فلا يكون له غرض فيما شرعه أو خلقه ؛ فأبطلوا الحكمة من ذلك ، وقرروا أن الله لم يشرع إلا لمجرد مشيئته فحسب ؛ فإذا شاء تحريم شيء حرَّمه ، أو شاء إيجابه أوجبه .
وقالوا : لو قررنا أن له حكمة فيما شرعه لوقعنا في محذورين :
الأول : أنه إذا كان لله غرض فإنه محتاج إلى ذلك الغرض ؛ ليعود عليه من ذلك منفعة ، والله منزه عن ذلك .
والثاني : أننا إذا عللنا الأحكام ـ أي أثبتنا الحكمة والعلة ـ لزم أن نوجب على الله ما تقتضيه الحكمة ؛ لأن الحكم يدور مع علته ، فنفع فيما وقع فيه المعتزلة من إيجاب الصلاح والأصلح على الله ؛ لأن الغرض عند المعتزلة بمعنى الغاية التي فعل لها وهم يوجبون أن يكون فعله معللاً بالأغراض .
هـ - الرد عليهم :
1 / أن هذا اللفظ ـ الأغراض أو الغرض ـ لم يرد لا في الكتاب ولا في السنة ، ولا أطلقه أحد من علماء الإسلام ؛ لأن هذه الكلمة قد توهم النقض ، ونفيها قد يفهم منه نفي الحكمة ؛ فلابد ـ إذاً ـ من التفصيل والأولى أن يعبر بلفظ : الحكمة ، والرحمة ، والإرادة ، ونحو ذلك مما ورد به النص .
2 / أن الغرض الذي ينزه الله عنه ما كان لدفع ضرر ، أو جلب مصلحة له ، فالله ـ سبحانه ـ لم يخلق ، ولم يشرع لأن مصلحة الخلق والأمر تعود إليه ، وإنما ذلك لمصلحة الخلق .
ولا ريب أن ذلك كمال محض ، قال ـ تعالى ـ : ( إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً ) [آل عمران : 176] ( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ ) [الزمر : 7] ، وفي الحديث القدسي : " يا عبادي إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني ولن تبلغوا ضري فتضروني " .
وهذا أمر مستقر في الفطر .
3 / أن إيجاب حصول الأشياء على الله متى وجدت الحكمة ـ حق صحيح . لكنه مخالف لما يراه المعتزلة من جهة أن الله ـ عز وجل ـ هو الذي أوجب هذا على نفسه ولم يوجبـه عليه أحد ، كما قال ـ عز وجل ـ : ( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) [الأنعام : 54] وكما قال : ( وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ) [الروم : 47] .
وكما في حديث معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ لما كان رديف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على حمار فقال : " أتدري ما حق الله على العباد ، وما حق العباد على الله ؟ " قال معاذ : الله ورسوله أعلم .
قال : " حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به " الحديث .
فهذا حق أوجبه الله على نفسه ، ولله أن يوجب على نفسه ما يشاء . ثم إن مقياس الصلاح والأصلح ليس راجعاً إلى عقول البشر ، ومقاييسهم بل إن ذلك راجع إلى ما تقتضيه حكمة الله ـ تعالى ـ فقد تكون على خلاف ما يراه الخلق بادئ الرأي في عقولهم القاصرة ؛ فانقطاع المطر قد يبدو لكثير من الناس أنه ليس الأصلح بينما قد يكون هو الأصلح لكنه مراد لغيره لقوله ـ تعالى ـ : ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) [الروم : 41] .
وكذلك استدراج الكفار بالنعم ، وابتلاء المسلمين بالمصائب كل ذلك يحمل في طياته ضروباً من الحكم التي لا تحيط عقول البشر إلا بأقل القليل منها .
بل إن خلق إبليس ، وتقدير المعاصي ، وتقدير الآلام يتضمن حكماً تبهر العقول وتُبين عن عظيم حكمة أحكم الحاكمين .
سادساً ـ حلول الحوادث بالله ـ تعالى ـ : هذا اللفظ من إطلاقات أهل الكلام ، وإليك بعض التفصيل في معناه ، ومقصود أهل الكلام منه ، والرد على ذلك .
أ - معنى كلمة ( حلول ) : الحلول هو عبارة عن كون أحد الجسمين ظرفاً للآخر ، كحلول الماء في الكوز .
ب - معنى كلمة ( الحوادث ) : الحوادث جمع حادث ، وهو الشيء المخلوق المسبوق بالعدم ، ويسمى حدوثاً زمانياً .
وقد يعبر عن الحدوث بالحاجة إلى الغير ، ويسمى حدوثاً ذاتياً .
والحدوث الذاتي : هو كون الشيء مفتقراً في وجوده إلى الغير .
والحدوث الزماني : هو كون الشيء مسبوقاً بالعدم مسبقاً زمانياً .
ج - معنى ( حلول الحوادث بالله ـ تعالى ـ ) : أي قيامها بالله ، ووجودها فيه ـ تعالى ـ .
د - ما مقصود أهل التعطيل من هذا الإطلاق ؟ : مقصودهم نفي اتصاف الله بالصفات الاختيارية الفعلية ، وهي التي يفعلها متى شاء ، كيف شاء ، مثل الإتيان لفصل القضاء ، والضحك ، والعجب ، والفرح ؛ فينفون جميع الصفات الاختيارية .
هـ - ما حجتهم في ذلك : وحجتهم في ذلك أن قيام تلك الصفات بالله يعني قيام الحوادث ـ أي الأشياء المخلوقة الموجودة ـ بالله .
وإذا قامت به أصبح هو حادثاً بعد أن لم يكن ، كما أن تكون المخلوقات حالَّة فيه ، وهذا ممتنع .
و - جواب أهل السنة : أهل السنة يقولون : إن هذا الإطلاق لم يَردْ في كتاب ولا سنة ، لا نفياً ولا إثباتاً ، كما أنه ليس معروفاً عند سلف الأمة .
أما المعنى فيستفصل عنه ؛ فإن أريد بنفي حلول الحوادث بالله أن لا يَحُلَّ بذاته المقدسة شيء من مخلوقاته المحدثة ، أو لا يحدث له وصف متجـدد لم يكن له من قبل ـ فهذا النفي صحيح ؛ فالله ـ عز وجل ـ ليس مَحَلاً لمخلوقاته وليست موجودة فيه ، ولا يحدث له وصف متجدد لم يكن له من قبل .
وإن أريد بالحوادث : أفعاله الاختيارية التي يفعلها متى شاء كيف شاء كالنزول ، والاستواء ، والرضا ، والغضب ، والمجيء لفصل القضاء ونحو ذلك ـ فهذا النفي باطل مردود .
بل يقال له : إنه مثبتٌ ما أثبته الله لنفسه في كتابه ، أو على لسان رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
سابعاً ـ التسلسل : وهو أحد الألفاظ المجملة التي يطلقها المتكلمون .
ولأجل أن يتضح مفهوم هذه اللفظة ، ومدلولها ، ووجه الصواب والخطأ في إطلاقها إليك هذا العرض الموجز .
أ - تعريف التسلسل : قال الجرجاني : " التسلسل هو ترتيب أمور غير متناهية " .
ب - سبب تسميته بذلك : سمي بذلك أخذاً من السلسلة ؛ فهي قابلة لزيادة الحِلَق إلى ما لا نهاية ؛ فالمناسبة بينهما عدم التناهي بين طرفيهما ؛ ففي السلسلة مبدؤها ومنتهاها ، وأما التسلسل فطرفاه الزمن الماضي والمستقبل .
ج - مراد أهل الكلام من إطلاق هذه اللفظة : مرادهم يختلف باختلاف سياق الكلام ، وباختلاف المتكلمين ؛ فقد يكون مرادهم نفي قدم اتصاف الله ببعض صفاته ، وقد يكون مرادهم نفي دوام أفعال الله ومفعولاته وقد يكون مرادهم نفي أبدية الجنة والنار ، وقد يكون غير ذلك .
د - هل وردت هذه اللفظة في الكتاب أو السنة ، أو أطلقها أحد من أئمة السلف ؟ الجواب : لا .
هـ - ما طريقة أهل السنة في التعامل مع هذا اللفظ ؟ : طريقتهم كطريقتهم في سائر الألفاظ المجملة ، حيث إنهم يتوقفون في لفظ " التسلسل " فلا يثبتونه ، ولا ينفونه ، لأنه لفظ مبتدع ، مجمل يحتمل حقاً وباطلاً ، وصواباً وخطأ .
هذا بالنسبة للفظ .
أما بالنسبة للمعنى فإنهم يستفصلون ، فإن أريد به حق قبلوه ، وإن أريد به باطل ردوه .
و - وبناء على ذلك فإنه ينظر في هذا اللفظ ، وتطبق عليه هذه القاعدة : فيقال لمن أطلقوا هذه اللفظ :
1 / إذا أردتم بالتسلسل : دوام أفعال الرب ـ أزلاً وأبداً فذلك معنى صحيح دل عليه العقل والشرع ؛ فإثباته واجب ، ونفيه ممتنع ، قال الله ـ تعالى ـ : ( فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ) [هود : 107] .
والفعال هو من يفعل على الدوام ، ولو خلا من الفعل في أحد الزمانين لم يكن فعالاً ، فوجب دوام الفعل أزلاً وأبداً .
ثم إن المتصف بالفعل أكل ممن لا يتصف به ، ولو خلا الرب ـ منه لخلا من كمال يجب له وهذا ممتنع .
ولأن الفعل لازم من لوازم الحـياة ، وكل حي فهو فعـال ، والله ـ تعالى ـ حي ، فهو فعال وحياته لا تنفك عنه أبداً وأزلاً .
ولأن الفرق بين الحي والميت الفعل ، والله حي فلابد أن يكون فاعلاً وخوله من الفعل في أحد الزمانين : الماضي والمستقبل ممتنع ، فوجب دوام فعله أزلاً وأبداً .
فخلاصة هذه المسألة أنه إذا أريد بالتسلسل دوام أفعال الرب فذلك معنى صحيح واجب في حق الله ، ونفيه ممتنع .
2 / وإذا أريد بالتسلسل : أنه ـ تعالى ـ كان معطلاً عن الفعل ثم فعل ، أو أنه اتصف بصفة من الصفات بعد أن لم يكن متصفاً بها ، أو أنه حصل له الكمال بعد أن لم يكن ـ فذلك معنى باطل لا يجوز .
فالله ـ عز وجل ـ لم يزل متصفاً بصفات الكمال ـ صفات الذات ، وصفات الفعل ولا يجوز أن يُعتقد أن الله اتصف بصفة بعد أن لم يكن متصفاً بها ؛ لأن صفاته ـ سبحانه ـ صفات كمال ، وفقدها صفة نقص ؛ فلا يجوز أن يكون قد حصل له الكمال بعد أن كان متصفاً بضده .
قال الإمام الطحاوي ـ رحمه الله ـ : " ما زال بصفاته قديماً قبل خلقه لم يزدد بكونهم شيئاً لم يكن قبلهم من صفته .
وكما كان بصفاته أزلياً كذلك لا يزال عليها أبدياً .
مثال ذلك صفة الكلام ؛ فالله ـ عز وجل ـ لم يزل متكلماً إذا شاء .
ولم تحدث له صفة الكلام في وقت ، ولم يكن معطلاً عنها في وقت ، بل هو متصف بها أزلاً وأبداً .
وكذلك صفة الخلق ، فلم تحدث له هذه الصفة بعد أن كان معطلاً عنها " .
3 / وإذا كان المقصود بالتسلسل : التسلسل في مفعولات الله ـ عز وجل ـ وأنه ما زال ولا يزال يخلق خلْقاً بعد خلق إلى ما لا نهاية ـ فذلك معنى صحيح ، وتسلسل ممكن ، وهو جائز في الشرع والعقل .
قال الله ـ تعالى ـ : ( أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ) [ق : 15] .
ثم إنه ـ عز وجل ـ ما زال يخلق خلقاً ويرتب الثاني على الأول وهكذا ؛ فما زال الإنسان والحيوان منذ خلَقَهُ الله يترتب خلقه على خلق أبيه وأمه .
4 / وإن أريد بالتسلسل : التسلسل بالمؤثِّرين ، أي بأن يؤثِّر الشيء بالشيء إلى ما لا نهاية ، وأن يكون مؤثرون كلُّ واحد منهم استفاد تأثيره مما قبله لا إلى غاية ـ فذلك تسلسل ممتنع شرعاً وعقلاً ؛ لاستحاله وقوعه ؛ فالله ـ عز وجل ـ خالق كل شيء ، وإليه المنتهى ؛ فهو الأول فليس قبله شيء ، وهو الآخر فليس بعده شيء ، وهو الظاهر فليس فوقه شيء ، وهو الباطن فليس دونه شيء ، والقول بالتسلسل في المؤثرين يؤدي إلى خلو المُحدَث والمخلوق من مُحْدِث ، وخالق وينتهي بإنكار الخالق ـ جل وعلا ـ .
" خلاصة القول في مسألة التسلسل عموماً " :
* أن التسلسل هو ترتيب أمور غير متناهية ، وأنه سمي بذلك أخذاً من السلسلة .
* وأن التسلسل من الألفاظ المجملـة التي لابد فيها من الاستفصال ـ كما مر ـ .
* وأنه إن أريد بالتسلسل : دوام أفعال الرب ومفعولاته ، وأنه متصف بصفات الكمال أزلاً وأبداً فذلك حق صحيح ، يدل عليه الشرع والعقل .
* وأنه إن أريد بالتسلسل : أنه ـ عز وجل ـ كان معطلاً عن أفعاله وصفاته ، ثم فعل ، واتصف فحصل له الكمال بعد أن لم يكن متصفاً به ، أو أريد بالتسلسل : " التسلسل في المؤثرين ـ فذلك معنى باطل مردود بالشرع والعقل " .
منقول من كتاب توحيد الاسماء والصفات لمحمد ابرهيم الحمد بتصرف
::صفحات صديقة :: معهد ترايدنت :: منتدى برامج نت
:: برامج المشاغب - ملتقى العلماء وطلبة العلم - الريان تيوب - جريدة الديار -عمال مصر- قهوة الصحفيين - جريده اخبار بتروجت
:: للإعلان ::
واتس
00201558343070
بريد إلكتروني
[email protected]
أو يمكن التواصل معنا مباشرة عبر نموذج الاتصال بنا علي الرابط الآتي
https://dvd4araab.com/vb/sendmessage.php
للتواصل عبر الواتس
https://chat.whatsapp.com/Bekbfqlef3ZInj31Jhk99j
تنبيه للاعضاء تود إدارة
المنتدى ان تؤكد لكافة الاخوة الاعضاء بانه يمنع نشر أي مادة إعلامية تسيء للاديان
أو تدعو للفرقة المذهبية او للتطرف ، كما يحظر نشر الاخبار المتعلقة بانشطة الارهاب
بكافة اشكاله اوالدعوة لمساندته ودعمه، حيث ان ذلك يعتبر خروج صريح عن سياسة
المنتدى ، كما قد يعرض المشارك الى المساءلة النظامية من الجهات الرسمية ذات
العلاقة، شاكرين ومقدرين للجميع حسن التزامهم باهداف ومبادىء المنتدى.