صديقات زوجي على برنامج (whatsapp)
أ. زينب مصطفى
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا متزوِّجة منذ أربعة أشهر، وسعيدة مع زوجي والحمد لله؛ فهو حنون جدًّا، وكريمٌ ومحترمٌ جدًّا في التعامل معي ومع أهلي، فما إن نَختلف في شيء، حتى نَتناقش ونتفاهَم، ويمر الموقف وكأنَّ شيئًا لَم يَحدث، وقد انْتَقَلتُ للحياة معه في بلدٍ خليجي مباشرةً بعد الزواج، حيث المجتمع مُنفتح لتعدُّد الجنسيَّات، وقد أمْضَينا شهورَ خِطبتنا نتواصَل عبر الهاتف.
ولكن هناك اختلافٌ جوهري بيني وبين زوجي، وهو أنه يرى أنَّ من العادي أن يكونَ له صديقات يتعاملُ معهنَّ كأخواته، هؤلاء الصديقات يَعْرفهنَّ منذ أيام الجامعة، أو العمل، أو غيره.
وبعد الزواج فُوجِئْتُ بزوجي يَتبادل رسائلَ على برنامج (whatsapp) مع زميلةٍ له في العمل نصرانيَّة من لبنان، ومُتزوجة، تَبَيَّن لي - من خلال قراءتي هذه الرسائل - أنَّ علاقتهم قويَّة لدرجة أنه يُعَلِّق على شعرها، وأنها فَقَدت بعض الوزن، أرى رسائلَ تَحوي دعوات منه للخروج معها، وتبادُلاً لبعض النكات التي بها ألفاظٌ خارجة وإيحاءات جنسيَّة، كما أنه كان يتحدَّث معها شبه يوميًّا أثناء مدَّة خِطبتنا، ولكن قلَّ ذلك نسبيًّا بعد الزواج.
وبسؤاله أجَابني أنها مثلُ أُخته، وأنَّ ذلك عادي بالنسبة لها، ولا يوجد ما يدعو للقلق من ناحيتي، وأنه كان يخرجُ معها وزوجِها، وأصدقاءَ آخرين من قبْل زواجنا، وسؤاله لها بالخروج يَقصد به أن نَخرجَ كلُّنا معًا، وقد صُدِمت صدمةً كبيرة؛ لأني أعْشقُه، وأعلمُ أنَّ ما يقوم به يَفتح بابًا للشيطان، وأخاف على بيتنا من التأثُّر بمثْل هذه العلاقات.
أنا أحب زوجي جدًّا جدًّا، وأعلم أنه أيضًا يحبُّني؛ فهو يعاملني بلُطفٍ والحمد لله، وأنا أحاول إرضاءَه بطُرقٍ شتَّى، ولكنَّه غير مُقتنعٍ بأنَّ ما يقوم به غيرُ جائزٍ على الرغم من أنه لا يرضاه لي، ولكنَّه يرى أنَّ الأخرى ما دامَت قد رَضِيت بذلك، فلا مانعَ.
كما أنه يرى أنه لا يوجد مانعٌ من أن يقولَ لصديقةٍ له: (baby) أو كلمات من هذا القبيل؛ بهدف التودُّد لصديقاته، وإنشاء علاقات جيدة معهنَّ (كأَخَوَات)، كيف أقنعه بأنَّ ما يقوم به لا يَجوز وقد اعتادَ هذا السلوك؛ حيث إنه أصبَح يراه شيئًا عاديًّا؟
أرجو الردَّ عليّ سريعًا؛ لأنِّي منذ أن رأيتُ تلك الرسائل وإلى الآن، أصبَحتُ أشعرُ بتوتُّرٍ كلَّما أمسَك هاتفه المحمول.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أسأل الله أن يُديم بينكما الحبَّ والودَّ والتفاهُمَ، وأن يُبعد عنكما الشيطان.
جميلٌ منك أن تَسعي للتخلُّص من كلِّ ما هو من شأنه أن يُوتِّر العلاقة بينكما، ومن المهم أيضًا أن تتحلَّي بالحِكمة في التعامل مع تلك الأمور، فمن الواضح أنها ثقافة وطريقة تفكيرٍ قد اعتادَها، وهي قد لا تَمَسُّ علاقتك معه بقَدْر ما هو يراها أمورًا طبعيَّة؛ فطبيعة تفكير الرجل مختلفة عن المرأة، فالرجال يتعاملون مع الأمور بطريقةٍ مُنفصلة، فكلُّ الأمور في حياته مثل الصناديق؛ يُغلق واحدًا، ويَفتح الآخر، فهو لا يَربط بين معرفته بامرأة ومُحادثتها وعلاقته بزوجته، بعكس المرأة تَربط بين الأمور، فكلُّ الأمور تتشابَك وتترابَط في تفكيرها.
ثِقَتُك للاختلاف بين الرجل والمرأة وطبيعتكما، ستُسَهِّل عليك تقبُّلَ المشكلة، وبالتالي محاولتك لوجود حلٍّ مناسبٍ لها.
وبتصرُّف غيرِ حكيمٍ من المرأة - في مثْل تلك الأمور - قد يزيد من حجم المشكلة والتوتُّر بينكما، فلا تَصلي إلى نتيجةٍ.
- أوَّل أمرٍ: عليك بالدعاء والالْتِجاء إلى الله أن يَهديَه؛ لأنَّ هذه المعاصي يُسَوِّلها الشيطان للإنسان، فلا يُشعره بأيِّ تأنيبٍ تُجاهها.
- الرجل غالبًا لا يُحب النصائح المباشرة من المرأة، ولا يتقبَّلها؛ لذا من المهم تقبُّلكِ للموقف؛ حتى تتصرَّفي بحِكمةٍ.
- حاوِلي أن تُرسلي له رسائلَ غير مباشرة؛ إمَّا عن طريق إيميلات تتحدَّث عن حدود العلاقات بين الرجل والمرأة في الدين، أو عن أمورٍ في هذا المجال تُشعره بالمسؤوليَّة، وأنَّ أيَّ أمرٍ خاطِئ قد يَفعله الإنسان، يَبتليه الله بأن يُفْعَل في أبنائه أو زوجته، مثل قصة (ولو زِدْتُ لزادَ السقا)، فقد يكون غيرَ واعٍ لِما سيتسبَّب فيه دون أن يعلمَ.
أو عن طريق حوارٍ عام في تلك الموضوعات، دون أن تُباشريه بانتقادكِ؛ لأنَّ المُباشَرَة مع الرجل ستَجعله يُخفي عنك ما يَفعل؛ فلن تَستفيدي شيئًا.
- أشْعِريه دائمًا بثِقَتك فيه، وثِقَتكِ في حبِّه لكِ، وحبِّك له، وأنَّ نظرتك له تَزيد وتَكبر كلَّ يوم؛ لأنَّك تَشعرين أنه جدير بالمسؤوليَّة وبالحفاظ على بيته، وأنه يَعِي تمامًا مدى أهميَّة حِفاظه على أُسرته.
- ابْحَثي دائمًا عن المفاتيح إلى قلبه واهتماماته، وشَارِكيه فيها، مثل: أن تُشاهدي معه مباريات كرة القدم، أو ما أشْبَه من مجالات اهتماماته الشخصيَّة، ولا مانع من أن تُخبريه عن استعدادك للتعرُّف على مجتمعه وأصدقائه، والخروج معًا؛ بحيث تتعرَّفين على زوجات أصدقائه؛ حيث إنَّك في غربةٍ وتَحتاجين لرُفقة، وتُرَحِّبين بمجتمعه مجتمعًا لكِ.
- حاوِلي أن تَصلي إلى الشيء الذي يَجذبه في تلك الفتاة، فيَجعله يتواصَل معها، رغم أنها متزوِّجة وهو أيضًا!
- حاوِلي أن تتحدَّثي معه في موضوعات عامَّة، مثل: الصداقة، فتَكتشفي طريقة تفكيره، وما يحب وما يَكره، فرُبَّما يكون في حاجةٍ إلى شخصٍ يَفهمه، أو قريبٍ من طريقة تفكيره، فلا بدَّ أن تَسعي لأن تكوني له زوجةً وصديقة؛ حتى لا يَحتاج إلى أن يَفصلَ بين الاثنين، فيَحتاجكِ كزوجةٍ، ويبحث عن الصديقة، فهو إن ارتاحَ معكِ، فلن يحتاج إليها، أو إلى غيرها.
- لا تَنْسَي أنَّ حياتكما الزوجيَّة في بدايتها، وتحتاج إلى زمنٍ؛ حتى تَصِلَ إلى مرحلة من القُرب والثقة والتفهُّم بالدرجة التي تَرغبين فيها؛ فحافظي على حبِّك ومحاولتك لفَهْم شخصيَّته بعُمقٍ أكثر، ومع الزمن والتجربة سيُوفِّقكما الله، وتَصِلان إلى مرحلةٍ من الثقة، دون الحاجة إلى وجود عناصرَ تُكمل علاقتكما.
وختامًا: لتَعلمي أنَّ الحياة الزوجيَّة تَستقرُّ مع الزمن، وخلال هذا الزمن بيدك تكوينُ الأسرة الناجحة، والتفاهُم يَستقر بعد فَهْم الشخصيَّة بعُمقٍ كافٍ، ولتكوني على ثقة أنَّ القُرب من الطاعات وعبادة الله على أتَمِّ وجْهٍ، هما مفتاح السعادة لكِلَيكما؛ فلتَحرصي عليها لتَصِلي إلى كلِّ ما تتَمنَّينه.
مع تمنِّياتي لك بالتوفيق والسعادة، وأن تُحقِّقي كلَّ ما تَصْدُقين في الوصول إليه.