قال الذهبي: "وقد صح: أن أبا هريرة كتم حديثًا كثيرًا مما لا يحتاجه المسلم في دينه، وكان يقول: لو بثثته فيكم، لقطع هذا البلعوم.
وليس هذا من باب كتمان العلم في شيء!
فإن العلم الواجب يجب بثه ونشره، ويجب على الأمة حفظه، والعلم الذي في فضائل الأعمال مما يصح إسناده يتعين نقله ويتأكد نشره، وينبغي للأمة نقله، والعلم المباح لا يجب بثه، ولا ينبغي أن يدخل فيه إلا خواص العلماء.
والعلم الذي يحرم تعلمه ونشره: علم الأوائل، وإلهيات الفلاسفة، وبعض رياضتهم - بل أكثره - وعلم السحر، والسيمياء، والكيمياء، والشعبذة، والحيل، ونشر الأحاديث الموضوعة، وكثير من القصص الباطلة أو المنكرة، وسيرة البطال المختلقة، وأمثال ذلك، ورسائل إخوان الصفا، وشعر يعرض فيه إلى الجناب النبوي، فالعلوم الباطلة كثيرة جدا فلتحذر، ومن ابتلي بالنظر فيها للفرجة والمعرفة من الأذكياء، فليقلل من ذلك، وليطالعه وحده، وليستغفر الله -تعالى- وليلتجئ إلى التوحيد، والدعاء بالعافية في الدين، وكذلك أحاديث كثيرة مكذوبة وردت في الصفات، لا يحل بثها إلا التحذير من اعتقادها، وإن أمكن إعدامها، فحسن.
اللهم فاحفظ علينا إيماننا، ولا قوة إلا بالله". "السير" (10/603-604).